الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَبْدِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ عَتَقَ النَّصِيبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَصْلٌ (يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ) بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْحَطُّ أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ لِمَا ذُكِرَ (وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي مَا ذُكِرَ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْهِ الثَّانِي بَعْدَهُ لِيَتَبَلَّغَ بِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ قَضَاءً، (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبْعُ وَإِلَّا فَالسُّبُعُ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «يُحَطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرُ رُبُعِ كِتَابَتِهِ» وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافٍ وَذَلِكَ فِي آخِرِ نُجُومِهِ، وَخَمْسَةٌ سُبُعُ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ فِيهَا، (وَلَا حَدَّ فِيهِ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهُ وَكَذَلِكَ هِيَ (وَيَجِبُ) بِهِ (مَهْرٌ) لَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ (وَالْوَلَدُ) مِنْهُ (حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ لَهَا قِيمَتُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ يَأْتِي إنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَهَا، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (السَّيِّدُ) وَكَذَا وَارِثُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ وَجَبَ الْحَطُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِيقُ وَجَبَ الْحَطُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَعَمْ يُسْتَثْنَى السَّيِّدُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَزِدْ الْمُكَاتَبُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْإِيتَاءِ عَدَمُ عِتْقِهِ كُلِّهِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحُطَّ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ مَا يَحُطُّ. قَوْلُهُ: (الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ الْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِهِ وَالدَّفْعُ بَدَلٌ عَنْ الْحَطِّ وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لَهُمَا وَالْحَطُّ إيتَاءٌ وَزِيَادَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ:(أَلْيَقُ) أَيْ أَنْسَبُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ) وَهُوَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ) فِي الْحَطِّ مُطْلَقًا وَفِي الدَّفْعِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ إلَخْ، فَهُوَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ كَمَا.
قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ رُبُعٌ) وَأَوْجَبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ خُمُسٌ فَسُدُسٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا الْوَلِيُّ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ
مُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) وَشَرْطُهُ فِي الْعَقْدِ مُفْسِدٌ لَهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِفَسَادِ الشَّرْطِ فَقَطْ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِصِحَّتِهِمَا وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُحَرَّمِ وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ وَيَلْزَمُ بِإِحْبَالِهَا قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ:(لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْفَاسِدَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ بِهِ مَهْرٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَ وَطْءٍ آخَرَ، وَلَوْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ أَوْ حَلَّ نَجْمٌ قَبْلَهُ وَقَعَ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ:(مِنْهُ) هُوَ قَيْدٌ لِكَوْنِهِ حُرًّا نَسِيبًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدِهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلٍ آخَرَ) وَعَلَى هَذَا لَا قِيمَةَ قَطْعًا فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَصَارَتْ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ فِي الصَّيْرُورَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَابِقَةٌ وَقَدْ يُقَالُ الصَّيْرُورَةُ بِاعْتِبَارِ انْضِمَامِ الْوَصْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ عَنْ الْإِيلَادِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا أَوْ أَدَّتْ النُّجُومَ أَوْ نُجِزَ عِتْقُهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا قَوْلُهُ: (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْحَادِثُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَقَبْلَ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنَى مُكَاتَبٍ) أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لَهَا وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ اسْتِقْلَالًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ أَدَائِهِ وَعِتْقِ أُمِّهِ وَلِلسَّيِّدِ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ]
فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) لَوْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ النُّجُومِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا إعَانَةَ فِيهِ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] إلَخْ) ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِيتَاءُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّادَاتِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَتَعَذَّرَ كَالزَّكَاةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) لِإِطْلَاقِ الْإِيتَاءِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالثَّانِي: اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنَى خَصَّصَهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَالَفَهُ الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّ آيَتَهَا تَعَرَّضَتْ لِلتَّقْدِيرِ حَيْثُ قَالَ {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 236] ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ) يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ وُجُوبًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَوُجُوبًا مُوَسَّعًا، وَيَضِيقُ عِنْدَ الْعَقْدِ.
قَالَ الْبَغَوِيّ الثَّانِي أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعَقْدِ وَقْتَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْإِيتَاءِ كَدُخُولِ رَمَضَانَ لِجَوَازِ دَفْعِ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَيُسْتَحَبُّ) ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ، وَالْقَاعِدَةُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ،
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ) لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَقَالَ مَالِكٌ فَسَدَ، الشَّرْطُ فَقَطْ، وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِحَّانِ.
(فَرْعٌ) يَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا يَجِبُ قِيمَتُهُ إلَخْ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَأَخَّرَ الْوَضْعُ إلَى بَعْضِ الْعِتْقِ لَمْ تَجِبْ الْقِيمَةُ، قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يَتْبَعُهَا) مَعَ التَّبَعِيَّةِ هُنَا كَوْنُهُ تَابِعًا فِي الْعِتْقِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ انْجَرَّ عِتْقُهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ، عَتَقَتْ مِنْ الْكِتَابَةِ
الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ مَعَ قَوْلٍ آخَرَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ (وَصَارَتْ) بِالْوَلَدِ (مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (وَوَلَدُهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا مُكَاتَبٌ فِي الْأَظْهَرِ يَتْبَعُهَا زِنًا أَوْ عِتْقًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) لِلسَّيِّدِ، وَالثَّانِي هُوَ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ، (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْحَقُّ) أَيْ حَقُّ الْمِلْكِ (فِيهِ لِلسَّيِّدِ وَفِي قَوْلٍ لَهَا فَلَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لِذِي الْحَقِّ) مِنْهُمَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلَدِ (وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ يُنْفَقُ مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُمَا وَقْفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) وَفِي وَجْهٍ لَا يُوقَفُ بَلْ يُصْرَفُ إلَى السَّيِّدِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ إنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ، وَعَلَى قَوْلِ إنَّهُ لَهَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْشِ وَغَيْرِهِ لَهَا.
(وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَوَصَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ حَسَنٌ (وَلَوْ أَتَى) الْمُكَاتَبُ (بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ) أَيْ لَيْسَ مِلْكُهُ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِذَلِكَ (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ حَلَالٌ) أَيْ مَلَكَهُ (وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِئُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَدْرِهِ (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ عَتَقَ الْعَبْدُ، (فَإِنْ نَكَلَ الْمُكَاتَبُ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) لِغَرَضِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَرَامِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ لِذَلِكَ. (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدِّي مُسْتَحِقًّا رَجَعَ السَّيِّدُ بِبَدَلِهِ) وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ (فَإِنْ كَانَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ بَانَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (قَالَ عِنْدَ أَخْذِهِ أَنْتَ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُ صِحَّتِهِ (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ) وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ.
(وَلَا يَتَزَوَّجُ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِبَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ) وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ (وَلَا يَتَزَوَّجُ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِبَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ (وَلَا يَتَسَرَّى بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّلْقِ فَمَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ كَمَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ فِي وَطْءِ الرَّاهِنِ مَنْ يُؤْمَنُ حَبَلُهَا هُنَا، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابَيْ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ وَنِكَاحِهِمْ كَأَصْلِهَا فِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَسَرِّي الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَوْلَيْنِ كَتَبَرُّعِهِ وَمَا هُنَا أَرْجَحُ.
(وَلَهُ شِرَاءُ الْجَوَارِي لِتِجَارَةٍ فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ جَارِيَتَهُ عَلَى خِلَافٍ مَنَعْنَا مِنْهُ، (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَلَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ لَهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَطْؤُهُ لَوْ كَانَ أُنْثَى وَلَمْ يُكَاتِبْهَا وَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَإِذَا عَتَقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ النُّجُومِ كَغَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ وَلَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَ السَّيِّدِ بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ كَأُمِّهِ، وَلَوْ عَتَقَتْ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا يَتْبَعُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ:(يُنْفَقُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَوْتِهِ مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) وَلَوْ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ حَطُّهُ فَيَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى حَطِّهِ أَوْ أَدَائِهِ وَفِي مَعْنَى الْأَدَاءِ الْإِبْرَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِهَا لَا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَيْسَ مِلْكَهُ) يُفِيدُ أَنَّ حُرْمَتَهُ لَا لِوَصْفِهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ جَاءَ لَهُ بِلَحْمٍ فَقَالَ السَّيِّدُ إنَّهُ مَيْتَةٌ فَيَحْلِفُ السَّيِّدُ إلَّا إنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ ذَكَّاهُ بِنَفْسِهِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ) فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى السَّيِّدِ حَلَفَ وَلَا يَأْخُذُهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِئُهُ) هُمَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَبِالتَّخْيِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ كَيْفَ يُؤْمَرُ السَّيِّدُ بِأَنْ يَأْخُذَ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدِّي) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْبَدَلِيَّةِ ارْتِكَابَ مَجَازٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَنَاهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِنْشَاءَ وَإِلَّا عَتَقَ قَالَهُ شَيْخُنَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّهُ يَعْتِقُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْضًا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ قَصْدِ الْإِنْشَاءِ أَوْ عَدَمِ الْإِطْلَاقِ إذَا ادَّعَاهُ الْعَبْدُ وَأَنْكَرَ وَفُهِمَ مِنْ بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ فَزَوَائِدُهُ لَهُ. .
قَوْلُهُ: (أَخَذَ بَدَلَهُ) لَمْ يَقُلْ هُنَا وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ كَمَا مَرَّ إمَّا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ لَهُ الرِّضَا بِهِ هُنَا وَإِذَا رَدَّهُ بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ عَتَقَ مِنْ وَقْتِ الرِّضَا وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوَائِدَ لِلْعَبْدِ لِعَدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ لِمَا أَخَذَهُ.
قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ فِي الرِّضَا يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ مِنْ الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَالزَّوَائِدُ لِلسَّيِّدِ وَقَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي نَقْصِ الصِّفَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ كَوَزْنٍ لَمْ يَعْتِقْ بِالْأَخْذِ وَلَا بِالرِّضَا إلَّا إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِغَيْرِ إذْنٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَسَرَّى) مُطْلَقًا أَيْ لَا يَطَأُ وَلَوْ بِغَيْرِ تَسَرٍّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (خَوْفًا إلَخْ) أَيْ مَعَ ضَعْفِ الْمِلْكِ هُنَا فَلَا يُنَافِي امْتِنَاعَهُ مَعَ الْإِذْنِ وَحِينَئِذٍ فَقِيَاسُهُ عَلَى الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمُقَابِلِ لَهَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْحَاكِيَةُ، وَرَدَّهُ وَلَدُهُ وَقَطَعَ بِالْمَنْعِ أَيْضًا وَكَلَامُهُمَا فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ. قَوْلُهُ:(فِي الثَّانِي) وَهُوَ نِكَاحُهُمْ يَعْنِي الْعَبِيدَ. قَوْلُهُ (أَنَّ فِي تَسَرِّي الْمُكَاتَبِ) الشَّامِلِ لِمَنْ تَحْبَلُ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِيهَا صَحِيحٌ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ
ــ
[حاشية عميرة]
وَتَبِعَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ بَطَلَتْ فِيهَا وَفِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيُوقَفُ حُكْمُ الْوَلَاءِ فِيهِ عَلَى الْعَاقِدِ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ مَعَهُ عَقْدٌ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَبُولٌ قَوْلُهُ: (كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا عَقْدٌ يَقْبَلُ الرَّفْعَ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَفِي قَوْلٍ لَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ لَعَتَقَ بِعِتْقِهَا وَرُدَّ بِأَنَّهُ كَأَمَةٍ، ثُمَّ الْقَوْلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ قَطْعًا لَهُ بَيْعُهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) مِنْهُ أَنْ تَمُوتَ قَبْلَ عِتْقِهِ،.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ الْمُعَاوَضَةَ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِقَبْضِ كُلِّ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ التَّعْلِيقَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ تَمَامِ الصِّفَةِ.
قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَلَوْ فَضَلَتْ حَبَّةٌ لَمْ يَعْتِقْ، قَوْلُهُ:(وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ) أَيْ وَيَقَعُ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إبْرَاءٍ مَنْ قَدَرَ نَقْصِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ نَاقِصًا جُزْءًا.
قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ
(وَالْوَلَدُ) مِنْ وَطْئِهِ، (نَسِيبٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ (أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، (وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِمَمْلُوكٍ وَالثَّانِي تَصِيرُ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ بِكِتَابَتِهِ عَلَى أَبِيهِ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ (وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (وَكَانَ يَطَؤُهَا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الْعِتْقِ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَاسْتِيلَادُهَا عَلَى الْخِلَافِ.
