المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْجِرَاحِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٤

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَرْعٌ: تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ. يُمْهَلُ الْمُولِي (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فِي زَوْجَةٍ (مِنْ الْإِيلَاءِ

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ]

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[صَرِيح الظِّهَار]

- ‌[تَعْلِيقُ الظِّهَارَ]

- ‌فَصْلٌ يَجِبُ (عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إذَا عَادَ)

- ‌[اتَّصَلَتْ بِالظِّهَارِ فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ]

- ‌ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ)

- ‌ كَرَّرَ) لَفْظَ الظِّهَارِ (فِي امْرَأَةٍ مُتَّصِلًا وَقَصَدَ تَأْكِيدًا

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ)

- ‌[تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ]

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌ حُكْمِ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ. لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ (قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا)

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ

- ‌[شَرْط اللِّعَان]

- ‌ اللِّعَانُ (بِالْعَجَمِيَّةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُلَاعِنِ]

- ‌ ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ

- ‌فَصْلٌ (لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ)

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌[عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَة]

- ‌فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌فَصْلٌ إذَا (لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ

- ‌فَصْلٌ عَاشَرَهَا أَيْ مُطَلَّقَتَهُ (كَزَوْجٍ بِلَا وَطْءٍ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ:

- ‌فَصْلٌ عِدَّةُ حُرَّةٍ حَائِلٍ لِوَفَاةٍ

- ‌فَصْلٌ تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٌ

- ‌بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[شَرْط الرَّضَاع]

- ‌فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) لَهُ

- ‌فَصْلٌ (قَالَ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي)

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌(فَرْعٌ) الْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ

- ‌[فَصْلٌ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ]

- ‌فَصْلٌ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا)

- ‌فَصْلٌ (الْحَضَانَةُ

- ‌فَصْلٌ (عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً

- ‌كِتَابُ الْجِرَاحِ

- ‌[فَصْلٌ وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ لِلرُّوحِ مُذَفِّفَانِ مَاتَ مِنْهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ بِدَارِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصْلٌ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ مِنْ الْعَمْد وَالتَّكْلِيف]

- ‌[الْقِصَاصُ فِي فَقْءِ الْعَيْنِ]

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ إذَا (قُدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (وَزَعَمَ مَوْتَهُ) حِينَ الْقَدِّ وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ

- ‌فَصْلٌ (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ بِالْقِصَاصِ (لِكُلِّ وَارِثٍ) مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ

- ‌[فَصْلٌ مُوجَبُ الْعَمْدِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ الْقَوَدُ]

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌[دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ]

- ‌[وَلَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ]

- ‌[دِيَة الْعَيْن]

- ‌[دِيَة الْجَفْن]

- ‌[دِيَة الشَّفَة]

- ‌[دِيَة اللِّسَان]

- ‌[دِيَة سن الذَّكَرَ الحر]

- ‌[دِيَة سن الصَّبِيّ]

- ‌[دِيَة الْيَد]

- ‌[دِيَة لَحْيٍ]

- ‌[دِيَة حَلَمَة الْمَرْأَة]

- ‌[دِيَة حَلَمَة الرَّجُل]

- ‌[دِيَة الْأَلْيَيْنِ]

- ‌[دِيَة الْعَقْلِ]

- ‌[ديةالسمع]

- ‌[دِيَة الشَّمّ]

- ‌[دِيَة نصف اللِّسَان]

- ‌[دِيَة الذَّوْق]

- ‌[دِيَة الْمَضْغ]

- ‌[دِيَة إفْضَاء الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ]

- ‌[دِيَة فض بَكَارَة مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا]

- ‌فَصْلٌ (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدِّرَ فِي) مِنْ الدِّيَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ تَقْتَضِي دِيَاتٍ فَمَاتَ مِنْهَا سِرَايَةً]

- ‌[دِيَة نَفْسِ الرَّقِيقِ الْمُتْلَفِ قِيمَتُهُ]

- ‌بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ

- ‌[دِيَة قطع الذَّكَرَ وأنثياه]

- ‌[تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ فَهَلَكَ]

- ‌[طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ فَأَجْهَضَتْ فَزَعًا مِنْهُ]

- ‌[وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ]

- ‌[فَصْلٌ اصْطَدَمَا أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا]

- ‌فَصْلٌ (دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ)

- ‌[فَصْلٌ مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ]

- ‌فَصْلٌ (فِي الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (غُرَّةٌ

- ‌[قَدْرَ الغرة]

- ‌فَصْلٌ (تَجِبُ بِالْقَتْلِ) عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً (كَفَّارَةٌ)

- ‌ الشُّرَكَاءِ) فِي الْقَتْلِ

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ

- ‌[شُرُوط الْمُدَّعَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْقَسَامَة]

- ‌[ثُبُوت الْقَسَامَة فِي الْقَتْل]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تجب بِهِ الْقَسَامَة]

- ‌[فَصْلٌ يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ]

- ‌ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ)

- ‌[فَصَلِّ شَرْطُ الْإِمَامِ الْأَعْظَم]

- ‌[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة]

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ

- ‌[رِدَّة الصَّبِيّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَى

- ‌[شُرُوطُ حَدّ الزِّنَا فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ]

- ‌[وَحَدُّ الْمُحْصَنِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً فِي الزِّنَا]

- ‌ حَدُّ (الْبِكْرِ) مِنْ الْمُكَلَّفِ (الْحُرِّ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً

- ‌[بِمَا يَثْبُت حَدّ الزِّنَا]

- ‌[كَيْفِيَّة الرَّجْمُ]

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْرُوق]

- ‌ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ

- ‌[شَرْطُ الْمُلَاحِظِ فِي السَّرِقَةِ]

- ‌فَصْلٌ(يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) الْمَالِكُ لَهُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ

- ‌[فَصْلٌ لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ]

- ‌[بِمَا تَثْبُت السَّرِقَة]

- ‌[مَحِلّ الْقطْع فِي السَّرِقَة]

- ‌بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌[إذَا أحذ الْقَاطِع نصاب السَّرِقَة]

- ‌[سُقُوط الْحَدّ عَنْ الْقَاطِع]

- ‌فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌ اجْتَمَعَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى) عَلَى وَاحِدٍ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌[حَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ فِي الشُّرْب]

- ‌[الْحَدّ حَال السُّكْر]

- ‌فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ (لَهُ)

- ‌ حَدَّ مُقَدَّرًا) بِالنَّصِّ كَحَدِّ الْقَذْفِ دُونَ الشُّرْبِ فَهَلَكَ

- ‌فَصْلٌ (مَنْ كَانَ مَعَهُ دَابَّةٌ أَوْ دَوَابُّ ضَمِنَ إتْلَافَهَا

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌[فَصْلٌ الْغَزْو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ]

- ‌ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ)

- ‌ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) لِجِهَادٍ

- ‌[حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ]

- ‌[حُكْم الْمُبَارِزَة]

- ‌فَصْلٌ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا

- ‌الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا

- ‌فَصْلٌ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارًا أَمَانُ حَرْبِيٍّ)

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌[اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِ الْجِزْيَةِ]

- ‌فَصْلٌ (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ

- ‌[كَيْفِيَّة أَخَذَ الْجِزْيَةَ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْمُسْلِمُونَ الْكَفُّ عَنْ أَهْلُ الْجِزْيَةِ وعدم التَّعَرُّض لَهُمْ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌[مُدَّة الْهُدْنَة]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌[شُرُوطُ الذَّابِحِ وَالْعَاقِرِ وَالصَّائِدِ]

- ‌فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ

- ‌ فَصْلٌ (يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ)

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌[أَفْضَلُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[شَرْطُ الْأُضْحِيَّة]

- ‌ النِّيَّةُ) لِلتَّضْحِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌(أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ)

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌[الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْخَيْل وَالْإِبِل]

- ‌شَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) مِنْ اثْنَيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمُنَاضَلَة]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[حُرُوفُ الْقَسَمِ]

- ‌ الْيَمِينُ (عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌فَصْلٌ. حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا

- ‌فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ

- ‌فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً

- ‌فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى نَاوِيًا الْكَعْبَةَ]

- ‌[نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌شَرْطُ الْقَاضِي)

- ‌[حُكْم طَلَب الْقَضَاء]

- ‌[وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ]

- ‌[تَنْفِيذ حُكْم المحكم]

- ‌فَصْلٌ إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ

- ‌فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌[فَصْلٌ تَسْوِيَة الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌فَصْلٌ (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ)

- ‌فَصْلٌ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ) بِهَا (عَلَيْهِ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌[أَنْوَاع مَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ]

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[شَرْطُ الْعَدَالَةِ الْمُحَقَّقُ لَهَا]

- ‌[شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌فَصْلٌ (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ)

- ‌ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ)

- ‌فَصْلٌ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ

- ‌[شُرُوط أَدَاء الشَّهَادَة]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ إذَا (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى

- ‌فَصْلٌ (تُغَلَّظُ يَمِينِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ)

- ‌ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) لِلْخَصْمِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌فَصْلٌ إذَا (قَالَ آجَرْتُك) هَذَا (الْبَيْتَ) شَهْرَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ) آجَرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ)

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[صَرِيح الْعِتْق]

- ‌[فَصْلٌ إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَ الْعَبْد]

- ‌فَصْلٌ إذَا (أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا وَمُعَلَّقًا]

- ‌[تَدْبِيرُ مُكْرَهٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ]

- ‌[تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ]

- ‌فَصْلٌ.إذَا (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا) وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌[شَرْطُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتِبِ]

- ‌[شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْكِتَابَة]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ]

- ‌فَصْلٌ (الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ

- ‌[قَتَلَ الْمُكَاتَب سَيِّدَهُ عَمْدًا]

- ‌فَصْلٌ (الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ

- ‌كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْجِرَاحِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ

‌كِتَابُ الْجِرَاحِ

جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ لِلْعُضْوِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَأْتِي مَعَهَا غَيْرُهَا كَالْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ وَمَسْمُومٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالتَّرْجَمَةُ لِلْأَغْلَبِ (الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ) لِلرُّوحِ (ثَلَاثَةٌ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ: يَحْرُمُ التَّهَرُّشُ بَيْنَهُمَا وَإِنْزَاءُ خَيْلٍ عَلَى بَقَرٍ وَيُكْرَهُ إنْزَاءُ حُمُرٍ عَلَى خَيْلٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُطْلَبُ الْإِنْزَاءُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) أَيْ بَلْ تُنْدَبُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ وَالْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَالُ لَا تَجِبُ تَنْمِيَتُهُ وَخَرَجَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ عِمَارَةَ الْمَوْقُوفِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ، أَوْ مِنْ جِهَةٍ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ عِمَارَةُ مَالِ مُوَلِّيهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ لَهُ. وَيَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ عِمَارَةُ الْمَرْهُونِ إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى التَّرْكِ كَمَا يَأْتِي وَتَجِبُ الْعِمَارَةُ عَلَى النَّاظِرِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِطَلَبِ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ الْمَوْقُوفُ وَالْمَمْلُوكُ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ لَا عَكْسَ ذَلِكَ، وَكَذَا عَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مَالِ غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ) أَيْ إنْ كَانَ عَلَيْهِ، أَوْ فِيهِ ثَمَرٌ يَفِي بِمُؤْنَةِ السَّقْيِ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِتَجْفِيفِهِ لِنَحْوِ وَقُودٍ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَيَجِبُ السَّقْيُ فِي مَرْهُونٍ حِفْظًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِهِ كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ. قَوْلُهُ:(حَذَرًا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ) أَيْ بِغَيْرِ الْفِعْلِ أَمَّا إضَاعَتُهُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَإِلْقَاءِ مَتَاعٍ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ.

فَرْعٌ: لَا تُكْرَهُ الْعِمَارَةُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَالنَّهْيُ عَنْهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لِنَحْوِ تَفَاخُرٍ أَوْ تَعَاظُمٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ.

تَنْبِيهٌ: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ أَوْ الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ «إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا خَضَّرَ لَهُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى يَبْنِيَ وَفِيهِ أَيْضًا كُلُّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهَا إلَّا هَا وَهَا» . وَهَذَا يَعْنِي إلَّا فِي نَحْوِ الْمَسَاجِدِ مِمَّا يُطْلَبُ وَفِيهِ أَيْضًا الْعَبْدُ إذَا تَطَاوَلَ فِي الْبُنْيَانِ نَادَاهُ الْمَلَكُ إلَى أَيْنَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَفِيهِ أَيْضًا إنَّ التَّطَاوُلَ فِي الْبُنْيَانِ مِنْ عَلَامَةِ السَّاعَةِ، وَرُوِيَ أَيْضًا مَنْ جَمَعَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَى الْمَاءِ وَالطِّينِ.

[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

ِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ حِفْظُ النُّفُوسِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ انْكَفَّ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُوَ مَعْنَى آيَةِ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ كَمَا يَأْتِي، وَالْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَتَحَتَّمُ بِهِ لِغَيْرِ مُسْتَحِلِّهِ خُلُودٌ فِي النَّارِ وَلَا دُخُولُهَا وَلَا عُقُوبَةٌ لِإِمْكَانِ الْعَفْوِ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ بِالْعَفْوِ أَوْ بِالْقَوَدِ أَوْ بِأَخْذِ الدِّيَةِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مِنْهُ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ أَوْ بِالْحَجِّ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا لَا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْقَتْلِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْقَسِمُ الْقَتْلِ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَاجِبٌ كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، وَحَرَامٌ كَقَتْلِ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَكْرُوهٌ كَقَتْلِ الْغَازِي قَرِيبَهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ يَسُبُّ اللَّهَ مَثَلًا، وَمَنْدُوبٌ كَقَتْلِ الْغَازِي الْمَذْكُورَ إذَا سَمِعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ وَمُبَاحٌ كَقَتْلِ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ عَنْ اسْتِوَاءِ الْخِصَالِ فِي الْأَحَظِّيَّةِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (جَمْعُ جِرَاحَةٍ) وَهُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ جِرَاحَاتٌ، وَأَمَّا جُرُوحٌ فَجَمْعُ جُرْحٍ لِلْكَثْرَةِ. قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) كَالْمُوضِحَةِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (مَعَهَا) أَيْ الْجِرَاحَةُ أَوْ الْجِرَاحُ لِأَنَّهُ جَمَاعَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالتَّجْوِيعِ وَالسِّحْرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَةِ لَشَمِلَ كُلَّ ذَلِكَ بَعْدَ تَخْصِيصِهَا بِالْأَبْدَانِ، فَلَا تَرِدُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْأَمْوَالِ مَثَلًا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَنْهَجِ بِالْجِنَايَةِ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَدَعْوَاهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَكُلٌّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى مِنْ وَجْهٍ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الْفِعْلُ) أَيْ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِلْقَوْلِ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ كَالْإِقْرَارِ وَالسِّحْرِ لَكِنْ قِيلَ وَصْفُ الْقَوْلِ بِالْمُزْهِقِ بَعِيدٌ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقَتْلُ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْحَالِ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (الْمُزْهِقُ) أَيْ الْمُسْرِعُ لِلْمَوْتِ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْعَمْدِ) وَمِنْهُ قَصْدٌ أَيْ وَاحِدٍ مِنْ جَمَاعَةٍ. -

