الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسِّرَايَةِ، وَخَرَجَ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ ذَهَابِ الضَّوْءِ بِهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الضَّوْءَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْمَعَانِي لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَجْسَامِ فَيَقْصِدُهُ بِمَحَلِّ الضَّوْءِ مَثَلًا نَفْسَهُ وَلَا يَقْصِدُ بِالْأُصْبُعِ مَثَلًا غَيْرَهَا.
بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ
وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجَمِيعِ (لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ) مِنْ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ مَثَلًا (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَشَفَةٌ عُلْيَا بِسُفْلَى (وَلَا أُنْمُلَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ (بِأُخْرَى) وَلَا أُصْبُعٌ بِأُخْرَى (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ) كَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ وَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْجَمِيعِ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فِي الْقِصَاصِ (وَلَا يَضُرُّ) فِيهِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ (تَفَاوُتُ كِبَرٍ) وَصِغَرٍ (وَطُولٍ) وَقِصَرٍ (وَقُوَّةُ بَطْشٍ) وَضَعْفُهُ (فِي) عُضْوٍ (أَصْلِيٍّ وَكَذَا زَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيمَا ذُكِرَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ.
وَالثَّانِي فِي الزَّائِدِ قَالَ إنْ كَانَ أَكْبَرُهُ فِي الْجَانِي لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَأَخَذَ حُكُومَةَ قَدْرِ النُّقْصَانِ
(وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ) فِي قِصَاصِهَا (طُولًا وَعَرْضًا) فَيُقَاسُ مِثْلُهُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ، وَيَخُطُّ عَلَيْهِ بِسَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَيُوَضِّحُ بِالْمُوسَى (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ غِلَظِ لَحْمٍ وَجِلْدٍ) فِي قِصَاصِهَا
(وَلَوْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرُ اسْتَوْعَبْنَاهُ) إيضَاحًا (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا بَلْ نَأْخُذُ قِسْطَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا) ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْمَأْخُوذُ ثُلُثُ أَرْشِهَا (وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أَخَذَ) مِنْهُ (قَدْرَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي)
ــ
[حاشية قليوبي]
[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]
ِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ قَصَّ بِمَعْنَى قَطَعَ وَاقْتَصَّ بِمَعْنَى تَبِعَ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوَدِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْكَيْفِيَّةِ مَا يَعُمُّ الْمُمَاثَلَةَ وَالِاسْتِيفَاءَ، وَقَدَّمَ الْمُسْتَوْفِيَ هُنَا لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ مَعَ قَصْرِ لَفْظِهِ وَأَخَّرَهُ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ مَعَ طُولِ الْكَلَامِ وَوُقُوعِهِ بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ:(وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْعَفْوِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَسُكُوتِهِ عَنْهُ هُنَا لَيْسَ مَعِيبًا قَوْلُهُ: (لَا تُقْطَعُ) الْأَوْلَى لَا تُؤْخَذُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَتَجِبُ فِي الثَّانِي دِيَتُهُ، وَكَذَا الْأَوَّلُ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِيهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِغَيْرِهِ يَتَضَمَّنُ الْعَفْوَ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(بِيَمِينٍ) وَإِنْ فُقِدَتْ يَمِينُ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي وَدَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَانِبَا الرَّأْسِ فَلَا يُؤْخَذُ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ عَنْ الْأَيْسَرِ وَلَا عَكْسُهُ وَكَذَا مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ، وَظَهْرُ عُضْوٍ وَبَاطِنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ الْمَنْعُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الِاسْمِ أَوْ الْمَحَلِّ قَوْلُهُ:(وَلَا زَائِدٌ إلَخْ) وَلَا أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَلَا حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِمَا قَبْلَهَا وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ أَوْ أَصْلِيٌّ دُونَهُ، كَأَنْ يَكُونَ لِزَائِدَةِ الْجَانِي ثَلَاثَةُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَصْلِيَّتِهِ مَفْصِلَانِ وَلَا يَدَ مُسْتَوِيَةُ الْأَصَابِعِ، وَالْكَفُّ بِيَدٍ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتهَا وَلَوْ خِلْقَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ:(فِي مَحَلٍّ آخَرَ) فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ أُخِذَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ زَائِدٌ بِأَصْلِيٍّ لَيْسَ دُونَهُ إنْ اتَّحَدَا مَحَلًّا كَأَنْ تَقَعَ أُصْبُعُهُ وَيَنْبُتَ لَهُ غَيْرُهَا فِي مَحَلِّهَا ثُمَّ يَقْطَعُ نَظِيرَتَهَا الْأَصْلِيَّةَ مِنْ غَيْرِهِ وَصَوَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُخْلَقَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ يَنْبُتَ لَهُ أُصْبُعٌ فِي مَحَلِّ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ يَجْنِيَ عَلَى نَظِيرَتِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذِهِ أَصْلِيَّةٌ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ:(وَطُولٍ وَقِصَرٍ) أَيْ فِي الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَيْثُ سَاوَتْ كُلُّ يَدٍ أُخْتَهَا كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ الْقَصْرُ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ وَإِلَّا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّعْفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ
قَوْلُهُ: (بِالْمُوسَى) أَيْ لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا لِاحْتِمَالِ الْحَيْفِ قَالَ الْخَطِيبُ فَإِنْ أَمِنَ الْحَيْفَ جَازَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمِسَاحَةُ هُنَا لِأَنَّهُ فِي وَصْفٍ لِلْعُضْوِ وَإِنْ لَزِمَ اسْتِيعَابُ عُضْوٍ بِبَعْضٍ آخَرَ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ، وَالْجَوَابُ بِغَيْرِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتٌ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَضُرُّ وُجُودُ شَعْرٍ وَعَدَمُهُ وَيَجِبُ إزَالَةُ شَعْرٍ يُخْشَى مَعَ بَقَائِهِ حَيْفٌ عِنْدَ الْإِيضَاحِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَنْبَتُ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَاسِدًا امْتَنَعَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) وَكَذَا عَكْسُهُ فَلَا نُتَمِّمُ الْجَبْهَةَ مِنْ الرَّأْسِ قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَلَمَّا كَانَ الْقِصَاصُ تَارَةً يُسْتَوْفَى وَتَارَةً يُعْفَى عَنْهُ بَدَأَ الْآنَ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَصْلًا لِحُكْمِ الْعَفْوِ عَنْهُ، قَوْلُهُ:(وَمُسْتَوْفِيهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى كَيْفِيَّةٍ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الِاخْتِلَافِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ فَصْلَ الِاخْتِلَافِ الْآتِي سَابِقٌ عَلَى فَصْلِ الْمُسْتَوْفِي، قَوْلُهُ:(لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ إلَخْ) . هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْأَطْرَافِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَاءَةِ فِي النُّفُوسِ وَلَوْ قَالَ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ فَقْءَ الْعَيْنِ وَنَحْوَهُ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ) كَالْأَصْلِيِّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إلَخْ) . أَيْ وَلَا طَلَاقَ آيَةُ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: 45] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ إبْطَالَ مَقْصُودِ الْقِصَاصِ وَلِذَا قُتِلَ وَقُطِعَ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَالصَّانِعُ بِالْأَخْرَقِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّائِدِ اسْمٌ مَخْصُوصٌ يُوجِبُ النَّظَرَ إلَى الْقَدْرِ وَمَرَّ إعَادَةُ الصُّورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) أَيْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (لَوْ وُزِّعَ) أَيْ الْأَرْشُ
