الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ جُرِحَا مَعًا وَذُفِّفَا) بِجُرْحَيْهِمَا (أَوْ أُزْمِنَا) بِهِ (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ) فِي جُرْحِهِمَا مَعًا (دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُذَفِّفِ أَوْ الْمُزْمِنِ الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ حِلُّ الْمُذَفِّفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالتَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.
(وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ) مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ لَا يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِزْمَانِ وَرُجْحَانِ الْأَوَّلِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي حِلِّ الصَّيْدِ وَمَعْلُومٌ حِلُّهُ إذَا كَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ.
كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ
بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ كَالضَّحِيَّةِ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (سُنَّةٌ) فِي حَقِّنَا مُؤَكَّدَةٌ (لَا تُجَابُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) بِالنَّذْرِ.
(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَأَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَشْهَدَهَا) .
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَذُفِّفَا) بِأَنْ كَانَ جُرْحُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ مُذَفِّفًا وَكَذَا فِي أُزْمِنَا قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَا) كَذَا لَوْ ذُفِّفَ أَحَدُهُمَا وَأُزْمِنَ الْآخَرُ فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ سَلَّمَ النِّصْفَ لِمَنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ جُرْحِهِ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالَ أَوْ اصْطَلَحَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَنُدِبَ اسْتِحْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَكُونُ الْمَصِيدُ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ.
فَرْعٌ: أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابَهُمْ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا فَإِنْ عُلِمَ قَتْلُ الْجَمِيعِ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ جَمِيعُ الْكِلَابِ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَوْ عُلِمَ قَتْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَلْبٌ وَاحِدٌ مَثَلًا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَكَّ وَقَفَ إلَى الصُّلْحِ فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَوَقَفَ ثَمَنُهُ لِذَلِكَ.
. كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ ذَكَرَهَا عَقِبَ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهُ فِي تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْجُمْلَةِ وَسُمِّيَتْ بِأَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا وَهُوَ الضُّحَى وَأَوَّلُ طَلَبِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَالْعِيدَيْنِ وَزَكَاةِ الْمَالِ وَالْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ مِنْ لُغَاتِهَا الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِي، وَيُقَالُ: أَضْحَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى وَيُقَالُ: ضَحِيَّةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَجَمْعُهَا ضَحَايَا. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى لَهُ) هُوَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النِّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ التَّضْحِيَةُ) وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْأُضْحِيَّةَ إذْ لَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْفِعْلِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) لِمُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ وَلَوْ مُبَعَّضًا غَنِيٍّ بِأَنْ مَلَكَهَا زَائِدَةً عَلَى كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كِفَايَةً يَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةَ، وَعَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كَعْكٍ وَسَمَكٍ وَفُطْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ مَنْدُوبَةٌ أَيْضًا وَأَكْلُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُضْحِيَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيُسَنُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَوْلُودِ لَا عَنْ الْجَنِينِ. قَوْلُهُ:(فِي حَقِّنَا) وَأَمَّا هُوَ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا مَرَّ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَسَيَأْتِي كَوْنُهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ بِالنَّذْرِ) وَكَذَا مَا أُلْحِقَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهَا) سَوَاءٌ طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ لَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَنِي عَلَى
ــ
[حاشية عميرة]
وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ هُوَ الْوَجْهُ السَّابِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ:(فَلَهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ جُرْحُ كُلِّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ لَأَزْمَنَ أَوْ ذُفِّفَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ذُفِّفَ وَاحِدٌ) قِيلَ: كَانَ الْأَحْسَنُ ذِكْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ صُورَةِ الْمَعِيَّةِ.
[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]
قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ نِيَّةَ الشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ لَا تُوجِبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ:(بِالنَّذْرِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَجَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) لَوْ دَخَلَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَهُوَ مُرِيدٌ التَّضْحِيَةَ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ تَرْكُ أَخْذِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ،
رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، أَحَادِيثَ تَضْحِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ، وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَالْحَاكِمُ حَدِيثَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ: قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَوْلُهُمْ سُنَّةٌ أَرَادُوا سُنَّةَ كِفَايَةٍ، وَسُنَّةَ عَيْنٍ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُمْ
(وَلَا تَصِحُّ) الْأُضْحِيَّةُ مِنْ حَيْثُ التَّضْحِيَةِ بِهَا (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ) اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم (وَشَرْطُ إبِلٍ أَنْ يَطْعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبَقَرٍ وَمَعْزٍ فِي الثَّالِثَةِ وَضَأْنٍ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَخَصِيٌّ) ، وَالطَّاعِنُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْجَذَعُ وَالْجَذَعَةُ، وَفِيمَا قَبْلَهُ الثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ.
