الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول التكتلات والجمعيات
مداخلة: هنا سؤال حول هذه المسألة يتصل بها: السلفي الذي يعتقد عقيدة السلف في الأسماء والصفات، وعنده منهج الاستدلال الكتاب والسنة ابتداءً لا يأخذ بمذهب ولا كذا، وإن كان في كثير من المواضع يدخل رأيه واجتهاده وما يظنه أنه مصلحة شرعية وأنه ينفع الإسلام ويرفع الإسلام وغير ذلك، فَسَوَّغ لنفسه أن يتخذ جماعةً وحزباً وبيعةً وإلى آخره، أو يعمل مثلاً جمعية هذه الجمعية تدعم وتُقَوِّي وتُعَمِّق هذه الحزبية بطريقة أخرى سواءً كانت ظاهرة أو خفية، ويخالفنا أحياناً في بعض الأحكام .. إما على بعض الحكام أو على بعض الجماعات أو غير ذلك، هل هذا الخلاف بيننا وبينه يسوغ أن نقول: هو ليس على منهج السلف الصالح، وإنما هو من الفرق الهالكة التي هي غير الفرقة الناجية أعني من الاثنتين والسبعين فرقة أم لا؟
الشيخ: هو الحقيقة أنه كما نشاهد في هذا الزمان هناك إفراط وتفريط في الجواب عن مثل هذا السؤال.
ينبغي أن يُنْظَر إلى الشخص وأن يقاس ويوزن كلامه بالقسطاس المستقيم، نحن إذا نظرنا إلى بعض أئمة السلف الصالح، وإلى بعض آرائهم واجتهاداتهم لا شك أننا سنجد فيهم بعض الأخطاء المخالفة للسنة الصحيحة ولكن ما دام أننا عرفنا عنهم أنهم تمسكوا بالمنهج الصحيح الكتاب والسنة وما كان عليه السلف
الصالح مع الاختلاف في بعض الجزئيات، مثلاً: إذا صحابي قال قولاً ولم يخالفه أحد هل يكون حجة أم لا؟ فبعضهم يقول: نعم، وبعضهم يقول: لا، مثل هذا الاختلاف ما يخرج هذا المخالف ولو كان مخطئاً عن كونه أنه على منهج السلف الصالح لا يخرجه عن ذلك.
الآن التاريخ يعيد نفسه فعلى نسبة هذا المنتمي إلى السلف الصالح على نسبة قربه وبعده في تحقيق انتسابه إلى السلف الصالح يقال فيه: أنه مع السلف الصالح أو مخالف للسلف الصالح.
ولذلك فلا يصح أن يطلق القول بإخراج من كان يعلن ولو بلسانه على الأقل ما لم ينقض بفعله ما يقوله بلسانه، لا يصح أن نقول أنه ليس سلفياً ما دام أنه يدعو إلى منهج السلف الصالح .. ما دام يدعوا الناس إلى إتباع الكتاب والسنة وعدم التعصب لإمام من الأئمة فضلاً أن يتعصب لطريق من الطرق فضلاً عن أن يتعصب لحزب من الأحزاب، لكن له آراء يشذ فيها في بعض المسائل الاجتهادية وهذا لا بد منه، أئمة السلف اختلفوا في بعض المسائل.
لكن نحن يهمنا القاعدة: هل هو مؤمن بها .. هل هو داع إليها؟ نحن نعرف كما قلنا أكثر من مرة: لا يوجد اليوم على وجه الأرض جماعة على الأقل ممن يطلقون على أنفسهم أنهم من أهل السنة والجماعة .. لا يوجد فيهم أبداً من يقول بأن منهج السلف الصالح هو خطأ، لو كان لا يتبناه فعلاً لكن لا يستطيع أن يقول: إنه خطأ.
فهذا الذي يدعو إلى اتباع السلف الصالح فعلاً ودعوة، وقد يخالف في بعض
الفروع .. ما نستطيع أن نخرجه من انتسابه الذي أعلن انتسابه إليه بسبب بعض المخالفات، لكن هذه مخالفات قد تكون فردية، يعني: تؤثر في شخصه أو في أفراد يلوذون به، وقد يكون لها أثرها في المجتمع تأثيراً كبيراً جداً، فبنسبة هذا التأثير يكون الابتعاد عن منهج السلف الصالح أو اقترابه.
أما أن نطلق على أفراد يدعون إلى إتباع الكتاب والسنة وليس هذا فقط بل وعلى منهج السلف الصالح لكن قد يخالفون في بعض القضايا، ما ينبغي أن نتهمهم بالمخالفة إلا إذا أعلنوها صراحةً كما بلغنا مثلاً عن بعضهم أنهم يقولون: نحن نتبع السلف في عقيدتهم .. في علمهم .. أما في وسائلهم فلا، هذا مخالف جذرياً لدعوة السلف الصالح، بل مخالف لدعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي اهتم بالتوحيد في العهد المكي كما هو معلوم.
الجماعات الأخرى الذين يقولون: نحن على الكتاب والسنة لا يهتمون بالدعوة إلى التوحيد، بل قد يوجد فيهم من يقول: إن هذه الدعوة اليوم تُفَرِّق ولا تُجَمِّع؛ ولذلك فينبغي إبعادها الآن عن الدعوة، هؤلاء حتماً ليسوا سلفيين فإن وصل بعض الناس إلى مثل هذه المرتبة في الابتعاد عن السلف الصالح ولو كان ينتمي في كلامه وفي دعوته إلى أنه على منهج السلف الصالح، فإنما هي كلمة هو قائلها.
(الهدى والنور /848/ 46: 20: .. )
مداخلة: طيب عفواً شيخنا! نظراً لحِدَّة الخلاف الموجود في مثل هذه المسألة بين الشباب عندنا خاصة في اليمن، ولا أستبعد أن يكون في مناطق أخرى على
هذا الحال، ونظراً لأن الشباب في هذه المسألة كما ذكرتم على إفراط وتفريط، فأريد بارك الله فيكم حكماً نهائياً في هذه المسألة؛ لأن القواعد العامة كلٌ يطبقها على حسب ما يراه.
فمثلاً: الرجل الذي يعتقد عقيدة السلف وعمل حزباً جماعةً منظمة تنظيماً كما يقولون هرمياً أو عنقودياً، وهذا التنظيم على أمور فيما بينهم يجتمعون، لا شك أنهم وقد اجتمعوا على هذا الشيء فحبهم لبعضهم أكثر من ولائهم للآخرين، ودفاعهم عن أنفسهم أكثر من دفاعهم للآخرين، لكن هو من باب أنهم يعتقدون أن هذا هو الإسلام، وأن هذه هي السنة، ما يعتقدون في داخل أنفسهم أنهم مخالفون للسنة هم ينافحون أن هذه هي السنة، ممكن في وقت من الأوقات ما يظهر أنه عنده هذا التنظيم ولا عنده هذه البيعة، لكن في وقت من الأوقات والأمر قد فاح واشتهر يسلم بأن هذا موجود لكن في حسه أن هذا يخدم الدعوة السلفية القائمة على الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح قصداً ووسيلةً، هذا في حسه، وهذا الذي يتكلم به.
لكن الذي نراه نحن نراه أنه يعمق ما يريده واجتهاده هو الذي وصل إليه اجتهاده، وهذا الأمر من ناحية، من ناحية أخرى: يترتب على هذا ميل إلى جماعات أخرى ضد الجماعة السلفية القائمة، أن السلفيين هؤلاء منفرون وأنهم وأنهم .. وإن كان هناك من ينفر حقاً لكن ليسوا كما يطلقون هم، وهم ليسوا من القائمين بالدعوة إنما هم أفراد صغار فلا تؤخذ زلاتهم ويحاسب عليها الجميع الكبار والصغار.
ثم ينظرون إلى العمل الجماعي الآخر من الجماعات الأخرى والتنظيمات
الأخرى أنها تخدم الإسلام وتصب مصباً نافعاً وأنها وأنها وأنها، وإلى متى ونحن نعيش فوضى، وإلى متى ونحن نعيش على هذا الحال؟ هذه نظرتهم.
وقد يعملون جمعية .. هذه الجمعية قد تكون مثلاً في ظاهرها عملية عمل خيري .. العمل الخيري معروف.
وقد سمعت فتواكم: في إذا سلم من الحزبية، وإذا سلم من فتنة المال فنعم ما هو، لكن قد ينازع القائل بأننا سلمنا من هذه الأشياء ويكون عنده هذه الأشياء سواء كانت منهجية أو كانت شخصية.
السؤال الآن: هل هذه الأشياء التي ذكرتها تُسَوِّغ أن يقال: ليسوا من أهل السنة والجماعة هم من الفرق الهالكة، أو يقال: هم سلفيون زلت أقدامهم في هذه الأبواب فلا يتابعون على قولهم والقول الآخر: لا يغالى في الحكم عليهم؟
الشيخ: لكن أنت بارك الله فيك كررت طبعاً عن لسانهم وهذا مما يضعف موقفهم، كررت كلمة أهل السنة والجماعة ولم تذكر السلف الصالح إلا أخيراً، فكأنهم يشعرون في قرارة نفوسهم أنهم فيما هم عليه ليسوا سلفيين.
مداخلة: هم يقولون شيخنا سلفيين لكن ربما أني تجاوزت
…
الشيخ: لا بأس، هم يقولون هكذا.
مداخلة: نعم.
الشيخ: نحن ما معنى سلفيين .. في أي شيء يتبناه الإنسان معنى أنه يتبنى ما كان عليه السلف الصالح، الآن هذا التحزب وهذا التكتل هل هكذا كان السلف الصالح؟
مداخلة: ليسوا كذلك قطعاً.
الشيخ: سيقولون لا، إذاً: هم ليسوا سلفيين في هذه المسألة على الأقل، فإذاً: لا يصح لهم أن يقولوا نحن على الكتاب والسنة.
مداخلة: لو أصروا على هذا القول وعلى هذا الحال يقال: إنهم خارجون من السلفيين؟
الشيخ: وخارجون عن السنة.
مداخلة: وعن السنة؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: وعن الفرقة الناجية؟
الشيخ: وعن الفرقة الناجية بلا شك، مع ملاحظة قيدي السابق.
مداخلة: نعم هو هذا الذي أريد أن أسمعه؛ لأن هذا الذي الكلام حوله.
الشيخ: لأن الفرقة الناجية هي كما قلنا آنفاً في الحديث: «ما أنا عليه وأصحابي» ، التابعون كانوا على ما كان عليه الصحابة، أتباعهم كذلك، فإذاً: هؤلاء إذا خالفوا السنة فقد خالفوا الصحابة .. إذا خالفوا الصحابة خالفوا التابعين وأتباعهم، إذاً: سواء علينا قلنا بأنهم خالفوا السلف، أو خالفوا التابعين، أو خالفوا الصحابة، أو خالفوا السنة فكما يقال: كل الدروب على الطاحون.
لكن نحن نريد أن نبين لهم أن لا يغتروا بأنهم هم على السنة ما دام أنهم ليسوا على السلف الصالح.