وَالثَّانِي إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً وَنَاصِيَتُهُ أَصْغَرُ تَمَّمَ) عَلَيْهَا (مِنْ بَاقِي الرَّأْسِ) مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ) عَمْدًا (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ (بَعْدَ انْدِمَالِ) مُوضِحَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) الزَّائِدُ (خَطَأً أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ) لَهُ (أَرْشٌ كَامِلٌ وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهُ بِأَنْ يُوَزِّعَ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ) بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَجَرُّوهَا مَعًا (أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ مُوضِحَتِهِ (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهَا لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ
(وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِشَلَّاءَ) بِالْمَدِّ (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (الْجَانِي فَلَوْ فَعَلَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةٌ، (فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ) ، فَإِنْ كَانَ قَطَعَ بِإِذْنِ الْجَانِي، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ قَالَ اقْطَعْهَا قِصَاصًا فَفَعَلَ فَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَلَهُ حُكُومَةٌ، وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
إنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَجَمِيعُ رَأْسِهِ مَحَلٌّ لِجَوَازِ أَدَائِهِ فَلَهُ قَضَاؤُهُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاسْتِيعَابِ وَسَيَأْتِي الْبَعْضُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا. كَمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ جَانِبِ يَسَارٍ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَوْلُهُ:(مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِالرِّضَا قَوْلُهُ:(الْمُقْتَصُّ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ فَعَلَ قَهْرًا أَوْ بِرِضَا الْجَانِي فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ التَّوْكِيلِ مِنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) أَيْ بِعُذْرٍ وَلَوْ بِاضْطِرَابٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا مَعًا هَدَرٌ وَنِصْفُهَا. إنْ وَجَبَ قِصَاصٌ فَيَقْتَصُّ بِقَدْرِ نِصْفِهَا بِالْمِسَاحَةِ، فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ لِأَنَّ نِصْفَهَا مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ لَوْ انْفَرَدَ. كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِذَلِكَ صَرَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِإِسْقَاطِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي وَحْدَهُ فَهَدَرٌ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ بِغَيْرِ اضْطِرَابِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اضْطِرَابِهِ. قَوْلُهُ:(أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) كَمَا مَرَّ فِي قَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ وَإِذَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ بِهِ كَانَ مُوضِحَةً كَامِلَةً، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَوْزِيعَ الدِّيَةِ نَعَمْ يَشْكُلُ عَلَى مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي أَخْذِ الْقِسْطِ إذَا نَقَصَتْ رَأْسُ الشَّاجِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيمَا مَرَّ اسْتِيفَاءُ عُضْوٍ كَامِلٍ كَانَ فِي إيجَابِ الْأَرْشِ الْكَامِلِ يُشْبِهُ تَضَاعُفَ الْغُرْمِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الشِّينِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهَا ابْتِدَاءً، وَلَا عِبْرَةَ بِحُدُوثِ الْجِنَايَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَطَعَ نَاقِصُ الْأَصَابِعِ كَامِلَةً ثُمَّ نَقَصَتْ الْأُصْبُعُ الْمُمَاثِلَةُ لِلنَّاقِصِ حَيْثُ تُقْطَعُ الْآنَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ تَعَلَّقَ بِالْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا كَانَ عَدَمُ الْقَطْعِ لِمَانِعٍ وَهُوَ الْأُصْبُعُ الْخَامِسُ، وَقَدْ زَالَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ إلَّا فِي أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَكَذَا لَوْ سَرَى الْقَطْعُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ الَّتِي قَطَعَهَا مِنْ الْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ يَدِهِ الشَّلَّاءِ الَّتِي قَطَعَهَا الْجَانِي وَلَا قِصَاصَ هُنَا لِعَدَمِ وُجُودِ مُمَاثِلٍ.
قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ أَيْ نَفْسِ الْجَانِي وَتَسْقُطُ بِهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِدُخُولِهَا فِي النَّفْسِ، فَيُقْتَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْجَانِي فَإِنْ عَفَا وَجَبَ دِيَةً كَامِلَةً عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْجَانِي أَوْ فِي تَرِكَتِهِ حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ لِتَقَدُّمِ الْمُثْبِتِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قِصَاصُ النَّفْسِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّهُ الْمُثْبَتُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ فِيهَا أَيْضًا. كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ جَعْلُهُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ قَوْلُهُ: (وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ) وَمَعْلُومٌ عَدَمُ الْقِصَاصِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) رَاجِعٌ لِلْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلٌ لِلْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَيْهِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِلْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ، وَلَوْ سَرَى إلَى نَفْسِ الْجَانِي هُدِرَتْ لِلْإِذْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِذْنِ يُسْقِطُ دِيَةَ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ أَسْقَطَ الْقِصَاصَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةٍ عَلَى دِيَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ وُجُوبُ دِيَةٍ وَتَسْقُطُ دِيَةُ
ــ
[حاشية عميرة]
عَلَى جَمِيعِهَا أَيْ الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، قَالَ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ أَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْجَانِي لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثُمَّ صَوَّبَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فَكَيْفَ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ وَيُعَبِّرُ بِالصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ قَدْرَهَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ مُوضِحَةً وَلَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ وَهَذَا فِعْلٌ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ قَسَّطَ) لِاتِّحَادِ الْجِرَاحَةِ وَالْجَارِحِ ثَمَّ هَذَا يُنْسَبُ لِلْقَفَّالِ وَقِيلَ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، قَوْلُهُ:(مِثْلُ مُوضِحَتِهِ) أَيْ كَمَا يُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) كَإِتْلَافِ الْمَالِ
مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِالصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ) لَوْ قُطِعَتْ بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّ فَمُ الْعُرُوقِ بِالْحَسْمِ، فَلَا تُقْطَعُ حَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ بِالطَّرَفِ وَتَجِبُ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ (وَيَقَعُ بِهَا) لَوْ قُطِعَتْ (مُسْتَوْفِيهَا) وَلَا يَطْلُبُ أَرْشًا لِلشَّلَلِ وَتُقْطَعُ شَلَّاءُ بِشَلَّاءَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ شَلَلًا إنْ لَمْ يَخَفْ نَزْفَ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ قَالَهُ الْإِمَامُ
(وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ) يَدًا وَرِجْلًا (بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ) وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَشَنُّجٌ فِي الْمِرْفَقِ أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ أَوْ الْعَضُدِ (وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا) الْمُزِيلِينَ لِنَضَارَتِهَا، فَيَقْطَعُ بِطَرَفِهَا الطَّرَفَ السَّلِيمَ أَظْفَارَهُ مِنْهُمَا.
(وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا تُقْطَعُ سَلِيمَةُ الْأَظْفَارِ بِذَاهِبَتِهَا لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا وَلَا قَائِلَ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ وَجْهِهِ وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّ الْأَظْفَارَ زَوَائِدُ تَتِمُّ الدِّيَةُ بِدُونِهَا، وَالْبَغَوِيُّ قَالَ يُنْقَصُ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ، كَالْأُولَى (وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ) . كَذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقْطَعُ الصَّحِيحُ بِالْأَشَلِّ وَيُقْطَعُ الْأَشَلُّ بِالصَّحِيحِ وَبِالْأَشَلِّ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (وَالْأَشَلُّ مُنْقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ مُنْبَسِطٌ لَا يَنْقَبِضُ
(وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِشَارِ وَعَدَمِهِ فَيُقْطَعُ فَحْلٌ بِخَصِيٍّ وَعِنِّينٍ) أَيْ ذَكَرُ الْأَوَّلِ بِذَكَرِ كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ، وَتَعَذُّرُ الِانْتِشَارِ لِضَعْفٍ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ. وَالْخَصِيُّ مَنْ قُطِعَ خَصَيَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ كَالْأُنْثَيَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَالْعِنِّينُ الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ.
(وَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الصَّحِيحَةِ لِدُخُولِهَا فِيهَا، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ قَوْلُهُ: (بِشَلَّاءَ) نَعَمْ لَوْ صَحَّتْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْقَطْعُ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا شَلَلَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ صِحَّتَهَا بَعْدَ قَطْعِهَا لَا تُتَصَوَّرُ وَإِنْ صَحَّتْ قَبْلَ قَطْعِهَا فَهِيَ مِنْ قَطْعِ صَحِيحَةٍ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِمَّا ثُلُثُهَا وَقْتَ الْجِنَايَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَعَلَّهُ مِنْ سَبْقِ قَلَمٍ نَشَأَ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَقْطُوعَةَ هِيَ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ:(وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَالْحَرَكَةُ، وَمِنْهُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ: (تَشَنُّجٌ) بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ كَذَلِكَ فَنُونٌ مُشَدَّدَةٌ مَضْمُومَةٌ فَجِيمٌ أَيْ يُبْسٌ وَقِيلَ الْعَسَمُ مَيْلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ وَالْأَعْسَمُ مَنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ مَنْ عَمَلُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ، وَيُقَالُ لَهُ الْأَعْسَرُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قِصَرٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ بِهِ مُسْتَوِيَةً بِيَدٍ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَسَمُ فِي يَدَيْهِ جَمِيعًا وَهُوَ خِلْقِيٌّ أَيْضًا أَوْ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ لُغَةً، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(وَلَا أَثَرَ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ بِجِنَايَةٍ أَوْ قَوِيَ اسْتِحْشَافُهَا، وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ السَّلِيمَةُ مِنْهُ بِهَا
قَوْلُهُ: (ذَاهِبَةُ الْأَظْفَارِ) وَلَوْ غَيْرَ خِلْقَةٍ وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَطْعُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ عَدَمَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْأُولَى وَالتَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: (وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ) وَنَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى صَاحِبِهَا الَّذِي هُوَ ضَمِيرُ الْخَبَرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَدَأِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ، وَخَرَجَ بِهِ تَغَيُّرُ الْأَظْفَارِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّشْبِيهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَالْأَشَلُّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ عَائِدٌ لِلذَّكَرِ فَقَطْ، وَالْأَوْلَى عُمُومُهُ لِكُلِّ مَا فِيهِ انْقِبَاضٌ وَانْبِسَاطٌ وَعَلَى كُلٍّ هُوَ مِنْ انْفِرَادِ الشَّلَلِ الْمُتَقَدِّمِ تَعْرِيفُهُ قَوْلُهُ:(مُنْقَبِضٌ) أَيْ مُنْكَمِشٌ، وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ يُبْسٍ أَوْ اسْتِحْشَافٍ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَا إلَخْ) الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ: أَنَّ الْخُصْيَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْجِلْدَتَيْنِ وَأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ فَقَطْ، كَمَا مَرَّ وَأَنَّ مُثَنَّى خُصْيَةٍ إنْ كَانَ مَعَ التَّاءِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْبَيْضَتَيْنِ أَوْ بِدُونِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ النَّوَادِرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (شَمًّا) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ اسْتِحْشَافٍ فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ فِيمَا مَرَّ، وَكَذَا الْأُذُنُ. قَوْلُهُ:(وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ) وَلَا يَمْنَعُ الْقَوَدَ ثَقْبٌ لِأُذُنٍ وَإِنْ الْتَحَمَتْ وَلَا خَرْمُهَا إنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ بَعْضُهَا، وَلَا قَوَدَ بِقَطْعِ الْأُذُنِ
ــ
[حاشية عميرة]
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا احْتِمَالُ الْإِمَامِ وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَطْلُبُ أَرْشًا إلَخْ) ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُضْوِ، وَمُجَرَّدُ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ كَأَخْذِ الصَّاعِ الرَّدِيءِ بَدَلَ الْجَيِّدِ، قَوْلُهُ:(بُطْلَانُ الْعَمَلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ زَوَالُ الْحِسِّ وَلَمْ يُرَجِّحْ الشَّيْخَانِ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ.
قَوْلُهُ: (تَشَنَّجَ) أَيْ يَبِسَ قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ إلَخْ) . عَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْيَدِ الظَّاهِرَةِ الْبَطْشُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا وَعَلَّلَهُ فِي الْأُمِّ بِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الظُّفْرِ. أَقُولُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ الَّتِي لَا ظُفْرَ لَهَا تُؤْخَذُ بِهَا ذَاتُ الظُّفْرِ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (مِنْهَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (صِحَّةً وَشَلَلًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالُ إنَّمَا فَرَضَهُ الْإِمَامُ فِي ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ خِلْقَةً وَقَوْلُ الْمَتْنِ ذَاهِبَةُ الْأَظْفَارِ تَصْوِيرٌ آخَرُ، قَوْلُهُ:(كَالْيَدِ) اعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ شَلَلًا مِنْ الْيَدِ لَا يُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ، وَهُنَا يُؤْخَذُ مُطْلَقًا نَسَبَ ذَلِكَ لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ أَطْلَقَ وَقَالَ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ النَّوْعِ. أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِالشَّرْطِ السَّابِقِ إذَا نَظَرْت لِعُمُومِهِ وَجَدْته مُخَالِفًا لِمَقَالَةِ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ:(لَا يَنْبَسِطُ) أَيْ وَلَا حَرَكَةَ هُنَاكَ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ) فَكَانَ كَأُذُنِ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ بِخِلَافِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَقَوْلُهُ لِضَعْفٍ إلَخْ. ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ رَاجِعًا لِلْعِنِّينِ خَاصَّةً، قَوْلُهُ:(كَالْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُمَا جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ أَيْضًا، كَمَا فَسَّرَهُمَا بِذَلِكَ فِيمَا
يُقْطَعُ (أَنْفٌ صَحِيحٌ) شَمًّا (بِأَخْشَمَ) أَيْ غَيْرِ شَامٍّ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي جِرْمِ الْأَنْفِ (وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَحُلُّ جِرْمَ الْأُذُنِ (وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ) مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا. (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) لِأَنَّ النُّطْقَ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
(وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ لَا فِي كَسْرِهَا) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ
(وَلَوْ قُلِعَ سِنٌّ صَغِيرٌ لَمْ يُثْغَرْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الْمُثَلَّثِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ الْمُعْجَمِ أَيْ تَسْقُطُ أَسْنَانُهُ الرَّوَاضِعُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا السُّقُوطُ وَمِنْهَا الْمَقْلُوعَةُ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهَا تَعُودُ فِي جُمْلَةِ الرَّوَاضِعِ غَالِبًا (فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا بِأَنْ سَقَطَتْ الْبَوَاقِي وَعُدْنَ دُونَهَا، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ فَسَدَ الْمَنْبَتُ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَلَا يُسْتَوْفَى لَهُ فِي صِغَرِهِ) فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْلُغَ، فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ اقْتَصَّ وَارِثُهُ فِي الْحَالِ أَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ.
(وَلَوْ قُلِعَ سِنٌّ مَثْغُورٌ فَنَبَتَتْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، وَالثَّانِي قَالَ الْعَادَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فِي الْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرَ الْعَوْدَ
(وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً قُطِعَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُلْتَصِقَةِ. قَوْلُهُ: (بِحَدَقَةٍ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْلَى لِأَنَّ الْحَدَقَةَ اسْمٌ لِسَوَادِهَا فَقَطْ. كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَمَى إلَى الْحَدَقَةِ دُونَ جَمِيعِ الْعَيْنِ تَحَكُّمٌ لِأَنَّهُ عَدَمُ الْإِبْصَارِ مِنْ النَّاظِرِ الَّذِي هُوَ السَّوَادُ الْأَصْغَرُ فِي دَاخِلِ الْحَدَقَةِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ فَقْدِ بَعْضِ الْأَجْفَانِ أَوْ فَقْدِ الْهُدْبِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْقَوَدِ وَلَوْ مَعَ الْإِبْصَارِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ) وَلَوْ حُكْمًا كَالصِّغَرِ قَوْلُهُ: (بِأَخْرَسَ) يَقِينًا بِأَنْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَلَمْ يَنْطِقْ قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ الْعَيْنِ وَاللِّسَانِ قَوْلُهُ: (بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) وَيَقْنَعُ بِهِ لَا يَطْلُبُ أَرْشًا.
قَوْلُهُ: (وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ) وَمِثْلُهُ تَزَلْزُلُهَا. قَوْلُهُ: (لَا فِي كَسْرِهَا) نَعَمْ قَدْ مَرَّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيهِ إنْ أَمْكَنَ بِنَحْوِ نَشْرٍ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قُلِعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَالِعَ وَالْمَقْلُوعَ إمَّا مَثْغُورَانِ أَوْ غَيْرُ مَثْغُورَيْنِ أَوْ الْقَالِعُ غَيْرُ مَثْغُورٍ فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ دُونُ الْآخَرِ، فَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ صُورَةً وَحُكْمُهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَثْغُورِ يُنْتَظَرُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَأَنَّ الْمَثْغُورَ لَا يُنْتَظَرُ فِيهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(بِضَمِّ إلَخْ) فَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِهِ. قَوْلُهُ: (الرَّوَاضِعُ) الْمُرَادُ جَمِيعُ أَسْنَانِهِ، وَالرَّوَاضِعُ حَقِيقَةً الْأَرْبَعُ الَّتِي تَنْبُتُ أَوَّلًا مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ الْمُسَمَّاةُ بِالثَّنَايَا، وَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِذَلِكَ مَجَازٌ لِلْمُجَاوَرَةِ قَوْلُهُ:(فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ) لَكِنْ يُعَزَّرُ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا) فَإِنْ عَادَتْ سَلِيمَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مَعِيبَةً وَجَبَ قِسْطٌ أَوْ أَرْشٌ بِحَسَبِ الْحَالِ قَوْلُهُ: (أَهْلُ الْبَصَرِ) أَيْ الْخِبْرَةِ وَالْمُرَادُ اثْنَانِ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) فَلَوْ اقْتَصَّ ثُمَّ عَادَتْ وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ قِصَاصًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ) أَيْ وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِالْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهَا، كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ تَجِبُ حُكُومَةٌ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا، فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فِي الْحَالِ) فَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَظْهَرِ هِيَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِدِيَةٍ، وَلَا بِمَا أَخَذَ مِنْ الدِّيَةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدِيَةِ الْمَقْلُوعَةِ قِصَاصًا أَوْ بِالدِّيَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِي بَعْدَ قَلْعِهَا قُلِعَتْ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ عَلَى مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِمَرَّةٍ فَقَطْ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ مَثْغُورٍ وَرَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَثْغُورُ بِقَلْعِ سِنِّهِ، فَقَدَّمَهَا ثُمَّ عَادَتْ لَمْ تُقْلَعْ ثَانِيًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ مَعَ جَوَازِ عُدُولِهِ إلَى الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ.
ــ
[حاشية عميرة]
سَلَفَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ لَهُمَا اسْمَانِ الْخُصْيَتَانِ وَالْأُنْثَيَانِ هَذَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ إلَخْ) قِيلَ إنْ كَانَ الشَّمُّ وَالدَّمْعُ لَا يَثْبُتَانِ عِنْدَ نَقْلِ الْآفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُتَّجَهُ الْقَطْعُ، قَوْلُهُ:(لَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَصَرَ فِي الْعَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ لَا يُدَارُ عَلَى الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا عَيْنُ تَقْدِيرِهِ لَا تُؤْخَذُ عَيْنٌ إذْ تَقْدِيرُ الْقَطْعِ غَيْرُ صَالِحٍ فِي الْعَيْنِ، قَوْلُهُ:(وَيَجُوزُ الْعَكْسُ فِيهِمَا) أَيْ وَهُوَ أَخْذُ الْعَمْيَاءِ بِالصَّحِيحَةِ وَالْأَخْرَسِ بِالنَّاطِقِ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ، وَاللِّسَانِ النَّاطِقِ
قَوْلُهُ: (وَفِي قَلْعِ السِّنِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَعُودُ) خُولِفَ هَذَا فِي الْمُوضِحَةِ حَيْثُ يُقْتَصُّ حَالًا وَإِنْ غَلَبَ الِالْتِحَامُ لِئَلَّا يَنْتَفِيَ الضَّمَانُ فِي غَالِبِ الْمُوضِحَاتِ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّهَا تَعُودُ إلَخْ) قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا وَجَبَ فِي السِّنِّ لِفَسَادِ الْمَنْبَتِ فَكَانَتْ كَالشَّعْرِ، قَوْلُهُ:(وَعُدْنَ دُونَهَا) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي وَعَادَتْ لِأَنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ يَخْتَارُ فِيهِ فَعَلَتْ عَلَى فَعَلْنَ قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَوْفِي لَهُ إلَخْ) قِيلَ هَذَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ وَرَدَّ بِأَنَّ ذَاكَ فِي الْوَارِثِ وَهَذَا فِي الْمُسْتَحِقِّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ لَا الْأَظْهَرُ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا نَبَتَتْ قَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ كَانْدِمَالِ الْمُوضِحَةِ، قَوْلُهُ:(وَلَا يُنْتَظَرُ الْعَوْدُ) لَكِنْ لَوْ فَعَلَ ثُمَّ عَادَتْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَيْسَ لِلْجَانِي قَلْعُ الْعَائِدَةِ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَرْشَ سِنِّهِ وَيَسْتَرِدُّهُ إذَا كَانَ دَفَعَهُ؛ فِيهِ الْقَوْلَانِ