الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَقْدِ جَازَ وَيَعْتَبِرُ الْغَنِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَخْذَ وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَلَوْ عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ فَإِنْ أَبَوْا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ وَالثَّانِي لَا وَيَقْنَعُ مِنْهُمْ بِالدِّينَارِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ) فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَفِي الْمَوْتِ (مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تُقَدَّمُ هِيَ فِي قَوْلٍ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ (أَوْ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ
(وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّاي وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ) وَهُوَ مَعْنَى الصَّغَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] عِنْدَ بَعْضِهِمْ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الِاسْتِحْبَابِ (لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالْأَدَاءِ) لِلْجِزْيَةِ (وَحَوَالَةٌ) بِهَا (عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا) بِخِلَافِ الثَّانِي (قُلْت: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا نَعْلَمُ أَصْلًا مُعْتَمَدًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِرِفْقٍ كَأَخْذِ الدُّيُونِ انْتَهَى وَفِيهِ تُحْمَلُ عَلَى الذَّاكِرِينَ لَهَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا الْمُسْتَنِدِ إلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ فِي الْآيَةِ بِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْءٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَوْصَافِ، قَوْلُهُ:(قِيلَ قَوْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ لَكِنْ بِيَمِينِهِ،.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ) أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ لَهُنَّ مِنْهُ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَخَذَ جِزْيَتَهُنَّ، أَيْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَمِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ فِي الْعَقْدِ لَا بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَمَحِلُّهُ فِي الْمَوْتِ إنْ خَلَفَ وَارِثًا مُسْتَغْرِقًا، فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا أَصْلًا سَقَطَتْ أَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ جَمِيعُ مَا مَضَى قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ السِّنِينَ، مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ وَأُخِذَ لِسَنَةِ الْمَوْتِ مِنْ الْوَارِثِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَسَقَطَ الْبَاقِي سَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(أَوْ فِي خِلَالِ) أَيْ لَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ مِنْ الْجِزْيَةِ بِقَدْرِ الْمَاضِي مِنْهَا كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَيَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَا مَرَّ وَأَخْذُ الْقِسْطِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الْمَجْنُونِ إنْ أُطْبِقَ جُنُونُهُ، وَأَمَّا مَحْجُورُ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ فَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ سُقُوطَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَنْهُمَا فَلَا قَائِلَ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ قِسْطُ السَّفِيهِ، وَالْمُفْلِسِ فَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ، وَكَانَ الْمَحْجُورُ قَبْلَ حَجْرِهِ غَنِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَقِسْطُ الْفَقِيرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ:(كَالزَّكَاةِ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ مُعَاوَضَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ) مَا لَمْ تُؤْخَذْ بِاسْمِ الزَّكَاةِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ:(وَيَضْرِبُ) بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً ضَرْبَتَيْنِ وَقِيلَ: وَاحِدَةً وَيَقُولُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا إلَخْ) فَدَعْوَى وُجُوبِهَا أَشَدُّ وَأَعْظَمُ خَطَأً بَلْ هِيَ حَرَامٌ إنْ حَصَلَ بِهَا إيذَاءٌ وَإِلَّا كُرِهَتْ، قَوْلُهُ:(الْمُسْتَنِدُ إلَى تَفْسِيرِ الصِّغَارِ فِي الْآيَةِ) وَالصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا.
ــ
[حاشية عميرة]
بِمَا ذُكِرَ هَلْ تَجِبُ إجَابَتُهُمْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُمْ إنْ دُعُوا إلَى ذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ
قَوْلُهُ: (بَعْدَ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ، قَوْلُهُ:(مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُخِذَتْ، قَوْلُهُ:(وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) مُحَصِّلُهَا تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَقْوَالِ فِي امْتِنَاعِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا اسْتِوَاؤُهُمَا نَظَرًا لِجَانِبِ الْأُجْرَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ.
فَرْعٌ: أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَجِزْيَةٌ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ:(بِالْحَوْلِ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَالْأُجْرَةِ.
[كَيْفِيَّة أَخَذَ الْجِزْيَةَ]
قَوْلُهُ: (وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ) لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِحْيَةٌ فَهَلْ يَأْخُذُ بِمَوْضِعِهَا هُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ:(مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَهَلْ يَضْرِبُهَا فِي الْجَانِبَيْنِ أَوْ يَكْتَفِي بِجَانِبٍ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ الْأَوَّلُ وَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ الثَّانِي، قَوْلُهُ:(وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ) لِأَنَّ الْغَرَضَ أَخْذُ الْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ: وَاجِبٌ) تَحْصِيلًا لِمَعْنَى الصَّغَارِ، قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ الثَّانِي) فَلَا يُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا.
