المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل تطبيق حديث اعتزالالفرق يناسب عصرنا - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٦

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌سؤالات الشيخ أبي الحسنمصطفى بن إسماعيل السليماني المأربيللعلامة الألباني في المسائل المنهجية

- ‌سؤالات الشيخ أبي الحسن المأربي-حفظه الله- للعلامة الألباني

- ‌من هم السلف الصالح تحديداً

- ‌حول التسمي بالسلفية

- ‌حول التكتلات والجمعيات

- ‌حول تكفير الحكام:

- ‌عن الموازنات

- ‌الحزبية

- ‌الأصول والفروع

- ‌حول البدعة وضوابطها

- ‌حول إقامة بعض الناس للحدود

- ‌استباحة أموال الكفار

- ‌صفحات من النقد الذاتي في بيانأخطاء كثير من المنتسبينللدعوة السلفية

- ‌نصيحة للسلفيين بالرفق واللين ونبذ الفرقة والاختلاف…وترك الهجر غير الشرعي

- ‌الشدة عند السلفيين

- ‌السلفية والرفق واللين

- ‌نصيحة السلفيين أن يُوَسِّعواصدورهم لبعضهم البعض

- ‌التعصب لمشايخ الدعوة السلفية

- ‌الطعن في علماء الحجاز واتهامهمبأنهم يداهنون الطواغيت

- ‌كيفية التعامل مع من خرجعن منهج السلف

- ‌عدم إقبال طلاب العلمعلى القرآن الكريم

- ‌طلاب العلم المبتدؤونالذين يناطحون الكبار

- ‌حول التسامح مع أصحابالبدع العقدية

- ‌الشدة في التعامل مع المخالف

- ‌رأي الشيخ فيمن لا يترحم على العلماءالذين وقعوا في أخطاء عقدية

- ‌التفريق بين البدعة المُكَفِّرة والمُفَسِّقةفي الحكم على الرجل بأنه من أهل السنة

- ‌هل يجوز الثناء على أهل البدع

- ‌هل يلزم شيء غير إقامة الحجة فيالتكفير والتبديع والتفسيق

- ‌هل يجوز التجسس على أناس يريدونالضرر بعلماء الأمة

- ‌هل تطبيق حديث اعتزالالفرق يناسب عصرنا

- ‌حول ضوابط التبديع

- ‌نصيحة الشيخ للشباب بعدم الانشغالبالأشخاص تجريحاً وتبديعاً

- ‌التعصب لبعض المشايخ

- ‌التعادي والتدابر بين طلابالعلم للاختلاف

- ‌الاختلاط بالجماعاتليتبين الحق لهم

- ‌ظاهرة طعن طلاب العلم في بعضهم

- ‌حكم من يقول: المسلم: سلفي أو خلفي

- ‌الدعاة والوقوع في أهل العلم

- ‌ذكر حسنات المخالف عند الرد عليه

- ‌الخلاف بين المنتمين إلى الكتاب والسنة

- ‌الفرق بين الحوار الذي يدور بين أهل السنةبعضهم البعض والخطاب الذي يوجهمن أهل السنة لأهل البدع

- ‌متى يُبَدَّع المخالف

- ‌هل الهجر والتحذير يكونانبعد إقامة الحجة

- ‌ضوابط التبديع

- ‌حكم قول من يقول سلفيالعقيدة إخواني المنهج

- ‌حكم من يقول إن الجماعات غير السلفيةأخطر على الأمة من اليهود

- ‌حول من بَدَّع الشيخ عدنان عرعور

- ‌من وقع في بدعة مُكَفِّرة

- ‌ضوابط التبديع

- ‌نصيحة إلى غلاة التبديع

- ‌باب منه

- ‌الرد على المخالف

- ‌تسجيل أشرطة ومحاضراتمن ليس على منهج السلف

- ‌كيف تكون معاملة المخالف

- ‌إقامة الحجة على المخالف

- ‌النصيحة يجب أن تقترن بالدليل

- ‌كتاب الهجر وحكمه

- ‌حكم الهجر

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌أقسام الهجر

- ‌هل صحيح أن هجر المبتدعة لا ينبغيأن يُطَبَّق في هذا الزمان

- ‌مقاطعة المخالف وهجره

- ‌حكم الصلاة خلف منتَلبَّس ببدع

- ‌حكم هجر الشباب للمساجد التييُقَصِّر أئمتها في تطبيق السنة

- ‌حكم الصلاة خلف المبتدع

- ‌الصلاة خلف القبوريين

- ‌الصلاة خلاف المبتدع

- ‌الصلاة خلف أهل البدع

- ‌الاقتداء بإمام مخالف في العقيدة

- ‌متابعة الإمام المخالف للسنة

- ‌هجر المساجد التي ليست على السنة

- ‌الصلاة خلف المتلبس بشركيات

الفصل: ‌هل تطبيق حديث اعتزالالفرق يناسب عصرنا

‌هل تطبيق حديث اعتزال

الفرق يناسب عصرنا

شيخنا في حديث حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحديث معروف طبعاً حديث البدعة في الصحيحين.

