الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عِصْيَانِهِ.
(قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِيمَا لَوْ عَادَ الْبَلَدُ مِنْ الْبُغَاةِ إلَيْنَا (لَوْ ادَّعَى) بَعْضُ أَهْلِهِ (دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ (أَوْ جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ (وَكَذَا خَرَاجٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي دَفْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ (وَيُصَدَّقُ فِي حَدٍّ) أَنَّهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ (لَا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا أَثَّرَ بِالْبَدَنِ وَفِي غَيْرِ الْأَثَرِ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ الرَّافِعِيِّ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْبُغَاةِ وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا إلَى آخِرِهِ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ فِيهَا بِالْإِمَامِ. .
كِتَابُ الرِّدَّةِ
(هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ بِنِيَّةِ) كُفْرٍ (أَوْ قَوْلِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلِ) مُكَفِّرٍ (سَوَاءٌ) فِي الْقَوْلِ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ سَوَاءٌ عَلَيَّ قُمْت أَوْ قَعَدْت فَانْدَفَعَ تَصْوِيبُ ذِكْرِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ سَوَاءٌ وَمُقَابِلَتُهَا بِأُمٍّ. (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ أَوْ الرُّسُلَ أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بَيْنَ سِتَّةٍ) وَهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا مَا عَدَا الْكَافِرَ.
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ خَلْعُهُ وَلَوْ مِمَّنْ وَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَلَا يَنْفُذَ خَلْعُهُ وَإِنْ رَضِيَ وَلَا خَلْعُ نَفْسِهِ إلَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْخِلَافَةِ انْخَلَعَ. .
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ) أَيْ مُطَاعِهِمْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُ) خَرَجَ الْكَافِرُ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُهُ: (فِي حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ هَذِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ: (مِنْ ذِكْرِ الرَّافِعِيِّ لَهَا) أَيْ فِي الشَّرْحِ.
كِتَابُ الرِّدَّةِ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِمَنِّهِ وَجَزِيلِ كَرَمِهِ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَانَ حَدُّهَا الْقَتْلُ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهَا اعْتِقَادٌ يُخْشَى دَوَامُهُ، وَهِيَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ هِيَ مِنْهُ وَهِيَ أَفْحَشُ مِنْهُ، وَيَلِيهَا الْقَتْلُ ظُلْمًا ثُمَّ الزِّنَى ثُمَّ الْقَذْفُ ثُمَّ السَّرِقَةُ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ الْمَشْرُوعَةُ حُدُودُهَا لِحِفْظِ الدِّينِ، وَالنَّفْسُ وَالنَّسَبُ وَالْعَرْضُ وَالْمَالُ وَأَخَّرَ الرِّدَّةَ عَنْ الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ.
لِعُمُومِهِ وَكَثْرَتِهِ وَحُصُولِهِ مِمَّنْ لَا تُوجَدُ الرِّدَّةُ مِنْهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا تُحْبِطُ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ إجْمَاعًا فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا تُحْبِطُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ نَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ تُحْبِطُ الْعَمَلَ أَيْضًا، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَمَلَ الَّذِي تُحْبِطُهُ الرِّدَّةُ بِمَا وَقَعَ حَالَ التَّكْلِيفِ لَا مَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِهِ حَقِيقَةً فَخَرَجَ الْمُنْتَقِلُ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ وَالزِّنْدِيقُ وَالْمُنَافِقُ لِعَدَمِ سَبْقِ الْإِسْلَامِ لَهُمَا وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ فِيمَا سَيَأْتِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَطْعِ الْمَذْكُورِ كَوْنُهُ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا يَأْتِي، فَيَخْرُجُ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ ذَكَرَهُ حَاكِيًا لَهُ وَإِنْ حَرُمَتْ حِكَايَتُهُ عَنْهُ غَيْرُ الْقَاضِي وَلِغَيْرِ نَحْوِ تَعْلِيمٍ. قَوْلُهُ:(بِنِيَّةِ كُفْرٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَفْظَ نِيَّةِ غَيْرُ مُنَوَّنٍ لِقَصْدِ إضَافَةِ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ وَلَفْظُ فِعْلٍ مُنَوَّنٌ وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْقَيْدُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إضَافَةِ مَا سَبَقَهُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقَوْلِ) قُيِّدَ بِهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَالنِّيَّةُ وَالْفِعْلُ كَذَلِكَ، فَلَوْ عَمَّمَهُ وَأَرَادَ بِالْقَوْلِ مَا يَعُمُّ النِّيَّةَ وَالْفِعْلَ لَصَحَّ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ قَالَ سَيِّدُهُ مَثَلًا وَلَكَانَ أَكْثَرَ فَائِدَةً، وَأَدْفَعَ لِلِاعْتِرَاضِ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ قَصْدُ الشَّارِحِ بِالْقَيْدِ الْفِرَارَ مِنْ رَكَاكَةِ نِسْبَةِ النِّيَّةِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْقَوْلِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ إلَى الِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى النِّيَّةِ إذْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ سَوَاءٌ نَوَى النِّيَّةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(اسْتِهْزَاءً إلَخْ) فَخَرَجَ مَنْ يُرِيدُ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ أَوْ أُطْلِقَ كَقَوْلِ مَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ
ــ
[حاشية عميرة]
جَارٍ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ كَذَلِكَ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمِنْهَاجِ يَشْمَلُ الْمُتَغَلِّبَ فِي حَيَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَغَلِّبًا وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ لِلثَّانِي،.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا فَلَوْ نَكَلَ أُخِذَتْ مِنْهُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ:(الْمُسْلِمُ) خَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ جَزْمًا
[كِتَابُ الرِّدَّةِ]
ِ قَالَ الْأَصْحَابُ الرِّدَّةُ إنَّمَا تُحْبَطُ الْأَعْمَالُ بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] فَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الْحَجِّ الَّذِي فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ يُحْبَطُ بِمُجَرَّدِهَا وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ، قَوْلُهُ:(الرِّدَّةُ) هِيَ لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ وَشَرْعًا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، قَوْلُهُ:(هِيَ قَطْعُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْ تَرَدَّدَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَطْعُ الْجَزْمِ بِهِ ثُمَّ فِيهِ دُورٌ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ فَلْيُحْمَلْ الْكُفْرُ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِيِّ، وَقَوْلُهُ قَطْعُ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ فَحِينَ بَلَغَ وَصْفَ الْكُفْرِ، وَكَذَا مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَلَمَّا بَلَغَ وَصْفَ الْكُفْرِ أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ:(وَهَذَا مِثْلُ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ اللُّغَةِ فَلَا
حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَى وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ، (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ) وَمَسْأَلَةُ الْعَزْمِ حُمِلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ بِنِيَّةِ كُفْرٍ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَعَمُّ (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَمْ يُرِدْهُ وَلَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا قَبِلْته، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْرِيَةَ هُنَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا تُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا أَيْضًا وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِوُجُودِ التَّهَاوُنِ هُنَا.
