الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَمَانِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ
(وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُ فِيهِ لِيَكُونَ مَعَ النَّبْذِ الْجَائِزِ لَهُ خُرُوجُهُ بِأَمَانٍ كَدُخُولِهِ.
بَابُ الْهُدْنَةِ
(هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الْكُفَّارِ) عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي (عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالرُّومِ وَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا) فَيَجُوزُ لَهُمَا (وَ) عَقَدَهَا (لِبَلْدَةٍ) أَيْ لِكُفَّارِهَا (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ) لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَيْضًا) أَيْ مَعَهُمَا (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) ، مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (جَازَتْ) بِلَا عِوَضٍ.
(أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِآيَةِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2](لَا سَنَةً وَكَذَا دُونَهَا) فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ لَا تَجُوزُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ إلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ (وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ فَقَطْ) ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم هَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ» وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْعَشْرَ وَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ) بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي عَقْدِ أَحَدِهِمَا يَبْطُلُ فِي الْمَزِيدِ وَغَيْرِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْمَزِيدِ فَقَطْ
(وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (يُفْسِدُهُ وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) يُفْسِدُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ شُرِطَ مَنْعُ فَكِّ أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكُ مَالَنَا) أَيْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ (لَهُمْ أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
يُجَابُونَ إلَّا إنْ طَلَبَهُمْ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ، قَوْلُهُ:(كَمَا تَبَعُوهُمْ) أَيْ مَنْ شَأْنُهُمْ التَّبَعِيَّةُ وَإِنْ احْتَاجُوا فِي التَّبَعِيَّةِ إلَى شَرْطٍ،.
قَوْلُهُ: (بَلَغَ الْمَأْمَنَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ نَاقِضٌ وَلَا خِيَانَةٌ وَمَأْمَنُهُ دَارُ الْحَرْبِ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ مَا يَأْمَنُ فِيهِ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ اُعْتُبِرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ.
[بَابُ الْهُدْنَةِ]
ِ مِنْ الْهُدُونِ وَهُوَ السُّكُونُ بِسُكُونِ الْقِتَالِ بِسَبَبِهَا فَفِيهَا شَبَهٌ بِالْجِزْيَةِ وَالْأَمَانِ كَمَا مَرَّ، وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُسَالَمَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُوَادَعَةً وَأَصْلُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ تَجِبُ، قَوْلُهُ:(هِيَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَمَا مَرَّ أَوْ مُطْلَقُ الْمُصَالَحَةِ، قَوْلُهُ:(إمَامٍ) أَيْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يَعْقِدُهَا إمَامُ الْبُغَاةِ فَلَوْ عَقَدَهَا لِمَنْ ظَنُّوا صِحَّتَهَا مِنْهُ بَلَغُوا الْمَأْمَنَ كَمَا لَوْ عَقَدَهَا الْآحَادُ، قَوْلُهُ:(وَنَائِبِهِ فِيهَا) أَيْ فِي عَقْدِهَا وَلَوْ بِالْعُمُومِ قَوْلُهُ: (وَلِبَلْدَةٍ) أَيْ يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَنْ يَعْقِدَهَا لِأَهْلِ بَلَدٍ وَكَذَا الْإِقْلِيمُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ:(فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ) وَكَذَا فِي إعَانَتِهِمْ لَنَا أَوْ عَدَمِ إعَانَتِهِمْ عَلَيْنَا أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ، قَوْلُهُ:(كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ، قَوْلُهُ:(بِلَا عِوَضٍ) أَوْ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَأَمَّا النِّسَاءُ وَنَحْوُهُنَّ وَالْأَمْوَالُ فَيَجُوزُ عَقْدُهَا لَهُمَا مُؤَبَّدًا، قَوْلُهُ:(فَقَطْ) فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَإِنْ اُحْتِيجَ بَعْدَ فَرَاغِ عَقْدٍ جُدِّدَ عَقْدٌ آخَرُ، قَوْلُهُ:(وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا كَافِرٌ بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمَعَ فِي مَجَالِسَ لَمْ يُمْهَلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِحُصُولِ غَرَضِهِ بِدُونِهَا،.
قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ مُحَقَّقَةٌ يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَمَانَ، قَوْلُهُ:(بِأَنْ شَرَطَ إلَخْ) وَمِنْ الْمُفْسِدِ شَرْطُ إقَامَتِهِمْ بِالْحِجَازِ أَوْ دُخُولِهِمْ الْحَرَمَ، قَوْلُهُ:(مَالِ الْمُسْلِمِينَ) فَصْلُ اللَّامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمَالُ الْمُضَافُ لِلْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية عميرة]
بَابُ الْهُدْنَةِ قَوْلُهُ: (مَعَ الْكُفَّارِ) أَيْ سَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنْ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَمَنْ لَا يُقَرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الْمُصَالَحَةُ أَيْ وَأَصْلُهَا السُّكُونُ، قَوْلُهُ:(أَوْ مَعَهُ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي، أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى رَجَاءِ لَا عَلَى إسْلَامِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ اهـ وَإِلَّا لَقَالَ فِي الرَّجَاءِ وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ وَالْبَذْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ:(لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الْإِقْلِيمِ، قَوْلُهُ:(أَيْ مَعَهُمَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ، قَوْلُهُ:(كَضَعْفِنَا) هَذَا مِثَالُ حَاجَةٍ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، قَوْلُهُ:(أَوْ رَجَاءِ) عَطْفٌ عَلَى ضَعْفِنَا هَذَا مِثَالٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِثَالٌ لِعَشْرِ سِنِينَ، قَوْلُهُ:(أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، قَوْلُهُ:(أَيْ ضَعْفٍ) خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ انْتِفَاءِ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ.
[مُدَّة الْهُدْنَة]
قَوْلُهُ: (لَا سَنَةً إلَخْ) قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ عَدَمُ الْخِلَافِ فِي السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَا خِلَافَ فِيمَا فَوْقَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا يَجُوزُ فَوْقَ السَّنَةِ قَطْعًا وَلَا سَنَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، قَوْلُهُ:(بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ الْجَائِزِ
قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) مُقَابِلُهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى تَفْسُدَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، قَوْلُهُ:(أَوْ لِتُعْقَدَ) أَيْ أَوْ صَالَحَ لِتُعْقَدَ إلَخْ.
قَوْلُهُ:
(أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ وَسَيَأْتِي رَدُّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْعَقْدِ فِيهِ بِالْأَصَحِّ.
(وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) فَقَامَ هَذَا الْقَيْدُ مَقَامَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي الصِّحَّةِ
(وَمَتَى صَحَّتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا (أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ قِتَالٍ لَنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) وَمِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْمُدَّةُ نَقْدُ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْيِيدِ بِمَشِيئَةِ
(وَإِذَا انْتَقَضَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي بِلَادِهِمْ فَلَوْ كَانُوا بِدَارِنَا بَلَغُوا مَأْمَنَهُمْ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْعَهْدَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بِأَنْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا (اُنْتُقِضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِالرِّضَا بِالنَّقْضِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا) يُنْتَقَضُ فِيهِمْ.
(وَلَوْ خَافَ) الْإِمَامُ (خِيَانَتَهُمْ) بِظُهُورِ أَمَارَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهْمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُؤَبَّدٌ
(وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا تَخَالُفَ
(وَإِنْ شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ مُسْلِمًا إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} أَيْ الْأَزْوَاجَ {مَا أَنْفَقُوا} أَيْ مِنْ الْمُهُورِ الْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِلنَّدْبِ الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَوَصْلُهَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ مَالُنَا، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ أَيْ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مُسْلِمٍ وَمَالٍ وَغَيْرِهِمَا، كَرَدِّ مُسْلِمٍ أَفْلَتَ مِنْهُمْ فَاللَّامُ فِي مَالِنَا عَلَى الْأَوَّلِ جُزْءُ كَلِمَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي حَرْفُ جَرٍّ وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِعُمُومِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ:(أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) نَعَمْ إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ كَفَكِّ أَسْرَى يُعَذِّبُونَهُمْ أَوْ خَوْفِ اسْتِئْصَالِهِمْ لَنَا جَازَ بَلْ وَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُونَهُ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَمَحِلُّ نَدْبِ فَكِّ الْأَسْرَى فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ، وَإِلَّا فَوَاجِبٌ وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ وَالنَّدْبَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ:(مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ) لَا عَلَى دِينَارٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا هُنَا وَالْجَوَابُ عَنْ إيرَادِهِ لِأَجْلِ نَوْعِ الْخِلَافِ وَعَنْ تَأْخِيرِهِ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ مَعَهُ،.