الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدُّ (وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي أَوْ هَرَبَ) مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ (فَلَا) سُقُوطَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي قَالَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالرُّجُوعِ.
(وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهَا وَأَرْبَعٌ أَنَّهَا عَذْرَاءُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ (لَمْ تُحَدَّ هِيَ) لِشُبْهَةِ الْعُذْرَةِ (وَلَا قَاذِفُهَا) لِلشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا وَاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَانِيَةً لِزِنْيَةٍ وَالْبَاقُونَ غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَدَدِ فِي زَانِيَةٍ
(وَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْحَدَّ (الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) فِيهِ (مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ) لِجُزْئِهِ الْحُرَّ (وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْإِمَامِ وَشُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَى اسْتِيفَاءَهُ وَحُضُورُ الْإِمَامِ شَامِلٌ لِلْإِقْرَارِ (وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (أَوْ الْإِمَامُ) وَقِيلَ فِي الْمَرْأَةِ يَتَعَيَّنُ الْإِمَامُ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَحُدُّهُ (فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ حَدِيثُ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) لِأَنَّ التَّغْرِيبَ بَعْضُ الْحَدِّ، وَالثَّانِي يُحَطُّ رُتْبَةُ السَّيِّدِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُكَاتَبَ) فِي حَدِّهِ (كَحُرٍّ) لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) وَالثَّانِي لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ فِي الْحَدِّ وِلَايَةً وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) عَبْدَهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤَدِّبُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِالْعُقُوبَةِ) أَيْ بِمُوجِبِهَا وَالثَّانِي قَالَ التَّعْزِيرُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَيَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادٍ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ مَنْصِبِ الْقَاضِي وَيَعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ جَزْمًا وَبِمُشَاهَدَتِهِ لَهُ وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فِي الْحُدُودِ وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
فَرْعٌ: يُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِ الزِّنَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ كَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْحَدِّ وَالْقَطْعِ وَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ أَوْ الْإِحْصَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ وَبِإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ مُحْصَنًا أَبَدًا فَلَوْ قَذَفَهُ شَخْصٌ لَمْ يُحَدَّ أَوْ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَقَرَّ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بَعْدَهُمَا فَإِنْ أَسْنَدَ حُكْمَهُ لِلْبَيِّنَةِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ، قَوْلُهُ:(لَا تَحُدُّونِي) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ قَدْ حَدَّنِي إمَامٌ فَيُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ بِبَدَنِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ هَرَبَ) فَلَا سُقُوطَ لَكِنْ يَكُفُّ عَنْهُ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ هَرَبُهُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ، قَوْلُهُ:(عَذْرَاءُ) وُصِفَتْ بِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ، قَوْلُهُ:(لَمْ تُحَدَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِلَّا حُدَّتْ، قَوْلُهُ:(وَلَا قَاذِفُهَا) وَلَا الشُّهُودُ أَيْضًا وَلَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَكْرَهَهَا مَعَ عَدَمِ الْحَدِّ أَيْضًا، قَوْلُهُ:(وَاحْتِمَالَ عَوْدِ الْبَكَارَةِ) هُوَ مَفْعُولٌ مَعَهُ وَالْوَاوُ لِلْمَعِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يُحْتَمَلْ عَوْدُهَا حُدَّ قَاذِفُهَا وَمِنْهُ الشُّهُودُ فَيُحَدُّونَ، قَوْلُهُ:(لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهَا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَيُحَدُّ قَاذِفُهَا وَالشُّهُودُ أَيْضًا
قَوْلُهُ: (مِنْ حُرٍّ) وَإِنْ رَقَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، قَوْلُهُ:(وَمُبَعَّضٍ) وَمَوْقُوفٍ وَمَحْجُورٍ بِلَا وَلِيٍّ وَمُوصًى بِعِتْقِهِ زَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ بَعْدُ وَقِنُّ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ مُسْلِمًا عَلَى كَافِرٍ وَيَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْضُ نُوَّابِهِ أَوْ إمَامٌ آخَرُ.
قَوْلُهُ: (وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ) وَإِنْ عَتَقَ وَسَوَاءٌ حَدُّ زِنًى وَغَيْرِهِ وَلَوْ قِصَاصًا أَوْ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ قَوْلُهُ: (سَيِّدُهُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ بَعْدَ الزِّنَى أَوْ أَعْتَقَهُ كَمَا مَرَّ، وَالْوَلِيُّ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فِي مَحْجُورِهِ كَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ وَدَخَلَ فِي السَّيِّدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ الْحَدِّ وَمُوصًى لَهُ بِهِ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمِلْكِيَّةِ فِيهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْحُرَّ إذَا رَقَّ قَوْلُهُ:(أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) وَمُؤْنَةُ التَّغْرِيبِ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحُرِّ، فَإِنْ غَرَّبَهُ الْإِمَامُ فَالْمُؤْنَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا، قَوْلُهُ:(وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَقْتَ زِنَاهُ وَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ بَعْدَهُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ، قَوْلُهُ:(كَحُرٍّ) وَيُقَدَّمُ مَا أُلْحِقَ بِهِ فِي حَقِّهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاءُ الْإِمَامِ الْحَدَّ مِنْهُ، قَوْلُهُ:(وَالْكَافِرَ) فِي عَبْدٍ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبَ) وَالْمُبَعَّضَ وَالْمَرْأَةَ، قَوْلُهُ:(وِلَايَةً) عُلِمَ بِهَذَا رَدُّ هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ لِاسْتِيفَاءِ فِي هَؤُلَاءِ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ، وَلِذَلِكَ يَحُدُّ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: (وَأَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ عَبْدَهُ) بِأَوْصَافِهِمَا السَّابِقَةِ قَوْلُهُ: (وَيَسْمَعُ) أَيْ السَّيِّدُ بِأَفْرَادِهِ السَّابِقَةِ، قَوْلُهُ:(وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا) أَيْ الْحُدُودِ قَوْلُهُ: (قِيلَ وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ قِصَاصًا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ جَمِيعَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَوَجْهُ الثَّالِثِ مَا فِي التَّغْرِيبِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمَةَ يُعْتَبَرُ مَعَهَا مَحْرَمٌ كَالْحُرَّةِ.
[بِمَا يَثْبُت حَدّ الزِّنَا]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُسْقِطِ الْإِقْرَارِ شَرَعَ فِي مُسْقِطِ الْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ:(لَمْ تُحَدَّ هِيَ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ وَإِلَّا حُدَّتْ، قَوْلُهُ:(لَمْ يَثْبُتْ) خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ لِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي زَوَايَا لَنَا أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ ثُمَّ اقْتِصَارُهُ هُنَا عَلَى نَفْيِ الثُّبُوتِ يُفِيدُ أَنَّ حَقَّ الْقَذْفِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاذِفِ، وَالشُّهُودِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ الرَّقِيقُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَدُّ الزِّنَى وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَكَذَا قَطْعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةُ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّ التَّغْرِيبَ إلَخْ) ، لَكِنْ مُؤْنَةُ تَغْرِيبِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى السَّيِّدِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ زَمَنَ التَّغْرِيبِ فَعَلَى السَّيِّدِ، قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِاقْتِصَارِهِ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ: (فِي حُقُوقِ اللَّهِ) يُرِيدُ الشَّارِحُ رحمه الله أَنَّ تَعْزِيرَ الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ مَقْطُوعٌ بِهِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا حُقُوقُ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَسَكَتَ عَنْهَا وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إلْحَاقُهَا بِحُقُوقِ السَّيِّدِ، قَوْلُهُ:(وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ) كَمَا يُقِيمُ الْعُقُوبَةَ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهَا ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا سَمَاعُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَقَطْعُ السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ نَازَعَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي تَقَدُّمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْحُدُودِ.
[كَيْفِيَّة الرَّجْمُ]
قَوْلُهُ: (وَالرَّجْمُ إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ جَمِيعُ بَدَنِهِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ وَالِاخْتِيَارُ، أَنَّهُ يُتَوَقَّى الْوَجْهُ،
قَتْلَ الرِّدَّةِ قِيلَ وَالْقَطْعَ وَالْقَتْلَ قِصَاصًا.
(وَالرَّجْمُ) حَتَّى يَمُوتَ (بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ وَلَا بِصَخْرَةٍ مُذَفَّفَةٍ (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا إلَى صَدْرِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ إلَى خِيَرَةِ الْإِمَامِ (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ فِيهِ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخَّرْ رُبَّمَا رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ فَيُعَيَّنُ مَا وُجِدَ مِنْهُ عَلَى قَتْلِهِ
(وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِلْمَرَضِ) الْمَرْجُوِّ الْبُرْءُ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) مِنْهُ (جُلِدَ لَا بِسَوْطٍ بَلْ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ) غُصْنًا (ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ) فَإِنْ انْتَفَى الْمَسُّ وَالِانْكِبَاسُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَ الضَّرْبِ بِالْعُثْكَالِ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ.
(وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَإِذَا جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) فَهَلَكَ الْمَجْلُودُ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ لِجَمِيعِهِ أَوْ نِصْفِهِ وَجْهَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَوْلَانِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَجِبُ التَّأْخِيرُ أَوْ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا. .
