الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متابعة الإمام المخالف للسنة
مداخلة: إذا الإمام قنت في صلاة الفجر ورفع يده، والمأموم كان عارفاً أنه يقنت في صلاة الفجر، فالمأموم لازم يرفع يعني: يديه ليتابع الإمام في الرفع؟
الشيخ: إيه نعم. إذا كان الإمام يفعل ذلك، تديناً وليس تعصباً، فينبغي متابعته.
مداخلة: هذا الذي سبق.
الشيخ: للحديث السابق، وهذه حقيقة المسألة فيها دقة، فإنه عليه السلام في الحديث السابق الذي ذكرنا طرفه الأول منه «إنما جعل الأمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» .
هذا الحديث نص عظيم جداً في أن على المصلي أن يتابع الإمام حتى لو لزم منه أن يترك ركناً واجباً عليه، ركن ليس بركن فقط ليس واجب، أو سنة؛ لأننا نعلم جميعاً أن من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها، القيام كما قال تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
لو أن رجلاً صلى فرضاً جالساً وهو يستطيع القيام صلاته باطله بخلاف النافلة، فقد أذن الشارع في صلاة النافلة قاعداً لكن جعل أجرها النصف من
صلاة القائم.
أما الجلوس في الفريضة بغير مرض ولا عذر فالصلاة باطلة، مع ذلك إذا صلى الإمام جالساً لمرض فعلى من خلفه وهم أصحاء كلهم أن يصلوا جالسين معه، تحقيقاً لهذا المبدأ العام «إنما جعل الإمام ليؤتم به» ، ومناسبة هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يوماً راكباً دابة له فوقع عنها فأصيب في أكحله، في عضده وحانت صلاة الظهر، فصلى بهم جالساً من شدة الصدمة لم يستطع عليه السلام أن يصلي قائماً، فلاحظ عليه الصلاة السلام أن الناس خلفه يصلون قياماً، لأن هذا هو المفروض أولاً، والمعهود أنهم يصلون خلفه عليه السلام دائماً قياماً، «فأشار إليهم وهو في الصلاة أن اجلسوا، فجلسوا ولما صلى قال عليه السلام: إن كدتم آنفاً أن تفعلوا شأن فارس بعظمائها، يقومون على رأس ملوكهم إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا» إلى آخر الحديث.
فنحن نلاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أمر أصحابه الأقوياء الأصحاء أن يجلسوا؛ لأنه جالس، هو لا يستطيع أن يقوم فهو معذور، لكن المقتدين يستطيعون أن يقوموا؛ لكن اعتبرهم الشارع الحكيم معذورين في أن لا يصلوا قياماً، اتباعاً للإمام الذي يصلي جالساً معذوراً، ولهذا نقول إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما ذكر قوله:«إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا» ، لم يكن هذا على سبيل التحديد للإئتمام به، وإنما كان هذا على سبيل التمثيل وفرق بين أن يكون ذلك تحديداً وبين أن يكون تمثيلاً، يعني: كأمثلة ذكرها الرسول عليه السلام لتأكيد مبدأ «إنما جعل الإمام ليؤتم به» .
ونحن نعلم مثلاً أن الإمام إذا نسي التشهد الأول فقام فعلى المقتدين على
بعضهم أن ينبهه، أن يفتح عليه بكلمة سبحان الله! فإن تذكر رجع -وهذا له تفصيل لعلي أذكره قريباً- وإن لم يتذكر مضى استمر قائماً، فقد ترك هنا التشهد، جلوس التشهد وقراءة التشهد خطأً، نحن نتابعه في هذا الخطأ؛ لأنه معذور.
وهكذا طرِّد كل المسائل الخلافية التي وقعت بين الأئمة، فإذا كان الإمام يصلي صلاة يخالف فيها السنة وهو يعتقد أنه على السنة فنحن لا نخالفه.
أما كما قلنا آنفاً إذا ترك السنة إما هملاً فلا يرد الاقتداء به؛ لأنه لا متبع للسنة ولا متبع للإمام، هنا نخالفه؛ لأنه خالف السنة وخالف إمامه، فهو متهاون متكاسل ليس معذوراً، فالقاعدة إذاً فيما كان معذوراً من المخالفة اتِبُّعَ عليه وإلا فلا السنة.
(الهدى والنور / 75/ 31: 27: .. )