الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَقَوْلِهِ: رَدَدْتُكِ، أَوْ مَسَكْتُكِ (صَرِيحَانِ) أَيْضًا لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] أَيْ رَجْعَةً كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. وَقَالَ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] .
وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ يُحْتَاجُ مَعَهُمَا إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَ يَحْتَمِلُ الْإِمْسَاكَ فِي الْبَيْتِ، أَوْ بِالْيَدِ (وَأَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ) كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْتُكِ، أَوْ نَكَحْتُكِ (كِنَايَتَانِ) وَالثَّانِي: هُمَا صَرِيحَانِ، لِأَنَّهُمَا صَالِحَانِ لِابْتِدَاءِ الْحِلِّ، فَلَأَنْ يَصْلُحَا لِلتَّدَارُكِ أَوْلَى وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ (وَلْيَقُلْ: رَدَدْتُهَا إلَيَّ، أَوْ إلَى نِكَاحٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ صَرِيحٌ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنِيَّةٍ. وَقِيلَ: لَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي لَفْظِ الرَّجْعَةِ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَفْظَ الرَّجْعَةِ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهَا بِخِلَافِ لَفْظِ الرَّدِّ الْمُطْلَقِ لِإِيهَامِهِ الْمَعْنَى الْمُقَابِلَ لِلْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ خِلَافُ اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ فِي لَفْظِ الْإِمْسَاكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: أَمْسَكْتُكِ عَلَى زَوْجِيَّتِي مَعَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي لَفْظِ الرَّدِّ وَتَبِعَهُ فِي النِّيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَأَفْهَمَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الِاشْتِرَاطُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْإِشْهَادُ) فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ السَّابِقِ، وَالْقَدِيمُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا لَا لِكَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، بَلْ الظَّاهِرُ قَوْله تَعَالَى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] أَيْ عَلَى الْإِمْسَاكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الرَّجْعَةِ، وَعَلَى الْمُفَارَقَةِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لِلْأَمْنِ مِنْ الْجُحُودِ (فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَلَا تَصِحُّ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى الِاشْتِرَاطِ، لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ.
فَرْعٌ: تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ
وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ تَصِحَّ بِغَيْرِهَا، وَإِلَّا صَحَّتْ بِهَا.
(وَلَا تُقْبَلُ) الرَّجْعَةُ (تَعْلِيقًا) كَالنِّكَاحِ فَإِذَا قَالَ: رَاجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْت لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ (وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ) وَمُقَدِّمَاتِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ حُرِّمَ بِالطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي. وَمَقْصُودُ الرَّجْعَةِ حِلُّهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ (وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ طَلُقَتْ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ) بِخِلَافِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ شَرْطًا فِي صَرَاحَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الرَّدِّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ حَنِثَ بِرَجْعَتِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَكِيلِهِ قَوْلُهُ:(عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) فَيُسَنُّ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ - وَهُوَ وَاضِحٌ - أَوْ كِنَايَةٍ عَلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيُسَنُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا أَيْضًا وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إرْشَادٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَحْضِ الْإِرْشَادِ
قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) وَتَرْجَمَةُ الصَّرِيحِ رَاجَعْتُكِ شَهْرًا مَثَلًا
قَوْلُهُ: (إنْ شِئْتِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَلَوْ فَتَحَهَا، أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ صَحَّتْ مِنْ النَّحْوِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَاءُ شِئْتِ مَسْكُورَةٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهَا، فَلَوْ ضَمَّهَا فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (بِفِعْلٍ) غَيْرِ كِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ قَوْلُهُ:(كَوَطْءٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَوْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً فَوَطِئَهَا وَهُوَ حَنَفِيٌّ فَلَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ. نَعَمْ لَوْ وُجِدَ مِنْ كَافِرٍ وَاعْتَقَدُوهُ رَجْعَةً أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّرَافُعِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَافَعَ حَنَفِيَّانِ فَلَا نُقِرُّهُمْ إلَّا إنْ حَكَمَ لَهُمَا بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ.
قَوْلُهُ: (وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ وَهِيَ كَوْنُهَا مَوْطُوءَةً مُطَلَّقَةً مَجَّانًا بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا قَابِلَةً لِلْحِلِّ، وَسَيَأْتِي كَوْنُهَا مُعَيَّنَةً.
