المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حول تكفير الحكام: - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٦

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌سؤالات الشيخ أبي الحسنمصطفى بن إسماعيل السليماني المأربيللعلامة الألباني في المسائل المنهجية

- ‌سؤالات الشيخ أبي الحسن المأربي-حفظه الله- للعلامة الألباني

- ‌من هم السلف الصالح تحديداً

- ‌حول التسمي بالسلفية

- ‌حول التكتلات والجمعيات

- ‌حول تكفير الحكام:

- ‌عن الموازنات

- ‌الحزبية

- ‌الأصول والفروع

- ‌حول البدعة وضوابطها

- ‌حول إقامة بعض الناس للحدود

- ‌استباحة أموال الكفار

- ‌صفحات من النقد الذاتي في بيانأخطاء كثير من المنتسبينللدعوة السلفية

- ‌نصيحة للسلفيين بالرفق واللين ونبذ الفرقة والاختلاف…وترك الهجر غير الشرعي

- ‌الشدة عند السلفيين

- ‌السلفية والرفق واللين

- ‌نصيحة السلفيين أن يُوَسِّعواصدورهم لبعضهم البعض

- ‌التعصب لمشايخ الدعوة السلفية

- ‌الطعن في علماء الحجاز واتهامهمبأنهم يداهنون الطواغيت

- ‌كيفية التعامل مع من خرجعن منهج السلف

- ‌عدم إقبال طلاب العلمعلى القرآن الكريم

- ‌طلاب العلم المبتدؤونالذين يناطحون الكبار

- ‌حول التسامح مع أصحابالبدع العقدية

- ‌الشدة في التعامل مع المخالف

- ‌رأي الشيخ فيمن لا يترحم على العلماءالذين وقعوا في أخطاء عقدية

- ‌التفريق بين البدعة المُكَفِّرة والمُفَسِّقةفي الحكم على الرجل بأنه من أهل السنة

- ‌هل يجوز الثناء على أهل البدع

- ‌هل يلزم شيء غير إقامة الحجة فيالتكفير والتبديع والتفسيق

- ‌هل يجوز التجسس على أناس يريدونالضرر بعلماء الأمة

- ‌هل تطبيق حديث اعتزالالفرق يناسب عصرنا

- ‌حول ضوابط التبديع

- ‌نصيحة الشيخ للشباب بعدم الانشغالبالأشخاص تجريحاً وتبديعاً

- ‌التعصب لبعض المشايخ

- ‌التعادي والتدابر بين طلابالعلم للاختلاف

- ‌الاختلاط بالجماعاتليتبين الحق لهم

- ‌ظاهرة طعن طلاب العلم في بعضهم

- ‌حكم من يقول: المسلم: سلفي أو خلفي

- ‌الدعاة والوقوع في أهل العلم

- ‌ذكر حسنات المخالف عند الرد عليه

- ‌الخلاف بين المنتمين إلى الكتاب والسنة

- ‌الفرق بين الحوار الذي يدور بين أهل السنةبعضهم البعض والخطاب الذي يوجهمن أهل السنة لأهل البدع

- ‌متى يُبَدَّع المخالف

- ‌هل الهجر والتحذير يكونانبعد إقامة الحجة

- ‌ضوابط التبديع

- ‌حكم قول من يقول سلفيالعقيدة إخواني المنهج

- ‌حكم من يقول إن الجماعات غير السلفيةأخطر على الأمة من اليهود

- ‌حول من بَدَّع الشيخ عدنان عرعور

- ‌من وقع في بدعة مُكَفِّرة

- ‌ضوابط التبديع

- ‌نصيحة إلى غلاة التبديع

- ‌باب منه

- ‌الرد على المخالف

- ‌تسجيل أشرطة ومحاضراتمن ليس على منهج السلف

- ‌كيف تكون معاملة المخالف

- ‌إقامة الحجة على المخالف

- ‌النصيحة يجب أن تقترن بالدليل

- ‌كتاب الهجر وحكمه

- ‌حكم الهجر

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌أقسام الهجر

- ‌هل صحيح أن هجر المبتدعة لا ينبغيأن يُطَبَّق في هذا الزمان

- ‌مقاطعة المخالف وهجره

- ‌حكم الصلاة خلف منتَلبَّس ببدع

- ‌حكم هجر الشباب للمساجد التييُقَصِّر أئمتها في تطبيق السنة

- ‌حكم الصلاة خلف المبتدع

- ‌الصلاة خلف القبوريين

- ‌الصلاة خلاف المبتدع

- ‌الصلاة خلف أهل البدع

- ‌الاقتداء بإمام مخالف في العقيدة

- ‌متابعة الإمام المخالف للسنة

- ‌هجر المساجد التي ليست على السنة

- ‌الصلاة خلف المتلبس بشركيات

الفصل: ‌حول تكفير الحكام:

