الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول ضوابط التبديع
تحت عنوان: قراءة في كتاب السبيل للشيخ عدنان عرعور، تم تسجيل هذا المجلس في اليوم السابع من شعبان 1414 هـ الموافق، التاسع عشر من الشهر الأول 1994 م.
مداخلة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
لدينا بعض الأسئلة لعل فضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن جزاه الله خيراً يتكرم علينا بالإجابة!
السؤال الأول: هل يمكن من باب التعليم والتدريس أن نقول: إن الإسلام عقيدة ومنهج وشريعة وأخلاق استدلالاً ببعض النصوص من الكتاب والسنة كقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ثم تكون على منهاج النبوة» عن الخلافة في آخر الزمان، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه» فهنا يوجد عطف الكل على الجزء، وأحياناً: الجزء على الكل، فهل يمكن من باب التدريس والتفصيل ذكر مثل هذا؟
الشيخ: هو من المعلوم قول أهل العلم: لكل قوم أن يصطلحوا على ما شاؤوا وأنه لا مشاحة في الاصطلاح، فإذا اصطلح ناس على بعض التعابير والألفاظ وكانت لا تخالف الشريعة فلا نرى من ذلك مانعاً إطلاقاً، بل لعل ذلك
من باب كَلِّموا الناس على قدر عقولهم، وما أصول الفقه وعلوم النحو والصرف ونحوه مما يسمى بعلوم الآلة إلا من باب الاصطلاح لتيسير وصول العلم إلى أذهان الناس لا سيما بعد أن ظهرت الغربة بالمسلمين.
فإذا كان الاصطلاح لا يخالف الشرع فذلك من باب التيسير على الناس بالوسائل التي تحدث في هذا الزمان، ولكن يجب أن يلاحظ أن بعض الاصطلاحات تخالف الاصطلاح الشرعي فحينذاك ينبغي الابتعاد عن مثله.
هنا ألفت النظر إلى مسألة وهي مثلاً: لفظة الكراهة استعملت في بعض كتب الفقه لمعنى التنزيه وهي في القرآن بمعنى التحريم، فمثل هذا الاصطلاح ينبغي الابتعاد عنه، أما إذا اصطلح على ألفاظ لا توهم المخالفة للشريعة فما أظن أحداً من أهل العلم يقول بعدم جوازها.
مداخلة: عندنا بعض القواعد يمكن نسردها سريعاً فيما حدث من الفتنة في مسألة التبديع فنعرضها عليكم ..
مداخلة:
…
إذاً شيخنا في مسألة التبديع له وقت
…
قليلاً من أجل
…
الشيخ: طيب! نسمع لا يكون عندك أشرطة حول هذا الموضوع ممكن نسمع؟
مداخلة: نسجل الآن أو لا نسجل؟
الشيخ: سجل ليس هناك مشكلة عندي؟
مداخلة: القاعدة الأولى: أن المبتدع مهما كانت بدعته ما لم يأت بما يخرجه عن الإسلام فهو مسلم له حق الإسلام من الأُخُوَّة والموالاة وغيرها من حقوق
الإسلام؛ لأنه ما يزال مسلماً داخلاً في عموم النصوص كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] .. {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وهذه الموالاة ومنها النصرة مقيدة بشروط شرعية معروفة منها: أن ألا يتقوى بهذه الموالاة على أهل السنة، وألا تكون سبباً في إعانته على بدعته إلى غير ذلك مما هو مفصل في مضانه.
الشيخ: طيب!
…
سجل هذا؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: الحقيقة أن هذا السؤال هو جيد ولا يشك أي عالم في صحته لكن لعله ينبغي أن يضاف إلى القيود المذكورة آنفاً أن لا يكون هذا المبتدع من شأنه الابتداع في الدين أولاً وثانياً أن لا يكون داعية لبدعته.
مداخلة: القاعدة الثانية: كما أنه ليس كل من أتى بكفر فهو كافر وليس كل من أتى بفسق فهو فاسق، وليس كل من أتى بجاهلية فهو جاهلي أو جاهل، وكذلك ليس كل من أتى ببدعة فهو مبتدع؛ لأن ثمة فرقاً عند أهل السنة والجماعة بين من وقع في البدعة وبين من أحدث البدعة وتبناها ودعا إليها، وهذا أمر متفق عليه وليس هاهنا محل تفصيله.
