الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَثْلَاثًا) نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ (وَقِيلَ نِصْفَانِ) عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفٌ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ نِصْفٌ نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ (وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ هُنَا بِفِعْلِهِ.
(وَلَوْ عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِالطَّرِيقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَوَجْهُهُ الِاشْتِرَاكُ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إهْدَارُ الْعَاثِرِ وَضَمَانُ عَاقِلَتِهِ الْمَعْثُورِ بِهِ أَيْ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) لِتَقْصِيرِهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٌ بِهِ) لِتَقْصِيرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.
تَنْبِيهٌ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ الْوَاضِعِ وَالْحَافِرِ وَالْمُدَحْرِجِ وَغَيْرِهِمْ النَّفْسَ مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ بِدَلَالَةِ التَّرْجَمَةِ وَغَيْرِهَا.
فَصْلٌ إذَا (اصْطَدَمَا) أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ (بِلَا قَصْدٍ) لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ ضَمَانَ خَطَأٍ، (وَإِنْ قَصَدَا) الِاصْطِدَامَ (فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ (أَوْ) قَصَدَهُ (أَحَدُهُمَا) وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْآخَرُ، (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَفَّارَتَيْنِ) وَاحِدَةً لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ، وَالثَّانِي كَفَّارَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ مَاتَ مَعَ مَرْكُوبَيْهِمَا فَكَذَلِكَ) دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ (وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ) وَرَدَّ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ قَصَدَ إزَالَتَهُ مِنْ الطَّرِيقِ لِمُنْعَطَفٍ فَعَادَ إلَيْهَا،
قَوْلُهُ: (بِالطَّرِيقِ) أَيْ لَا فِي مُنْعَطَفٍ مِنْهَا وَلَا لِنَفْعٍ عَامٍّ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ كَذَلِكَ وَبِالطَّرِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِقَاعِدٍ وَنَائِمٍ وَوَاقِفٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى الْمَعْثُورِ بِهِ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ كَمَا يَأْتِي لِتَقْصِيرِهِ، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَذْكُورِ فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(إهْدَارُ الْعَاثِرِ) وَلَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ اتَّسَعَ وَوَقَفَ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، قَوْلُهُ:(لَا عَاثِرَ بِهِمَا) فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ وَاقِفٍ) عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ نَعَمْ إنْ انْحَرَفَ إلَيْهِ الْوَاقِفُ فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي.
تَنْبِيهٌ: الْجَالِسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ النَّائِمُ فِيهِ إنْ كَانَ لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَاعْتِكَافٍ وَصَلَاةٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ أَوْ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَنَائِمٍ غَيْرِ مُعْتَكِفٍ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) بِالدِّيَةِ الشَّامِلَةِ لِقِيمَةِ الرَّقِيقِ تَغْلِيبًا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ فِي نَصْبِ الْجَنَاحِ وَمِثْلُهُ وَضْعُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ الْجِدَارِ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ النَّصْبِ غَيْرَهَا يَوْمَ التَّلَفِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَخَصَّ مَا ذَكَرَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِثْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ.
فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (كَامِلَانِ) بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَقَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي الْحُكْمِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَيِّدَ بِغَيْرِ الْحَامِلَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ) وَكَذَا رَاكِبٌ وَمَاشٍ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ أَخْفَى مِمَّا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ رَاعَى ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي؛ لِأَنَّ مُرَاعَاتَهُ تُخْرِجُ الْمَاشِيَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(بِلَا قَصْدٍ) لِعَمًى أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ عَلَى ضَبْطِ الدَّابَّةِ أَوْ قَطْعِهَا عَنَانَهَا الْوَثِيقَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَوَقَعَا وَمَاتَا) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى تَرَتُّبِ الْمَوْتِ عَلَى الِاصْطِدَامِ فَوْرًا. أَوْ مَعَ بَقَاءِ الْأَلَمِ وَإِلَّا فَلَا وَالْوُقُوعُ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ) خَطَأٍ فِي عَدَمِ الْقَصْدِ وَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْقَصْدِ نَعَمْ هِيَ مِثَالُهُ فِي الْعَمْدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ حَرَكَةُ أَحَدِهِمَا ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا مَعَ حَرَكَةِ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَالْقَوِيُّ هَدَرٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ
ــ
[حاشية عميرة]
التَّدَحْرُجُ مَنْسُوبًا إلَى الْوَاضِعِ مَعْنًى، فَهَلَّا كَانَ ضَمَانُ الثَّانِي عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمَشْيِ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ كَالْوُقُوفِ، قَوْلُهُ:(ضَمَانُ الْعَاثِرِ) عِلَّتُهُ أَنَّ الطَّرِيقَ لِلطُّرُوقِ وَهُمْ بِالْقُعُودِ وَنَحْوِهِ مُقَصِّرُونَ، قَوْلُهُ:(وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ) عِلَّتُهُ أَنَّ الْقَتْلَ بِحَرَكَتِهِ وَالْمَشْيَ ارْتِفَاقٌ، قَوْلُهُ:(وَغَيْرُهَا) مِنْهُ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ الطَّالِبِ لِلْمَرْأَةِ: ضُمِنَ الْجَنِينُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمِنْ ذَلِكَ إطْلَاقُ الضَّمَانِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِالْفَاعِلِ.
[فَصْلٌ اصْطَدَمَا أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا]
فَصْلٌ اصْطَدَمَا قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُمَا حُرَّانِ قَوْلُهُ: (فَنِصْفُهَا) عَلَى الْعَاقِلَةِ قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ الَّتِي عَلَى كُلِّ
مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إتْلَافِ الدَّابَّتَيْنِ (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ) اصْطَدَمَا (كَكَامِلَيْنِ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَمِنْهُ التَّغْلِيظُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ وَسَوَاءٌ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا أَمْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّهُمَا (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) لِأَنَّ فِي الْإِرْكَابِ خَطَرًا وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ فِي ذَلِكَ، وَالضَّمَانُ الْأَوَّلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا.
(أَوْ) اصْطَدَمَ (حَامِلَانِ وَأَسْقَطَتَا) وَمَاتَتَا (فَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفًا إلَخْ. (وَعَلَى كُلٍّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ نَفْسَيْهِمَا وَجَنِينَيْهِمَا. وَالثَّانِي كَفَّارَتَانِ بِنَاءً عَلَى التَّجَزُّؤِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَثَلَاثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ عَلَى الثَّانِي (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَلْقَتْ جَنِينَهَا بِجِنَايَتِهَا وَجَبَ عَلَى عَاقِلَتِهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى
(أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدَانِ) وَمَاتَا (فَهَدَرٌ) لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ تَتَعَلَّقُ بِرِقِّهِ، وَقَدْ فَاتَتْ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْقِيمَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْحَيِّ (أَوْ) اصْطَدَمَ (سَفِينَتَانِ فَكَدَابَّتَيْنِ وَالْمَلَّاحَانِ) فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا (كَرَاكِبَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتَا لَهُمَا)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْآخَرِ وَهَذَا يَجْرِي فِيمَا يَأْتِي مِنْ الدَّابَّتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (لِوَارِثِ الْآخَرِ) أَيْ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ إنْ وَجَبَتْ قِيمَةُ الْإِبِلِ، وَاتَّحَدَتْ وَكَانَ عَاقِلُهُ كُلَّ وَرَثَةِ الْآخَرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) لَا قِيمَةُ النِّصْفِ كَمَا قِيلَ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مَرْكُوبِهِ) هُوَ لِمُنَاسَبَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّف قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لَا وَتُهْدَرُ حِصَّةُ كُلٍّ فِي الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ فِي الثَّانِي نِصْفُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْمَرْكُوبَيْنِ فِي تَرِكَةِ كُلًّا مِنْ الرَّاكِبَيْنِ وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمَرْكُوبَانِ، أَوْ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ أَوْ الْمَرْكُوبَيْنِ لِظُهُورِ حُكْمِهِ مِمَّا ذَكَرَ. قَوْلُهُ:(إنَّ عَمْدَهُمَا) أَيْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ الْمَجْنُونَيْنِ عَمْدٌ لَكِنْ بِشَرْطِ وُجُودِ نَوْعِ تَمْيِيزٍ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ) وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلِيُّ التَّأْدِيبِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلِيُّ الْإِرْكَابِ فَيَدْخُلُ مَنْ لَقِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي مَفَازَةٍ وَأَرْكَبَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ:(لَا تَقْصِيرَ فِيهِ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهِ الثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَرْكَبْهَا تَعَدِّيًا وَإِلَّا كَانَ أَرْكَبَهُمَا جُمُوحًا لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى ضَبْطِهَا مَثَلًا، فَعَلَى الْوَلِيِّ الضَّمَانُ لَهُمَا وَلِدَابَّتَيْهِمَا قَطْعًا كَالْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا لَكِنْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا عُلِمَ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِمَصْلَحَةٍ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ بِالْوَلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) وَإِنْ قَصَدَا الِاصْطِدَامَ وَقُلْنَا عَمْدُهُمَا عَمْدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
فَرْعٌ: لَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا وَمَاتَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَالِمًا هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا، وَإِنْ أَرْخَاهُ أَحَدُهُمَا هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ وُجُوبُ دِيَتِهِ كُلِّهَا فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي كَفَّارَتَانِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي أَنْ يَقُولَ: أَرْبَعَةُ أَنْصَافٍ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) وَهُوَ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ فَلِلدَّافِعِ أَنْ يُسَلِّمَ لِكُلٍّ رَقِيقًا كَامِلًا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ لِكُلٍّ رَقِيقًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفُهُ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِذَاكَ.
قَوْلُهُ: (عَبْدَانِ) وَكَذَا أَمَتَانِ حَامِلَتَانِ أَوْ لَا أَوْ يُرَادُ بِالْعَبْدِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ. قَوْلُهُ: (فَهَدَرٌ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا غَصْبٌ وَإِلَّا لَزِمَ الْغَاصِبَ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا فِدَاءُ الْمَغْصُوبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَقِيلَ مِنْ كُلِّ قِيمَتِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا وَالِاسْتِيلَادُ كَالْغَصْبِ فَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِمَّا ذُكِرَ وَضَمَانُ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ قَوْلُهُ:(بِرَقَبَةِ الْحَيِّ) إلَّا فِي نَحْوِ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَمَا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَرَقِيقٌ فَإِنْ مَاتَ الرَّقِيقُ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَيُهْدَرُ بَاقِيهِ أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ فِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ، وَيُهْدَرُ بَاقِيهِ أَيْضًا. أَوْ مَاتَا مَعًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الرَّقِيقِ الَّذِي عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ لِلسَّيِّدِ، لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ وَلِوَرَثَتِهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِلتَّوَثُّقِ. قَوْلُهُ:(وَالْمَلَّاحَانِ فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا إجْرَاؤُهُمَا بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا كَالرِّيحِ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ انْفَرَدَ وَوَصَفَهُ بِالْمَلَّاحِ مِنْ الْمَلَاحَةِ لِإِصْلَاحِهِ شَأْنَ السَّفِينَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ وَصْفٌ لِلرِّيحِ سُمِّيَ السَّمِيرُ لَهُ لِلْمُلَابَسَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مُعَالَجَةِ الْمَاءِ الْمِلْحِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا إلَّا إنْ تَعَيَّنَ كَالْمَاسِكِ لِلدَّفَّةِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَاحِدٍ نِصْفُهَا عَنْهُ وَنِصْفُهَا عَنْ رَقِيقِهِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ زَيْدٍ فَكَفَّارَتُهُ عَلَيْهَا مُوَزَّعَةً وَفِي قَتْلِ عَمْرٍو ذَلِكَ، قَوْلُهُ:(نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) أَيْ لَا قِيمَةُ النِّصْفِ.
