الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَصْلًا، (وَرَقِيقٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) ، وَامْرَأَةٌ لِأَنَّ مَبْنَى الْعَقْلِ عَلَى النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بِهِمْ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا فَلَا مُنَاصَرَةَ (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا
(وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطِ رُبْعٌ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) وَالتَّقْدِيرُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَبِالرُّبْعِ لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ بِهِ مِنْ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ النِّصْفُ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغَنِيُّ وَالْمُتَوَسِّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) فَقَطْ (وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْحَوْلِ (سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلُ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ وَاجِبِهِ.
فَرْعٌ: مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا وَصَارَ فِي الْآخِرَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ وَقِيلَ فِيهِمَا.
فَصْلٌ (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُهَا وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِأَرْشِهَا)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَرَقِيقٌ) وَكَذَا مُبَعَّضٌ لَكِنْ يَعْقِلُ عَنْهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَكَانَ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ عَتِيقَهَا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ إذَا بَانَتْ ذُكُورَتُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ يَلْزَمُهُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَدْفَعُ مِنْهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلْعَاقِلَةِ وَتَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِقَدْرِهِ مِمَّا دَفَعُوهُ لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ) وَالْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْحَرْبِيِّ فَيَشْمَلُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ، وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِمَا إقَامَةُ جَمِيعِ السَّنَةِ الَّتِي يَعْقِلُ فِيهَا فِي دَارِنَا وَفِيهِمَا إقَامَةُ تِلْكَ السَّنَةِ مَعَ جُزْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا كَذَلِكَ، فَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا سَنَةً، فَأَقَلَّ وَمِنْ غَيْرِهِمَا دُونَ سَنَةٍ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ،
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ) أَيْ مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَقْلُ مِنْ الْوَرَثَةِ لِيَدْخُلَ ذَوُو الْأَرْحَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِقْدَارُهُ إذْ الْوَاجِبُ الْإِبِلُ فَلَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ دَرَاهِمُ صُرِفَتْ فِي الْإِبِلِ. قَوْلُهُ: (فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مَا بَيْنَ النِّصْفِ وَالْعَدَمِ وَلِأَنَّ دُونَ الرُّبْعِ لَا نَفْعَ فِيهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ إنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعْسَرَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) وَكَذَا مَنْ رَقَّ أَوْ جُنَّ فِيهِ سَقَطَ عَنْهُ التَّحَمُّلُ فِي ذَلِكَ، الْحَوْلِ سَوَاءٌ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ أَعَادَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ فِيهِ إلَى الْحَوْلِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ:(مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا إلَخْ) وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَوَّلِهِ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ صَيْدًا فَأَسْلَمَ فَأَصَابَ السَّهْمُ إنْسَانًا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ إنْسَانًا خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ سِرَايَةً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ، أَرْشُ الْجُرْحِ وَعَلَيْهِ الْبَاقِي فَإِنْ جَرَحَهُ ثَانِيًا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ سِرَايَةً، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِي فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ لَوْ ارْتَدَّ فَارْجِعْ إلَيْهِ إنْ شِئْت. قَوْلُهُ:(رَقِيقًا) وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ صَبِيًّا وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مَجْنُونًا، وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ مُرْتَدًّا، قَوْلُهُ:(لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ) كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
تَنْبِيهٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ يَدْفَعُونَهَا وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ
هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. قَوْلُهُ: (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَلَوْ أَعْجَمِيًّا، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَكِنْ فِي هَذَيْنِ بِأَمْرِ غَيْرِهِمَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْآمِرِ، وَلَوْ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُبَعَّضُ فِي جُزْئِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ وَفِي الرَّقِيقِ كَالرَّقِيقِ، وَلَا نَظَرَ لِمُهَايَأَةٍ وَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِالْأَقَلِّ مِنْ حِصَّتِهِ وَمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْأَرْشِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
بِالْمَوْتِ وَأَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يُضَافُ وُجُوبُهَا إلَى الْعَاقِلَةِ عَنْ التَّعْيِينِ بَلْ يُنْظَرُ آخِرَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانُوا بِصِفَةِ التَّحَمُّلِ تَعَيَّنَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْتُ الْمَالِ اهـ.
قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَوْ قِيمَةُ نِصْفِ دِينَارٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَيْ عَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ.
تَنْبِيهٌ: الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَالْعَاقِلَةِ يَدْفَعُونَ وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ كُلَّ سَنَةٍ وَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْحَوْلِ فَيَتَكَرَّرُ كَالزَّكَاةِ كَذَا عَلَّلُوا بِهِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِثَلَاثٍ، قَوْلُهُ:(وَاجِبُ الثَّلَاثِ) فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ سُدُسٌ وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفُ سُدُسٍ، قَوْلُهُ:(آخِرَ الْحَوْلِ) يُفِيدُك عَدَمُ اعْتِبَارِ غَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرُوطِ بِآخِرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوَّلَ الْحَوْلِ بَلْ عِنْدَ صُدُورِ أَوَّلِ فِعْلِ الْجَانِي كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ كَمَّلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِالْفَرْعِ الْآتِي.
[فَصْلٌ مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ]
فَصْلُ مَالِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ
قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَقِّ كَالْمَرْهُونِ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ:(وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّقَبَةِ
بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ رُبَّمَا بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْجَدِيدُ مَا يَعْتَبِرُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الْفِدَاءِ (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةُ مَرْهُونَةٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوفِ الثَّمَنُ بِهِ طُولِبَ الْعَبْدُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ) أَيْ لِيُبَاعَ أَوْ بَاعَهُ (أَوْ فَدَاهُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ فِيهِمَا) أَوْ سَلَّمَهُ لِيُبَاعَ فِيهِمَا (أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِالْأَرْشَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُمَا) أَيْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ فِي إعْتَاقِ الْمُوسِرِ وَالْمَرْجُوحُ فِي بَيْعِهِ (أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ) لُزُومًا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ بِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ (وَقِيلَ) فِيهِ (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهِ بِالْأَرْشِ (فَلَوْ هَرَبَ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ) مِنْ عَلَقَتِهِ (إلَّا إذَا طَلَبَ) مَنْعَهُ (فَمَنَعَهُ) فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَتَسْلِيمَهُ) لِيُبَاعَ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ (وَيَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ) الْجَانِيَةَ لُزُومًا لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ قَطْعًا (وَقِيلَ) فِيهَا (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهَا بِالْأَرْشِ أَبَدًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ) وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَالَ فِي الْعَفْوِ ثَبَتَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ فَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ نَظَرًا لِأَصْلِ سَبَبِهِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ فِي الْمَنْهَجِ غَايَةً وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثِهِ الْعَفْوُ لَوْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:(يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعُقَلَاءِ فَجِنَايَتُهُ مُضَافَةٌ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْبَهِيمَةَ وَعُلِمَ مِنْ إضَافَةِ التَّعَلُّقِ إلَى رَقَبَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِجُزْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ مِثْلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ مَجَّانًا انْفَكَّ مِنْ الرَّقَبَةِ بِقِسْطِهِ فَلَيْسَ كَالْمَرْهُونِ لِكَوْنِ التَّعَلُّقِ هُنَا قَهْرِيًّا.
قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) أَيْ إنْ أَذِنَ الْمُسْتَحِقُّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَالْمَرْهُونِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ إنْ أَمْكَنَ، وَوُجِدَ رَاغِبٌ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُوَفِّي جَمِيعَ الْأَرْشِ حَالًا وَلَوْ فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ إنَّهُ يُؤَجَّلُ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ فَيُبَاعُ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ قَدْرُ ثُلُثِ الْأَرْشِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا أَجَلَ فِي الْقِيَمِ.