أنت بارك الله فيك تكلمت بكلام يطابق الواقع تماماً .. هذه التكتلات لو كانت ما هي بهذا البعد عن منهج السلف الصالح .. التحزب هذا والتكتل وقد يقترن مع بيعة لرئيسهم فهذا مما يزيد في فرقة المسلمين فرقةً وتكتلاً وتحزباً وضعفاً، وهذا ما هو منصوص عليه في القرآن الكريم:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32].
ما يستطيع أحد مع الأسف الشديد أن يقول: ليس كل حزب بما لديهم فرحون، فواقعهم ينطبق عليهم تماماً هذه الآية، فرحون بتحزبهم ليسوا فرحين بعقيدتهم .. شتان! وأنا أقول ولا فخر: أنا أفخر بأن الله عز وجل يسر لي معرفة السلف الصالح علمهم وفقههم وسلوكهم، وأن أسعى لأكون على خطاهم أفخر أنا بهذا.
لكن لا أدعو إلى التكتل ولا إلى تجمع؛ لأن هذا يفرق جماعة المسلمين أكثر مما هم عليه متفرقون؛ لذلك قولهم نحن على السنة يكذبهم ابتداءً أن مثل هذا التكتل لا يعرفه السلف الصالح .. لا يعرفه الصحابة .. لم يكن في الصحابة من يقول: أنا بكري .. أنا عمري .. أنا عثماني .. أنا علوي .. إلا بعد أن ذرت الشيعة قرنها وبدؤوا يبثون سمومهم بين من جاؤوا من بعد الصحابة ولم يكن لهم تلك الشوكة إلا فيما بعد كما هو معلوم من التاريخ.
الآن هؤلاء يعيدون سيرة الفرق التي كان الرسول عليه السلام أشار إليها في الحديث السابق ذكره، والذي يحدثنا التاريخ ما فعلوا بالمسلمين من تفرق ناعم ثم من الكيد للمسلمين وقتل الحكام المسلمين ونحو ذلك.
فبارك الله فيك، نحن يجب أن ندعو هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة ولا يهمنا التكفير والتضليل كما يغالي بعض الناس، لكن نبين لهم حقيقة الأمر أنه لا نجاة لهؤلاء المسلمين وتفرقهم إلا بالعودة إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، ليس فقط في العقيدة، وليس فقط في العبادة وإنما في السلوك .. ليس فقط في الغاية بل وفي الوسيلة أيضاً، وهم يختلفون معنا في هذا.
ولذلك فمن يعلن منهم أنهم أحرار في اتخاذ الأساليب في الدعوة مثلاً وهو يخالف الرسول في أسلوبه حيث أن الله عز وجل أدبه وأحسن تأديبه وقال مثلاً: {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74]، نحن نتخذ هذا الركون إليهم وسيلة لإصلاحهم فنجيز الدخول مثلاً في البرلمانات التي تحكم بغير ما أنز الله باسم ماذا؟ أسلوب الدعوة تقتضي ذلك في هذا الزمان:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ما هكذا بدأ الرسول عليه السلام دعوته وإنما على أساس: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]، نسأل الله أن يهدينا وإياهم سواء الصراط، وماذا بعد ذلك؟
مداخلة: هو الأمر المهم الآن الذي وضحتموه وحسمتم الخلاف فيه: أن من دعى إلى تكتل وإلى حزبية وأصبح من الذين يفرحون بتحزبهم ويوالي ويعادي على إثر هذا الذي اتخذه لنفسه فهذا يكون خارجاً من دعوة أهل السنة والجماعة بل وبتعبير أدق من الفرقة الناجية.
الشيخ: نعم أحسنت.
(الهدى والنور /848/ 17: 27: .. )
مداخلة: هنا السؤال: بعض الإخوة في هذا المجال يورد إشكالاً: ماذا يقول؟ يقول مثلاً: إن مدرسة أهل الرأي كم خالفت أهل الحديث، وكم تعصب الأحناف لمذهبهم، هل أنتم تُصَرِّحون مثلا حفظكم الله بأن هؤلاء الأحناف المتعصبين الذين ربما تكلموا في أئمة المذاهب الأخرى بسبب هذا المذهب، هل هؤلاء يخرجون من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة الفرق الهالكة الاثنتين والسبعين؟ يقولون: إن الخلاف بيننا وبين بعض هؤلاء السلفيين الذين خالفونا في هذا الباب ما يصل إلى الخلاف بين أهل الحديث وأهل الرأي، وحكم أهل الحديث على أهل الرأي السابق.
الشيخ: نعم.
مداخلة: إنهم يقولون إن مدرسة أهل الرأي مدرسة إسلامية وإن كان فيها أخطاء، فكيف يقال على من عقيدته عقيدة السلف الصالح ويدعو إلى الكتاب والسنة لكن بلاه الله ابتلي بمسألة الحزبية ويظن أن الدعوة بدون حزبية لا تقيم للإسلام قائمة، هكذا يقولون لنا .. يقولون لنا: أنتم ليس عندكم تَصَوُّر صحيح لإقامة الدولة الإسلامية.
الشيخ: طيب، نسألهم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: هل هم يقومون بالدعوة إلى التوحيد؟
مداخلة: نعم، الدعوة إلى التوحيد والتحذير من القبوريين والتنجيم والسحر
والكهانة.
الشيخ: لا، لا حين تكتلهم وتحزبهم، ما الذي يغلب عليهم .. لماذا تكتلوا .. لماذا تحزبوا؟ تحزبوا وتكتلوا ليدعوا الناس إلى التوحيد؟
مداخلة: هكذا يقولون.
الشيخ: لا بأس يا أستاذ! الكفار يقولون: نحن على الهدى وعلى الصواب، ماذا
…
لقولهم، نحن الآن نناقشهم
…
نحن نقول لهم: أنتم تدعون إلى التوحيد
…
إلى إتباع الكتاب والسنة، أرونا مثلاً: عبادتكم
…
صلاتكم سلوككم في بيوتكم
…
في ذرياتكم في في إلى آخره، هل هم على ما كان عليه السلف الصالح على حد تعبيرهم: على السنة، إن كانوا كذلك إذاً لماذا تكتلتم دون الآخرين لماذا لم تدعو الدعوة تنطلق بين كل هؤلاء المسلمين على اختلاف أحزابهم ومذاهبهم، لا بد أن ما وراء هذا التكتل والتحزب شيء ما أقول هو شيء غير مخفي بل هو ظاهر
…
كل تكتل
…
كل تحزب يكون أصله منتمياً إلى السلف الصالح مجرد أن يتكتل يعمل في دائرة تكتله وينسى دعوته.
مداخلة: الله المستعان.
الشيخ: نحن لمسنا هذا لمس اليد.
مداخلة: نعم.
الشيخ: من كثير ممن كانوا فعلاً على دعوة السلف الصالح فبدؤوا يشتغلون بالتكتل والتحزب، يعني: بدؤوا يشتغلون بالسياسة.
مداخلة: نعم.
الشيخ: إذاً: سياسة ودعوة للتوحيد على ما كان عليه السلف الصالح هذا لا يمكن أبداً .. هذا أمر يستحيل؛ لأنه أمر طبيعي جداً كما يستحيل مثلاً: أن يكون الفرد عالماً بكل علم .. متخصصاً في كل علم، لا بد أن يميل إلى علم أكثر من علم هذه سنة الله في خلقه، وهذه طاقة الإنسان التي فطر الله عباده عليها.
فإذا كانوا أرادوا أن يشتغلوا بالدعوة فما أسهل الدعوة وما أغناها عن التكتل، وإذا أرادوا أن يشتغلوا بغير الدعوة خذ مثلاً جمعية خيرية تجمع الأموال .. تساعد الفقراء والمساكين .. أنا أقول: الجمعية الخيرية هذه خير؛ لأنها من معاني قول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 18]، هذا الحض عمل الخير ومحضوض عليه في القرآن الكريم، لكن هذه ما تدعو لا إلى العلم سواء سميته السنة أو السلف الصالح أو التوحيد، لكن عمل الخير .. لكن هذا العمل الخيري كما نقلت عني آنفاً: إذا كان لا يعادي أولئك الذين يدعون إلى أن تعود الأمة إلى ما كان عليه سلفنا الصالح عقيدةً وفقهاً وسلوكاً إلى آخره، ،يقول: نحن بحاجة إليكم هذا نعم العمل، لكن هؤلاء الذين يتحزبون أولاً: يبتعدون كل البعد عن الدعوة إلى الكتاب والسنة وبخاصة إلى التوحيد.
انظر أنت إلى العالم الإسلامي كما ترى! أكثرهم أبعد ما يكونون عن التوحيد، وما أكثر الدعاة وما أكثر التكتلات والجماعات الحزبية لو كانوا هؤلاء يفرغون جهودهم ويوجهونها إلى تعليم هؤلاء المسلمين التوحيد والعبادة الصحيحة لوجدت العالم الإسلامي غير ما هم عليه اليوم من البعد عن التوحيد فضلاً عن السنة بمعناها العام الشائع.
فالقصد: هذا التحزب هو يجب أن يفهموا أنهم يبعدهم إن كانوا صادقين
بالانتماء إلى السلف الصالح؛ لأنهم سوف لا يستطيعون القيام بواجب الدعوة إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح الذي ينتمون إليه كل ما في الأمر يزعمون أننا تكتلنا، لماذا تكتلتم؟ للدعوة؟ ! لا، أصبحت الدعوة بعيداً عنهم تماماً، وهذا هو واقع هؤلاء الحزبيين، أروني جماعة حزبية تنتمي إلى دعوة السلف الصالح وكل الجماعات الذي يدعونهم من الشرق ومن الغرب إلى آخره أصبحوا يعرفون التوحيد الذي يعرفه الأطفال الصغار في بعض بلاد التوحيد؛ لأنهم يشربونها ويلقنونها في صغرهم وينشؤون على هذه الدعوة، بينما الجماعات الأخرى لا يعرفون التوحيد ويحاربون التوحيد بكلمة واحدة وهي: ليس هذا وقته.
مداخلة: الله المستعان.
الشيخ: ليس هذا وقته! أنا أعرف وقع علي حادثة وأنا في الجامعة الإسلامية، كان هناك اجتماع أقل من هذا حينما دخل علينا رئيس جماعة وكنت سبحان الله! أنا جالس عند عتبة الباب هناك والجدران ممتلئة بالإخوان كنت أنا آخر واحد مر به يسلم عليهم ونحن لا نقوم لأحد
…
فهو اضطر أن يصافح الجالسين واحداً بعد واحد وأنا أتفرس في وجهه
…
أرى أن وجهه تَمَعَّر وتَغَيَّر .. فلما وصل إلي وأنا آخر واحد هناك عند عتبة الباب، قلت: يا أستاذ! يقولون عندنا في سوريا: (عزيز بدون قيام) هو ما كاد يسمع الكلمة إلا ثار، قال: يا أستاذ! هذا ليس وقته، وبدأ يلقي محاضرة طويلة عريضة أننا لا نريد أن نشتغل بالفروع، والآن الحزب البعث وحزب الاشتراكي وما أدري ماذا؟ !
…
الملاحدة والدهريين، وهو يشير إلى بلدي، يعني: سوريا إلى آخره.
صدر منه كلام عجيب جداً، قلت له: يا أستاذ! أنت قلت: ليس من اللازم أن نبحث في المسائل الخلافية، لا يوجد شيء الآن إلا اختلف فيه حتى التوحيد، معنى كلامك أنت: أنه حتى التوحيد لا نبحث فيه .. اختلف في التوحيد وأنا في الشام صدرت رسالة بعنوان: لا إله إلا الله للشيخ محمد الهاشمي المغربي، ساكن هناك في الجبل في جبل قاسيون عندنا في سوريا، يشرح لا إله إلا الله لا رب إلا الله، قلت له هذا الكلام، معنى كلامك يا أستاذ! أنه لا نبحث حتى في التوحيد، لا يُصَدِّق من يسمع هذا الكلام لولا الثقة بالمتكلم
…
ما يصدق أنه قال: ولا في هذا ينبغي أن يُشْتَغل؟ ! الآن يجب أن نتعاون ضد الشيوعيين وضد الملاحدة وإلى آخره.
قلنا له: يا أستاذ! وتتعاون مع من؟ ! مع المؤمنين، أو مع غير المؤمنين، وجرى نقاش طويل بيننا وهو رئيس جماعة يمثل جماعة معروفة وإلى آخره، وأنا أرى هذا يمثل بكلامه واقع جماعات مقيمة في كثير من البلاد الإسلامية؛ لذلك التكتل والتحزب ليس من الدعوة السلفية، ولا من السنة المحمدية بل هو خلاف القرآن المتفق عليه:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32].
خلاصة الكلام يا أستاذ! أننا ما ينبغي أن نهتم .. بأنهم هكذا يقولون: ما دام نحن عرفنا سبيلنا وعرفنا طريقنا فما علينا إلا كما قال ربنا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
يجب أن نُبَيِّن لهم عاقبة دعوتهم ما هي؟ الوصول إلى الحكم .. الرسول عليه السلام وضع أسلوباً للوصول إلى الحكم أم لا؟ لا شك: «ما تركت شيئاً يقربكم
إلى الله تبارك وتعالى إلا وأمرتكم به» إذاً: علينا أن نسلك سبيل الرسول عليه السلام، بماذا بدأ؟ بدأ بالتوحيد، إذاً: نحن نبدأ بالتوحيد، هم يقولون لنا: إلى متى؟ نحن نقول: ما دامت الأمة تعد الملايين فنحن سنظل ندعو حتى تصبح هؤلاء الملايين مُوَحَّدين، ولن يصبحوا موحدين؛ لأنه كما قال رب العالمين:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118] لكن على الأقل ينبغي الذين يهتمون في الدعوة إلى الإسلام وإقامة حكم الإسلام على وجه الأرض هؤلاء على الأقل يجب أن يسلكوا سبيل المؤمنين وما يشاققوا الرسول ولا يخالفون سبيل المؤمنين، هذا الذي ينبغي أن نقطع به ولا نتردد فيه إطلاقاً.
مداخلة: بارك الله فيكم، شيخنا حفظكم الله، هذه المسألة ولله الحمد هي دعوتنا التي دائماً ندعو بها.
الشيخ: الحمد لله.
مداخلة: ونحث الناس على الدعوة السلفية وترك هذا التكتل، لكن أنا أرى أنه من الأمانة أن أنقل كل ما يقولون وكل ما يمكن أن يقولوا من أجل ألا إذا .. يعني: صدرت منكم فتوى وعملنا بها نكون كل ما يمكن أن يجاب عليه قد ذكر في المجلس، ونكون أنصفنا إخواننا والمخالفين لنا والدعاة الذين يرون غير رأينا أو يرون غير دعوتنا نكون أنصفناهم فيما نتكلم به عنهم.
الشيخ: أحسنت.
(الهدى والنور /848/ 30: 36: .. )
مداخلة: بارك الله فيكم! بقي لي أيضاً كيف يكون الجواب على من استدل
بمدرسة أهل الكوفة وأهل الرأي الذين كم خالفوا أهل السنة في أشياء ومع ذلك لم يقولوا: إنهم خارجون عن الفرقة الناجية.
الشيخ: نعم، أولاً: نحن نقول لهؤلاء: يختلف الوضع عما كان عليه أولئك الكوفيون وأمثالهم عما نحن عليه، أولئك كانوا يعيشون في دولة إسلامية .. كانوا يعيشون تحت حكم يحكم بالإسلام، ولا يعرف حكماً غير حكم الإسلام، نعم هناك أحكام مختلف فيها بين الفقهاء أنفسهم قديماً وحديثاً، لكن لا أحد منهم يتبنى قانوناً وشريعةً غير الإسلام؛ ولذلك فضرر مثل تلك الأقوال ما كان يظهر ما كان يظهر ضعفاً في الكتلة .. كتلة الأمة الإسلامية يومئذٍ؛ لأنها كانت مدعمة بالخلافة وبالحكم بالإسلام، أما اليوم فالمسلمون كما هو واقع مع الأسف ليس هناك حاكم يجمعهم؛ لأن هذا الحاكم لو كان له وجود لم يكن هناك مثل هذه التكتلات أو هذه الأحزاب.
هذه الأحزاب تقوم حقيقة بزعم القائمين بها أنهم يحققون نوعاً مما ينبغي أن يحققه الحاكم المسلم أو الخليفة الذي يحكم البلاد الإسلامية كلها، فهم حينما لا يجدون مثل هذا الحاكم يتوهمون أنهم بسبب هذا التكتل وهذا التحزب يحققون شيئاً من الواجب، بينما واقعهم أنهم يزيدون في النار ناراً؛ لأن المسلمين اليوم ما هو سبب عدم وجود حاكم مسلم عليهم يجمعهم؟ هو ابتعادهم عن دينهم فيأتي هؤلاء وباسم تحقيق شيء من الواجب كما نقلت أنت آنفاً يزيدون في النار إضراماً؛ لذلك تمسكهم بمثل بعض التعصبات التي نقرؤها في التاريخ أن هذا ما أخرجهم عن دائرة الملة .. الجماعة الناجية؛ لأنهم أولاً: من حيث العموم كانوا على ما كان عليه السلف الصالح، وإن كان هناك يوجد شيء
من الخروج كما نشير حينما نذكر الماتريدية والأشاعرة، لكن العالم الإسلامي كان هاضمهم على عجرهم وبجرهم؛ لأن الحاكم المسلم هو الذي يجمعهم ولا يفسح مجالاً لمثل تلك الكلمات النابية عن الأحكام الشرعية أن يكون لها تأثيراً ما في ضعف شوكة المسلمين بخلاف هذا النشوز وهذا الخروج الذي يشيرون هم على افتراض أننا مصيبون في اتهامهم بالخروج، أن هذا مثل ما كان عليه مثلاً الكوفيون من المخالفات ومن التعصبات.
لهذا إذا كان كهذا معناه: أولاً: إنه اعتراف بأنه خطأ، لكنهم يريدون أن يقولوا ليس له ضرر كما أن ذاك الخلاف لم يكن له ضرر:{لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] ذاك كالبحر الصافي تلقى فيه قاذورة لا يؤثر، أما اليوم البحر الصافي لا وجود له؛ ولذلك فيؤثر فيه أقل قاذورة، ومن هنا جاء الخطأ في هذا القياس، والله أعلم نعم.
مداخلة: طيب! شيخنا حفظكم الله هذا الكلام الذي ذكرتموه يشمل من كان يعتقد في الأسماء والصفات عقيدة السلف الصالح، ويرى الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ويفسرها كما يفسرها شيخ الإسلام ابن تيمية، ويدرس في كتب ابن تيمية وفي كتب ابن القيم، هذا الكلام يشملهم طالما أنهم يدعون إلى الحزبية هذه الحزبية التي نحن نعتبرها تساعد في تفريق الأمة وفي شق الثوب حتى أدت إلى ما وصل إليه المسلمون.
طيب شيخنا! هذا لو أنه صرح بأنه حزبي وصرح بأنه يدعو إلى حزب ويدعوا الناس إلى بيعه ويدعوا الناس إلى كذا لو أنه لم يصرح بذلك لكن لمس منه هذا الشيء، هل حكمكم أيضاً يشمل هذا الصنف؟
الشيخ: بلا شك ولسان الحال أنطق من لسان المقال .. لسان الحال أنطق من لسان المقال، لكن أنا أعلق على كلامك لا يمكن أن يقال أنهم يدعون، ممكن أن يقال يعتقدوه في قرارة نفوسهم، لكن أنهم يدعون حزبية ودعاء إلى المناهج السلفية هذا غير ممكن أبداً، والواقع يشهد على ذلك.
مداخلة: هذا من حيث الواقع.
الشيخ: نعم.
مداخلة: أما من حيث اعتقادهم لا نبالي باعتقادهم.
الشيخ: أنا أقول: كثير من الأحزاب الأخرى الذين كنا نلتقي بهم هناك وهنا هم معنا في العقيدة، لكن ليسوا معنا في المنهج، فهم يفيدون أنفسهم لا يفيدون غيرهم، يريدون أن يفيدوا غيرهم إن كان هناك فائدة فهي نافلة أما أن يفيدوهم فائدة هي واجبة هذا ما لا يفعلونه، إذاً: هؤلاء يستفيدون لذوات أنفسهم أما أن ينشروا الدعوة في أولئك الناس الذين يتكتلون من حولهم هذا خلاف منهج السلف الصالح، يعني: لا يخفاك أن الرجل الداعية حقاً حيثما كان كان داعيةً، ثم كما قال ذلك الراجز الفقيه:
العلم إن طلبته كثير، والعمر عن تحصيله قصير، فقدم الأهم منه فالأهم.
فهذا التقديم الأهم فالأهم الجماعات الحزبية ما تعرفه أبداً، أما الإسلام هو الذي قرر هذا؛ لأن نبي الإسلام بدأ بماذا؟ بالأهم بالتوحيد، ونحن اليوم لا يوجد مجتمع كان كبيراً أو صغيراً إلا وهو بحاجة إلى دعوة التوحيد والعالم كله هكذا بحاجة للتوحيد، فكم وكم عندنا من جماعات وأحزاب وإلى آخره، وهذه
دعوتها لا وجود لها إطلاقاً في أهم شيء يتعلق بالإسلام ألا وهو التوحيد، وأكرر: ليت أن المصيبة وقفت هنا بل هم يتهمون من يقومون بهذا الواجب الأوجب بأنهم يفرقون الكلمة.
(الهدى والنور /848/ 27: 47: .. )
مداخلة: طيب! شيخنا في هذه المسألة: هل تتصور أنه ممكن أن يقوم حزب وأن يتفق جماعة على بيعة وأمير ولا يكون هناك ولاء وبراء من أجل هذه الحزبية؟ هل تتصورون هذا يقع في الوجود؟
الشيخ: لا أتصور.
مداخلة: لا بد أن يتبعه ولاء وبراء.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: وهذا الولاء لا يكون إلا لواحد هو الخليفة.
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم.
