الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ فِيهَا عَلَى وِزَانِ ذَلِكَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ، وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا وَلَا أَعُودُ إلَيْهَا (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَ) الْمَعْصِيَةُ (غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ) كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ (يُشْتَرَطُ) فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا (إقْلَاعٌ) عَنْهَا (وَنَدَمٌ) عَلَيْهَا (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهَا، (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكَّنُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. .
فَصْلٌ (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ)
فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَذِكْرَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ فِيهِ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) كَفِعْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ يَثْبُتَانِ بِاثْنَيْنِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِزِنًا مِنْ ذِكْرِهِ مُفَسَّرًا، فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ فِي فَرْجِهَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا (وَلِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَحَقٍّ
ــ
[حاشية قليوبي]
مُرُوءَةٍ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْفِسْقَ بِالْخَفِيِّ، وَإِلَّا قُبِلَتْ حَالًا، وَكَذَا مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ. قَوْلُهُ:(وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْفَاسِقِ فِي غَيْرِهَا وَمِثْلُهُ خَارِمُ الْمُرُوءَةِ.
قَوْلُهُ: (بِسِتَّةٍ) أَيْ تَقْرِيبِيَّةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ نَعَمْ يَكْفِي فِي غَيْبَةٍ بِصَغِيرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ صَاحِبَهَا اسْتِغْفَارٌ وَلَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ الِاسْتِغْفَارِ فَالْوَجْهُ بَقَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ الْقَوْلُ فِي نَحْوِ يَا خِنْزِيرُ يَا مَلْعُونُ. قَوْلُهُ: (فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا) أَيْ وَمِنْ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ) وَعَدَمُ وُصُولِهِ إلَى حَالَةِ الْغَرْغَرَةِ وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالٍ) بِعَيْنِهِ أَوْ بِبَدَلِهِ أَوْ بِالْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ إذَا قَدَرَ وَبِرَدِّهِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ وُرَّاثِهِ أَوْ لِحَاكِمٍ ثِقَةٍ وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ إذَا عَرَفَهُ.
فَرْعٌ: تَجِبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَلَوْ صَغِيرَةً، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ آخَرَ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لَا بِتَذَكُّرِهِ، وَإِذَا تَابَ فِي قَتْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ صَحَّتْ فِي حَقِّ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ تَوْبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ بِشَرْطِ النَّدَمِ عَلَيْهِ، وَكَذَا صَلَاةٌ تَرَكَهَا.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَعَدُّدِ الشُّهُودِ
وَحَاصِلُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إمَّا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ رَجُلَانِ فَقَطْ، أَوْ رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْيَمِينُ مَعَ الرَّجُلِ مُؤَكَّدٌ، وَالْأَوَّلُ فِي نَحْوِ الزِّنَا وَالثَّانِي فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَالثَّالِثُ فِي نَحْوِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّابِعُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ، وَالْخَامِسُ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ) بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعُمُومِ فَهُوَ حُكْمٌ حَقِيقَةً بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثُبُوتٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لِلْحَصْرِ فِيهِ) أَيْ الْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُكْمٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ قَبُولُ الْوَاحِدِ فِي الْخَرْصِ وَفِي الْقِسْمَةِ وَفِي ثُبُوتِ إسْلَامِ كَافِرٍ مَاتَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعُهَا وَفِي أَخْبَارِ الْعَوْنِ لِلْحَاكِمِ، بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ لِأَجْلِ تَعْزِيرِهِ وَفِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بِعَدْلٍ رَأْي هِلَالَ شَوَّالٍ، وَفِي صِحَّةِ صَوْمِ شَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ بِذَلِكَ، وَفِي صِحَّةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
قِصَّةِ الْمُتَخَلِّفِينَ فِي تَبُوكَ وَأَمَّا عَدَمُ التَّقْدِيرِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ: وَكَيْفَ يُطْمَعُ فِي التَّقْدِيرِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(قُلْت إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَطَةٌ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ:(إقْلَاعٌ عَنْهَا) أَيْ بِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ حَالًا وَبِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ حَالًا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَالِ وَالنَّدَمِ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمِ أَنْ لَا يَعُودَ بِالْمُسْتَقْبَلِ قَالَ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] وَقَالَ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] الْأَوَّلُ النَّدَمُ وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَرَدُّ ظُلَامَةٍ) رَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحِلَّهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ وَطُرِحَ عَلَيْهِ» .