رَوَى أَحْمَدُ حَدِيثَ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» ، وَلِابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ «قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بُرْدَةَ فِي التَّضْحِيَةِ بِجَذَعَةِ الْمَعْزِ وَلَنْ تُجْزِئَ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَك أَيْ وَإِنَّمَا تُجْزِئُ الثَّنِيَّةُ وَالثَّنِيُّ» وَيُقَاسُ بِالْمَعْزِ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْخَصِيُّ مَا قُطِعَ خُصْيَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَجَبْرُ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طَيِّبًا وَكَثْرَةً، (وَالْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُجْزِئُ (عَنْ سَبْعَةٍ وَالشَّاةُ) تُجْزِئُ (عَنْ وَاحِدٍ) ، وَمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ،
ــ
[حاشية قليوبي]
مَا سَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ، وَحُصُولِ نَحْوِ الْمَغْفِرَةِ وَالْعِتْقِ فَهُوَ كَالْفَاعِلِ أَوْ مِنْ سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ فَقَطْ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْإِزَالَةُ. قَوْلُهُ:(أَنْ لَا يُزِيلَ) فَتُكْرَهُ الْإِزَالَةُ إلَّا لِعُذْرٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ الْمَذْكُورَةُ. قَوْلُهُ: (شَعْرِهِ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ عَانَةٍ وَإِبْطٍ. قَوْلُهُ: (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ يُرَاعَى وَحِكْمَةُ ذَلِكَ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ وَالْعِتْقِ مِنْ النَّارِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُضَحِّيَ) وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ تَعَدَّدَتْ فِي حَقِّهِ وَيَخْرُجُ وَقْتُ عَدَمِ الْإِزَالَةِ لِمَنْ لَا يُضَحِّي بِزَوَالِ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) لَوْ مُرَاهِقًا وَسَفِيهًا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ أَيْ اسْتَنَابَهُ لِيَذْبَحَ عَنْهُ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الِاسْتِنَابَةُ وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَنَحْوِ صَبِيٍّ وَأَعْمَى فَتَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُمْ وَالْمُرَادُ بِشُهُودِهِ حُضُورُهُ وَلَوْ أَعْمَى.
قَوْلُهُ: (تَضْحِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ) فَقَدْ ضَحَّى صلى الله عليه وسلم بِمِائَةِ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا رضي الله عنه فَنَحَرَ تَمَامَ الْمِائَةِ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَطْعُنَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَخُصَّتْ الْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ لِعَدَمِ الْإِنْزَاءِ وَالْحَمْلِ فِيهَا الْمُؤَدَّيَيْنِ إلَى رَدَاءَةِ لَحْمِهَا أَوْ قِلَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الطَّاعِنِ الَّذِي هُوَ مِنْ الضَّأْنِ الْمَعْلُومِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ الْمَعْزُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ. قَوْلُهُ:(وَالْخَصِيُّ) أَيْ يُجْزِئُ وَهُوَ لُغَةً وَشَرْعًا مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي الدِّيَاتِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْمُثَنَّى مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ اسْمٌ لِلْبَيْضَتَيْنِ وَمَعَ عَدَمِهَا اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ، وَإِنْ لَزِمَهُ سُقُوطُ الْبَيْضَتَيْنِ وَنَدُورُهُ عَدَمُ التَّاءِ فِي مُثَنَّاهُ. قَوْلُهُ:(عَنْ سَبْعَةٍ) أَيْ هُنَا وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَالتَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَارْتِكَابٍ مَحْظُورَاتٍ فِيهِ وَكَذَا كُلُّ أَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ لَا.
نَعَمْ الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ غَنَمٍ وَمَعْزٍ أَوْ إبِلٍ وَبَقَرٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَسَيَأْتِي. وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبْعَةِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُسْتَقِلًّا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ لَا وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجُزْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ نِيئًا، وَخَرَجَ بِالسَّبْعَةِ مَا لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ كَثَمَانِيَةٍ وَاشْتَرَكُوا فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَدَنَتَيْنِ فَلَا تَقَعُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ أَوْ بِالْحُكْمِ أَوْ ضَمَّ لَهَا شَاةً، كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ وَلَا يَضُرُّ شَرِكَةُ غَيْرِ مُضَحٍّ مَعَهُ فِي الثَّوَابِ فِي الشَّاةِ أَوْ فِي الْبَدَنَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْبَدَنَةِ مِنْ الذَّبْحِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَمَنْذُورَةٍ مِنْهُ ذُبِحَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَذْبَحَهَا إنْ خِيفَ خُرُوجُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةَ، نَظَرًا لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ وَإِنْ فَاتَ كَوْنُهَا أُضْحِيَّةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ لِتَقْصِيرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ لِيَنْوِيَ عَنْ الْمُمْتَنِعِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَرَاجِعْ. ذَلِكَ وَلِلشُّرَكَاءِ قِسْمَةُ اللَّحْمِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ لَا بَيْعٌ مَا دَامَ نِيئًا وَإِلَّا فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَاةٌ وَاجِبَةٌ فَذَبَحَ بَدَنَةً وَقَعَ سُبْعُهَا عَنْ الْوَاجِبِ وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ شَاةٍ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ فِيهَا بِكَوْنِهَا فِي الزَّكَاةِ أَصْلًا أَوْ بَدَلًا بِخِلَافِهِ هُنَا.
ــ
[حاشية عميرة]
وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ كَالْمُحْرِمِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ طَلَبَ التَّرْكِ يَزُولُ بِأَوَّلِ شَاةٍ يَذْبَحُهَا وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ التَّعَدُّدَ، قَوْلُهُ:(وَأَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ)«نَحَرَ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْ الْهَدْيِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَأَمَرَ عَلِيًّا بِنَحْرِ مَا غَبَّرَ مِنْ الْمِائَةِ» أَقُولُ: فِيهِ إشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إلَى عَدَدِ أَعْوَامِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَدَيْتُهُ بِنَفْسِي وَأَبِي وَأُمِّي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ إبِلٍ إلَخْ)، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذِهِ الْأَسْنَانُ تُجْزِئُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْنَانَ لَا تَحْمِلُ أُنْثَاهَا وَلَا يَنْزُو ذَكَرُهَا قَبْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَخَصِيٌّ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» أَيْ مَخْصِيَّيْنِ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْخُصْيَتَيْنِ غَيْرُ مَأْكُولَتَيْنِ عَادَةً بَلْ قِيلَ: بِحُرْمَتِهِمَا وَكَذَا الذَّكَرُ وَالْفَرْجُ لِلِاسْتِقْذَارِ، قَوْلُهُ:(وَفِيمَا قَبْلَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَالطَّاعِن.