الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ) . وَلَا يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاؤُهَا وَلَا يُكْرَهُ (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ) لَهَا (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ) وَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجُرْأَتَهُ فَالضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ بِنَفْسِهِ يُكْرَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً (وَ) إنَّمَا تَحْسُنُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) فَلَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ، وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
(وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَكَذَا) يَجُوزُ إتْلَافُهَا (إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا فَإِنْ رُجِيَ نُدِبَ التَّرْكُ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] » الْآيَةُ.
(وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ إلَّا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ) كَالْخَيْلِ فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ (لَدَفَعَهُمْ أَوْ ظَفِرَ بِهِمْ أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) لَنَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ.
فَصْلٌ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا
رُقُّوا) وَكَذَا الْعَبِيدُ (يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ لَنَا) فَيَكُونُ الثَّلَاثَةُ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ) إذَا أَسَرُوا (وَيَفْعَلُ) فِيهِمْ (الْأَحَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلٍ) بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ (وَمِنْ) بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ (وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) مُسْلِمِينَ (أَوْ مَالٍ وَاسْتِرْقَاقٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ وَرِقَابُهُمْ إذَا اُسْتُرِقُّوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ وَيَجُوزُ فِدَاءُ مُشْرِكٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمِينَ أَوْ مُشْرِكِينَ بِمُسْلِمٍ (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْأَحَظُّ) فِي الْحَالِ (حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ فَيَفْعَلُهُ وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِرْقَاقِ الْكِتَابِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَالْعَرَبِيُّ وَغَيْرُهُ (وَقِيلَ: لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ) لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْحُرِّيَّةِ (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنَّهُ وَاهٍ
(وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ عُصِمَ دَمُهُ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» (وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ)
ــ
[حاشية قليوبي]
يَظْهَرَ اثْنَانِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَفٍّ لِلْقِتَالِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ) أَيْ تَجُوزُ أَوْ تُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ: (تُكْرَهُ لَهُ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ وَطَلَبَهَا الْكَافِرُ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ طَلَبَهَا الْكَافِرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُبَاحُ لِقَوِيٍّ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْكَافِرُ مِنْهُ، وَتُسَنُّ لَهُ إنْ طَلَبهَا وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا تَحْرُمُ فِيهِ. قَوْلُهُ:(وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ مِنْ الشَّارِحِ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّوْضَةِ بِذِكْرِهِ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (نَدْبُ التَّرْكِ) فَيُكْرَهُ الْإِتْلَافُ نَعَمْ إنْ فَتَحْنَا بِلَادَهُمْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ قَهْرًا وَلَمْ نَحْتَجْ إلَيْهَا حَرُمَ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ حَاجَةُ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَعَدَمِ حُصُولِهَا لَنَا فَانْظُرْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ فَنَحْوُ خِنْزِيرٍ يَجُوزُ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا بَلْ يُنْدَبُ.
[فَصْلٌ نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا]
فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ: (نِسَاءُ الْكُفَّارِ) وَإِنْ كُنَّ حَامِلَاتٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُرْتَدَّاتِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (يَصِيرُونَ إلَخْ) فَمَعْنَى الرِّقِّ فِيهِمْ انْتِقَالُهُ لَنَا لِأَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَسْرِي فِي الْمُبَعَّضِ رِقُّهُ بَلْ لِجُزْئِهِ الْحُرِّ حُكْمُ الْحُرِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. قَوْلُهُ: (الْكَامِلِينَ) بِذُكُورَةٍ يَقِينًا وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَفْعَلُ) وُجُوبًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَسْرَى مُسْلِمِينَ) وَكَذَا بِكُفَّارٍ وَلَهُ فِدَاءُ أَسْرَانَا بِسِلَاحِهِمْ، لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ بَيْعِهِ لَهُمْ وَلَوْ اخْتَارَ خَصْلَةً ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ الْخَصْلَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا أَوَّلًا قَتْلًا وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَعَّضَ لَا يُقْتَلُ وَلَهُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى جُزْءِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَسْرِي لِبَاقِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ) وَلَوْ سِلَاحًا لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ إذَا أُخِذَ كَالْفَيْءِ فَيُخَمَّسُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ) كَامِلٌ أَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ بِالْتِزَامِهَا عُصِمَ دَمُهُ، كَذَا وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ أَخْذًا مِمَّا
ــ
[حاشية عميرة]
فَصْلُ نِسَاءِ الْكُفَّارِ إلَخْ لَنَا قَوْلٌ: إنَّ الْعَرَبِيَّ الْكَامِلَ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ نَظِيرِهِ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَخَرَّجَ بِإِضَافَةِ النِّسَاءِ إلَى الْكُفَّارِ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرَاتِ، فَلَا تُرَقُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ خِلَافٌ فِي سَبْيِ الرَّاهِبَةِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ:(مِنْ قَتْلٍ) قَدْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بِبَدْرٍ وَجَعَلَ الْمَنَّ بِثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ، وَأَبِي عَزَّةَ وَالْفِدَاءُ كَثِيرٌ قَالَ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَالِاسْتِرْقَاقُ وَقَعَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَفِي بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ) أَيْ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ تَقْرِيرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ الْمَنُّ عَلَيْهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأُمِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا نَأْثَمُ بِالتَّمَنِّي لَتَمَنَّيْنَا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَهَذَا، انْتَهَى. وَلِلتَّأْثِيمِ بِالتَّمَنِّي فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ ثُمَّ دَلِيلُ الْمَذْهَبِ سَبْيُ هَوَازِنَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَبَنِي الْمُصْطَلِقِ
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَسِيرٌ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ فَكَانَ كَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ.
