الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً
لَمْ يَحْنَثْ) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرِّمَايَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَك حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ الْحِنْثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ عَنْ الْبِرَّ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَعَلَى أَوَّلِهِمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى ثَانِيهِمَا حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ. (وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ (فَكَمُكْرَهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. .
(أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرَ) ، فَوَقْتُ الْغُرُوبِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ. (وَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءُ عَلَى الْغُرُوبِ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرَ إمْكَانِهِ) أَيْ الْقَضَاءِ (حَنِثَ) فَيَنْبَغِي
ــ
[حاشية قليوبي]
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً]
فَصْلٌ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ قَوْلُهُ: (التَّمْرَةُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَاخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا تَمْرَةً) أَوْ بَعْضَهَا غَيْرَ مَا يَدِقُّ مَدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَكَلَهُ كُلَّهُ حَنِثَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ آخِرِ وَاحِدَةٍ فَتَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيعِ مَا أَمْكَنَ اخْتِلَاطُهَا بِهِ، فَلَوْ اخْتَلَطَتْ بِجَانِبٍ مِنْ صَبْرِهِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَمِثْلُ التَّمْرِ كُلُّ مَا تَمَيَّزَتْ أَفْرَادُهُ، كَرَغِيفٍ وَلَوْ حَلَفَهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ مِنْهُ كَفَاهُ الْبَعْضُ حِنْثًا وَبِرًّا، وَالْمَائِعُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُهُ أَوْ لَيَشْرَبَنَّهُ فَاخْتَلَطَ بِمَائِعِ آخَرَ، وَامْتَزَجَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَبَرَّ فِي الثَّانِي إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ، أَوْ لَيَشْرَبَنَّ مِنْهُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ كَفَاهُ شُرْبُ بَعْضِهِ فِيهِمَا بِرًّا وَحِنْثًا. قَوْلُهُ:(فَتَرْكُ حَبَّةٍ) وَبَعْضِ الْحَبَّةِ مِثْلُهَا بِرًّا وَحِنْثًا إلَّا مَا دَقَّ مَدْرَكُهُ كَمَا مَرَّ وَلَا عِبْرَةَ بِشَحْمِهَا وَقِشْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ) أَوْ هَذَا وَهَذَا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ) لَا عَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَأَلْبِسَنَّ هَذَيْنِ أَوْ هَذَا وَهَذَا لَمْ يَبَرَّ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا فَهَذَا أَوْ هَذَا ثُمَّ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْأُولَى وَالْمُهْلَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَظْهَرُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا رَاجِعْهُ:
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَيَأْتِي فِيهِ مَا فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ وَتَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) أَيْ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ وَإِلَّا حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ حَتَّى تَلِفَ الطَّعَامُ وَسَوَاءٌ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) بِزَمَنٍ يَسَعُ الْأَكْلَ وَلَا ضَرُورَةَ، فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مَسَاغًا لِلْأَكْلِ وَلَوْ بِأَكْلِ طَعَامٍ سَابِقٍ عَلَى الْحَلِفِ، لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ غَدًا أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَهُوَ كَالطَّعَامِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَخَالَعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ، فَإِنْ مَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ يُسَافِرْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْخُلْعِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُفِيدِ كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا، وَغَيْرِهِ كَالْخَطِيبِ وَابْنِ حَجَرٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَخْلُصُ فِيهِ. قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ حَنِثَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ ذَاكِرًا
ــ
[حاشية عميرة]
فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِآخِرِ ثَمَرَةٍ يَأْكُلُهَا، قَوْلُهُ:(لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنَّهُمَا.
