الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يَضْمَنُ.
(وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا) فَلَا يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ فِي رَبْطِهَا لَيْلًا
(وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا) ، لِأَنَّ هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا تُرْبَطُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا، وَالثَّانِي يَضْمَنُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَالدَّابَّةِ. .
كِتَابُ السِّيَرِ
بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُتَلَقِّي مِنْ سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ فَتُرْجِمَ بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ تَرْجَمَ بِالْجِهَادِ. (كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) بَعْدَ الْهِجْرَةِ (فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ) فَرْضَ (عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَدِينَةِ كَانَ يَحْرُسُهَا، وَحِرَاسَتُهَا نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ حِرَاسَةَ الْجَمِيعِ، (وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ بِبِلَادِهِمْ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ) يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةً سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
مَالِكِهَا لَزِمَهُ بَقَاؤُهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ مَالِكَهَا، وَمَا أَتْلَفَتْهُ إلَّا مَا أَمْكَنَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ لِتَفْرِيطِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ضَمِنَهَا إنْ ضَاعَتْ وَضَمِنَ مَا تُتْلِفُهُ مِنْ زَرْعِ غَيْرِ مَالِكِهَا لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ نَدَّ بَعِيرٌ وَأَتْلَفَ شَيْئًا، كَزَرْعٍ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ، أَوْ نَفَرَتْ الدَّوَابُّ عَلَى الرَّاعِي لِهَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فِي النَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ الدَّوَابُّ لِنَوْمِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ لِتَعَدِّيهِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ الدَّابَّةِ الطُّيُورُ كَحَمَامٍ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَإِنْ جَازَ حَبْسُهُ مَعَ تَعَهُّدِهِ بِمَا يَحْتَاجُهُ، نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ضَمِنَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا وَأَشْرَفَ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ مِنْ الْهَوَاءِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَهِرَّةٌ) وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادٍ إلَّا الطُّيُورَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا النَّحْلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، فَلَا ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ:(عُهِدَ) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا لَمْ يُفَرِّطْ مَالِكُهُ وَالْمُرَادُ بِمَالِكِهَا ذُو الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَوْ بِإِيوَاءٍ أَوْ لِنَحْوِ تَأْدِيبٍ. نَعَمْ إنْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ كَمَا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ: يُدْفَعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَالصَّائِلِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالزَّجْرِ، لَكِنَّهُ يَعُودُ وَيُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهُ مَعَ التَّغَافُلِ عَنْهُ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ جَازَ قَتْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَالِ صِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يُكَفُّ شَرُّهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَرَاجِعْهُ.
[كِتَابُ السِّيَرِ]
ِ أَيْ الْجِهَادُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ التَّتَبُّعُ أَوْ الذِّكْرُ الْحَسَنُ عِنْدَ النَّاسِ وَاصْطِلَاحًا مَا يُؤْخَذُ، بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَوْجِيهًا لِلتَّعْبِيرِ بِالسِّيَرِ الَّتِي لَيْسَ هَذَا مَحِلُّهَا وَإِنَّمَا الْمُنَاسِبُ هُنَا التَّعْبِيرُ بِالْجِهَادِ، وَالْكِتَابُ شَامِلٌ لِلْغَزَوَاتِ هِيَ مَا خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَرَجَحَ وَلَمْ يُقَاتِلْ بِنَفْسِهِ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ غَزْوَةُ أُحُدٍ وَقِيلَ: إنَّهُ قَاتَلَ فِي تِسْعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَحُمِلَ عَلَى مَعْنَى عَزْمِهِ عَلَى الْقِتَالِ أَوْ عَلَى مَا لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَقَاتَلَ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِنَفْسِهِ إلَّا وَاحِدًا وَهُوَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَشَامِلٌ لِلْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا، وَهِيَ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا بِنَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ الْهِجْرَةِ) أَمَّا قَبْلَهَا فَكَانَ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا، وَلَهُ بَعْدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ أَوَّلًا قِتَالُ مَنْ قَاتَلَهُ لَا الِابْتِدَاءُ بِهِ ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقِيلَ: فَرْضَ عَيْنٍ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إلَخْ) أَوْ يَقُولُ فَرْضُ الْعَيْنِ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْخُرُوجِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ شَخْصًا لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ وَلَا أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(وَأَمَّا بَعْدَهُ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَصْوَبَ أَوْ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي عَهْدِهِ أَيْضًا.