الشيخ: نعم.

مداخلة: فقال له: ماذا تأمرني أن أفعل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: عليك بخاصة نفسك واعتزل هذه الفرق ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك، فالسؤال: هل ينطبق هذا الحديث على واقعنا المعاصر؟

الشيخ: نعم، لا شك أن هذا الحديث ينطبق تمام الانطباق على كل فرقة وكل جماعة أو حزب تتكتل بعضها على بعض ولا تتعامل مع الجماعات الإسلامية الأخرى على ما أمر الله عز وجل من الأُخُوَّة الإسلامية الصادقة، وبخاصة إذا ما اقترن بهذه الجماعات أو هذه الفرق مبايعات يبايع لكل طائفة منها أمير يطاع كما يطاع الإمام الأعظم الذي يجب أن يُبايع من جماهير المسلمين، أي من المعلوم عند علماء المسلمين أن الحاكم المسلم الذي يبايع من المسلمين كافة يصبح أمره واجب الإطاعة والتنفيذ والتطبيق بالشرط المعروف الذي عبّر عنه الرسول عليه السلام في كثير من الأحاديث بمثل قوله: لا طاعة لمخلوق في معصية

ص: 179

الخالق، فأمر الحاكم المسلم المبايع من المسلمين يجب تنفيذه بهذا الشرط المذكور، وهذا معناه إذا أمر بشيء أصله في الشرع جائز ولكن هو رأى أن هذا الأمر الجائز الذي كونه في الشرع جائزاً يعني سواء عليك أفعلته أم تركته، إذا أمر به هذا الحاكم المبايع من قبل المسلمين كافة يصبح تنفيذ هذا الأمر واجباً، هذا تمام أمر الوالدين مع الولد، إذا أمر أحد الوالدين ولده بأمر أصله جائز في الشرع وجب على هذا الولد إطاعته وتطبيقه، الآن هذه الأحزاب وهذه الجماعات تسلقت وأخذت مرتبة الإمام الأعظم الذي يبايع من كل المسلمين، ومن هنا تزداد الشقة ويزداد الخلاف بين المسلمين؛ لأن أمير هذه الجماعة يأمر بخلاف ما يأمر أمير تلك الجماعة، وهكذا تزداد الفرقة بين المسلمين بسبب ما يسمونه اليوم بالتنظيم، وبسبب ما يسمونه بالتأمير المؤقت ولكنهم يرتبون عليه الأحكام المتعلقة بالأمير الذي هو الإمام.

وأنا أضرب لكم مثلاً يبين لكم الأثر السيئ الذي يزيد الخلاف خلافاً والفرقة فرقة، هنا في الأردن يوجد كما تعلمون جماعة الإخوان المسلمين فأصدروا قراراً بمقاطعة الألباني ومقاطعة دروسه هنا، وفعلاً كنا نرى أثر هذه المقاطعة حينما يمر أحدنا بمن كان إذا مر به أخ من الإخوان المسلمين بادره بالسلام أما بعد القرار فَيَزْوَرّ عنه وينحرف عنه ويعرض عنه لماذا؟ لأن القيادة اتخذت هذا القرار فيجب إطاعتها ولو ليس هناك سبب، كل السبب هو أن الألباني يدعو إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، وهذه الدعوة بلا شك تؤثر في بعض أفراد الجماعة وفعلاً هذا الشيء وقع، وأنذروهم لبعضهم وبعد ذلك إيش يقولوا جمدوهم؟

ص: 180

مداخلة: فصلوهم ..

مداخلة: نعم ..

الشيخ: جمدوهم ثم فصلوهم لماذا؟ لأنهم طلبوا منهم ألا يحضروا دروس الألباني قالوا: يا جماعة هذا الطلب أمر عجيب جداً الألباني أولاً لا يكتل حزباً حتى يضارب حزبكم إنما هو يدعو إلى اتباع الكتاب والسنة، وثانياً نحن نستفيد من دروسه ماذا نستفيد في محاضراتكم؟ فلماذا تأمروننا بأن لا نحضر جلسات هذا الرجل؟ قالوا: والآن لا يمكن إما الولاء يكون لنا أو للشيخ.