أَيْ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ.
، (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فَفِيهِ وَأَمْوَالَهُمْ (وَصِغَارَ وَلَدِهِ) عَنْ السَّبْيِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ (لَا زَوْجَتَهُ) عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَعْصِمُهَا لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ النِّكَاحِ (فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) قَبْلَ دُخُولٍ وَبَعْدَهُ لِامْتِنَاعِ إمْسَاكِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ لِلنِّكَاحِ (وَقِيلَ: إنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولٍ انْتَظَرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تُعْتَقُ فِيهَا) فَإِنْ أُعْتِقَتْ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ لِأَنَّ إمْسَاكَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ جَائِزٌ
(وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ (وَكَذَا عَتِيقُهُ) الْحَرْبِيُّ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الْوَلَاءِ (لَا عَتِيقٍ مُسْلِمٍ وَزَوْجَتِهِ الْحَرْبِيَّيْنِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ.
(وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (إنْ كَانَا حُرَّيْنِ) صَغِيرَيْنِ كَانَا أَوْ كَبِيرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ الزَّوْجُ لِحُدُوثِ الرِّقِّ (قَبْلُ أَوْ رَقِيقَيْنِ) أَيْضًا لِحُدُوثِ السَّبْيِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
يَأْتِي وَمِنْ التَّعْلِيلِ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا تَبَعًا، وَكَذَا مَالُهُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْإِمَامُ رِقَّهُ لَا زَوْجَتَهُ فَلَا يَعْصِمُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي.
تَنْبِيهٌ: مَنْ قَتَلَ أَسِيرًا بَعْدَ اخْتِيَارِ قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ عُزِّرَ فَقَطْ، أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِ رِقِّهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ غَنِيمَةً، أَوْ بَعْدَ الْمَنِّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَأْمَنِهِ، وَإِلَّا فَهَدْرٌ أَوْ بَعْدَ الْفِدَاءِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ غَنِيمَةً إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْإِمَامُ فِدَاءَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ وَإِلَّا فَهَدْرٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ) أَيْ قَبْلَ أَسْرِهِ كَمَا مَرَّ يُعْصَمُ دَمُهُ وَمَالُهُ وَإِنْ كَانَ بِدَرَاهِمَ وَلَيْسَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِغَارُ وَلَدِهِ) وَكَذَا حَمْلُهُ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ مِنْ وَلَدِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَالْكَلَامُ فِي الْأَوْلَادِ الْأَحْرَارِ. قَوْلُهُ: (لَا زَوْجَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْمَوْجُودَةُ حَالَ إسْلَامِهِ وَلَوْ حَامِلًا مِنْهُ كَمَا مَرَّ، وَقَالَ شَيْحُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ يَعْصِمُهَا لِأَنَّهَا الْآنَ زَوْجَةُ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُوجِدَ زَوْجَةٌ لِمُسْلِمٍ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ، فَإِنْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ فِي زَوْجَةٍ أُسِرَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بَعْدَ أَسْرِهَا لَا يَعْصِمُهَا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ، الَّذِي حُكِمَ بِهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَيُؤَوَّلُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ بِالسَّابِقِ عَلَى إسْلَامِهِ وَيَرُدُّهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ إلَخْ. صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ أَنْ يُرَادَ بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا الَّتِي لَا يَعْصِمُهَا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَصَمَتْهُ حِينَ أَسْلَمَ وَبِزَوْجَتِهِ الَّتِي يَعْصِمُهَا كَمَا يَأْتِي هِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ أَوْ هُوَ مُسْلِمٌ أَصْلِيٌّ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَضْعِيفُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. وَافْهَمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ) الْأَوْلَى