الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الانشغال بالعمل السياسي
في الجزائر
السؤال الأول: يقول السائل كما تعلمون يا فضيلة الشيخ بعد أحداث أكتوبر سنة 1988 م من العام الماضي تغيرت الأوضاع في الجزائر وسمحوا بتعدد الأحزاب وحينئذ قدم المسلمون ملف اعتماد الجبهة الإسلامية للإنقاذ لإقامة شرع الله في الأرض ومن جهة أخرى ليسمح للأهل السنة بنشرها وقد كانوا قبل هذا مُضَيّق عليهم جداً ثم ما هو حكم الشرع في هذا العمل وهل للسلفيين العمل مع الجبهة أم يعملوا دونها أم يلزموا بيوتهم؟ .
الشيخ: الذي أراه والله أعلم أن السلفيين يجب أن يقوموا بواجب الدعوة إلى الله إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله وعلى منهج سلفنا الصالح ولا ينبغي لهم أن ينضموا إلى أحزاب سياسية ذلك لأن الأحزاب السياسية حتى هذه الساعة فيما اطّلعنا وفيما علمنا لا يوجد حزب على وجه الأرض تهيأ إلى أن يكون حزباً إسلامياً بمعنى الكلمة سياسياً على مقتضى المنهج الإسلامي الصحيح وبلا شك أن كلامي هذا صريح في أن العمل السياسي ليس مخالفاً للشرع بل السياسة هو من الشرع، فلا غرابة أن يكون هناك بعض المؤلفات التي ألفها بعض أئمتنا السابقين والذين بهم توجهنا وعليهم تعلمنا هذا الإسلام الذي وصفناه بأنه مستقى من الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح أشير بهذا إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي سماه
بالسياسة الشرعية، فلذلك فأنا أعني ما أقول أن السياسة من الشرع ولاشك، ولكن مَنْ الذي يستطيع أن يسوس المسلمين إذا كان أو إذا تيسر له أن يكون حاكماً تكون سلطة الحكم في يده، من يستطيع أن يسوس الأمة أو الشعب المسلم السياسة الشرعية لاشك أنه يجب أن تتوفر فيه خصال جمة من أهمها أن يكون عالماً بالكتاب والسنة لذلك لما لم نجد حتى اليوم جماعه تأسسوا وتربوا أيضاً على هذا المنهج الصحيح، ثم تهيؤوا للعمل السياسي الإسلامي الصحيح، لا ننصح لما لم نجد لا ننصح أخواننا السلفيين في أرض الله الواسعة في كل بلد إسلامي أن يعملوا عملاً سياسياً ولو كان هذا العمل نابعاً من أنفسهم فضلاً عن أن يكونوا فيه أو في هذا العمل تبعاً لغيرهم، ما ننصح بهذا أبداً ذلك، لأن العمل السياسي يحتاج في الحقيقة إلى مقدمات كثيرة واتخاذ أسباب جمة ليمكن هؤلاء الذين تأسسوا وتربوا على هذا المنهج أن يقوموا بالسياسة الشرعية وفيما نعلم كل الأجواء في البلاد الإسلامية اليوم لا يوجد فيها جماعة ولنقلها لفظةً قرآنيةً ((أمة)) تكتلت وتجمعت على هذا المنهج الإسلامي الصحيح ولم
يبق لديهم ما ينقصهم من القيام من الواجبات الشرعية إلا العمل السياسي، لا نعلم أن طائفة أو جماعة أو أمه توجد اليوم على وجه الأرض أنه لا ينقصها إلا العمل السياسي، العمل السياسي في اعتقادي إنما يأتي بعد زمن واستعدادات جمة تقوم بها الطائفة المنصورة الذي جاء ذكرها في الحديث المشهور المتواتر عن الرسول عليه السلام «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» فلذلك أنا لا أنصح أبداً إخواننا الجزائريين بل ولا أنصح غيرهم من المسلمين في كل بلاد الدنيا أن ينصرفوا عن الدعوة ونشر الدعوة المستقاة من الكتاب والسنة إلى العمل السياسي لأن هذا يَرْدُ عليه اعتراضات: الأول سبق ذكره
والأخر وهذا مهم جداً ألا وهو الاشتغال بالعمل السياسي قبل أن تتهيأ الجماعة أو الأمة له سيكون صارفاً لهم عن المضي في منهجهم للدعوة إلى الكتاب والسنة وتربية الأمة، ليس المقصود فقط الدعوة ليس المقصود فقط القول وإنما المقصود القول والعمل به لما نعلم من الترهيب والتحذير كتاباً وسنةً من القول دون العمل، والعلم دون التطبيق لهذا العلم، كما قال تعالى في الآية المعروفة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} .
