الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ.
(وَلَوْ أَقَامَهَا بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَمَرَةً مَوْجُودَةً) ، عِنْدَ إقَامَتِهَا الْمَسْبُوقَةِ بِالْمِلْكِ إذْ يَكْفِي لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ سَبْقُهُ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ (وَلَا وَلَدًا مُنْفَصِلًا وَيَسْتَحِقُّ حَمْلًا فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ بِوَصِيَّةٍ، (وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَأَخَذَهُ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيلَ لَا) يَرْجِعُ (إلَّا إذَا ادَّعَى فِي مِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الشِّرَاءِ) لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُدَّعِي وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فَيَسْتَنِدُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، (وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ (وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ) ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا السَّبَبَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ. .
فَصْلٌ إذَا (قَالَ آجَرْتُك) هَذَا (الْبَيْتَ) شَهْرَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ) آجَرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ)
بِمَا قَالَاهُ (تَعَارَضَتَا وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) لِمَا فِي بَيِّنَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ غَيْرِ الْبَيْتِ وَالْأَوَّلُ يَنْفِي التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ وَيَقُولُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ أَوْ يَنْفَسِخُ عَلَى مَا سَبَقَ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا سَكَنَ فِي الْبَيْتِ أَوْ الدَّارِ وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى قَوْلِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (إذْ يَكْفِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ مُطْلَقَةٌ، وَأَنَّهَا أُقِيمَتْ عَقِبَ الدَّعْوَى فَإِنْ أُرِّخَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِ الدَّعْوَى، فَلَهُ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ أَوْ الدَّعْوَى، وَسَوَاءٌ تَأَخَّرَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَمَامِهَا أَوْ أَحَدُ شِقَّيْهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنْسُوبٌ إلَى الشِّقَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ:(لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَأُخِذَ مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ كَالْآفَةِ فَيَرْجِعُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ: (بِحُجَّةٍ) أَيْ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ تَصْدِيقِهِ أَوْ يَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ. وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ نَعَمْ إنْ عُذِرَ فِي ذَلِكَ كَأَنْ جَهِلَ كَوْنَهُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ رَجَعَ لِعُذْرِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ أَقَرَّ بِرِقِّهِ لِمَالِكِهَا لِظَاهِرِ الْيَدِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ قَوْلُهُ:(مُطْلَقَةٌ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُيِّدَتْ بِحَالِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ رَجَعَ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ: زَوَائِدُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ تَعَجَّبَ مِنْهُ الْغَزَالِيُّ قَوْلُهُ:(عَلَى بَائِعِهِ) لَا عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَقَّ الْمِلْكَ عَنْهُ قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ مَا زَادُوهُ) أَيْ وَلَا يَكُونُ مُرَجَّحًا لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الزَّوَائِدَ لَوْ كَانَتْ فَإِنْ أَعَادَ الدَّعْوَى وَذَكَرَهُ فِيهَا، وَذَكَرُوهُ فِي شَهَادَتِهِمْ كَانَ مُرَجَّحًا كَمَا مَرَّ وَاسْتَحَقَّ الزَّوَائِدَ إنْ كَانَتْ. قَوْلُهُ:(لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ) خَرَجَ بِهِ التَّنَاقُضُ فِي الْمِلْكِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ ادَّعَى بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَشَهِدُوا بِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْأَلْفُ.
فَرْعٌ: لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَدَفَعَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةً، وَجَحَدَ الْخَمْسَةَ فَصِيغَةُ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَقُولَ نَشْهَدُ أَنَّ لَهُ خَمْسَةً مِنْ جُمْلَةِ عَشَرَةٍ وَلَا نَشْهَدُ بِالْكُلِّ وَلَا بِالْبَاقِي.
فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) إنْ اتَّفَقَتَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ مُطْلَقًا أَوْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الشَّاهِدَةَ بِالْكُلِّ لَغَتْ الْأُخْرَى أَوْ بِالْبَعْضِ عُمِلَ بِالْأُخْرَى فِي الْبَاقِي، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ التَّارِيخِ مَرْجُوحٌ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَيَقُولُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْقَوْلَ بِالتَّعَارُضِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ يَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجْرِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا سُقُوطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ فَيَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ إلَى فَسْخِ الْعَقْدِ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَسْتَعْمِلَانِ وَعَلَيْهِ يَجْرِي هُنَا قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ الْقُرْعَةُ. قَوْلُهُ:(يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا يُلَائِمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله،
قَوْلُهُ: (لَا تُقْبَلُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَمْسِ، وَقَالَتْ عَقِبَهُ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا سَلَفَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِصْحَابٌ تَابِعٌ، قَوْلُهُ:(بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ) بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ كَمَا سَلَفَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ فَيُسْتَصْحَبُ وَهُنَاكَ بِمِلْكٍ وَهُوَ أَمْرٌ تَخْمِينِيٌّ فَضُعِّفَ الِاسْتِصْحَابُ قَالَهُ الْإِمَامُ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ اكْتَفَى بِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ رَاعَيْنَا ذَلِكَ هُنَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ مَسِيسُ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمُدَّعِي فَلْيَسْتَنِدْ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ: قَدْ تَعَارَضَ أَصْلَانِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ وَعَدَمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْعَجَبُ كَيْفَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قُبَيْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ يُعَلِّلُهُ بِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الْبَائِعَ ضَمِنَ لَهُ الْعُهْدَةَ فِي الثَّمَنِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَمْ يَضُرَّ) اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الضَّرَرِ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ لَا يَكُونُ مُرَجَّحًا عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ.
[فَصْلٌ إذَا قَالَ آجَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ شَهْرَ كَذَا بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ آجَرْتَنِي جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ]
فَصْلٌ: قَالَ آجَرْتُك إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَارَضَتَا) لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَسْبَقَ تَارِيخًا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا تَقَدُّمُ السَّابِقَةِ، وَالثَّانِي اللَّاحِقَةِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا نَاسِخَةٌ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الدَّارِ صَحَّ وَلَغَا الْمُتَأَخِّرُ، وَإِنْ سَبَقَ عَلَى الْبَيْتِ صَحَّ وَبَطَلَ الَّذِي بِيَدِهِ فِيهِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ
الِاسْتِعْمَالِ دُونَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عُمِلَ بِقَوْلِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) أَنْكَرَهُمَا (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ (وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) تَارِيخًا (وَإِلَّا بِأَنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (تَعَارَضَتَا) فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ فَيَلْزَمَانِهِ وَقِيلَ نَعَمْ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ سَلَّمَ إلَيْهِ الشَّيْءَ، وَاسْتَرَدَّ الْآخَرُ ثَمَنَهُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ شَيْءٍ بِنِصْفِ الْآخَرِ وَعَلَى الْوَقْتِ يُنْتَزَعُ الشَّيْءُ وَالثَّمَنَانِ مِنْ الْخَصْمِ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَا بِالثَّمَنَيْنِ (فَإِنْ اتَّحِدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُضِيَ لَهُ بِثَمَنِهِ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْخَصْمِ عَلَى ثَمَنِهِ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ نِصْفُ ثَمَنِهِ وَكَأَنَّهُمَا بَاعَاهُ بِثَمَنَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ، يُؤْخَذُ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنَانِ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسَعَهُ مَا بَيْنَ التَّارِيخَيْنِ. (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أَطْلَقَتَا أَوْ) أَطْلَقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأَرَّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَالثَّانِي يَقُولُ بِتَعَارُضِهِمَا فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاتَ عَلَى دِينِي فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ، (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ انْتِقَالُهُ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) كَقَوْلِهِمْ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (تَعَارَضَتَا) ، وَكَذَا إنْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ) وَهُمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهَا مُفَرَّعَة عَلَى اسْتِعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَإِنَّمَا لَمْ تَأْتِ لِلْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُقْسَمُ وَلَا يُوقَفُ.
قَوْلُهُ: (وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ)، وَكَذَا لَوْ سَكَتَا عَنْهُ فَلَوْ ذَكَرْته إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ قَوْلُهُ:(بِأَنْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ) لَوْ قَالَ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِيَشْمَلَ مَا لَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) نَعَمْ إنْ قُيِّدَتْ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بَيْعَ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ) لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى وَزْنِهِ وَإِنَّمَا التَّعَارُضُ فِي الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمَانِهِ) نَعَمْ إنْ تَعَرَّضَتْ إحْدَاهُمَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ وَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ نَعَمْ) أَيْ إنَّ التَّعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ أَيْضًا فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِمَا وَلَا يَلْزَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقُرْعَةِ) لَوْ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِعَدَمِ السُّقُوطِ تَجِيءُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَعَلَى الْقُرْعَةِ إلَخْ. لَكَانَ وَاضِحًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِنِصْفِ الثَّمَنِ) الَّذِي وَزَنَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلُهُ: (بِعْتُكَهُ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مِلْكِي وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قَوْلُهُ: (بِمَا قَالَاهُ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ قَوْلُهُ: (يَمِينَيْنِ) وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقُرْعَةِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسَعَهُ) فَإِنْ لَمْ يَسَعْ حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ إلَخْ) هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّرِكَةِ أَمَّا تَجْهِيزُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَوَاجِبَةٌ وَلَهُ إطْلَاقُ الدُّعَاءِ وَالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا) لَا حَاجَةَ لِهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِكُفْرِ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِمْ) الْكَافُ لِلْمِثَالِ وَالْقَوْلُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ التَّنَصُّرِ خُصُوصًا مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ مَا بِهِ الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ عَلِمْنَا
ــ
[حاشية عميرة]
الصَّفْقَةِ فَكَانَتْ السَّابِقَةُ فِي التَّارِيخِ رَاجِحَةً بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ سَبْقِ التَّارِيخِ إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ تُعَارِضُ الْبَيِّنَتَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَ هَذَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا مَوْضِعُ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ، وَاللَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ مَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّارِيخُ مُخْتَلِفًا، وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قَوْلُهُ:(دُونَ الْقِسْمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ لَا يُقْسَمُ وَأَمَّا الْوَقْفُ؛ فَلِأَنَّ الْعُقُودَ عِنْدَنَا لَا تُوقَفُ، وَأَيْضًا تَفُوتُ الْمَنَافِعُ بِالتَّأْخِيرِ،.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا، قَوْلُ الْمَتْنِ:(تَعَارَضَتَا) لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ لِمَا بَاعَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي الْآنَ قُدِّمَتْ قَوْلُهُ: (وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا مِنْ وَجْهٍ وَأُعْمِلَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، قَوْلُهُ:(أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَخْ) الَّذِي صَوَّرَهَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِلْأَكْثَرَيْنِ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي وَهِيَ مِلْكِي، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ الْآنَ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمِلْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ، قَوْلُهُ:(فَيَحْلِفُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ، قَوْلُهُ:(وَلِلْآخَرِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ خُرُوجَ الْقُرْعَةِ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى، قَوْلُهُ:(نِصْفُ ثَمَنِهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ هَذَا مِائَةً وَثَمَنُ هَذَا خَمْسِينَ فَلِلْأَوَّلِ خَمْسُونَ وَالثَّانِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ:(لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِلثَّانِي، قَوْلُهُ:(لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ) أَيْ وَيُفَارِقُ الصُّورَةَ السَّابِقَةَ بِأَنَّ الْقَصْدَ طَلَبُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ تَضِيقُ عَنْ حَقِّهِمَا، وَالْقَصْدُ هُنَا الْأَثْمَانُ وَالذِّمَّةُ مُتَّسَعَةٌ لَهَا، قَوْلُهُ:(بِتَعَارُضِهِمَا) أَيْ كَمُتَّحِدِي التَّارِيخِ
قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِمْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ هَذَا وَنَحْوِهِ
النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يُصَدَّقُ النَّصْرَانِيُّ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلَهُ التَّرِكَةُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ يُوقَفُ، (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا) أَطْلَقْنَا أَوْ قَيَّدْنَا بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ أَوْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ، فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ بَلْ قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثُهُ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَإِنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَهِيَ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ، (فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) أَقَامَا هُمَا بِمَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ، (وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) وَالتَّبَعِيَّةُ تَزُولُ بِالْبُلُوغِ وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الِابْنَانِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ الْإِسْلَامُ.
(وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا (وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ (قُلْت الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، (وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنَصُّرَهُ ثُمَّ إسْلَامَهُ قُدِّمَتْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ بَقِيَتَا عِنْدَهُ إلَى مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَجْهَلُ دِينَهُ مَعَ كُفْرِ أَحَدِ وَلَدَيْهِ فَإِنْ قِيلَ: كُفْرُهُ الْآنَ مُحْتَمَلٌ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ قُلْنَا يَلْزَمُ عِلْمُ كُفْرِهِ فَيُسْتَصْحَبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ بِرِدَّتِهِ قُلْنَا يَلْزَمُ أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَسْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَلَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْأَبِ عَلَى الْكُفْرِ وَفِيهِ مَا فِيهِ، قَوْلُهُ:(عَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ يَمِينًا وَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَدَّعِهِ. قَوْلُهُ:(صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) أَيْ بَيِّنَتُهُ نَعَمْ إنْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلِمْنَا تَنَصُّرَ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ. قَوْلُهُ: (وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ) نَعَمْ إنْ قَالَتْ رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ وَذَكَرَ فِي الْمَنْهَجِ هُنَا كَلَامًا مُحَرَّرًا.
وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ إنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ، فَالْمُصَدَّقُ الِابْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْأُولَى، وَبِأَصْلِ بَقَاءِ الصِّبَا فِي الثَّانِيَةِ.
فَرْعٌ: مَاتَ عَنْ مَالٍ وَأَوْلَادٍ فَوَضَعُوا أَيْدِيهمْ عَلَى الْمَالِ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ ثُمَّ بَعْدَ كَمَالِهِ ادَّعَى بِمَالِ أَبِيهِ وَبِإِرْثِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ، فَقَالُوا إنَّ أَبَاك مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ مَعَهُمْ عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي الْآخَرِ صُدِّقَ مَنْ ادَّعَى الْبَعْدِيَّةَ وَإِلَّا صُدِّقَ هُوَ فِي مَالِ أَبِيهِ وَهُمْ فِي مَالِ أَبِيهِمْ وَلَا إرْثَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَا جُعِلَ مَالُ أَبِيهِ لَهُ وَمَالُ أَبِيهِمْ لَهُمْ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أُعْتِقَ) أَيْ بِلَا تَعْلِيقٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ قَوْلُهُ: (جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ) وَلَا يُقْرَعُ لِاحْتِمَالِ إرْقَاقِ حُرٍّ وَتَحْرِيرِ رَقِيقٍ أَيْ كَامِلٍ، وَاحْتُمِلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ. قَوْلُهُ:(بَدَلٌ يُسَاوِيهِ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ وَلَا نَظَرَ لِحِرْفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية عميرة]
فِي الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا بَيَانُ مَا بِهِ الْإِسْلَامُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(تَعَارَضَتَا) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِرْثِ وَلَكِنْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ وَيَنْوِي فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، قَوْلُهُ:(أَوْ قُيِّدَتْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أُطْلِقَتَا أَوْ قُيِّدَتَا، قَوْلُهُ:(مَا تَقَدَّمَ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّهُ عَلَى السُّقُوطِ يَصْدُقُ النَّصْرَانِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ اتَّفَقَتْ بَيِّنَتُهُمَا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَيُجْعَلُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَوْ مَاتَ) قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) .
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى الْأَوَّلِ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(قِيلَ يُقْرَعُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْقُرْعَةَ رُبَّمَا تُفْضِي إلَى إرْقَاقِ الْحُرِّ وَعَكْسِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّنْصِيفِ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ الْمَعِيَّةُ فَلَا وَجْهَ سِوَى الْإِقْرَاعِ، وَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْصِيفِ السَّابِقِ، قَوْلُهُ:(الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) .