يقولون: الأمر ليس كذلك، هناك قواعد شرعية وضوابط لأمر التكفير خاصة في مسألة الحكام لما يترتب وراء ذلك من مفاسد.

فقالوا: أنتم مرجئة مع الحكام .. خوارج مع الدعاة .. قدرية مع اليهود .. روافض مع الجماعات، هذا التقسيم الرباعي يرمون إخوانهم طلبة العلم بهذا الشيء، لماذا مرجئة مع الحكام؟ لأنكم لا تكفرون كما نكفر، وخوارج مع العلماء والدعاة؟ لأنكم تتكلمون عن أخطائهم وعيوبهم، ومع ذلك يقولون: وتكفرونهم مع أنهم لم يحدث من السلفيين أنهم كفروا واحداً، وروافض مع الجماعات .. لماذا روافض مع الجماعات؟ لأنكم ترفضون الانتماء معهم، وكأن كل من كان عنده رفض مادة رفض فهو مذموم سواءً كانت بحق أو بباطل، أي نعم، وقدرية مع اليهود فإنكم سلمتم الأمر لليهود وقلتم لم يبق شيء معنا ولا مناص من أن يبقى اليهود قابعين على الناس وكذا وكذا، فلا بد أن نستسلم للواقع وقبعتم في مكتباتكم ومساجدكم ولم تقوموا لتغيروا هذا الحال.

الشيخ: وهم ماذا فعلوا؟ حاربوا اليهود.

مداخلة: وهم في الحقيقة كما ذكرتم أكثر من مرة من دخل في طريقهم يتأثر بهم، هو دخل ليغير فإذا به يتغير.

‌حول تكفير الحكام:

هنا يا شيخنا في هذه المسألة يستدلون على إطلاق تكفير الحكام بأدلة، كانوا أولاً عندما يتكلمون معنا في قضية تكفير الحكام، قلنا لهم: هل أنتم تقولون أن كل من حكم بغير ما أنز الله يكفر؟ فإذا قالوا: نعم، فكنا نقول لهم: ماذا تقولون

ص: 66

مثلاً في حُكَّام بني أمية الذين حكموا بغير ما أنز الله، وحُكَّام بني العباس وأمراء الجور؟ والذين أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالصبر عليهم إلا أن نرى كفراً بواحاً، معنى ذلك: أن الذي فعلوه ليس كفراً بواحاً، فلجؤوا إلى تغيير العبارة فبدل ما يقولون: يحكم بغير ما أنزل الله، قالوا: يُبَدِّل شرع الله ويُبَدِّل حكم الله، فقالوا: نحن نسلم بتفصيل السلف أن من حكم بغير ما أنز الله معتقداً أن حكم الله هو الحق وما دونه هو الباطل .. يحل الحلال ويحرم الحرام باعتقاده وبلسانه، وإن كان بفعله يخالف ذلك ويعتقد أنه لا يجوز أن يحكم مع الله شيء، نحن نقول: أن هذا كفره كفر عملي، وأما إذا اعتقد أن حكمه أفضل من حكم الله، أو يساوي حكم الله، أو يجوز له أن يحكم مع الله، فهو كفر اعتقادي، قالوا: نسلم لكم بتفصيل السلف في قضية الحكم، أما قضية التشريع فلا نسلم لكم فإن من شرع في جزئية واحدة يكون كافراً.

الشيخ: عملاً أم اعتقاداً؟

مداخلة: لا يعني: اعتقاداً وخروجاً من الإسلام.

الشيخ: لا، أقول عملاً أم اعتقاداً؟

مداخلة: هم يقولون: لا يصرف بذلك الاستحلال، وكافر يعني: كافر بمجرد عمله.

