الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ (دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ)
مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ وَقَتْلُهَا مِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَفِي الْخَطَإِ أَوْلَى (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْجَانِي مِنْ النَّسَبِ (إلَّا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ) أَيْ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنَ وَإِنْ سَفَلَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي رِوَايَةٍ «وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ لِأَبِي دَاوُد «وَبَرَّأَ الْوَلَدَ» أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» (وَقِيلَ يَعْقِلُ) فِي الْمَرْأَةِ (ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا) كَمَا يَلِي نِكَاحَهَا وَالْأَوَّلُ يَجْعَلُ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةً هُنَا (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ) ، فَالْأَقْرَبُ بِأَنْ يُنْظَرَ فِي عَدَدِهِ وَالْوَاجِبُ آخِرَ الْحَوْلِ وَيُوَزَّعُ عَلَى الْعَدَدِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْ الْوَاجِبِ (فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبَ يُوَزَّعُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، وَهَكَذَا وَالْأَقْرَبُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ (وَ) يُقَدَّمُ (مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ (وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَعْقِلُ (ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ (مُعْتِقٌ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ إلَّا أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ فِي الْأَصَحِّ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) إلَّا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ عَلَى الْخِلَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِمْ وَسُمُّوا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعَقْلِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لِمَنْعِهِمْ عَنْهُ، أَوْ بِمَعْنَى الدِّيَةِ لِتَحَمُّلِهِمْ لَهَا، أَوْ بِمَعْنَى الْحَبْسِ أَوْ الْعِقَالِ لِحَبْسِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ دَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِعَقْلِهَا.
قَوْلُهُ: (فَخَذَفَتْ) بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ كَمَا ضَبَطَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بِمَعْنَى الرَّمْيِ لَكِنْ مَعَ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَرْمِيِّ بِهِ مِنْ الْحَصَى الصَّغِيرِ أَيْ مَعَ نِسْبَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ، وَسَكَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ كَوْنِ الْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ عَمْدٌ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (فَفِي الْخَطَإِ أَوْلَى) لِوُجُودِ الْمَعْنَى السَّابِقِ فِيهِ بِعُذْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ أَصَالَةً وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ إلَخْ. لِلْأَغْلَبِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ الصَّالِحُونَ لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لِيَدْخُلَ الْفَاسِقُ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ، فَلَوْ ارْتَدَّ الْجَارِحُ بَعْدَ جَرْحِهِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَالزَّائِدُ فِي مَالِهِ، فَلَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَكُلُّ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْجَرِيحُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَالدِّيَةُ وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ، كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ وُجُوهٍ. وَقَوْلُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِدَفْعِ إيرَادِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ وَذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَانِي) رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يَعْقِلُ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَصَبَةً لِلْجَانِي، وَأَنَّ الْجَانِيَ لَا يَعْقِلُ وَإِنْ كَانَ عَصَبَةً لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ النَّسَبِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ضَبْطِ الْعَاقِلَةِ لَا فِي تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إلَى الدَّلِيلِ عَلَى تَحَمُّلِ الْعَصَبَةِ وَبِالْحَدِيثِ الثَّانِي إلَى إخْرَاجِ الْفَرْعِ مِنْهُمْ وَبِالْحَدِيثِ الثَّالِثِ إلَى إخْرَاجِ الْأَصْلِ وَقَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صِيغَةِ التَّمْرِيضِ.
قَوْلُهُ: (هُنَا) بِخِلَافِهَا فِي النِّكَاحِ فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ، وَلَعَلَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا وُجُودُ النَّصِّ هُنَا عَلَى الْوَلَدِ لَا يَعْقِلُ، أَوْ لِأَنَّ الْأُمَّ أَقْوَى شَفَقَةً عَلَى الْوَلَدِ، فَهِيَ أَشَدُّ اعْتِنَاءً بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى أَنَّ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ تَمَحَّضَتْ لِلتَّرْجِيحِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُعْتِقٌ) أَيْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا بَقِيَ بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ، وَيُقَدَّمُونَ كَمَا فِي النَّسَبِ فَيُقَدَّمُ إخْوَتُهُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَعْمَامُهُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَيَعْقِلُونَ وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ عَلَى مَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ]
فَصْلٌ دِيَةُ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَيْ أَمَّا الْعَمْدُ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ فَعَلَى الْجَانِي عَلَى قِيَاسِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلِمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا ثُمَّ مَحَلُّ اللُّزُومِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَوْ يَعْتَرِفَ بِالْقَتْلِ وَيُصَدِّقُوهُ.