فَرْعٌ: قَوْلُهُ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَهَذَا مِثْلُ هَذَيْنِ بِخِلَافِ لَأَلْبِسَنَّ هَذَا وَهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّفْيِ. أَقُولُ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِعَبْدَيْهِ أَعْتَقْت هَذَا وَهَذَا وَهُمَا ثُلُثَا مَالِهِ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَلَا يَقْرَعُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ، قَوْلُهُ:(حَنِثَ) أَيْ حِينَ التَّلَفِ قَوْلُهُ: (وَقَبْلَهُ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ مَعَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ قَطْعًا. أَقُولُ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذِهِ قَدْ سَلَفَتْ فِي الْمَتْنِ. فَلَيْسَتْ مُرَادَةً قَطْعًا، قَوْلُهُ:(قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْتُ الْإِتْلَافِ ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا حِنْثَ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ عَنْ الْغَدِ.
قَوْلُهُ: (آخَرَ الشَّهْرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الطَّعَامُ لِيَكِيلَهُ لَا يُغْتَفَرُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الشُّرُوعِ فِي إحْضَارِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَا
أَنَّ بَعْدَ الْمَالِ وَيَتَرَصَّدُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ. (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (حِينَئِذٍ وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) وَبِمِثْلِهِ أُجِيبُ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِمُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ كَحَمْلِ الْمِيزَانِ. .
(أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) اللَّهَ (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ، (أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَرَأْسٍ (فَلَا) حِنْثَ بِهِ (فِي الْجَدِيدِ) اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْقَدِيمِ الْحِنْثُ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ، وَفِي التَّنْزِيلِ لِلْقَدِيمِ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: 51] وَلِلْجَدِيدِ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26]، {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم: 29] (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (أَوْ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لَصَدَقَ الِاسْمُ عَلَيْهِ (وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَا وَصَّى بِهِ) مِنْ مَالٍ (وَدَيْنٍ حَالٍّ وَكَذَا مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ كَالْمَعْدُومِ (لَا مُكَاتَبَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ فَالْبِرُّ) فِيهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِلْحَلِفِ مُخْتَارًا وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ (فِيهِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ) وَهُوَ حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ إتْلَافِهِ لَمْ يَحْنَثْ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ مَعَ أَوَّلِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ مَعَ رَأْسِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ رَأْسٍ تَعَيَّنَ مِنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقْضِ) وَعَلَيْهِ السَّفَرُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " نَعَمْ إنْ سَافَرَ الْحَالِفُ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ ". قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ وَلَيْسَ نِيَّةُ الْحَالِفِ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ حَقَّهُ عَنْ الشَّهْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ:(حَنِثَ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَوْ بِمَا يُرَخِّصُ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَ نَحْوِ رِيحٍ كَرِيهٍ وَمِنْهُ الْإِعْسَارُ بِالدَّيْنِ. وَمِنْهُ الشَّكُّ فِي الْهِلَالِ وَمِنْهُ مَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِوَارِثِهِ لِإِسْنَادِ الْخِطَابِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُعَدَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مِنْ الْأَعْدَادِ لَا مِنْ الْعَدَدِ قَوْلُهُ: (حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَفْرُغْ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي قَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعْ الْقَضَاءَ لَمْ يَحْنَثْ وَمِثْلُ الشُّرُوعِ فِي الْعَدِّ الشُّرُوعُ فِي إحْضَارِ الْحَقِّ أَوْ إحْضَارِ نَحْوِ الْمِيزَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ أَوْ حُقْبٍ أَوْ أَحْقَابٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، حَنِثَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَهُنَا وَعْدٌ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ.