الشيخ: عفواً، نحن نرد عليهم الآن.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أنت لم تقصر بينت وجهة نظرك، نحن نقول: هم يقولون: ليس كذلك

ص: 67

من شرع حكماً، نحن نقول: شرع إما قولاً وإما اعتقاداً، فلا نزال نحن في النقطة التي هم التقوا معنا.

مداخلة: في الأولى التقوا معنا فيها؟

الشيخ: أي نعم.

مداخلة: وبدلوا اسمها ونحن لا نزال على هذه التسوية.

الشيخ: أي نعم، فنحن نسألهم الآن: شرَعوا أو شرّعوا اعتقاداً أم عملاً؟ فإن كان قالوا اعتقاداً فهم معنا كما كانوا من قبل، وإن قالوا: لا، قولاً، إذاً: هم خرجوا عما كانوا معنا، إن قالوا: شرعوا عملاً وليس اعتقاداً، لم يستفيدوا كما أشرت أنت في كلامكم أنهم بدلوا الألفاظ.

يعني: تفنن في التعبير للتضليل، وإلا لماذا الفرق بين شرع معناها: أنه سيحكم بهذا الذي شرع، فكلمة شرع رجع إلى الحكم، والحكم يرجع إلى العمل، والعمل إما أن يقترن به عقيدة وإما أن لا يقترن به عقيدة، فلم يستفيدوا شيئاً من هذا التلاعب بالألفاظ؛ لأننا سنلزمهم بهذا التسلسل المنطقي الذي لا مجال له من التهرب منه.

رجل وضع نظاماً حبر على ورق، وآخر لم يضع نظاماً حبر على ورق، وكل منهما التقيا في العمل بهذا النظام أحدهما سود به، والآخر ترك الصحيفة بيضاء لكنهما يشتركان في العمل، هل يختلفان؟ قد يختلفان وقد يلتقيان، قد يلتقيان كل منهما وقد اختلفا في الوسيلة فأحدهما كتب والآخر لم يكتب واتفقا في العمل فاختلفا في الوسيلة.

ص: 68

قد يتفقان في الغاية كل منهما لا يستحل في قرارة قلبه هذا الذي عملوا به أحدهما كتب والآخر لم يكتب، كل منهما لا يستحل ذلك بقلبه والله أعلم بما في نفسه.

بل لعله يقول: الله يتوب علينا مضطرين نحافظ على الكرسي .. نريد أن نحافظ على جاهنا .. على منزلتنا إلى آخره، هذا كفر عملي.

قد يختلفان أحدهما يستحل ذلك بقلبه فيكون كفره كفر اعتقاداً، ولو لم يكتب ولا كلمة واحدة .. الذي عمل بما كتب أحدهما استحل ذلك بقلبه وقال الشرع هذا الذي جاء به الإسلام كان ومضى زمانه، ونحن الآن في زمان غير ذاك الزمان، هذا أكفر من الذي كتب؛ لأنه استحل ما فعل بقلبه ذاك الذي لم يستحل ما فعل وما كتب بقلبه، فإذاً: هذا تلاعب بالألفاظ يا أستاذ.

مداخلة: نعم.

الشيخ: النتيجة واحدة.

(الهدى والنور /849/ 03: 11: 01)

مداخلة: طيب! أخونا أبو الحسن يطلب أيضاً تعليقكم على التقسيم الرباعي الذي نقلته لكم عن بعض الدعاة الذين يخالفوننا في هذا الباب، ويقول: أن السلفيين هؤلاء مرجئة مع الحكام، وخوارج مع الدعاة، وقدرية مع اليهود، وفي نفس الوقت روافض مع الجماعات.

الشيخ: لا أستطيع أن أعلق على هذا التقسيم الرباعي؛ لأنه تقسيم محدث مبتدع وداخل فيما أشرت إليه آنفاً بأنه تلاعب بالألفاظ، فنحن مرجئة مع الحكام

ص: 69

بينا لهم أننا مع الذي شرع الأحكام والتي جعل الكفر قسمين إلى آخره، فلسنا مرجئة إلا بالنسبة لهؤلاء الذين يسمون الأشياء بغير أسمائها، وأخشى ما أخشى أن يشملهم وأعيد قوله عليه السلام في غير هذه المسألة:«يسمونها بغير اسمها» ، أما الثانية ما هي؟

مداخلة: خوارج مع الدعاة.

الشيخ: كيف يعني خوارج مع الدعاة؟

مداخلة: يكفرونهم.