ــ

[حاشية عميرة]

كِتَابُ الْجِرَاحِ جَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهَا قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالْجِنَايَاتِ أَوْلَى لِعُمُومِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ، وَبِأَنَّ الْجِنَايَاتِ تُطْلَقُ عَلَى نَحْوِ الْقَذْفِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) كَالسِّحْرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ، قَوْلُهُ:(الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ وَمُخْرِجٌ لِغَيْرِ الْمُزْهِقِ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ جِنْسُ الْفِعْلِ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُزْهِقِ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ الْقَوْلَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَةِ وَحَذَفَ وَصْفَ الْإِزْهَاقِ لَتَنَاوَلَ ذَلِكَ مَعَ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، قَوْلُهُ:(ثَلَاثَةٌ) الْحَصْرُ

ص: 96

وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ، (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَقَتَلَهُ، (جَارِحٍ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ مَا كَسَيْفٍ، (أَوْ مُثَقَّلٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ثَقِيلٍ كَأَنْ رَضَّ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ.

(فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْفِعْلِ أَوْ الشَّخْصِ (بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ) ، فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَمَاتَ (فَخَطَأٌ) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ يَلْزَمُهُ فَقْدُ قَصْدِ الشَّخْصِ وَأَنَّ الْوُقُوعَ مَنْسُوبٌ لِلْوَاقِعِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ، (وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ أَنَّ فِيهِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ وَدَلِيلُهَا آيَةُ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: 92] وَحَدِيثُ «قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ بِشُرُوطِهِ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ الْمُزْهِقِ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا (فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ) كَالدِّمَاغِ وَالْعَيْنِ وَالْحَلْقِ وَالْخَاصِرَةِ فَمَاتَ (فَعَمْدٌ) لِخَطَرِ الْمَوْضِعِ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ، (وَكَذَا) لَوْ غَرَزَهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَالْأَلْيَةِ وَالْفَخِذِ (إنْ تَوَرَّمَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (قَصْدُ الْفِعْلِ) أَيْ مَعَ وُجُودِهِ أَيْضًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهِ وُجُودِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّخْصِ) أَيْ الْإِنْسَانِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ ضِمْنًا.

قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ لَا مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا أَيْضًا غَيْرَ كَبِيرَةٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(أَيْ الْفِعْلِ أَوْ الشَّخْصِ) بَيَانٌ لِلْأَحَدِ وَهُوَ صَادِقٌ بِفَقْدِهِمَا مَعًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ وَقَعَ إلَخْ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي مُعَارِضَةٌ لَهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، وَمَثَّلَ لِفَقْدِ الشَّخْصِ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رَمَى شَجَرَةً إلَخْ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ رَمَى شَخْصًا إلَخْ. وَزَادَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الشَّجَرَةَ غَيْرُ قَيْدٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِ الْقَتْلِ مَعَ فَقْدِ قَصْدِ الْفِعْلِ أَيْ عَدَمِ وُجُودِ الْفِعْلِ مَعَ قَصْدِ الشَّخْصِ الشَّامِلِ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَهُوَ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَأَنَّ الْوُقُوعَ إلَخْ إلَى أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةِ مِنْ أَفْرَادِ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيَصِحَّ التَّقْسِيمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَصْدِ فِيهَا، إذْ لَيْسَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَدَافُعَ وَلَا تَعَارُضَ، وَلَا اعْتِرَاضَ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ:(أَوْ عَصًا) أَيْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يَقْتَضِي الْقَتْلَ غَالِبًا كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ تَوَالٍ.

قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُهَا) أَيْ الدِّيَةِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَدَلِيلٌ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِأَنَّ دَلِيلَ الْخَطَأِ الْآيَةُ، وَدَلِيلُ شِبْهِ الْعَمْدِ الْحَدِيثُ وَأَخَّرَ دَلِيلَهُ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِيمَا مَرَّ. مُرَاعَاةً لِشَرَفِ الْآيَةِ وَلِلِاخْتِصَارِ.

قَوْلُهُ: (وَأَجْمَعُوا إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ مَا فِي الدَّلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِالْمُزْهِقِ فِيمَا قَبْلَهُ فَكَانَ الْوَجْهُ إسْقَاطَهُ.

قَوْلُهُ: (إبْرَةً) الْمُرَادُ إبْرَةُ الْخَيَّاطِ لَا نَحْوُ إبْرَةِ خِيَاطَةِ الظُّرُوفِ كَالْمِسَلَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتُلُ غَالِبًا.

قَوْلُهُ: (بِمَقْتَلٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ قَوْلُهُ: (وَالْخَاصِرَةِ) وَالْإِحْلِيلِ وَالْمَثَانَةِ قَوْلُهُ: (إنْ تَوَرَّمَ) مُسْتَدْرَكٌ إذْ الْمَدَارُ عَلَى التَّأَلُّمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) أَيْ قَوِيٌّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ أَلَمٍ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ. قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَيُقَالُ خَطَأُ عَمْدٍ، وَعَمْدُ خَطَأٍ وَخَطَأُ شِبْهِ عَمْدٍ قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ إلَخْ) . فَلَوْ كَانَ يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا كَصَغِيرٍ فَعَمْدٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ.

قَوْلُهُ: (حَبَسَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ احْتِرَازُهُمْ بِهِ عَمَّا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ حَبْسَهُ مَعَ عَدَمِ مَنْعِهِ مِنْ الطَّلَبِ غَيْرُ مُضَمَّنٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ خَارِجٌ بِمَنْعِهِ. قَوْلُهُ: (الطَّعَامَ) وَمِثْلُهُ مَنْعُ اسْتِظْلَالٍ فِي حَرٍّ وَلُبْسُ عَارٍ فِي بَرْدٍ وَشَدُّ مَحَلِّ فَصْدٍ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهَا ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ أَوْ لَا الثَّانِي الْخَطَأُ وَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ، قَوْلُهُ:(وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَوَاءٌ مَاتَ فِي الْحَالِ أَمْ بِالسِّرَايَةِ وَسَوَاءٌ النَّفْسُ وَالطَّرَفُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُقَسَّمَ الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ، قَوْلُهُ:(عُدْوَانًا) أَيْ وَيَكُونُ الْعُدْوَانُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ، قَوْلُهُ:(فَقَتَلَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَصْدِ الْفِعْلِ أَيْ وَهُوَ أَنَّ قَصْدَ الْفِعْلِ إلَخْ. فَقَتَلَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِهَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ جَارِحٍ أَوْ مُثَقَّلٍ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ لِيُشِيرَ إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي الْمُثَقَّلِ. لَنَا حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ كَالْمَتْنِ اقْتَضَتْ أَنَّ الْغَلَبَةَ وَصْفٌ لِلْآلَةِ وَلَوْ جُعِلَتْ وَصْفًا لِلْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ قَتْلَ الْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ وَإِنْ أَمْكَنَ شُمُولُ عِبَارَتِهِمَا لِذَلِكَ، قَوْلُهُ:(بِالْجَرِّ) وَيَجُوزُ الرَّفْعُ قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ الْآتِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُقَسَّمَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ، قَوْلُهُ:(أَوْ رَمَى شَخْصًا إلَخْ) . فِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قَالَ إنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْعَمْدِ السَّابِقِ، قَوْلُهُ:(أَوْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ) لَوْ رَمَى شَخْصًا ظَنَّهُ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو وَجَبَ الْقِصَاصُ.

قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ إلَخْ) . لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا إيرَادَهُ عَلَى الْعِبَارَةِ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ قَصْدِ أَحَدِهِمَا صَادِقٌ بِفَقْدِهِمَا، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ إيضَاحُ الْكَلَامِ وَتَحْقِيقُ الْمَرَامِ، قَوْلُهُ:(وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) خَفِيفَةٍ وَلَوْ يُوَالِي بَيْنَ الضَّرَبَاتِ وَكَانَتْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ وَالْمَضْرُوبُ غَيْرُ صَغِيرٍ وَلَا ضَعِيفٍ ثُمَّ حِكْمَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى السَّوْطِ وَالْعَصَا ذِكْرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ نَفْيِ

ص: 97

فَعَمْدٌ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ.

(فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، غَالِبًا، (وَقِيلَ عَمْدٌ) لِأَنَّ فِي الْبَدَنِ مَقَاتِلَ خَفِيَّةً وَمَوْتُهُ فِي الْحَالِ يُشْعِرُ بِإِصَابَةِ بَعْضِهَا، (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) فِيهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ فَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ، (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ فَمَاتَ، (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ (بِحَالٍ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ

(وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ) لِذَلِكَ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَانِ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ) عَلَى الْحَبْسِ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَ) بِهِ (بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ) ، لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ وَإِلَّا أَتَى بِمُهْلِكٍ وَالثَّانِي هُوَ عَمْدٌ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ حَصَلَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ فَيَجِبُ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ

، (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) كَالْمُبَاشَرَةِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالشَّرَابَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْجُوعِ وَالْعَطَشِ. قَوْلُهُ: (وَالطَّلَبَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إنْ أُرِيدَ مَنْعُ التَّنَاوُلِ وَإِلَّا بِأَنْ أُرِيدَ مَنْعُ إحْضَارِ طَعَامٍ لَهُ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ لَا الْمَحْبُوسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الطَّلَبِ عَدَمُ الْحُضُورِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ) قَدَّرَهَا الْأَطِبَّاءُ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُهْلِكًا لِمِثْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ لَوْ اعْتَادَ الْجُوعَ مَثَلًا أَيَّامًا كَثِيرَةً لَمْ يُعْتَبَرْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاوَ فِي هَذَا عَلَى بَابِهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَبِمَعْنَى أَوْ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ بِسَابِقٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ أَوْ يُجْعَلُ فَاعِلٌ سَابِقُ كُلٍّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا كَسَاعَةٍ فَهَدَرٌ لِأَنَّهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ كَانَ بِهِ بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ لَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (فَعَمْدٌ) فَعَلَى الْحَابِسِ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ السَّابِقَةُ قَصِيرَةً كَسَاعَةٍ، وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةٍ وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ السَّابِقِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَابِسٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْضًا، كَمَا يَأْتِي تَوْزِيعًا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ، وَلَا نَظَرَ لِطُولِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَذَا قَالُوا وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَبْسِ قَصِيرَةً كَسَاعَةٍ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَفِيهِ بَعْدُ، وَالْوَجْهُ إنْ تَقَيَّدَ بِمَا يَنْسِبُ إلَيْهَا الْهَلَاكَ مَعَ انْضِمَامِهَا لِمَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمَوْتِ بِالْمُدَّتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَالثَّانِي كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي الْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَابِسُ الْحَالَ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ بَلْ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ فَعَلَى الْحَابِسِ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا بِشُرْطَةِ السَّابِقِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) خَصَّهُ بِمَا بَعْدَ إلَّا وَفِي الرَّوْضَةِ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَبْسِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْحُرِّ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَضْمَنُ بِوَضْعٍ إلَيْهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (بِالسَّبَبِ) وَهُوَ مَا يُؤْثِرُ فِي الْقَتْلِ وَلَا يُحَصِّلُهُ وَهُوَ إمَّا شَرْعِيٌّ كَالشَّهَادَةِ أَوْ عَادِيٌّ، وَيُقَالُ عُرْفِيٌّ كَالضِّيَافَةِ وَتَرْكِ عِلَاجِ الْجُرْحِ أَوْ حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَالْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي مَاءٍ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُبَاشَرَةِ) وَهِيَ مَا تُؤَثِّرُ فِي الْقَتْلِ وَتُحَصِّلُهُ وَمِنْهَا تَرَدِّيهِ فِي نَحْوِ الْبِئْرِ، وَأَمَّا الشَّرْطُ فَهُوَ مَا لَا وَلَا وَلَكِنْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

الظُّهُورِ دُونَ الْوُجُودِ يُفِيدُك أَنَّ أَصْلَ الْأَثَرِ لَا عِبْرَةَ بِهِ، قَوْلُهُ:(وَمَاتَ فِي الْحَالِ) أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْمَوْتُ زَمَنًا طَوِيلًا فَلَا شَيْءَ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ تَتَجَاوَزْ الْقُوَى

، قَوْلُهُ:(وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ مَنَعَهُ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ مَثَلًا فَأَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا ضَمَانَ، قَوْلُهُ:(وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) الْمُلَائِمُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ جَعْلُ هَذَا الْخِلَافِ رَاجِعًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، قَوْلُهُ:(لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا ضَرْبًا يَقْتُلُهُ دُونَ الصَّحِيحِ وَإِنْ جَهِلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرَضَ يَظْهَرُ حَالُهُ بِخِلَافِ الْجُوعِ.

تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ بِهِ بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا إنْ عَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِي يَجِبُ فِي الْحَالَيْنِ وَالثَّالِثُ عَكْسُهُ ثُمَّ إنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وَجَبَ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ دِيَةُ عَمْدٍ كَامِلَةٌ، وَفِي حَالَةِ الْجَهْلِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ فَالْأَظْهَرُ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) مِنْهُ مَسْأَلَةُ الْحَبْسِ السَّابِقَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ هَذَا، قَوْلُهُ:(فَلَوْ شَهِدَا بِقِصَاصٍ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْحَاكِمُ فِي الْحَادِثَةِ فَرَوَى لَهُ فِيهَا عَدْلٌ خَبَرًا فَقَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي

ص: 98

(فَلَوْ شَهِدَا) عَلَى رَجُلٍ (بِقِصَاصٍ) أَيْ بِمُوجِبِهِ (فَقُتِلَ) بِأَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ رَجَعَا) عَنْهَا (وَقَالَا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ) فِيهَا (لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا) فِيهَا أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْوَلِيِّ الْقِصَاصُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدُ تَعَمَّدْنَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا، فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، (وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) فَأَكَلَهُ (فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ وَلَوْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَلَا نَظَرُوا إلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمْ، تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَالْحَفْرِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَالْمُفْتِي وَتُقَدَّمُ الْمُبَاشَرَةُ ثُمَّ السَّبَبُ ثُمَّ الشَّرْطُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ غَالِبًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ الضَّمَانِ بِالشَّرْطِ مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ لِجَعْلِهِ مِنْ السَّبَبِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَلَى رَجُلٍ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ شَخْصٍ لِإِطْلَاقِ الْقِصَاصِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِقِصَاصٍ) وَيُسَمَّى قَوَدًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ لِمَحَلِّ قَتْلِهِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْمِقَصُّ أَوْ مِنْ قَصَّ الْأَثَرَ. قَوْلُهُ:(وَقَالَا تَعَمَّدْنَا) فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَخْطَأَ صَاحِبِي، أَوْ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ قَالَا أَخْطَأْنَا، فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (بِعِلْمِهِ) أَيْ حَالَةَ الْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلِمْنَا إلَخْ) جَعَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ قَيْدًا وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَا) وَكَذَا لَوْ سَكَتَا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَا ظَهَرَ لَنَا مَا يَقْتَضِي رَدَّ الشَّهَادَةِ فَالْقَاضِي هُوَ الْمُقَصِّرُ وَعَلَيْهِمَا دِيَةُ الْعَمْدِ.

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِأَجْلِ بَيَانِ السَّبَبِ وَإِلَّا فَسَتَأْتِي فِي رُجُوعِ الشَّاهِدِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، وَمَعَهَا رُجُوعُ الْمُزَكِّي وَرُجُوعُ الْقَاضِي اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَيَّفَ) الضِّيَافَةُ قَيْدٌ وَسَيَأْتِي مُحْتَرِزُهَا وَهِيَ مِنْ السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ كَمَا مَرَّ. وَهَلْ مِنْهَا مُنَاوَلَتُهُ لَهُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَامِ أَوْ بَعَثَهُ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ مَثَلًا رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِمَسْمُومٍ) أَيْ بِسُمٍّ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي أَطْعِمَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَكِنَّ شَرْطَهُ فِي التَّعَدُّدِ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ الْمَسْمُومَ مِنْهَا، وَلَيْسَ أَدَوْنَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) مُرَادُهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَيُقَابِلُهُ مَا بَعْدَهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) إنْ كَانَ السُّمُّ يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَالِمٌ بِهِ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ فِي الْأَوَّلِ وَخَطَأٌ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ) قِيلَ الصَّوَابُ عَكْسُ هَذِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ أَوْلَى مِنْهُ مَعَ السُّكُوتِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ فِي الْقَوْلِ تَنْفِيرًا وَإِعْلَامًا بِالْقَاتِلِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْهُ إنَّ الضِّيَافَةَ إحْسَانٌ، وَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ يُنَافِيهَا فَهُوَ أَوْلَى بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسِيءٌ بِخِلَافِ السُّكُوتِ الْمُوهِمِ بَقَاءَ الضِّيَافَةِ فَهُوَ مُحْسِنٌ وَقِيلَ إنَّ السُّكُوتَ يُقَرِّبُهُ مِنْ شَرِيكِ الْمُخْطِئِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُقَرِّبُهُ مِنْ أَخْذِ الطَّعَامِ فِي الْمَفَازَةِ، وَقِيلَ لِعَدَمِ الْإِغْرَاءِ فِيهِ الَّذِي يُوجَدُ مَعَ الْقَوْلِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ التَّعْمِيمُ لَا الْغَايَةُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهَا نَفْيُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ مَعَ السُّكُوتِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهَا عَدَمُ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ كُلْ مِنْ هَذِهِ الطَّعَامِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُفَرَّقُوا) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَكَذَا أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا) أَعْنِي مُمَيِّزًا وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقَالُ فِي عَمْدِهِ عَمْدٌ، وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ قَبْلَهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالشَّاهِدِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالْإِمَامُ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ الْخَبَرَ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ حَكَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ، قَوْلُهُ:(لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ) قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ الْمُكْرَهَ قَدْ يَحْتَرِزُ وَيُؤَثِّرُ هَلَاكَ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَحِيصٌ عَنْ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ رُجُوعُهُمَا مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالتَّعَمُّدِ لَا كَذِبُهُمَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا، فَلَا قِصَاصَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ التَّعَمُّدِ قَوْلُهُ:(أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُلْجِئَا الْوَلِيَّ لِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِسًّا وَلَا شَرْعًا فَصَارَ قَوْلُهُمَا شَرْطًا مَحْضًا كَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْقَتْلِ، قَوْلُهُ:(وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا) مِثْلُهُ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَارِدَةً عَلَى كَلَامِهِ الْآتِي، قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ) وَجْهُ هَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّ حَالَةَ عَدَمِ الْقَوْلِ قَوِيَّةُ الشَّبَهِ بِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ.

ص: 99

(أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) فَأَكَلَهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) ، لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي قَالَ لِتَغْرِيرِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ يَكْفِي فِي التَّغْرِيرِ الدِّيَةُ (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ فَمَاتَ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) وَجْهُ الثَّانِي التَّسَبُّبُ وَالْأَوَّلُ قَالَ تَكْفِي فِيهِ الدِّيَةُ.

(وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلَاجِ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ، (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ الْغَيْنِ (كَمُبَسَّطٍ فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَوْ مُسْتَلْقِيًا (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (أَوْ) مَاءٍ (مُغْرِقٍ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ، (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) .

ــ

[حاشية قليوبي]

صَبِيًّا. فَضِيفَ مُقَدَّرٌ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ كُلْ هَذَا فَأَكَلَهُ، فَهُوَ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ إنْ جَهِلَ الْآكِلُ كَوْنَهُ مَسْمُومًا وَإِلَّا فَهَدَرٌ، وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهُ قَاتِلًا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى جَهْلِ، كَوْنِهِ سُمًّا إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) هُوَ قَيْدٌ لِجَرَيَانِ الْأَقْوَالِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (فَدِيَةٌ) أَيْ لِشِبْهِ الْعَمْدِ.

قَوْلُهُ: (بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ) وَبِالْكَسْرِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (فِي طَعَامِ شَخْصٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ إلَيْهِ مَثَلًا فَمَاتَ فَهُوَ هَدَرٌ.

قَوْلُهُ: (الْغَالِبِ أَكْلُهُ مِنْهُ) قَيَّدَ لِلْخِلَافِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ مُطْلَقًا فَذِكْرُ الْمَنْهَجِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ مُطْلَقًا.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهِ مَثَلًا بِئْرٌ وَدَعَا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا جَاهِلًا بِهَا، وَهِيَ مُغَطَّاةٌ فَوَقَعَ فِيهَا ضَمِنَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَإِذَا ضَمِنَ فَهُوَ بِالْقَوَدِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِيهِ وَمِثْلُ الْبِئْرِ رَبْطُ كَلْبٍ عَقُورٍ بِبَابِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَضْمَنُ هُنَا غَيْرَ الْأَعْمَى لِأَنَّ الْبَصِيرَ مُقَصِّرٌ.

فَرْعٌ: لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً ضَمِنَهُ أَوْ أَلْقَاهَا عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا وَلَوْ فِي مَضِيقٍ وَلَوْ أَنْهَشَهُ سَبُعًا أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ أَغْرَاهُ عَلَيْهِ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخُلُوصُ ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ شَأْنَ الْحَيَّةِ النُّفُورُ مِنْ الْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ إلَخْ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْعَادِيِّ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْفِيُّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْبُرْءَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْفَصْدِ لَا ضَمَانَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَلْقَاهُ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ قَالَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا إنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ فَلَوْ أَخَذَ نَحْوَ جِرَابٍ مِنْ عَائِمٍ عَلَيْهِ فَغَرَق ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ لِأَنَّهُ كَمَنْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَدْ يُقَرَّقُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ فِي الْمَفَازَةِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَقِيهِ مِنْ الْجُوعِ وَلَيْسَ قَادِرًا فِي الْمَاءِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَقِيهِ مِنْ الْغَرَقِ، وَلِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَاءِ الْإِغْرَاقَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَفَازَةِ الْإِهْلَاكُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي مَاءٍ) هُوَ مَمْدُودٌ مُفْرَدُ الْمِيَاهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِبَاحَةٌ أَيْضًا. وَقِيلَ إنَّ مَا مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ فَيَشْمَلُ نَحْوَ بَحْرٍ مِنْ زِئْبَقٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْغَيْنِ) وَنُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَمَكْتُوفٍ فَهُوَ عَمْدٌ.

فَرْعٌ: مِثْلُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا فِي مَحَلٍّ لَا مَاءَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَطَرَأَ فِيهِ الْمَاءُ فَغَرَق بِهِ فَإِنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ فَعَمْدٌ أَوْ نَدَرَ، فَشِبْهٌ عَمْدٍ أَوْ عَرَضَ نَحْوُ سَيْلٍ فَخَطَأٌ.

قَوْلُهُ: (عَوْمٍ) هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْسَى. قَوْلُهُ: (عَارِضٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْإِلْقَاءِ فَهُوَ عَمْدٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ) وَيُصَدَّقُ الْوَارِثُ إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْإِمْكَانِ أَوْ وُجُودَ الْعَارِضِ الْمُتَقَدِّمِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ فَدِيَةٌ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) احْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَمَّتْ مِنْ أَنَّهَا لَمَّا قُتِلَتْ مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ عَدَمِ قَتْلِهَا لَكِنْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا، فَلَمَّا مَاتَ بِشْرٌ قَتَلَهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الِاسْتِدْلَال بِهِ ضَعِيفٌ فَإِنَّهَا إنَّمَا قَدَّمَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَضَافَ أَصْحَابَهُ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ قِصَاصٌ اهـ. نَعَمْ الْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ) فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسَمُومٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) لَكِنَّ هُنَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِعَدَمِ الضَّمَانِ، قَوْلُهُ:(وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ عِرْقَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَرَكَ عَصَبَ نَفْسِهِ حَتَّى مَاتَ وَأَيْضًا السَّلَامَةُ مَوْثُوقٌ بِهَا عِنْدَ الرَّبْطِ، قَوْلُهُ:(فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَيْ وَالْفَرْضُ إمْكَانُ الْحَرَكَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَاهُ مَعَ قِيَامِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) أَيْ لِغَضَبٍ مَثَلًا اسْتَشْكَلَ هَذَا بِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى

ص: 100

فَهَلَكَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَمَّا يُنْجِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ يَمْنَعُهُ مِنْهَا دَهْشَةٌ وَعَارِضُ بَاطِنٍ، (أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا فَمَكَثَ فِيهَا) حَتَّى هَلَكَ، (فَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهَا، (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمَاءِ وَالنَّارِ (وَفِي النَّارِ وَجْهٌ) بِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّارَ تُؤَثِّرُ بِأَوَّلِ الْمَسِّ جِرَاحَةً يَخَافُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَقِيلَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ أَيْضًا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا عَمَّا لَا يُمْكِنُ لِعَظَمِهَا أَوْ كَوْنِهَا فِي وَهْدَةٍ أَوْ كَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا فَمَاتَ بِهَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

(وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَرَدَّاهُ فِيهَا آخَرُ أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ) ، أَيْ مَكَان عَالٍ (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ) أَيْ قَطَعَهُ بِالسَّيْفِ نِصْفَيْنِ (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ الْخَلَاصُ إلَخْ) . فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخَلَاصُ فَهُوَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ فِيهَا) أَيْ بِلَا عَارِضٍ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ فِي الْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) لَوْ جَعَلَ هَذَا الْمُحْتَرَزُ رَاجِعًا لِلْمَاءِ أَيْضًا لَكَانَ أَوْلَى كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ التَّكْرَارِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَمْسَكَهُ) وَلَوْ لِغَيْرِ الْقَتْلِ وَهَذَا مِنْ الشَّرْطِ كَالْحَفْرِ بَعْدَهُ.

فَرْعٌ: لَوْ قَدَّمَ صَبِيًّا لِهَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمُ رَامٍ فَعَلَى الرَّامِي الضَّمَانُ بِالْقَوَدِ إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ وَإِلَّا فَخَطَأٌ فَإِنْ قَدَّمَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ابْتِدَاءِ رَمْيِ الرَّامِي فَالضَّمَانُ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُقَدَّمِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ تَقْدِيمُ الشَّرْطِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ فَرَاجِعْهُ وَالْوَجْهُ فِيهِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُقَدَّمِ وَوُجُوبُ نِصْفِ دِيَةِ خَطَأٍ عَلَى الرَّامِي.

قَوْلُهُ: (فَرَادَّهُ) هُوَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْمُرَدِّي فَهُوَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُرَدِّي سَبَبٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً تَارَةً وَسَبَبًا أُخْرَى وَلَا مَانِعَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَلْقَاهُ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ وَتَلَقِّيه مِنْ الْمُبَاشَرَةِ.

قَوْلُهُ: (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ) أَيْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُلْقَى حَالَ إلْقَائِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَتَلَقَّاهُ بِهَا لِأَنَّهُ قَتْلٌ تَعَاوَنَ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَفِيهِ مُسَاوَاةُ السَّبَبِ لِلْمُبَاشَرَةِ كَالْإِكْرَاهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَيْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ) أَصْلُ الْقَدِّ لُغَةً الشَّقُّ طُولًا وَالْقَطُّ الْقَطْعُ عَرْضًا وَالْقَطْعُ يَعُمُّهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بَلْ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ حُصُولُ قَتْلِهِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ نِصْفَيْنِ لَيْسَ قَيْدًا وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ قَطْعِ أُصْبُعٍ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ إلَخْ) هُوَ لَفٌّ مُرَتَّبٌ وَهَذَا إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَرْبِيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ لِقَطْعِ أَثَرِ فِعْلِهِ بِمَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَضْمَنُ وَلَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ نَحْوَ سَبُعٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي وَهُوَ بِالدِّيَةِ فِي الْكُلِّ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ، أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْكُلِّ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَصَرِيحُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الثَّالِثُ فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمْسَاكُ وَالْإِلْقَاءُ لِنَحْوِ دَفْعِ صِيَالٍ فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا.

ــ

[حاشية عميرة]

الصَّائِلِ إذَا أَمْكَنَ الْمَصُولَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ فَتَرَكَهُ وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ الْفَرْقَ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي مَسْأَلَةِ الصِّيَالِ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْبَدَنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ اتَّصَلَ فِعْلُ الصَّائِلِ بِالْبَدَنِ وَقَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ فَتَرَكَهُ فَلَا قَوَدَ. قُلْت وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّائِلَ مَعَهُ رَادِعٌ وَهُوَ التَّكْلِيفُ، وَاَلَّذِي أَلْقَى صَارَ لَا يُمْكِنُهُ الْكَفُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّائِلَ لَوْ رَمَى بِسَهْمٍ فَثَبَتَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّكِ لَا ضَمَانَ وَقَدْ يَلْتَزِمُ، قَوْلُهُ:(وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (وَفِي النَّارِ وَجْهٌ) أَيْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الشَّخْصُ مُدَاوَاةَ جُرْحِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّلَامَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ لَوْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَوَّاةُ.

تَنْبِيهٌ: إذَا لَمْ نُوجِبْ الدِّيَةَ فِي النَّارِ وَجَبَ عَلَى الْمُلْقِي أَرْشُ مَا عَلَّقَ فِيهِ النَّارَ إلَى وَقْتِ إمْكَانِ الْخُلُوصِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ فَلَا شَيْءَ سِوَى التَّعْزِيرِ، قَوْلُهُ:(فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ إلَخْ) . دَلِيلُ الْأَوَّلِ حَدِيثٌ وَرَدَ بِمَعْنَى ذَلِكَ وَقِيَامًا عَلَى الْمَرْأَةِ تُمْسَكُ لِزِنَى الْغَيْرِ وَسَوَاءٌ أَمْسَكَهُ لِلْقَتْلِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا جَازَ مُطَالَبَةُ الْمُمْسِكِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْقَاتِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ حَلَالٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ لَا ضَمَانُ إتْلَافٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْغُوا فِعْلَ الْمُمْسِكِ فِي السَّلَبِ بَلْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُكَلَّفًا أَمَّا لَوْ أَمْسَكَهُ وَعَرَّضَهُ لِمَجْنُونٍ أَوْ سَبُعٍ ضَارٍ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُمْسِكِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ مَعَهَا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَتَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ وَلِأَنَّ الْإِلْقَاءَ إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ انْقَلَبَتْ شَرْطًا مَحْضًا ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الشَّاهِقُ يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا قَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ وَضْعِ الْحِجْرِ وَلَوْ أَلْقَى إنْسَانًا عَلَى سِكِّينٍ بِيَدِ إنْسَانٍ فَتَلَقَّاهُ صَاحِبُ السِّكِّينِ بِهَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التَّلَفَ فِيهَا حَصَلَ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ تَعَاوَنَا عَلَيْهِ، وَهُنَاكَ قَصَدَ الْمُلْقِي الْإِهْلَاكَ بِالصَّدْمَةِ وَالْقَادُّ بِالسَّيْفِ فَتَعَارَضَا وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي تَقْدِيمِ الْأَقْوَى وَلَوْ كَانَ الْقَادُّ مَجْنُونًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي بِالْقِصَاصِ.

ص: 101

الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ سَبَبٌ لِلْهَلَاكِ، وَالثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ.

(فَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ قَطْعًا وَتَجِبُ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ) فَأَتَى بِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ قَطْعًا، (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) بِأَنْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَيْهَا (وُزِّعَتْ) عَلَيْهِمَا.

(فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ عَكْسُهُ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْعَبْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) عَلَى الْقَتْلِ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَالٍ وَلَوْ أَكْرَهَ -