مداخلة: ازدواجية الولاء.

الشيخ: نعم ازدواجية الولاء سبحان الله .. ! ولذلك فأنذروهم ستة أشهر يا معنا يا مع الشيخ، قالوا: لا نرى نحن تعارضاً بين أن نكون معكم كإخوان مسلمين وبين أن نستفيد من دروس الشيخ قالوا: لا، بعد ستة أشهر دعوهم إيش تبين لكم؟ قالوا: والله نحن الفائدة التي نستفيدها من دروس الشيخ ما استفدناها كل هذه السنين التي انتمينا فيها إليكم، ففصلوهم، هذا أثر من آثار هذه الفرق التي أمر النبي صلى الله عليه، وآله وسلم باعتزالها كلها، ولذلك فضرر هذا التكتل الحزبي لو لم نلمسه لمس اليد لكفى دليلاً على مخالفتها للشرع مثل هذا الحديث ومثل الآية الكريمة:{ولا تكونوا من المشركين} {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32].

لهذا فالحديث حديث حذيفة المتفق على صحته ينطبق تماماً على كل الأحزاب التي تتقوقع، هذا حواراً مناسباً لهؤلاء يتكتلون بعضهم على بعض

ص: 181

وكأنهم هم المسلمون ولا شيء آخر، لذلك نحن نقول وهذا الواقع .. الواقع يشهد لهذه الحقيقة التي نقولها بكل صراحة، نقول: الدعوة الإسلامية الصحيحة وليست هي إلا الدعوة السلفية تتسع لكل أفراد المسلمين وتسعهم ولا عكس، ولا يوجد هناك جماعة لا حزب التحرير ولا جماعة الإخوان، ولا جماعة التبليغ تتسع لكل فرد من أفراد المسلمين؛ ذلك لأن منهجنا منهج الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح، ولا يمكن لمسلم أن يتجرد عن أن يتبع الكتاب والسنة، لكن هنا الحجة الثالثة والأخيرة وعلى منهج السلف الصالح هنا يظهر الفرق بين كل المسلمين الذين يدّعون أنهم على الكتاب والسنة لكنهم لا يلتقون معنا على منهج السلف الصالح، ولذلك أنا أدندن دائماً وأبداً على هذه الحقيقة وهي لا يكفي أن تكون دعوة الدعاة الإسلاميين حقاً اليوم، لا ينبغي أن تكون دعوتهم محصورة بالكتاب والسنة فقط، لا بد أن يضموا إلى دعوتهم وعلى منهج السلف الصالح، والسبب يعود إلى أمرين اثنين: أحدهما يتعلق بالنصوص الشرعية والآخر يتعلق بالأحوال الواقعية المتعلقة بكل الطوائف الإسلامية، أما الأمر الأول المتعلق بالنصوص الشرعية فنحن نجد في هذه النصوص ذكراً لشيء آخر غير الكتاب والسنة، كما نجد مثلاً مثل قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] إذاً لو كان هناك ولي أمر مبايع من المسلمين لوجب -كما شرحتُ آنفاً- إطاعته كما يجب علينا إطاعة الكتاب والسنة، مع أن هذا ولي الأمر قد يخطئ هو ومن حوله، لكن دفعاً لمفسدة اختلاف الآراء وجب علينا إطاعة هذا الولي ولي الأمر بالشرط المذكور آنفاً: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ص: 182

هنا وقفة من أجل العبرة فقط حزب التحرير يتبنى طاعة الحاكم ولو خالف في ذلك الشرع، وهذه مناقشة جرت بيني وبينهم حينما جمعنا السجن في سوريا وسجن معروف في بلد اسمها الحسكة، وهذا السجن يا أستاذ من فضائع عبد الناصر القبيح سجن عجيب جداً ارتفاعه نحو ستة أمتار سبعة أمتار