قَوْلُهُ: (بِمَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُفَارَقَةِ) قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُفَارَقَةِ فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى عَدَمِهِ فِيمَا قُرِنَ بِهَا، وَلِذَا نَقَلَ الزَّمَخْشَرِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ الْإِشْهَادِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) لَوْ تَرَكَهُ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْإِقْرَارِ؟ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ بِهَا إلَخْ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْفَاءِ فِي الْمَتْنِ.
تَنْبِيهٌ: إجْرَاءُ هَذَا الْخِلَافِ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ: إنَّ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ الشَّخْصُ يَنْفُذُ بِالْكِنَايَةِ قَطْعًا وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْقَرَائِنُ بِالْكِنَايَةِ هُنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ قَطْعًا كَمَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِاشْتِرَاطِ الشُّهُودِ عَلَى قَوْلِهِ.
[فَرْعٌ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ بِحَالٍ، فَجَازَ أَنْ يَقْطَعَهُ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ.
قَوْلُهُ: (بِمَوْطُوءَةٍ) قِيلَ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ: مُعْتَدَّةٍ لِشُمُولِهِ مَنْ طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ فَإِنَّهَا تُرَاجَعُ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ بَلْ فِي حُكْمِهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ.
مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ، أَوْ بَعْدَهُ بِعِوَضٍ، أَوْ بِدُونِهِ وَاسْتُوْفِيَ عَدَدُ طَلَاقِهَا، أَوْ لَمْ يُسْتَوْفَ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِخِلَافِ مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِاخْتِصَاصِ الرَّجْعَةِ بِالطَّلَاقِ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ لَا مُرْتَدَّةٌ) فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ، فَلَوْ ارْتَدَّتْ الرَّجْعِيَّةُ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا، لِأَنَّهَا آيِلَةٌ إلَى الْفِرَاقِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الرَّجْعَةِ.
(وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) كَأَنْ تَكُونَ آيِسَةً (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ طَلَاقِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ (أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ، وَالثَّانِي لَا وَتُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا، فَإِنَّ الْقَوَابِلَ تَشْهَدْنَ الْوِلَادَةَ غَالِبًا أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ فَلَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْوَضْعِ، لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ.
وَأَمَّا مُدَّةُ الْإِمْكَانِ فَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ وِلَادَةَ) وَلَدٍ (تَامٍّ فَإِمْكَانُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (أَوْ) وِلَادَةَ (سَقْطٍ مُصَوَّرٍ ادَّعَتْ الْمُعْتَدَّةُ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (أَوْ) وِلَادَةَ (مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عَلَى خِلَافٍ فِي الثَّالِثِ يَأْتِي فِي بَابِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ الْوَضْعَ فِي أَيِّ قِسْمٍ لِأَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ لَمْ تُصَدَّقْ وَكَانَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (عُلِّقَتْ) وَلَوْ احْتِمَالًا.
قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) خَرَجَ الْمُعَاشَرَةُ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَيَدْخُلُ مَا لَوْ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَشْرَعْ فِي الْعِدَّةِ وَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي بِغَيْرِ الْحَمْلِ بِشُبْهَةٍ، فَحَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ انْفِصَالِ تَمَامِ الْوَلَدِ، أَوْ قَبْلَ ثَانِي التَّوْأَمَيْنِ، نَعَمْ لَا رَجْعَةَ لَهُ مَا دَامَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِلشُّبْهَةِ مِنْهُ رَاجَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَإِنْ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ إلَّا إنْ حَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ لِوُقُوعِ الْحَمْلِ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ مَعًا.
قَوْلُهُ: (مَنْ طَلُقَتْ) فَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا فَرَاجَعَ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْحَالُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَاقِعِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ:(قَبْلَ وَطْءٍ) وَتُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَنَفْيِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) وَلَوْ مُعَاشَرَةً قَوْلُهُ: (فَلَوْ ارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّ هُوَ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَتَسْتَأْنِفُ لَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ.
تَنْبِيهٌ: بَقِيَ شَرْطٌ سَابِعٌ وَهُوَ كَوْنُهَا مُعَيَّنَةً فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ، ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً لَمْ يَصِحَّ، أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهَمَةً، ثُمَّ رَاجَعَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَاجَعْتُ الْمُطَلَّقَةَ مِنْكُمَا، أَوْ أَحَدًا كَمَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ نَسِيَ الْمُطَلَّقَةَ وَرَاجَعَ كَذَلِكَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ تُصَدَّقُ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا النِّكَاحُ وَلَهَا النَّفَقَةُ، وَيُصَدَّقُ هُوَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ نِكَاحِهِ نَحْوَ أُخْتِهَا وَخَرَجَ بِ أَنْكَرَ مَا لَوْ مَاتَ فَتَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَلَا تُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا تَرِثُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا صُدِّقَتْ، وَلَوْ مَاتَتْ فَادَّعَى وَارِثُهَا الِانْقِضَاءَ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا وَخَرَجَ بِالْعِدَّةِ غَيْرُهَا كَطَلَاقِهَا، وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا كَمَا مَرَّ، وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأَمَةِ وَالنَّسَبِ لِلْوَلَدِ - فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالزَّوْجَ يُنْكِرَانِهَا وَلَهُمَا نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ - وَلُحُوقِ الْوَلَدِ لِلزَّوْجِ بِالْفِرَاشِ فِيمَا لَمْ يُنْكِرْ وَضْعَهُ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ) وَكَذَا الصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا كَقُرْبِ زَمَنِ الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ (فَلَا تُصَدَّقُ) وَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ لِلْيَمِينِ خُصُوصًا فِيمَا لَا يُمْكِنُ عَقْلًا قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الْوَضْعِ) وَأَمَّا الْحَيْضُ فَتَقَدَّمَ قَبُولُ الْآيِسَةِ فِيهِ
قَوْلُهُ: (بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ: عَدَدِيَّةٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَتَيْنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا: عَدَدِيَّةٌ هِلَالِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (مُصَوَّرٍ) أَيْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ وَهَذِهِ يَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِيلَادُ وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْغُرَّةُ.
قَوْلُهُ: (بِلَا صُورَةٍ) أَيْ لَا ظَاهِرَةٍ وَلَا خَفِيَّةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ، وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ كَالْعَلَقَةِ، وَيَثْبُتُ لَهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَثُبُوتُ النِّفَاسِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) لَوْ وَطِئَهَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ أَسْتَأْنَفَتْ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى وَيُرَاجِعُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ لَا غَيْرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ خَالَطَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْقَضِ وَلَكِنَّ الرَّجْعَةَ فِي زَمَنِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ خَاصَّةً تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ} [البقرة: 228] الْآيَةَ وَلَهُ الرَّجْعَةُ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ تَصْدِيقُهَا قَاصِرٌ عَلَى بَاقِي الْوَلَدِ دُونَ النَّسَبِ وَكَذَا فِي اسْتِيلَادِ الْأَمَةِ وَنَحْوِهَا.
قَوْلُهُ: (فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُصَوَّرُ فِي ثَمَانِينَ وَكَذَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاوِي، وَنَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةٌ فِي مُسْلِمٍ، قَوْلُهُ:(أَوْ مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ فَلَا بُدَّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأَ خَلْقِ آدَمِيٍّ بِشَهَادَةِ الْقَوَابِلِ،.
قَوْلُهُ: (وَاللَّحْظَةُ الْأُولَى إلَخْ) كَذَلِكَ لَنَا قَوْلُ إنَّ اللَّحْظَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ
وَقَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ وَقْتَ النِّكَاحِ، وَفِي غَيْرِ الْغَالِبِ كَالْمَشْرِقِيِّ مَعَ الْمَغْرِبِيَّةِ تَكُونُ الْمُدَدُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ، وَدَلِيلُ الْمُدَّةِ الْأُولَى - أَيْ اعْتِبَارِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ - قَوْله تَعَالَى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] وَدَلِيلُ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» إلَى آخِرِهِ.
(أَوْ) ادَّعَتْ (انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَطْلُقَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً وَهَذِهِ اللَّحْظَةُ لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ الثَّالِثِ، وَلَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْعِدَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنْهَا حَتَّى تَصِحَّ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَاللَّحْظَةُ الْأُولَى قِيلَ: لَا تُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إنَّ الْقَرْءَ الِانْتِقَالُ مِنْ طُهْرٍ إلَى دَمٍ، وَيُصَوَّرُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا إذَا عَلَّقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ طُهْرِهَا (أَوْ فِي حَيْضٍ فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمًا، وَلَيْلَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً وَهَذِهِ اللَّحْظَةُ لِلِاسْتِبَانَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى لَحْظَةٍ فِي الْأَوَّلِ.
(أَوْ أَمَةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ، ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَتَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ الثَّانِي، وَهُوَ تَمَامُ عِدَّةِ الْأَمَةِ، وَقِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى اللَّحْظَةِ فِي الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) فِي (حَيْضٍ فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ) يَوْمًا (وَلَحْظَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ وَتَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي طُهْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَسْبُوقٌ بِحَيْضٍ، أَمَّا مَنْ ابْتَدَأَهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ فِيهَا - حُرَّةً - ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ - وَأَمَةً - اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْقَرْءَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ، فَالْحُكْمُ كَحُكْمِ مَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (مِنْ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ) أَيْ عَادَةً وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِهِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ نَحْوِ وَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَفِصَالُهُ) أَيْ رَضَاعُهُ فِي عَامَيْنِ أَيْ مُدَّةَ عَامَيْنِ وَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا بَقِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ مُدَّةُ الْحَمْلِ، وَاعْتِبَارُ زِيَادَةِ اللَّحْظَتَيْنِ لِمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (إنَّ أَحَدَكُمْ) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، يَا بَنِي آدَمَ يُجْمَعُ: أَيْ يُضَمُّ وَيُحْفَظُ خَلْقُهُ أَيْ مَادَّةُ خَلْقِهِ، وَهُوَ الْمَنِيُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَيْ فِيهَا بَعْدَ سَبْعَةٍ مِنْهَا، أَوْ فِي آخِرِهَا فَفِي رِوَايَةٍ: إنَّ النُّطْفَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ، وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفُرٍ وَشَعْرٍ وَعِرْقٍ وَعُضْوٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا تَمْكُثُ كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَصِيرُ دَمًا فِي الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا، ثُمَّ تَكُونُ عَقِبَ تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَقَةً، أَيْ قِطْعَةَ دَمٍ تَجْمُدُ شَيْئًا فَشَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ، أَيْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَقِبَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ تَكُونُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا مُضْغَةً أَيْ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ وَتَقْوَى شَيْئًا فَشَيْئًا، مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَقِبَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالرَّحِمِ، وَمَعْنَى إرْسَالُهُ أَمْرُهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا لِمَا فِي الْحَدِيثِ «إنَّ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالرَّحِمِ مِنْ الِابْتِدَاءِ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَيَنْفُخُ فِيهِ بَعْدَ تَشَكُّلِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنْسَانِ الرُّوحَ وَهُوَ مَا يَعِيشُ بِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إرْسَالَ الْمَلَكِ فِي أَوَّلِ الْأَرْبَعِينَ الرَّابِعَةِ وَفِي أُخْرَى فِي الثَّالِثَةِ وَفِي أُخْرَى فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي أُخْرَى فِي الْأُولَى، وَقَدْ انْتَشَرَتْ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَوَقَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا بِأَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا، أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِتَصْوِيرِهِ الْخَفِيِّ، وَالثَّانِيَةِ لِتَصْوِيرِهِ الظَّاهِرِ وَالثَّالِثَةِ لِتَشَكُّلِهِ، وَالرَّابِعَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِمَبَادِئِ تَخْطِيطِهِ الْخَفِيِّ، وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ لِمَبَادِئِ تَخْطِيطِهِ الظَّاهِرِ، وَبَعْدَ الثَّالِثَةِ لِمَبَادِئِ تَشَكُّلِهِ، وَهَكَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَاضْطِرَابِ الْأَحْوَالِ فِيهِ، فَإِنَّهُ زُبْدَةُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَتَعْبِيرُ الْأَحَادِيثِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي مُؤَوَّلٌ فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ) أَيْ لِمَعْرِفَةِ تَمَامِهِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهَا، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهَا لَوْ وَقَعَ.