قَوْلُهُ: (فَانْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْهَمْزَةُ إلَّا مَعَ وُجُودِ أَمْ وَعَكْسُهُ.
قَوْلُهُ: (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَسْمَائِهِ لِأَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الرُّسُلَ) لَامُهُ لِلْجِنْسِ وَالنَّبِيُّ كَالرَّسُولِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) خَرَجَ مَا لَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِهِ لَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ، وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ سَبَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ، أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ غَيْرَ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ الْبَعْثَ أَوْ مَكَّةَ أَوْ الْكَعْبَةَ، أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ، وَالْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهُ، أَوْ فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا عَدَمُ الْكُفْرِ بِمُجَرَّدِهِ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَذِبٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ عِلْمِ اللَّهِ بِهِ أَوْ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ، أَوْ جَوَّزَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ.
فَرْعٌ: مَنْ صَلَّى خَوْفًا مِنْ الْعَذَابِ وَأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ عَصَى بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا يُكَفَّرُ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ كَفَرَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَخَرَجَ إنْكَارٌ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) وَالْمَكْسِ وَالرِّبَا قَوْلُهُ: (كَالنِّكَاحِ) وَالْبَيْعِ قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا لَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ نَفْلٍ رَاتِبٍ كَالْعِيدِ، قَوْلُهُ:(كَرَكْعَةٍ) أَوْ سَجْدَةٍ.
قَوْلُهُ: (كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ) أَوْ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ الْكُفْرِ أَيْ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلتَّرَدُّدِ فِي إيجَادِ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَيْضًا، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (كَفَرَ) أَيْ حَالًا وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ مَنْ نَفَى وَكُفْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُ يُعْلَمُ التَّكْفِيرُ بِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى كَأَنْ يَنْفِيَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَوْ يَنْفِيَ رَمْيَ بِنْتِهِ عَائِشَةَ مِمَّا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ سَبَّهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَوْ نَفَى وُجُودَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ نَفْيُ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فَلَا يَكْفُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) أَيْ الْقَوْلُ الْمَزِيدُ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ لُغَةً أَعَمُّ لِشُمُولِهَا الْحَالَ كَالْمُسْتَقْبَلِ، وَخُصُوصُ الْعَزْمِ بِالثَّانِي فَحَمْلُ بَعْضِهِمْ النِّيَّةَ عَلَى الْعَزْمِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَفِي كَلَامِهِ رَدٌّ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ذِكْرَ النِّيَّةِ مُسْتَدْرَكٌ وَقِيلَ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْعَزْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الْعَزْمَ مُغَايِرٌ لِلنِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَقَوْلِهِمْ النِّيَّةُ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا، فَإِنْ قَالُوا هَذَا الْعَزْمُ الشَّرْعِيُّ. وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَهُوَ شَامِلٌ فَيُقَالُ لَهُمْ النِّيَّةُ لُغَةٌ شَامِلَةٌ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَحَمْلُهَا عَلَى الشَّرْعِيَّةِ دُونَهُ وَدَعْوَى الْأَعَمِّيَّةِ فِيهِ تَحَكُّمٌ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية عميرة]
يُعْتَرَضُ.
قَوْلُهُ: (الصَّانِعَ) هَذَا شَمِلَ إطْلَاقَهُ الِاشْتِقَاقَ مِنْ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَفَى رِسَالَةَ رَسُولٍ بِخِلَافِ مَنْ كَذَّبَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، قَوْلُهُ:(أَوْ حَلَّلَ إلَخْ) لِحَدِيثِ «مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَاهُ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَاصْطَفَى مَالَهُ» وَحُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ اسْتَشْكَلَ تَكْفِيرَ مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ، بِأَنَّ مَنْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَرَدَّ أَصْلَهُ لَا نُكَفِّرُهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ ثُمَّ خَالَفَ وَأَجَابَ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّا نُكَفِّرُهُ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا تَوَاتُرٌ كَفَرَ جَاحِدُهَا لِمُخَالَفَةِ التَّوَاتُرِ لَا لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَى حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَجْهَ اخْتِصَاصِهِ بِالذِّكْرِ كَوْنُ الْغَالِبِ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ التَّوَاتُرَ وَعَلِمَهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ مِنْ قَوْلِهِ حُمِلَ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ شُمُولُهُ مَنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا حَالًا مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلِ جَوَارِحَ.