الشيخ: الجواب: هو كذلك لا شك ولا ريب؛ لأن كثيراً من أهل العلم والفضل يقعون بسبب اجتهاداتهم في بعض المخالفات للشريعة فهم باتفاق أهل العلم لا يؤاخذون عليها وسواء كانت هذه المخالفات أن يقع في استحلال ما حرم الله أو في تحريم ما أحل الله، أو أن يقع في بدعة ما دام أن كل ذلك وقع من
هذا العالم باجتهاد منه يقصد به الوصول إلى معرفة الحق الذي أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام لكنه في النهاية أخطأ ولا شك أنه ليس مأزوراً بل هو مأجور أجراً واحداً كما جاء في ذلك الحديث الصحيح المروي في البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» .
وبعض العلماء يُفَرِّقون بين أن يُعْذَر المجتهد فيما إذا أخطأ في الفروع دون الأصول، هذا التفريق لا نجد له أصلاً ولا دليلاً في الكتاب والسنة؛ لأن العلة هو إما أن يقصد الحق فأخطأه فهو مأجور، أو لا يقصد الحق فهو مأزور ولو كان في الفروع دون الأصول.
فهذا الكلام صحيح جداً ولعله يحسن أن ندعم ذلك بالحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أنه رجلاً ممن كان قبلكم حضرته الوفاة فجمع أولاده حوله فقال لهم: أي أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني مذنب مع ربي ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً، فإذا أنا مت فخذوني وحَرِّقوني بالنار ثم ذُرُّوا نصفي في الريح ونصفي في البحر» فلما مات الرجل حَرَّقوه بالنار وذَرَّوا نصفه في الريح والنصف الآخر في البحر .. «فقال الله عز وجل لذراته: كوني فلاناً فكان، ثم قال الله عز وجل له: أي عبدي! ما حملك على ما فعلت؟ قال: يا رب! خشيتك، قال: فقد غفرت لك» .
فهذا رجل وقع في الكفر مع ذلك غفر له ذلك؛ لأنه لم يكن قاصداً الكفر لكن من هول تصوره للعذاب الذي سيلقاه بعدل الله عز وجل صدر منه هذا الكفر، فلما علم الله عز وجل ما في قلبه قال الله له: قد غفرت لك.
من هنا اتفق أهل السنة على أن الكفار الذين ماتوا كفاراً ولم تبلغهم الدعوة فهم ليسوا معذبين؛ لأن الحجة لم تقم عليهم، ولذلك فإذا كان هناك رجل عالم مسلم أخطأ في مسألة ما سواء كانت هذه المسألة أصولية أو عقدية أو كانت حكماً شرعياً فرعياً فالله عز وجل لا يؤاخذه إذا علم منه أنه كان قاصداً معرفة الحق، فهذا هو الجواب إن شاء الله.
مداخلة: القاعدة الثالثة: ليس كل مبتدع يُهْجَر أو يُضَلَّل
…
أو يُفَسَّق أو يُكَفَّر، بل إن له شروطاً قد ذكرها أهل التحقيق من أمثال الإمام الشاطبي والإمام ابن تيمية عليهم رحمة الله فهل هذا صحيح؟
الشيخ: نعم، هذا صحيح وسبق الجواب عنه.
مداخلة: القاعدة الرابعة: ليست البدعة سواء، فهي تبدأ من بدع الوسائل والعادات إلى بدع العبادات والأفكار والاعتقادات وإن كان كلها بدعاً وكلها ضلالة ولكن الضلال يتفاوت كما يتفاوت الفسق والكفر.
الشيخ: لا، ما ينبغي إدخال العادات بدع العادية
…
ما ينبغي إدخالها في هذا المجال.
مداخلة: إذا قصد بالعادة تعبداً؟
الشيخ: هذا قيدته الآن أنت لفظاً فقيده كتابةً وإلا فالعادات كما قال عليه السلام: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» العادات الأمر فيها واسع جداً، لكن إذا ما قصد بها كما قلت أخيراً التعبد فحينئذٍ أصبحت عبادة وخرجت عن كونها عادة.
مداخلة: الإمام الشاطبي قيدها إذا كان يقصد بها ما يقصد بالطريقة الشرعية.
الشيخ: إذا كان يقصد .. ؟
مداخلة: بها ما يقصد بالطريقة الشرعية.
الشيخ: إذاً: ماذا يُقْصَد؟ العبادة.
مداخلة: لكن بالنسبة للأصل غير مسائل العادات.
الشيخ: أنا لا أرى حشر العادة هنا .. العبارة .. أعد علينا العبارة في الأخير .. سواء ماذا؟ كان الأصول أو العقيدة أو في ماذا؟
مداخلة: ليست البدع سواء ..
الشيخ: طيب! كلام جميل ..
مداخلة: فهي تبدأ من بدع الوسائل والعادات إلى بدع العبادات والأفكار والاعتقاد، وإن كان كلها بدعاً وكلها ضلالة، ولكن الضلال يتفاوت كما يتفاوت الفسق والكفر ..
الشيخ: لا شك في التفاوت، لكن البدعة في العادات إذا تعبد بها دخلت في العبادة.
مداخلة: هذا المقصود طيب.
وأحكام ذلك منوطة بصاحب البدعة وأصولها وعلمه ودينه ودعوته إليها وخروجه عن سبيل السلف في الأصول ومنوطةً أيضاً بالبدعة نفسها، هذا ..
الشيخ: طيب! قيود صحيحة.
مداخلة: الخامسة: إن أحكام هذه المسائل من التمييز بين المبتدعين وبين
البدع، وما يلحق بذلك لا ترجع إلى أحداث الأسنان بل ترجع إلى أهل العلم والتقوى الذين يحكمون في البدعة والمبتدعة؛ ذلك لأن معظم أحداث الأسنان لا يُفَرِّقون بين أنواع البدع وطبقات المبتدعين فهناك البدع العقدية، والبدع المنهجية، والبدعة في العبادة، والبدعة الإضافية، والبدعة الاجتهادية، ولا يدركون المصالح ..
الشيخ: أضف إلى البدعة الإضافية أو قبلها البدعة الحقيقية وبعدها البدعة الإضافية ..
مداخلة: نعم .. والبدعة الاجتهادية ولا يدركون المصالح والمفاسد ولا يفهمون مقاصد الشريعة مما هو مفصل في مواضع .. بين قوسين: معنى البدعة الاجتهادية: هي التي يختلف عليها أصحاب الأصول الصحيحة ومن هم أهل للاجتهاد ومناطهم فيها معتبر كاختلافهم في صلاة التسابيح ووضع اليدين بعد الرفع من الركوع على الصدر، وهكذا ..
مداخلة: هذا نحن نقرأ الآن من كتيب السبيل، فأردنا أن نراجع بعض النقاط الهامة قبل طباعته؛ لأننا نلزمهم إما أن يكون ابن تيمية مبتدع أو عبد الله بن المبارك مبتدعاً في مسألة صلاة التسابيح.
الشيخ: نعم.
مداخلة: لذا هذه دخلت في مسمى ..
الشيخ: لا هذه ولا هذه واردة.
مداخلة: نعم.
مداخلة: شيخنا في
…
هنا بالنسبة لقضية وضع اليدين على الصدر بعد الركوع، يعني: في الإشارة الواردة هنا التي ذكرها أخونا أبو حازم رد على ما قد يفهم من كلامكم في الصفة أن هذه بدعة ضلالة أنه يلزم منها عند بعض الناس أنه مثلاً الشيخ عبد العزيز أو كذا .. وهذا كلام شيخنا تَكَلَّم في مرة كان جاء أحد الإخوة اليمنيين في بيت الدكتور باسم فيصل، وتكلم أستاذنا طويلاً في هذه المسألة أنه لا يلزم الحكم بالابتداع على صاحبها إذا كان مجتهداً وإلى آخره.
الشيخ: وهذا مضمن في بعض الأسئلة السابقة، نعم.
مداخلة: بالمناسبة أراد بعض الناس سأل سماحة الشيخ عبد العزيز جزاه الله خير في مثل هذا المقام فذكركم في المذياع بكل خير ..
الشيخ: جزاه الله خير.
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: السادسة: أن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولاً له لا يُعَدُّ ديناً للأمة ..
الشيخ: كيف؟
مداخلة: أن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولاً له لا يعد ديناً للأمة، ولا مذهباً لها فضلاً عن أن يكون عالماً ومعاصراً إلا أن يقوم عليه دليل قطعي
الثبوت واضح الدلالة أو إجماع متيقن، وحكاية رواية عن إمام في مبتدع لا تعدوا أن تكون حكماً عينياً
…
لا يطرد ذلك الحكم على كل مبتدع كذا قال قامع المبتدعين والغالين شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى
…
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: قال: وكثيراً من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسؤول حاله، أو خرج خطاباً لمعين قد علم حاله، فإن أقواماً - سبحان الله هذا الإمام كأنه بين أظهرنا! - فإن أقواماً جعلوا هذا عاماً فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا ..
الشيخ: الله أكبر! ما شاء الله! إمام يا سيدي إمام! رحمه الله.
مداخلة: لكن قال لهم المُبدَّعون وهي طائفة جديدة في هذه الأمة، قالوا: تتركون الإمام أحمد وتأتون إلى ابن تيمية؟
الشيخ: الله يهديهم.
مداخلة: القاعدة الثامنة: أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنْزَع من شيء إلا شانه .. إن الرفق مطلوب في كل شيء حتى مع الحيوانات، والحِكْمَة مأمورون بها مع كل مدعو وفي كل دعوة والكلمة الطيبة ممدوحة مع كل مخاطب، سواء كان مُوَحِّداً تقياً أو عاصياً أو مسلماً مبتدعاً وسواءً كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً؛ لأن ثمة فرق بين الدعوة وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثمة فرق بين الدعوة وبين الجهاد.
الشيخ: هنا ما أدري إذا كان ينبغي أن وضع استثناء ولا بد، أو أنت تعني
الاستثناء موجود في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو هذا الاستثناء ليس كافياً
…
مداخلة: لا، يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الشيخ: أقصد: اللين! هل هو أمر مطرد مستمر في كل أمر، وإلا هناك أحوال قد تكون الحكمة ترك اللين واستعمال الشدة.
مداخلة: يمكن أن نقول: لكل مقام مقال.
الشيخ: هذا قصدي، فلا بد من إشارة إلى الاستثناء يعني: حينما نتذكر بعض الأحاديث والوقائع التي وقعت من الرسول عليه الصلاة والسلام فيها شدة، ويكفي بالتعبير عن ذلك حديث السيدة عائشة المروي في صحيح البخاري الذي معناه لا أذكر الآن اللفظ لكن ستذكر الحديث الذي فيه: إذا انتهكت محارم الله لم يقف أمامه شيء
…
مداخلة: «ما خير رسول الله بين أمرين لاختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإذاً كان إثماً كان .. » لا إله إلا الله ..
الشيخ: فيه هذه العبارة: فإذا انتهكت محارم الله ..
مداخلة: «ما انتقم لنفسه قط فإذا انتهكت محارم الله» ..
الشيخ: هذا هو! هذه فيها شدة، الشدة في وضعها حكمة .. في محلها حكمة .. كذلك مثلاً القصة التي رواها الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس حينما خطب عليه السلام وقام رجل ليقول له:«ما شاء الله وشئت يا رسول الله! قال: أجعلتني لله نداً؟ قل: ما شاء الله وحده» هذا بلا شك الناس
الذين يطردون استعمال اللين والحكمة لا يعجبهم مثل هذه الشدة التي صدت منه عليه السلام في مثل هذه الحادثة؛ لذلك لا بد من لفت النظر إلى مثل هذا الاستثناء فلعلك تُسَوِّدها وتضيفها.
مداخلة: علقت .. ذكر في الكتاب نفسه بعض القواعد نقولها سريعاً وتعلقون عليها ..
الشيخ: تفضل.
مداخلة: إن هدف الإسلام هو هداية الناس ثم سياستهم السياسية الشرعية ..
الشيخ: طيب! هو كذلك ..
مداخلة: قاعدة للشباب تربوية تقول: إذا حَكمت حُكمت، وإذا دعوت أجرت، فمهما كان حكمك على الآخرين صواباً أو خطأ لا بد أن تحاكم عليه وتسأل عنه، وأما الدعوة فمأجور على كل حال ..
القاعدة الثانية: الكلام عن الكفار يكون بالإجمال، والكلام عن المسلمين وأحوالهم يكون بالتفصيل.
الشيخ: لكن هذا فيه نظر .. الإجمال الكلام عن الكفار يكون بالإجمال ليس دائماً ..
مداخلة: هذه كقاعدة لكن لا بأس أن يُسْتَثْنَى أحياناً مرة أو مرتين .. لكن كقاعدة عامة أنه لا يستفصل كل شيء عن الكفار على منابر المسلمين .. كل شيء عنهم .. عن أحوالهم بحيث يغلب هذا عن أحوال المسلمين فيكون الغالب الاستفصال عن أحوال الكفار وما يفعلونه وما يكيدونه للمسلمين، وينسى
الخطيب الذين يسمعون الخطب وهم أهل ..
الشيخ: نعم، لكن أنت يا أستاذ! هل أنت تضع قيوداً لا بد منها ويشعر كل باحث بضرورتها، أما حينما تضع القاعدة وهي مطلقة ما فيها هذه القيود فهي قد تفهم السامع خلاف ما تقصد.
مداخلة: شرحت القاعدة على الوجه الذي ذكرنا، لكن مختصرها ..
الشيخ: طيب! شرحت تحتها؟
مداخلة: نعم، طبعاً، ذكرت وشرحت تحتها.
الشيخ: خيراً إن شاء الله.
مداخلة: نستعرض خلال عشرة دقائق فقط إن شاء الله بعض أصول الطائفة المنصورة أو أهل السنة والجماعة، أو أصحاب منهج السلف الصالح ..
من أصول أهل السنة والجماعة أو هذه الطائفة الأصل أو التمسك بالإسلام جميعاً دون تجزئة بين أصول وفروع وسنن وواجبات وغير ذلك مما نسمعه أو قشور ولباب إلى غير ذلك مما نسمع على أن في الإسلام تدرج وهذا شيء بالنسبة للعمل والأخذ بالإسلام جملة شيء آخر.
الشيخ: تقصد التدرج في الدعوة.
مداخلة: وفي العمل إذا دخل الرجل الإسلام .. نعم، أن ندعو الكفار نبلغهم الإسلام جملة لكن لا بأس بالتدرج معهم على حديث معاذ.
الشيخ: في الدعوة.
مداخلة: في الدعوة؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: لكن إذا رجل أراد أن يبدأ هو العمل بعد دعوته من الكفار يبدأ أولاً بالتوحيد .. فهو بالنسبة لكن دعوة .. لكن بالنسبة للداخل في الإسلام ندعوه إلى الإسلام فمن عمله هو يقبل التوحيد، ثم من عمله الصلاة وهكذا، يعني: هما واحد.
الشيخ: إذا دعي الكافر إلى الإسلام بالتدرج ..
مداخلة: صار العمل بالتدرج تلقائياً ..
الشيخ: لا، ليس شرط، يعني: المدعو الذي استجاب لدعوة الإسلام ليس من اللازم أن نفرض عليه التدرج .. نحن نفرض على أنفسنا أن تكون دعوتنا على حديث معاذ الذي أشرت إليه، لكن هذا الذي تَقَبَّل دعوة الإسلام ودعوة التوحيد وأراد أن يتوسع في العمل بالإسلام بين الفرائض وبين مستحبات ومندوبات، لا نقول له: لا، اعمل في الفرائض
…
مداخلة:
…
الشيخ: إذاً في الدعوة.
مداخلة: الأصل الثاني .. نعم، الدعوة إلى التوحيد أولاً والتمسك بالأخلاق ثانياً.
الشيخ: التمسك بالأخلاق ثانياً! والعبادات؟ !
مداخلة: نعم! هنا لفتنا النظر إلى مسألة مهمة؛ لأن بعض الناس يظنون، ذكرنا هذا في التفصيل لا بد من هذا وذكرنا قاعدة تحت هذا الأصل وهي: إصلاح تصحيح عقائد الناس وإصلاح عباداتهم وتحسين سلوكهم.
الشيخ: طيب!
مداخلة: طيب! الأصل الثالث: ديننا دين اتباع لا دين فكر وابتداع، وفَرَّقنا بين الفكر الذي يخالف الكتاب والسنة والتفكر الذي أُمِرْنا به بالكتاب والسنة هذا شيء وذا شيء آخر.
الشيخ: أكيد.
مداخلة: طيب! الأصل الرابع: السمع والطاعة، وطبعاً هناك تفصيل في هذا المقام لا يخفى على أمثالكم.
الأصل الخامس: إذا صح النقل سلم العقل، وقلنا: أو شهد .. وسلم وجدناها أبلغ من شهد، أو أنهما واحد.
الشيخ: لا اصرف عن كلمة شهد.
مداخلة: اصرف .. إذا صح النقل سلم العقل.
الشيخ: نعم.
مداخلة: قلنا: هذه القاعدة وسط بين قاعدتين ضالتين، الأولى تقول: إذا ورد النقل حكم العقل فهم يختلفون معنا في مسألتين: الأولى: إذا ورد النقل، لا يصححون ولا يضعفون، والثاني: يجعلون العقل حكماً وهذه طريقة المعتزلة.
الشيخ: نعم.
مداخلة: والقاعدة الثانية الضالة في الطرف الآخر: إذا ورد النقل بطل العقل، وهي ما يعتمد عليه الشيعة.
الشيخ: لكن أهناك أحد يقول: بطل العقل؟
مداخلة: هم هكذا ..
الشيخ: لا، هو يقولون: إذا ورد الأثر بطل النظر.
مداخلة: ربما أتينا بالكلمة للسياق.
الشيخ: نعم، لكنها فيها مبالغة ..
مداخلة: يعني: أنهم إذا ورد الأثر بطل نعم .. النظر هذا القصد.
الشيخ: نعم، هذا كلام صحيح.
مداخلة: نعم، طيب!
مداخلة:
…
الشيخ: إذا ورد الأثر بطل النظر، أما العقل؟
مداخلة: لا، إذا ورد الأثر بطل النظر هذا عند أهل السنة والجماعة.
الشيخ: هذا هو.
مداخلة: يعني: لا ينظرون في ..
الشيخ: أنا أقول: بناءً على قولك أنه هناك قول يقول: إذا جاء النقل بطل
العقل، من يقول هذا؟
مداخلة: أقول: الشيعة، هذا مذهبهم بأنهم يقبلون تلك الروايات دون إعمال عقلهم في السند
…
دون إعمالهم عقلهم في الصحة .. ، دون تشغيل فكرهم ونظرهم
…
الشيخ: هنا
…
الشيء .. إذا تكلمنا عن أنفسنا تكلمنا بأي عبارة شئنا، أما إذا تكلمنا عن غيرنا ليس فيما نفهم منهم وإنما فيما ننقل عنهم، فهل هناك منهم إن كانوا زيدية أو شيعة أو رافضة وإلا وإلا أياً كان من الفرق الضالة، هل فيهم من يقول: بطل العقل؟
مداخلة: لا أستحضر الآن نصاً بهذا وقد ..
الشيخ: قصدي: هذه لفتة نظر لا بد من مراعاتها.
مداخلة: نعم، الباب الثاني: من صفات الطائفة المنصورة: صفة الاستمرارية، فالطائفة المنصورة لها صفة الاستمرارية من لدن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا غير مقطوعة ولا مبتورة، فليس لها مؤسس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا راعي ولا إمام سوى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن سلك هذا المسلك.
الشيخ: هو كذلك.
مداخلة: الصفة الثانية: الاجتماع على التوحيد والمنهاج والمفارقة عليهما، فالطائفة المنصورة لا تجتمع إلا على التوحيد والمنهاج ولا تفارق الناس إلا عليهما، وقد ورد من باب الشرح لتتضح هذه الصفة، فهي لا تجتمع على مجرد فقه أو زهد أو سنة أو واجب فضلاً عن سياسة أو جهاد، ولا تفترق لخلاف في
سنة أو واجب أو مكروه أو محرم أو نزاعات شخصية أو خلافات إدارية أو مواقف سياسية، والمقصود بالاجتماع هنا أن لا يكون أساس اجتماعها إلا على هذا.
