الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا إنْ قَصَدَ ظِهَارًا وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى الْكَرَامَةِ، وَالثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: رَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ أَوْ يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ) كَقَوْلِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ جَدَّتِي (ظِهَارٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ.
(وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِالظِّهَارِ (فِي كُلِّ مَحْرَمٍ) يُشَبَّهُ بِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَطْرَأْ تَحْرِيمُهَا) عَلَى الْمُشَبَّهِ كَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ (لَا مُرْضِعَةٍ وَزَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ لِطُرُوِّ تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا أُمُّ زَوْجَتِهِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَفِي مَحْرَمِ الرَّضَاعِ قَوْلٌ وَقِيلَ وَجْهٌ مُفَرَّعٌ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْجَدِيدِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَقْوَى قُوَّةَ النَّسَبِ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهُ كَالْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ، بِأَنَّهُ ظِهَارٌ، وَمَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْخِلَافَ وَمَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ أَصْلًا لِبُعْدِ الْمُصَاهَرَةِ عَنْ النَّسَبِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ لِتَأْثِيرِهِ فِي إنْبَاتِ اللَّحْمِ، وَلِذَلِكَ يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ فِيهَا إلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَلَا يَتَعَدَّى فِي الْمُصَاهَرَةِ مِنْ حَلِيلَةِ الْأَبِ وَالِابْنِ إلَى أُمَّهَاتِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا.
(وَلَوْ شَبَّهَ) زَوْجَتَهُ (بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَبِأَبٍ وَمُلَاعِنَةٍ فَلَغْوٌ) لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَا يُشْبِهْنَ الْأُمَّ فِي التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ، وَالْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ كَالِابْنِ وَالْغُلَامِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَالْمُلَاعِنَةُ لَيْسَ تَحْرِيمُهَا الْمُؤَبَّدُ لِلْمَحْرَمِيَّةِ وَالْوَصْلَةِ.
(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي الْأُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَظَاهَرَ) مِنْ الْأُخْرَى (صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا) وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْهَا صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهَا عَمَلًا بِمُوجَبِ التَّعْلِيقِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَالْيَمِينَ لِتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ بِهِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ.
(وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةَ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَفُلَانَةُ أَجْنَبِيَّةٌ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ شَرْعًا (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ إنْ تَلَفَّظَ بِالظِّهَارِ مِنْهَا فَيَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.
(فَلَوْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْ زَوْجَتِهِ تِلْكَ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ:) إنْ ظَاهَرْت (مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَكَذَلِكَ) أَيْ إنْ خَاطَبَهَا بِالظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ، أَوْ بَعْدَ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَظَهْرِ أُمِّي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (رَأْسُكِ) وَشَعْرُكِ وَظُفُرُكِ وَفَرْجُكِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِنَةِ فِي الْمُشَبَّهِ، وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فَلَا ظِهَارَ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَالرَّأْسِ الْحَيَاةُ وَالرُّوحُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْكَرَامَةَ، وَخَرَجَ بِالْأَعْضَاءِ الْفَضَلَاتُ كَاللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ فَلَا ظِهَارَ بِهِمَا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (كُلِّ مَحْرَمٍ) وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ أَوْ فُقِدَتْ، أَوْ بَعُدَتْ، قَوْلُهُ:(قَبْلَ وِلَادَتِهِ) وَكَذَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (لَا مُرْضِعَتِهِ) وَكَذَا بِنْتُهَا قَبْلَ إرْضَاعِهِ بِخِلَافِ الَّتِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ مُقَابِلِهِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ.
قَوْلُهُ: (بِأَجْنَبِيَّةٍ) وَكَذَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَأُخْتِ زَوْجَةٍ) وَكَذَا زَوْجَاتُهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لِحُرْمَتِهِ صلى الله عليه وسلم.