قَوْلُهُ: (فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَحْظَةٌ) وَمِثْلُهَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا، وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَكَانَتْ مُعْتَادَةً فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَأَمَةً) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَحْظَةٌ) هِيَ اللَّحْظَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ اللَّحْظَةِ الْأُولَى فِيهِمَا، لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، نَظَرَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ جَهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ حُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى الْحَيْضِ احْتِيَاطًا لِلِانْقِضَاءِ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهَا فَرَاجِعْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَيُصَوَّرُ) أَيْ وَيُصَوَّرُ الْإِمْكَانُ عَلَى هَذَا بِهَذَا.
قَوْلُهُ: (بِآخِرِ جُزْءٍ) وَهَذَا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْ الطُّهْرِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَحْظَةٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي طُهْرٍ خِلَافَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ إلَخْ) لَوْ شَكَّتْ فَلَمْ تَدْرِ هَلْ هِيَ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ أَوْ الطُّهْرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ حُمِلَ أَمْرُهَا، عَلَى الْأَقَلِّ، وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ الْوَجْهُ.
حَاضَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَتُصَدَّقُ) الْمَرْأَةُ فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهَا (إنْ لَمْ تُخَالِفْ) فِيمَا ادَّعَتْهُ (عَادَةً) لَهَا (دَائِرَةً وَكَذَا إنْ خَالَفَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَتَغَيَّرُ، وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ.
(وَلَوْ وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّةً وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ) مِنْ أَقْرَاءِ الطَّلَاقِ دُونَ مَا يُزَادُ عَلَيْهَا لِلْوَطْءِ.
(وَيُحَرَّمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعِيَّةِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حِلِّهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِحِلِّهِ لِحُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ عِنْدَهُ (وَلَا يُعَزَّرُ إلَّا مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) بِخِلَافِ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَالْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَكَذَا إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ فِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ نَصِّهِ، فِيمَا إذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ بِوُجُوبِهِ مِنْ النَّصِّ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّاجِحُ تَقْرِيرُ النَّصِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ يَرْتَفِعُ بِالْإِسْلَامِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ لَا يَرْتَفِعُ بِالرَّجْعَةِ، وَالْحِلُّ بَعْدَهَا كَالْمُسْتَفَادِ بِعَقْدٍ آخَرَ.
(وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَلِعَانٌ) مِنْ الرَّجْعِيَّةِ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَالرَّجْعِيَّةُ لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا ذُكِرَ، وَتَقَدَّمَ مَسْأَلَتَا التَّوَارُثِ وَالطَّلَاقِ فِي بَابِهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى الْمَسَائِلِ الْبَاقِيَةِ فِي أَبْوَابِهَا وَالْغَرَضُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْخَمْسَ هُنَا الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا.
(وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: رَاجَعْت يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: بَلْ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) وَكَذَا فِي بَقَائِهَا، وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَلَهَا النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ:(بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ) فَلَا تُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَتْهُ قَبْلَهَا فَإِنْ عَادَتْ وَادَّعَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَتْ.
قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُحَلَّفُ، وَإِنْ لَمْ تُتَّهَمْ وَأَنَّهَا لَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وُجُوبُ اسْتِفْصَالِهَا، وَإِنَّمَا تُحَلَّفُ إذَا اُتُّهِمَتْ.
قَوْلُهُ: (رَجْعِيَّةً) وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ الضَّمِيرِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ، وَنُقِلَ أَنَّهُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (الْأَقْرَاءَ) خَرَجَ الْحَمْلُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ، وَالْأَشْهَرُ كَالْأَقْرَاءِ. قَوْلُهُ:(مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ) أَيْ فَرَاغِهِ لِتَوَقُّعِ الْعُلُوقِ قَبْلَهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّوْمَ بَلْ لَا إشْكَالَ وَلَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (دُونَ مَا زَادَ) فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ مِنْ عِدَّةِ النِّكَاحِ، اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَالْقَرْءُ الْأَوَّلُ مِنْهَا وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ، فِيهِ دُونَ الْقُرْأَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِتَمَحُّضِهِمَا لِعِدَّةِ الْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) مِنْهُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَلَا عَلَيْهَا إنْ تَكَرَّرَ وَعَلِمَا بِالْحُرْمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَزَّرُ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْوَاطِئِ وَمَحَلُّهُ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَكَذَا يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ الْحِلِّ إذَا رُفِعَ لِمُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ قُرِئَ " يُعَزِّرُ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ، وَضَمِيرُهُ لِلْحَاكِمِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِبِكْرٍ فِي الْبِكْرِ، وَثَيِّبٍ فِيهَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، وَهُوَ لِلشُّبْهَةِ لَا لِلْعَقْدِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ لَهَا تَكَرَّرَ بِقَدْرِ الدَّفْعِ، قَوْلُهُ:(أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ: (أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْقَتْلُ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ وَهُوَ نَقْصُ الْعَدَدِ، فَبِالْإِسْلَامِ يَتَبَيَّنُ حِلُّ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِيهِ بِخِلَافِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ) أَيْ وَلَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ.
فَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَوْجِيَّةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى الزَّوْجِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ - ظَاهِرًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ -، وَعَدَمِ الرَّجْعَةِ فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَطَلَ نِكَاحُ الزَّوْجِ، وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَحَقَّهَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (فَالْحُكْمُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْحُرَّةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَلَحْظَةٌ وَلِلْأَمَةِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ قَالَ الْمُحَشِّي هَذِهِ حَاشِيَةٌ صَحِيحَةٌ فَيَنْبَغِي تَأَمُّلُهَا.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تُخَالِفْ عَادَةً) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، أَوْ عَادَتُهَا أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ أَصْلًا، قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الِاخْتِيَارُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ النَّصِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ يُعَضِّدُهُ أَصْلٌ ظَاهِرٌ اهـ.
وَلَوْ مَضَتْ الْعَادَةُ فَادَّعَتْ مَزِيدًا، وَأَنَّ الْعَادَةَ تَغَيَّرَتْ فَنَقَلَا فِي الْعِدَدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ تَصْدِيقُهَا وَجْهًا وَاحِدًا وَعَلَى الزَّوْجِ السُّكْنَى، ثُمَّ أَبْدَى الْإِمَامُ فِيهِ احْتِمَالًا بِأَنَّا لَوْ صَدَّقْنَاهَا لَرُبَّمَا تَمَادَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَفِيهِ إجْحَافٌ بِالزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَرْتَفِعُ إلَخْ) أَيْ، لِأَنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ حُسِبَتْ وَلَمْ تَمْحُهَا الرَّجْعَةُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ لَوْ عَلِمَتْ الزَّوْجَةُ التَّحْرِيمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله قَالَ: وَشُبْهَتُهُ قَوِيَّةٌ، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ إلَّا بِرَجْعَةٍ.
قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا) وَلِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ بَعْلًا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] فَثَبَتَتْ
أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (أَوْ عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ الْخَمِيسَ، وَقَالَ: السَّبْتَ؛ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ) بِأَنْ اقْتَصَرَ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ، وَالزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ (فَالْأَصْلُ تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَى فَإِنْ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ، ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ الرَّجْعَةِ وَسَقَطَتْ دَعْوَى الزَّوْجِ.
(أَوْ ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (قَبْلَ انْقِضَاءِ) الْعِدَّةِ (فَقَالَتْ: بَعْدَهُ؛ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ رَاجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا (قُلْت: فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَ النَّوَوِيُّ الْعَزْوَ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصْدِيقُهَا مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُهُ.
(وَمَتَى ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا وَقِيلَ: هِيَ الْمُصَدَّقَةُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِنْ أَرَادَهَا أَنْشَأَهَا (وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ) كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِهَا (قُبِلَ اعْتِرَافُهَا) كَمَنْ أَنْكَرَ حَقًّا وَحَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ.
(وَإِذَا طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ، وَقَالَ: وَطِئْت فَلِي رَجْعَةٌ، وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ) مِنْهُ عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهُ الْيَمِينَ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّصْدِيقِ لِلْعِلْمِ بِوُجُوبِهِ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُدَّعِي، وَإِلَّا فَالْمُسَمَّى، أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَلَا تَرْجِعُ زَوْجَةً لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. مِنْهَا، أَوْ حَلِفِهِ بَعْدَ نُكُولِهَا، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِحَيْلُولَتِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِإِذْنِهَا فِي نِكَاحِ الْآخَرِ، أَوْ تَمْكِينِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا لَا يَسْرِي عَلَيْهِ.
وَإِذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَ رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ نُزِعَتْ مِنْ الثَّانِي، وَسُلِّمَتْ لَهُ وَلَهَا عَلَى الثَّانِي مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ) أَيْ عَلَى وَقْتٍ يَحْصُلُ بِهِ الِانْقِضَاءُ كَفَرَاغِ الشَّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ: إنَّهُ كَيْفَ يَدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِانْقِضَاءِ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا مَا انْقَضَتْ) فَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ هُنَا وَمَا بَعْدَهُ وَفَارَقَا مَا قَبْلَهُمَا بِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (سَبْقِ الدَّعْوَى) لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ إنْ سَبَقَتْ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ، وَإِنْ سَبَقَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ تَرَاخَى كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ، أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُصَدَّقُ هُوَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ فِي الدَّعْوَى، وَجُهِلَ أَيُّهُمَا السَّابِقُ، أَوْ عُلِمَ ثُمَّ نُسِيَ وَلَمْ يُرْجَ بَيَانُهُ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْوَقْفُ إلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِدَدِ فِيمَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ صُدِّقَ الزَّوْجُ، أَوْ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ الزَّوْجَةُ، أَوْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ، وَإِنْ سَبَقَتْ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِمَّا هُنَا، وَالْوِلَادَةُ كَالِانْقِضَاءِ، وَالطَّلَاقُ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ فِي الْآخَرِ، وَبِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ فِي الثَّانِي، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي سَبْقِ الدَّعْوَى بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ مُحَكَّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَعَطْفُ " مَتَى " عَلَى " تَرْجِيحُ " بَعِيدٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا) فَدَعْوَاهُ إقْرَارٌ لَا إنْشَاءٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا عَدَمُ الْجَوَازِ لَهُ بَاطِنًا إذَا كَانَ كَاذِبًا، وَعَلَى كَوْنِهِ إنْشَاءً الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَادَّعَى سَبْقَ الرَّجْعَةِ عَلَيْهِ صُدِّقَ، وَلَا مَهْرَ وَلَوْ سَأَلَ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجُهَا، أَوْ نَائِبُهُ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَبَ عَلَيْهَا إخْبَارُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ سَأَلَهَا وَلَوْ رَاجَعَهَا بَعْدَ إخْبَارِهَا لَهُ بِالِانْقِضَاءِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِكَذِبِهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. قَوْلُهُ:(قَبْلَ اعْتِرَافِهَا) وَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَتَغْرَمُ لَهُ الْمَهْرَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا قَبْلَ اعْتِرَافِهَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ نَفْيٍ لَا يُنَاقِضُهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْإِقْرَارَ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) وَلَهَا التَّزَوُّجُ حَالًا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا لِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) وَفَارَقَ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي نَفْيِ وَطْءِ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِمَا ثَابِتٌ، وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ:(عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى وَلَا تَوَارُثَ، وَإِذَا أَخَذَتْ النِّصْفَ، ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ لَمْ تَأْخُذْ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَفِيهَا لَا حَاجَةَ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ فَتَأَمَّلْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
أَحْكَامُ الْبُعُولِيَّةِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ كَالْوَطْءِ
قَوْلُهُ: (الِانْقِضَاءَ) الْمُرَادُ وُجُودُ مَا بِهِ الِانْقِضَاءُ عَادَةً لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ حَقِيقَةً، قَوْلُهُ:(الْأَصْلُ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ فَوَاتِ سُلْطَتِهَا يُشْبِهُ دَعْوَى الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ:(إنَّهَا مَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ انْقِضَاءَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَلَفَ فِي الْأُولَى - مِنْ أَنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالرَّجْعَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ - كَوْنُ الِانْقِضَاءِ لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحَاصِلَةِ بِالِاخْتِيَارِ بَلْ لَيْسَ فِعْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ وَحُكْمُهُ، قَوْلُهُ:(أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِحَلِفِهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهَا بِسَبْقِ الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) اقْتَضَى إطْلَاقُهُمْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ وَطْؤُهَا فِي الْعِدَّةِ، ثُمَّ أَسْنَدَ الرَّجْعَةَ لِوَقْتٍ سَابِقٍ عَلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَاوِلُ رَفْعَ النِّكَاحِ فِيهَا، وَهُوَ ثَابِتٌ وَهُنَا قَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَدَّعِي إثْبَاتَ الرَّجْعَةِ بِالْوَطْءِ قَبْلَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَتْ خَلْوَةٌ.