الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول البدعة وضوابطها
مداخلة: طيب! شيخنا في مسألة البدعة وكلام الإمام الشاطبي في قيودها والاحترازات بهذه القيود عن غيرها، هنا كلمة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الجزء الثلاثين صفحة (80) فهمت منها فهماً أقرؤه عليكم أولاً وأذكر لكم ما ظهر لي ثم توضحون الصواب لي بارك الله فيكم.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولهذا كان بعض العلماء يقول إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرني أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يختلفوا؛ لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة.
وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.
كلمة عمر بن عبد العزيز على افتراض نسبتها إليه أو صحة نسبتها إليه، ظهر لي أنه لا يحكم على فعل من الأفعال بأنه بدعة، أو على فاعله بأنه مبتدع إذا كانت المسألة خلافية بين الصحابة، فإذا اختلفوا فيها وإن كان القول مرجوحاً وأخذ بهذا القول المرجوح فإنها لا تسمى بدعة لهذا القول أو لمن يقول لو
بدَّعت هذا لزمك تبديع الذي قال بهذا من قبل، هل هذا كلام صحيح يا شيخنا؟
الشيخ: أولاً: هل الخلاف المذكور في هذه الآثار أو في بعضها هو نفس الخلاف المذكور في الآية الكريمة: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] إلى آخر الآية؟ أعتقد أن الجواب واضح لدى الحاضرين جميعاً بأنه: لا، وبيان هذا: الخلاف المذكور في هذه الآثار هو خلاف ليس هناك نص مع أحد المختلفين .. هذا الخلاف المذكور هنا، يعني: خلاف الرأي والاجتهاد لا يعارض رأي من هذه الآراء نصاً في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذا أولاً.
وثانياً: إذا كان الإمام الذي قال برأي خالف نصاً لا يجوز الأخذ به والحالة هذه واعتباره رحمة؛ لأنه خالف نصاً، أما إن لم يكن هناك نص فلا شك أن المسلم والحالة هذه له هذه الساعة، وله أن يأخذ بأي قول شاء من هذه الأقوال، لكن نحن لنا شروط ذكرناها في بعض المناسبات لسد باب اتباع الهوى .. أن لا يأخذ من هذه الأقوال ما كان أشهى لنفسه وإنما يأخذ من هذه الأقوال ما تطمئن إليه نفسه وينشرح له صدره.
فإذا كان إذاً هذا الخلاف يخالف نصاً أولاً: لا يجوز اتباعه، وثانياً لا نبدع القائل بخلاف النص، وإن كنا نقول: إن قوله بدعة، وأنا أفرق بين أن نقول: فلان وقع في الكفر وفلان كفر، وكذلك فلان وقع في البدعة وفلان مبتدع، لا؛ لأنني أفهم وأكرر على مسامعكم حتى لا تنسون عجمتي وألبانيتي، فأقول: فلان مبتدع ليس معناه ذلك أنه وقع في بدعة، هو من شأنه أنه يبتدع .. مبتدع اسم فاعل هذا، كما لو قلنا فلان عادل ليس معناه: أنه عدل مرة واحدة في حياته فأخذ هذا الاسم
الفاعل فقيل فيه عادل وإلى آخره.
فالقصد: أنا أقول: إن المجتهد قد يقع في البدعة ولا شك، لكن لا ألومه بها ولا أطلق عليه اسم مبتدع، هذا فيما إذا خالف نصاً، أما إذا لم يكن هناك أي نص وكان الاجتهاد مبذولاً لكل المتخالفين هؤلاء فأنا أعتقد أن الكلام بهذا القيد في محله.
مداخلة: كلام عمر بن عبد العزيز؟
الشيخ: أي نعم، في محله أي نعم، أما تعميمه كما يفعل أهل البدعة فعلاً والذين يعارضون السنن بمثل هذه الاختلافات، ويوردون عليها الحديث الذي تعرف أنه ضعيف ولا أصل له:«اختلاف أمتي رحمة» محل هذا الحديث لو صح هنا .. محل هذا الحديث لو صح هنا.
مداخلة: في مسألة اجتهادية ليس فيها نص، خالف فيها أحد المجتهدين هذا النص.
الشيخ: أي، نعم.
مداخلة: من ناحية هذا الأثر شيخنا تذكر شيئاً من الكلام على صحته؟
الشيخ: لا والله ما أذكر، لكن أذكر أن هذا مروي في كتاب جامع العلم لابن عبد البر.
مداخلة: بيان العلم وفضله.
الشيخ: أي نعم.
(الهدى والنور /850/ 58: 31: .. )