قَوْلُهُ: (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ بِصِفَةِ الْكَمَالِ أَعْنِي مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ نِكَاحٍ بِفَرْضِ الْجَانِي أُنْثَى مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْمَوْتِ فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(وَالْأَوَّلُ يَجْعَلُ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةً هُنَا) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ، قَوْلُهُ:(ثُمَّ عَصَبَتُهُ) تَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي الضَّرْبِ عَلَيْهِمْ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ عِنْدَ بَقَاءِ شَيْءٍ، لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ وَلَا نَسَبَ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ الْأَصَحَّ عُمُومُ الضَّرْبِ عَلَى عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ.
يُوجَدْ مُعْتِقٌ وَلَا عَصَبَتُهُ (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ) ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَدَّلَ الْوَاوَ (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بَعْدَ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ الْجَدِّ وَعَصَبَتُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ عَصَبَةِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَمُعْتِقِ الْجَدِّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَعَتِيقُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا) دُونَهَا (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ) فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا يُقَالُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمْ تَوَزُّعَهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ كُلَّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعُ دِينَارٍ (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ إرْثِهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ الْعَقْلَ نُصْرَةٌ وَالْعَتِيقُ أَوْلَى بِنُصْرَةِ مُعْتِقِهِ
(فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ لَمْ يَفِ) مَا عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ) الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَمَالُهُ فَيْءٌ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) بَيْتُ الْمَالِ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ (عَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ دَيْنًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَحَيْثُ وَجَبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي) وَيَعْمَلُ مُعْتِقُ الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي مُعْتِقِ الْآبَاءِ لَكِنْ يُقَدَّمُ مُعْتِقُ الذَّكَرِ عَلَى مُعْتِقِ الْأُنْثَى فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ تَسَاوَيَا فِيهَا، وَيُسْتَثْنَى فِيهِمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْأُمَّهَاتِ كَعَصَبَةِ مُعْتِقِ الْآبَاءِ أَيْضًا، مَا دَامَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُمْ سَقَطَ الْعَقْلُ عَنْهُمْ بِمَعْنَى انْتِقَالِهِ إلَى عَصَبَةِ الْأَبِ إنْ اكْتَفَى بِهِمْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ رَقِيقٌ بِعَتِيقَةٍ فَالْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِهَا وَعَصَبَتِهِ فَيَعْقِلُونَ عَنْ الْوَلَدِ فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ الْوَلَاءُ عَنْهُ، لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ، فَيَسْقُطُ التَّحَمُّلُ عَنْهُمْ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ:(وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ فِيمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ رُبْعُهُ إنْ كَانُوا مُتَوَسِّطِينَ، وَيُوَزَّعُ ذَلِكَ النِّصْفُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْمِلْكِ لَا الرُّءُوسِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا غَنِيٌّ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ.
قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) لَكِنْ بِحَسَبِ حَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ، فَلَوْ كَانَ الشَّخْصُ مِنْ الْعَصَبَةِ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُعْتِقِ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَعَكْسُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُتَوَسِّطًا فِي الْأُولَى أَوْ غَنِيًّا فِي الثَّانِيَةِ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مُعْتِقَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَحَدُهُمَا غَنِيٌّ، وَالْآخَرُ مُتَوَسِّطٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ النِّصْفِ مِنْ الدِّينَارِ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ مِنْهُ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِلَّا فَنِصْفُ الرُّبْعِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ، إنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَنِصْفٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَسَيَأْتِي إلَخْ) .
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْفَاضِلُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْأَقْرَبِ أَقَلَّ مِمَّا يَلْزَمُ الْأَبْعَدَ كَأَنْ فَضَلَ عَنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا ثُلُثُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ، وَهُنَاكَ عَمٌّ غَنِيٌّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بِهِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِمَّا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ النِّسْبَةِ، فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ دِينَارًا بِالْجِنَايَةِ، وَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ أَغْنِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمْ رُبْعُ دِينَارٍ إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ لَزَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى أَحَدِهِمْ مَثَلًا نِصْفًا وَعَلَى أَحَدِهِمْ رُبْعًا كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ التَّحَكُّمِ، وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ) وَإِنْ سَفَلَ وَلَا عَصَبَتُهُ
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ بَعْدَ الْعَصَبَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(عَقْلُ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُسْلِمِ) أَيْ غَيْرِ اللَّقِيطِ لِأَنَّ وَارِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَعَوْدِهَا إلَيْهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ لِعَوْدِهَا الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ فَتَرْجِعُ الدِّيَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) وَمِثْلُهُ الْمُؤْمِنُ وَكَذَا الْمُرْتَدُّ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ فَالْوَاجِبُ بِقَتْلِهِ خَطَأً فِي مَالِهِ مُؤَجَّلًا فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ الْأَجَلُ.
قَوْلُهُ: (فَكُلُّهُ) أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْجَانِي مَا لَمْ يَكُنْ ذَوُو أَرْحَامٍ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ تَوْرِيثِهِمْ وَيُقَدَّمُونَ أَيْضًا، عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالْكَلَامُ فِي الذُّكُورِ مِنْهُمْ غَيْرُ الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ نَعَمْ يُخَالِفُ الْجَانِي الْعَاقِلَةَ بِأَنَّهَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْهَا بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهِ، وَبِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ ثُلُثُ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنْهَا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عَلَى هَذَا يُتَّجَهُ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَاتِهِ وَأَمَّا عَصَبَاتُ الْعَتِيقِ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ قَطْعًا، وَكَذَا عَتِيقُ الْعَتِيقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي تَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ نَظَرًا لِذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: قَطَعَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بِأَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَرِثُ وَتَرَدَّدَ فِي تَحَمُّلِهِ الْعَقْلَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النِّعْمَةِ وَلَا نِعْمَةَ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَالْعَقْلُ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ وَهِيَ لَائِقَةٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» ، قَوْلُهُ:(فَكُلُّهُ) أَيْ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ قِسْطِ الْعَامِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، قَوْلُهُ:(وَحَيْثُ وَجَبَ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَتُؤَجَّلُ
فَيَتَأَجَّلُ تَأَجُّلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهُ
(وَتُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) بِالْإِسْلَامِ وَالذُّكُورَةِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (ثَلَاثَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ) آخِرُهَا (ثُلُثٌ) التَّأْجِيلُ بِالثَّلَاثِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّ كُلَّ ثُلُثٍ آخِرُ سَنَتِهِ وَتَأْجِيلُهَا بِالثَّلَاثِ لِكَثْرَتِهَا، وَقِيلَ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (ذِمِّيٍّ سَنَةً) لِأَنَّهَا قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (وَقِيلَ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (امْرَأَةٍ) مُسْلِمَةٍ (سَنَتَيْنِ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تُؤَجَّلُ (أَثْلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ) بِالْقِيمَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ، وَالثَّانِي هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةٌ كَبَدَلِ الْبَهِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ قَدْرَ دِيَةٍ أَوْ دِيَتَيْنِ (فَفِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ) كُلُّهَا (فِي ثَلَاثٍ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ
(وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَفِي ثَلَاثٍ وَقِيلَ سِتٌّ) تُؤْخَذُ دِيَتُهُمَا فِي كُلِّ سِتَّةٍ لِكُلِّ ثُلُثٍ دِيَةٌ عَلَى الثَّانِي
(وَالْأَطْرَافُ) وَالْأُرُوشُ وَالْحُكُومَاتُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ كُلُّهَا فِي سَنَةٍ) قُلْت أَوْ كَثُرَتْ (وَأَجَلُ النَّفْسِ مِنْ الزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ (وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِنَايَةِ) ، وَقِيلَ مِنْ الِانْدِمَالِ
(وَمَنْ مَاتَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (بِبَعْضِ سَنَةٍ سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِهَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهَا
(وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) لِأَنَّ الْعَقْلَ مُوَاسَاةٌ وَالْفَقِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ لَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي) وَكَذَا عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَتُؤَجَّلُ) أَيْ تَثْبُتُ مُؤَجَّلَةً. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) الْمَعْلُومَةِ مِنْ لَفْظِ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ قَضَاءَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ بِهِ لَيْسَ عَنْ اجْتِهَادٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَدِلُّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَهُمَا أَوْ تَأْخِيرَهُمَا لِيَقَعَا تَقْوِيَةً لِعَزْوِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ إلَخْ) هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَا بَحْثٌ مِنْ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِكَثْرَتِهَا إلَخْ) سَيَأْتِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّهَا ثُلُثٌ إلَخْ) وَالذِّمِّيَّةُ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَالْمَجُوسِيُّ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَذَلِكَ لِأَنَّهَا ثُلُثٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ.