قَوْلُهُ: (لَهَا) أَيْ لِلْجِنَايَةِ أَيْ لِأَجْلِهَا وَلَوْ قَالَ لَهُ أَيْ الْمَالِ لَكَانَ أَنْسَبَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَسْلِيمَهُ لِيُبَاعَ) أَيْ وَلِلسَّيِّدِ تَسْلِيمُهُ لِمَنْ شَاءَ لِيَبِيعَهُ لِأَجْلِ الْأَرْشِ وَلَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَفِدَاؤُهُ) أَيْ وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ وَلَوْ قَهْرًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (رُبَّمَا يَبِيعُ بِأَكْثَرَ إلَخْ) فَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرَى بِذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَطْعًا، قَوْلُهُ:(الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ) وَالْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ مُنِعَ السَّيِّدُ مِنْ بَيْعِهِ وَقْتَهَا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ) فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْشِ زَائِدًا عَلَى قِيمَتِهِ لَا يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ لِإِضْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِفَوْتِ حَقِّهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ إلَى مَجْهُولٍ مَعَ عُذْرِهِ بِعَدَمِ رِضَاهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الْقَرْضِ وَلَا بِكَسْبِهِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ ذِمَّتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ أَوْ هُمَا مَعًا، وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَلَا بِأَمْوَالِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ لِمَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَالْمُعَامَلَاتِ. نَعَمْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ بَالِغًا إذَا جَنَى بِأَمْرِ غَيْرِهِ، وَلَوْ سَيِّدُهُ يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِالْأَمْرِ لَهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا. وَلَوْ أَقَرَّ الرَّقِيقُ بِجِنَايَةٍ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ وَلَا بَيِّنَةَ تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِذِمَّةِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ أَقَرَّهُ السَّيِّدُ عَلَى لُقَطَةٍ فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ أَوْ أَتْلَفَهَا مُطْلَقًا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ وَأَمْوَالُ السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ فَإِنْ لَمْ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِالرَّقَبَةِ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْوُجُوبِ الَّذِي فِي الْمَرْهُونِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْعِتْقُ قَبْلَ الْوَفَاءِ، أَوْ أَلْزَمَ السَّيِّدَ بِالْوَفَاءِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (سَلَّمَهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مَنْعِهِ، أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ وَلَوْ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ وَعْدٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(أَيْ لِيُبَاعَ) دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ وَهَذَا تَسْلِيمٌ لَهُ.
قَوْلُهُ: (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ لَوْ اخْتَلَفَا وَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَرْجُوحِ فِي بَيْعِهِ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ صِحَّةُ الْبَيْعِ أَيْضًا. وَحَمَلَ عَلَيْهَا بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَرْشِ) لَامُهُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ صُورَةَ الْأَرْشَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَتُوَزَّعُ قِيمَتُهُ، أَوْ الْوَاجِبُ مِنْهَا أَوْ مَالُ الْفِدَاءِ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ بَاعَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ ثُمَّ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ نَحْوَ غَيْبَةٍ أَوْ إفْلَاسٍ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ هَلْ يُنْسَخُ الْعِتْقُ أَيْضًا، لَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَالْقِيَاسُ نَعَمْ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
كَسَائِرِ دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ يُوفِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ أَرْشَ الْخَطَإِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَلَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ:(وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا إلَخْ) . قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ لَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ قَتْلًا عَمْدًا وَلَمْ يَعْفُ بَيْعٌ فِي الْخَطَإِ وَحْدَهُ ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا لَوْ جَنَى خَطَأً، ثُمَّ ارْتَدَّ قَالَ الْمُعَلِّقُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِمَكَانِ الْقَوَدِ فَعِنْدِي أَنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ لِأَنَّا نَقُولُ لِصَاحِبِهِ إنَّ صَاحِبَ الْخَطَإِ قَدْ سَبَقَك فَلَوْ قَدَّمْنَاك لَأَبْطَلْنَا حَقَّهُ، فَأَعْدَلُ الْأُمُورِ أَنْ تَشْتَرِكَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا تَرْكُ الْقَوَدِ وَالْعَفْوُ.