فَائِدَةٌ: لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ وَهُوَ مُفْلِسٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ لِوَفَائِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْمَظْلُومِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَارِثٌ دَفَعَهُ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْغُرْمِ لَوْ عَلِمَهُ.
[فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ]
فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ إلَخْ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) قَدْ سَلَفَ أَنَّ آخِرَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ الِاثْنَيْنِ.
فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ مُسْلِمٌ أَنَّ هَذَا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ حَكَاهُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِ الزِّنَا لِتَمَكُّنِ الْمُقِرِّ مِنْ الرُّجُوعِ.
قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُتَصَوَّرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَأَنْكَرَ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ سَمَاعِهَا بِالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً.
مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] أَيْ فِيمَا يَقَعُ لَكُمْ {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ فِيهِ مُسْتَلْزِمٌ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ الْمُخَرَّجُ مِنْهُ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَرْبَعَةُ وَمَا لَا يَكْتَفِي فِيهِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ (وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) .
رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ» وَقِيسَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا مَالٌ وَالْقَصْدُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ الرَّاجِعَتَيْنِ إلَى الْمَالِ الْوِلَايَةُ وَالْخِلَافَةُ لَا الْمَالُ.
(وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءَ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ وَرَضَاعٍ وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) كَبَرَصٍ وَرَفَقٍ وَقَرَنٍ، (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ» وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ الثِّيَابِ عَمَّا.
قَالَ الْبَغَوِيّ الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، (وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) ، رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» ، (إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا) بِالنَّصْبِ فَلَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ لِخَطَرِهَا، (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَقِيَامُهَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ (وَ) فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِلزِّنَى) أَيْ لِإِثْبَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ كَالْمَيْتَةِ، وَكَذَا اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِهِ رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ فَيَكْفِي اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُ تَجْرِيحٌ بِأَنْ شَهِدَا بِفِسْقِهِ وَفَسَّرَاهُ بِالزِّنَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَا إنَّهُمَا ذَكَرَاهُ لِلتَّجْرِيحِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًا. قَوْلُهُ:(فِي فَرْجِهَا) أَيْ فُلَانَةَ إنْ غَابَتْ أَوْ هَذِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ زَمَانٍ، أَوْ مَكَان إلَّا إنْ ذَكَرَهُ أَحَدُهُمْ فَيَجِبُ سُؤَالُ بَاقِيهِمْ لِاحْتِمَالِ تَنَاقُضِهِمْ فَلَا حَدَّ.
قَوْلُهُ: (وَلِمَالٍ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ بِمَعْنَى يُقْبَلُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَكَذَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ كَمَا يَأْتِي لِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ أَيْ أَوْ فَسْخُهُ وَمِنْهُ الْإِقَالَةُ وَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِهَا لِلْعَقْدِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ:(وَضَمَانٌ) وَإِبْرَاءٌ وَقَرْضٌ وَوَقْفٌ وَصُلْحٌ وَشُفْعَةٌ وَرَدٌّ بِعَيْبٍ وَمُسَابِقَةٌ وَغَصْبٌ وَوَصِيَّةٌ بِمَالٍ وَإِقْرَارٌ وَمَهْرٌ فِي نِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ خُلْعٍ وَقَتْلُ خَطَأٍ، وَقَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَقَتْلُ حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا وَسَرِقَةٌ لَا قَطْعَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَحَقٌّ مَالِيّ) وَمِنْهُ رَهْنٌ وَقَبْضُ مَالٍ وَلَوْ فِي كِتَابَةٍ وَمِنْ حُقُوقِ الْعُقُودِ طَاعَةُ زَوْجَةٍ لِاسْتِحْقَاقِ نَفَقَةٍ، وَكَذَا قَتْلُ كَافِرٍ لِسَلْبِهِ وَإِزْمَانُ صَيْدٍ لِتَمَلُّكِهِ وَعَجْزُ مُكَاتَبٍ وَإِفْلَاسٌ وَرُجُوعُ مَيِّتٍ عَنْ تَدْبِيرٍ، وَأَمَّا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ فَكَالْوَكَالَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ:(كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ) أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ. قَوْلُهُ: (فَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ) فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 282] . قَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالزِّنَا وَمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ أَيْ وَيُشْتَرَطُ رَجُلَانِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (كَحَدِّ الشُّرْبِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْجَلْدَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَحَدِّ الْقَذْفِ) وَالتَّعْزِيرِ. قَوْلُهُ: (وَوَكَالَةٍ) وَكَذَا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ أَرَادَ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَكَالْمَالِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ إرْثٍ كَمَا فِي الْمَهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا عِتْقٌ وَبُلُوغٌ وَإِيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَفَسْخُ نِكَاحٍ وَرَضَاعٌ مُحْرِمٌ وَمُقَدِّمَاتُ نِكَاحٍ وَإِقْرَارٌ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَلَاءٌ وَإِحْصَانٌ وَحُكْمٌ وَقَضَاءُ عِدَّةٍ بِأَشْهُرٍ وَخُلْعٌ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَدَعْوَى الرَّقِيقِ التَّدْبِيرَ، وَالِاسْتِيلَادَ وَالْكِتَابَةَ بِخِلَافِ دَعْوَى السَّيِّدِ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا يَخْتَصُّ) أَيْ يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى يَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِمَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَرَضَاعٍ) أَيْ مِنْ الثَّدْيِ أَوْ أَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُ أَمَّا الرَّضَاعُ مِنْ إنَاءٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ نَظَرِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ قُصِدَ مِنْهُ الْمَالُ فَكَالْمَالِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَبْدُو) أَيْ مِنْ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) ، وَكَذَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهَا بِالنَّصْبِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى عُيُوبَ كَالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ وَمَا فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ، وَكَفَّيْهَا وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهَنَةِ مِنْ الْأَمَةِ فَلَا يَثْبُتَانِ بِالنِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ وَلَا بُدَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَيَكْفِي فِي الثَّانِي رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) إنْ لَمْ يُقْصَدْ مِنْهُ الْمَالُ إلَّا فَكَالْمَالِ.
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: قَدْ تُعْتَبَرُ ثَلَاثَةٌ عَلَى وَجْهٍ وَذَلِكَ فِي الْغَارِمِ لِيَصْرِفَ لَهُ الزَّكَاةَ وَفِي الْإِفْلَاسِ، وَفِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَعَقْدٌ مَالِيٌّ) أَيْ أَوْ فَسْخُهُ وَمِنْهُ الْإِقَالَةُ نَعَمْ الْقِرَاضُ وَالشَّرِكَةُ كَالْوَكَالَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَيْعٍ) كَذَا الْإِجَارَةُ وَالْوَقْفُ وَالصُّلْحُ وَالْفُرْقَةُ وَالْمَهْرُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْجِنَايَاتُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ وَمِنْ حَقِّ الْمَالِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَشَرْطُ رَهْنٍ وَطَاعَةُ الزَّوْجَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَخِيَارٍ) أَيْ لِمَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ عَجْزِ مُكَاتَبٍ أَوْ إفْلَاسٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ:(قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ سبحانه وتعالى عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّيُونِ وَقِسْنَا عَلَيْهَا غَيْرَهَا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَتُهَا وَعُمُومُ الْبَلْوَى بِهَا، قَوْلُهُ: (رَوَى مَالِكٌ إلَخْ) هُوَ مُرْسَلٌ وَلَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَبَكَارَةٍ) وَثُيُوبَةٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَيْضٍ) لِلنِّسَاءِ طُرُقٌ فِي مَعْرِفَتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعُيُوبٍ)، وَكَذَا الْحَمْلُ قَوْلُهُ:(رَوَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ بِرَجُلٍ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الرِّجَالِ بِالْوِلَادَةِ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّهُمْ شَاهَدُوهَا مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ نَظَرٌ.