الشيخ: ماذا؟

مداخلة: خوارج مع الدعاة.

الشيخ: لماذا؟

مداخلة: يعني يقول لك: يتكلمون على عيوبهم .. يتحدثون فيهم .. هو في الحقيقة المسألة لا المرجئة .. لو يعرفون ما معنى المرجئة، ما قالوا مرجئة؛ لأننا عندما نقول: هذا كفر عملي في بعض الناس، وكفر اعتقادي في البعض الآخر، ما نقول أنه لا يضر مع الإيمان معصية.

الشيخ: معصية طبعاً.

مداخلة: نقول: هذا نقص في الإيمان.

الشيخ: لا.

مداخلة: كذلك الخوارج من مِن طلبة العلم يكفر؟ هم أبعد الناس عن قضية

ص: 70

التكفير إلا إذا كان الأمر واضحاً جلياً.

الشيخ: طيب! لكن نريد أن نفهم البقية الباقية من التقسيم الرباعي ما هو؟

مداخلة: أنهم قدرية مع اليهود.

الشيخ: كيف؟

مداخلة: يعني: ركنوا للأمر الواقع واستسلموا.

الشيخ: ونحن أجبنا عن هذا: ما الفرق بيننا وبينهم سوى الهذر، ماذا فعلوا هم زيادة علينا الله أكبر؟ !

مداخلة: نعم، وروافض مع الجماعات.

الشيخ: الله أكبر، الله المستعان وهذه الثالثة أو الرابعة؟

مداخلة: الرابعة.

الشيخ: والثالثة ماذا كانت؟

مداخلة: قدرية مع اليهود .. قدرية مع اليهود.

مداخلة: التي قبلها: خوارج مع الدعاة.

الشيخ: نعم، الله أكبر هذا زين لهم الشيطان أعمالهم فأضلهم عن سواء السبيل، يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بهذا التقسيم، الله المستعان.

(الهدى والنور /849/ 01: 16: 01)

مداخلة: طيب! هم يا شيخنا يستدلون على كلامهم .. وقبل ما أذكر استدلالهم

ص: 71

هناك: بعضهم قد تكلمت معه في بعض الأدلة أذكرها لكم وأعرف قولكم فيها حفظكم الله.

الشيخ: تفضل.

مداخلة: قلت لهم: إذا كنتم تقولون أن كل من شرع ذكرت .. لهم المثال شيخنا الذي ذكرته وأخونا أبو حاتم ينظر إلي حال كلامك؛ لأنه يذكر موقفاً حدث بهذا، فمما قلت لهم: قلت بنو أمية قد شرعوا بدلوا بعض الأشياء التي كانت موجود على عهد النبوة كما ألزموا الناس بالحكم الوراثي وأن من رفع رأسه ضربت عنقه في هذا الأمر.

الشيخ: أي نعم.

الشيخ: فقالوا: إن بني أمية لم يبدلوا؛ لأنهم عندما حكموا بالحكم الوراثي كان الأمير قرشياً والشرط أن يكون قرشياً: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] هذه لا التفات إليها، فقلت لهم: إذا كانوا لم يبدلوا ماذا تقولون في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء، ثم يكون ملك عاض .. » إذا كان الملك العاض هو نفسه على الحالة التي كانت على منهاج النبوة الأولى، لماذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام:«ثم يرفعها ثم يكون ملك عاض» إذاً: هناك تبديل وهنا تغيير!

الشيخ: لا شك.

مداخلة: وهم يقولون في مثل هذا، يقولون: هذا شيء خفيف .. شيء هين لو

ص: 72

بدلوا فيه .. قلت لهم: الكفر لا يوجد فيه خفيف وهين، من ثبت كفره .. والكفر هو درجات.

الشيخ: من أنكر اللفظ من القرآن كما لو أنكر آية من القرآن، أو أنكر سورة من القرآن، أو أنكر القرآن كله.

الشيخ: أذكر لك شيخ ماذا يستدلون به؟ في الحديث الصحيح في قصة حديث أنس في قصة اليهوديين اللذين زنيا، وقد بدلا حكم الرجم بالتجبية والتحميم وغير ذلك .. فيقولون: إن الله سبحانه وتعالى حكم بكفرهم - وانظر! الكلام في اليهود شيخنا بارك الله فيك - إن الله حكم بكفرهم؛ لأنهم بدلوا شرع الله في هذا الأمر.

