الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول بأن الجهاد الأفغاني فرض
عين على الأفغان وكفائي على غيرهم
السؤال: بارك الله فيك. شيخنا ما رأي فضيلتكم فيمن يقول أن الجهاد الأفغاني فرض عين على أهل أفغانستان فقط وكفائي على غيرهم؛ لأن الواقع هناك أنه لا يوجد فعلاً عمليات دائماً، وأن العملية التي يقوم بها المجاهدون يكون فيها العدد زائداً عن المطلوب، ومثال ذلك: أن يكون العدد مثلاً: مائة والذي يقوم بالعملية عشرين أو خمسين، فهؤلاء لا عمل لهم إلا أن يتناوبوا مع غيرهم فقط؟
الجواب: نقول: بعد الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، في اعتقادي أن الأمر لا يعود إلى أن الشعب الأفغاني ليس بحاجة إلى أن يمد برجال آخرين من الشعوب الإسلامية الأخرى؛ إلا لأن الإعداد الموجود في تلك البلاد من حيث ما أرداه الله تبارك وتعالى في قوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60].
فعدم استطاعة الشعب الأفغاني لتهيئة الاستعداد الكامل من السلاح والقوة المادية، من هنا يظهر الدعوة السابقة ذكراً وهي: أنه الأفغان ليسوا بحاجة إلى مدد من الرجال، أي: لأن السلاح أقل مما يحتاجه الرجال الموجودون الآن
في تلك البلاد، فلو أن السلاح كان هناك متوفراً، لكان المدد البشري أيضاً من جملة الإعداد المأمور به في الإسلام، ولكن هذا لا يعني أن الفرض العيني سقط عن الشعوب الأخرى، مع ذلك مع الاعتراف بهذه الحقيقة، فأنا قلت بأن الأمر يعود إلى قلة السلاح هناك؛ لبيان أنه لا ينبغي لأهل العلم أن يقفوا عند هذه الظاهرة، ولا يتعمقوا في معرفة السبب، وفي رأيي السبب هو ما ذكرت آنفاً، وإلا من الذي يشك بأن الشعب الأفغاني لو كان عنده من السلاح، من العتاد والبشر قوة أكثر من الواقع الآن، من الذي يعتقد أن الحرب كانت ستستمر إلى هذا الوقت، وبخاصة بعد أن حصل القتال، فلم نسمع ولم نشاهد مع الأسف انحصر القتال بين المسلمين وبين الشيوعيين ووقفوا عند بعض البلاد من العواصم هناك، لماذا؟ لأن القوة الموجودة في الأفغانيين ما هي كافية للقضاء على البقية الباقية من الشيوعيين وأن يضعوا يدهم على البلاد الأفغانية بكاملها السبب في هذا هو عدم وجود العدة الكافية ولو كانت العدة الكافية موجودة؛ كان من الأمر الطبيعي جداً أن يَعْقِلَ أولئك الناس بأن فرض العين لن ينحصر في الشعب الأفغاني هذا من جهة.
ومن جهة أخرى اعتقد أنه ولو أن الأمر كان كما وصفنا، فلا بد من مشاركة المسلمين الآخرين في الذهاب إلى الجهاد في أفغانستان، وذلك من باب: أن المرء قوي بأخيه، وأن الأفغانيين حينما يرون المسلمين الآخرين يساعدونهم بكل ما لديهم من قوة سواء كانت قوة بشرية، أو قوة سلاحية، فذلك مما لاشك فيه أنه مما يقوي عزائمهم ويشجعهم على الاستمرار في هذه الحرب المجيدة الطويلة التي لو هب المسلمون جميعاً هبة رجل واحد لانتهت في أقل من هذه المدة بكثير.
من جهة أخرى نقول بأن إمداد المسلمين الآخرين للشعب الأفغاني فيه فائدة لهم فضلاً عن الفائدة التي ذكرناها، والتي تعود إلى لأفغانيين أنفسهم وهي أن يستعد الشعوب الاسلاميه للقيام بالجهاد الإسلامي حينما ينادي المنادي، واليوم مع الأسف الشديد لا يوجد شعب مسلم في أي أرض من أراضي الإسلام المجيدة الوسيعة، لا يوجد شعب يمكن أن نقول متهيئ للخوض في الجهاد في سبيل الله، نعم قد يوجد هناك عساكر نظامية يتولاها ويوجهها الحكام القائمون على هذه الدويلات، ولكن الحكام مع الأسف لا يتبنون الجهاد الذي تتبناه الشعوب المسلمة وبالتالي مع تبنيهم هؤلاء الشعوب لهذا الجهاد، فهم لا يستطيعون حراكاً ولا يستطيعون أن يصولوا ويجولوا ويتمرنوا، فهذه فرصة سنحت لهم ليؤتوا ما لم يستطيعوا أن يفعلوه في عقر دارهم.
زد على ذلك ما كنت ذكرته في بعض الجلسات حول هذا الموضوع، بأن الأفغانيين هم أنفسهم بحاجة إلى من يجاهد فيهم غير جهادهم.
جهادهم مع الكفار بالسلاح، لكن الأفغانيين مع الأسف أو الأفغانيون هم بحاجة إلى إخوانهم المسلمين أن يجاهدوا فيهم في دعوتهم، وتعليمهم الأحكام الشرعية المستنبطة من الكتاب والسنة، ولذلك كنت قلت لبعض المشايخ حينما التقينا بهم من العرب، بأن ذهاب العرب إلى هناك أوجب من غيرهم؛ لأنهم يجمعون بين جهادين: جهاد الكافر الذي اجتمعت كلمة الأفغانيين أنفسهم في قتاله، وهو الكافر الشيوعي، وجهاد اللسان والبيان الذي نعتقد جازمين بأن الشعب الأفغاني أكثره بحاجة إليه. فحينما يذهب المجاهدون العرب إلى هناك ويكونون من أهل العلم ومن أهل الكتاب
والسنة، فهم إذاً يحاربون العدو، عدو جميع المسلمين من جهة، ويبشرون بدعوتهم في صفوف الإخوانيين الأفغانيين من جهة أخرى.
ولذلك فلا أعتقد أن الفرض العيني سقط عن المسلمين الآخرين غير الأفغانيين، لكن لا شك ولا ريب أن كل المسلمين في كل الأقطار الإسلامية لا يمكنهم بطبيعة الحال أن يحلوا في أرض الأفغان؛ لأسباب لا تخفى عن الجميع، ولكن من كان من أهل القوة المادية والعلمية، فهذا أوجب ما يكون عليهم الذهاب إلى تلك البلاد للجمع بين المحاربتين -إذا صح التعبير- محاربة العدو الكافر، ومحاربة الجهل المتخلل في نفوس كثير من الشعب الأفغاني هذا رأيي بالنسبة لهذا السؤال.
(الهدى والنور/286/ 00: 02: 00)