(وَلَوْ عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ (النُّجُومَ) قَبْلَ مَحِلِّهَا (لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ) مِنْ قَبْضِهَا (غَرَضٌ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ) أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ إلَى مَحِلِّهِ (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) كَأَنْ عَجَّلَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ غَرَضٌ (فَيُجْبَرُ) عَلَى قَبْضِهِ (فَإِنْ أَبِي قَبَضَهُ الْقَاضِي) عَنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ (وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ النُّجُومِ (لَيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَأَبْرَأَ) مَعَ الْأَخْذِ (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) ، وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ وَلَا عِتْقَ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ (فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (وَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُشْتَرِي) النُّجُومَ (لَمْ يَعْتِقْ فِي الْأَظْهَرِ وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ) بِهَا (وَالْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ بِهَا أُخِذَ مِنْهُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَبْضِهَا مِنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَتَمَّمَ الثَّانِيَ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَوَكِيلِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيدِ فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (فَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ (إلَى الْمُشْتَرِي فَفِي عِتْقِهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ وَفِي الْقَدِيمِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) ، فِيمَا ذُكِرَ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ،
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَمَا هُنَا أَرْجَحُ) أَيْ الْمَنْعُ هُنَا مُطْلَقًا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ التَّنْبِيهُ مِنْ جَوَازِهِ بِالْإِذْنِ، وَوَجْهُ الرُّجْحَانِ أَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَسْتَغْرِقُ أَكْسَابَهُ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْعِتْقِ وَلَا كَذَلِكَ التَّبَرُّعُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ جَارِيَتُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَامَ الْجَوَارِي لِلْجِنْسِ وَأَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلظَّرْفِيَّةِ وَتَدْخُلُ الْمَعِيَّةُ فِيمَا بَعْدَهُ أَوْ مُلْحَقَةً بِهِ. قَوْلُهُ: (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ أَبُوهُ رُقَّ وَصَارَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ) وَهَلْ يَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُهُ أَيْضًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ) وَرُدَّ بِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ مِنْ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ لَا مِنْ الْإِيلَادِ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِفَوْقِ إلَخْ) لَزِمَ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ تَدَافُعُ كَلَامِهِ فِي السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَالْمُرَادُ سِتَّةٌ غَيْرُ لَحْظَةِ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَطَؤُهَا) أَيْ مَعَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَوْ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ يَقِينًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ.
قَوْلُهُ: (عَجَّلَ النُّجُومَ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ) أَيْ صَحِيحٌ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَنْسَبَ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ شَيْءٍ يُرْجَى زَوَالُهُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَبُولُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ نَهْبٍ) وَإِنْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ وَمِنْ الْغَرَضِ مَا لَوْ كَانَ يَخَافُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ أَوْ أَحْضَرَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَفَارَقَ تَعْيِينَ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَى) أَيْ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إجْبَارِهِ أَوْ تَعَذَّرَ.
تَنْبِيهٌ: الْمَكَانُ هُنَا كَالزَّمَانِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ الدَّفْعِ وَإِلَّا بَرِئَ وَعَتَقَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ السَّيِّدِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُبْرِئَهُ مَا لَوْ عَجَّلَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا بَقِيَ أَوْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ الْبَاقِي، فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَالْعِتْقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عُجِّلَ مَا لَوْ جَاءَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ وَلَوْ بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْبَرَاءَةُ وَالْعِتْقُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَجَزَمَا فِي الشُّفْعَةِ بِصِحَّتِهِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَحَمَلَ الْجَوْجَرِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ السَّيِّدِ
ــ
[حاشية عميرة]
خِلَافٌ بِخِلَافٍ نَظِيرُهُ مِنْ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَلَوْ أَدَّى هَكَذَا وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ وَلَا ضَرَرَ قَبَضَهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا رَهْنٌ نَظَرًا لِفَكِّهِ، كَمَا نَظَرَ هُنَاكَ لِفَكِّ الرَّقَبَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) قِيلَ هَذَا لَا يُلَائِمُ الْجَبْرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ جَبْرِهِ وَالْقَبْضِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ السَّيِّدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ بَاطِلٌ، وَالتَّعْجِيلُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَزِيدُونَ فِي الْحَقِّ لِيُزَادَ فِي الْأَجَلِ، وَمِثْلُهُ أَبْرَأْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ تُعَجِّلَ أَوْ إذَا عَجَّلْتَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك،.
قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ لَكِنْ قَدْ سَلَفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ النُّجُومِ وَهُنَا قَدْ يُقَالُ التَّسْلِيطُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّقَبَةِ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لَهُ بِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ شِرَاءِ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، وَبِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِهِ وَهَذِهِ قَدْ رَضِيَتْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ رَضِيَ أَوْ سَخِطَ مَمْنُوعٌ.