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْحَدِّ بِالْجَلْدِ نِيَّتُهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ كَأَنْ جَلَدَهُ عَنْ زِنًى فَبَانَ عَنْ شُرْبٍ وَفِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْخَطَإِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَلَا نِيَّةُ غَيْرِ الْحَدِّ كَمُصَادَرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْقَتْلِ نِيَّةٌ وَلَا يَضُرُّ نِيَّةُ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الظُّلْمِ فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ،
قَوْلُهُ: (وَالرَّجْمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ بِالرَّمْيِ بِالْأَحْجَارِ وَلَوْ قُتِلَ بِسَيْفٍ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِنْ فَاتَ الْوَاجِبُ قَوْلُهُ: (بِمَدَرٍ) أَيْ طِينٍ مُسْتَحْجِرٍ.
قَوْلُهُ: (وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْمُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُقَيَّدُ، قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ) أَيْ الْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ) أَوْ لِعَانٍ قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ) وَالْحَفْرُ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا مُقِرَّةٌ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ.
تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَأَمْرٌ بِصَلَاةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَتَوَقِّي ضَرْبِ وَجْهٍ، وَيُنْدَبُ فِيهَا سَتْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَعَرْضُ تَوْبَةٍ أَوْ إجَابَةٌ لِشُرْبٍ لَا أَكْلٍ وَلِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ الضَّارِبُ عَنْهُمَا، وَلَا يَدْنُو مِنْهُمَا قَوْلُهُ:(وَلَا يُؤَخَّرُ) أَيْ الرَّجْمُ أَيْ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ لِمَرَضٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ. نَعَمْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَيَجِبُ لِحَمْلٍ وَلَوْ مِنْ زِنًى وَفِطَامٍ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَاصِ وَكَذَا سَائِرُ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى،
قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) وُجُوبًا لِلْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُحْبَسُ وَإِنْ ثَبَتَ الزِّنَى بِالْبَيِّنَةِ وَخِيفَ هَرَبُهُ، قَوْلُهُ:(بِكَسْرِ الْعَيْنِ) أَيْ عَلَى الْأَشْهَرِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْعُرْجُونِ وَعَلَيْهِ الشَّمَارِيخُ الَّتِي بِهَا يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ بِاعْتِبَارِ الزَّجْرِ هُنَا، قَوْلُهُ:(بَرَأَ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الضَّرْبِ) أَيْ بَعْدَ جَمِيعِهِ فَإِنْ بَرَأَ بَعْدَ بَعْضِهِ اُعْتُدَّ بِمَا مَضَى وَجُلِدَ الْبَاقِي كَالْأَصِحَّاءِ، قَوْلُهُ:(وَلَا حَدَّ) أَيْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ، كَمَا يَأْتِي وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْآتِي، قَوْلُهُ:(يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ) وَلَوْ لَيْلًا وَهَذَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى بَلَدٍ مُعْتَدِلٍ وَلَا يُحْبَسُ لَوْ أُخِّرَ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ:(فَيَقْتَضِي إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ:(وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ التَّعْزِيرِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ هُنَا مَرْجُوحٌ أَيْضًا وَالرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَيْهِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ، قَوْلُهُ:(الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ وَالدَّمِيرِيُّ وَفَارَقَ وُجُوبَ الضَّمَانِ فِي التَّعْزِيرِ وَالْخَتْنِ بِأَنَّهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُدُودُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالنَّصِّ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ لَكِنْ مَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى التَّخْيِيرِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ ثَبَتَ بِلِعَانٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُلَاعِنَ فَيَسْقُطُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ نَظَرًا، إلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْإِقْرَارِ مَطْلُوبٌ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُحِقًّا وَبِهَذَا جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، قَوْلُهُ:(وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ إلَخْ) . نَعَمْ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ وَلَوْ مِنْ زِنًى حَتَّى تَفْطِمَ الْوَلَدَ وَيُوجَدُ مَنْ يَكْفُلُهُ، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ يُؤَخَّرُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَحِكَايَةُ هَذَا الْوَجْهِ تَقْتَضِي وُجُوبَ التَّأْخِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَائِلُهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي الْجَلْدِ الْآتِي. أَقُولُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الرَّجْمِ،.
قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) هَلْ يُحْبَسُ مُدَّةَ التَّأْخِيرِ هُوَ مُتَّجَهٌ فِي الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا اشْتَكَى حَتَّى أَضْنَى فَصَارَ جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ فَوَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لِبَعْضِهِمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ مِائَةَ شِمْرَاخٍ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَيْئَةُ الصَّلَاةِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُصَلِّي فَهَذَا أَوْلَى، قَوْلُهُ:(فَلَا ضَمَانَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَتَنَهُ الْإِمَامُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَتْنَ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ، فَشُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْحَدِّ ثُمَّ تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْمَرَضَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ يُفِيدُك أَنَّ نِضْوَ الْخَلْقِ أَيْ ضَعِيفَهُ لَوْ جُلِدَ بِغَيْرِ الْمَشْرُوعِ كَانَ مَضْمُونًا، قَوْلُهُ:(وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَمْ بِعَدَمِهِ.