فَرْعٌ: لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ شَخْصًا فِي أَمْرِ الدَّعْوَى وَجَلَسَ مَعَ الْقَاضِي مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الزَّبِيلِيُّ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ، قَوْلُهُ:(قُلْت إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْأُمِّ: وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ أَخَذَهَا بِإِجْمَالٍ وَلَمْ يَضُرَّ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يَنَلْهُ بِقَوْلِهِ قَبِيحٌ، وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ لَا أَنْ يُضْرَبُوا وَلَا أَنْ يُؤْذُوا انْتَهَى. قِيلَ: وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَاسْتَشْهَدَ بِهِ، قَوْلُهُ:(وَدَعْوِي اسْتِحْبَابِهَا) لَا شَكَّ أَنَّ الْوُجُوبَ أَوْلَى بِالْإِنْكَارِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا ثُمَّ وَصْفُهَا بِالْبُطْلَانِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ:(عَلَيْهَا) فِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الضَّمِيرُ عَلَى الْخِلَافِ وَأَمَّا تَأْنِيثُهُ فَيَعُودُ لِلْهَيْئَةِ أَوْ الْآيَةِ.
قَوْلُهُ: (الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ التَّوْكِيلُ وَالْحَوَالَةُ وَالتَّضْمِينُ
قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْرِطَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ، قَوْلُهُ: (فِي
فِي بَلَدِهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ وَقِيلَ: يَجُوزُ مِنْهَا وَيَجْعَلُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَلَى غَنِيٍّ وَمُتَوَسِّطٍ لَا فَقِيرٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ أَيْضًا كَالْجِزْيَةِ (وَيَذْكُرُ عَدَدَ الضِّيفَانِ رِجَالًا وَفُرْسَانًا وَجِنْسَ الطَّعَامِ وَالْأُدُمِ وَقَدْرَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا وَعَلَفَ الدَّوَابِّ وَمَنْزِلَ الضِّيفَانِ مِنْ كَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ وَمُقَامِهِمْ وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالطَّعَامُ وَالْأُدْمُ كَالْخُبْزِ وَالسَّمْنِ وَالْعَلَفُ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قَدْرِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الشَّعِيرَ بَيَّنَ قَدْرَهُ وَلْيَكُنْ الْمَنْزِلُ بِحَيْثُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَلَا يُخْرِجُونَ أَهْلَ الْمَنَازِلِ مِنْهَا وَمُقَامُهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ أَوَّلَهُ اسْمُ زَمَانٍ أَيْ مُدَّةَ إقَامَتِهِمْ.
(وَلَوْ قَالَ قَوْمٌ: نُؤَدِّي الْجِزْيَةَ بِاسْمِ صَدَقَةٍ لَا جِزْيَةٍ فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إذَا رَأَى) ذَلِكَ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْإِهَانَةُ (وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه (فَمِنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ شَاتَانِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِنْتَا مَخَاضٍ) وَأَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَانِ (وَعِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ وَخُمُسُ الْمُعَشِّرَاتِ وَلَوْ وَجَبَ بِنْتَا مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانَ) بَدَلَ بِنْتَيْ لَبُونٍ عِنْدَ فَقْدِهِمَا (لَمْ يُضَعِّفْ الْجُبْرَانَ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُضَعِّفُهُ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ بِنْتِ مَخَاضٍ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، (وَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ) بِحَيْثُ يُسَمَّى مُسَافِرًا وَلَيْسَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، قَوْلُهُ:(مِنْ الْمُسْلِمِينَ) قُيِّدَ لِلنَّدْبِ لَا لِلْجَوَازِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَارِّ عَلَى الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا لِدِيَارِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِدَارِنَا أَوْ دَارِهِمْ، قَوْلُهُ:(زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ) وَهُوَ الدِّينَارُ فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْهُ إذَا أَمْكَنَتْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا عَدَدَ الضِّيفَانِ وَعَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ، كَمِائَةِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ مَثَلًا وَقَدْرَ الْإِقَامَةِ، قَوْلُهُ:(وَجِنْسَ الطَّعَامِ) وَمِنْهُ الْفَاكِهَةُ وَالْحَلْوَى وَنَحْوُهُمَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى الْعَادَةِ، وَيُلْزِمُهُمْ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ دَوَاءٍ، قَوْلُهُ:(وَعَلَفَ الدَّوَابِّ) أَيْ جُمْلَتَهَا أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مَثَلًا، وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا وَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ يُوَزَّعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَلَهُ أَنْ يُقَارِبَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَدْرِ كَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى وَاحِدٍ عَشَرَةً وَعَلَى آخَرَ دُونَهَا، قَوْلُهُ:(وَمَنْزِلَ الضِّيفَانِ) وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ رَفْعَ بَابِهِ لِيَدْخُلَهُ الْفَارِسُ رَاكِبًا مَثَلًا، قَوْلُهُ:(وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) نَدْبًا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعْطُوا الضَّيْفَ عِنْدَ رَحِيلِهِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِهِمْ ضِيفَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَدَلُ الضِّيَافَةِ إلَّا إنْ شُرِطَ عَدَدٌ مَثَلًا فِي يَوْمٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ:(أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ هَاءٌ هُوَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْيَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] الْآيَةُ، وَأَمَّا إيلِيَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ وَآخِرُهُ يَاءٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. قَوْلُهُ:(كَالْخُبْزِ وَالسَّمْنِ) وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهَا لَا ذَبْحِ دَجَاجٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ:(وَالْعَلَفِ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ) وَالْقَتِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ) أَيْ إذَا ذَكَرَ جِنْسَ الْعَلَفِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قَدْرِهِ، قَوْلُهُ:(وَإِنْ ذَكَرَ الشَّعِيرَ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذِكْرِ الْقَدْرِ أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْقَدْرِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَلَفِ إلَّا فِي الشَّعِيرِ، إذَا ذَكَرَهُ قَالَ شَيْخُنَا لِكَوْنِهِ مِنْ الْحُبُوبِ الْمَكِيلَةِ وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْفُولَ وَنَحْوَهُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ:(وَلَا يُخْرِجُونَ أَهْلَ الْمَنَازِلِ مِنْهَا) فَيَحْرُمُ وَمَتَى امْتَنَعُوا مِنْ شَيْءٍ مِمَّا شَرَطَهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا ذُكِرَ انْتَقَضَ عَهْدُ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمْ إلَّا إذَا أَمْكَنَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَامَهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ أَوَّلُهُ اسْمُ زَمَانٍ أَيْ مُدَّةَ إقَامَتِهِمْ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ اسْمُ مَكَانِ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَنْزِلَ الضِّيفَان إلَخْ،
قَوْلُهُ: (بِاسْمِ صَدَقَةٍ) أَيْ بِاسْمِ زَكَاةٍ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ جَوَازًا قَوْلُهُ: (فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْإِهَانَةُ) أَيْ لَا يَطْلُبُ فَيَمْتَنِعُ فِعْلُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهَا السَّابِقِ قَوْلُهُ: (وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ) مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ نَعَمْ لَا يُضَعِّفُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَسَيَأْتِي وُجُوبُ التَّضْعِيفِ إذَا لَمْ يَفِ الْأَصْلُ بِالدِّينَارِ، قَوْلُهُ:(كَمَا فَعَلَ) أَيْ أَخَذَ كَذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَصَارَ إجْمَاعًا، قَوْلُهُ:(وَخُمُسُ الْمُعْشِرَاتِ) فِيمَا يَكُونُ وَاجِبُهُ الْعُشْرَ وَعُشْرُهَا فِيمَا وَاجِبُهُ نِصْفُ الْعُشْرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُضَعِّفْ الْجُبْرَانَ) لِأَنَّهُ خِلَافُ قِيَاسٍ وَلِئَلَّا يَكْثُرَ التَّضْعِيفُ وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَّا وَمِنْهُمْ، فَلَوْ مَلَكَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ أَعْطَى لَنَا بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَعْطَى حِقَّتَيْنِ لَنَا وَأَخَذَ مِنَّا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَا ذُكِرَ وَهَذَا يَقْتَضِي.
ــ
[حاشية عميرة]
بَلَدِهِمْ) خَرَجَ بَلَدُنَا قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهَا مِنْ الْجِزْيَةِ وَعَدَمِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَإِذًا لَا خِلَافَ، قَوْلُهُ:(وَلِكُلِّ) قِيلَ: الْوَاوُ مُسْتَدْرَكَةٌ، قَوْلُهُ:(وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَعَلَى كَوْنِ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ الْجِزْيَةِ
قَوْلُهُ: (وَخُمُسُ الْمُعَشَّرَاتِ) أَيْ فِي الْمَسْقِيِّ بِلَا مُؤْنَةٍ، قَوْلُهُ:(وَلَوْ وَجَبَ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ الْخِلَافَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ حِقَّتَيْنِ عَنْ سِتٍّ