الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
مداخلة: الآن وفي الظروف التي نحن فيها تعددت الاتجاهات وتعددت الفرق من حيث الاعتقاد ومن حيث التأويل وإلى آخره، فهنا سؤال: الآن يصير الأخ المسلم لا يسلم ولا يرد السلام ولا يزور ولا يتبع جنازة من هو مخالف له في فرقته أبداً، وإن هو مسلم مثله يحصل أيضاً أن يعدد فلان هذا كذا ويقول كذا وكذا وكذا، فنقول له: هذه غيبة وهذا مسلم وأنت توضح مساوئه وتعد عيوبه، قل له: هذا بغض في الله وهذا تبيان لما هو عليه، فنريد أن نعرف كيف نفرق بين البغض في الله وتبيان الأخطاء بدون أن نقع في الغيبة التي حذرنا منها الرسول عليه الصلاة والسلام:«أولو كان فيه ما نقول يا رسول الله؟ لو كان فيه ما تقول فقد اغتبته» فما رأي حضرتكم في هذا؟
الشيخ: أنا لا أعلم أن المسلم لا يلقي السلام على أخيه المسلم وهو يعتقد أنه مسلم وهذه مقاطعة لا تجوز إسلامياً وكون المسلمين مختلفين فهذا أمر ليس بالحديث بل هو قديم، لكن التناصح هو الذي يجب أن يكون قائماً بين المسلمين، وأن يتواددوا وأن يتحابوا في الله عز وجل، فالتدابر والتقاطع أمر منهي عنه في الإسلام، والحب في الله أمر مرغوب في الإسلام والبغض في الله كذلك، لكن رب أناس لا يحسنون التطبيق وأنا كثيراً ما أسأل عن مقاطعة المسلم لأخيه المسلم لسبب ما ..
مداخلة: مجرد الاختلاف في مسألة فقهية ..
الشيخ: فأنا أقول: المقاطعة اليوم وإن كانت في الأصل هي مشروعة لكن اليوم ليس هو زمن التطبيق؛ لأنك إن أردت أن تقاطع كل مسلم أنكرت عليه شيئاً بقيت وحيداً شريداً فليس لنا اليوم أن نتعامل على طريقة البغض في الله والمقاطعة في الله، هذا إنما هو وقته إذا قويت شوكة المسلمين وقوي مظهر المسلمين في تعاملهم بعضهم مع بعض حين ذاك .. حينما يشذ فرد من الأفراد عن الخط المستقيم فقوطع، في ذاك المقاطعة تكون دواءً له وتربية له، أما الآن فليس هذا زمانه.
في مثل سوريا والأردن يكثر الشباب التارك المهمل للصلاة ويكثر التساؤل عن هذه القضية
…
زيد من الناس: لي صديق كان مثلاً يصلي معنا ثم انحرف فترك الصلاة فنصحناه ووعظناه وذكرناه فلم يتعظ ولم ينتصح هل أقاطعه؟ فأقول له: لا، لا تقاطعه؛ لأنك إن قاطعته ساعدته على ما هو فيه من الانحراف والضلال، وإن قاطعته فسيتلقاه إخوانه المفسدون في الأرض وسيتقوى في انحرافه فعليك أن تظل متابعاً ومصاحباً له مع مراقبتك إياه بالموعظة تارة وتارة عسى الله عز وجل أن يهديه.
عندنا في سوريا مثل يقول: إن شخص كان تاركاً للصلاة ثم تاب، وأتى أول مرة يريد أن يصلي يذهب إلى المسجد فوجده مغلقاً فقال: أنت مُسَكِّر وأنا مُبَطِّل.
هذا الرجل الذي يقاطع حينما يقاطع يقول للمقاطع هكذا .. عمري لا أريدك
ولا تصاحبني ولا أصاحبك؛ لذلك فهذا في العصر الحاضر ليس من الحكمة أبداً أن نقاطع الناس بسبب انحرافهم سواء كان هذا الانحراف فكرياً عقيدة أو كان انحرافاً سلوكياً، وإنما علينا أن نصبر في مصاحبتنا لهؤلاء وأن لا نضلل ولا نكفر؛ لأن هذا التضليل وهذا التكفير لا يفيدنا شيئاً وإنما علينا بالتذكير كما قال عز وجل:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55]، غيره.
مداخلة: يلاحظ في الشخص الذي يصاحب أن يكون واثق من نفسه، أن لا يكون يتأثر بأفكار أو بسلوك الشخص المنحرف ..
الشيخ: والله صدقت في هذا .. هذا أمر ضروري جداً، نعم.
(الهدى والنور / 80/ 5.: 49: .. )