لذلك الاشتغال بالعمل السياسي قبل أن تصل الأمة أو الجماعة إلى مرحلة هذا العمل السياسي فستكون عاقبة أمره أن تنهار الدعوة وأن ترجع القهقرى، ورب أناس لا يقتنعون بهذه النظرية من الناحية العلمية وحسبهم أن يلقوا نظرة سريعة في بعض البلاد الإسلامية التي وقعت فيها بعض الأعمال السياسية فكان عاقبة أمرهم لم يكن ذلك رشداً ولم يكن توفيقاً بل كان عاقبة أمرهم القهقرى، والرجوع إلى الوراء في الدعوة، فقد كانوا ماضين في دعوتهم كما يأمر الشرع وإذا بهم بسبب النهوض المفاجئ بالعمل السياسي لتكون عاقبة أمرهم وعاقبة نهضتهم أن رجعوا القهقرى، ولذلك كان من بعض الحكم التي تذكر عن بعضهم قولهم: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه، وهذا أمر طبيعي جداً قبل أن يكون أمراً شرعياً وبذلك فنحن نتأسى دائماً وأبداً بقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فنبينا صلوات الله وسلامه عليه لو كان هناك قيام لعملٍ سياسي يستدعي محاربة الكفار ومحاربة المنافقين طفرةً واحدة لكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي ومعه بعض أصحابه هو الذي ينهض بهذا العمل، ولكن تلك سنة الله تبارك وتعالى في
خلقة ولن تجد لسنة الله تبديلا، أنه لا بد من اتخاذ الأسباب كما أشار على ذلك رب الأرباب في قولة عز وجل في القرآن الكريم {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم} وهنا لا بد لنا من وقفة يسيرة حينما نقرأ هذه الآية الكريمة {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} لا شك أن القوة المذكورة هنا هي القوة المادية ولكن من هم المخاطبون بهذه الآية الكريمة المتضمنة للإعداد للقوة المادية وأعدوا أنتم يا امة محمد بصورة عامة وبصورة خاصة أنتم يا أصحاب محمد أي أنتم أيها المؤمنون حقاً أعدوا القوة المادية فإذاً نستطيع أن نفهم من هذه الآية الكريمة أن هناك قوتين معنوية وهي التي نعنيها حينما نقول لا بد من التربية
والقوة المادية القوة المعنوي في الآية تفهم ضمناً لأنها لم تذكر صراحةً بخلاف القوة الأخرى وهي القوة المادية فهي صريحة أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدوا الله وعدوكم، وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شيء من هذا المعنى إلى أن القوة المذكورة هنا إنما هي القوة المادية حينما قال عليه السلام «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي ألا أن القوة الرمي» ولكن غرضي من هذا التنبيه ألاّ يسارع كثير من الشباب المؤمن المتحمس هيَّا ربنا يا أخي يأمرنا بإعداد القوة فنقول نحن هذا حق ولكن في لفتة نظر هنا أن هذا الإعداد المأمور به منهم هم المؤمنون حقاً على أن أي جماعة اليوم توجد على وجه الأرض كما جاء في السؤال مثلاً إذا كانت الدولة لا سمح الله ما ادري في هذا السؤال أو الذي بعده إذا كانت الدولة هنا أو هناك في أي مكان من بلاد الإسلام فكل بلاد الإسلام ينبغي أن تُحْكَم بحكم واحد إذا كانت الدولة الحاكمة منعتهم فهل يقومون بالجهاد، هذا سؤال عجيب سؤال لا يدري خطورة هذه المسالة هل يقومون بالجهاد هل هم أعدوا أنفسهم قبل كل شيء
