الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ (لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَمُكْرَهٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ الدَّافِعَةِ لِلْحَدِّ وَقَطْعُ السَّكْرَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ (وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِالْتِزَامِ الذِّمِّيِّ الْأَحْكَامَ كَالْمُسْلِمِ (وَفِي مُعَاهَدٍ أَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا) يُقْطَعُ وَالْأَوَّلُ يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَكْسُهُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ) مُطْلَقًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِيهِ وَالتَّفْصِيلُ حَسَنٌ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَحْسَنُهَا.
(وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقْطَعُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهَا لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا فِي الدَّعَاوَى الْجَزْمُ بِالثَّانِي (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرِيرُهُ (وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ) كَالزِّنَى وَفِي قَوْلٍ لَا كَالْمَالِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِقَبُولِ رُجُوعِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ وَفِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا (وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِمُوجِبِهَا بِكَسْرِ الْجِيمِ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ دَعْوَى (فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِقْرَارِ (وَلَا يَقُولُ) لَهُ (ارْجِعْ) عَنْهُ وَالثَّانِي لَا يُعَرِّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ وَالثَّالِثُ يُعَرِّضُ لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ عَلِمَ فَلَا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَاعِزٍ الْمُقِرِّ بِالزِّنَى لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا إخَالُكَ سَرَقْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ،
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَنْ يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُقْطَعُ بِهِ وَغَيْرِهَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الْمَقْطُوعِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا مُلْتَزِمًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَلَوْ حُكْمًا لَا شُبْهَةَ لَهُ وَلَيْسَ أَصْلًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ وَيُعَزَّرَانِ، قَوْلُهُ:(لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا) وَيُعَزَّرُ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ:(وَمُكْرَهٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُعَزَّرُ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَمَرَ مَنْ يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ:(عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ وُجُوبُ قَطْعِهِ قَوْلُهُ: (كُلٌّ مِنْهُمَا) عَائِدٌ إلَى كُلٍّ مِنْ السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ الِاجْتِمَاعِ، وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِأَوْفَيْهِمَا، قَوْلُهُ:(وَفِي مُعَاهَدٍ) وَمُؤَمَّنٍ قَوْلُهُ: (لَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى الْمُعَاهَدِ أَوْ عَلَى الْمُؤَمَّنِ بِسَرِقَتِهِ، وَلَوْ لِمَالِ مِثْلِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ بِسَرِقَتِهِ مَالَهُ وَلَوْ مُسْلِمًا، قَوْلُهُ:(قَالَ فِيهِ) أَيْ الشَّرْحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مُخَالَفَةِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لَهُ، وَالْمِنْهَاجُ كَالْمُحَرَّرِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ أَقْوَى.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقَطْعَ أَوْ لَا نَعَمْ يُنْتَقَضُ عَهْدُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ وَيُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ.
قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ) أَيْ الْمُرَتِّبُ عَلَيْهَا الْقَطْعُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ هَذَا لِعَدَمِ الْقَطْعِ فِي الْبَعْضِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ:(فَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ:(وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) أَيْ تَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ وَمِنْ وُقُوعِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ دَعْوَى لِتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ:(وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعِ وَيَجِبُ الْمَالُ قَطْعًا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ، لِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ بِقَبُولِ الرُّجُوعِ وَيَغْرَمُ الْمَالَ أَخْذًا مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَكْسُ الْأُولَى فَقَوْلُهُ وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَيْ عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) يُفِيدُ صِحَّةَ الرُّجُوعِ فِي أَثْنَاءِ الْقَطْعِ فَلَوْ بَقِيَ مَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ قَطَعَهُ هُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ قَطْعُهُ وَلَا يُقْبَلُ عَوْدُهُ إلَى الْإِفْرَازِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْهُ، وَلَوْ أَقَرَّ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَحَكَمَ حَاكِمٌ عَلَيْهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الزِّنَى فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ:(وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ وَبِالْعُقُوبَةِ الْمَالُ وَبِاَللَّهِ الْآدَمِيُّ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، قَوْلُهُ:(إنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ) جَوَازًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَنَدْبًا قَبْلَهُ لِيَمْتَنِعَ مِنْهُ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ فَوَاتِ الْمَالِ بِعَدَمِ إقْرَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَرَاجِعْهُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ إقْرَارِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُعَرِّضَ لِلشُّهُودِ لِيَمْتَنِعُوا مِنْ الشَّهَادَةِ أَوْ يَرْجِعُوا عَنْهَا، وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ مَا يَعُمُّ مَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَكَذَا فِي قَيْدِ الْإِنْكَارِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ خِيفَ إنْكَارُ الْمَالِ لَمْ يَحِلَّ التَّعْرِيضُ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُعَرِّضُ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ التَّصْرِيحُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْجُهِ، قَوْلُهُ:(مَا إخَالُكَ سَرَقْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبَنُو أَسَد
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ]
فَصْلٌ لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ قَوْلُهُ: (وَمُكْرَهٌ) كَمَا فِي الزِّنَى قَوْلُهُ: (إنْ شَرَطَ قَطَعَهُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِشَرْطِ عَدَمِ السَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْقَطْعِ، قَوْلُهُ:(مُطْلَقًا) كَذَلِكَ لَا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ لَا يُقْطَعَ الْمُعَاهَدُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمُسْلِمِ وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمُعَاهَدِ.
[بِمَا تَثْبُت السَّرِقَة]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى بِأَمَتِهِ مُكْرَهَةً وَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُهُ:(الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا) يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مُرَادُ الْمَتْنِ وَأَنَّ الْإِمَامَ نَسَبَهَا لِلْمُحَقِّقِينَ لَكِنَّهُ نَبَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّافِعِيِّ، طَرِيقُ الْخِلَافِ وَقَدْ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ فَوَجَدْت الْأَمْرَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ:(فَالصَّحِيحُ إلَخْ) أَمَّا التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ قَبْلَ الِاعْتِرَافِ فَهُوَ جَائِزٌ بَلْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي
(وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ بَلْ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَاحَهُ لَهُ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِي الْحَالِ لِظُهُورِ مُوجِبِهِ (أَوْ) أَقَرَّ (أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًى حُدَّ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيْهِ.
(وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْقَطْعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) بِسَرِقَةٍ (ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ) وَكَذَا شَاهِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي بِهَا
(وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ شُرُوطَ السَّرِقَةِ) الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ بِبَيَانِ السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقِ وَكَوْنِهِ مِنْ حِرْزٍ بِتَعْيِينِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ بِهَا (وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ كَقَوْلِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (سَرَقَ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ) أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَطْعٌ وَلَا غُرْمٌ وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَيَغْرَمُهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَفْتَحُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرِيحُ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّعْرِيضَ لِإِنْكَارِ الْمَالِ، وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَعَلَّك غَصَبْت، أَوْ أَخَذْت بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مَالَهُ بِمَعْنَى الدَّعْوَى بِهِ وَإِثْبَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الطَّلَبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَالِكَ يُقِرُّ بِإِبَاحَتِهِ لِلسَّارِقِ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ، وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِعَدَمِ عَفْوِ الْمَالِكِ بِمَا مَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ عِنْدَ إرَادَتِهَا، قَوْلُهُ:(وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى) لَيْسَ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُنْتَظَرُ كَمَا لَهُمْ كَحُضُورِ الْغَائِبِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْلِكُوا الْمَالَ لِلسَّارِقِ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُ، قَوْلُهُ:(بَلْ يَنْتَظِرُ حُضُورَهُ) لَكِنْ يُحْبَسُ الْمُقِرُّ إلَى حُضُورِهِ وَكَذَا إلَى كَمَالِ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ مِمَّنْ مَرَّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًى) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ لَهَا، وَعَدَمُ الْحَدِّ عَلَيْهَا لَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ حُدَّ فِي الْحَالِ وَيَتَوَقَّفُ الْمَهْرُ إلَى حُضُورِهِ، قَوْلُهُ:(وَقَفَهَا عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَالِمًا بِشُرُوطِهَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ شَهِدَتْ بِالسَّرِقَةِ ثَبَتَ الْقَطْعُ دُونَ الْمَالِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ طَلَبِ الْمَالِ وَتَوَقَّفَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(الْمَسْرُوقِ مِنْهُ) أَيْ هَلْ هُوَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو مَثَلًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى السَّارِقِ لِإِفَادَةِ ذِكْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَبَيَانِ السَّرِقَةِ، وَكَوْنُهُ لَا شُبْهَةَ لِلسَّارِقِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ قِيَاسِيَّةٌ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ، وَهُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَافْهَمْهُ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ كَوْنِ الْمَالِ نِصَابًا، لِأَنَّهُ لِنَظَرِ الْحَاكِمِ وَلَا لِكَوْنِهِ لِغَيْرِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَثْبُتُ مَالُهُ بِغَيْرِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ. تَنْبِيهٌ: لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ إلَّا إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، لَا تَثْبُتُ بِالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَمِثْلُ الْغَيْبَةِ التَّحَرُّزُ وَالتَّوَارِي قَوْلُهُ:(أَيْ أَحَدُهُمَا) خَرَجَ مَا لَوْ شَهِدَا مَعًا أَنَّهُ سَرَقَ بُكْرَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ عَشِيَّةً فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ تَسَاقَطَا، وَلَا حُكْمَ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا شَهِدَ بِهِ كُلٌّ وَثَبَتَ الْقَطْعُ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ وَافَقَ دَعْوَاهُ وَيُغَرِّمُهُ مَا شَهِدَا بِهِ مَعًا، كَأَنْ ادَّعَى بِدِينَارٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالدِّينَارِ وَالْآخَرُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحِرْزِ أَوْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَبَاطِلَةٌ أَيْضًا، فَإِنْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَغَرِمَهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِكَبْشٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ بِكَبْشَيْنِ ثَبَتَ وَاحِدٌ وَقُطِعَ بِهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الْآخَرِ وَأَخَذَ الثَّانِي.
ــ
[حاشية عميرة]
وَغَيْرُهُمَا بِالِاسْتِحْبَابِ كَذَا فِي التَّكْمِلَةِ لِلزَّرْكَشِيِّ رحمه الله، قَوْلُهُ:(لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ) أَيْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ إلَى حُضُورِهِ، قَوْلُهُ:(أَوْ أَنَّهُ أُكْرِهَ) لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِكْرَاهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَكِنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْإِكْرَاهِ ثُبُوتُ الْمَهْرِ، قَوْلُهُ:(ثَبَتَ) وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى يَثْبُتُ الْقَطْعُ دُونَ الْمَالِ أَيْ وَلَكِنْ لَا قَطْعَ حَتَّى يَطْلُبَ صَاحِبُ الْمَالِ بِدَلِيلِ مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَائِبِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ نَقُولَ هُنَا لَا قَطْعَ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَالُ وَلَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (شُرُوطُ السَّرِقَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ سَرِقَةً سَرِقَةٌ وَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُوجِبِ لِلْقَطْعِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا أَنَّهُ يُشِيرُ إلَى السَّارِقِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَيُرْفَعُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ غَائِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُقْضَى فِيهَا عَلَى غَائِبٍ أَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى شَخْصٍ ادَّعَى عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَأَنْكَرَ ثُمَّ غَابَ فِي الْبَلَدِ مَثَلًا فَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُهَا فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ بُلُوغِهِ النِّصَابَ، وَلَا عَدَمُ مِلْكِ السَّارِقِ وَلَا عَدَمُ الشُّبْهَةِ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَفِي التَّصْحِيحِ فِي اشْتِرَاطِ الْأَخِيرِ خِلَافٌ فَلْيُرَاجَعْ، قَوْلُهُ:(وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَأَنَّهُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى ذِكْرٍ قَالَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمَ الِاعْتِبَارِ أَصْلًا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمَا شَيْءٌ،
قَوْلُهُ: