الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ
هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ، حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ تَعَبُّدًا (يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ (سَوَاءٌ بِكْرٌ وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٌ وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَأَخَذَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهَا، وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي مُكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ) أَيْ عَجَّزَهَا السَّيِّدُ لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ، يَجِبُ (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، (فِي الْأَصَحِّ) لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالرِّدَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ، الْكِتَابَةِ.
(لَا مَنْ خَلَتْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ) بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ لِإِذْنِهِ فِيهِ. فَإِنَّهَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِذَلِكَ لَا تُخِلُّ بِالْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ (وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْحِلِّ مِنْهُ كَالرِّدَّةِ لِتَأَكُّدِ الْحُرْمَةِ بِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ وَهُوَ فِي الْأَمَةِ كَالْعِدَّةِ فِي الزَّوْجَةِ، وَلِذَلِكَ عَقِبَهَا وَخُصَّ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ أَقَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، قَوْلُهُ:(التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى تَرَبُّصُ الْمَرْأَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَنْسَبُ قَوْلُهُ:(بِسَبَبِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ بِلَا حُدُوثٍ أَوْ زَوَالٍ أَوْ إرَادَةِ تَزْوِيجٍ كَمَا فِي الْمُكَاتَبَةِ وَنَحْوِهَا وَتَزْوِيجِ مَوْطُوءَتِهِ. قَوْلُهُ:(أَوْ تَعَبُّدًا) عَطْفٌ عَلَى تَعَرُّفٍ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (بِسَبَبَيْنِ) أَيْ بِأَحَدِ سَبَبَيْنِ أَصَالَةً كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ وَطْءُ أَمَةِ غَيْرِهِ بِظَنِّهَا أَمَتَهُ قَوْلُهُ: (أَمَةٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا فَشَمَلَ الْخُنْثَى وَهَلْ يَكْفِي اسْتِبْرَاؤُهُ قَبْلَ اتِّضَاحِهِ رَاجِعْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا فِي الْمَجُوسِيَّةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ:(أَوْ هِبَةٍ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ أَوْ إرْثٍ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ بَيْعٍ بَعْدَ لُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ، قَوْلُهُ:(أَوْ سَبْيٍ) أَيْ بَعْدَ قِسْمَةٍ أَوْ اخْتِيَارِ تَمَلُّكٍ كَمَا فِي الْجِهَادِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَجُوزُ وَطْءُ السَّرَارِي الْمَجْلُوبَةِ الْآنَ مِنْ الرُّومِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ جَلَبَهَا لَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، قَوْلُهُ:(أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ أَمَةٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهَا وَرَدَّهَا الْمُسَلِّمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ فِيهَا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ قَوْلُهُ:(أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ) أَوْ رُجُوعِ مُقْرِضٍ أَوْ بَائِعٍ مُفْلِسٍ أَوْ وَالِدٍ فِي هِبَةِ فَرْعِهِ، أَوْ أَمَةِ قِرَاضٍ بَعْدَ فَسْخِهِ لَا أَمَةِ تِجَارَةٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِيهَا شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ظَاهِرٌ خُصُوصًا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى التِّجَارَةِ فَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَمِنْهُ إنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُهَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ سَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ قَوْلُهُ: (فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْغَيْرِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ قَوْلُهُ:(أَوْطَاسٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمُ وَادٍ مِنْ هَوَازِنَ عِنْدَ حُنَيْنٍ قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ) أَيْ الشَّافِعِيُّ أَيْ قَاسَ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ وَالْمُغَايَرَةُ تَفَنُّنٌ
، قَوْلُهُ:(فِي مُكَاتَبَةٍ) أَيْ كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبٍ عَجَزَ، قَوْلُهُ:(عُجِّزَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ:(وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) وَكَذَا رِدَّةُ السَّيِّدِ أَوْ هُمَا مَعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ، قَوْلُهُ:(لِعَوْدِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِلْكُ الِاسْتِمْتَاعِ لَا مِلْكُ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ حِلُّ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوْ الرِّدَّةِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَلَوْ أَشْتَرَاهَا كَذَلِكَ كَفَى الِاسْتِبْرَاءُ فِي زَمَنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ. قَوْلُهُ:(لِإِذْنِهِ) قَيْدٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية عميرة]
[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]
ِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَبْيٍ) أَيْ مَعَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ الْحِلِّ يُعْقِبُهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمَجُوسِيَّةِ، وَنَحْوُهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مُحْرِمَةً وَجَعَلَ الِاسْتِبْرَاءَ زَمَنَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ، قَوْلُهُ:(وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) أَيْ لَكِنْ هَذِهِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ إنْ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ اسْتِبْرَاءٍ، وَكَذَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ، إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ كَمَا سَيَأْتِي.
، قَوْلُهُ:(لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِيجَابِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا، قَوْلُهُ:(وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) لَوْ أَسْلَمَتْ جَارِيَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبُلْقِينِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَوْ زَوَّجَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ.
، قَوْلُهُ:(بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ) ، اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الَّتِي اشْتَرَاهَا مُحْرِمَةً وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَى السَّيِّدِ
وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ.
(وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا (اُسْتُحِبَّ) الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ بِالشِّرَاءِ حِلٌّ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِيَتَمَيَّزَ وَلَدُ النِّكَاحِ عَنْ وَلَدِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ مَمْلُوكًا ثُمَّ يَعْتِقُ فِي الْمِلْكِ وَفِي مِلْكِ الْيَمِينِ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ، (وَقِيلَ يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ (وَلَوْ مَلَكَ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) عَنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلٌ بِهِ وَأَمْضَى الْبَيْعَ (لَمْ يَجِبْ) فِي الْحَالِ اسْتِبْرَاءٌ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ غَيْرِهِ.
(فَإِنْ زَالَا) أَيْ الْمَذْكُورَانِ، مِنْ الزَّوْجِيَّةِ وَالْعِدَّةِ بِأَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ (وَجَبَ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُدُوثِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ يَخْلُفُ عَنْهُ حِلُّهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ. (الثَّانِي زَوَالُ فِرَاشٍ عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) فَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ، كَمَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُفَارَقَةِ عَنْ نِكَاحٍ.
(وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُسْتَوْلَدَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَجَبَ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَيُكْتَفَى بِمَا مَضَى (قُلْت وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً) غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ (فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (وَتَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ إذْ لَا تُشْبِهُ مَنْكُوحَةً) بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
(وَيَحْرُمُ تَزَوُّجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (وَمُسْتَوْلَدَةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِعَدَمِ إذْنِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ) فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْحُرُّ الْكَامِلُ زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ الِاسْتِبْرَاءُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ.
قَوْلُهُ: (فَانْفَسَخَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْخِيَارِ لَهُ فَقَطْ، وَإِلَّا فَلَهُ الْوَطْءُ فِي خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، وَيَمْتَنِعُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِجَهْلِ الْمَبِيعِ قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ إلَخْ) فَلَوْ تَجَدَّدَ كَأَنْ مَلَكَ مُعْتَدَّةً مِنْهُ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَوْ رَجْعِيَّةً قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ) وَلَعَلَّ عَدَمَ النَّظَرِ إلَيْهِ لِسَبْقِ الْحِلِّ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَ) وَسَيَأْتِي لَوْ أَعْتَقَ قَوْلُهُ: (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً مُشْرِكَةً بَيْنَهُمَا، وَلَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ ظَنَّهَا كُلٌّ مِنْهَا أَمَتَهُ ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ، أَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ كَعِدَّتَيْنِ لِاثْنَيْنِ وَيُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ إنْ كَانَ، وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ ثَالِثٍ لِمَنْ مَلَكَهَا، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ شَرِيكَيْنِ لَمْ يَطَأْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ صِبْيَانٍ هَلْ يَتَعَدَّدُ الِاسْتِبْرَاءُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، أَوْ يَكْفِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ فِيهِ نَظَرٌ.
تَنْبِيهٌ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ اسْتِبْرَاءُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ غَيْرِ مُسْتَوْلَدَتِهِ حَالًا، إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا طَلُقَتْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ مُطْلَقًا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الْوَطْءِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا، فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُمُّ الْوَلَدِ وَغَيْرُهَا كَمَا مَرَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) أَيْ لَهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ لِتَزْوِيجِهَا وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ لِغَيْرِهِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ الَّذِي الْمَاءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَاءُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، أَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ قَوْلُهُ:(بِعِتْقٍ) أَيْ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (أَوْ مَوْتِ) أَيْ فِيهِمَا أَيْضًا، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تَبَعًا لِلْبُرُلِّسِيِّ إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَهُوَ مِنْ حُدُوثِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ، وَلَا اسْتِبْرَاءٌ مِنْ حَيْثُ الْمَوْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: يَلْحَقُ بِمَا ذَكَرَ زَوَالُ الْفِرَاشِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، أَوْ بِزَوَالِ الْوَطْءِ عَنْ نَحْوِ جَارِيَةِ ابْنٍ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً) أَيْ لَهُ وَإِلَّا فَكَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) بِقَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَهَا) أَيْ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ وَخَرَجَ مَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ، فَلَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ لَهُ كَمُدَبَّرَةٍ فَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَجِبُ
ــ
[حاشية عميرة]
لِأَجْلِ الِاسْتِبْرَاءِ لَا لِأَجْلِ الْمَذْكُورَاتِ وَأَيْضًا فَمَحَلُّ الْوَجْهِ الْآتِي فِي الْمُحْرِمَةِ إذَا كَانَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ لِضَعْفِ الْمِلْكِ.
قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمُوجِبَ وُجِدَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَرَتُّبُ حُكْمٍ عَلَيْهِ حَالًا، فَإِذَا أَمْكَنَ رُتِّبَ وَلَا بُعْدَ فِي تَرَاخِي الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ نِكَاحٍ، إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عِدَّةِ النِّكَاحِ عَنْ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ:(مَوْطُوءَةٍ) خَرَجَ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ إذَا أَعْتَقَهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا مَا لَمْ يُرِدْ تَزْوِيجَهَا مِنْ الْبَائِعِ، الْمَذْكُورِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ، بِزَوَالِ الْمِلْكِ ثُمَّ قَوْلُهُ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ فِيهِ نَوْعُ قُصُورٍ إذْ لَوْ زَالَ الْفِرَاشُ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ بِالْفِرَاقِ، أَوْ زَالَ فِرَاشُ الْأَبِ عَنْ وَطْءِ جَارِيَةِ الِابْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فَإِنْ فِي غَيْرِهَا يَنْتَقِلُ الْوَارِثُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لِلسَّيِّدِ وَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُسْتَوْلَدَةَ
. قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَهَا) لَمْ يَقُلْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَلَا يَدْفَعُهُ حُصُولُ الِاسْتِبْرَاءِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْمَوْتِ نَعَمْ لِلْوَارِثِ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْغَيْرِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ إذَا أَعْتَقَهَا وَقَوْلُنَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ يُسْتَثْنَى الْمُدَبَّرَةُ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ، وَيُكْتَفَى فِيهَا بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ كَاَلَّتِي أَعْتَقَهَا فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ) وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْحَقْهُ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ. اللُّحُوقِ أَنْ يَنْفِيَهُ أَوْ
قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَذَرًا مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَنْكِحُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَقْتَضِي الِاسْتِبْرَاءَ، فَيَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ، كَتَزْوِيجِهَا لِغَيْرِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ.
(وَهُوَ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (بِقُرْءٍ وَهُوَ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَفَرَّقَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِدَّةَ تَتَكَرَّرُ فِيهَا الْأَقْرَاءُ، فَتُعْرَفُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بِالْحَيْضِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَهُمَا، وَهُنَا لَا تَتَكَرَّرُ فَيَعْتَمِدُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَامِلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ، لَا يَكْفِي فِيهِ بَقِيَّتُهَا، فَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَوْ وُجِدَ السَّبَبُ فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ اكْتَفَى بِبَاقِيهِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ، وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهُ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.
وَفَارَقَ الْعِدَّةَ بِأَنَّ فِيهَا عَدَدًا، فَجَازَ أَنْ يُعَبِّرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَنْ اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا فِي الْغَالِبِ (وَفِي قَوْلِ بِثَلَاثَةٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَهِيَ أَقَلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ (وَحَامِلٌ مَسْبِيَّةٌ أَوْ زَالَ عَنْهَا فِرَاشُ سَيِّدٍ بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَإِنْ مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ) وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ (فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ) وَأَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِهِمَا فِي الْأَظْهَرِ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ إمَّا غَيْرُ وَاجِبٍ أَوْ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَضْعِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ كَمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدُفِعَ هَذَا بِاخْتِصَاصِ الْعِدَّةِ بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ.
(وَلَوْ مَضَى زَمَنُ اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ حُسِبَ إنْ مَلَكَ بِإِرْثٍ) لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ بِهِ لِتَأَكُّدِ الْمِلْكِ فِيهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةً الْمَقْبُوضِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (وَكَذَا شِرَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ وَلُزُومِهِ وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ (لَا هِبَةٌ) فَإِنَّهُ إذَا مَضَى زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ عَقْدِهَا وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُحْسَبُ لِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَى الْقَبْضِ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا وَتَسْمَحُ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِدَاعِي الِاخْتِصَارِ.
، (وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً) أَوْ مُرْتَدَّةً (فَحَاضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ يَكْفِ) حَيْضُهَا الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ
ــ
[حاشية قليوبي]
الِاسْتِبْرَاءُ
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَفِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لَهُ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ) وَكَذَا مَوْطُوءَتُهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، قَوْلُهُ:(يَقْتَضِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ، وَأَنَّ النَّدْبَ لَا خِلَافَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ أَعْتَقَهَا) أَوْ مَاتَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ لَا عَنْ شُبْهَةٍ، قَوْلُهُ:(فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) أَيْ لَا حَالًا وَلَا مَالًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا.
فُرُوعٌ: لَوْ مَاتَ سَيِّدُ أَمَةٍ مُسْتَوْلَدَةٍ وَزَوْجُهَا فَإِنْ سَبَقَ مَوْتُ الزَّوْجِ اعْتَدَّتْ لَهُ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إلَّا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ سَبَقَ مَوْتُ السَّيِّدِ أَوْ مَاتَا مَعًا فَكَحُرَّةٍ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ آخِرِهِمَا، إلَّا أَنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ يَقِينًا فَعَلَيْهَا حَيْضَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَرِثُ وَلَهَا تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ حُرِّيَّتَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ) فَأَقَلُّ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا وُجِدَ سَبَبُهُ فِي آخِرِ الطُّهْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَحْظَتَانِ وَلَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَطْءُ السَّيِّدِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ:(وَهِيَ الصَّغِيرَةُ) وَكَذَا الْمُتَحَيِّرَةُ وَمَنْ لَمْ تَحِضْ أَيْضًا، لَكِنْ لَوْ حَاضَتْ هَذِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلْتَصْبِرْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، قَوْلُهُ:(بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى) أَيْ أَنْ لَمْ يَمْضِ قَبْلَ وَضْعِهِ حَيْضَةٌ فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ شَهْرٌ فِي غَيْرِهَا، وَإِلَّا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْعِدَّةِ
، قَوْلُهُ:(بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِهِ) فَكُلُّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَذَلِكَ كَوَصِيَّةٍ بَعْدَ الْقَبُولِ وَهِبَةِ فَرْعٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ، قَوْلُهُ:(لِتَمَامِ الْمِلْكِ وَلُزُومِهِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، قَوْلُهُ:(وَتَسْمَحُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ فِيهَا بِالْعَقْدِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ مُقَابِلُهُ بِالْأَوْلَى أَوْ يُقَالُ لَا هِبَةَ، وَإِنْ قُلْنَا تُمْلَكُ بِمَا ذَكَرَ فَتَأَمَّلْهُ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً) وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةُ مَأْذُونٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَمْ يَكْفِ الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَيَجِبُ بَعْدَهُ، وَبَعْدَ فَرَاغِ الْمُعَدَّةِ وَبَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَرْهُونَةٍ وَأَمَةِ مُفْلِسٍ فَتَعْتَدُّ فِيهِمَا بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ فَكِّ
ــ
[حاشية عميرة]
يَكْفِيَ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ الظَّاهِرُ الثَّانِي
قَوْلُهُ: (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) مِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ.
قَوْلُهُ: (حَمْلِ زِنًى) سَوَاءٌ كَانَ مُقَارَنًا أَمْ حَدَثَ وَلَوْ حَاضَتْ فِي زَمَنِهِ أَوْ مُضِيِّ شَهْرٍ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ، فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِهِ قَضِيَّةُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كِفَايَةِ وَضْعِ حَمْلِ الزِّنَى. نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الزَّرْكَشِيّ، إنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ طَرَأَ حَمْلُ زِنًى لَا يُوجِبُ مَنْعًا فَالْفَرَاغُ مِنْهُ لَا يُوجِبُ حِلًّا وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ.
قَوْلُهُ: (بِإِرْثٍ) أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَسُوغُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبْضِ كَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ أَمَةً بَلْ جَعَلَ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