الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَنْ لَمْ يُصْلِحْ غَيْرَهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَقَبُولُهُ إذَا وَلِيَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَاحِدٌ فِي النَّاحِيَةِ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ. (فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ وَكَانَ) أَيْ الْأَصْلَحُ (يَتَوَلَّاهُ) أَيْ يَرْضَى بِتَوْلِيَتِهِ (فَلِلْمَفْضُولِ) وَهُوَ غَيْرُ الْأَصْلَحِ (الْقَبُولُ وَقِيلَ لَا) وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ وَتَوْلِيَتُهُ. .
(وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ) ، وَالْفَاضِلُ يَنْدُبُ لَهُ الْقَبُولُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّلَبُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ لَا يَتَوَلَّى فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ. (وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ فَلَهُ الْقَبُولُ وَيُنْدَبُ) لَهُ (الطَّلَبُ إنْ كَانَ خَامِلًا يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ أَوْ) كَانَ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) وَيَحْصُلُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَامِلًا وَلَا مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ (فَالْأَوْلَى) لَهُ (تَرْكُهُ قُلْت) ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَالثَّانِي هُمَا خِلَافُ الْأَوْلَى (وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ بِالنَّاحِيَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ أَخْذًا مِنْ هُنَا. .
(وَ
شَرْطُ الْقَاضِي)
أَيْ مَنْ يُوَلِّي قَاضِيًا (مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ (حُرٌّ ذَكَرٌ عَدْلٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ نَاطِقٌ كَافٍ) فَلَا يُوَلَّاهُ رَقِيقٌ وَامْرَأَةٌ وَفَاسِقٌ نَقَصَهُمْ وَلَا أَصَمُّ وَأَعْمًى وَأَخْرَسُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ. (مُجْتَهِدٌ وَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) هُوَ مُتَعَلَّقُ الِاجْتِهَادِ (وَخَاصُّهُ وَعَامُّهُ) وَمُطْلَقَهُ وَمُقَيَّدَهُ. (وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ) أَيْ الْآحَادَ (وَالْمُتَّصِلَ وَالْمُرْسَلَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأَنْكِحَةِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْوِلَايَةِ مَكَانُ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ بِبَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ إقْلِيمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالصِّيغَةُ إيجَابٌ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ إخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَرِيحٌ كَوَلَّيْتُك الْقَضَاءَ وَخَلَفْتُك فِيهِ وَاسْتَنَبْتُك فِيهِ وَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ كِنَايَةٌ كَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِي كَذَا، وَفَوَّضْته إلَيْك وَأَنَّبْتُك فِيهِ وَوَكَّلْتُك فِيهِ وَقَبُولٌ كَالْوَكَالَةِ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْقَضَاءِ أَوْ الْإِمَامَةِ بِرِزْقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ تَعَيَّنَ وَكَانَ مُكْتَسَبًا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَمُمَوَّنِهِ.
فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ عَمَلِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ كَأَمِيرٍ وَمُؤَذِّنٍ وَمُحْتَسِبٍ وَمُفْتٍ وَمُعَلِّمِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ. قَوْلُهُ: (فَيُوَلِّي الْإِمَامُ) وُجُوبًا لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ فَرْضُ عَيْنٍ كَإِيقَاعِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ مَسَافَةَ عَدْوَى عَنْ قَاضٍ كَمَا لَا يُخَلِّي مَسَافَةَ قِصَرٍ عَنْ عَالِمٍ يُفْتِي. قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ) أَيْ فِي النَّاحِيَةِ فَقَطْ وَهِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ وَطَنِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ وَلَا يَفْسُقُ بِامْتِنَاعِهِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى بَذْلِ مَالٍ مِنْهُ وَجَبَ بَذْلُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ، وَبَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ كَذَلِكَ وَيُنْدَبُ بَذْلُهُ لِعَزْلِ غَيْرِ صَالِحٍ، وَيَحْرُمُ لِعَزْلِ صَالِحٍ وَلَوْ بِأَفْضَلَ مِنْهُ وَيَفْسُقُ طَالِبُ عَزْلِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ بَذْلِ مَالٍ. قَوْلُهُ:(بِتَوْلِيَتِهِ) أَيْ قَبُولِهِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ.
قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَطَوْعَ النَّاسِ أَوْ أَقْرَبَ لِقَبُولِ النَّاسِ أَوْ أَقْوَى عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ، أَوْ أَلْزَمَ فِي الْحُكْمِ فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ:(مِثْلُهُ) فِي الْمَفْضُولِيَّةِ قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْقَبُولُ) نَدْبًا. قَوْلُهُ: (خَامِلًا) أَيْ غَيْرَ مَشْهُورٍ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) إنْ جَوَّزَ أَنَّ غَيْرَهُ يُقْبَلُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ: (بِالنَّاحِيَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ أَمَدَ الْقَضَاءِ يَطُولُ غَالِبًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الْجِهَادِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَفَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْقَاضِي) وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ وَيُنْدَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا نَسِيبًا ذَا حُلْمٍ وَلِينٍ وَفَطِنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ كَاتِبًا صَحِيحَ الْحَوَاسِّ، وَالْأَعْضَاءِ عَارِفًا بِلُغَةِ أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَنُوعًا سَلِيمًا مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقًا وَافِرَ عَقْلٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(سَمِيعٌ) وَإِنْ كَانَ سَمْعُهُ ثَقِيلًا. قَوْلُهُ: (بَصِيرٌ) وَلَوْ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا يَرَى نَهَارًا أَوْ عَكْسُهُ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ مَنْ لَا يَرَى نَهَارًا كَالْأَعْمَى، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ قَالَ لَا يَحْكُمُ إلَّا وَقْتَ إبْصَارِهِ، وَلَيْسَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِهِ وَلَا يَرُدُّ وِلَايَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ وَلَّاهُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ فَقَطْ، كَذَا قَالُوا أَوْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ قَبْلَ عَمَاهُ أَوْ هُوَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. قَوْلُهُ:(نَاطِقٌ) وَلَوْ مَعَ لُكْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (لَا رَقِيقٌ) وَلَوْ مُبْعِضًا قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ) وَخُنْثَى وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا قَوْلُهُ: (وَكَافِرٌ) وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ فَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ تَقْلِيدُ سِيَاسَةٍ لَا وِلَايَةٍ وَإِلْزَامُهُ لَهُمْ مِنْ إطَاعَتِهِمْ لَا مِنْ حُكْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَخْرَسُ) وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ.
قَوْلُهُ: (وَمُغَفَّلٌ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ كَافٍ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ مُكَلَّفٍ لِعِلْمِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالْأُولَى أَوْ هُوَ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ فِي مَحْجُورِ السَّفَهِ دُونَ مَحْجُورِ الْفَلَسِ لِكَمَالِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ أُمِّيًّا أَوْ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ كَمَا عُلِمَ.
قَوْلُهُ: (هُوَ مُتَعَلَّقُ الِاجْتِهَادِ) وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَلَّقُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآيَاتُ الْأَحْكَامِ فِي الْقُرْآنِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ وَكَذَا أَحَادِيثُ السُّنَّةِ وَهَذِهِ الْمُرَادَةُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إلَى
ــ
[حاشية عميرة]
وَاحْتُرِزَ بِالْمُطَاعِ عَنْ الْمُفْتِي وَاعْتَرَضَ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إلْزَامٌ مِمَّنْ لَهُ فِي الْوَقَائِعِ الْخَاصَّةِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لِمُعَيِّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَخَرَجَ بِالْإِلْزَامِ الْمُفْتِي وَبِالْخَاصَّةِ الْعَامَّةُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ مُجَرَّدَ ثُبُوتٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى عَامٍّ غَيْرُ مُمْكِنٍ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ
قَوْلُهُ: (فَيُوَلِّي الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبُ عَيْنٍ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: اعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الْمُفْتِيَيْنِ قَدْرَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ شُرَيْحٌ وَالرُّويَانِيُّ عَنْ الْإِصْطَخْرِيِّ.
[حُكْم طَلَب الْقَضَاء]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ خَامِلٌ أَوْ يَرْجُو الرِّزْقَ.
[شَرْطُ الْقَاضِي]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَدْلٌ) هُوَ مُغْنٍ عَنْ الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُغَةً وَنَحْوًا) الْأَوَّلُ لِلْمُفْرَدَاتِ وَالثَّانِي لِلْمُرَكَّبَاتِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّعَذُّرِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إذَا وَلَّاهُ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ النُّفُوذُ.
أَيْ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ، (وَحَالَ الرُّوَاةِ قُوَّةً وَضَعْفًا) فَيُقَدِّمُ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ وَالْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّاسِخَ وَالْمُتَّصِلَ وَالْقَوِيَّ. (وَلِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَنَحْوًا وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا) فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ. (وَالْقِيَاسَ بِأَنْوَاعِهِ) الْأَوْلَى وَالسَّلْوَى وَالْأَدْوَنُ فَيَعْمَلُ بِهَا كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ مَعَ الْقُوتِ وَالْكَيْلِ الْبُرِّ. .
(فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) فِي رَجُلٍ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ (قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ تَفَقُّهًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا حَسَنٌ.
(وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) إعَانَةً لَهُ (فَإِنْ نَهَاهُ) عَنْهُ (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ. (فَإِنْ أَطْلَقَ) تَوْلِيَتَهُ فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى بَعْضِهِ. (اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (لَا) فِي (غَيْرِهِ) أَيْ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالْقَادِرُ عَلَى مَا وَلِيَهُ لَا يَسْتَخْلِفُ فِيهِ، فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَسْتَخْلِفُ كَالْإِمَامِ بِجَامِعِ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ الْقِيَاسُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَ فِي الِاسْتِخْلَافِ الْعَامِّ وَالِاسْتِخْلَافِ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ، كَتَحْلِيفِ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ، هُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. .
(وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ كَشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ. (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيْحُكُمْ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا
ــ
[حاشية قليوبي]
اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ) فَيَشْمَلُ الْمُعْضَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْمَوْقُوفَ وَغَيْرَهَا لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ مَا لَمْ يَسْقُطْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ سَنَدِهِ إلَى انْتِهَائِهِ، فَإِنْ سَقَطَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ فَهُوَ الْمُرْسَلُ أَوْ التَّابِعِيُّ أَيْضًا فَهُوَ الْمَوْقُوفُ أَوْ اثْنَانِ مُتَّصِلَيْنِ فَهُوَ الْمُعْضِلُ، أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ مِنْ مَكَانَيْنِ فَهُوَ الْمُنْقَطِعُ، أَوْ أُسْنِدَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الرُّوَاةِ فَهُوَ الْمَرْفُوعُ. قَوْلُهُ:(لُغَةً وَنَحْوًا) وَبَلَاغَةً وَصَرْفًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْأَدَبِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ عِلْمًا، كَمَا قَالَهَا الزَّمَخْشَرِيّ اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ وَالصَّرْفُ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَّةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشَّعْرِ وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ، وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ وَالتَّوَارِيخُ وَأَمَّا الْبَدِيعُ فَهُوَ كَالذَّيْلِ لَهَا. قَوْلُهُ:(وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْخَوْضَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ) لَيْسَ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (فَوَلِيُّ سُلْطَانٍ) خَرَجَ نَائِبُهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ لِمَنْ ذُكِرَ، قَوْلُهُ:(لَهُ شَوْكَةٌ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فِي السُّلْطَانِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا.
قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّهُ إنْ اخْتَصَّتْ الشَّوْكَةُ لَهُ عَلَى أَهْلِ مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، بَعِيدٍ عَنْ السُّلْطَانِ مَثَلًا وَلَيْسَ مِنْ ذَوِي الشَّوْكَةِ مِنْ شَوْكَتِهِ بِغَيْرِهِ كَالْقَاضِي الْأَكْبَرِ.
قَوْلُهُ: (فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا) وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ فَقَدَ الشُّرُوطَ مَا عَدَا الْكَافِرَ قَالَ شَيْخُنَا، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الشَّوْكَةِ فِي الْفَاسِقِ وَالْمُقَلِّدِ وُجُودُ عَدْلٍ وَمُجْتَهِدٍ وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِمَا، وَذَكَرَ التَّعَذُّرَ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ. وَلَوْ اجْتَمَعَ عَالِمٌ فَاسِقٌ وَعَامِّيٌّ عَدْلٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ فِسْقُهُ بِحَقِّ اللَّهِ وَإِلَّا كَرِشْوَةٍ قُدِّمَ الثَّانِي وَيُرَاجَعُ الْعُلَمَاءُ.
تَنْبِيهٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ تَوْلِيَةُ غَيْرِ أَهْلٍ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَيَحْرُمُ الْقَبُولُ أَيْضًا وَلَا تَنْفُذُ تَوْلِيَتُهُ. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُشْتَرَطُ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُسْتَنِدَهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ انْعَزَلَ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَوْقَافِ وَالْجَوَامِكِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي نُفُوذِ أَحْكَامِهِ وَالضَّرُورَةُ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) أَيْ مُطْلَقًا إلَّا فِي نَحْوِ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفِ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَخْ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَلَوْ وَلَّاهُ فِي مَحَلَّيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا وَبِهِ يَنْعَزِلُ عَنْ الْآخَرِ، بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ مُدَرِّسٍ فِي مَدْرَسَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي إحْدَاهُمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:(اسْتَخْلَفَ) وَلَوْ أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ حَالَ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُهُ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَغَيْرُهُ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (قَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَنْهَهُ خُصُوصُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِالِاسْتِخْلَافِ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فِي الِاسْتِخْلَافِ شَخْصٌ فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوِلَايَةَ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِيَذْهَبَ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ.
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ وَهَذَا الَّذِي يَنْفُذُ لِلضَّرُورَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ خَصْمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عُلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْفِسْقُ وَخَفِيَ حَالُهُ عَلَى الْإِمَامِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَلَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ مِنْ ذِي الشَّوْكَةِ وَلَا غَيْرِهِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةُ إذَا وَلَّى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا مِنْ الْفَسَقَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَهُ شَوْكَةٌ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَذُّرُ الشُّرُوطِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْقَاضِي) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ ادَّعَى إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا خَصْمٌ وَاحِدٌ وَجَبَ إجَابَةُ الْأَصْلِ.