نعم، المقصود والقصة طويلة إنما الموضع الشاهد منها .. دخلت هذه القاعة الكبيرة جداً وفيها نحو خمسة عشر شخصاً من حزب التحرير، فكانت تجري بيني وبينهم مناقشات كثيرة، يتبنون أن رأي الحاكم يجب تنفيذه ظاهراً وباطناً، فضربت لهم مثلاً قلت: إذا كان الحاكم يتبنى رأي المذهب الكوفي وهو الذي يقول بالتفريق بين المسكر المتخذ من العنب والمسكر المتخذ من غير العنب، هذا مذهب أهل الرأي، وهذا المذهب وحده يدلني أنا أن انتسابهم إلى الرأي هو ذاك الرأي الذي ذمه السلف الصالح، وإلا لا رأي عندهم؛ لأنها ظاهرية مقيتة، هناك سائلان كلاهما مسكر أحدهما متخذ من العنب والآخر متخذ من الذرة من التمر من أي مادة أخرى .. هذا الأول يحرم منه قليله وكثيره، المسكر المتخذ من العنب في مذهبهم يحرم منه قليله وكثيره، أما المسكر الآخر فلا يحرم منه إلا الكثير المسكر، قلت وهذا البحث فيه طويل لكن ليس هنا الشاهد منه، فقلت للتحريري قلت: لو أن الملك أو الحاكم المسلم تبنى هذا المذهب الكوفي وأباح استيراد ومعاقرة الخمر المتخذ من غير العنب، هل تطيعه؟ قال: نعم أطيعه، وهو يرى أنه حرام، فقلنا له .. هنا العبرة بارك الله فيكم .. ماذا تفعل بقوله عليه السلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ قال وتعجبوا ما شاء لكم من تعجب، قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إذا كان هذا المخلوق يرى أنه

ص: 183

ما أمر به هو معصية

فالله المستعان، فأنا أردت أن أقول إن الأحزاب القائمة اليوم هي تقوم على مخالفة الشرع في كثير من الأحكام، منها حديث حذيفة حيث قال: اعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على جذع شجرة.

لكن لا بد من لفت نظر وهو يتعلق بما ذكرته آنفاً أن الدعوة السلفية تجمع الأمة، وأي دعوة أخرى تفرق الأمة .. ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] لا يكون صادقاً أبداً من يفرّق بين الكتاب والسنة من جهة وبين السلف الصالح من جهة أخرى، لم؟ قلت آنفاً هناك أمران اثنان أحدهما يتعلق بالنصوص الشرعية، والأمر الآخر يتعلق بالأمور الواقعة، فنجد في القرآن مثل قوله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] لا شك ولا ريب أن الله عز وجل حينما ذكر سبيل المؤمنين في الآية لحكمة وفائدة بالغة وعظيمة جداً؛ لأن كلام الله عز وجل يتعالى ويترفع عن العبث، كان من الممكن أن تكون الآية: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى .. لكنه زاد فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] لماذا؟ ليؤكد أن هناك واجباً آخر وهو أننا في اتباعنا للكتاب والسنة يجب أن يكون هذا الاتباع على ما كان عليه المسلمون الأولون، هذا هو المقصود {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] هم المسلمون الأولون، وهم أول ما يشمل هم أصحاب الرسول عليه السلام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ..

إذاً عندنا كتاب الله، وعندنا سنة رسول الله، وعندنا سبيل المؤمنين، الآن الطوائف والأحزاب فضلاً عن المذاهب القديمة والجديدة لا ترشد ولا تلتفت مطلقاً إلى اتباع سبيل

ص: 184

المؤمنين الذي تأيد ببعض الأحاديث وأنا أشير إليها لأنها معروفة إليكم، أولاً حديث الفرق الثلاثة والسبعين، حيث قال: كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي التي على ما أنا عليه وأصحابي، نجد هنا وأصحابي على نمط قوله تعالى:{سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} تماماً، إذاً لا يجوز لمسلم اليوم أن يقول أنا أفهم من الكتاب والسنة كذا، ثم لا يلتفت إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، يضاف إلى هذا الحديث حديث العرباض بن سارية: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ..

إلى آخره، إذاً هناك سنتان: سنة الرسول عليه السلام وسنة الخلفاء الراشدين، فلا بد إذاً بالنسبة لأمثالنا نحن المتأخرين بعد هذه القرون الطويلة أن نرجع إلى الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين، هنا يظهر الاختلاف بيننا وبين الجماعات الأخرى القائمة اليوم، أما الخوارج أما المعتزلة أما الرافضة فهؤلاء قد خالفوا سبيل المؤمنين وهم من قَرُبَ منهم فيما كانوا عليه من سابق، لكن نحن اليوم علينا كما قيل: من رأى العبرة بغيره فليعتبر، لماذا كانت هذه الفرق قديماً؟ لأنهم اتبعوا أهواءهم ولم يلتزموا هذا المنهج الذي هو اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، وختاماً أنا أقص لكم الآن مناقشة جرت بيني وبين أحدهم تبين لكم أنه لا بد من نسبة ما، أي لا يكفي اليوم أن يقول أحدنا إذا ما سُئل ما هو مذهبك؟ مسلم، لا يكفي وإن كان هذا هو الأصل لكن تجد أمور توجب على الناس أن يجدوا لها أحكاماً ومعالجات، قلت لأحدهم وهم مسلم ويدّعي أنه على الكتاب والسنة، لكن بقدر معلوماته، الآن هذه المناقشة ستبين لكم أن الأمر فيه دقة متناهية وهو كجواب آخر أو بأسلوب آخر عن السؤال الذي يتعلق بمن أنكر السلف أو السلفية أو الانتساب

ص: 185

إليها، قلت له: يا فلان لو سألك سائل ما مذهبك، ماذا تجيبه؟ قال: مسلم.

مداخلة: لعل المناقشة جرت هنا في هذه الغرفة.

الشيخ: كنت أنت موجود وإلا ما أظن كنت موجود، إنما يمكن حكيناها .. خلاصة.

مداخلة: سمعنا في الشريط أيضاً كذلك يا شيخ.

الشيخ: سمعتوه؟

مداخلة: سمعتها منكم.

الشيخ: إذاً ما فيه حاجة ..

مداخلة:

مداخلة: لا بد نسمعها يا شيخ.

الشيخ: قلت له: هذه حيدة أنا لو سألتك ما دينك؟ ستقول: أنا مسلم، لكن أنا ما سألتك ما دينك؟ ما مذهبك؟ هذا أولاً، ثانياً لا فرق بينك وبين الرافضي والخارجي والإباضي وو .. إلى آخره، هو سيجيب بجوابك، وأنا أريد أن تجيب بجواب تبين واقعك وتنصح الناس أن يكونوا مثلك، فحينما تقول أنت: أنا مسلم وهو يقول مسلم وذاك يقول مسلم .. إلى آخره، فعرف أن الجواب خطأ فوضع له قيداً فقال: أنا مسلم على الكتاب والسنة، قلت له: أيضاً هذا لا يكفي أنا أسألك الآن سؤالاً جانبياً لو سألت الشيعي أو الإباضي هل يقول لك أنا مسلم لست على الكتاب والسنة أم يقول قولتك هذه؟ قال: هو كذلك، قلت: إذاً نريد أن تبين

ص: 186

واقعك أيضاً وإلا شركت نفسك مع غيرك ممن تحكم بضلالهم وانحرافهم عن الكتاب والسنة، الرجل إلى حد ما كبير في اعتقادي عنده يعني إنصاف وعنده تجرد وإن كانت معلوماته إلى حد ما، فأيضاً تبين له أن هذا الجواب لا يكفي اليوم قلت: إذاً ماذا تقول؟ قال: أقول على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح، قلت: حسناً كل من سألك وكل ما سئلت تريد أن تعمل محاضرة وتقول: أنا على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح؟

قلت له: يعني أنت الآن قلت صواباً وعلى منهج السلف الصالح، يعني مذهب السلف الصالح هو الصواب، قلت له: من ينتسب إلى هذا المذهب يكون على صواب؟ قال: نعم، قلت: حتى نلخص المحاضرة هذه كلها يا ترى من الناحية العربية يجوز أن يقول مثلي أنا سلفي، أي منتسب إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح؟ فسكت الرجل، يعني أقل ما يقال مفحماً إن لم يكن مقتنعاً

فالشاهد بارك الله فيكم هذه حقائق إذا الإنسان كان غافلاً معنا كان بعيداً عن الكتاب والسنة ولو ادعى أنه على الكتاب والسنة.

مداخلة: شيخنا نأمل لهذا الجواب جزاك الله خيراً.

الشيخ: تفضل.

شقرة: حين بدأت قرون الفرق تظهر في مجتمعات المسلمين كان يقال شيعي وخارجي، وحتى يميز بين هؤلاء ومن كان على غير منهج هاتين الفرقتين العظيمتين الكبيرتين صار يقال أهل السنة والجماعة، ولكن مع الأيام تداخلت الأمور وتشاكلت الصفات وأصبح من العسير علينا أن ننطق بهذه الكلمة على ما

ص: 187

كان ينطق عليها سلفاً سابقاً.

الشيخ: نعم.

شقرة: ومن هنا نجد أن كثيراً من العلماء أو من المنتسبين للعلم ومن الدعاة الإسلاميين أيضاً الكبار الذين يشار إليهم بالبنان عندما يريدون أن يقولوا قولتهم نحن نجمّع ولا نفرّق، فلا ينبغي أن نوجد هذه الأسماء التي هي موجودة في حياتنا، وكل فرقة من هذه الفرق أو الجماعة من هذه الجماعات تدّعي أنها على مذهب كذا أو على منهج كذا، لذلك ينبغي أن يقال أهل السنة والجماعة، فهل لهذا المصطلح القديم مكان اليوم في حياتنا التي نعيشها، فجزاك الله خيراً؟

الشيخ: وإياك.

أنا سبق أن نصحت أحد الدعاة الذين يقال أنه من الدعاة أن لا يستعمل كلمة أهل السنة والجماعة، وأنا ألمحت إلى سبب في كلمة مني سبقت؛ ذلك لأن كلمة أهل السنة والجماعة إنما يتبادر منها أن المقصود منها الماتريدية والأشاعرة، ولذلك في مهاتفة لأول مرة يتصل بي زين الدين عابدين سرور من لندن هاتفياً، وأظن قص عليك القصة ابنك عاصم؟

مداخلة: إي نعم.

الشيخ: فحديث طويل بيني وبينه في نهاية المطاف قلت له: أنا أراك تستعمل كلمة أهل السنة والجماعة كثيراً في مجلتك السنة، وأنا أرى أن تدع هذه الكلمة للسبب الذي ذكرته آنفاً، أن هذه الكلمة لا تعني أهل السنة حقاً أي الذين يتبعون الكتاب والسنة على ما جاء في السنة من اتباع السلف الصالح، لا تعني هذه

ص: 188

الكلمة اصطلاحاً أبداً إنما تعني الأشاعرة والماتريدية، فأنا أرى ألا تستعمل هذه الكلمة في مجلتك .. هذا كان طبعاً بعد المناقشة الطويلة وأنه تبرأ من الإخوان المسلمين منذ عشرين سنة وأنه سلفي العقيدة، وأنه يدافع عني في غيبتي، وو إلى آخره .. فقلت له هذه الكلمة، قال: أنا ما أرى ذلك، قلت: لك رأيك، لكن أنا أقول لك الآن أنصحك من قبل أبديت له رأياً، قلت له: أنا الآن أنصحك بأن لا تستعمل هذه الكلمة أهل السنة والجماعة لأننا أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم، على قدر مفاهيمهم، فأنت عندما تستعمل هذه الكلمة تجعلنا نحن نصدق الاتهامات التي كنا نسمعها، وقال لي في أول مخاطبته إياي، أنه يُنقل إليك عني أشياء فلا تصدقها، فاستعمالك هذه الكلمة هو كلمة سياسية اليوم، أي لا تريد أن تنتسب إلى دعوة صريحة حتى لا يقال أنت لست من الإخوان المسلمين، أنت لست من جماعة التحرير، لأهل السنة والجماعة .. وهذه كلمة تجمع كل هؤلاء على ما بينهم من اختلاف، أنا أخشى أن هذه الكلمة أنت وغيرك يستعملها لهذا القصد، وهذا ليس من أسلوب السلف الصالح، وإنما أنت عليك أن تدعو بكل صراحة وهذا لا ينافي قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] إلى آخر الآية، لما رآني أنني انتقلت من تقديم رأيي إلى تأكيد أني أنا أنصحه بذلك وعدني وعداً قال: أنا سأتبنى هذا وسترى جواب ذلك في المجلة، لكن أنا إلى الآن ما جاءتني ولا جزء من هذه المجلة بينما كانت تأتيني من قبل أجزاء متفرقة، فهل منكم من رأى أثراً لمثل هذا الوعد؟

مداخلة: بل هو عمل بنصيحته.

ص: 189

الشيخ: كيف؟

مداخلة: أنا

بأن لا يرسل.

الشيخ: هكذا يعني.

مداخلة: لكن ..

الشيخ: نعم؟

مداخلة: رأيت شيئاً لعله أعجب من ذلك شيخنا.

الشيخ: هاه.

مداخلة: اطّلعت أنا في رحلة أمريكا الأخيرة على مجلة السنة عددين يبحث فيهما تحت عنوان السرورية.

الشيخ: عجيب .. !

مداخلة: نعم.

مداخلة: بهذا العنوان؟

مداخلة: بهذا العنوان تماماً، وينفي تحت هذا العنوان وجود شيء اسمه السرورية، ويقول: أنا لم أدع يوماً إلى جماعة ولا إلى حزب وأنا كذا وأنا كذا، يعني كل هذا فيه، ويرد على بعض قضايا الإخوان المسلمين ما يذكر جانباً من سيرته، يعني كلام في الحقيقة غريب جداً؛ لأنه يعني يكاد يكون متواتراً أن الرجل صاحب جماعة ومنهج ودعوة، فلما ينفي اسم السرورية هذا أمر ما فيه إشكال؛ لأنه هو لا يؤمن بشيء اسمه السرورية، لكن إذا ما ينفي أن يكون

ص: 190

هو رئيس جماعة أو مسؤول عن جماعة أو كذا، فهنا موضع الغرابة، والله تعالى أعلم.

الشيخ: فالخلاصة أنا لا أرى استعمال هذه الكلمة لأنها من أساليب السياسيين حيث ترضي كل طائفة وكل جماعة من المسلمين، كل يقول كما قلت آنفاً من الذي يتبرأ من انتسابه للكتاب والسنة؟ لا أحد، فإذاً أهل السنة والجماعة كل هذه الجماعات الإسلامية القائمة على وجه الأرض، بينما أن تقول أنا سلفي فهو تعبير عن العقيدة الصحيحة أولاً وعن التجمع الذي يجمع المسلمين بحق، وما أشرتم إليهم آنفاً أنهم يقولون أنه إذا قلنا نحن سلفيون هذه كلمة تفرق، وأنا أقول من أسماء الرسول عليه السلام المفرّق، بل من أسماء القرآن الكريم الفرقان، حيث يفرق بين الحق والباطل، والرسول فَرَّق بين المسلم وبين المشرك، فرق بين الابن وأبيه بماذا؟ بالإسلام، هذا مسلم وهذا كافر، فمن أساليب ادّعاء المنحرف عن الكتاب والسنة كما قلت آنفاً منهج الإخوان المسلمين كتّل جمّع ثم ثقّف، وأظن الآن ما كمّلت ما أقوله أنا عادة، هم يقولون جمّع ثم ثقّف ثم لا ثقافة ولا شيء بدليل كل هذه السنين نحو سبعين سنة أو ثمانين سنة والإخوان المسلمون لا يزدادون علماً وفهماً وصلاحاً وعملاً بالإسلام، إذاً لا شيء هناك من الثقافة، والدليل أنهم يجمعون بين السلفي والخلفي والمذهب والصوفي وو إلى آخره، كيف بإمكانهم أن يجمعوا بين هذه المتناقضات تحت راية واحدة فيها الإسلام بالمفاهيم المتعددة؟ هذا ليس إسلاماً إذا كان النبي صلى الله عليه، وآله وسلم كان إذا قام يصلي في الليل يفتتح صلاة القيام بدعاء اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل إلى أن يقول: اهدني

ص: 191

لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، إذا كان رسول الله يطلب من الله أن يهديه إلى الحق الذي اختلف فيه الناس ونحن نريد الاختلاف كثيراً وكثيراً جداً اليوم، ثم لا ندعو الله بمثل ما دعا به رسول الله، بل نقر الاختلاف ونقول بلسان الحال تارة وبلسان المقال تارة أخرى من قلد عالماً لقي الله سالماً، أما اتباع الكتاب

والسنة فصار نسياً منسياً، فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

شقرة: شيخنا مما يرى الإنسان يعني الآن وتتبعه أحوال المسلمين في كل بلادهم يرى أو ربما يحدث ما سيكون من أمر لا أقول من أمر المسلمين الجماعات المتفرقة فقط، وإنما أيضاً من غير المسلمين في مجتمعات المسلمين، أنا أظن والله أعلم أنه سيأتي يوم على الناس أن يقال أهل السنة والجماعة لا للرافضة والشيعة والخوارج وأهل السنة والجماعة فقط، وإنما يقال أيضاً أهل السنة والجماعة للمسلمين وغير المسلمين بدعوى أنه لا يجوز أن ننبذ هؤلاء الذين يعيشون في مجتمعاتنا لأنهم إخوان لنا ولهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأنه يجب أن يكون هناك ائتلاف لا اختلاف وأن لنا عدواً أكبر من أن نوجد الفرقة أو نزيد فيها ويجب علينا أن نجتمع على كلمة واحدة ولا يهمنا أن يقال هذا نصراني أو هذا مسلم فإن الدين لله والأرض للجميع.

الشيخ: والوطن للجميع.

مداخلة: إي نعم.

الشيخ: الله المستعان.

ص: 192

مداخلة: لذلك نخلص إلى أنه لا فرق بين مشرك وغير مشرك، بين نصراني ويهودي وبين مسلم.

الشيخ: لقد جاءني سؤال هاتفي من اليمن أكثر من مرة، بل عندي خطاب مطبوع مرسل بالفاكس يقول: إن الإخوان المسلمين تحالفوا مع البعثيين ومع العلمانيين ويحاربون السلفيين هناك ويعتبرونهم أنهم يفرقون الصف، هذا الذي تقوله.

مداخلة: هذه يا شيخ صورة الجريدة

الشيخ: وثيقة البعث والإصلاح والوحدوي الناصري، حول مشروع ميثاق العمل، أسمع الإخوان فقرة مهمة في المقال هذا، والله المستعان.