(الهدى والنور /848/ 58: 54: .. )
مداخلة: طيب! شيخنا أيضاً هم يستدلون في مثل أعمالهم هذا ببعض الأدلة مثل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] .. {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: 103] يأتون بمثل هذه الأدلة ويضعونها، ترى أن هذه الأدلة وضعت في
غير موضعها؟
الشيخ: الآن أنت ذكرتني بالموضوع الذي كنا بدأناه ثم لم نتمه: هذا الاستدلال هو الذي يعم الأفكار في العالم الإسلامي اليوم: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].
مداخلة: الله المستعان.
الشيخ: قلت ولا أزال: كل نص عام لم يجر عليه عمل السلف الصالح في جزء ما فالعمل بهذا الجزء هو بدعة في الإسلام، فالآن حينما يريدون أن يستدلوا بهذه الآية الكريمة:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] هل هكذا كان المسلمون الأولون؟ قاعدة مهمة جداً تشمل الأصول والفروع، فإذا ما أتقنها المسلم نجا من أن يكون ولو في جانب واحد من الفِرَق الضالة، التعاون على البر والتقوى ينبغي أن لا يخالف منهجاً سلفياً فضلاً عن أنه لا ينبغي أن يكون مفرقاً، وهو مفرق كما أنت على علم بذلك وشرح ذلك،
(الهدى والنور /848/ 20: 55: .. ).
إخوة الإيمان! والآن مع الشريط التاسع والأربعين بعد المائة الثامنة على واحد، سؤالات أبي الحسن المصري المأربي مصطفى بن إسماعيل السليماني للعلامة الألباني تحت عنوان: الأجوبة الألبانية على أسئلة أبي الحسن الدعوية، تم تسجيل هذا المجلس في اليوم الثالث عشر من رجب 1416 هـ، الموافق لليوم الخامس من الشهر الثاني عشر 1995 م.
أما بعد:
فإن هذا المجلس من جملة المجالس التي من الله بها علينا بالجلوس مع شيخنا حفظه الله تعالى وتولاه ودفع عنه كل سوء ومكروه، وكان هذا المجلس العاشر في ليلة الرابع عشر من شهر رجب سنة 1416 من هجرة رسول الله عليه الصلاة والسلام، في مكتبة شيخنا زادها الله سبحانه وتعالى يمناً وبركة وعمرها بالخير ودفع عنها كل مكروه.
في هذا المجلس حفظكم الله قبل أن أذكر السؤال أريد أن أبلغكم كلام الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى، فقد اتصل بي البارحة وطلب مني أن أبلغكم وجميع طلابكم وإخوانكم السلام، وطلب منكم أن تنصحوا طلبة العلم وأن تنصحوا أبناء الدعوة السلفية بتوحيد نهجهم والاتفاق على كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام وترك المحدثات من الأمور التي تجعل السلفيين في كل بلاد الدنيا يختلفون فيما بينهم البين، فإن شاء الله تعالى نستمع منكم كلمة توجه لشباب الدعوة السلفية ثم إن شاء الله تعالى أواصل في سؤالي، حفظكم الله.
الشيخ: قبل كل شيء أقول: عليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.
أقول: ليس عندي شيء بمناسبة ما طلبه الأخ الدكتور الربيع جزاه الله خيراً مما نكرره دائماً على مسامع إخواننا وغيرهم من وجوب التمسك بما كان عليه السلف الصالح، وأننا لا نكتفي في العصر الحاضر بأن يعتقد المسلم أنه يكتفي بالرجوع إلى الكتاب والسنة فقط دون أن يرجع إلى العصمة كما أقول، ألا وهو التمسك بما كان عليه السلف الصالح، وأننا لا نفرق في ذلك بين الغاية والوسيلة، وأن المسلمين عليهم أن يهتموا بالأهم فالأهم مما جاء في الإسلام، وإذا كان لا بد من البدء بشيء بالنسبة لبعض البلاد ..
مداخلة: شيخنا! بالنسبة للسؤال الذي كان في المجلس السابق، وحينما تأخر المجلس رأيتم أن يؤجل بقية الجواب عليه في مجلس آخر.
فأريد أن أعيد بسرعة السؤال الذي كان مطروحاً عليكم، وأكمل معكم بقية ما كنت بصدد الكلام فيه، وذلك من المعلوم شيخنا يعني أن الدعوة السلفية في منذ فترة كانت ولله الحمد تتنعم بقوة الصف وتماسك الصف وترابط الإخوة بينهم البين على كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام والرجوع إلى علمائهم كلما جد لهم جديد أو حدث من المحدثات شيء رجعوا إلى علمائهم وعرفوا الحق في ذالك.
لكن بدأ في صف الدعوة السلفية من الشباب، وقد يكون ممن هم أكبر، يعني: في السن رأوا إلى أن يتجهوا إلى عمل تنظيمي وحزبي وغير ذلك، الأمر الذي جعل كلمة الدعاة تتفاوت فيما بينهم بين موجب ذلك وبين محرم هذا، وبين متوسط في الأمر يقول كذا ويقول كذا حتى اختلط الأمر على كثير من طلبة العلم.
ولا يخفاكم شيخنا أن هذه المسألة كم أثرت في صفوف إخواننا وفي كلمة إخواننا حتى بدأ هناك من يغالي وهناك من يجفوا وهناك كذا وهناك كذا، وذكرت لكم السؤال:
ما حكم الذين يفعلون هذه التنظيمات، ويقولون لا تقوم للدعوة السلفية قائمة إلا بهذه التنظيمات.
والتنظيمات طبيعتها أو هيئتها: رجل يطلب من الناس بيعة أو عهداً فيبايعونه
أو يعاهدوه على هذا الأمر، ثم بعد ذلك الأمراء الصغار يكون عليهم أمير الأكبر منهم، وهكذا يكون كما يعبرون عنه بالتنظيم الهرمي أو العنقودي أو غير ذلك، واختلفت كلمة الناس في هذا ألأمر.
فألقيت عليكم هذا السؤال، وذكرتم فيه جوابكم وكلمتكم الصريحة الحاسمة في هذا الأمر، إلا أني كنت في صدد الشبه أو الأدلة التي يستدلون بها على ما يذهبون إليه، فذكرت لكم أنهم يستدلون بعموم قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103] والآيات التي تدل على الاجتماع: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
فكنتم حفظكم الله في صدد الكلام على قاعدة طالما نبهتم عنها في كتبكم ومجالسكم، وهي: أن كل عموم لم يرد عمل السلف على بعض أجزائه أو به بالهيئة التي هي متنازع فيها، فيكون العمل بذلك يكون بدعة.
نحن إن شاء الله ننتظر منكم تفصيلاً في هذه القاعدة، وننتظر منكم إن شاء الله صدراً واسعاً لتسمعوا ماذا يقولون حتى نعرف؛ لأننا فيما بعد شيخنا نقابل هذه الأشياء كل منا .. هذا في سهل، وذاك في جبل، وهذا في وادي، وهذا في مدينة نقابل هذه الأشياء، فأردنا أن نعرف الجواب منكم عسى أن ينفعنا الله سبحانه وتعالى بمثل هذا الجواب وتطمئن القلوب بأمر الله عز وجل.
الشيخ: نسأل الله ذلك، وقبل الجواب أريد أن الفت النظر إلى أن المسلم لا ينبغي أن يطمع فيما هو مستحيل عادة وشرعاً، وهو: أن يتفق المسلمون فضلاً عن غيرهم على كل مسألة يختلفون فيها، وإنما علينا نحن أن ندعو إلى الحق
الذي نؤمن به وندين الله به ثم لا علينا بعد ذلك استجاب الناس لدعوة الحق أو لم يستجيبوا! وإذا كان الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، فماذا يقال لنا نحن ونحن عندنا نقطة من بحر علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقال لنا أضعاف أضعاف ما قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لهذا ما ينبغي أن نفكر أن نقنع هذا وهذا، وهذا وهذا، وإنما أن نلقي دعوتنا وأن نقرنها مع حجتنا التي متعنا الله عز وجل أو أنعم الله بها علينا، ثم أن نمضي قدماً لنعمل بما علمنا.
بعد هذه الكلمة الموجزة أقول: حقيقةً لقد بدا لي في هذه السنين الطويلة وأنا أدرس الكتاب والسنة وما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم بصورة عامة، وأدرس قواعد أو أصول علم البدع من ناحية ثانية، فقد بدا لي أن البدع في الغالب وهي التي يسميها الإمام الشاطبي بالبدع الإضافية لا يخلو بدعة منها أن يكون لها أصل عام في الكتاب أو في السنة، وأن مأخذ المبتدعة سواء كانوا من العلماء الذين اجتهدوا وذهبوا إلى تقسيم البدعة: إلى بدعة حسنة وسيئة، أو قسموها إلى الأقسام الخمسة التي يدور عليها الأحكام الخمسة، أو كانوا من طلاب العلم أو من عامة المسلمين، كل هؤلاء وهؤلاء، وهؤلاء لا يعدمون أن يحتجوا على بدعتهم بنص عام.
ثم يكون موقف أمثالنا من أتباع السلف الصالح أن يقولوا ولو بجملة مختصرة، وقد يحتاجون إلى تفصيلها وبيانها بياناً شافياً، أن نقول: لو كان خيراً لسبقونا إليه، أو:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف
فحينما يحتجون على بدعتهم إنما يحتجون بنص عام، وما من بدعة من القسم الذي نقلت آنفاً عن الإمام الشاطبي أنه يسميه بالبدعة الإضافية إلا ويجدون على ذلك نصاً عاماً، وليس لنا حجة إلا أن السلف الصالح لم يعملوا بهذا الجزء مما يشمله ذلك النص العام.
ونحن نحمد الله عز وجل أنه لا يزال هناك كثير من السنن التي جرى عليها السلف الصالح اتباعاً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. لا يزال الناس حتى أولئك الذين يعملون بالعشرات بل بالمئات من البدع لم يبتدعوا في تلك السنن بدعاً إضافية، ولذلك فليس الآن كلامي مع هؤلاء المبتدعة؛ لأن كلامي إنما يتوجه إلى الذين هم معنا في عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» .
أما الكلام مع أولئك فبحثه طويل وطويل جداً، فأنا وجدت أن كثيراً مما يفعله بعض أهل السنة وأهل الحديث من الأمور التعبدية إنما ينطلقون للعمل بها بنصوص عامة، ويكتفون في الاستدلال بها على ذلك، ولا يجدون لهم مأخذاً إلا مأخذ أهل البدع الذين نحن نتفق معهم على الإنكار عليهم، وكما يقال: إن أنسى فلن أنسى، كنت قرأت مقالاً في مجلة السلفية الجامعة السلفية التي في الهند نعم، لأحد علماء الحديث هناك .. يذهب في هذا المقال إلى جواز الدعاء بعد الصلاة جماعةً ويأتي باستدلال على ما ذهب إليه بما نحن في صدده الآن من الاستدلال بالعمومات، ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم الجوزية، وكل من سار على دربهم: أن الاجتماع على
الدعاء بل الاجتماع على الذكر عقب الصلاة بل وفي غير الصلاة إنما هي من محدثات الأمور، فوجدت هذا العالم الفاضل وهو من أهل الحديث ينزع منزع أولئك المبتدعة الذين يحتجون بالعمومات في شيء لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقلت: هناك من السنن ما لا يزال الناس الحمد لله يعملون بها ولما يلحقوا بها بدعة إضافية، فأضرب الآن مثلاً: هناك مسألة خلافية: هل يرفع يديه الذي يقنت في قنوت الوتر أم لا؟ مع أنه قد ثبت في الجملة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد رفع يديه في قنوت الوتر حينما دعا على الذين قتلوا السبعين من القراء في صلاة الفجر وكما يقول أنس: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجد على قوم كما وجد على أولئك، كيف؟
مداخلة: قلت: قنوت الوتر.
الشيخ: قنوت الوتر قلت من قبل، أما هذا ليس في قنوت الوتر؛ لأني أردت أن أقول: فدعا عليهم في صلاة الفجر أي نعم، وكان يرفع يديه، على الرغم من أن هذا يعطينا مفتاح تجويز رفع اليدين في قنوت النازلة الآن لكننا نجد أيضاً هناك بعض الآثار عن عمر بن الخطاب وغيره أنهم كانوا يرفعون أيديهم في قنوت الوتر .. الوتر، مع هذا قيل وقيل، يشرع أو لا يشرع، ندع هذا جانباً.
هناك مواطن في الصلاة يشرع فيها الدعاء وبخاصة قوله عليه السلام حينما ذكر التشهد: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» ، وهناك الحديث الذي يرويه الشيخان أو أحدهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع» فإذا بدأ المصلي ينفذ
هذا الأمر النبوي: «يستعيذ بالله من أربع ثم يتخير من الدعاء ما شاء» وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم أنه كان يقول: «اللهم اغفرلي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت» إلى آخره.
ترى! لو أن محدثاً الآن أحدث رفع اليدين في هذا الدعاء، وهذا مثال، مثال من عشرات الأمثلة التي لا تزال السنة على ما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي عهد السلف الصالح لم يضف إليها شيء من المحدثات.
هذا كمثال: لو أن رجلاً رفع يديه في هذا الدعاء .. هذا الدعاء الذي هو مشروع كما ذكرنا، ترى! ألا يجد نصوصاً عامةً تساعده على رفع اليدين؟ لا شك ولا ريب! وذلك معروف عند طلاب العلم كمثل قوله عليه الصلاة والسلام:«إن الله عز وجل ليستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما خائبتين» لا شك أن لا أقول فقط أهل السنة والجماعة في التعبير القديم والسلفيين في التعبير الجديد هم معنا بأن رفع اليدين ها هنا ليس من السنة في شيء، بل هي البدعة بعينها .. لا أقول إن هؤلاء فقط سيكونون معنا، بل حتى أهل البدعة؛ لأنهم والحمد لله إلى الآن لم ينتبهوا لدخول هذا الفرع بذاك النص العام.
فمثاله أن مبتدعاً أراد أن يعاندنا كما يعاندنا كثير من شبابنا اليوم! الشيخ صحح نحن نضعف .. حسن هذا أقرب إلى التضعيف .. إلى آخره، لو أراد أهل البدعة أو أحدهم على الأقل أن يعاندنا ويقول كما يقولون في كل البدع الإضافية هذه: يا أخي ماذا فيها؟ ! رفع اليدين الرسول قال كذا وكذا، بماذا نرد عليهم؟ ليس عندنا أبداً إلا ما سبق بيانه مقدمةً لمثل هذا الكلام: هذا نص عام على الرأس والعين، لكن الذي نطق به هل طبقه في هذا الجزء بخصوصه؟ الجواب:
لا إذاً:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف
كما قلت آنفاً: هنا يدخل جزئيات كثيرة وكثيرة جداً، لا يهمنا الجزئيات التي نحن نتفق والحمد لله جميعاً معشر السلف على إنكارها سواء كانت في الأذان، أو في الصلاة، أو في الصيام، أو في الحج، أو في العمرة، إلى آخره.
ولعلكم تذكرون أنه قد يسر لي جمع بعض البدع في مناسك الحج والعمرة مثلاً، وطبعت ووزعت وانتفع من شاء الله الانتفاع به.
فأقول: إن البدع التي نريد أن نمثل لهذا لسنا بحاجة مما هو معروف، لكن أريد أن نذكر الآن وكما يقولون في هذا الزمان: أن نضع النقاط عن الحروف، كنا قد لفتنا النظر إلى أن بعض أهل العلم الذين يذهبون إلى العمل بقوله عليه السلام:«وأعفوا اللحى» إنما يقعون في هذه المخالفة.
ولكني أريد أن ألفت النظر إلى الطريق التي يمكن لأحدنا أن يعتمد عليه حينما نقول: إن هذا الجزء من النص العام لم يجري العمل به، ما هو الطريق؟ فقد عودنا أهل البدعة أننا إذا أنكرنا عليهم بدعةً ما لا نشك بل نجزم بأنها بدعة، يقولوا: هل يوجد عندك حديث ينهى عن ذلك؟ فنحن لسنا بحاجة إلى إنكار كل بدعة بنص خاص، إنما نحن نكتفي بشيئين اثنين: أحدهما:
العموم الذي ذكرناه آنفاً في بعض الأحاديث الصحيحة، لكن الحقيقة أن الاستدلال بهذا العموم يخشى أن يدخل فيه ما أدخلنا نحن في عمومات أخرى، فلا بد أن نقرن إلى ذلك الضابط لمعرفة أن هذا الجزء لم يعمل به، فما هو
الضابط؟ لا، شك أن هناك بعض الأمور قد نقل إلينا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من بعده لم يفعل ذلك، لكن هذا في الواقع قليل جداً.
تذكرون مثلاً في صحيح مسلم من حديث جابر فيما أذكر يقول بأنه لم يكن الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة العيدين، ولا الصلاة جامعةً أو نحو ذلك، فهذا نفي لما هو واقع اليوم في بعض البلاد يكون المسلمون مجتمعين في المسجد أو في المصلى الذي أحيي في بعض البلاد الإسلامية والحمد لله .. يكونون مجتمعين، فما تقام الصلاة وهم مجتمعون إلا ويقول قائلهم: الصلاة جامعة، أو ما شابه ذلك، مع أن هذا قد نص في الصحيح أنه لم يكن في زمن الرسول عليه السلام، فمثل هذا التنصيص لإنكار بدعة مخالفة للسنة نادر جداً في الواقع، فإذاً: ما هو الطريق لمعرفة أن هذا الجزء من أي نص عام ندعي .. أنه محدث بالرغم أنه داخل في النص العام؟
هو ما يعلم، أو ما يسمى عند العلماء بالاستقراء، وهذا الاستقراء بلا شك مما لا ينهض به، أو لا يمكن أن يتعرف عليه إلا أهل السنة بل أهل الحديث الذين يدرسون الحديث ويكون ديدنهم دائماً ليلاً نهاراً البحث في كتب السنة .. هؤلاء يتمكنون بسبب دراستهم للسنة بأقسامها الثلاثة: القولية والفعلية والتقريرية .. هؤلاء يستطيعون أن يقولوا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل الشيء الفلاني، وهم لا يستطيعون أن يقولوا: ورد، بل ولا أن يقولوا: روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل هذا.
لكننا نعلم ذلك من تتبعنا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولوجود قرائن هناك حينما .. هذه القرائن تتحدث حول عبادة ما، ثم لا نجد في هذه القرائن كلها ما يشعر بأنه اقترن بها هذا الجزء الذي شمله النص العام.
فمثالنا بالنسبة لما سبق من عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» فكثير ما جاءت الأحاديث تتحدث عن شمائل الرسول عليه السلام وعن صفته وعن خلقه وإلى آخره، ومن ذلك: أنه كان يقص شاربه كما كان إبراهيم عليه السلام يفعل، ولا تتعرض هذه الأخبار إطلاقاً بأن لحيته عليه الصلاة والسلام كانت طويلة أو قصيرة.
نذكر ما لنا وما علينا، لا تتحدث هذه الأخبار بشيء من هذا وهذا، لكننا نقول: إن كون الرجل قصير اللحية أمر يغلب في بعض البلاد العربية والبلاد الحارة، والعكس تماماً كما هو مشاهد بالنسبة لبعض البلاد الأخرى الباردة فيغلب عليها ضخامة اللحية وكثتها وطولها أيضاً، فقصر اللحية مما لا يلفت النظر بخلاف طول اللحية خاصة إذا كان طولها طول زائد يلفت الأنظار.
وصل بنا الحديث إلى ذكر الضابط لمعرفة أن السلف لم يعملوا بجزء لنص عام، قلنا: قد يكون هناك رواية تنبه إلى أن ذاك الجزء لم يعمل به وضربنا مثلاً لهذا بحديث جابر في صحيح مسلم أنه لم يكن في زمن الرسول عليه السلام أذان لصلاة العيد ولا الصلاة جامعة ولا شيء من ذلك، مثل هذا التنبيه على نفي شيء مما أحدثه الناس مثل هذا النص نادر وجوده يعني بالنسبة لكثرة البدع التي عَمَّت وطَمَّت، فكيف يمكننا أن نعرف إذاً أن جزءً من أجزاء النص العام لم يجر عليه العمل؟
ذكرنا بأن ذلك إنما يتمكن من معرفته أهل الحديث الذين قضوا حياتهم في التعرف على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته، وأقول الآن وبتعبير آخر: كلما استفدناه من كلام الإمام حقاً ابن قيم الجوزية حينما سئل: هل
يمكن معرفة الحديث الموضوع دون الرجوع إلى السند؟ فأجاب بالإيجاب، ولكنه جواب يكاد أن يكون نظرياً غير عملي إلا بالنسبة لبعض الناس وهذا قليل جداً جداً، حيث قال: نعم، من جرى الحديث النبوي في عروقه مجرى الدم وصار عنده ذوق لمعرفة كلام الرسول عليه السلام فهذا يمكنه أن يعرف الحديث موضوع أو غير موضوع دون أن يعود إلى الإسناد.
لا شك ولا ريب أن الذين يحيون حياتهم ليلاً نهاراً مع حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .. هؤلاء يصبح عندهم علم زائد على علم الإسناد .. يصبح عندهم علم زائد على علم الإسناد، ولنعبر عنه بما عبر عنه الرسول عليه السلام في الحديث المتفق عليه:«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» .
وكما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي جحيفة السوائي: «أنه سأل علي بن أبي طالب: هل خصكم معشر أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء من العلم دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا» وأخرج حديث فضل المدينة: «من آوى إليها محدثاً .. » إلى آخره، وإلا الديات والجراحات ثم قال وهنا الشاهد:«وإلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه» هذا الفهم قابل للصعود والهبوط، فكلما تعمق المسلم بدراسة سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المبينة للقرآن الكريم علا، وكلما ابتعد عنها هبط.
هذا الأول هو الذي يتمكن أن يقول: هذا الأمر .. على الرغم من أنه يدخل في عموم النص لم يجر عليه عمل السلف، هذه هي الضابطة، فإذا جئنا إلى المثال السابق لا نجد مطلقاً، لا في الصحابة ولا في التابعين، ولا في الأئمة المجتهدين من ينص على أن أحداً من الرسول عليه السلام فنازلاً كانت لحيته طويلة، أي:
يتعبد الله عز وجل بإبقائها على سجيتها وعلى طولها، بل على العكس من ذلك نجد النص عن بعض المشهورين من الصحابة بأنهم كانوا يأخذون ما زاد عن القبضة.