فَرْعٌ: لَوْ دَاسَ بِمُقَدَّمِ مَدَاسِهِ عَلَى مُؤَخَّرِ مَدَاسِ سَابِقِهِ فَتَمَزَّقَ لَزِمَهُ نِصْفُ الضَّمَانِ أَيْضًا، قَوْلُهُ:(ضَمِنَهُمَا) أَيْ وَلَوْ تَعَمُّدًا
قَوْلُهُ: (نِصْفُ غُرَّتَيْ إلَخْ) قِيلَ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ نِصْفُهُ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِهَذَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ فَرَّقَ النِّصْفَيْنِ أَجْزَأَ،
قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) فَلَوْ أَثَّرَ الْحَيُّ فِي الْمَيِّتِ عَيْبًا تَعَلَّقَ أَرْشُهُ بِنِصْفِ هَذِهِ الْقِيمَةِ وَيَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، قَوْلُهُ:(وَالْمَلَّاحَانِ) هُوَ الْمُصْلِحُ لِشَأْنِ السَّفِينَةِ فَهُوَ مِنْ الْمَلَاحَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلرِّيحِ سُمِّيَ بِهِ الْمَلَّاحُ وَقِيلَ لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ، قَوْلُهُ:(كَرَاكِبَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا صَبِيَّيْنِ وَضَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ لِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُوَ الَّذِي اقْتَضَى الْهَلَاكَ، وَالْوَضْعُ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ كَإِرْكَابِ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الْإِرْكَابَ يَحْمِلُهَا عَلَى السَّيْرِ وَالْإِتْلَافِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا
فَإِذَا تَلِفَتْ السَّفِينَتَانِ بِمَا فِيهِمَا الْمَمْلُوكَتَانِ لِلْمَلَّاحَيْنِ الْمُجْرِيَيْنِ وَهَلَكَا أَيْضًا بِالِاصْطِدَامِ فَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ سَفِينَةِ الْآخَرِ بِمَا فِيهَا وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَفِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَتَا لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) وَوَجْهُ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ نَشَأَ عَنْ الْأُجَرَاءِ، فَإِنْ حَصَلَ بِغَلَبَةِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلُهُ قِيسَ عَلَى غَلَبَةِ الدَّابَّةِ الرَّاكِبِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ رَدَّهَا بِاللِّجَامِ مُمْكِنٌ.
(وَلَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ) فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ مَثَلًا (عَلَى غَرَقٍ جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا) فِي الْبَحْرِ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا، (وَيَجِبُ) طَرْحُهُ (لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ) وَيَجِبُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِتَخْلِيصِ ذِي الرُّوحِ وَتُلْقَى الدَّوَابُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فِيمَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ) مِنْهُ ضَمَانُ الْوَلِيِّ إذَا أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ كَذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِرَقَبَتِهِمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (نِصْفُ قِيمَةِ الْحُرِّ) أَيْ اسْتِقْرَارًا وَإِلَّا فَالْمُطَالَبَةُ بِكُلِّ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ الْغَارِمُ. قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهَا) أَيْ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ مَا فِيهَا مِنْ مَالِهِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ) مُخَفَّفَةٌ فِي الْخَطَأِ وَمُغَلَّظَةٌ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَعَلَيْهِ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ إنْ أَمْكَنَ بِعَدَمِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ ضَمَانِهِ) بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا أَرِقَّاءُ فَهُمْ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ أَحْرَارٌ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الضَّامِنِ لَهُمْ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ قَصْدِ الِاصْطِدَامِ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ وَيُقَادُ مِنْهُ لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ أَوْ السَّبْقِ فِيهِمْ وَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَاتُ فِي مَالِهِ أَوْ فِي تَرِكَتِهِ. قَوْلُهُ:(نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) أَيْ اسْتِقْرَارًا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ.