[تَعْلِيقُ الظِّهَارَ]
قَوْلُهُ: (فَظَاهَرَ) وَلَوْ مُتَرَاخِيًا قَوْلُهُ: (فَدَخَلَتْهَا) أَيْ عَامِدَةً عَالِمَةً مُخْتَارَةً وَلَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَكِنْ لَا يَصِيرُ عَائِدًا حَتَّى يُمْسِكَهَا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِيهَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حُكِمَ بِهِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ.
قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينَ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.
قَوْلُهُ: (قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ) وَكَذَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، فَلَوْ قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَظِهَارٌ
ــ
[حاشية عميرة]
ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَوْلُهُ وَرَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ، أَوْ يَدُكِ إلَخْ. قَوْلُهُ:(كَعَيْنِهَا) مِثْلُهُ أَنْتِ كَرُوحِهَا كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، قَوْلُهُ:(إنْ قَصَدَ) أَيْ قَصَدَ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، قَوْلُهُ:(رَأْسُكِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ التَّخْصِيصُ بِالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ، قَوْلُهُ:(كَقَوْلِهِ أَنْتِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (بِالْجَدَّةِ) وَيَكُونُ مُظَاهِرًا بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ
قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَحْرَمَ النَّسَبِ فِيهِ قَوْلَانِ وَمَا عَدَاهُ فِيهِ طُرُقٌ، قَوْلُهُ:(مَعَ مُقَابِلِهِ) هَذَا الْمُقَابِلُ هُوَ الْمُرَادُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ فَالرَّاجِحُ فِيهِ إذًا طَرِيقُ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا مَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ فَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَذْهَبِ فِيهَا طَرِيقُ الْقَطْعِ، وَأَمَّا مَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ فَهِيَ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي هَذِهِ الْأَمْرِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَطْعُ مُفَرَّعًا عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ قَطَعَ هُنَا وَجَرَى الْخِلَافُ هُنَا، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الرَّضَاعِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَقْطَعُونَ بِتَأْثِيرِ التَّشْبِيهِ بِالرَّضَاعِ مُطْلَقًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْعَلُوهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِيه
قَوْلُهُ: (وَظَاهَرَ) لَوْ قَالَ، ثُمَّ ظَاهَرَ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ:(أَوْ بَعْدَ نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا) يَشْهَدُ لِهَذَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ
نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا (وَقِيلَ: لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَإِنْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ) مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ حِينَ الظِّهَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ (فَلَغْوٌ) أَيْ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ مَا عَلَّقَ بِهِ ظِهَارَهَا مِنْ ظِهَارِ فُلَانَةَ، حَالَ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ الظِّهَارِ فَيُجَامِعُ الْأَجْنَبِيَّةَ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ) بِهِ شَيْئًا (أَوْ نَوَى) بِهِ (الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ، أَوْ هُمَا، أَوْ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالطَّلَاقَ بِكَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ الظِّهَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّتِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ، وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ (أَوْ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ بِالْبَاقِي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ إنْ كَانَ طَلَاقَ رَجْعَةٍ) وَقَامَتْ نِيَّتُهُ بِالْبَاقِي مَقَامَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: أَنْتِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَا ظِهَارَ.
ــ
[حاشية قليوبي]
مُؤَقَّتٌ، وَإِيلَاءٌ.
قَوْلُهُ (لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا أَيْ بَالِغًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ هُنَا، التَّعْلِيقُ بِالْمُحَالِ وَيَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَغْوٌ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (لِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ لِضَعْفِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَضَمِيرُ " بِهِ " الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (الْأُولَيَيْنِ) وَهُمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَيَنْضَمُّ لِلثَّانِيَةِ مَا لَوْ نَوَى مَعَ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ نَحْوَ الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ) بِعَدَمِ التَّلَفُّظِ بِالْمُبْتَدَأِ فِيهِ، وَالْمُقَدَّرُ لَيْسَ كَالْمَلْفُوظِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ، وَلَمْ يَنْوِهِ، وَنِيَّةُ الطَّلَاقِ بِهِ لَغْوٌ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً فِيهِ كَعَكْسِهِ، فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ، وَنَوَى الطَّلَاقَ بِهِ يَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى مَرْدُودٌ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَيْضًا رَدُّ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهُ صَحِيحٌ إذَا قَصَدَ بِهِ طَلْقَةً أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي أَوْقَعَهَا عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ طَلَاقٍ سَابِقٍ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ يَقْصِدُ طَلَاقًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَصْدِ السَّابِقِ اعْتِقَادُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الظِّهَارَ فَلَا يُنَافِي قَصْدَ طَلَاقٍ آخَرَ بِاللَّفْظِ الْآخَرِ تَأْوِيلٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةً وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا فِي الْبَاقِي) وَهُوَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا نَوَى بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ الظِّهَارَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَالظِّهَارَ مَعًا وَيَنْضَمُّ إلَيْهِمَا مَا إذَا انْضَمَّ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا مَرَّ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مَعَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فَجُمْلَةُ التَّعْلِيقِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ سَبْعُ صُوَرٍ، وَالثَّالِثَةُ مَا إذَا قَصَدَ بِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ مَعْنًى آخَرَ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ لَفْظٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَهِيَ صُورَةٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً لَا يَقَعُ الظِّهَارُ فِيهَا أَيْضًا، كَمَا سَتَعْرِفُهُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فِي لَفْظِهِ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِالْبَاقِي، وَهُوَ لَفْظٌ كَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ نَوَاهُ مَعَ لَفْظِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صُورَةٌ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ جَمِيعًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ، أَوْ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ هُمَا وَحْدَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْعِتْقِ، أَوْ الطَّلَاقَ مَعَ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الظِّهَارَ مَعَهُ أَوْ هُمَا مَعَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ فِي الْأَوَّلِ، وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي الثَّانِي فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ مِنْ ضَرْبِ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَمَانِيَةٍ نِصْفُهَا، وَهُوَ مَا فِيهِ نِيَّةُ الظِّهَارِ بِاللَّفْظِ الثَّانِي يَقَعَانِ فِيهَا جَمِيعًا، وَنِصْفُهَا وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ يَقَعُ الْأَوَّلُ فَقَطْ. فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ حَصَلَ أَحَدٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً، فَهَذِهِ نُبْذَةٌ يُعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَالْأَنْيَابِ، وَقَلَّ أَنْ يُعْثَرَ عَلَيْهَا فِي كِتَابٍ، وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ، وَجَمْعُ أَفْرَادِهَا مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ، وَلَوْلَا خَوْفُ التَّطْوِيلِ وَالْإِسْهَابِ، لَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِ إيرَادِهَا النِّقَابَ، وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ، وَهُوَ يَهْدِي إلَى الصَّوَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ بَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا الْحِسَابِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ اللَّائِقَةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَنْ قَالَ: أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَقَعَ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا لِصَرَاحَتِهِ، وَكَذَا الثَّانِي إنْ نَوَى مَعْنَاهُ عِنْدَ لَفْظِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
النُّحَاةِ إنَّ الصِّفَةَ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ نَحْوُ زَيْدٌ الْعَالِمُ وَفِي النَّكِرَةِ لِلتَّخْصِيصِ نَحْوُ مَرَرْت بِرَجُلٍ ظَرِيفٍ. اهـ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي جَوَابِهِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) وَجْهُ انْتِفَاءِ الظِّهَارِ مِنْ الْأُولَى، مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يُفِيدُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ أَنْتِ بِالْفَاصِلِ. اهـ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ الطَّلَاقَ بِالْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ كَذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحَرَّمُ بِالطَّلَاقِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، فَلَمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَكُونُ " كَظَهْرِ أُمِّي " تَأْكِيدًا لِلطَّلَاقِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَأْثَمُ فَإِنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ مَحْرَمُهُ لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ ظِهَارِهِ مِنْ حَاجَّةٍ أَوْ مُعْتَمِرَةٍ، وَصُورَةُ الثَّالِثَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، وَالرَّابِعَةِ أَنْ يَنْوِيَهُمَا بِمَجْمُوعِهِ. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