ونجد إمام السنة الإمام أحمد أيضاً يقول ذلك ويفعل ذلك، ونجد المذهب الحنفي بصورة خاصة ينص على ذلك وهكذا .. فحينما ندرس هذا التاريخ المشحون بالخير ولا نجد من يقول: لحية فلان الصحابي كانت زادت عن القبضة .. لا نجد أيضاً إلا بعض العمومات التي ليست نصاً فيما نحن في صدده.
وهذا يوصلنا إلى بعض من كتب اليوم رداً على الشيخ الألباني الذي كان قد نص وهو متشبع بهذه القاعدة فهماً، ولم يكن بعد قد تشبع بها تعبيراً، أما فقهاً وعلماً فكان قد تشبع بها وكان من آثارها أنه صرح منذ أربعين سنة تقريباً: أن القبض بعد رفع الرأس من الركوع هذه بدعة .. فقامت قيامة أصحابنا علينا نحن .. كيف يقول الشيخ هذه بدعة؟ والنص هناك موجود؟ هل يخفى ذلك على الشيخ؟ قد يظنون بأنه خفي علي وهو من الأحاديث التي حشرها فيما يسميه بأصل صفة الصلاة؟ ؟ حديث وائل بن حجر أنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة وضع اليمنى على اليسرى .. كان إذا قام فاحتجوا بهذا النص العام، فأنا أقول: رسول الله ظل يصلي نحو عشرين سنة، ويصلي علناً أمام الناس إماماً، وكانوا يراقبونه مراقبةً دقيقة، لو فرضنا أنهم كانوا يصلون دائماً دائماً خلفه، مع ذلك فإنهم كانوا يراقبونه مراقبةً دقيقة، فابن عباس فيما أذكر يقول: كنا نعرف قراءته باضطراب لحيته .. كنا نعرف قراءته في السرية لا يوجد جهر باضطراب لحيته، هل يوجد شيء نستفيده؟
مداخلة: طيب هو ابن عباس! أو ابن عمر فقط؟
الشيخ: أنا الذي في ذهني على كل حال! هذا أخو هذا، عبد الله وهذا عبد الله، المهم: أن أحد الصحابة يقولون: كنا نعرف قراءة الرسول عليه السلام في الصلاة السرية أظن ذكر الظهر باضطراب لحيته، ترى! لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبض بعد رفع الرأس من الركوع يخفى هذا عليهم؟ هل من معقول؟ ! نرجع للضابطة والقائمة: هل من المعقول مع كثرة الرواة لصفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبخاصة ذاك الذي تحدى العشرة من الأصحاب، وقال: إني أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أحداً من هؤلاء وأولئك إطلاقاً لا يروي أنه رأى الرسول عليه السلام قبض حينما رفع رأسه من الركوع.
هذا أيضاً مما يدخل مثالاً: كيف نتمكن من معرفة أنه لم يقبض؛ لأننا ندرس أحاديث الرسول عليه السلام، وبخاصة دراستي التي كان الله عز وجل امتن علي ووفقني لتتبع أحاديث الصلاة من مئات الكتب الأكثر منها مخطوطة يومئذ فلا نجد فيها ولا حديثاً حسناً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع وضع اليمنى على اليسرى .. لا يجدون لهم دليلاً إلا الاستدلال بالنص العام.
وهنا فارقة أرجو الانتباه لها: نحن حديثنا في النص العام الذي صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام كما قلنا آنفاً: «وأعفوا اللحى» أما هذا الحديث فهو ليس نص الرسول .. هذا الحديث ليس نص الرسول الذي يمكننا أن نقول في قائلة: إنه قد أعطي جوامع الكلم، ليس كذلك إنما هو رجل من أصحاب الرسول على الرأس والعين.
هذا أولاً! فإذا ما قلنا: إن هذا الحديث فيه دلالة عامة ترى! هل قصدها هذا المتكلم؟ أنا أقطع جازماً لم يخطر في باله هذا المعنى الذي يتشبث به المستدلون بكلامه .. أقطع بذلك لم؟ لأن حديث وائل في صحيح مسلم فيه شيء من التوضيح لهيئة أخرى .. نأخذ من هذا التوضيح أن هذا الصحابي ليس في ذهنه هذا القبض الذي قلت ولا أزال أقول: إنه بدعة كيف؟ في صحيح مسلم أن وائل بن حجر رضي الله عنه يصف صلاة النبي صلا الله عليه وسلم فيقول: إنه حينما دخل في الصلاة كبر ووضع اليمنى على اليسرى .. لما ركع كبر ورفع يديه .. ولما رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ورفع يديه كذلك، كذلك! لماذا لم يقل أيضاً ووضع يديه كذلك؟ ! مع أنهما قريبتان لفظاً وفعلاً .. كذلك.
ثم ذكر حينما سجد عليه الصلاة والسلام كبر أيضاً ويتابع صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبيان والتفصيل الذي قدر له يومئذٍ، إذاً: هذا النص العام الذي قاله هذا الصحابي هو مما يقوله بعض الأصوليين أحياناً في نص عام قد يكون في القرآن، وقد يكون من كلام الرسول عليه السلام، يقولون في مثله: إنه لم يرد به العموم؛ لوجود قرائن احتفت بالمسألة، فيقولون: إن هذا العموم ليس مراداً.
ففي القرآن آية تذكر الريح التي عذب بها بعض الأقوام السالفين .. يصفها رب العالمين بقوله تبارك وتعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] فهذا التدمير لا يشمل كل شيء بالمعنى العام، وإنما يعني الأشياء التي كانوا هم يعيشونها ويتمتعون بها، فالمقصود: أنه قد يكون هناك بعض العبارات سواءً في القرآن الكريم أو في أحاديث الرسول عليه السلام فيها عموم لكن هذا العموم
غير مراد، والاستدلال على أن هذا العموم غير مراد إنما يرجع في ذلك إلى القرائن.
نحن قرينتنا فيما نحن في صدده إنما هي تتبعنا لسيرة الرسول عليه السلام فيما كان عليه من صلاة وصيام وحج وعمرة ونحو ذلك، فإذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه سلم نص أنه فعله، وكما يقول ابن تيمية أيضاً تذكرت شيئاً: أن الهمم تتوفر لنقل مثل هذه الأمور ثم لم ينقل فذلك دليل على أنه لم يقع؛ لأنه لو وقع لروي، فإذ لم يرو مثل هذه الهيئة التي كنا في صددها فالاستدلال بالعموم هنا ولا سيما أنه ليس من كلامه عليه السلام هو استدلال بجزء لا يقصده المتكلم، وبخاصة أننا ذكرنا آنفاً رواية مسلم التي توحي تماماً أن وائلاً رضي الله عنه لم يكن في ذهنه موضوع القبض عند رفع الرأس من الركوع.
لقد تذكرت حينما سمعت هذه الحجة من بعضهم أن هناك حديثاً في صحيح البخاري ومن روايته عن الإمام مالك، والإمام مالك نفسه قد عقد له باباً بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، يروي مالك ومن طريقه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي قالوا: كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، الصلاة أعم من القيام، إذاً قلنا لهم: نضع أيضاً في مثلما نحن نجلس مثلاً بين السجدتين، وقد تكون السجدة طويلة وطويلة جداً في قيام الليل .. هذا لم كان يقوم الليل ويطيل القراءة والركوع والسجود وما بينهما، فهل يقبض؟ ما جوابهم هو جوابنا .. ما جوابهم هو جوابنا! حقيقة هذا دليل ملزم يعني.
مداخلة: صحيح.
الشيخ: ولا يجدون مفراً إطلاقاً إلا بأن يقولوا بما نقول، هذا جزء لم ينقل العمل به، كذلك هناك جزء لم ينقل العمل به.
علي حسن: شيخنا لو حفظكم الله تنبهون موضع السر في هذا الاستدلال، لماذا اخترتم بين السجدتين؟ هنا يعني .. يبدوا بعض الإخوة قد ما يتنبهون للسر .. أنا كنت سمعت هذا حتى قرأته في بعض رسائلكم.
الشيخ: نعم.
علي حسن: يعني: موضع السر في اختياركم هذا الموضع هو أنه لم يُنْقَل فيه صفةُ حركةٍ لموضع اليدين.
الشيخ: نعم.
علي: فالآن عموم النص يلزمهم بوضع اليدين هنا؛ لأن هنا النص يقول في الصلاة ها شيخنا؟
الشيخ: لا هو كذلك، ونحن ذكرنا هذا في بعض المؤلفات.
علي: صحيح، صحيح.
أخي: واتفاق طلبة العلم والعوام أن هذا الموضع ما توضع فيه اليد ما خفي بالعموم.
الشيخ: نعم، نحن نسألهم: لم؟ هل نقل عن الرسول هذا الوضع؟ نحن جوابنا: على هذا جرى المسلمون .. نحن إلى اليوم ومع استقصائنا لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم أجد نصاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جلس بين السجدتين كالنص الذي
وجدته بالتشهد: وضع اليمنى على
…
اليمنى، واليسرى على
…
اليسرى .. لم أجد ذلك .. يكفينا الآن جريان عمل المسلمين، نحن نعود الآن فنقول: على ماذا جرى عمل المسلمين بالنسبة للقبض هذا؟
مداخلة: بالنسبة للتويجري في رسالة كتابكم صفة الصلاة.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: ذكرت أنا بالأمس أحد الإخوة السعوديين كان ينصحني على نصيحة نحو هذه النصيحة، فقلت له: يا أخي ليس موجود وهذا الكتاب تعال نقرأ نحن وإياك، فمرينا على كلامكم وقد ذكرت شيخنا التويجري وهو يقول: نساوي بين الأمرين: تارة نضع وتارة لا نضع وكلامكم حول هذه المسألة.
الشيخ: أي نعم، هو لا بد أن بعض الحاضرين يذكرون أن بعض الذين يذهبون إلى هذا الوضع يحتجون عليه بما يروى عن الإمام أحمد أنه سئل عن الوضع بعد رفع الرأس من الركوع فأجاب بقوله: لا بأس به، ! قلت: سبحان الله! هل يقول إمام السنة في سنة لا بأس به؟ ! هل يقول الإمام أحمد في سنة القبض في القيام الأول: لا بأس به؟ ! هذا تعبير نعرفه من الفقهاء أنهم يقولونه في شيء تركه أرجح من فعله.
وأنا أظن أن الإمام أحمد رحمه الله الذي قال هذه القولة كأنه كان هناك من يحترمهم ويقدر علمهم أنه ذهب مذهب بعض من يذهب اليوم من أهل العلم أيضاً ممن نحترمهم ونقدرهم فقدر علمهم وقال هذه الكلمة: لا بأس بذلك، بمعنى: ما دام أنه رأي واجتهاد لبعضهم، أما أن يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك
وهو مع ذلك يقول: لا بأس به؟ ! هذا أبعد ما يكون عن فقه إمام السنة.