الشيخ: من أين لهم هذا التعليل؟

مداخلة: يقولون: الحديث قصة سياق الحديث أن الله سبحانه وتعالى حكم بكفرهم حينما فعلوا ذلك.

الشيخ: الحديث يعلل هكذا؟

مداخلة: قصة حديث أنس حينما ذكر يعني ..

الشيخ: لا، لا أنا أسأل سؤال؛ لأني بعيد عهد لكن.

مداخلة: فيه فنزل، يعني: بعدما ذكر القصة كان ذلك ثم في نزول الآية.

الشيخ: طيب!

مداخلة: نعم.

ص: 73

الشيخ: لكن هذا لا يعني أن التكفير كان بسبب هذه الجزئية، وإنما كانت سبب نزول الآية هو هذه الجزئية.

مداخلة: نعم.

الشيخ: يعني: لا يمكننا أن نوافقهم على قولهم بأنهم كفروا؛ لأنهم حكموا بخلاف ما حكم الله عز وجل على أنه يأتي هنا ولا شك ولا ريب التفصيل الذي لا بد أن نُذَكِّرهم به.

نقول: لا بد من التذكير هنا بأن الاستحلال إما أن يكون عملياً وإما أن يكون قلبياً، فإذا كان في الحديث تعليل كفرهم بسبب هذا الحكم وهذا الجزء من الأحكام الشرعية فلا يكون ذلك نصاً على أن الكفر العملي - وهم متفقون معنا - على أن الكفر العملي يخرج عن الملة، يعني: استدلالهم بهذا لا يفيدهم شيئاً إطلاقاً؛ لأننا سنقول لهم: اليهود في هذه المسألة التي غَيَّروا فيها حكم الرجم هل كان ذلك استحلالاً قلبياً أم عملياً؟ لا بد لهم من أن يقولوا واحدة من الاثنتين: إن قالوا بدلوا قولاً عملاً وليس اعتقاداً فاستدلالهم خطأ على أن الله كفرهم بسبب تغييرهم هذا الحكم، وإن قالوا: لأنهم غيروا وبدلوا عقيدةً التقوا معنا كما التقوا معنا هناك فما يفيدهم شيء الاستدلال بهذا الحديث

مداخلة: نعم، بارك الله فيكم، هو هذا شيخنا؛ لأني أنا قلت لهم أيضاً: نحن نريد معرفة محل النزاع .. محل النزاع فيمن يقول بلسانه: إني أومن بأن حكم الله هو الحق وإن شرعت خلاف حكم الله عز وجل، فهل لكم أن اليهود كانوا مقرين أن حكم الله هو الحق وهم مخطئون في فعلهم هذا؟ فإن قلتم: ليس لنا دليل على

ص: 74

ذلك، قلنا إذاً: هذا دليلكم ليس في محل النزاع، فقال لي قائلهم: وأنتم أيضاً ليس معكم دليل أنهم بكفرهم الاعتقادي، قلت: وأنا يعني .. لم أدعي هذا إنما هو دليلك أنت ليس لي.

الشيخ: لا يهمنا نحن نعم.

مداخلة: هو دليلك أنت فدليلك تطرق إليه الاحتمال فيسقط به الاستدلال.

الشيخ: أي نعم.

مداخلة: والشيء الثاني: اليهود كفار بدون ما يحكموا بهذا الحكم، يعني: كفرهم سابق لهذا الشيء.

الشيخ: هو كذلك، بارك الله.

إخوة الإيمان! والآن مع الشريط الخمسين بعد المائة الثامنة على واحد، سؤالات أبي الحسن المصري المأربي مصطفى بن إسماعيل السليماني للعلامة الألباني، تحت عنوان: الأجوبة الألبانية على أسئلة أبي الحسن الدعوية، تم تسجيل هذا المجلس في اليوم التاسع من رجب 1416 هـ، الموافق السابع عشر من الشهر الثاني عشر 1995 م.

مداخلة: أيضاً يستدلون بقصة الياسق وكلام الحافظ ابن كثير في ياسق جنكيز خان وقضيته مع التتار بأن من شرع حكماً غير حكم الله فقد كفر.

الشيخ: مكانك راوح.

مداخلة: هو، هو.

ص: 75

الشيخ: أبداً.

مداخلة: نفس الكلام.

الشيخ: أبداً.