قَوْلُهُ: (فَسَبِّحْ إلَخْ) ضَابِطُهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمِنْهُ اعْتِبَارُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ قَرَأَ مِنْ التَّوْرَاةِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ تَبْدِيلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهِ إلَخْ) هُوَ اسْتِطْرَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ مَعَ قَصْدِهِ فِي السَّلَامِ مِنْهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَفِيهِ قُوَّةُ السَّمَاعِ، وَفَهْمُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَدَخَلَ مَا لَوْ كَلَّمَهُ نَائِمًا، وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ بَعِيدًا وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاجِهَتِهِ بِالْكَلَامِ أَيْضًا، فَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ نَحْوَ جِدَارٍ وَخَاطَبَ ذَلِكَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَصَدَ إفْهَامَهُ مُرَادَهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ) . وَلَوْ أَخْرَسَ وَإِنَّمَا اعْتَدَّ بِهَا فِي نَحْوِ الْعُقُودِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى حَقِيقَتِهِ) أَيْ النَّحْوِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَفْظًا مُرَكَّبًا مُفِيدًا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ مِنْهَا اعْتِبَارَ الْخِطَابِ فِي الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُ:(وَالْقَدِيمُ الْحِنْثُ إلَخْ) وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى الْمَجَازِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا، وَالْآيَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ لَمْ يَقُلْ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَقَصْدُ قِرَاءَةٍ) وَلَوْ مَعَ التَّفَهُّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَهُّمَ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّابِطِ فَقَوْلُهُ أَفْهَمَهُ مَقْصُودُهُ بِمَعْنَى أَتَى بِمَا يَفْهَمُ بِهِ مَقْصُودَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ أَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ أَوْ أُكَمِّلُهُ أَوْ أُعَظِّمُهُ أَوْ أُجِلُّهُ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَك الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى أَوْ لَيَحْمَدَنَّهُ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ أَوْ بِأَجَلِّ الْمَحَامِدِ، أَوْ أَعْظَمِهَا أَوْ أَكْمَلِهَا كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُدَافِعُ نِقَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَفْضَلِ الصَّلَاةِ كَفَاهُ مَا فِي التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ قَلَّ) وَلَوْ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
وَقَالَ شَيْخُنَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَمَوِّلًا. قَوْلُهُ: (وَمَا وَصَّى بِهِ) وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَضَالٌّ وَمَسْرُوقٌ وَغَائِبٌ قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ. قَوْلُهُ:(وَدَيْنٌ) وَلَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَلَوْ نُجُومُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا عَلَى مَيْتٍ.
قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَيَحْنَثُ بِمَا عَلَى الْمُعْسِرِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي إلَخْ) وَرَدَ بِالْمُؤَجَّرِ. قَوْلُهُ: (لَا مُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَالْمُسْتَوْلَدَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ) وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا عَبْدَ لَهُ أَوْ لَا رَقِيقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ عَادَ إلَى الرِّقِّ بِتَعْجِيزٍ أَوْ نَحْوِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا مِلْكَ لَهُ حَنِثَ وَلَوْ بِنَحْوِ مَغْصُوبٍ وَآبِقٍ لَا بِنَجَسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ وَلَا بِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً. قَوْلُهُ: (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) أَيْ عُرْفًا
ــ
[حاشية عميرة]
يَتَكَلَّمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ضَابِطُ الْكَلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ بِلُغَتِهِ، وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِ مُحْتَجًّا بِقِصَّةِ عَائِشَةَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ خُرُوجِ عَائِشَةَ وَنَهْيِ أُمِّ سَلَمَةَ لَهَا. قَوْلُهُ:(أَفْهَمُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْحِنْثِ قَصَدَ الْإِفْهَامَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ الْمُخَاطَبُ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ قِرَاءَةَ) وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ.
(بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إيلَامٌ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ. (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفِ شَعْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ضَرْبًا قِيلَ وَلَا لَطْمٍ وَوَكْزٍ) أَيْ دَفْعٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ أَوْ الْخَشَبَاتِ. (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ (بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ إنَّهُ لَا يَبَرُّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْعِثْكَالِ أَوْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ إلَّا مَرَّةً. .
(أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) مِنْك (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ وَالْحِنْثُ مَبْنِيٌّ عَلَى حِنْثِ الْمُكْرَهِ الْمَرْجُوحِ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْغَرِيمُ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ الْحَقِّ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِلْغَرِيمِ (ثُمَّ فَارَقَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَفْلَسَ) هُوَ أَيْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ. (فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ يُوسِرَ. (حَنِثَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَخِيرَةِ، وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ الْبَرُّ بِاخْتِيَارِهِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِبْقَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الرَّابِعَةِ بِالِاحْتِيَالِ وَقِيلَ لَا حِنْثَ فِيهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
فَخَرَجَ نَحْوُ وَضْعِ أُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ يَنْوِيَ قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَبِالسُّكُونِ لَحْنٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دَفْعٌ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ سَوَاءٌ بِظُهْرِ الْكَفِّ أَوْ بَطْنِهَا وَأَصْلُهُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مَطْبُوقَةً. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ اللَّطْمُ وَالْوَكْزُ قَوْلُهُ: (ضَرَبَ) فَيَبَرُّ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الرَّفْسُ وَاللَّكْمُ وَالصَّفْعُ وَالرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ.