فَرْعٌ: خَرْقُ السَّفِينَةِ لِلْإِصْلَاحِ شِبْهُ عَمْدٍ، وَلِعَدَمِهِ يُوجِبُ الْقَوَدَ وَإِصَابَةُ غَيْرِ مَحَلِّ الْخِرَقِ خَطَأٌ، وَالضَّمَانُ بِالْقِسْطِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ كَانَ فِيهَا تِسْعَةُ أَعْدَالٍ فَوَضَعَ عِدْلًا عَاشِرًا فَغَرِقَ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ مَثَلًا) أَوْ مَتَاعٌ وَحْدَهُ أَوْ رَاكِبٌ وَحْدَهُ، قَوْلُهُ:(عَلَى غَرَقٍ) أَيْ لَهَا أَوْ لِمَتَاعِهَا أَوْ لِرَاكِبِهَا أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ لِلْكُلِّ. قَوْلُهُ: (جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا) أَيْ إنْ أَذِنَ مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ الْمَتَاعِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِ رَقِيقٍ مَعَ مُرْتَهِنٍ فِي مَرْهُونٍ أَوْ غَرِيمٍ فِي مُفْلِسٍ وَعِلْمُ الرِّضَا كَالْإِذْنِ وَلَا يَطْرَحُ مِنْ مَتَاعِهَا إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَى طَرْحِهِ مِنْهُ بِحَسَبِ الْحَالِ، قَوْلُهُ:(لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا) هُوَ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْجَوَازِ وَهُوَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَجِبُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مُخَالَفَةُ الْأُسْلُوبِ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ جَازَ أَيْضًا وَلَا بِجَازِ وَحْدَهُ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ وَلَا غَيْرُهُ وَصَرِيحُ كَلَامِهِ الْآتِي دُخُولُ الْمَتَاعِ فِي الرَّاكِبِ وَفِي وَصْفِهِ بِالرَّاكِبِ تَجَوُّزٌ نَظَرًا لِلتَّغْلِيبِ مَثَلًا فَعَطْفُهُ عَلَى الْمَتَاعِ عَطْفٌ عَامٌّ، أَوْ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ بِالْإِلْقَاءِ وَعَدَمِهِ وَمِنْهُ يَعْلَمُ وُجُوبَ إلْقَاءِ بَعْضِ الْمَتَاعِ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ، وَإِلْقَاءُ بَعْضِ غَيْرِ الْمَتَاعِ كَذَلِكَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ إلْقَاءُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِسَلَامَتِهِ، وَإِلْقَاءُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ مِنْهُ لِسَلَامَةِ الْمَعْصُومِ مِنْهُمَا، وَإِلْقَاءُ بَعْضِ كُلٍّ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ كَمَا فِي إلْقَائِهِ لِسَلَامَةِ السَّفِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ) أَيْ وَظُنَّتْ سَلَامَتُهُ فَإِنْ انْتَفَى الْخَوْفُ امْتَنَعَ الْإِلْقَاءُ وَلَوْ لِمَالٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ تُرْجَ السَّلَامَةُ امْتَنَعَ الْوُجُوبُ. قَوْلُهُ: (مَا لَا رُوحَ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ نَحْوَ مُصْحَفٍ.
قَوْلُهُ: (ذِي الرُّوحِ) أَيْ الْمَعْصُومِ وَلَوْ كَلْبًا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَيُلْقَى كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ وَلَوْ مَالًا أَوْ كَافِرًا مَعْصُومًا وَيُقَدَّمُ فِي الْإِلْقَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَخَسُّ أَخْذًا مِنْ الْقَاعِدَةِ هُنَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِلْإِلْقَاءِ الْأَخَسُّ، فَالْأَخَسُّ فِي الْأَمْوَالِ وَالْآدَمِيِّينَ نَعَمْ لَا يُلْقَى رَقِيقٌ لِحُرٍّ، وَلَا كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ، وَيُلْقَى أَسِيرٌ كَافِرٌ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَتَاعًا إنْ رَآهُ الْأَمِيرُ مَصْلَحَةً.
لَطِيفَةٌ: حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْمَلَّاحِينَ الْحُذَّاقِ أَشْرَفَتْ سَفِينَتُهُ عَلَى الْغَرَقِ وَفِيهَا مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَتَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، ثُمَّ اتَّفَقَ مَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَمْزُجَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ وَيَجْعَلَهُمْ حَلَقَةً وَيَدُورَ فِيهِمْ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ، وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ آخِرُ الْعَدَدِ يُلْقِيهِ فِي الْبَحْرِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَوَقَعَ الْعَدَدُ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ فَأَلْقَاهُمْ وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ، وَصُورَةُ الْمَزْجِ تُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ: اللَّهُ يَقْضِي بِكُلِّ يُسْرٍ وَيَرْزُقُ الضَّيْفَ حَيْثُ كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
ضَمَانَ) أَيْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْغَلَبَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ،
قَوْلُهُ: (جَازَ طَرْحٌ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذَا وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ قَوْلُهُ: (إذَا خِيفَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُ هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ الْهَلَاكُ وَالْأَوْلَى عَلَى مَا إذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ اهـ. أَقُولُ: مِثْلُ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمَالِكِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ أَيْ فِي حَالِ الثَّانِي، قَوْلُهُ:(لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ) وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ لِخَلَاصِ الْمُسْلِمِ، كَمَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْمَخْمَصَةِ.
لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ (فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَرَحَهُ بِإِذْنِهِ رَجَاءَ السَّلَامَةِ (فَلَا) ضَمَانَ
(وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَلْقِ مَتَاعَك) فِي الْبَحْرِ (وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) فَأَلْقَاهُ فِيهِ (ضَمِنَ) الْمُلْقِي (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ (فَلَا) ضَمَانَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا وَالْإِلْقَاءَ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي) ، فَفِي غَيْرِ الْخَوْفِ لَا ضَمَانَ وَكَذَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ عَلَى الشَّطِّ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْأُولَى الْمَتَاعُ وَصَاحِبُهُ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الْمُلْتَمِسُ أَوْ غَيْرُهُ قِيلَ يَسْقُطُ قِسْطُ الْمَالِكِ وَهُوَ فِي وَاحِدٍ مَعَهُ مَثَلًا النِّصْفُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ.
(وَلَوْ عَادَ حَجَرٌ مَنْجَنِيقٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ (فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هَدَرٌ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدَ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ) قَتْلُهُ (أَوْ قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ) قَتْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) ، وَالثَّانِي شِبْهُ عَمْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ مُعَيَّنٌ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا إنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ فَشِبْهُ عَمْدِهِ جَزْمًا.
ــ
[حاشية قليوبي]
فَكُلُّ حَرْفٍ مُهْمَلٍ مَكَانَ مُسْلِمٍ، وَكُلُّ حَرْفٍ مُعْجَمٍ مَكَانَ كَافِرٍ، وَالْعَدَدُ بِتِسْعَةٍ بَعْدَ تِسْعَةٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَرَحَ) وَلَوْ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ مَالَ غَيْرِهِ الْمَعْصُومَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ ضَمِنَهُ بِمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَلْقِ مَتَاعَك) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ، وَبِأَنْ لَا يَرْجِعَ الْقَائِلُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ وَمَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَلْفٌ مَتَاعُ عَمْرٍو فَالضَّمَانُ عَلَى مُبَاشِرِ الْإِلْقَاءِ، قَوْلُهُ:(عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ مَثَلًا يَعُودُ إلَى الْمَتَاعِ أَيْ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ ضَامِنُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا وَأَهْلُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا إنْ أَرَادَ إخْبَارًا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلِّهِمْ وَصَدَّقَهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ صَدَّقَهُ، وَيُصَدَّقُ مُنْكِرُ الْأَخْبَارِ عَنْهُ بِيَمِينِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ بِعَدَدِ رُءُوسٍ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْمُلْقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ ضَمِنَ الْقَائِلُ الْمَتَاعَ الَّذِي أَلْقَاهُ الْمَقُولُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلْقَائِلِ فِيهَا شَيْءٌ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ بِالْإِلْقَاءِ، وَالضَّمَانُ بِمَا سَمَّاهُ إنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا كَقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ بِكَذَا، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ذَاتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ سَوَاءٌ الْمِثْلِيُّ، وَالْمُتَقَوَّمُ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَجَبَ رَدُّهُ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا فِيهِ لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ، فِي قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ إذَا رَدَّهُ.