قَوْلُهُ: (امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ) وَخُنْثَى كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ أَوْ هِيَ مِثْلُهُ وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْحُرِّ، وَأَمَّا الْجِنَايَةُ مِنْهُ فَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا يَحْمِلُهَا سَيِّدُهُ وَلَا عَاقِلَتُهُ وَلَا عَاقِلَةُ سَيِّدِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا، كَمَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا قَوْلُهُ:(قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ) أَيْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ نِصْفِ دِيَةٍ فَفِي السَّنَةِ الْأُولَى قَدْرُ الثُّلُثِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْبَاقِي وَهَكَذَا فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ دِيَتَيْنِ فَفِي سِتٍّ مِنْ السِّنِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْأَطْرَافِ وَمَا مَعَهَا.
قَوْلُهُ: (رَجُلَيْنِ) أَيْ مُسْلِمَيْنِ قَوْلُهُ: (فَفِي ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ وَكَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَأَكْثَرُ وَلَوْ قَتَلَ ثَلَاثَةٌ رَجُلًا وَاحِدًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ تُسْعُ دِيَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الزُّهُوقِ) بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجِنَايَةِ) لَكِنْ لَا مُطَالَبَةَ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنْ حَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ الْجِنَايَةِ طُولِبَتْ الْعَاقِلَةُ بِوَاجِبِهَا. وَإِنْ مَضَتْ السَّنَةُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ سَقَطَ الطَّلَبُ بِوَاجِبِهَا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَيُطَالَبُ بِهِ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي فَلَوْ مَضَى جَمِيعُ السِّنِينَ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِشَيْءٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَى أُصْبُعٍ فَسَرَى إلَى الْكَفِّ فَأَجَلُ الْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا لَا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَاقِلَةِ) خَرَجَ الْجَانِي وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْجَمِيعُ دَفْعَةً مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا مَاتَ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُؤْخَذُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) وَلَوْ كَسُوبًا، قَوْلُهُ:(مَنْ لَا يَمْلِكُ) أَيْ مَنْ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ، الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى دَوَامِ بَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَمَنْ فِي مِلْكِهِ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَيْسَ فَقِيرًا ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّائِدُ قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَأَكْثَرُ فَغَنِيٌّ أَوْ دُونَهَا وَأَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فَمُتَوَسِّطٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَفَقِيرٌ، كَمَا عُلِمَ لِأَنَّهُ بِدَفْعِ الرُّبْعِ يَعُودُ إلَى وَصْفِ الْفَقِيرِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ، وَقَدْ اعْتَبَرُوا أَنْ يَبْقَى مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ الْعُمْرِ وَلَوْ دُونَ الرُّبْعِ لِيَخْرُجَ بِهَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا.
ــ
[حاشية عميرة]
عَلَى الْعَاقِلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَتُؤَجَّلُ) يُوهِمُ تَوَقُّفَ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبِ الْقَاضِي وَلَيْسَ مُرَادًا قَوْلُهُ: (لِكَثْرَتِهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَامِلَةً) إشَارَةً لِذَلِكَ،
قَوْلُهُ: (فَفِي ثَلَاثٍ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَقِيلَ سِتٌّ نَظَرًا إلَى أَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ تُؤَجَّلُ عَلَى ثَلَاثٍ فَيُزَادُ بِسَبَبِ الْأُخْرَى ثَلَاثٌ،
قَوْلُهُ: (مِنْ الزُّهُوقِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ وُجُوبِ بَدَلِهَا كَمَا أَنَّ مَا دُونَهَا مِنْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الطَّلَبُ عَلَى الِانْدِمَالِ،.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَاقِلَةِ) خَرَجَ بِهِ الْجَانِي فَإِنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(سَقَطَ) أَيْ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَقَدْ شَبَّهَ ذَلِكَ بِتَلَفِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالسُّقُوطِ يَقْتَضِي سَبْقَ الْوُجُوبِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله وَهَا هُنَا مُبَاحَثَةٌ لِلْإِمَامِ رحمه الله قَالَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ حِصَّةُ الْحَوْلِ مِنْ الدِّيَةِ لَا تَجِبُ إلَّا فِي آخِرِهِ، لِأَنَّ مُوجِبَ الدِّيَةِ الْقَتْلُ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَانَ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلتَّخْفِيفِ وَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