فَرْعٌ: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبُولَ حَمْلٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا، حَمْلٌ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَأُجْبِرَنَّ مَدِينِي عَلَى التَّرْكِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَطْلِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) وَلَوْ بِانْكِبَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ تَمَسَّ الْبَدَنَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ السِّيَاط فَيَكْفِيهِ أَنْ يَشُدَّ مِائَةَ سَوْطٍ وَالْمِائَةُ فِي ذَلِكَ مِثَالُ فَلَوْ كَانَتْ خَمْسِينَ ضَرَبَ بِهَا مَرَّتَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ حَصَلَ الْبَرُّ. قَوْلُهُ: (مُخَرَّجٌ) أَيْ مِمَّا فِي الزِّنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِثْكَالُ حَالَةَ الشَّكِّ وَفَرَّقَ بِقُوَّةِ إرَادَةِ التَّنْكِيلِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً) فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمِائَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حَمَلَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْك) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْك كَفَى الِاسْتِيفَاءُ مِنْ وَكِيلِهِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا وَبِالْحَوَالَةِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَارَقَهُ لِنَحْوِ بَوْلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا وَاقِفَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ) فَهِيَ أَوْلَى لِعَدَمِ الْعَلِيَّةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ كَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا وَمَحَلُّ الْحِنْثِ مَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِالِاسْتِيفَاءِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْهُ. وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَسَتَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَخِيرَةُ) نَعَمْ إنْ فَارَقَهُ فِيهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ. قَوْلُهُ: (وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ) وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ إبْرَائِهِ وَاحْتِيَالُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحِنْثِ بِتَلَفِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ فَلَا يَحْنَثُ هُنَا إلَّا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهَا كَالْغَدِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْحِنْثِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) أَيْ لِصِدْقِ الِاسْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُؤْلِمْهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَا مِنْ الْأَلَمِ، فَلَوْ وَضَعَ الْأُنْمُلَةَ عَلَى جَسَدِهِ فَهُوَ مُتَلَاعِبٌ لَا ضَارِبٌ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) .
قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَدَّ يُوقَفُ عِنْدَهُ فِي هَذَا لَكِنْ يَرْجِعُ إلَى مَا يُسَمَّى شَدِيدًا وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى يَبُولَ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا حُمِلَ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا. اهـ.
قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَلَا يُقَالُ بِسُكُونِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إصَابَةَ الْكُلِّ) يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَبْسُطَهَا عَلَى الْحَصِيرِ ثُمَّ يَضْرِبُ، قَوْلُهُ:(فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) لِأَنَّ حَيْلُولَةَ الْبَعْضِ كَحَيْلُولَةِ الثِّيَابِ وَاعْتَرَضَ تَعْبِيرُهُ بِالْأَلَمِ بِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا سَلَفَ.
قَالَ بَعْضُهُمْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا ذَكَرَ الْعَدَدَ فِي حَلِفِهِ، كَانَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الْإِيلَامِ فَيُلْتَحَقُ بِقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثَقْلُ الْكُلِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) زَادَ الشَّارِحُ مِنْك وَبِاعْتِبَارِهَا لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْهُ وَبِدُونِهَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَدَّى عَنْهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ) مِثْلُهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَنَظِيرِهِ فِي انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، قَوْلُهُ:(لَا يَحْنَثُ) مِثْلَ ذَلِكَ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً) الصَّحِيحُ الْحِنْثُ