الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَفَا عَنْ النَّفْسِ فَلَا قَطْعَ لَهُ) لِأَنَّ مُسْتَحَقَّهُ الْقَتْلُ وَقَدْ عَفَا عَنْهُ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الطَّرَفِ فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِحْقَاقِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ اسْتَحَقَّهُ بِالْقَطْعِ السَّارِي وَقَدْ عَفَا عَنْهُ
(وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ مَجَّانًا فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ) وَوَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وَقَفَ (فَيَصِحُّ) الْعَفْوُ.
(وَلَوْ وَكَّلَ) بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) عَفْوَهُ (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) لِعُذْرِهِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ وَأَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ فَتَكُونُ حَالَّةً فِي الْأَصَحِّ مُغَلَّظَةً فِي الْمَشْهُورِ وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي) لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَقُولُ نَشَأَ عَنْهُ الْغُرْمُ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ عَفْوُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ لَغْوٌ، وَالْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّهَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
(وَلَوْ وَجَبَ) لِرَجُلٍ (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ جَازَ وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ (فَإِنْ فَارَقَ قَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ) جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَزَا تَرْجِيحَهُ لِلْبَغَوِيِّ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ رَجَحَ الْأَوَّلُ.
كِتَابُ الدِّيَاتِ
جَمْعُ دِيَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ فَاءِ الْكَلِمَةِ يُقَالُ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَبَيَانُهَا يَأْتِي (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً أَيْ حَامِلًا) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ (وَسَوَاءٌ أَوْجَبَ) الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْ الدِّيَةِ أَمْ لَمْ يُوجِبْهُ كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخَلِفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ (وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا إلَخْ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ طَرَفِهِ سِرَايَةً فَقَطَعَ وَلِيُّهُ طَرَفَهُ الْجَانِي وَعَفَا عَنْ نَفْسِهِ، فَسَرَى هَذَا الْقَطْعُ إلَى نَفْسِ الْجَانِي وَمَاتَ بِهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانَ الْعَفْوِ عَنْ نَفْسِ الْجَانِي وَيَقَعُ مَوْتُهُ بِالسِّرَايَةِ قِصَاصًا عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:(مَجَّانًا) . لَيْسَ قَيْدًا وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَفْوُ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَيَلْزَمُ رَدُّهُ إنْ كَانَ قَبَضَ قَوْلُهُ: (وَوَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا) لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ قَبْلَهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَفْوُ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْعَفْوُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْرِ قَطْعُ طَرَفِ الْجَانِي إلَى نَفْسِهِ بَلْ اسْتَمَرَّ حَيًّا صَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى
قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ فِيهِ فَلَا يَرِدُ قَتْلُ الْمُبَادِرِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِذْنِ وَلَا قَتْلُ مَنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا لِعَدَمِ التَّثَبُّتِ فَهُمَا مُقَصِّرَانِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ مَنْ وَثِقَ بِهِ وَلَوْ نَحْوَ فَاسِقٍ لَزِمَهُ الْقَوَدُ قَطْعًا لِعَدَمِ جَهْلِهِ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ بِالْعَفْوِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَوْلُهُ: (مُغَلَّظَةً) فَهِيَ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَكِنَّهُ تَغْلِيبٌ
قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ أَوْ عَلَى مُوَرِّثِهِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ وَخَرَجَ بِالْقِصَاصِ مَا لَوْ لَزِمَهَا لَهُ دِيَةٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الزَّوْجِ، فَسَرَى إلَيْهِ وَمَاتَ فَمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ:(رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
كِتَابُ الدِّيَاتِ أَخَّرَهَا عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ كَمَا مَرَّ وَجَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ أَوْ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ أَوْ الْأَرْشَ تُسَمَّى دِيَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهِيَ شَرْعًا الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى حُرٍّ فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَغَلَبَهَا عَلَى الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْحُرِّ لِشَرَفِهَا قَوْلُهُ:(وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ فَاءِ الْكَلِمَةِ) فَأَصْلُهَا وِدْيِ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَوَعْدٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) أَيْ الْمَعْصُومِ لَا الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَمْرِ لِأَنَّهُمَا مُهْدَرَانِ وَإِنْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهِمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمَا كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ لِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (خَلِفَةً) جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ أَوْ خَلَفَاتٌ مِنْ لَفْظِهَا أَوْ حَوَامِلَ مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إعْلَامُ الْوَكِيلِ قَبْلَ صُدُورِ الْقَتْلِ قَالَ فَالْعَفْوُ لَغْوٌ وَلَا ضَمَانَ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْقَوْلَيْنِ، قَوْلُهُ:(وُجُوبُ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَوْلُهُ:(وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَافِيَ لَوْ عَفَا عَنْ مَالٍ لِمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الَّذِي عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي، قَوْلُهُ:(لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِأَنَّهُ عَامِدٌ فِي فِعْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ وَعِلَّةُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ فَعَلَ مُعْتَقِدًا الْإِبَاحَةَ
قَوْلُهُ: (جَازَ) أَمَّا النِّكَاحُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلِأَنَّ مَا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا.
[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
ِ أَخَّرَهَا عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ، قَوْلُهُ:(فِي قَتْلِ الْحُرِّ) خَرَجَ الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ غَلَبَ فِيهِ الْمَالِيَّةُ فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ، قَوْلُهُ:(خِلْفَةً) فِي الْحَدِيثِ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ تَأْكِيدٌ وَقِيلَ اسْمُ الْخِلْفَةِ يَقَعُ أَيْضًا عَلَى الَّتِي وَلَدَتْ وَمَعَهَا أَوْلَادُهَا اهـ. ثُمَّ قِيلَ جَمْعُهَا
عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُونَ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ (فَمُثَلَّثَةٌ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَلَا الْإِحْرَامُ وَلَا بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ رَمَضَانُ وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَلَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ الْعَمِّ (وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ) دِيَةٌ بِمَا ذُكِرَ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) دِيَتُهُ (مُؤَجَّلَةٌ) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَالْعَمْدُ) فِي دِيَتِهِ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةٌ) عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ) التَّثْلِيثُ لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ، وَالْبَاقِي لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا.
(وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ) بِمُثْبَتِ الرَّدِّ فِي الرَّدِّ فِي الْبَيْعِ (وَمَرِيضٌ إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
غَيْرِ لَفْظِهَا وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمِائَةِ إنَاثًا قَوْلُهُ: (جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُمَا جَمْعَانِ لِمُؤَنَّثٍ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ أَنَّ الْأَوَّلَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَأَنَّ الثَّانِيَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهَا إنَاثًا فَلَا تُجْزِئُ الذُّكُورُ إلَّا ابْنُ اللَّبُونِ فِي الْمُخَمَّسَةِ انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ كَوْنِهَا الدِّيَةَ إنَاثًا لَا يَقْتَضِي خُرُوجَ الشَّارِحِ عَنْ نَهْجِ اللُّغَةِ إلَى الْخَطَأِ الْمُحْصَنِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ قُتِلَ) أَوْ قُطِعَ أَوْ جُرِحَ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي الْمَعَانِي. قَوْلُهُ: (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ بِالسَّهْمِ وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يُغَلِّظُ مُطْلَقًا، وَالتَّغْلِيظُ فِي هَذَا خَاصٌّ بِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) وَلَوْ بِقَطْعِ السَّهْمِ لِبَعْضِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (ذِي الْقَعْدَةِ) وَهُوَ أَوَّلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَيُغَلِّظُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْعَبْدِ قَتْلًا أَوْ جُرْحًا وَلَا فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ. قَوْلُهُ:(وَالْمُحَرَّمِ) خُصَّ بِوَصْفِ التَّحْرِيمِ لِمَا قِيلَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ وَقِيلَ: لِأَنَّ أَوَّلَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ وَقَعَ فِيهِ وَأَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ وَخُصَّتْ بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: الشَّهْرُ الْمَعْرُوفُ نُسُكُهُ إلَخْ، وَأُضِيفَ إلَى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ لِمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّهُ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ وَكَانَ يُسَمَّى قَبْلَ ذَلِكَ صَفَرًا. الْأَوَّلُ قَالَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ. قَوْلُهُ: (مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) لَوْ قَالَ مَحْرَمَ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى لِيَخْرُجَ بِهِ نَحْوُ بِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ مُرْضِعَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ) وَلَوْ مَعَ الْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلَةً) بِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الظَّرْفِ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دِيَتُهُ) لَمْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ لِمَكَانِ الشَّرْطِ عَقَّبَهُ الْمَانِعَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) وَهُوَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ أَيْ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ لَفْظِ الْخَذْفِ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ، وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا عُلِمَ فَفِي الْخَطَأِ أَوْلَى وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ وَخَصَّ تَحْمِيلَهُمْ بِغَيْرِ الْعَمْدِ لِكَثْرَتِهِ خُصُوصًا مِمَّنْ يَتَعَاطَى الْأَسْلِحَةَ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ.
ــ
[حاشية عميرة]
خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقِيلَ مَخَاضٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمَرْأَةِ تُجْمَعُ عَلَى نِسَاءٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْخَطَأِ) وَلَوْ بِفِعْلِ صَبِيٍّ عَمْدًا إذَا جَعَلْنَا عَمْدَهُ خَطَأً وَجَوَّزَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُغَلَّظَ بِالتَّثْلِيثِ قَالَ غَلَّظَ بِهِ الْخَطَأَ الْحَقِيقِيَّ عِنْدَ حُصُولِهِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مَثَلًا، قَوْلُهُ:(جَمْعُ حَقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُرِيدُ أَنَّ الذَّكَرَ مِنْهُمَا لَا يُجْزِئُ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ قِيلَ خَطَأٌ) خَرَجَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ تَغْلِيظُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَمَا فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ لَا يُطْلَبُ فِيهَا تَثْلِيثٌ، قَوْلُهُ:(فِي حَرَمِ مَكَّةَ) سَبَبُ التَّغْلِيظِ فِيهِ تَأْمِينُهُ لِدَاخِلِهِ فَإِذَا غَلَّظَ عَلَى الْأُمَّةِ فِي شَأْنِ طَيْرِهِ وَصَيْدِهِ، فَالضَّمَانُ بِالْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالتَّغْلِيظِ قَوْلُهُ:(ذِي الْقَعْدَةِ إلَخْ) . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَخْبَارُ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ مَنْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ لِتَكُونَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.
وَاخْتَصَّ الْمُحَرَّمَ بِالتَّعْرِيفِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الَّذِي يَكُونُ دَائِمًا أَوَّلَ الْعَامِ.
قَوْلُهُ: (الْمَدِينَةُ) قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَّا إنْ قُلْنَا بِضَمَانِ صَيْدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ ضَمِنَا لِاخْتِصَاصِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ، قَوْلُهُ:(لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا) مِنْهُ إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مُرَدَّدٌ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَأَعْطَى حُكْمَ هَذَا مِنْ جَانِبٍ وَحُكْمَ الْآخَرِ مِنْ جَانِبٍ وَحَدِيثُ الْحَامِلِ الَّتِي مَاتَتْ بِرَمْيَةِ الْحَجَرِ.
قَوْلُهُ: (بِمُثْبِتِ الرَّدِّ) إنَّمَا أُلْحِقَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا، قَوْلُهُ:(وَمَرِيضٌ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ صِحَّةُ أَخْذِهِ مِنْ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ كَالزَّكَاةِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَعِيبَ بِغَيْرِ الْمَرَضِ كَذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي
بِذَلِكَ بَدَلًا عَنْ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْمَرَضِ (وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ) وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ النَّاقَةَ لَا تَحْمِلُ قَبْلَهَا، وَالثَّانِي اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةً لِخِلَافِ قَوْلَيْنِ
(وَمَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ الْعَامِلَةِ أَوْ الْجَانِي (وَلَهُ إبِلٌ فِيهَا) تُؤْخَذُ (وَقِيلَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) إنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمِثْلُ الْبَلَدِ الْقَبِيلَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ (فَغَالِبِ) بِالْجَرِّ إبِلِ (بَلْدَةِ بَلَدِيٍّ أَوْ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ (فَأَقْرَبِ) بِالْجَرِّ (بِلَادٍ) أَيْ فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ الْأَقْرَبِ وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ فَإِنْ بَعُدَتْ بِأَنْ كَانَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَالْمَشَقَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِبِلِ (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ وَقِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ) فَيَجُوزُ الْعُدُولُ بِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ هَكَذَا أَطْلَقَهُ وَلْيَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ أَيْ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِجَهَالَةِ صِفَتِهَا.
(وَلَوْ عُدِمَتْ) الْإِبِلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (فَالْقَدِيمُ) الْوَاجِبُ (أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةً. لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (وَالْجَدِيدُ) الْوَاجِبُ (قِيمَتُهَا) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) الْغَالِبِ (وَإِنْ وَجَبَ بَعْضٌ) مِنْهَا (أَخَذَ قِيمَةَ الْبَاقِي
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ الْأَهْلُ وَعَطْفُ الْمَرِيضِ خَاصٌّ قَوْلُهُ: (بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَيَكْفِي تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنَّهَا حَوَامِلُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ رَدَّهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ وَتَنَازَعَا فِي أَنَّهَا حَوَامِلُ شُقَّ جَوْفُهَا فَإِنْ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ فَكَمَا مَرَّ، فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ إسْقَاطَهَا عِنْدَ الْأَخْذِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَخَذَتْ بِتَصْدِيقِ الْآخِذِ فِي حَمْلِهَا أَوْ بِعَدْلَيْنِ بِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُهُ:(بَلْ خَمْسُ سِنِينَ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ مِنْهَا قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) أَيْ الْكَامِلَةُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهَا الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِهَا يَخْرُجُ مَنْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ أَوْ الْقِيمَةُ أَوْ الْحُكُومَةُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا) أَيْ مِنْ إبِلِهِ أَيْ مِنْ نَوْعِهَا وَلَا تَتَعَيَّنُ عَيْنُهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ غَيْرُهَا لَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى إبِلِ بَلَدِهِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إبِلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا. قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ:(بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ إقَامَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَلَدٌ وَلَا قَبِيلَةٌ اُعْتُبِرَ غَالِبُ إبِلِ النَّاسِ، وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ لَا تَخْتَصُّ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ.
قَوْلُهُ: (فَأَقْرَبُ بِلَادٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ قُرْبُ الْقَبِيلَةِ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ اسْتَوَى إلَيْهِ بُلْدَانٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ نَوْعُ الْغَالِبِ فِيهِمَا تَخَيَّرَا كَذَا قَالَ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِ الْغَالِبِ فِي إبِلِ الْبَلَدَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُخْرِجُهُ مُسَاوٍ لِكُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُ الْغَالِبِ فِي الْبَلَدَيْنِ وَالتَّخْيِيرُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَالْمَشَقَّةُ) قَالَ شَيْخُنَا هُمَا عَطْفٌ عَلَى بَعُدَتْ وَبِهِ يَعْلَمُ اجْتِمَاعَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ أَحَدُهَا كَافٍ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ بِهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَجْعَلُ عَظَمَةَ الْمُؤْنَةِ أَوْ الْمَشَقَّةِ ضَابِطًا لِلْبُعْدِ ثُمَّ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قِيمَتِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ بَذْلُهُ عَادَةً فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَبِالْمَشَقَّةِ مَا لَا يُحْتَمَلُ تَكَلُّفُهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ:(وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ) وَلَوْ أَعْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُخِذَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِجَهَالَةِ صِفَتِهَا جَوَازُ الصُّلْحِ عَنْهَا إذَا عَلِمَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِلْمُهَا بِمَا يَأْتِي فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا عَلَى الْجَدِيدِ.
قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِقَدْرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَا عَشَرَ) هِيَ لِلتَّنْوِيعِ فَالذَّهَبُ مِنْ أَهْلِهَا وَالْفِضَّةُ مِنْ أَهْلِهِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَصْبِرْ الْمُسْتَحِقُّ إلَى وُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (بِنَقْدِ بَلَدِهِ الْغَالِبِ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَلَدِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَصَوَّرُ إذْ اعْتِبَارُ غَيْرِهِ إنَّمَا يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الْإِبِلِ فِيهِ، فَقَوْلُ شَيْخِنَا الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِنَقْدِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ لِيَشْمَلَ غَيْرَ بَلَدِهِ كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(وَقِيمَةُ الْبَاقِي) سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ إبِلِهِ أَوْ إبِلِ بَلَدِهِ أَوْ إبِلِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، فَإِنْ وُجِدَ بَعْضٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا فَإِنْ اتَّحَدَ نَوْعُهَا فَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِتْمَامُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ إنْ
ــ
[حاشية عميرة]
الزَّكَاةِ مِنْ مِثْلِهِ، قَوْلُهُ:(فِي الذِّمَّةِ) كَالْمُسْلَمِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فِي أَخْذِ الْمَرِيضِ مِنْ الْمِرَاضِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ، قَوْلُهُ:(بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ، قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا إلَخْ) أَيْ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا: قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا) أَيْ تَيْسِيرًا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) أَيْ لِأَنَّهَا عِوَضُ مُتْلِفٍ فَاعْتُبِرَ الْغَالِبُ لَا بَلَدُ الْمُتْلِفِ.
قَوْلُهُ: (فَأَقْرَبَ) كَمَا فِي الْفِطْرَةِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ نَقَلَ النَّصَّ عَنْ الْأَجْزَاءِ فِيهِ وَنَسَبَ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ:(هَكَذَا أَطْلَقُوهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فَيَجُوزُ.
قَوْلُهُ: (فَالْقَدِيمُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ أَيْ الدَّنَانِيرُ عَلَى أَهْلِهَا وَالْوَرِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ، قَوْلُهُ:(أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ)، قَضِيَّتُهُ أَنَّ الدِّينَارَ يُقَابِلُهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا قَوْلُهُ:(لِحَدِيثِ) لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، قَوْلُهُ:(بِنَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ كَمَا فِي الْمُتْلَفَاتِ قَوْلُهُ: (أُخِذَ) لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ وَعَلَى الْقَدِيمِ قِسْطُهُ مِنْ النَّقْدِ.