تَنْبِيهٌ: أَلْحَقُوا بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُعْفُ عَنْ هَذَا الْأَسِيرِ وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ اُعْفُ عَنْ قِصَاصِ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا، أَوْ أَطْعِمْ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِغَرَضٍ بِعِوَضٍ صَحِيحٍ، وَانْظُرْ لَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. قَوْلُهُ:(وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ) أَيْ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا وُجُودِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَالْآخَرُ عَدَمِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ. وَتَقَدَّمَ شَرْطَانِ آخَرَانِ الْمُشَارُ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك وَإِلَى الْآخَرِ بِقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ قَوْلُهُ: (لِخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ لِلْمُلْتَمِسِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ لِمَالِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ مَعَ مَالِ غَيْرِهِ وَلِرَجُلٍ فِيهِ خَوْفُ غَرَقِ غَيْرِهِ فَقَطْ لِأَجْلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَوْ قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي سَفَرٍ مَثَلًا خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ ضَمِنَهُ كَمَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِالْمُلْتَمِسِ أَوْ بِهِ أَوْ بِالْمُلْقِي أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فَقَطْ، أَوْ بِهِ وَبِأَحَدِهِمَا أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا وَفِي دُخُولِ الثَّالِثَةِ نَظَرٌ مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي خَوْفِ الْمُلْتَمِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْعِبَارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَضْمَنُ الْمُلْتَمِسُ الْكُلَّ كَمَا عُلِمَ وَذَكَرَهَا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ آلَةٌ لِرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَلَفْظُهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيُقَالُ مَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ وَمَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَوْلُهُ:(أَحَدُ رُمَاتِهِ) وَهُمْ مَنْ مَسَكَ الْحَبْلَ وَرَمَى الْحَجَرَ لَا مَنْ مَسَكَ الْخَشَبَةَ أَوْ وَضَعَ فِيهِ الْحَجَرَ إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) بِالنَّصْبِ حَالٌ فَالْوَاجِبُ دِيَةُ خَطَأٍ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمْ. نَعَمْ إنْ قَصَدُوا مُعَيَّنًا مِنْهُمْ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ فَهُوَ عَمْدٌ فَتَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ قِصَاصٌ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ وَسَكَتُوا عَنْ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ هُنَا لِتَحَقُّقِ الْغَلَبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(فَعَمَدَ قَتْلَهُ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَشِبْهُ عَمْدٍ أَيْضًا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) أَيْ لَهُ قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) إنْ سُمِّيَ قَدْرًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَأَنْ تُعْتَبَرَ قَبْلَ الْهَيَجَانِ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ يَقُولُ أَلْقِ هَذَا أَوْ يَكُونُ الْمَتَاعُ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا لِلْقَائِلِ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ أَلْقَاهُ بِحُضُورِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ بَلْ افْتِدَاءً، كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ رُدَّ لِصَاحِبِهِ وَأَخَذَ الضَّامِنُ مَا غَرِمَهُ، قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) . تَحْتَهُ سِتُّ صُوَرٍ.
فَرْعٌ: قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي الطَّرِيقِ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ:(لَا ضَمَانَ إلَخْ) . وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ.
قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا مَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَمَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَقْتُولُ قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدُوهُ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنْ قَصَدَهُ مَعَ فَرْضِ الْغَلَبَةِ كَيْفَ، يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ. نَعَمْ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ: لَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بِالْمَنْجَنِيقِ.