الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الصلاة خلف المبتدع
السؤال: يقول السائل: ما حكم الصلاة في المساجد التي تكثر فيها البدع، وبالتالي حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع؟
الجواب: هذا أيضاً سؤال يكثر كثيراً في هذه الآونة وهو: وإن كان يبشر بخير من جهة، ولكنه يبشر بشر من جهة أخرى، يبشر بخير: أن الحريصين على السنة الحمد لله أصبحوا يتكاثرون يوماً بعد يوم، وأنهم أصبحوا يتنبهون لبدعاً كثيرة في المساجد، وفي الأئمة والمؤذنين ونحو ذلك، ولذلك فهم قد يتحرجون من الصلاة في هذه المساجد الممتلئة بالبدع، ومن الاقتداء بهؤلاء الأئمة الذين يخالفون السنة في كثير من صلواتهم، فهذا خير لكن إلى متى نستمر أيضاً في مثل هذا السؤال، ونحن نكرر دائماً أبداً شيئاً اثنين:
الشيء الأول: ما يتعلق بالاقتداء بالإمام المبتدع، لقد توارثنا خلفاً عن سلف: أن من السنة الصلاة وراء البر والفاجر، هذه عقيدة تذكر في عقيدة أهل السنة والجماعة، الصلاة وراء كل بر وفاجر خلافاً للشيعة؛ لأن الشيعة لا يرون الصلاة إلا لا أقول إلا وراء الشيعة، لا الأمر أضل عندهم إلا وراء إمام معصوم بطبيعة الحال عندهم لا يكون إلا من الشيعة من أهل البيت، فالسلف قعدوا لنا هذه القاعدة: أن نصلي حتى وراء الفاجر لماذا؟ لأنه جاء في أحاديث كثيرة تفيدنا بأن الصلاة وراء أئمة الجور والظلم جائزة من ذلك قوله عليه السلام كما في صحيح
وفي الحديث الآخر - وهو أهم وأشمل وأعظم - قال في الأئمة: «يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم» .
ماذا يهم الإنسان وهو يصلي وراء المبتدع يصلي على السنة وإلا يخالفها؟ إن أصاب فله ولنا، وإن أخطأ فعليه ولنا، فنحن على كل حال كسبانين مثل المنشار واحد طالع نازل، إن صلينا وراء إمام سني فلنا، وإن صلينا وراء إمام بدعي فلنا، لكن بدعته عليه ولا يلحقنا من إثمها شيء، نكرر هذا دائماً وأبداً بالنسبة للاقتداء بالأئمة هؤلاء.
فهذه أيضاً مسالة طالما كررناها وذكرنا أن المطلوب من كل مسلم أن يبتعد عملاً عن الصلاة في المساجد المزخرفة والممتلئة بالبدع، ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال:«إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً» أصبحت المساجد اليوم نادراً ما تجد فيها مسجداً ليس فيه بدعة، أو ليس فيه من الزخارف التي يتقربون - زعموا - بها إلى الله تبارك وتعالى.
لو كان هناك مساجد من النوعين لقلنا لا تصلوا في هذه المساجد التي فيها هذه الزخارف، وفيها هذه البدع فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه دخل مسجداً ليصلي صلاة الظهر، وإذا به يفاجأ بإنسان يقول بعد الأذان ينادي ويصيح ويقول: الصلاة الصلاة، فقال لصاحبه: اخرج من هذا المسجد فإن فيه بدعة.
نحن لو أردنا أن نفعل فعل ابن عمر للزمنا البيوت، للزمنا الدور؛ لأنه لا يكاد
مسجد إلا وفيه من الزخارف يكفي البسط هذه السجاجيد وما فيها من صور أحياناً فيها صور محرمة، إما أن تكون صورة محرمة فرس أو نحو ذلك أسد، أو يكون صلبان أو ما شابه ذلك، فلا يكاد مسجد إلا وفيه ما يلهي، لكن حنانيك بعض الشر أهون من بعض، إذا دار الأمر بين أن أصلي فرادى في البيوت وبين أن نصلي في المساجد المزخرفة والتي يؤمها الأئمة المبتدعة، فحينئذ ندفع الشر الأكبر بالشر الأصغر لا سيما أنه هذا الشر الأكبر لسنا نحن يعني: مكلفين فيه أو صدر منا، وإنما يصدر من غيرنا.
إذا تأخرنا عن صلاة الجماعة فقد أثمنا وخالفنا قول ربنا: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]؛ لأنه قال هذه الجملة بعد قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43].
ليس هنا تكرار، قال:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43].
هذه ملاحظة يجب ألا ننساها: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] ما النكتة؟ أقيموا الصلاة أي: أدوها أداءً تاماً، {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] أي: مع جماعة المسلمين.
فنحن إذا تركنا صلاة الجماعة في هذه المساجد، ونحن لسنا مسؤولين عما فيها من زخارف، وعما فيها من إساءة الصلاة من بعض الأئمة، فنحن لسنا مسؤولين عن هذه الإساءة وتلك، لكننا نكون مسؤولين إذا صلينا في بيوتنا بمخالفتنا لقول ربنا:{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] نعم.
(الهدى والنور / 190/ 45: 01: 01)