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ) وَكَذَا ذُكِرَ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ فِي الْحُرُوبِ وَلِإِمَامٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَقْضُهَا إنْ فَسَدَتْ بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَلَا بِعَزْلِهِ، قَوْلُهُ:(مَتَى شَاءَ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشَاءَ أَكْثَرَ مِمَّا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَا تَصِحُّ مَعَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ،.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْكَفُّ) أَيْ كَفُّ أَذَانَا وَأَذَى أَهْلِ الْعَهْدِ لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَا بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، قَوْلُهُ:(أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَوْ إيوَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ، قَوْلُهُ:(قُتِلَ مُسْلِمٌ) أَوْ ذِمِّيُّ بِدَارِنَا أَوْ سُبَّ اللَّهُ أَوْ نَبِيٌّ لَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَوْلُهُ:(وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَالْإِمَامِ الْمُعَيَّنِ السَّابِقِ
، قَوْلُهُ:(انْتَقَضَتْ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالنَّاقِضِ، قَوْلُهُ:(بَعْضُهُمْ) سَوَاءٌ أَمِيرُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ، قَوْلُهُ:(لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَفَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهَا وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا،.
قَوْلُهُ: (الْمَأْمَنَ) وَمَنْ لَهُ مَأْمَنٌ أَنْ يُعْتَبَرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ،
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ) خَرَجَ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمٍ سَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِذِكْرِهِ، أَوْ أَطْلَقَهُ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَخَرَجَ شَرْطُ رَدِّ كَافِرٍ أَوْ كَافِرَةٍ فَلَا يُفْسِدُ بِالْأَوْلَى، قَوْلُهُ:(تَأْتِينَا) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا بَعْدَ مَجِيئِهَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَوْلُهُ:(وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ) وَالْوَاضِحَةُ وَالْخُنْثَى، قَوْلُهُ:(فَلَا تَكْرَارَ) أَيْ عَلَى مَا هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ التَّعْبِيرُ فِي هَذِهِ بِالصَّحِيحِ أَيْضًا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا، أَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ. وَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا إلَيْهِمْ وَإِنْ جُنَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ شَكَكْنَا فِي جُنُونِهَا هَلْ هُوَ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَجُنَّتْ وَوَصَفَتْ الْكُفْرَ ثُمَّ أَفَاقَتْ رُدَّتْ إلَيْهِمْ،.
قَوْلُهُ: (الصَّادِق إلَخْ) أَيْ الْأَمْرُ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِعَدَمِهِ وَهَذَا الْعَدَمُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالنَّدْبِ وَرَجَّحُوا هَذَا النَّدْبَ، لِمَا ذَكَرَهُ فَالصَّادِقُ نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِلنَّدْبِ، وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَيْهِ، وَعَدَمُ فَاعِلُ بِصَادِقٍ وَالْمُوَافِقُ نَعْتٌ لِعَدَمِ وَالضَّمِيرُ فِي رَجَّحُوهُ عَائِدٌ لِلنَّدْبِ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) يُرَدُّ أَنَّ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَبَيَاتُهُمْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، قَوْلُهُ:(لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَلِمَا أَنَّ هُدْنَةَ الْبَعْضِ هُدْنَةٌ لِلْكُلِّ
قَوْلُهُ: (وَيُبَلِّغُهُمْ) التَّبْلِيغُ وَاجِبٌ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ. نَعَمْ فِي نُسْخَةٍ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ
قَوْلُهُ: (تَأْتِينَا) مُسْتَدْرَكٌ، قَوْلُهُ:{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَمَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الشَّرْطِ الْعَامِّ فَهِيَ نَاسِخَةٌ أَوْ مُخَصَّصَةٌ هَذَا إنْ صَحَّ رِوَايَةُ التَّعْمِيمِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا خَاصًّا بِالرِّجَالِ كَمَا رُوِيَ فَلَا إشْكَالَ، قَوْلُهُ:(فَسَدَ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ أَحَلَّ حَرَامًا
قَوْلُهُ: (وَلِلنَّدْبِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ:(الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ) الَّذِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ يَجِبْ دَفْعٌ.