مداخلة: والله أنا ما عندي خبر شيخنا .. هذه من الكرامات يا شيخنا.

الشيخ: بارك الله فيك.

علي حسن: هو تأكيد لما ذكره شيخنا هذا يعني نقل للوثيقة التي هي وثيقة التحالف واتفاق وتعاون سموها وثيقة البعث والإصلاح .. الإصلاح اللي هو حزب الإخوان المسلمين هناك للبعث والإصلاح والوحدوي الناصري.

الشيخ: الله أكبر.

علي حسن: حول مشروع ميثاق العمل السياسي .. طبعاً وتحت هذا المقال حدث ولا حرج أما الطعن بالسلفيين يا شيخنا ففي مجلة الإصلاح ماذا يسمون تحت عنوان: الظاهرة النجدية في اليمن بين جمود التفكير عشوائية الحكم، جرأة الفتيا، احتكار الفهم، إلغاء الآخرين، ومأزق الانفرادية، وغربة التعامل.

ص: 193

الشيخ: الله أكبر.

علي حسن: في عدد آخر .. هذا هو منهجنا السلفي.

الشيخ: ما شاء الله.

مداخلة: هذا هو منهجنا السلفي، وأما تحت هذه الكلمة فحدث ولا حرج، بل حدث وكل الحرج من التلبيس والتدليس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

علي حسن: أقول طبعاً تحت العناوين اللي هم حاطينها يقول: فتحوا باب الاجتهاد للعاطلين عن آلات البحث وضوابط الاستنباط بدعوى تحري الدليل يخالف منهج السلف، ويقول: حمل الأمة على رأي معين واتهام المخالفين بالبدع فيما فيه متسع للنظر يناقض المسلك الإسلامي الصحيح، فكلمة المتسع للنظر هذه علمانية شيوعية ..

شقرة: أقول قاتلهم الله أنى يؤفكون.

الشيخ: الله المستعان.

شقرة: أنا أقول شيخنا في ظني بل في يقيني.

الشيخ: اعتقادي.

شقرة: واعتقادي الجازم أن هذه الحملة التي يشنها أولئك الحزبيون والمتكتلون ولا أقول ضد فكرة أو عقيدة يحملها أناس فقط أرادوا أن يربطوا حاضر الأمة بماضيها وأن ينجوا بها مما هي فيه من التردي في العقائد الفاسدة والأباطيل المزيفة، فأقول ليس الأمر يقف عند هذا فقط وإنما هناك يعني جانب

ص: 194

ينبغي أن يلتفت إليه وهو جانب نفسي تحدث القرآن الكريم في سورة البقرة، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109] فهذه كما قال الله أيضاً عن قوم صالح {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] فهم جحدوا بها ظاهراً وحاربوها، ولكنهم يعلمون أن الحق فيها ولكنهم لا يريدون ذلك لأنهم أتوا من حسد، وكل شيء يرجى صلاح نفسه أو كل إنسان يرجى صلاح نفسه إلا أن يكون حاسداً.

الشيخ: الله أكبر .. صدقت .. صدقت.

شقرة: اليهود إنما خالفوا عن أمر النبي عليه الصلاة والسلام لما رأوا دعوته ملأت صدور الناس وقلوبهم وعقولهم وأضحت تهدد وجود اليهود كأمة كانت تعيش في أرض الجزيرة العربية، وأنا أقول وهذا يعني قلته من زمن أيضاً بأن الإسلام إذا لم يبدأ وإذا لم يعد إلى أرض العرب من جديد ويحيي هذه الأمة كما كانت عليه في سالفها فإن الإسلام لا يُرجى من أهله أن يكونوا كما كانوا، فإذاً إنما أوتي هؤلاء عندما رأوا هذه الدعوة تشيع في الناس وتمشي وحدها من غير قوة تظاهرها كما يقولون، ومن غير جهد كبير يبذله الناس بأبدانهم وتمشي بيسر ومن غير تعنت ولا مشقة، ولذلك رأوا بأن هذه الدعوة تهدد وجود هذه الأحزاب جميعاً فهبوا مشتركين معاً متضامنين على محاولة طمس هذه الدعوة لا قدّر الله ولن يكون لهم الفوز والفلاح؛ لأن الله تبارك وتعالى تكفل بها.

الشيخ: يعني شأنهم شأن رؤوس اليهود وصناديد قريش، الله المستعان.

شقرة: فدائماً يا إخوان أنصحكم بأن تقرؤوا المعوذات صباح مساء.

(الهدى والنور / 699/ 49: 21: 00)

ص: 195