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) أَيْ حَيَوَانٌ قَاتِلٌ وَلَوْ غَيْرَ حُوتٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَوَابِعِ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، فَكَانَ ذِكْرُهَا مَعَهَا أَنْسَبَ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ ضَمُّ مَسْأَلَةِ النَّارِ إلَى الْأُولَى لِتَنَاسُبِهِمَا فِي الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحُوتِ أَوْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَلَا يَجِبُ قِصَاصٌ وَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُوتِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا عُلِمَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَذَفَهُ الْحُوتُ سَالِمًا قَبْلَ الْقِصَاصِ امْتَنَعَ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ عَلَى مَنْ اقْتَصَّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ قَوْلُهُ: (مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ الْمُفَسَّرِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَهُ فَيَشْمَلُ أَمْرَ مَنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُمْ، فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ وَإِشَارَةَ نَحْوِ أَخْرَسَ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (اُقْتُلْ هَذَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَهُ فَقَتَلَهُ فَلَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ بَلْ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَى أَغْلَظَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ فَقَطَعَ يَدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَهُوَ مُكْرَهٌ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْهُ أَمْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ لِعُدُولِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (قَتَلْتُك) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ أَتْلَفْت مَالِكَ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك مَثَلًا، فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَلَوْ ذَكَرَ لَهُ مَا يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا نَحْوَ قَطَّعْتُك إرْبًا إرْبًا أَيْ قِطَعًا مُتَعَدِّدَةً فَهُوَ إكْرَاهٌ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ آلَةٌ لَمْ يَأْثَمْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَمِثْلُهُ الزِّنَى لَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَفَا) الْأَوْلَى كَأَنْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ لِأَنَّ مَنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي الْحُرِّ، وَنِصْفُ قِيمَةٍ فِي الْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا) إنْ عَفَا عَنْهُمَا مَعًا وَكَانَا اثْنَيْنِ، فَإِنْ عَفَا عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ حِصَّتُهُ أَوْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ:(مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ، وَبِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ إنْ عَمَدَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْهُمَا كَالْخَطَأِ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) أَيْ شَرِيكُ مَنْ نَزَلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الْمُخْطِئِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَطَأِ فِي الظَّنِّ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَنَّهُ رَجُلٌ) فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ إنْ كَافَأَهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَعَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْهَلَاكَ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقِصَاصِ ثُمَّ هَذَا الثَّانِي خَرَّجَهُ الرَّبِيعُ مِنْ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ وَالْأَصْحَابُ بَيْنَ رَادٍّ لِهَذَا التَّخْرِيجِ وَمُضَعِّفٍ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلْقِيَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَهَا هُنَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقِصَاصِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الْإِرْسَالَ فِي الْهَوَاءِ لَا يَقْتُلُ مَا لَمْ يَصْدِمْ فَلَمَّا اعْتَرَضَهُ مُعْتَرِضٌ نُسِبَ إلَيْهِ، وَهَا هُنَا حُصُولُهُ فِي الْمَاءِ مُهْلِكٌ لَا مَحَالَةَ قَالَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ قَبْلَ وُصُولِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ إلَخْ. يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي مَسْطُورًا فِي الرَّافِعِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُوتَ ضَارٌّ بِطَبْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَكَانَ كَالْآلَةِ، قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) ، أَيْ وَلَوْ يَعْلَمُ بِهِ الْمُلْقِي وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ، قَوْلُهُ:(وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِهِ غَيْرَ نَبِيٍّ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ وَاحْتُجَّ لَهُ أَيْضًا بِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) أَيْ وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، قَوْلُهُ:(إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ) أَيْ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ الْإِمَامُ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّا نَنْقُلُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ إلَى الْمُكْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُكْرَهَ الْمُبَاشِرَ لِلْقَتْلِ، وَنَنْظُرُ إلَى صِفَةِ فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله وَهَذَا يَقْدَحُ فِي مَعْنَى الشَّرِكَةِ اهـ.

يُرِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ شَرِيكًا وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ آلَةٌ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ) عِبَارَةُ. الزَّرْكَشِيّ فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ كَخَطَأِ الْبَالِغِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْبَالِغِ

ص: 102

مُرَاهِقٌ بَالِغًا عَلَى قَتْلٍ فَأَتَى بِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا.

(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا) فَرَمَاهُ فَمَاتَ، (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ (أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا) فَمَاتَ (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، (أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلَقَ وَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا. (وَقِيلَ) هُوَ (عَمْدٌ) فَيَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ، (فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَخُوفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ.

(وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ) الْمَقْتُولُ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً، (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ

ــ

[حاشية قليوبي]

شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الظَّنِّ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا) فَهُوَ خَطَأٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) وَمِثْلُهُ نُزُولُ نَحْوِ بِئْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَزَلَقَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَيْهَا غَالِبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ لِتَحْرِيرِ مَكَانِ الْخِلَافِ وَذِكْرُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ لَا مَحَلَّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ كَامِلَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) هَذَا رَأْيُ الْغَزَالِيِّ إنْ كَافَأَهُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ.

قَوْلُهُ: (فَقَتَلَ نَفْسَهُ) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ حُرٍّ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَى مُكْرِهِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَكَفَّارَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمُخَوَّفِ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ نَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ إكْرَاهًا أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهَذِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) هَلْ الْمُرَادُ يَمْنَعَ الِاخْتِيَار أَوْ يَمْنَعُ عَدَمَ الْإِكْرَاهِ أَوْ يَمْنَعُهُمَا رَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالْمُكْرِهِ عَلَى قَتْلِهِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ قَتَلَاهُ قَوْلُهُ:(فَقَتَلَهُ) وَكَذَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الْمَأْذُونِ فِي إتْلَافِهَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِضَمَانِ الْعُضْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُمَا قَرِيبًا عَكْسُ هَذَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لَا قِصَاصَ) سَوَاءٌ اتَّحَدَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً أَوْ اخْتَلَفَا لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (لَا دِيَةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْحُرِّ وَيَجِبُ فِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ فِي الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْإِثْمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ آثِمٌ وَإِنْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ فَرَاجِعْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ السَّابِقُ حِكَايَتُهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، قَوْلُهُ:(قَطْعًا) صَرَّحَ هُنَا بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الْمُكْرَهِ فِي الْمُؤَاخَذَةِ دُونَ رُتْبَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ بِدَلِيلِ مَا سَلَفَ فِي الْمَتْنِ، قَوْلُهُ:(فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(وَوَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ) . كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُكْرَهَ هُنَا لَمَّا جَهِلَ الْحَالَ وَظَنَّ حِلُّ الْفِعْلِ، كَانَ كَالْآلَةِ لِلْجَاهِلِ وَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ ثُمَّ الْوُجُوبُ مَنْسُوبٌ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّهْذِيبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ كَالْآلَةِ.

قَالُوا وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ ثُمَّ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَتَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالنِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَالَ فَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ وَالْمُكْرِهُ عَالِمَيْنِ فَرَجَّحُوا فِيهِ كَوْنَ الْمُكْرَهِ شَرِيكًا لَا آلَةَ لِظُهُورِ إيثَارِ نَفْسِهِ أَمَّا مَعَ الْجَهْلِ فَلَا إيثَارَ فَهُوَ بِالْآلَةِ أَشْبَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا، وَقُلْنَا إنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ لَا قِصَاصٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ جَهْلَ الْحَالِ هُنَا الْمُقْتَضِي لِإِلْحَاقِ الْمُكْرَهِ بِالْآلَةِ مَفْقُودٌ فِي صُورَةِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَالِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّامِي وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرَهِ، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) أَيْ كَمَا فِي جَهْلِ الْمُكْرَهِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مُرَادُهُ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ، قَوْلُهُ:(أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) خَرَجَ الطَّرَفُ وَكَذَا الْوَلَدُ، قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ بِإِلْجَائِهِ وَحَمْلِهِ قَاتِلٌ لَهُ، قَوْلُهُ:(فَالْمَذْهَبُ) نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ الطَّرِيقَيْنِ الْإِذْنُ الْمُجَرَّدُ وَمَعَ الْإِكْرَاهِ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا لِأَنَّهُ دَفْعُ صَائِلٍ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ قَتْلِهِ إلَى قَطْعِ طَرَفِهِ فَمَاتَ، قَالَ الْقَاضِي سَأَلْت عَنْهَا الْقَفَّالَ فَخَرَّجَهَا عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ فَزَادَهُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِذْنُ فِي إتْلَافِ الْكُلِّ إذْنٌ فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لِتَخْرِيجِ الْقَفَّالِ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَكَانَ كَإِذْنِ الْمَرْأَةِ فِي الزِّنَى لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ. أَقُولُ فِي التَّشْبِيهِ بِالْمَرْأَةِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا حَقُّ

ص: 103