الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم من يقول: المسلم: سلفي أو خلفي
السؤال: يقول بعض الإخوة: لا يوجد في المسلمين إلا سلفياً أو خلفياً، فغير ذلك خلفي، وإما أن تكون سلفياً فغير ذلك فأنت خلفي، يعني: مسلم عادي لا يجوز، فأفيدونا؟
الشيخ: وضح، لأن الكلمة هذه أخشى أن تعطي معنى ربما أكثر مما أنت تريده، يعني: هل يعني هذا القائل أنه من كان سلفي فهو المسلم، ومن ليس سلفياً فهو كافر؟
مداخلة: ليس بمسلم، خلفياً.
الشيخ: ما عليك، إذاً: أجب أنت عن سؤالي: هل يعني: وهذا الذي خشيته، وتحفظت، هل يعني أن من كان سلفياً فهو المسلم ومن لم يكن سلفياً فليس بمسلم بل هو كافر؟
مداخلة: الله أعلم.
الشيخ: كيف الله أعلم، أنت سائل، أنا أريد أجاوبك.
مداخلة: بأنه لا يوجد إلا سلفي، فغير السلفي فهو خلفي ليس بمسلم.
الشيخ: رجعت إلى كلامي الذي خفت منه.
مداخلة: أصل هذه كلمة غير مسلم الله أعلم بزيادتها.
الشيخ: أنا خايف، انظر يا أخي، المسلم كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، وأرجو أن لا يصرفنا تحمسنا نحن السلفيين للدعوة الإسلامية الحق أن لا يصرفنا ذلك إلى الوقوع فيما وقعت فيه الخوارج قديماً وحديثاً، من القول أن من كان سلفياً فهو مسلم وإلا فهو الكافر، أرجو ألا نقع في هذه المصيبة التي وقع فيها الخوارج قديماً وحديثاً؛ لأنها تنافي الشريعة التي قالت بلسان نبيها صلى الله عليه وآله وسلم:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» فكل من قال: لا إله إلا الله فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره إلا بشيء صريح مما هو داخل في باب إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، هذا أولاً، وثانياً: بعد تبليغه الحجة وليس هكذا التفكير على عماها، فنحن نعلم اليوم وجود طوائف كثيرة جداً، وكلهم يشهدون معنا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويصلون صلاتنا، ويستقبلون قبلتنا، ويصومون صيامنا، ويحجون بيت ربنا ..
إلخ، ومع ذلك فهم يختلفون عنا في قليل أو كثير ليس فقط من الأحكام التي تسمى بالأحكام الفرعية بل وفي كثير من العقائد الفكرية، ومع ذلك لا يجوز لنا أن نكفرهم، وإنما أولاً كخطوة أولى نكتفي بأن نقول: إنهم في ضلال مبين، لكن الضلال درجات، ثانياً: من أقيمت الحجة عليه من طرف رجل عالم بالكتاب والسنة ثم أصر هو بينه وبين ربه على المكابرة وعلى جحد الحقيقة التي تبينت له فهذا هو الكافر؛ لأن الكافر يتضمن معناه لغة، وشرعاً يتضمن معنى ستر الحق بعد ظهوره، ولهذا جاء في القرآن آية: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا
أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] فمن تبينت له حقيقة من حقائق الشريعة ثم كابر وأنكر فهذا هو الكافر، ونحن كأفراد لا نستطيع أن نحكم بأنه زيد من الناس هذا كافر، إلا إذا أعلن بلسانه صراحة كأن يقول: هذا الذي تقوله حق لكن أنا لا أؤمن به، هذا يكون كافراً.
نأخذ مثلاً بعض المسائل الخلافية المعروفة قديماً وحديثاً: بعض الأشاعرة الذين ينكرون علو الله على خلقه، تعرف هذه المسألة؟ هؤلاء بلا شك هم ضالون، في قولهم هذا، وإنكارهم لعلو الله على خلقه، لكن لو أتيتهم بالآيات والأحاديث هم يسلمون بها ولكن يقولون: أنتم تفهمونها على وجه ونحن نفهمها على وجه، وهكذا قل على الذين ينكرون رؤية الله في الآخرة، والمعتزلة الذين ينكرون هذا أو هذه الرؤيا وينكرون أن كل شيء بقدر، كل هؤلاء لا ينكرون نصوصاً مقطوع ثبوتها ليس فقط عند غيرهم، وإنما عندهم، ليست مقطوع بثبوتها، فهؤلاء لم يكن من عقيدة السلف الصالح تكفيرهم، وإنما كانوا يُضَلِّلونهم ويُكَفِّرون من تَبَيّن لهم عناده وإصراره على إنكار الحق.
فإذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نستطيع أن نقول: من كان سلفياً فهو المسلم أما الخلفي فليس بمسلم، لا، لكننا نقول: أولاً: هؤلاء الخلف منهم من لا يعرف ما السلف وما الخلف، يعني: ذهنه خالي، والدعوة لم تبلغه كما بلغتنا نحن السلفيين، وأنا يبدو لي أن هناك في بعض البلاد الإسلامية حماس للدعوة السلفية حماس عاطفي غير علمي، ولذلك فينبغي أن نكبح جماح نفوسنا ولا نتوسع في إطلاق كلمة الكفر على غيرنا، وإنما نحن في قرارة نفوسنا نحمد الله عز وجل أن هدانا لهذا الحق الذي اختلف فيه الناس، ثم يكون موقفنا بالنسبة للآخرين موقف المشفقين كالطبيب العارف بمرض المريض، فهو يشفق عليه
لمرضه، ويحاول أن ينقذه منه بكل وسيلة يستطيعها، ليس نجعلها مسألة حرب وقتال، لأن هؤلاء مسلمون إخواننا وهم مرضى، وعليهم أن نعينهم على مرضهم ونقدم لهم ما به يشفون من أمراضهم.
(الهدى والنور/468/ 07: 33: 00)