الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْحَبِّ الَّذِي هُوَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ، وَقِيلَ يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ رِطْلَيْ خُبْزٍ وَقَلِيلَ أُدْمٍ وَتَقَدَّمَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ الْمَكْفِيَّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ، أَوْ زَوْجٍ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الْأَصَحِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُزَادَ عَلَى الْمَنْفِيَّاتِ هُنَا، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَةِ، وَالْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِذِكْرِ الْفَقِيرِ، وَ " لَا " هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى " غَيْرَ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُسْتَثْنَى وَيُزَادُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَالْمُكَاتَبُ فَلَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَيْهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ وَهِيَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ، اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ السُّقُوطُ فَيَأْتِي ذَلِكَ هُنَا.
كِتَابُ اللِّعَانِ
هُوَ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ - أَرْبَعَ مَرَّاتٍ -: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَى إلَى آخِرِهِ
فَلِذَلِكَ قَالَ (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ وَصَرِيحُهُ) أَيْ الْقَذْفِ مُطْلَقًا (الزِّنَى كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ: زَنَيْتَ أَوْ زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِي، أَوْ يَا زَانِيَةُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّكَاةِ) فَلَا يَكْفِي الدَّفْعُ لِمَوَالِيهِمْ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (سِتِّينَ مُدًّا) فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْهَا وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) هَذَا رُبَّمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْجُمْلَةِ لِلْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْأَمْدَادَ وَالْمَسَاكِينَ، وَيُمَلِّكَهَا لَهُمْ، وَلَوْ بِوَضْعِهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَلَهُمْ بَعْدَ مِلْكِهَا قِسْمَتُهَا وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَنْ أَخَذَ زِيَادَةً عَنْ الْمُدِّ شَرِيكًا بِقَدْرِ مَا أَخَذَ لَزِمَ نَقْصُ غَيْرِهِ عَنْهُ. فَلَا يُجْزِئُ أَوْ شَرِيكًا بِقَدْرِ الْمُدِّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ، وَبِهَذَا قَالَ الْخَطِيبُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ مُسَامَحَةُ غَيْرِهِ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَازُ تَرْكِ بَعْضِهِمْ حِصَّتَهُ لِغَيْرِهِ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُمْ: خُذُوهُ وَلَمْ يَقْبِضُوهُ لَمْ يَجُزْ قِسْمَتُهُ مُتَفَاضِلًا لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَصَحَّ قَبْضُهُمْ بِلَا تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُعَامَلَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثِيَابًا وَلَا لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبٌ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ عَشَّاهُمْ، أَوْ غَدَّاهُمْ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَكْفِي.
فَرْعٌ: دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا لِضِعْفِهَا مِسْكِينًا لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ مُدٍّ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا لِأَحَدٍ وَسِتِّينَ مِسْكِينًا لِنَقْصِ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ الْمُدِّ، فَلَوْ دَفَعَ ثَلَاثِينَ مُدًّا أَيْضًا لِسِتِّينَ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى كَفَى وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْبَاقِي بِشَرْطِهِ فِي الزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَبِّ) وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ وَالْأَقِطُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِهِ كَالْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (بَلَدِ الْمُكَفِّرِ) أَيْ حَالَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ حِينَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُكَفِّرِ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ لَا نَحْوُ وَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ إنْ كَفَّرَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا جَازَ دَفْعُهَا لَهُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ قَوْلُهُ:(اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ) وَحِينَئِذٍ لَا يُحَرَّمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَرَكَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَصْلَةٍ) وَلَوْ الْأَخِيرَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى بَعْضِ خَصْلَةٍ مِنْ الْعِتْقِ، أَوْ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ، وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِذَا قَدَرَ عَلَى أَعْلَى مِنْهَا لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا تَقَدَّمَ
كِتَابُ اللِّعَانِ وَمَعَهُ الْقَذْفُ فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ
، فَخَرَجَ الرَّمْيُ بِغَيْرِ الزِّنَى وَلَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ وَخَرَجَ أَيْضًا الشَّهَادَةُ وَالتَّجْرِيحُ فِيهَا نَعَمْ لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعٍ بِالزِّنَى حُدُّوا، وَاللِّعَانُ مَصْدَرُ " لَاعَنَ "، أَوْ جَمْعُ اللَّعْنِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْإِبْعَادُ؛ لِأَنَّ الْكَاذِبَ مِنْهُمَا بَعِيدٌ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، أَوْ لِبُعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الدُّنْيَا اتِّفَاقًا وَفِي الْآخِرَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرْ هُنَا فَضْلَ الْإِطْعَامِ عَنْ الْقُوتِ كَمَا فِي الصِّيَامِ وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ هُنَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ «وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ عَمَّنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَهَذَا رَجُلٌ لَمْ يَقْدِرْ فَلَمَّا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا وَمَلَّكَهُ إيَّاهُ قَالَ الرَّجُلُ: مَا أَجِدُ أَفْقَرَ إلَيْهِ مِنَّا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْفَضْلِ عَنْ الْقُوتِ قَالَ - أَعْنِي التِّرْمِذِيَّ -، وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ لِمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَتَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَمَتَى مَلَكَ يَوْمًا كَفَّرَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مَلَّكَهُمْ وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ اللَّفْظِ، قَوْلُهُ:(سِتِّينَ مُدًّا) أَيْ لِمَا فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ أَنَّ الْعِرْقَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، قَوْلُهُ:(لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) الْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِهَذَا صَرِيحًا قَوْلُهُ: (وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى خَصْلَةٍ) أَيْ بِخِلَافِ بَعْضِهَا إلَّا الْإِطْعَامَ
[كِتَابُ اللِّعَانِ]
قَوْلُهُ (فَلِذَلِكَ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ: التَّرْجَمَةُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا فِي الْبَابِ مِنْ أَحْكَامِ الْقَذْفِ، قَوْلُهُ:(يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) لَوْ كَانَ هُنَا وَلَدٌ
لِشُهْرَتِهِ فِيهِ وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ فِي خِطَابِ الرَّجُلِ، أَوْ فَتَحَهَا فِي خِطَابِ الْمَرْأَةِ، أَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ يَا زَانِي فَكَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ (وَالرَّمْيُ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِهِ) أَيْ الْإِيلَاجِ (بِتَحْرِيمٍ، أَوْ) بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ (فِي دُبُرٍ صَرِيحَانِ) فَإِنْ لَمْ يُوصَفْ الْأَوَّلُ بِتَحْرِيمٍ، فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَسَوَاءٌ خُوطِبَ بِهِمَا ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى كَأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَوْلَجْت فِي فَرْجٍ، أَوْ دُبُرٍ أَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِك، وَلَهَا أُولِجَ فِي فَرْجِكِ، أَوْ دُبُرِكِ، وَقَوْلُهُ صَرِيحَانِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْمُقَدَّرُ بِأَوْ التَّقْسِيمِيَّةِ أَيْ الرَّمْيُ بِكَذَا، أَوْ الرَّمْيُ بِكَذَا صَرِيحَانِ، وَلَوْ قَالَ صَرِيحٌ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزَّنْءَ فِي الْجَبَلِ هُوَ الصُّعُودُ فِيهِ، (وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجَبَلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ وَالثَّانِي هُوَ صَرِيحٌ، وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً كَقَوْلِهِمْ، رَوَيْت وَرَأَوْت وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَمَوَاضِعَ الْهَمْزِ وَتَرَكَهُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الصُّعُودَ وَلَيَّنَ الْهَمْزَةَ وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتُ الصُّعُودَ وَتَرَكْتُ الْهَمْزَ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا فَكِنَايَةٌ مِنْهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ بِالْهَمْزَةِ فَصَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ، وَنَحْوِهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ.
(وَقَوْلُهُ) لِلرَّجُلِ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (يَا خَبِيثَةُ) يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ، (وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ وَلِقُرَشِيٍّ يَا نَبَطِيُّ وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ) أَيْ بِكْرًا (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ، وَالْقَذْفُ فِي يَا نَبَطِيُّ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَى مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلِذَلِكَ اُخْتِيرَ لَفْظُ اللَّعْنِ عَلَى لَفْظِ الْغَضَبِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ اللِّعَانُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَلِأَنَّ اللَّعْنَ فِي الْآيَةِ، مُقَدَّمٌ عَلَى الْغَضَبِ وَلِأَنَّ لِعَانَهُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا عَكْسَ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ، وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَكَانَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً كَالْقَسَامَةِ مَعَ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ إلَخْ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُضْطَرِّ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَحَلِّ السَّبَبِ الْوَارِدَةِ فِيهِ الْآيَاتُ وَهُوَ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ مَعَ شَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا وَجَدَ أَحَدُنَا رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي صَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي» فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ وَهُوَ أَوَّلُ لِعَانٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَقَعْ بَعْدَهُ لِعَانٌ إلَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه. قَوْلُهُ:(قَوْلُ الرَّجُلِ) الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ الْمَحْضِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ. سَوَاءٌ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، أَوْ لَا، فَلَا لِعَانَ فِي ضِدِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَلِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَى الَّذِي اقْتَضَى وُجُوبَ وَصْفِهِ بِالزِّنَى قَوْلُهُ: (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيَ نَسَبِ وَلَدٍ، وَإِلَّا نَفَاهُ بِلَا قَذْفٍ قَوْلُهُ:(مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ.
قَوْلُهُ: (لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) وَكَذَا خُنْثَى إنْ قَالَ لَهُ: زَنَى فَرْجَاك فَإِنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَكِنَايَةٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ لَا نَحْوُ صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْله: (يَا زَانِي إلَخْ) أَوْ يَا قَحْبَةُ، أَوْ يَا عَاهِرُ، أَوْ يَا لَائِطُ بِخِلَافِ " لُوطِيُّ "، وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اللَّحْنَ) إنْ سَلِمَ وَقَدْ يُوَجَّهُ. قَوْلُهُ: (بِتَحْرِيمٍ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى نَحْوِ حَيْضٍ لِنُذُورِهِ، وَلَوْ ادَّعَى إرَادَتَهُ صُدِّقَ.
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ (كِنَايَةٌ) وَكَذَا بَغَّاءٌ وَمُخَنَّثٌ وَعِلْقٌ وَمَأْبُونٌ وَعَرْصٌ وَكَخَنِّ وَطِنْجِيرٌ وَسُوسٌ وَلُوطِيٌّ وَبَلَّاعٌ لِلزُّبِّ، أَوْ لِلْعَيْرِ وَلَا تَرُدِّي يَدَ لَامِسٍ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُقْبَلُ) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيُقْبَلُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فَوَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ أَيْضًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (يَا نَبَطِيُّ) هُوَ نِسْبَةٌ إلَى الْأَنْبَاطِ قَوْمٍ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ أَيْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ أَيْ اسْتِخْرَاجِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: (وَلِزَوْجَتِهِ) أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ قَوْلُهُ: (لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ) وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا افْتِضَاضٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ كِنَايَةً.
ــ
[حاشية عميرة]
زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ قَذْفٍ فَإِذًا الشَّرْطُ تَقَدَّمَ الْقَذْفَ، أَوْ نَفْيَ الْوَلَدِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ نَفْيِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ:(مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّجُلِ، أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ، أَوْ لَا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَإِلَّا فَالسِّيَاقُ فِي الْمَتْنِ صُورَتُهُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ يَسْبِقُهُ قَذْفٌ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ إلَخْ) جَعَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ دَاخِلًا فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَالَ: وَنِسْبَةُ الْمُصَنِّفِ إلَى إهْمَالِ ذَلِكَ خَطَأٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ لِيَخْرُجَ الشَّاهِدُ وَنَحْوُهُ، وَأَنْ يَكُونَ مُمْكِنَ الْوَطْءِ مِنْهُ، أَوْ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) لَوْ تَرَكَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إظْهَارُ مَا هُنَاكَ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ
أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السَّيْرِ وَالْأَخْلَاقِ.
(فَإِنْ أَنْكَرَ إرَادَةَ قَذْفٍ) فِي الْكِنَايَةِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ، أَوْ تَحَرُّزًا مِنْ إتْمَامِ الْإِيذَاءِ (وَقَوْلُهُ) لِآخَرَ (يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ وَنَحْوَهُ) كَقَوْلِهِ أُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ (تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيُّ، وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَقِيلَ: هُوَ قَذْفٌ إنْ نَوَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْفَهْمِ وَحُصُولِ الْإِيذَاءِ.
(وَقَوْلُهُ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ (زَنَيْتُ بِكِ إقْرَارٌ بِزِنًى) عَلَى نَفْسِهِ (وَقَذْفٌ) لِلْمُخَاطَبَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ زَنَيْتُ بِكَ فَهِيَ مُقِرَّةٌ بِالزِّنَى، وَقَاذِفَةٌ لِلْمُخَاطَبِ، وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا، وَانْتِظَامِ الْكَلَامِ مَعَ ذَلِكَ.
(وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْتُ بِكَ، أَوْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ وَكَانِيَةٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ الزِّنَى فَتَكُونَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُقِرَّةً بِهِ وَقَاذِفَةً لِلزَّوْجِ، وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُعَزَّرُ وَتَكُونُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَاذِفَةً فَقَطْ، وَالْمَعْنَى أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاك أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبْتنِي إلَيْهِ وَأَنْ تُرِيدَ نَفْيَ الزِّنَى أَيْ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُكَ وَوَطْؤُكَ بِنِكَاحٍ، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ زَانٍ أَيْضًا، أَوْ أَزْنَى مِنِّي فَلَا تَكُونُ قَاذِفَةً وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ ذَلِكَ بِيَمِينِهَا (فَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (زَنَيْتُ، وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَى (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْتُ بِكِ، أَوْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَهِيَ قَاذِفَةٌ صَرِيحًا، وَهُوَ كَانَ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ إلَى آخِرِهِ، فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهَا: زَنَيْتُ وَأَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ مُقِرٌّ بِالزِّنَى وَقَاذِفٌ لَهَا عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْت مِنْكَ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ قَاذِفٌ وَهِيَ قَاذِفَةٌ فِي الْأُولَى مَعَ الْإِقْرَارِ فِيهِ بِالزِّنَى، وَكِنَايَةُ الثَّانِي فِي احْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَى، أَوْ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهَا لِأَجْنَبِيٍّ: يَا زَانِي فَيَقُولُ: زَنَيْتُ بِكِ وَأَنْتِ أَزْنَى مِنِّي، وَلَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَفِي كَوْنِهِ قَذْفًا وَجْهَانِ يَأْتِيَانِ فِي قَوْلِهِ لَهَا ابْتِدَاءً أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَنْكَرَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ يُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى الْقَذْفِ، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْرِيَةُ فِيمَا عَلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحُدُودُ، وَكَانَ صَادِقًا تَحَرُّزًا مِنْ الْإِيذَاءِ.