رُقَّتْ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ رِقٍّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ الْكَافِرَةِ مُطْلَقًا، وَلَا الْمُسْلِمَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ هِيَ مَعْدُومَةٌ هُنَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أُعْتِقَتْ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ الْحُكْمُ بِالرِّقِّ لَا ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّسَاءِ كَمَا مَرَّ، قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: لَعَلَّ هَذَا فِي زَوْجَةٍ لَيْسَتْ تَحْتَ قُدْرَتِنَا، أَوْ فِي زَوْجَةٍ طَرَأَتْ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لِكَافِرٍ يَعْصِمُ زَوْجَتَهُ تَبَعًا فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحِلِّهِ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ لِأَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ نَقْصٌ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً نِكَاحَهُ لَهُ وَهَذَا شَامِلٌ وَلَمَّا وَكَانَتْ كِتَابِيَّةً، وَقَدْ مَرَّ جَوَازُ نِكَاحِ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ لَهَا فَرَاجِعْهُ نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ كَالْمَوْتِ فَلَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا عَتِيقُهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدُ أَوْ كَانَ الْعَتِيقُ عَاقِلًا كَبِيرًا، يَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ كَالرَّقِيقِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، (يَجُوزُ إرْقَاقُهُ) بَعْدُ أَوْ كَانَ الْعَتِيقُ عَاقِلًا كَبِيرًا، وَيَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ كَالرَّقِيقِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، يَجُوزُ إرْقَاقُهُ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي الْمَنْعُ) وَرُدَّ بِأَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ رِقُّهُ فَعَتِيقُهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا عَتِيقُ مُسْلِمٍ وَزَوْجَتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَيْ الْمَوْجُودِينَ حَالَ إسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا قَبْلُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِعَتِيقِهِ مَنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، أَوْ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَصَالَةً وَبِزَوْجَتِهِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَغْفُلْ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَا حُرِّيَّيْنِ) وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَرُقَّ بِسَبْيٍ أَوْ إرْقَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَرَقَّ الزَّوْجُ) عَائِدٌ لِقَوْلِهِ كَبِيرَيْنِ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ سَبَقَ سَبْيُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ قَوْلُهُ:(لِحُدُوثِ الرِّقِّ) أَيْ وَحُدُوثُهُ كَالْمَوْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازُ نِكَاحِ رَقِيقٍ لِرَقِيقَةٍ أَوْ لِحُرَّةٍ ابْتِدَاءً.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (ظَفَرٍ بِهِ) وَهُوَ أَسْرُهُ قَوْلُهُ: (عَنْ السَّبْيِ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ، قَوْلُهُ:(لَا زَوْجَتِهِ) لِاسْتِقْلَالِهَا قَوْلُهُ: (حَقُّهُ) أَيْ كَمَا فِي الْوَلَاءِ، قَوْلُهُ:(إمْسَاكِ الْأَمَةِ) وَلِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَزَوَالُ مِلْكِ الْغَيْرِ عَنْهَا أَوْلَى، قَوْلُهُ:(فَإِنْ أُعْتِقَتْ إلَى آخِرِهِ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: (زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ يُتَخَيَّلُ فِيهِ التَّأْمِينُ، قَوْلُهُ:(لَا عَتِيقِ مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ حِينَ الْإِعْتَاقِ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ
قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّبْيَ إذَا أَبْطَلَ مِلْكَ الْمَالِ أَبْطَلَ مِلْكَ النِّكَاحِ، قَوْلُهُ:(لِحُدُوثِ السَّبْيِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ السَّبْيَ يَقْتَضِي فِي الْحُرَّةِ مِلْكًا لَمْ يَكُنْ فَوَجَبَ مِثْلُهُ فِي الْأَمَةِ وَاجْتِمَاعُ رِقَّيْنِ مُحَالٌ فَقُدِّمَ الْأَقْوَى