وَتَعْدِيلِهِ وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ) فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا.
قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْحَقِّ وَأَخَّرَ تَصْدِيقَ الشَّاهِدِ لَا بَأْسَ وَذِكْرُ صِدْقِ الشَّاهِدِ لِيَحْصُلَ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ الْمُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ، (فَإِنْ تَرَكَ) الْمُدَّعِي (الْحَلِفَ) بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ وَبِيَمِينِ الْخَصْمِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. .
(وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) ، يَسْتَرِقُّهُمَا، (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ (لَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتَهُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا لَهَا فَيُنْتَزَعُ الْوَلَدُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكًا وَحُجَّتُهُ تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ وَهُوَ كَامِلٌ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ بِغَيْرِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا شَيْءٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ تَثْبُتُ بِهِمَا الْأَمْوَالُ وَأَنَّ مَحْضَ النِّسَاءِ لَا يَثْبُتُ بِهِنَّ مَالٌ، وَلَا مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَإِنَّ نَحْوَ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعٍ مِنْ الرِّجَالِ.
فَرْعٌ: يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ شَاهِدٍ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَفِي عُيُوبِ النِّسَاءِ يَكُونُ عَالِمًا بِالطِّبِّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا بَأْسَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ) فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ احْلِفْ أَوْ حَلِّفْنِي وَخَلِّصْنِي. قَوْلُهُ: (وَيَمِينُ الْخَصْمِ) أَيْ لَا يُطْلَبُ الْيَمِينُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ وَلَا الدَّعْوَى خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَمَا قِيلَ وَلَعَلَّ الشَّيْخَيْنِ بَنَيَاهُ عَلَى مَرْجُوحٍ، إذْ لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ بِالطَّلَبِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى نُكُولٍ بَعْدَهُ وَلَا إلَى رَدِّ يَمِينٍ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ الدَّعْوَى) أَيْ فَلَا مُطَالَبَةَ أَصْلًا، وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (يَمِينُ الرَّدِّ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا. قَوْلُهُ: (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَيَحْلِفُ وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ سُقُوطُ الدَّعْوَى مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِي) أَيْ مِنِّي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ هُوَ الْمَالِيَّةُ فِيهَا وَالِاسْتِيلَادُ تَابِعٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لَبْوَتِهِ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَالْحُكْمُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِيهِ نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ فَمَا سَلَكَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ فَلَوْ أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ تَبِعَ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَلِلْمُدَّعِي الزَّوَائِدُ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِمَّنْ اسْتَلْحَقَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَبِيرًا ثَبَتَ بِتَصْدِيقِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ عُذْرَهُ فِي عَدَمِ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ النَّصِّ الْمُوَافِقِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً. قَوْلُهُ: (وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ) وَحَلِفُهُ عَلَى الْجَمِيعِ إنْ ادَّعَاهُ وَإِنْ ادَّعَى قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ حَلَفَ عَلَيْهَا فَقَطْ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ وَلَا يَكْفِي حَلِفُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) لِئَلَّا يَلْزَمَ ثُبُوتُ مِلْكٍ لِشَخْصٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَبْطُلُ حَقٌّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ. قَوْلُهُ: (بِنُكُولِهِ) خَرَجَ امْتِنَاعُهُ بِلَا نُكُولٍ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْغَائِبُ كَالْحَاضِرِ إذَا عَلِمَ وَنَكَلَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ وَشَرَعَ فِيهَا وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى مَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: الَّذِي تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ لَوْ شَهِدْنَ فِيهِ عَلَى الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا حَلَفَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَيُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوْلَانِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله اهـ. أَقُولُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَحْسَنُ وَمِنْهَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ رحمه الله الْآتِيَ وَالثَّانِيَ يَثْبُتَانِ تَبَعًا، الْغَرَضُ مِنْهُ ثُبُوتُ الِانْتِزَاعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ رحمه الله بِقَوْلِهِ الْآتِي فَيُنْزَعُ الْوَلَدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ رحمه الله، وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ يَثْبُتَانِ بِالْإِقْرَارِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي