الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْإِيلَاءِ
(هُوَ حَلِفُ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا (لَيَمْتَنِعَنَّ عَنْ وَطْئِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَيُمْهَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُطَالَبَ بِالْوَطْءِ، أَوْ الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَيَصِحُّ إيلَاءُ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَرِيضِ كَغَيْرِهِمْ، وَإِيلَاءُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَسَيَأْتِي ضَرْبُ الْمُدَّةِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالصَّغِيرَةِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (طَلَاقًا، أَوْ عِتْقًا) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ، أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (أَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ، أَوْ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا) لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ لِمَا عَلَّقَهُ بِهِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، كَمَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ دُونَ الصِّفَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ إذَا كَانَ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَيْنًا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهِ رِفْقًا بِهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ لِيَأْخُذَهُ، أَوْ يُبْرِئَهَا مِنْهُ فَإِنْ صَمَّمَ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَعْطَاهَا النِّصْفَ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَى الصُّلْحِ، أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
كِتَابُ الْإِيلَاءِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرُ آلَى بِالْمَدِّ يُؤْلِي إذَا حَلَفَ فَهُوَ - لُغَةً - الْحَلِفُ، وَكَانَ طَلَاقًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى مَا سَيَأْتِي - وَشَرْعًا - حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُدَّةً عَلَى مَا يَأْتِي
، وَهُوَ كَبِيرَةٌ كَالظِّهَارِ وَقَالَ الْخَطِيبُ: إنَّهُ صَغِيرَةٌ.
قَوْلُهُ: (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) مُمْكِنٌ وَطْؤُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ الْمَشْرُوعِ لَفْظًا، أَوْ تَنْزِيلًا فِي مَسْأَلَةِ لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي الدُّبُرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فَخَرَجَ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَالْوَطْءُ فِي نَحْوِ حَيْضٍ، أَوْ دُبُرٍ وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَتْ الْأَرْبَعَةُ وَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ إيلَاءً، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِلْإِيذَاءِ وَهُوَ دُونَ إثْمِ الْإِيلَاءِ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ فِي الْإِيلَاءِ يُمْكِنُ زَوَالُ الضَّرَرِ بِطَلَبِهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ بِخِلَافِ هَذَا فَرَاجِعْهُ، وَشَمِلَتْ الزِّيَادَةُ مَا لَوْ لَمْ تَسَعْ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ انْحَلَّتْ الْإِيلَاءُ بِفَرَاغِهَا.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إيلَاءُ الْعَبْدِ) وَالذِّمِّيِّ وَالْمَرِيضِ وَالْخَصِيِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَالْعِنِّينِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَمَةِ) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَرِيضَةِ، وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً وَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ زَوَالِ الْمَرَضِ، أَوْ الشِّفَاءِ مِنْ الْمُتَحَيَّرِ. قَوْلُهُ:(وَالصَّغِيرَةِ) وَلَوْ غَيْرَ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْوَطْءِ، وَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ إطَاقَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهَا قَدْرُ الْمُدَّةِ فَلَا إيلَاءَ. قَوْلُهُ:(إنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ) لِأَنَّهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ كَمَا مَرَّ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ، وَفِي مَعْنَى الْحَلِفِ الظِّهَارُ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(أَوْ صَوْمٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الصَّوْمَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَهَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ، فَهُوَ إيلَاءٌ فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ وَيَجْزِيهِ صَوْمُ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ بَلْ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ كَعَلَيَّ طَلَاقُكِ، أَوْ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لَوْ وَطِئَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَهُوَ مُولٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَيْلُ إلَى عَدَمِ الْإِيلَاءِ مِنْ أَصْلِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ) نَعَمْ إنْ خَرَجَ إلَى التَّبَرُّرِ كَأَنْ كَانَتْ مَرِيضَةً مَثَلًا، وَقَالَ: إنْ وَطِئْت فَعَلَيَّ صَوْمٌ مَثَلًا، وَقَصَدَ الْمُجَازَاةَ فَلَا إيلَاءَ وَلَا إثْمَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.
ــ
[حاشية عميرة]
[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]
ِ هُوَ مَصْدَرُ آلَى يُؤْلِي إيلَاءً أَيْ حَلَفَ، قَوْلُهُ:(زَوْجٌ) خَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ وَالْأَجْنَبِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ الْمَشْرُوعِ خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، قَوْلُهُ:(أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ فَمَا دُونَهَا لَا إيلَاءَ فِيهَا وَذَلِكَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَا مَعْنَى لِأَمْرِهِ فِيهَا بِالتَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَضِي قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ مَعَهُ، وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَفِي هَذِهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْإِيلَاءَ يَحْصُلُ بِأَيِّ زَمَنٍ، وَإِنَّمَا التَّرَبُّصُ حُكْمٌ مِنْ الشَّارِعِ بَعْدَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي مَعْنَى هَذَا تَعْلِيقُهُ بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِيهَا فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِّ. نَعَمْ قِيلَ: هُوَ لَيْسَ بِجَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْتِزَامَ شَيْءٍ وَلَا مَانِعَ لِشُمُولِهِ لِعَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ بِجَبٍّ، وَنَحْوِهِ قُلْت يُجَابُ عَنْ الشِّقِّ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ حَلِفٌ فَهُوَ دَاخِلٌ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَوْلُهُ (يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) ضُمِّنَ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ فَعُدِّيَ بِمِنْ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ:(وَالْجَدِيدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَشَمِلَتْهُ الْآيَةُ، قَوْلُهُ:(دُونَ الصِّفَةِ) أَيْ الصِّفَةِ الَّتِي
بِقَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ.
(وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ (فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ) أَيْ خَالِيَةٌ عَنْ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ) بِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ وَيَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ كُلِّهِ (لَمْ يَصِحَّ) هَذَا الْإِيلَاءُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْغَرَضُ فِي الْإِيلَاءِ مِنْ قَصْدِ إيذَاءِ الزَّوْجَةِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَصِحُّ لِعُمُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا تُضْرَبُ مُدَّةٌ لِلرَّتْقَاءِ. أَوْ الْقَرْنَاءِ، لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جِهَتِهَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفَائِدَةُ الصِّحَّةِ التَّأْثِيمُ فَقَطْ، وَمَنْ جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ وَلَوْ بَقِيَ دُونَ قَدْرِهَا فَكَجَبِّ جَمِيعِهِ وَالْخَصِيُّ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ، وَمَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ بَعْدَ الْإِيلَاءِ لَا يَبْطُلُ إيلَاؤُهُ عَلَى الرَّاجِحِ.
(وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَهَكَذَا مِرَارًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِمُوجَبِهِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا، وَلَا بِمُوجَبِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ مِنْ وَقْتِ انْعِقَادِهَا، وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الثَّانِيَةِ يُقَالُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ حَلِفِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مُولٍ بِمَا قَالَهُ لِإِضْرَارِهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ عَنْ وَطْئِهَا حَذَرًا مِنْ الْحِنْثِ، وَفَائِدَةُ الْإِيلَاءِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ إثْمَ الْمُولِي وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَأْثَمُ إثْمَ الْإِيذَاءِ، أَوْ لَا يَأْثَمُ أَصْلًا لِعَدَمِ الْإِيلَاءِ؟ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّاجِحُ تَأْثِيمُهُ.
(وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ سَنَةً) ، بِالنُّونِ (فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ بِمُوجَبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَيْئَةِ، أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَالَبَتْهُ فِيهِ وَفَاءً خَرَجَ عَنْ مُوجَبِهِ، وَبِانْقِضَاءِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ تَدْخُلُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا بِمُوجَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةَ فِي الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ الْخَامِسُ مِنْهُ. فَلَا تُطَالِبُهُ بِهِ لِانْحِلَالِهِ وَكَذَا إذَا أَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةَ فِي الثَّانِي حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ (وَلَوْ قَيَّدَ) الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ (بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِي الْأَرْبَعَةِ) الْأَشْهُرِ (كَنُزُولِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم) أَوْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى عليه السلام، أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ (فَمُولٍ) لِظَنِّ تَأَخُّرِ حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ (وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ قَبْلَهَا) أَيْ حُصُولَ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ كَأَنْ قَالَ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَجِيءَ الْأَمْطَارُ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِلظَّنِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عَاقِدٌ يَمِينًا (وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِي حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّهَا لَا يَكُونُ مُولِيًا (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ ظَنِّ التَّأَخُّرِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا لَا تُطَالِبُهُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْإِضْرَارِ أَوَّلًا، وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (مَجْبُوبٌ لَمْ يَصِحَّ) أَوْ أَشَلُّ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ الْإِيلَاءِ لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ) فَهُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي الدُّبُرِ، أَوْ فِي الْحَيْضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَرْحِ شَيْخِنَا، وَفِي الْخَطِيبِ خِلَافُهُ وَاسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ الْجَائِزِ ضِمْنًا، فَإِنْ أَرَادَ شَيْخُنَا أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ فَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ يَبْعُدُ جِدًّا. نَعَمْ لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي الدُّبُرِ فَمُولٍ وَاسْتُثْنِيَ هَذَا لِمَنْعِهِ فِي ذَاتِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُضْرَبُ لِنَحْوِ الْمَجْبُوبِ، وَفَيْئَتُهُ بِاللِّسَانِ كَمَا لَوْ جُبَّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (عَلَى الرَّاجِحِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ، بَعْضُهُ مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ، فَإِنْ فَصَلَهُ بِزَائِدٍ عَلَى نَحْوِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إيلَاءً قَطْعًا.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَضَتْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا حَذَفَهُ تَدَاخَلَتْ الْمُدَّتَانِ وَانْحَلَّا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْت. قَوْلُهُ: (فَوَاَللَّهِ) وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ اللَّهِ فَهُوَ إيلَاءٌ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (الرَّاجِحُ تَأْثِيمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، ثُمَّ الْإِيذَاءُ وَهُوَ دُونَ إثْمِ الْإِيلَاءِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (بِالنُّونِ) لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الْمُحَرَّرِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ لِذِكْرِ الْمُضَافِ إذْ لَوْ أَسْقَطَهُ احْتَمَلَ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ جُمَعٍ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى سَنَةٍ بِالنُّونِ، وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَقْرَبَ قَوْلُهُ:(بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ) فَمُحَقَّقُ عَدَمِ الْحُصُولِ بِالْأُولَى كَصُعُودِ السَّمَاءِ. قَوْلُهُ: (كَنُزُولِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم) أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي، أَوْ يَمُوتَ فُلَانٌ، نَعَمْ إنْ بَقِيَ لِنُزُولِ عِيسَى دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَالْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ غَائِبًا وَبَقِيَ مِنْ مُدَّةٍ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ فِيهَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ، فَلَا إيلَاءَ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
كَانُوا يَفْعَلُونَهَا وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ لِلرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ) احْتَرَزَ عَنْ الْمَجْبُوبِ لِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لَهُ وَيُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: فِئْ وَقُلْ لَوْ قَدَرْتُ لَأَصَبْتُكِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ الْحَلِفِ لَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَسَيَأْتِي تَصْرِيحُ الشَّارِحِ، بِذَلِكَ فِي الْجَبِّ الْمُوهِمِ أَنَّ الرَّتْقَ وَالْقَرْنَ بِخِلَافِهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ فِيهِمَا، إذْ لَا مُطَالَبَةَ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ وَالْمُتَعَيَّنِ بَقَاؤُهُ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ مُمْتَنِعَةً مَا دَامَ الْمَانِعُ فِي الزَّوْجَةِ قَائِمًا.
قَوْلُهُ: (وَهَكَذَا مِرَارًا) قِيلَ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ قَالَهُ مِرَارًا
قَوْلُهُ: (كَنُزُولِ عِيسَى) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ الْآنَ مُحَقَّقُ الْبُعْدِ نَظَرًا إلَى مَا وَرَدَ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ الدَّجَّالِ، قَوْلُهُ:(حَيْثُ تَأَخَّرَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ لَا مَا تُوهِمُهُ