للجهاد في سبيل الله من هذا الإعداد الذي يتقدمه العلم الصحيح والعمل الرجيح وو إلخ أن يكون المسلمون على قلب واحد من هذا الإعداد أن يكون المسلمون الذين يريدون أن يجاهدوا العداء أن يكون كلهم على قلب رجل واحد هل قاموا بهذا؟ أنا لا أعتقد أنه توجد طائفة على أرض من أراضي الإسلام الكثيرة والواسعة طائفة متكتلة حقيقة متحاببة في الله مترابطة ترابطاً دينياً وثيقاً كما لو كانوا على قلب رجل واحد لا أعتقد وجود هذا، ولكني أعتقد أن هناك أفراداً يمشون في هذا الطريق ولكن متى يصلون هذا ليس من المهم ذلك علمه عند ربي، ثم نفترض أنه وجد هناك وهذا خيال نفترض أنه وجد هناك جماعة أو أمه من أمة المسلمين تكتلوا وتحابوا في الله وكانوا على قلب رجل واحد، هل تمكنوا حينما يريدون أو يسألون هل
يخرجون للجهاد لمحاربة هؤلاء الذين يقفون حجر عثرة في سبيل الدعوة أين استعدوا هذا الاستعداد الذي أمرنا به في الآية السابقة الإعداد المادي وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة لهذا كله، أعتقد أنه من السابق أوانه أن نفكر بهذا الجهاد المادي والعمل السياسي وإنما علينا أن نمضي قدماً في دراسة الإسلام من الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ودعوة المسلمين إلى هذا الإسلام الصحيح وتربيتهم عليه ثم بعد ذلك يخلق الله تبارك وتعالى (( .. انقطاع .. )).
قلت آنفاً أنني لا أقصد أن العمل السياسي ليس مشروعاً في الإسلام بل هو من الإسلام، لكن قلنا ينبغي أن يكون مستقى من الإسلام وهنا أذكر كلمة أصبحت عندي كما لو كانت حكمة وقد تكون بعض الحكم مناسبة لبعض الأزمان والظروف وليست حكمة مطردة ذلك أنني قلت ولا أزال أقول لأن الزمان لم يتغير منذ سنين يمكن منذ عشرين سنة أو نحو ذلك لما دعيت إلى
المخابرات في سوريا واستجوبوني كما تعلمون كثيراً وطويلاً بعد أن توضح للمستنطق طبعاً هو يمثل البعث في الحكومة البعثية بأن ليس لدينا عمل سياسي إنما نحن دعاة وجماعة نصلح الأفكار والأعمال على ضوء الكتاب والسنة قال إذاً انطلق بس لا تعمل في السياسة هنا وجدت نفسي مضطراً أن أفهم هذا الإنسان أن لا يفهمن من كلامي السابق أنا لا نعتقد أن في الإسلام عملاً سياسياً فقلت له كلمتك هذه التي تلح فيها ألا أعمل في السياسية اضطرني الآن أن أستدرك ما فآتني من الكلام فأقول قولي سابقاً وبياني لوضعي القائم أنني أدعو المسلمين إلى فهم الكتاب والسنة فهماً صحيحاً وأن يربوا أنفسهم علي هذا الفهم الصحيح أريد أن أقول لك لا أعني بذلك أن الإسلام لا يدعو إلى عملٍ سياسي الإسلام يدعو إلى عملٍ سياسي ودولة الإسلام لا تقوم إلا مع السياسة لا أقول إلا بالسياسة أرجوا أن تتنبهوا الدولة الإسلامية لا تقوم قائمتها إلا بالسياسة لا إلا بالإسلام مع السياسة أي تطبيق الإسلام في كل مراحل الحياة ومنها إدارة شؤون الأمة فقلت له نحن نعتقد أن العمل السياسي على منهج الإسلام من الإسلام ولكن هنا الشاهد قلت لهذا الرجل ولكن نحن نرى الآن أن من السياسية ترك السياسة نرى الآن أن من السياسة ترك السياسة الآن ليس إلى أبد وأخر الزمان ولهذا أنا نصيحتي لإخواننا في الجزائر أن يستمروا في الدعوة والحقيقة ان استمرارهم في الدعوة سوف يكلفهم جهوداً جبارة وإذا انصرفوا إلى ذلك فسوف يجدون أنفسهم لا يفكرون فيما يسمى الآن بالجهاد وهو