قَوْلُهُ: (دَفْعًا لِلْحَدِّ) فِي قَذْفٍ يُحَدُّ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحَرُّزًا) فِي قَذْفٍ لَا حَدَّ فِيهِ مِمَّا فِيهِ تَعْزِيرٌ قَوْلُهُ: (مِنْ إتْمَامِ الْإِيذَاءِ) أَيْ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ الْمَسْبُوقِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِيذَاءِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِقَذْفٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا، وَإِنْ نَوَاهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النِّيَّةَ إلَخْ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ اللَّفْظَ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ الْقَذْفِ فَصَرِيحٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) فِيهِ انْتِقَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: (إقْرَارٌ بِزِنًى) أَيْ إنْ فَصَّلَ فِي إقْرَارِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الزِّنَى فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَقَذْفٌ لِلْمُخَاطَبَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا صُدِّقَ، وَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ) أَيْ مَا مَرَّ وَمِثْلُهُ مَا يَأْتِي وَأَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لِزَوْجَتِهِ) أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَاذِفَةً لِلزَّوْجِ) . نَعَمْ إنْ أَرَادَتْ زَنَى قَبْلَ نِكَاحِهِ وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا صُدِّقَتْ وَلَيْسَتْ قَاذِفَةً فَتُحَدُّ لِإِقْرَارِهَا وَتُعَزَّرُ لِإِيذَائِهِ، وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ فَهِيَ قَاذِفَةٌ فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ.
قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا نَفْيَ الزِّنَى عَنْهُ وَعَنْهَا كَمَا يُقَالُ لِشَخْصٍ أَنْتَ سَرَقْت، فَيَقُولُ سَرَقْت مَعَك مَثَلًا وَمُرَادُهُ نَفْيُ السَّرِقَةِ عَنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَانٍ، وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُ، أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُمْ فَصَرِيحٌ بِخِلَافِ النَّاسُ زُنَاةٌ، أَوْ أَهْلُ الْبَلَدِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُمْ، فَلَيْسَ قَذْفًا لِتَحَقُّقِ الْكَذِبِ فِيهِ وَكَذَا عَكْسُهُ.
قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الصَّرَاحَةِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَهُ) فَيَكُونَ قَذْفًا لَهُمَا فَيُحَدَّ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ عَالِمًا بِثُبُوتِ زِنَى فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عُزِّرَ لَهُ وَحُدَّ لِلْمُخَاطَبِ قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
أَنْ لَا يَجِبَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمَقْذُوفِ كَذَا قَالَاهُ هُنَا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَى التَّصْرِيحَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ:(لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ كَمَا أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي الْخِطْبَةِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ
قَوْلُهُ: (إقْرَارٌ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَصَّلٍ وَالتَّفْصِيلُ شَرْطٌ، قَوْلُهُ:(وَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَتِينٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ كَانَ قَاذِفًا لَهَا دُونَ فُلَانٍ. اهـ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَى، وَإِنْ احْتَمَلَ زِنَى الْعَيْنِ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ. نَعَمْ لَوْ أَوَّلَ إقْرَارَهُ بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ لَمْ يَبْعُدْ الْقَبُولُ، إذْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ
قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) . هَذَا الِاحْتِمَالُ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ، إذْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا هِيَ الزَّانِيَةُ دُونَهُ وَعَكْسُهُ، وَقَدْ خَصَّصَ الشَّارِحُ هَذَا الْعَكْسَ بِالثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ بَلْ الِاحْتِمَالَاتُ كُلُّهَا جَارِيَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى الْأَوَّلِ يَكُونُ جَارِيًا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِصَنِيعِ الشَّارِحِ رحمه الله. قَوْلُهُ:(وَأَنْ يُرِيدَ نَفْيَ الزِّنَى) أَيْ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يُقْصَدُ فِي التَّخَاطُبِ لِلنَّفْيِ.