فهذا ما يحضرني أو ما يمكن أن نقوله بالنسبة لهذه القاعدة .. وهذه قاعدة في الواقع مهمة جداً وتشمل كما قلنا في الأمس القريب هؤلاء الذين يحتجون ببعض الآيات لإحداث وسائل في الدعوة هم يعلمون معنا أن هذه الوسائل لم تكن مشروعة من قبل فهم يركنون إليها بدعوى أن النص العام يشملها، فنحن نحجهم بمثل هذا العلم إن كانوا من أهل العلم أولاً، ثم كانوا من أهل الإنصاف ثانياً.
مداخلة: شيخنا جزاكم الله خير يا أستاذي! هنا في مسائل صالح أبي الفضل عن أبيه الإمام أحمد رحمه الله في المسألة ستة وسبعين وسبعمائة، قلت: كيف يصنع الرجل أو كيف يضع الرجل يده بعد ما يرفع رأسه من الركوع .. أيضع اليمنى على الشمال أم يسدلهما؟ قال: أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله.
الشيخ: هذه عبارة أخرى هذه.
مداخلة: والمذهب شيخنا كما في الفروع والمبدع والإنصاف ماذا يقولون؟ يقولون: إذا رفع الرجل رأسه من الركوع فإنه إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله، وينقلون هذا عن أحمد أيضاً.
الشيخ: نعم، أنا الذي أحفظه عن أحمد هو لا بأس به في بعض المسائل.
مداخلة: كلمة: أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله هذه يعني: أنها ليست قضية سنة.
الشيخ: لا، لا هي كما نقول في سوريا: هذه تسلم على تلك.
مداخلة: الله أكبر.
الشيخ: أي نعم، كلاهما في الدلالة دلالة واهية.
مداخلة: لو كانت سنة ثابتة ..
الشيخ: لا ما يقول هكذا، تفضل.
مداخلة: لحظة يا شيخنا.
مداخلة: طيب! حفظكم الله يا شيخنا الإخوان عندما يستدلون في مثل هذا الباب، وعندما أقول الإخوان أقول، يعني: الإخوة الذين السؤال عنهم، عندما يتكلمون في هذا يقولون مثلاً بالعمومات أيضاً، جوابكم الذي ذكرتموه هل يشمل استدلالهم على البيعة، وعلى العهود بعموم الأدلة الواردة في الوفاء بالعهد، ومدح الذين يوفون العهود، هم يستدلون في هذا الموضع بهذه الآيات، جوابكم الأول هو جواب عليها أيضاً؟
الشيخ: هذا ما قلته أخيراً.
مداخلة: نعم.
الشيخ: وأزيد الآن بعد أن أوضحت أنهم يحتجون بالوفاء بالوعود: الوفاء بالوعود شيء وعقد البيعة ليوفى بها شيء آخر.
مداخلة: نعم.
الشيخ: والبحث الآن: ليس هو بأنه يجب وجوباً عاماً الوفاء بالوعود، هذا أمر كما قيل: لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه كبشان، وإنما البحث في شرعية
البيعة غير البيعة الكبرى والتي يجب الوفاء بها، نحن نقول: أثبت العرش ثم انقش .. أثبت هذه البيعة ثم أوجب الوفاء بها، لكن ما بني على باطل فهو باطل .. ما بني على ما لا أصل له فلا أصل له ..
ما دام أن عمل المسلمين جميعاً وبخاصة مما يهمنا نحن ونعتبره دليلاً مقروناً مع الكتاب والسنة كما ذكرنا أكثر من مرة عمل السلف الصالح لم يقم على بيعات متعددة ليقال يجب الوفاء بكل بيعة، ثم نحن نعيد التنبيه إلى المفاسد التي تترتب عن تكثير هذه البيعات وإيجاب الوفاء بها من زيادة اتخاذ أسباب لتفريق المسلمين بأكثر مما هم متفرقون فيه، وحكم الأسباب كحكم الغايات .. الغاية التي لا يمكن الوصول إليها وهي مشروعة إلا بوسيلة فالوسيلة والحالة هذه واجبة عند أهل العلم والمعرفة بأصول الفقه، والعكس بالعكس تماماً: كل وسيلة يترتب من ورائها مفسدة فهي عينها مفسدة، فإذاً: ليس الكلام بوجوب الوفاء بالعهود والوعود وإنما الكلام في عقد بيعة ينوطون بها وجوب الوفاء بها، هذا ليس له أصلٌ والاستدلال بالعموم هنا لا يفيد شيئاً.
مداخلة: هذا يا شيخنا جواب مستقل الذي ذكرتموه الآن، حتى لو سلمنا لهم بأن السلف فعلوا ذلك .. عملوا بيعات وكذا فالمفاسد الجارية الآن.
الشيخ: وهذا صحيح.
مداخلة:
…
الأمة، هذا جواب مستقل وحده.
الشيخ: نعم ....
مداخلة: لأنهم شيخنا أيضاً يستدلون يقولون مثلاً: قال شيخ الإسلام ابن تيمية
في الفتاوى، ويعني من المتأخرين مثل الإمام الشوكاني كذلك في نيل الأوطار أنهم قد قاسوا الإمارة على إمارة السفر .. الإمارة في الحضر على الإمارة في السفر.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فقال يعني شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام شرع الإمارة لثلاثة يسيرون في الصحراء فللأمصار وللمدن وللآلاف من الناس من باب أولى، كذلك نفس الكلام قاله الشوكاني .. هم يستدلون بمثل هذا الموضع.
الشيخ: لكن هنا يرد شيء؟
مداخلة: تفضل.
الشيخ: هم لم يربطوا بيعة بهذه الإمارة، فنحن نستطيع أن نفك البيعة من الإمارة، نقول بوجوب الإمارة لكن لا نربط بها بيعة ونلزم أن الحلف بها كالحلف في البيعة الكبرى، وأنه يجب الإطاعة إطاعةً عامةً إلا في معصية الله عز وجل، إنما نوجب إطاعة عامة لكن لا نجعلها فيما لو أخل بها، يعني مثلاً: هؤلاء الثلاثة الذين سافروا فأحدهم لم يطع أميره لا شك أن هذا ليس مشكوراً لكن لا يكون هذا كما لم يطع أمير الأمير .. أمير الأمير.
مداخلة: يخلع ربقة الإسلام من عنقه.
الشيخ: نعم، ليس كذلك.
مداخلة: هم أصلاً عندما نكلمهم في ذلك ما يقولون: أننا نعتبرها إمارة
عظمى ولكن إمارة عمل .. إمارة كذا .. إمارة كذا .. يأتون لها بعبارات أخرى.
الشيخ: لا بأس ..
مداخلة: لكن شيخنا أنا أردت أن أقول: أن الاستدلال بكلام بشيخ الإسلام ابن تيمية، أولاً: حينما رجعت إلى الفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية تكلم على الإمارة العظمى .. على البيعة للأمير الأعظم فأتى بالأدلة من القرآن ومن السنة ومن هذا القياس.
الشيخ: نعم.
مداخلة: ما كان يتكلم على مثل هذه الإمارات المحدثة التي مزقت جسد الأمة.
الشيخ: لا شك.
مداخلة: الشيء الثاني: إذا كانوا يستدلون بالقياس في هذا الموضع فلماذا لا يأخذ الفرع حكم الأصل؟ والأصل عندنا يعني: في السفر ليس فيه بيعة، نحن نسافر نحن جماعة ما نبايع الأمير الذي معنا نعطيه عهداً وبيعة.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: ولكن أنت أميرنا.
الشيخ: صحيح.
مداخلة: فلماذا لما جاؤوا في الحضر عملوا هم العهد وعملوا هم البيعة.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فإذاً: هذا أيضاً .. الشيء الثالث: أن الإمارة العظمى لجمع كلمة المسلمين، والإمارات المحدثة هذه فرقت كلمة المسلمين.
الشيخ: لا شك.
مداخلة: الشيء الرابع من حيث النظر في نظري أنا: كيف يتصور في الحضر عدة إمارات .. هل هم يجيزون للركب إذا كانوا مائة أن ينقسموا إلى عشرة أمراء وهم يسيرون مسيراً واحداً، يضعنون سوياً ويرحلون سوياً .. هم ما يجيزون في هذا.
الشيخ: ما يفعل هذا إلا أحمق.
مداخلة: نعم، وهم الآن يفعلون قياسها وشبيهها في الحضر هي هذه الحالة .. قياسها وشبيهها يا شيخنا في الحضر هي هذه الحالة.
الشيخ: صحيح.
مداخلة: فالاستدلال بمثل هذا النص من شيخ الإسلام ابن تيمية تحملنا، ولكن هم ماذا يستدلون؟ أحياناً في كلمات .. أحياناً يقولون مثلاً: فلان من السلف بايع أصحابه .. فلان من السلف قال بايعوني على كذا، ابن تيمية قال: يجوز أن يعاهد التلميذ شيخه أو التلاميذ شيخهم على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، هم يستدلون أيضاً بمثل .. هو الإنسان إذا عجز دليله أو إذا أصبح يتكلم بكلام غير كلام أهل العلم يتشبث بأي شيء.
الشيخ: تعلق ولو بخيوط القمر، أحسنت.
علي حسن: أستاذي حفظك الله! الآن أنت ذكرت قيداً مهماً جداً في
الموضوع لا بد من أن ينبه إليه وهو قضية أن الإمارة التي الآن من الممكن أن نسلمها لهم أو نسلم لهم فيها هي الإمارة الإدارية إن جاز التعبير.
الشيخ: هو هذا ما ذكرناه.
مداخلة: وليس الأمر متعلقاً بثواب أو بعقاب أو كما يحدثون، يزجرون ويطردون ويسددون وينكرون.
الشيخ: وأيضاً مما يفعلونه أنهم إذا رأوا فرداً من أفراد الحزب أخل ببعض النظام الذي هم وضعوه جمدوه، ثم بعد ذلك إما أن يعيدوه إليهم وإما أن يفصلوه، ما هذا؟ هذا معناه أنهم وضعوا فعلاً كما يفعل المقننون الذين يضعون من القوانين ما يخالفون به الشريعة بزعم أن هذا من مصلحة الشعب، وهكذا فعل هؤلاء الحزبيون الإسلاميون .. فعلوا بأتباعهم ما يفعله الحكام بشعوبهم: يسنون لهم من القوانين ما لم ينزل الله به سلطاناً، والله المستعان.
مداخلة: طيب شيخنا في مسألة الإمارة أيضاً لأنك تعرف الذين يخالفوننا في هذا الباب قد يحتجون علينا بكلمة أو بجملة من كلامكم الآن، عندما قلتم نحن، يعني: الإمارة بدون بيعة كالبيعة الكبرى وغير ذلك فيقولون: الشيخ قد أجازه لنا، هل تقصدون بذلك شيخنا أن أي عمل لا بد له من رجل يديره، ومن مسؤول يوضح للجاهل أو للجديد أو الذي لا يعرف .. هذا شيء نحن نفعله .. الآن مثلاً: أنا في المركز عندي أنا قائم على المركز أعاقب الطالب المقصر المهمل الذي يترتب على بعض تصرفاته أشياء تضر بدعوتنا، لكن ليس من باب إمارة وهم لا يعني لا يذهبون بعيداً أو قريباً إلا بعد ما يستأذنون مني.
الشيخ: شيء آخر وليست عقوبة شرعية.
مداخلة: فلا نعاقبهم وليست عقوبة شرعية.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: إنما هي المسألة .. ولا أقول: هو عاصي ولا مخالف ولا أفصل ولا ادخل ولا عضوية ولا غير ذلك، فالذي تعنونه بمسألة الإمارة؟
الشيخ: نحن صرحنا أكثر من مرة: التنظيم لا يمكن إنكاره كأصل، وإنما يجب إنكار ما قد يلحق به مما يخالف الشريعة، ضربت على ذلك مثلاً: حينما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض النسوة وقلن له: غلبنا الرجال فاجعل لنا موعداً أو كما قلنا .. فجعل الرسول عليه السلام لهن يوماً يأتيهن ويعظهن هذا تنظيم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: وكذلك قلنا: الكتاتيب والمدارس الابتدائية والثانوية والجامعة كل هذا تنظيم، ولا بد من مثل هذا التنظيم، وإذا ارتقينا فالدولة أيضاً لا بد لها من تنظيمات، انظروا الآن كم تفننوا في تنظيم الطرق وكم طبقوا للقاعدة الإسلامية التي تسمى بسد الذرائع، وما أحسن تطبيقهم إياها في موضوع الطرق والأرصفة والإشارات الضوئية المختلفة ونحو ذلك هذا تنظيم، لكن هذا ليس فيه شيء إما أن يعارض نصاً كنص جابر فيما يتعلق بالصلاة جامعة بالنسبة لصلاة العيدين، أو كمخالفة عمل جرى عليه السلف الصالح مما يتقرب به ويدينون الله به، لا هذه تنظيمات لا بد لها منها، فلا أحد ينكر أبداً أن الأصل التنظيم أمر يقره الشارع، وإنما البحث فيما قد يلصق بهذا التنظيم من أمور تخالف، تخالف إما نصوص
الشريعة أو قواعدها كما ذكرنا آنفاً.
مداخلة: بارك الله فيكم، شيخنا أيضاً عندما تكلمنا مع كثير من الشباب الذين يدعون إلى هذه التنظيمات وذكرنا لهم الأحاديث الواردة في هذا والأدلة والقواعد الشرعية في مسألة البيعة، فقالوا: الآن نحن ما نعمل بيعة إنما نفعل عهداً .. إنما هي معاهدة بيننا وبين بعض الطلبة.
وكما تفضلتم بالجواب على استدلالهم بالوفاء بالعهود، فأقول لهم: ما هو الدليل على إيجاب العهد أولاً .. ثم لو وقع العهد نأتي بأدلة الوفاء بالعهود، أولاً هذا الاستدلال.
الشيء الثاني: المعاهدة مفاعله بين طرفين، فلماذا نصبت نفسك أنت والناس يأتون يعاهدونك؟ هب أني أعاهد غيرك، ولماذا أنت لا تأتي تعاهدني؟ لماذا أنا دائماً الذي آتي أعاهدك والثاني والثالث والناس جميعاً؟ إذاً: هي صورة بيعة وإن سميت باسم آخر، هذا الجواب شيخنا صحيح؟
الشيخ: مائة صحيح.
مداخلة: بارك الله فيكم.
الشيخ: وأزيد من باب التفنن في التعبير إن صح التعبير: صوفية عصرية!
مداخلة: الله أكبر.
مداخلة: وضح لنا في الجواب الأول وقد وضحتم الأمر بأن من فعل ذلك فقد خرج من دائرة السنة والجماعة، ومن دائرة الفرقة الناجية إلى دائرة الفرق الهالكة.
هنا يقع في النفس شيء! قد يقول قائل: بماذا يسمون هؤلاء؟ وهم لم يلتزموا لا عقيدة الخوارج ولا المرجئة ولا الشيعة ولا المعتزلة ولا الجهمية، وهذا فرع عن سؤال سابق: هل الاثنتين والسبعين فرقة الأوائل الهالكة قد تم إحصاؤها وعدها؟ وأمثال هؤلاء لا بد أن يصنفوا في فرقة من هذه الفرق، أو أن الاثنتين والسبعين فرقة قضية لا زالت مفتوحة ممكن كلما جد جديد ألحق بها إلى أن تبلغ هذا العدد؟
الشيخ: أما إحصاؤها فهذا أمر في اعتقادي لا يمكن .. ولسنا مكلفين فيه.
أما هل يلحقون بفرقة من تلك الفرق فهذا ليس بالأمر اللازم؛ لأننا نعتبر الذي يخرج عن الإسلام عملاً .. عملاً في جزئية ما ذلك لا يجعلنا نخرجه من دائرة الإسلام مطلقاً، وإنما هو في هذه الجزئية خرج عن حكم الإسلام.
كذلك إذا كنا نتكلم في المنهج السلفي والدعوة السلفية: إذا ثبت أن شخصاً ما في مسألة ما خرج عن منهج السلف الصالح فنحن ما نحكم عليه بأنه خرج عن دائرة السلف، لكننا نقول في هذه المسألة: هو بلا شك خالف السلف كما قلنا في الأول الذي خالف الإسلام في مسألة هو خالف الإسلام، لكننا لا نخرجه في كل من الحالتين من دائرة الإسلام ومن دائرة السلفية.
مداخلة: نعم، إذاً: هذا وضح شيخنا أو قيد الكلام الذي فهمه كثير من الجالسين في المجلس الأول وكنت أنا أحدهم حتى تساءل كثير من الإخوة الذين هم طلبة العلم الكبار، قالوا: ما عهدنا عن الشيخ الفتوى بأن هذه الفرق المخالفة لنا أنها خارجة إلى الثنتين والسبعين فرقة الهالكة، وإنما عهدنا أنه
يخطئ ويحذر من هذه الأخطاء دون أن يصل الحكم إلى هذا الأمر، فالآن يظهر لنا أنكم تقيدون بأن هذا الفعل الذي هو محل السؤال هم شابهوا فيه أو خرجوا فيه من دائرة الفرقة الناجية ولا يعني ذلك خروجهم بالكلية من دائرة الفرقة الناجية.
الشيخ: هذا الذي ندين الله به، وأنا ما أعتقد أنني قلت إنهم من الفرق الضالة؛ لأنني كثير ما أُسأل سؤالاً صريحاً، أنا ما أعتقد في تلك الجلسة قلت هذا الكلام، وكنت أريد أن يسمعني الشريط حتى إذا كان هناك خطأ ما ولو خطأً لفظياً نتراجع عنه، لكني أظن في نفسي في بعض الأحيان خيراً، يعني: أنني لا يصل بي الوهم إلى هذا الحضيض أن أحكم على شخص ما بأنه من الفرقة الضالة أو الفرق الاثنين والسبعين لمجرد مخالفة واحدة.
فكثيراً ما سئلت عن الأحزاب القائمة اليوم وبخاصة حينما ينصون على حزب الإخوان المسلمين: هل تعتبرهم من الفرق الضالة؟ فأقول: لا؛ لأن هؤلاء أقل ما يقال فيهم: إنهم يُعْلِنون تبعاً لرئيسهم الأول حسن البنا رحمه الله أنه على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، وإن كانت هذه دعوى تحتاج إلى تفصيلها قولاً وتطبيقها عملاً، وذلك ما لا نراه في الجماعة، لكن نحن نكتفي منهم أنهم يعلنون الانتماء إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح لكنهم يخالفون ذلك في قليل أو كثير، وفيهم أفراد هم معنا في العقيدة لكنهم ليسوا معنا في المنهج، ولذلك فأنا شخصياً على الأقل لا أجد رخصة لأحد أن يحشرهم في زمرة الفرق الضالة، وإنما هم يخالفوننا في مواضع، يعني: طالما نناقشهم ونجادلهم فيها، أما أنهم يستحقون بها أن نلحقهم بفرقة من الفرق
الضالة؟ لا؛ لأن هؤلاء لم يتخذوا لهم منهجاً يعلنونه ويتبنونه على خلاف الكتاب والسنة، أو ما كان عليه السلف الصالح كما هو شأن الفرق الأخرى المعروفة منذ القديم، فما أدري إذا تلاحظ الجلسة التي يشير إليها فإذا كان موجود مثل هذا اللفظ فتلفت نظري إليه وهذا ما أستبعده جداً، وجزآك الله خيراً يا أبا الحسن على ما نبهتني، ولو أن غيرك قال وأنا منهم ما همني ذلك.
مداخلة: ممكن شيخنا هنا يوجد نقطة.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: طبعاً هنا شرحت شيخنا شرحاً حول لو أنك قلت هذا الشيء فأنت تراجعت، هل أبقي ما قلته ..
الشيخ: أين قلت؟
مداخلة: لو أنك قلت.
الشيخ: لا، لا نتكلم بلو الآن،
تسمعني الشريط ولكل حادث حديث.
مداخلة: من بركة جوابكم هذا! أني أردت أن أسأل في مسألة واختلف في تفسير كلمة منكم إخواننا طلبة العلم هناك في اليمن، وذلك أنكم سئلتم عن الإخوان المسلمين هل هم من أهل السنة؟ فقلت: كيف يكونون كذلك ولهم قدر أربعين سنة وهم يحاربون السنة، فقال كثير من طلبة العلم: الشيخ يخرجهم إلى الفرق الضالة.
قلت: هذه الكلمة من الشيخ لا يلزم منها أن الشيخ يتبنى ما قلتم، فممكن أن يخالف السنة وأن يحارب أهل السنة ويفعل كذا رجل وإن كان يعني مخطئاً فيما يفعل ويحذر منه ويبين خطؤه ويشهر به على حساب المصالح والمفاسد والقواعد الشرعية في هذا الباب، إلا أنه لا يلزم من ذلك أن يكون من الفرق الثنتين والسبعين الفرقة الهالكة في كل أمره ويصنف معهم، فالحمد لله في جوابكم هذا ما يكون جواباً أيضاً على السؤال الذي أردت أن أسأل فيه، بارك الله فيكم.
آخر: شيخنا! في النص كلامكم في المسألة السابقة أنه قال لكم: هل السلفيون الذين تحزبوا هل خرجوا عن الفرقة الناجية؟ قلتم: نعم خرجوا عن الفرقة الناجية.
الشيخ: في هذه الجزئية.
أبو الحسن: هذا طيب! جيد جداً هذا القيد في بهذه الجزئية، ويبين أمرهم وينصحون ويحذر الطلبة من هذه الأشياء كل هذا جانب، وكون أنهم يصنفون ويحشرون في الفرق الهالكة شيء آخر.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: شيخنا! أيضاً كذلك بعض الإخوة الذين ابتلوا بالحماس الذي تعبرون عنه كثيراً برغوة الصابون، هذا الحماس الذي يؤدي بهم في النهاية إلى أن يرجعوا إلى إخوانهم ويرمونهم بأقوال قبيحة، فمثلاً على سبيل المثال: بعض طلبة العلم لما غالوا في تكفير الحكام وفي الكلام على الحكام، وإخوانهم