الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ بِالْقِصَاصِ (لِكُلِّ وَارِثٍ) مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ
كَالدِّيَةِ وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ فَيَخْتَصُّ بِهِمْ وَقِيلَ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي، وَالسَّبَبُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّشَفِّي (وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ) إلَى أَنْ يَحْضُرَ (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) بِالْبُلُوغِ (وَمَجْنُونِهِمْ) بِالْإِفَاقَةِ.
(وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ضَبْطًا لِحَقِّ الْقَتِيلِ (وَلَا يُخْلَى بِكَفِيلٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ وَيَفُوتُ الْحَقُّ (وَلْيَتَّفِقُوا) أَيْ مُسْتَحِقُّو الْقِصَاصِ (عَلَى مُسْتَوْفٍ) لَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى مُبَاشَرَةِ اسْتِيفَائِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْمُقْتَصِّ مِنْهُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ بِأَنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ (فَقُرْعَةٌ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ تَوَلَّاهُ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ (يَدْخُلُهَا الْعَاجِزُ) عَنْ الْمُبَاشَرَةِ (وَيَسْتَنِيبُ) إذَا خَرَجَتْ لَهُ (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجْرِي بَيْنَ الْمُسْتَوِينَ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةٍ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَوْجَهُ
(وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ فَالْأَظْهَرُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ (وَلِلْبَاقِينَ قِسْطُ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ وَلَهُ مِثْلُهُ عَلَى الْمُبَادِرِ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُ حَقِّ غَيْرِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَمَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ تَحْرِيمَ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ تَلَقِّيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا وَالدِّيَةُ مِثْلُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَثَابِتٌ لِلْوَرَثَةِ تَلَقِّيًا بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِيهِ عَلَى مَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ:(لِكُلِّ وَارِثٍ) بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَدَخَلَ فِي الْوَارِثِ وَارِثُ مَنْ ارْتَدَّ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْإِرْثِ، وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا ذَوُو الْأَرْحَامِ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ الْمَالَ بِالْإِرْثِ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَخْصِيصُ الشَّارِحِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ قَوْلُهُ:(وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ الذُّكُورِ خَاصَّةً، وَمِنْ الْعَصَبَةِ ذَوُو الْأَرْحَامِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَيَسْتَوْفِيهِ مَعَ الْوَارِثِ قَوْلُهُ:(وَيُنْتَظَرُ) وُجُوبًا غَائِبُهُمْ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ قَوْلُهُ: (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ بِالْبُلُوغِ) وَلَوْ سَفِيهًا لِأَنَّ عَفْوَهُ عَنْ الْقِصَاصِ صَحِيحٌ وَكَمَالُ مَجْنُونِهِمْ بِالْعَقْلِ نَعَمْ لِوَلِيِّهِ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَقَطْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الدِّيَةِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَيُرَاعَى الْجُنُونُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الصِّبَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ وَالْوَجْهُ انْتِظَارُ بُلُوغِهِ، فَإِذَا لَمْ يُفِقْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْجُنُونِ فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (وَيُحْبَسُ) ، وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ إلَّا فِي حَامِلٍ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا فِي غَائِبٍ قُتِلَ عَبْدُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا فِي قَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَلِلْإِمَامِ الِاسْتِيفَاءُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ:(الْقَاتِلُ) أَيْ الْجَانِي وَلَوْ فِي طَرَفٍ أَوْ مَعْنَى قَوْلُهُ: (لِحَقِّ الْقَتِيلِ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَابِسَ الْحَاكِمُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ كَمَا مَرَّ فَلَا حَاجَةَ لِمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ. قَوْلُهُ:(عَلَى مُسْتَوْفٍ) أَيْ غَيْرِ كَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ) مِنْ بَاقِيهِمْ أَوْ مِنْهُمْ، وَهَذَا فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ بِتَوْكِيلِهِمْ لِغَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ:(لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ فِي نَحْوِ غَرَقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ:(فَقُرْعَةٌ) أَيْ وُجُوبًا لِقَطْعِ النِّزَاعِ قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ الْبَاقِينَ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ وِلَايَةَ النِّكَاحِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ لِقَادِرٍ فَعَجَزَ أُعِيدَتْ بَيْنَ الْبَاقِينَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ لِمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ لَا قِصَاصَ) نَعَمْ إنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ فَلَا قِصَاصَ جَزْمًا وَسَيَأْتِي أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ جَزْمًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِوَرَثَتِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَهِلَهُ) أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ لَهُ بِاسْتِقْلَالِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ الْجَهْلَ كَالْخَطَأِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ وَحَقُّ الْآخَرِينَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فَلِوَرَثَتِهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي كَذَا بَقِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَمِنْهُمْ الْعَافِي إنْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ عَفْوِ نَفْسِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ أَيْ بِالْقِصَاصِ لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ]
فَصْلٌ الصَّحِيحُ قَوْلُهُ: (ثُبُوتُهُ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ لِجُمْلَتِهِمْ، لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ لَهُ كُلُّ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ الْقَاصِرُ وَالصَّحِيحُ الثُّبُوتُ لِأَنَّهُ لِلْجِهَةِ، قَوْلُهُ:(كَالدِّيَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَقٌّ مَوْرُوثٌ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» . وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالدِّيَةِ، وَالدِّيَةُ تَثْبُتُ لِجُمْلَتِهِمْ اتِّفَاقًا فَكَذَا الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ الذُّكُورِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ أَصْحَابَ الْوَلَاءِ يَدْخُلُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْحَاكِمُ مَالَ مَيِّتٍ مَغْصُوبًا وَالْوَارِثُ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَائِبِ، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ الْعَاجِزُ إلَخْ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَدَرَ) أَيْ أَسْرَعَ قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِهِ) أَيْ فَكَانَ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَحَدٍ فِيهِ وَلِأَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ لِكُلٍّ الِانْفِرَادَ، قَوْلُهُ:(فَلَزِمَهُ ضَمَانُ حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُتْلِفِ وَغَيْرِهِ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ) أَيْ فَكَانَ كَمَنْ اسْتَوْفَى النَّفْسَ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ الطَّرَفَ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ قِسْطُهُ) حَاصِلُ هَذَا أَنَّا إذَا قُلْنَا يَجِبُ الْقِصَاصُ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِتَرِكَةِ الْجَانِي دُونَ الْمُبَادِرِ قَطْعًا
قَوْلُهُ: (وَهَذَا صَادِقٌ بِنَفْيِ الْعِلْمِ) فِي صِدْقِ الْعِبَارَةِ عَلَى هَذَا وَاَلَّذِي يَلِيهِ خَفَاءٌ فَإِنْ جَعَلْت الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ تَصِحُّ وَلَوْلَا فِي تَصْرِيحِ الشَّارِحِ بِلَمْ
الْقَتْلِ فَإِنْ جَهِلَهُ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَعَلَى وُجُوبِهِ إنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي كَالْبَاقِينَ
(وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَهَذَا صَادِقٌ بِنَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ، وَبِنَفْيِ الْعِلْمِ دُونَ الْحُكْمِ وَالْعَكْسِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ عَدَمُ الْعِلْمِ وَفِي الثَّالِثِ شُبْهَةُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ الِانْفِرَادَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَتَّى لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْهُ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ
(وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ سَوَاءٌ فِيهِ النَّفْسُ وَالطَّرَفُ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) بِهِ مُسْتَحِقُّهُ (عُزِّرَ) وَاعْتَدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ) لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ (فِي نَفْسٍ لَا طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَأْذَنُ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَالشَّيْخِ وَالزَّمَنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ الْإِيلَامُ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ.
(فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ (عُزِّرَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَلَوْ قَالَ أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ) بِأَنْ ضَرَبَ كَتِفَهُ أَوْ رَأْسَهُ بِمَا يَلِي الرَّقَبَةَ (عَزَلَهُ) لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ وَيَحْلِفُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ
(وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَهُوَ الْمَنْصُوبُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقُصَاصَاتِ وُصِفَ بِأَغْلَبِ أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) فِي الْقِصَاصِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ (وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ
(وَفِي الْحَرَمِ) إنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ سَوَاءٌ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أُخْرِجَ مِنْهُ وَقُتِلَ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ، وَقِيلَ تُبْسَطُ الْإِنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا (وَ) فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
لَزِمَهُ الْقِصَاصُ بِالْأَوْلَى وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ قَدْ عَفَا مَجَّانًا وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَهَذَا صَادِقٌ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدًا لِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِهِ لَمْ يُوجَدْ مَعْلُومًا، فَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا وُجِدَ الْعِلْمُ بِالْعَفْوِ، وَوُجِدَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ مَعًا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ التَّرَاكِيبِ وَانْتِزَاعِ مُخَبَّآتِ الْأَسَالِيبِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) نَعَمْ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ فِي سَيِّدٍ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ، وَفِي قَاتِلٍ فِي الْحِرَابَةِ وَفِي مُسْتَحِقٍّ مُضْطَرٍّ أَوْ مُنْفَرِدٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ أَوْ لَا بَعُدَ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ لَا
قَوْلُهُ: (عُزِّرَ) إنْ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِمَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ فِيهِمَا قَوْلُهُ:(لِأَهْلٍ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ حَيْثُ جَازَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قُرْعَةٌ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِ الْأَهْلِ فِي الِاسْتِنَابَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ لَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهُ يُوَكَّلُ لِتَوَقُّفِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى إذْنِهِ فَمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَأْذَنُ الْإِمَامُ لِكَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ وَلَا لِعَدُوٍّ فِي عَدُوِّهِ، وَالْإِيضَاحُ وَالْمَعَانِي كَالطَّرَفِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَأْذَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِيهِمَا.
فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَلَوْ فِي سَرِقَةٍ لَا فِي جِلْدٍ وَنَحْوِهِ لِإِيهَامِ عَدَمِ إيلَامِ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ مِنْ الْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَأَمْكَنَ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَكَالْعَمْدِ فَيُعَزِّرُهُ وَلَا يَعْزِلُهُ قَوْلُهُ: (عَزَلَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا
قَوْلُهُ: (عَلَى الْجَانِي) إنْ لَمْ يُرْزَقْ الْجَلَّادُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَى الْجَانِي بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُوسِرٍ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَتَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ:(فِي الْقِصَاصِ) شَمِلَ النَّفْسَ وَالطَّرَفَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْجَانِي فَغَيْرُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوبُ إلَخْ قَوْلُهُ:(وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ كَالْأَرْشِ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْجُرْحِ عَلَى مَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أُخْرِجَ) أَيْ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُهُ بِالدَّمِ وَإِلَّا كُرِهَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ) أَيْ فَفِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْمَقَابِرُ كَالْمَسَاجِدِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُبْسَطُ الْأَنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] بِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْجَانِي كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْنُ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا) أَيْ فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِمَا بِلَا خِلَافٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لِشَرَفِ الْكَعْبَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهَا خِلَافُ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا.
قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
لَأَمْكَنَ أَنَّ النَّفْيَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ صُرِفَ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّ تَقْدِيرَ لَمْ لِبَيَانِ الْإِعْرَابِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا رَاجِعٌ لِعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِلَمْ فِي الْمَعْطُوفِ.
قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لِعَدُوِّ الْجَانِي.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الَّذِي فَعَلَهُ فِعْلًا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ.
قَوْلُهُ: (وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ)، وَلَمْ يَقُلْ: الْمُسْتَوْفِي لِلْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذَا الْبَابِ، قَوْلُهُ:(فِي الْقِصَاصِ) اُنْظُرْ مَا حِكْمَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْقِصَاصِ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْحَلْقِ وَالْخِتَانِ، قَوْلُهُ:(وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ لَا يَحْصُلُ التَّمْكِينُ إلَّا بِإِبَانَةِ الْعُضْوِ عَنْ الْجُثَّةِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ) وَلَا يُقَالُ يُؤَخِّرُ قَدْرَ مُدَّةِ سِرَايَةِ الْجُرْحِ إلَى نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَلَا يُؤَخِّرُ فِي الْأَطْرَافِ إلَى الِانْدِمَالِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْحُرُمِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي فَعَلَ ذَلِكَ، فِي وَقْتِ الِاعْتِدَالِ.
وَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ.
(وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِهَمْزٍ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلُ النِّتَاجِ لَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا. (وَيَسْتَغْنِي بِغَيْرِهَا) صِيَانَةً لَهُ (أَوْ فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ أُمِّهِ مِنْ مُرْضِعَةٍ أَوْ لَبَنِ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُهُ (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) لِأَنَّ لَهُ أَمَارَاتٍ تَخْفَى تَجِدُهَا مِنْ نَفْسِهَا فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ، وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ
(وَمَنْ قَتَلَ بِمُحَدِّدٍ) كَسَيْفٍ أَوْ مُثْقَلٍ (أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا (أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ) كَإِغْرَاقٍ وَإِلْقَاءٍ مِنْ شَاهِقٍ (اقْتَصَّ بِهِ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنْ غَيْرِ السَّيْفِ إلَيْهِ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) لِأَنَّ عَمَلَ السِّحْرِ حَرَامٌ وَلَا يَنْضَبِطُ (وَكَذَا خَمْرٌ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا (وَلِوَاطٍ) بِأَنْ لَاطَ بِصَغِيرٍ (فِي الْأَصَحِّ) .
وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُؤَجَّرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ وَفِي اللِّوَاطِ يَدُسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةً قَرِيبَةً مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ بِهَا
(وَلَوْ جَوَّعَ كَتَجْوِيعِهِ فَلَمْ يَمُتْ) زِيدَ تَجْوِيعُهُ حَتَّى يَمُوتَ، (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) يُقْتَلُ بِهِ (وَمَنْ عَدَلَ إلَى سَيْفٍ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ) كَخَنِقٍ وَتَجْوِيعٍ (فَلَهُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَسْرَعُ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَوْلَى
(وَلَوْ قَطَعَ فَسَرَى) الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ) تَسْهِيلًا عَلَيْهِ (وَلَهُ الْقَطْعُ) لِلْمُمَاثَلَةِ (ثُمَّ الْحَزُّ) لِلسِّرَايَةِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْقَطْعِ (لِلسِّرَايَةِ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ (وَلَوْ مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عُضْوٍ فَالْحَزُّ) فَقَطْ لِلْوَلِيِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) أَيْ الْحَرَمِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ، وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ كَالْجَلْدِ فِي الزِّنَى أَوْ الرَّجْمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُهَا لِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَتْلُ النَّفْسِ كَالْقِصَاصِ وَقَطْعُ السَّرِقَةِ وَجَلْدُ الْقَذْفِ كَقِصَاصِ الطَّرَفِ هُنَا
قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا إنْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِلْحَمْلِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُحْبَسُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ:(الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنَى أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِذَاتِ حَمْلٍ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ لَفْظِ الْحَامِلِ مُذَكَّرًا لِعَدَمِ هَاءِ التَّأْنِيثِ أَوْ لِشُمُولِ الْحَمْلِ لِغَيْرِ الْجَنِينِ كَشَيْءٍ عَلَى رَأْسِهَا مَثَلًا أَوْ لِكَوْنِ الْحَامِلِ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلَةِ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ لِأَنَّ وَصْفَهَا بِالْحَامِلِ فِي دَعْوَاهُ، كَمَا يَأْتِي لَيْسَ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لِحَوْلَيْنِ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَجُوزُ قَبْلَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّ، وَيُؤَخَّرُ عَنْهُمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّوَافُقِ عَلَى النَّقْصِ أَوْ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ:(مِنْ مُرْضِعَةٍ) تَعَيَّنَتْ أَوْ لَا يَجْبُرُ الْحَاكِمُ الْمُتَعَيِّنَةَ أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ لَكِنْ بِأُجْرَةٍ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا زَانِيَةٌ مُحْصَنَةٌ قُتِلَتْ وَأُخِّرَتْ الْجَانِيَةُ لِنَدْبِ الْعَفْوِ فِي الْجِنَايَةِ قَوْلُهُ:(أَوْ بَهِيمَةٍ) نَعَمْ يُنْدَبُ صَبْرُ الْوَلِيِّ حَتَّى تُوجَدَ امْرَأَةٌ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) إنْ أَمْكَنَ الْحَمْلُ وَإِلَّا كَآيِسَةٍ فَلَا تُصَدَّقُ قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) أَيْ أَمَارَةٍ عَلَى الْحَمْلِ وَمَعَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ وَإِذَا صَدَقَتْ لَزِمَ الْمُسْتَحِقَّ الصَّبْرُ إلَى ظُهُورِ الْحَمْلِ لَا إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى عَدَمِ الْقَوَدِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا أَوْ دِيَةٌ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا مُتَأَلِّمًا وَمَاتَ وَإِنْ انْفَصَلَ سَالِمًا أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ، فَلَا شَيْءَ وَعَلَى قَاتِلِهَا غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ قُتِلَتْ بَعْدَ انْفِصَالٍ وَقَبْلَ اسْتِغْنَاءِ الْوَلَدِ فَمَاتَ وَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَوْ عَلَى جَلَّادٍ فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ فَعَلَيْهِمَا مَعًا.
قَوْلُهُ: (خَنِقٍ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِسُكُونِهَا وَفِي الْمُضَارِعِ مَضْمُومَةٌ فَقَطْ قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ إلْقَاؤُهُ فِي نَارٍ وَعَكْسُهُ وَسُمٍّ إلَّا مُهْرِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَسَهْمٌ مَسْمُومٌ وَذَبْحٌ كَالْبَهِيمَةِ وَكَسْرُ عَضُدٍ وَرَجْمٌ فِي شُهُودٍ رَجَعُوا وَإِنْهَاشُهُ حَيَّةً قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ بِهِ) إنْ عَلِمَ تَأْثِيرَهُ فِي الْجَانِي وَإِلَّا كَضَرْبٍ يَقْتُلُ مَرِيضًا تَعَيَّنَ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِسِحْرٍ) وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي فِعْلِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْقَوَدُ وَالْمَالُ قَوْلُهُ: (وَكَذَا خَمْرٌ) يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ وَمِثْلُهُ بَوْلٌ وَمَاءٌ مُتَنَجِّسٌ لَكِنْ عَلَى جَوَازِهِ يُبَدَّلُ بِطَاهِرٍ وَلَهُ الْعُدُولُ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ لَا عَكْسُهُ
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (إلَى سَيْفٍ) أَيْ قَطْعِ رَأْسٍ لَا ذَبْحٍ
قَوْلُهُ: (لِلْمُمَاثَلَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ وَالنَّفْسُ مُسْتَوْفَاةٌ وَالْمُمَاثَلَةُ مِنْ حَيْثُ سِرَايَةٌ لَا مُقَابَلَةُ سِرَايَةٍ فَرَاجِعْهُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَفِي نَصٍّ يُؤَخِّرُ قِصَاصَ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) نَصَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ أَيَّدَهُ بِقَوْلِهِمْ، فِيمَا لَوْ قَطَعَ الْيَسَارَ وَبَقِيَ قِصَاصُ الْيَمِينِ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ حَتَّى يَنْدَمِلَ قَطْعُ الْيَسَارِ.
قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى قَوْلُهُ: (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] وَقَتْلُهَا إسْرَافٌ لِأَنَّ فِيهِ هَلَاكَ نَفْسَيْنِ وَخَرَجَ بِهَذَا حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تُحْبَسُ فِيهَا بَلْ وَلَا تَسْتَوْفِي مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَتُرْضِعُهُ هِيَ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْكَافِلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ امْتَنَعَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]، وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكِتْمَانُ وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الْإِظْهَارِ كَالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا تَصْدِيقُهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْيَمِينِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ: وَظُهُورُ مَخَايِلِ الْحَامِلِ كَافٍ فِي الصَّبْرِ وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ الْمَرْأَةُ فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ إلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ.
قَوْلُهُ: (مَصْدَرٌ) أَيْ لِخَنَقَ يَخْنُقُ بِضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ جَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فَتْحَ النُّونِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ الْحَزُّ) لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُمَكَّنًا مِنْ مُبَاشَرَةِ الطَّرَفِ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ. نَعَمْ لَنَا وَجْهٌ قَائِلٌ
(وَفِي قَوْلٍ) لَهُ (كَفِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي فَيُجِيفُهُ أَوْ يَكْسِرُ عَضُدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَائِفَةِ وَالْكَسْرِ لَوْ لَمْ يَسْرِيَا قِصَاصٌ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ) بِالْجَائِفَةِ (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ، وَالثَّانِي تُزَادُ حَتَّى يَمُوتَ وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالثَّانِي قَالَ أَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُمْ بِالْأَكْثَرِينَ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَيَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ بِالسَّيْفِ فِيهِ قَوْلَانِ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الثَّانِيَ، وَكَأَنَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ سَبْقُ قَلَمٍ مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ
(وَلَوْ اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَلِوَلِيِّهِ حَزٌّ وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ) وَالْيَدُ الْمُسْتَوْفَاةُ مُقَابَلَةٌ بِالنِّصْفِ، (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ) سِرَايَةً (فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ فَإِنْ عُفِيَ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ.
(وَلَوْ مَاتَ جَانٍ مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ (وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الْجَانِي الْقَاطِعُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمُقْتَصُّ (سِرَايَةً مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْجَانِيَ مَاتَ مِنْ سِرَايَةٍ بِفِعْلِهِ وَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْجَانِي مُهْدَرَةٌ
(وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ بِيَمِينٍ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَ يَسَارًا وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْعِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ أَمْ لَا وَيُعَزَّرُ فِي الْعِلْمِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتُهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ (عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ (فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) لِتَسْلِيطِ مُخْرِجِهَا بِجَعْلِهَا عِوَضًا (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا بِالْجُعْلِ الْمَذْكُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقِصَاصُ لِأَنَّ قَطْعَهَا بِلَا اسْتِحْقَاقٍ (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دَهِشْت) بِفَتْحِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ وَقَالَ الْقَاطِعُ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَصَحِّ وَتَجِبُ دِيَتُهَا، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. إلَّا إنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَمُتْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَيُمْنَعُ وَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ) وَإِنْ امْتَنَعَ عُزِّرَ قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ قَوْلُهُ: (مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ: (سَبْقُ قَلَمٍ) فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الثَّانِي فِي الْمِنْهَاجِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَسَبْقُ الْقَلَمِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَيْضًا، وَزَادَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ فَهُوَ أَقْوَى بِالِاعْتِرَاضِ مِنْ الرَّافِعِيِّ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَصَّ إلَخْ) مَحَلُّ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِيمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الدِّيَةِ وَإِلَّا كَامْرَأَةٍ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَقَطَعَ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالْعَفْوُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ يَدَ الْمَرْأَةِ بِقَدْرِ رُبُعِ دِيَةِ الرَّجُلِ وَفِي عَكْسِهِ لَا شَيْءَ فِي الْعَفْوِ
قَوْلُهُ: (لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ) فَلَوْ اعْتَدَّ بِهِ كَانَ كَالسَّلَمِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ قَوْلُهُ: (وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَجْنُونًا أُهْدِرَتْ الْيَسَارُ، أَوْ الْمُخْرِجُ مَجْنُونًا فَكَالدَّهِشَةِ أَوْ رَقِيقًا لَمْ تُهْدَرْ الْيَسَارُ وَإِنْ قَصَدَ إبَاحَتَهَا قَوْلُهُ:(وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ عَلِمَ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَتَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهَا لِلْقَطْعِ قَوْلُهُ: (فَمُهْدَرَةٌ) وَكَذَا نَفْسُهُ لَوْ سَرَى إلَيْهَا قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) لَيْسَ قَيْدًا فَالتَّصْدِيقُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالْجَعْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّكْذِيبِ فِي الْجَعْلِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ دِيَةٌ فِيهَا) أَيْ الْيَسَارِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْقَاطِعُ أَنَّ الْمُخْرِجَ أَبَاحَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْهَا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقَاطِعِ حَلَفَ وَأُهْدِرَتْ قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) وَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهِ إلَى انْدِمَالِ الْيَسَارِ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ، نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَ الْيَسَارِ أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُ الْيَمِينِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا قَوْلُهُ:(دُهِشْت) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ: أَخْرِجْ يَمِينَك قَوْلُهُ: (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَوْ ظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَإِنْ قَالَ فِي حَالِ دَهْشَةِ الْمُخْرِجِ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت عَدَمَ إجْزَائِهَا أَوْ دُهِشْت لَزِمَهُ قَوَدُهَا.
ــ
[حاشية عميرة]
بِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا، قَوْلُهُ:(لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ الْأَظْهَرُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْجَوَائِفِ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا، وَالثَّانِي تُزَادُ أَيْ طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ فَالْحَزُّ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ لِأَنَّهُ قَطْعٌ بِحَقٍّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ اهـ. وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ، قَوْلُهُ:(فَمُهْدَرَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَطْعَهَا لَوْ سَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إذَا أَخَذَهَا عِوَضًا، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا عِوَضًا، أَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا الْيَمِينُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الْيَمِينِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَمْ ظَنَنْت أَنَّهَا الْيَمِينُ أَمْ أَخَذْتهَا عِوَضًا وَفِي الْأَخِيرَةِ يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ، قَوْلُهُ:(ظَنَنْتهَا إلَخْ)