مداخلة: نقول لهم: هل كانوا هؤلاء يعتقدون بطلان ما أتى به جنكيز خان؟

الشيخ: نعم.

مداخلة: فإن قالوا: وما عندكم دليل أنهم كانوا .. قلنا إذاً: سقط دليلكم.

الشيخ: بلى.

مداخلة: شيخنا إضافة إلى أن ابن كثير في البداية والنهاية عندما ذكر الياسق وموضوعه قال: إنه كان يدعي النبوة.

الشيخ: يا سلام!

مداخلة: وأنه يتناول من عند الله أحكام الياسق هذا.

الشيخ: الله أكبر.

مداخلة: فانظر كيف الدليل واستدلالهم؟ !

الشيخ: الله أكبر، لا هؤلاء يتبعون ما تشابه .. إذاً كأنهم يتبعون ما تشابه من القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام، فَلِمَ لا يفعلون بأخبار التاريخية ما يفعلون بالقرآن والسنة؟ ! هذا هو الهوى! هذا هو الهوى والعياذ بالله.

مداخلة: يتصل بهذا يا شيخنا في نفس هذه المسألة مسألة أخرى وهي أنهم يقولون: إذا شرع فقد استحل، وإن لم يكن ذلك في قلبه، فهنا سؤال: هل

ص: 76

الاستحلال ..

الشيخ: مكانك راوح.

مداخلة: أي نعم، هل الاستحلال لا بد فيه من النطق باللسان بتحليل ما حرم الله بعد إقامة الحجة عليه، أو يكتفى فيه بمجرد الفعل في بعض المواضع؟

الشيخ: الاستحلال هو كالكفر لا فرق بين الأمرين، الكفر كلفظ لغوي أدل على كفر الواقع فيه من دلالة الاستحلال أنه أن هذا المستحل هو كافر، فإذا كان موقفنا وهم معنا أن الكفر ينقسم إلى قسمين: كفر يخرج به من الملة، وكفر لا يُخْرَج به من الملة، فأولى ثم أولى ثم أولى أن الاستحلال ينقسم أيضاً إلى قسمين: استحلال يُخْرَج به من الملة ويعود إلى الاستحلال القلبي، واستحلال لا يخرج به من الملة وهو الاستحلال العملي.

ومن هنا قلنا في حديث البخاري الذي يضعفه بعض ذوي الأهواء في هذا الزمان، وتقليداً من بعضهم لابن حزم الإمام، قوله عليه السلام:«ليكونن في أمتي أقواماً يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، يمسون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير» .

فالاستحلال هنا كتعبير لغوي يحتمل أن يكون فعلاً؛ لأنهم يبيتون على خمر ومعازف وما شابه ذلك، ويستحقون ذلك العذاب المذكور في الحديث، ويحتمل أن يكون استحلالاً قلبياً وهذا أوضح وأقرب إلى العقوبة المذكورة في هذا الحديث.

فإذاً: ما يستفيدون شيئاً من كلمة الاستحلال إذا ما وردت في مكان ما أنها

ص: 77

تعني كفر الردة؛ لأن لفظة الكفر نفسها لا تعني كفر الردة دائماً وأبداً، هذا ما عندي وأرجوا الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا، نعم.

مداخلة: شيخنا الحديث الذي أشار إليه أخونا أبو الحسن.

الشيخ: ماله؟

مداخلة: حديث البراء في صحيح مسلم.

الشيخ: أي نعم.

مداخلة: قال: «مر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي محمماً مجلوداً، فدعاهم صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم» .

الشيخ: كذبوا.

مداخلة: هنا أهم نقطة شيخنا في الحديث كله.

الشيخ: نعم.

مداخلة: «فدعا رجل من علمائهم: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى! أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ

ص: 78

هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يقول: ائتوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]{الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]{الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] في الكفار كلها» أو «كلها» .

الشيخ: في الكفار.

مداخلة: شيخنا! فالحقيقة هذا النص واضح جداً أنهم نسبوا التغيير لكتاب الله، وهنا موضع الاعتقاد الذي هم فيه، لو كان هذا ناسبينه إلى أنفسهم نتيجة شهوة أو كذا لا يكون هذا تكفيراً، أليس كذلك يا أستاذنا؟

الشيخ: هو كذلك نعم.

(الهدى والنور /850/ 04: 01: .. )

ص: 79