ــ
[حاشية عميرة]
كِتَابُ السِّيَرِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الْبَابُ مَعَ قَسْمِ الْغَنَائِمِ تَتَدَاخَلُ فُصُولُهَا فَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلْيُطْلَبْ مِنْ الْآخَرِ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، قَوْلُهُ:(فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ كِفَايَةٍ فِيمَا لَمْ يَغْزُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَفَرْضُ عَيْنٍ فِيمَا غَزَا فِيهِ بِنَفْسِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ، قَوْلُهُ:(وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ
كَمَا هُوَ شَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ
(وَمِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ) الْعِلْمِيَّةِ (وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ) وَدَفْعُ الشُّبَهِ (وَ) الْقِيَامُ، (بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ) بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (وَالْفُرُوعِ) الْفَقِيهُ (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَعَرَّفَ الْفُرُوعَ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ الْفَتْوَى.
(وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) أَيْ الْأَمْرُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ، (وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلُ الزِّيَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ، كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً) وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَيَقَعُ الزَّائِدُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَكَمَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْمَرَّةِ لِعُذْرٍ كَضَعْفٍ بِنَا أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ. قَوْلُهُ:(إذَا فَعَلَهُ إلَخْ) وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُشْحِنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِمُكَافِئِينَ مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ، أَيْ الثُّغُورِ وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ ذَلِكَ أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْكُفَّارِ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ فَأَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ) وَلَوْ مِنْ صِبْيَانٍ وَأَرِقَّاءٍ وَنِسَاءٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نِكَايَةً لِلْكُفَّارِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ فِي الْحَجِّ وَرَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ:(سَقَطَ الْحَرَجُ) أَيْ الْإِثْمُ عَنْ الْبَاقِينَ، فَيَأْثَمُ الْجَمِيعُ بِتَرْكِهِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (الْحُجَجِ الْعِلْمِيَّةِ) وَهِيَ الْبَرَاهِينُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ عز وجل وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَعَلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى إثْبَاتِ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ الْمَعَادِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ:(وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ) أَيْ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ الْمُدْرِكُ لِقُوَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ الشُّبَهِ) وَهِيَ أُمُورٌ بَاطِلَةٌ تَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ. قَوْلُهُ: (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أَيْ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَالْعَرَبِيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا: اللُّغَةُ وَالصَّرْفُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالنَّحْوُ وَالْمَعَانِي، وَالْبَيَانُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشِّعْرِ، وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ، وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ، وَمِنْهُ التَّوَارِيخُ وَأَمَّا الْبَدِيعُ فَهُوَ ذَيْلُ الْبَلَاغَةِ. قَوْلُهُ:(بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْجِيحِ دُونَ الِاسْتِنْبَاطِ فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْفَتْوَى، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَضَوَابِطِهِ، فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ الثَّلَاثِمِائَةِ لِغَلَبَةِ الْبَلَادَةِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ حُرِّيَّةٌ، وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيَجِبُ تَعَدُّدُ الْمُفْتِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَاحِدٌ، وَتَعَدُّدُ الْقَاضِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى وَاحِدٌ. قَوْلُهُ:(لَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ) وَهُوَ بِحَيْثُ إلَخْ وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى عُلُومٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْفَتْوَى، وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْقَضَاءِ عَنْهَا.
فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْجِهَادِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ إلَخْ) وَلَا يُنْكَرُ إلَّا عَلَى فَاعِلٍ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَلَا عُذْرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ التَّحْرِيمَ، وَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ بِعَقِيدَتِهِ فَيُعَزِّرُ شَافِعِيٌّ حَنَفِيًّا رُفِعَ إلَيْهِ فِي شُرْبِ نَبِيذٍ مُسْكِرٍ وَشَرْطُ وُجُوبِ الْأَمْرِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ، وَلَوْ فِي الْعِرْضِ وَعَدَمِ جَرَاءَةِ الْفَاعِلِ، وَارْتِكَابُهُ أَقْوَى مِمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلِلْمُحْتَسِبِ الْإِنْكَارُ عَلَى فَاعِلِ الْمَكْرُوهِ، وَتَارِكُ الْمَنْدُوبِ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ. قَوْلُهُ:(وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) أَيْ بِجَمْعٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ مِمَّنْ هُمْ أَهْلٌ لِلْفَرْضِ لَا غَيْرُهُمْ، وَاكْتَفَى الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيِّ بِوَاحِدٍ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَائِدَةٌ: عَدَدُ الْحُجَّاجِ فِي كُلِّ عَامٍ سِتُّونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُؤْتَى بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الزِّيَارَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَكْفِي نَحْوُ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَلَا حَجٍّ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَارٍ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ كُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ الْمَعْصُومِينَ وَكَذَا كَافِرٌ مَعْصُومٌ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْحَالَ الثَّانِي، كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا
قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْقَدْرِ الضَّرُورِيِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، قَوْلُهُ:(وَالْإِفْتَاءِ) يُرِيدُ أَنَّ الْقَاضِي يَرْجِعُ إلَيْهِ النَّاسُ فِي فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالْمُفْتِي يُرَادُ لِغَرَضٍ آخَرَ، فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِأَحَدِهِمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاَلَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي إحْيَاءِ تِلْكَ الْعُلُومِ الَّتِي يَسْتَمِدُّ مِنْهَا الْمُفْتِي.
قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ) فَاعِلُهُ النَّوَوِيُّ رحمه الله، قَوْلُهُ:(وَأَسْقَطَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَرَّفَ، قَوْلُهُ:(أَيْ الْأَمْرُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ عَنْ غَيْرِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ جَائِزٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَدْ تَعَرَّضْنَا لِلْجَوَابِ فِي الْوَرَقَةِ السَّابِقَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ:(بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ ظُهُورَ الشِّعَارِ بِذَلِكَ فَلَا يَكْفِي
مِنْهُ، وَهَذَا فِي حَقِّ أَهْلِ الثَّرْوَةِ، (وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا (وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ، (وَجَوَابُ سَلَامٍ عَلَى جَمَاعَةٍ) فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ (وَسُنَّ ابْتِدَاؤُهُ) . أَيْ السَّلَامِ عَلَى مُسْلِمٍ (لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ و) كَائِنٍ (فِي حَمَّامٍ) ،
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (كَكُسْوَةِ عَارٍ) بِمَا يَقِي بَدَنَهُ عَمَّا يَضُرُّهُ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ) بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (بِزَكَاةٍ) أَوْ بِنَذْرٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَوْلُهُ: (أَهْلِ الثَّرْوَةِ) أَيْ الْمَالِ بِأَنْ يَمْلِكُ مَا يَبْذُلُهُ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ فَقَطْ لَا الْعُمْرَ الْغَالِبُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. وَيُقَدِّمُ حَاجَةَ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَكَالْكُسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ دَوَاءٍ لِمَرِيضٍ وَخَادِمٌ لِمُنْقَطِعٍ وَحَمْلُ عَاجِزٍ عَنْ الْمَشْيِ، وَحَمْلُ مَتَاعِ عَاجِزٍ عَنْ حَمْلِهِ وَيَحْرُمُ الْمَنْعُ عَلَى مَنْ سُئِلَ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ دَفْعًا لِلتَّوَاكُلِ. قَوْلُهُ:(وَتَحَمُّلُ شَهَادَةٍ) أَيْ إذَا حَضَرَ مَحِلُّ التَّحَمُّلِ أَوْ دَعَاهُ مَعْذُورُ جُمُعَةٍ أَوْ امْرَأَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالصَّنَائِعِ) عَطْفٌ خَاصٌّ عَلَى الْحِرَفِ لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ مَا كَانَتْ بِآلَةٍ وَالْحِرْفَةُ أَعَمُّ مِنْهَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِأَجْلِ الْكَسْبِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ فِي الْكَفَّارَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ) أَيْ مَا بِهِ قَوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُرَادِفٌ، قَوْلُهُ:(وَجَوَابِ سَلَامٍ) أَيْ مَطْلُوبُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَوْ مِنْ مُصَلٍّ عُلِمَ قَصْدُهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِقَادِرٍ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ جَوَابُ أُنْثَى مُشْتَهَاةٍ لِرَجُلٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا، نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ فَلَا يَجِبُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الرَّدُّ كَالِابْتِدَاءِ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الرَّدُّ وَالِابْتِدَاءُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْعَجُوزِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ الْمُحْرِمِ، وَيَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ مَعَ الْآخَرِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَالْأُنْثَى، وَمَعَ الْأُنْثَى كَالرَّجُلِ وَخَرَجَ جَوَابُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاؤُهُ بِهِ حَتَّى لَوْ عُلِمَ كُفْرُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَيْهِ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنُدِبَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي، وَلَوْ بِالسَّعْيِ خَلْفَهُ وَأَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ سَلَّمَ الْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَوْ بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيَجِبُ الرَّدُّ لَكِنْ بِصِيغَةِ، وَعَلَيْكُمْ فَقَطْ بِالْوَاوِ أَوْ بِدُونِهَا وَبِالْمِيمِ وَدُونِهَا وَخَرَجَ نَحْوُ: سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا أَوْ مَوْلَانَا أَوْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوْ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَكَذَا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ صِيغَتَهُ الْمَطْلُوبَةَ ابْتِدَاءً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَصِيغَتُهُ كَذَلِكَ رَدًّا، وَعَلَيْهِمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ تَكْفِي فِي الِابْتِدَاءِ أَيْضًا، فَلَوْ ذَكَرَهَا شَخْصَانِ مَعًا تَلَاقَيَا وَجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ، وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْمِيمِ فِي الْوَاحِدِ وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَخَرَجَ نَحْوُ الْآكِلِ مِمَّنْ يَأْتِي. قَوْلُهُ:(عَلَى جَمَاعَةٍ) وَهُوَ قَيْدٌ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْهُمْ وَلَا رَدُّ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ عَنْهُمْ، وَلَوْ مُكَلَّفًا وَجَوَابُ الْوَاحِدِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَيَكْفِي جَوَابُ وَاحِدٍ لِجَمَاعَةٍ سَلَّمُوا وَلَوْ مُرَتَّبًا إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ سَوَاءٌ قَصَدَهُمْ أَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ:(وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ) وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ لَا إنْ عَلِمَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ فِيهِمَا، وَمِثْلُهُ إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ وَإِنْظَارُهُ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَهُمَا ثَالِثًا فِي الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ فِي جَوَابٍ إشْكَالٌ فِيهِ وَالْأَوْلَى فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَارِّ عَلَى غَيْرِهِ وَمِنْ رَاكِبِ الْبَعِيرِ عَلَى رَاكِبِ الْفَرَسِ، وَمِنْهُ عَلَى رَاكِبِ الْحِمَارِ وَمِنْهُ عَلَى الْمَاشِي وَمِنْهُ عَلَى الْجَالِسِ، وَنَحْوِهِ.
وَشَمِلَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ لِنَحْوِ غَائِبٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ حَتَّى لِلْأَخْرَسِ، وَيَجِبُ اتِّصَالُ الْجَوَابِ بِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَجِبُ مَعَهُ الْإِشَارَةُ لِنَحْوِ أَصَمَّ وَلَا عِبْرَةَ بِإِشَارَةِ نَاطِقٍ ابْتِدَاءً، وَلَا رَدًّا وَلَا بِلَفْظِ السَّلَامِ وَحْدَهُ أَوْ لَفْظِ عَلَيْكُمْ وَحْدَهُ، كَذَلِكَ وَلَا يُقَدِّمُ الْخِطَابَ فِيهِمَا إلَّا فِي تَبْلِيغِ رِسَالَةٍ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَبَلِّغْهُ لَهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ حَمَّلْتُك السَّلَامَ عَلَى فُلَانٍ وَجَبَ عَلَى الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ، وَلَا يَكْفِي فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك، وَيَجِبُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ أَوْ عَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا السَّلَامُ، وَلَا يَكْفِي غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ:(كَكُسْوَةِ عَارٍ) أَيْ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ شِتَاءً وَصَيْفًا، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِسَدِّ الضَّرُورَةِ دُونَ الِارْتِقَاءِ إلَى كِفَايَةِ الْحَاجَةِ.
فَرْعٌ: يَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَكُّ الْأَسْرَى وَلَا يَجِبُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْتِ الْمَالِ) لَوْ كَانَ فِيهِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ كَانَ كَالْعَدَمِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ، حِينَئِذٍ فَرْضًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا اسْتَأْذَنَ الْإِمَامُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ.
قَوْلُهُ: (وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) أَيْ إذَا حَضَرَ الْمُتَحَمَّلُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الطَّالِبُ قَاضِيًا أَوْ مَعْذُورًا. قَوْلُهُ:(وَأَدَاؤُهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْمُتَحَمِّلَيْنِ فَقَطْ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَجَوَابِ سَلَامٍ) هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ: (وَنَفَقَة) ذَهَابًا وَإِيَابًا وَكَذَا إقَامَةٌ وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ قُلْتُهُ
يَتَنَظَّفُ لِأَنَّ أَحْوَالَهُمْ لَا تُنَاسِبُهُ، (وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ) لَوْ أَتَى بِهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ،.
(وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، (وَامْرَأَةٍ) لِضَعْفِهَا عَنْ الْقِتَالِ (وَمَرِيضٍ) يَتَعَذَّرُ قِتَالُهُ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَلَا عِبْرَةَ بِالصُّدَاعِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ، (وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ وَلَا عِبْرَة بِيَسِيرٍ لَا يَمْنَعُ الْمَشْيَ، (وَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ (وَعَبْدٍ) ، وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ (وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ) مِنْ سِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ وَرَاحِلَةٍ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَاضِلُ جَمِيعِ ذَلِكَ عَنْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فِي الْحَجِّ (وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ مَنَعَ الْجِهَادَ) ، أَيْ وُجُوبَهُ (وَإِلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ وَكَذَا مِنْ لُصُوصِ مُسْلِمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ فَإِنَّ الْخَوْفَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِبِنَائِهِ عَلَى مُصَادَمَةِ الْمَخَاوِفِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يُقَيِّدُهَا بِالْكُفَّارِ.
(وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) عَلَى مُوسِرٍ (يَحْرُمُ سَفَرُ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَلَهُ مَنْعُهُ السَّفَرَ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَقِيلَ لَهُ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يُوسِرَ فَيُؤَدِّي وَفِي الْجِهَادِ خَطَرُ الْهَلَاكِ، وَلَوْ اسْتَنَابَ الْمُوسِرُ مَنْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ جَازَ لَهُ السَّفَرُ، (وَالْمُؤَجَّلُ لَا) يُحْرَمُ السَّفَرَ فَلَا يَمْنَعُهُ رَبُّ الدَّيْنِ (وَقِيلَ: يُمْنَعُ سَفَرًا مَخُوفًا) كَسَفَرِ الْجِهَادِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ، (وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ (جِهَادٌ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) ، وَلَوْ كَانَ الْحَيُّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ أَيْضًا (لَا سَفَرَ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمَا.
(وَكَذَا كِفَايَةٍ فِي الْأَصَحِّ) كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى، وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الْجِهَادِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِخَطَرِ الْهَلَاكِ فِي الْجِهَادِ (فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ وَالْغَرِيمُ) فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعُوا) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِهِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الرُّجُوعُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ) إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْلِمٍ) تَقَدَّمَ مَفْهُومُهُ قَوْلُهُ: (وَآكِلٍ) بِالْمَدِّ أَيْ مُتَلَبِّسٌ بِالْأَكْلِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ حَالَةَ بَلْعِهِ أَوْ مَضْغِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ بَلْعِ لُقْمَةٍ وَقَبْلَ وَضْعِ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (يَتَنَظَّفُ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُتَنَظِّفِ وَمَنْ بِمَسْلَخَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ) بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَمِثْلُهُ الْمُجَامِعُ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ سِنِّهِ) قَضِيَّةُ هَذَا عَدَمُ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى فَاسِقٍ لِعَدَمِ نَدْبِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ لِكَرَاهَتِهِ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا وُجُوبُ الرَّدِّ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ الْأَصْلِ قَوْلُهُ:.
(وَلَا جِهَادَ) أَيْ وَاجِبٌ أَوْ جَائِزٌ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٍ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَالْكَافِرُ، قَوْلُهُ:(وَأَقْطَعَ) يَدًا أَوْ رِجْلًا قَوْلُهُ: (وَأَشَلَّ) يَدًا أَوْ رِجْلًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَعْمَى وَفَاقِدِ الْأَصَابِعِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَكَذَا فَاقِدُ أَكْثَرِ أَنَامِلِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَبْدٍ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا وَيَحْرُمُ أَيْضًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، قَوْلُهُ:(وَعَادِمِ أُهْبَةِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَلَوْ مِنْ الصَّفِّ مَا لَمْ يَلْزَمْ فَشَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ سَفَرُ الْقَصْرِ وَدُونَهُ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا فِي عَدَمِ الْمَرْكُوبِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ السَّفَرِ سَفَرَ قَصْرٍ. قَوْلُهُ:(وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ كَانَ قَلِيلًا كَدِرْهَمٍ. قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ سَفَرُ جِهَادٍ) وَكَذَا الْجِهَادُ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى، لِأَنَّهُ أَشَدُّ خَوْفًا مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّفَرِ هُنَا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّفَلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ فَلَعَلَّهُ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ:(إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَوْ بِعِلْمِ رِضَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَنْعُهُ) وَإِنْ حَدَثَ الدَّيْنُ فِي السَّفَرِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ دَوَامُهُ بِغَيْرِ مَنْعٍ بَعْدَ الْحُدُوثِ فِيهِ، وَكَالدَّيْنِ الْحَالِّ مُؤْنَةُ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ سَلَّمَ مُؤْنَةَ يَوْمِ سَفَرِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يَحْرُمُ فِي يَوْمِ سَلَّمَ مُؤْنَتَهُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجَّلُ لَا يُحْرَمُ السَّفَرَ) وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَلَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ حُلُولِهِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْوُجُوبِ وَبِهِ يُعْلَمُ الْحُرْمَةُ عَلَى غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (جِهَادٍ) أَيْ نَفْسِهِ وَسَفَرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ سَاكِتًا عَنْهُ، كَمَا قِيلَ وَسَوَاءٌ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ السَّفَرُ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ حَيْثُ كَانَ مَخُوفًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الطَّوِيلِ الْإِذْنِ وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ أَيْضًا وَالْقَصِيرُ أَقَلُّ مَا يَحِلُّ فِيهِ التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أُصُولِهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) خَرَجَ الْكَافِرُ مِنْ أُصُولِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَادِ فَهُوَ فِي غَيْرِهِ كَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ سَفَرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَحُدُوثِ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَشَمِلَ الْأَصْلُ الْحُرَّ وَالرَّقِيقَ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْحُرُّ وَالْمُبَعَّضُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إذْنُ سَيِّدِهِ أَيْضًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّقِيقِ إذْنُ سَيِّدِهِ فَقَطْ. فَلَهُ:(لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) وَكَذَا كِفَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَحْرُمُ السَّفَرُ لَهُمَا وَلَوْ نَحْوَ صَنْعَةٍ وَمِثْلُهُمَا آلَتُهُمَا.
قَوْلُهُ: (جَائِزٌ) أَيْ إنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَلَيْسَ فِي بَلَدِهِ مِنْ يُغْنِيهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَلَيْسَ أَمْرَدَ جَمِيلًا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ) أَيْ جَمِيعُ أُصُولِهِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَالْغَرِيمُ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ خُرُوجِهِ) قَيَّدَهُ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ فَقَبْلَهُ يَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا ذَاتًا وَمَنْفَعَةً وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِقَامَةُ فِي طَرِيقِهِ فِي مَحِلٍّ إلَى رُجُوعِ مَنْ يَأْمَنُ مَعَهُ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْمُضِيُّ. قَوْلُهُ:(أَوْ مَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ) قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ الْمَقَامِ وَإِلَّا فَالشُّرُوعُ وَلَوْ بِلَا سَفَرٍ كَذَلِكَ.
ــ
[حاشية عميرة]
بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ حِينَ يَحْضُرُ قَوْلُهُ: (سَفَرُ جِهَادٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ الْجِهَادَ كَمَا يُمْنَعُ السَّفَرَ لِلْجِهَادِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي فَرْقٌ بَيْنَ لَفْظِ السَّفَرِ هُنَا وَإِسْقَاطِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُصُولِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ: وَإِنْ كَفَوْا) قَالَ الْإِمَامُ هَذَا يَلْزَمُهُ الْإِيجَادُ عَلَى كُلِّ الْأُمَّةِ