الشيخ: صحيح.
مداخلة: الصفة الثالثة: الشمولية في دعوة الناس كافة، فالطائفة الناجية هي التي تشمل دعوتها كل عباد الله فلا تخص طبقة دون طبقة، ولا فئة دون فئة، هكذا كانت دعوة الرسل، وهكذا كانت دعوة رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم تشمل الغني والفقير والعظيم والصعلوك والشريف والوضيع إلى غير ذلك .. تشمل المثقف على تعبير إخواننا المعاصرين والعامي والمتعلم والجاهل والجامعي إلى غير ذلك من الأمة.
الشيخ: هو كذلك: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].
مداخلة: هنا مفاهيم نختصرها وأعني بالمفاهيم التي يجب على الطائفة المنصورة أن تسلك سبيلها في تغيير هذا المجتمع:
المفهوم الأول: كل ما أصابنا بما كسبت أيدينا، وهذا لا يعني تبرئة الكفار مما يفعلون.
الشيخ: نعم.
مداخلة: المفهوم الثاني: تغيير واقعنا إنما يكون بتغيير أنفسنا أولاً.
الشيخ: هو كذلك.
مداخلة: المفهوم الثالث: تربية الفرد ووحدة الصف قبل مناجزة العدو.
الشيخ: تلك سنة رسول الله.
مداخلة: انتهينا من بعض هذه الفصول التي ذكرناها وإن شاء الله سنقيد ما ذكرتموه في تصحيح أو ضبط بعض العبارات.
الشيخ: إن شاء الله.
مداخلة: بعض الناس يشيعون أن ثمة سلفية تجديدية وسلفية تقليدية، ما كاتبين سلفية عرورية، فحبذا لو علق الشيخ على مثل هذا ببعض الضوابط.
الشيخ: ماذا نقول؟ السلفية هي الإسلام بالمفهوم الصحيح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فلا يوجد هنا سلفية قديمة وسلفية حديثة إلا إذا قصد بها طائفة معينة تنتمي إلى شخص أو أشخاص معينين ولا ينتهجون منهج السلف الصالح في فهم نصوص الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف الأول المشهود لهم بالخيرية في الحديث الصحيح بل المتواتر ألا وهو قوله عليه السلام:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» ونحن نلاحظ في العصر الحاضر التفنن في استعمال بعض الألفاظ للفت أنظار الناس إلى هؤلاء المستعملين لها وهي في الواقع لا تعبر عن منهج علمي صحيح، فالدعوة السلفية تختلف كل الاختلاف عن الدعوات الأخرى الحزبية فهي لا تقبل تغييراً ولا تبديلاً إلا إن كان الإسلام يقبل تغييراً وتبديلاً وهذا مستحيل؛ ولذلك فالله عز وجل حينما قال:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] نعتقد أنه لا يعني بهذا الإسلام الذي لا يرضى به بديلاً
إسلاماً بمفاهيم شتى، وإنما يعني الإسلام الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، ثم تولى هو بيانه للناس تجاوباً منه مع قوله عز وجل له:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
هذا الإسلام المُبَيَّن بكلام الرسول عليه السلام المُبَيَّن للقرآن هذه هي الدعوة السلفية ولذلك فهي لا تقبل تغييراً ولا تبديلاً، فمن كان يتبنى منهجاً هو الرجوع إلى هذا الإسلام بهذا المفهوم الصحيح فهو المسلم الذي نستطيع أن نعبر عنه بأنه سلفي حقاً، وقد يخطئ في بعض الأعمال وقد يخطئ في بعض الأفكار فهذا لا ينجو منه إنسان مهما سمى وعلا، لكن المنهج هو قال الله قال رسول الله كما قال ابن القيم رحمه الله في بعض أشعاره العلمية الجميلة:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذراً من التعطيل والتشبيه
إذاً: السلفية لا تقبل تقسيماً إطلاقاً، لكن الناس مع الأسف الشديد يتبعون أهواءهم، ومن ذلك أنهم يأتون بمصطلحات جديدة يرمون بها تكثير الناس حولهم.
ولعل بهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
(الهدى والنور / 795/ 58: 00: 00)