الخروج على الحكام ذلك لأن الدراسة لفهم الإسلام كما أنزل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى جهود متضافرة من جمعٍ كثير من المسلمين ومن علمائهم ليدرسوا هم يدرسوا الإسلام حتى يدعو الآخرين إلى هذا الإسلام ثم يربوا عليه ونحن
نعلم الحكمة القائلة فاقد الشيء لا يعطيه، أنا مثلاً قرأت في العدد الذي قدمته إليَّ هو منهج إيش؟ الصادرة من الجبهة الإسلامية، فشعرت تماماً أن هذا المنهج الذي أخذ نحو صفحتين كبيرتين من المجلة أو الجريدة هذا عمل في الحقيقة من الناحية الفكرية عمل جبار وعمل إنسان له تخصص في هذا المجال لكن شعرت أنه ليس له فقة بالإسلام وشعرت بأن هذا المنهج الذي سُطِّرَ باسم الجبهة الإسلامية هذا كأنه قُدم إليها وزُيِّنَ بلا شك هذا المنهج بآيات من القرآن الكريم وأحاديث صحيحة وهذا مما أعجبني وشعرت أيضاً بأن هذا المنهاج داخله مسحة من الدعوة الإسلامية ولكن وضع المنهاج ليس سلفياً إطلاقاً، مع ذلك مع وجود هذه الظاهرة من تأثر هذا المنهج بتوجيه إسلامي سلفي فقد تنبهت إلى أن الموجهين لهذا النظام المسطور من بعض إخواننا السلفيين هناك هم بحاجة كبيرة إلى دراسة العلم ذلك لأني مررت بحديثٍ وهو حديث موضوع فكيف تسرب هذا الحديث إلى أذهان الذين لا أقول الذين وضعوا هذا المنهاج لأن الذي وضعه في اعتقادي هو رجل سياسة وليس رجل علم، ولكن أعتقد من جهة أخرى بان هذا المنهاج اطلع عليه بعض إخواننا السلفيين فإذاً كيف أنطلى عليهم ذلك الحديث ألا وهو «من أمسى كالاً من عمل يديه غفر له» هذا حديث موضوع فنبهني هذا إلى أن إخواننا السلفيين هنا أو هناك عليهم أن يتوسعوا في دراسة الشريعة قبل أن يشتغلوا بالعمل السياسي وإلا وقعوا كما يقولون في العصر الحاضر في مطبات لا يستطيعون النهوض منها أبداً هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يوضع المنهاج الموضوع لكل جماعة سلفية من ذوات أنفسهم وليس أن يُقَدَّم إليهم هدية من غيرهم ولو أنهم
حاولوا أن يعالجوا فيها ويصححوا فاعتمادهم على غيرهم دليل واضح جداً في هذا المجال وهو المجال السياسي
فاعتمادهم فيه على غيرهم معناه بصورة جلية وواضحة أنهم لم يصلوا بعد في دعوتهم بحيث أنه لا ينقصهم إلا العمل السياسي يضاف إلى ذلك أخيراً أن السلفيين إذا اعتمدوا على غيرهم ممن لم يكن عاش دهره الطويل في الدعوة السلفية ويُخْشَى أن تستغل الدعوة لريثما يصل المستغل إلى منصبه الذي كان يسعى إليه بسبب تكتلٍّ جديد وله باسم دعوة سلفية أو نهضة إسلامية أو ما شابه ذلك فخشية الاستغلال من الآخرين يجب أن لا نتورط وأن نتعاون مع الآخرين لا سيما إذا كان لهؤلاء الآخرين الكلمة العُلْيَا والسيطرة الفكرية على الجماعة السلفية أنا في اعتقادي إن عاشوا ربع قرن من الزمان بل نصفه في دراسة شريعة الإسلام وتطبقيه على أنفسهم وتربيتهم لذويهم ثم تبليغ ذلك عملاً وفكراً هذا يكون أعظم عمل يقوم به المسلمون في أي بلد كانوا وحيث ما حلوا هذا جوابي عن هذا السؤال.
مداخلة: جزكم الله خيراً:
الشيخ: وإياكم.
(الهدى والنور / 269/ 40: 00: 00)