الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هم السلف الصالح تحديداً
في بداية الأمر شيخنا حفظكم الله! معلوم أن الدعوة السلفية تقوم على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، ويحدث في تحديد السلف الصالح خلاف بين طلبة العلم، فمن قائل: هم الصحابة فقط، ومن مُوَسِّع ومن مُضَيِّق، فما هو الراجح في هذا الباب حفظكم الله؟
الشيخ: الذي نعرفه وندين الله به: السلف الصالح يشمل القرون الثلاثة الذين شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم بالخيرية، في الحديث المتفق عليه بين الشيخين، بل الذي وصل مبلغ التواتر بكثرة طرقه عن جمع كبير من الصحابة في الصحيحين وفي غيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» .
في بعض الروايات التي لم أتمكن من الجزم بصحتها؛ لأنها لم ترد في أكثر الطرق المشار إليها آنفاً أنه ذكر أيضاً القرن الرابع، فالقرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية هي بلا شك، هم المقصودون بالسلف الصالح، وبخاصة أن الصحابة رضي الله عنهم كما يعلم كل دارس لتاريخهم أنهم بسبب انشغالهم بالفتوحات الإسلامية تَفَرَّقوا في تلك البلاد التي يَسَّر الله عز وجل لهم فتحها، فلم تكن أحاديثهم ولم تكن أقوالهم واجتهاداتهم قد تَجَمَّعت في أفراد على الأقل قليلين منهم.
وإنما بدأ تَجَمُّع هذه الأحاديث وتلك الآراء والاجتهادات بالنسبة للجيل الذي تلاهم ألا وهم التابعون، وهكذا كلما تأخر الزمن كلما تيسر للمتأخر أن يجمع علم المتقدم، وأعني الآن ما أقول حين أقول: العلم أي: العلم الذي نقلوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، والعلم الذي استنبطوه هم بأنفسهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا العلم بقسميه انتقل إلى جماعة التابعين؛ بسبب أن هؤلاء تيسر لهم الاتصال بقسم كبير كلٌ بحسبه .. كلٌ بحسب اجتهاده .. بحسب سياحته في سبيل طلب العلم، توفر له من العلم ما كان مبثوثاً في صدور جماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وهكذا جاء دور أتباع التابعين فانتقل علم التابعين الذي هو مجموع علم الصحابة إلى مجموع علمهم هم مما اجتهدوا وتفقهوا وفصلوا بعض المسائل، وهكذا صار العلم الذي صدر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتقل إلى مجموع أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وليس إلى قلب رجل واحد منهم، هذا العلم الذي كان مبثوثاً في الصحابة انتقل إلى التابعين، ومن التابعين انتقل إلى أتباعهم.
ونظراً لأنهم نالوا هذه التزكية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث الصحيح الذي ذكرته آنفاً، بينما لا نجد مثل هذه التزكية الشاملة لقرون تلت هذه القرون الثلاثة لا نستطيع أن نلحق بهم غيرهم اللهم إلا أفراداً قد يكونون في قرون تلتهم، وكما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق على صحته أيضاً ألا وهو قوله:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» إلى آخر الحديث، وكذلك قوله عليه السلام وهو إن لم يكن في الصحيحين فهو صحيح بمجموع طرقه: «أمتي
كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره».
لهذا نحن لا نحصر الخير فقط بالصحابة باختصار لسببين: لثناء الرسول على القرون الثلاثة، ولأن التاريخ يشهد بأن العلم الذي كان لدى الصحابة الكرام علماً منقولاً من لفظ الرسول عليه السلام كتاباً وسنةً وعلماً مستنبطاً من هذين الأصلين الكريمين، هذا العلم انتقل إلى التابعين وهؤلاء بدورهم نقلوه إلى أتباعهم.
لهذا: فالسلف الصالح حينما يطلقه العلماء إنما يريدون الصحابة والتابعين وأتباعهم، هذا الذي بدا لنا فيما علمنا:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76].
مداخلة: ذكرتم شيخنا أيضاً ومن كان من الأفراد كبار الأئمة الذي جاؤوا في قرون تلت القرون الثلاثة.
الشيخ: هو هذا ما ذكرنا آنفاً.
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم.
(الهدى والنور /848/ 55: 01: .. )