الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِعْلُ غَيْرِهِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ قَالَ جَنَتْ بَهِيمَتُك حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا (وَيَجُوزُ الْبَتُّ) فِي الْحَلِفِ (بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ أَبِيهِ) وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ جَوَازُ الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ مُوَرِّثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ وَنَقْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ. .
(وَتُعْتَبَرُ
نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) لِلْخَصْمِ
(فَلَوْ وَرَّى أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا أَوْ اسْتَثْنَى بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ) ذَلِكَ (إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» حُمِلَ عَلَى الْقَاضِي.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا حَلَفَ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ (وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) فِي دَعْوَى فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلُ يَمِينِ دَعْوَى، (لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ، (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى ذَلِكَ.
(وَلَوْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَا صَبِيٌّ) وَهُوَ مُحْتَلِمٌ (لَمْ يَحْلِفْ وَوَقَفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ (وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةً فَلَوْ حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (حُكِمَ بِهَا) .
ــ
[حاشية قليوبي]
حَالَةَ جُنُونِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) أَيْ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ نَفْيًا مُقَيَّدًا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي عِلْمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(جَنَى عَبْدُك) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ فَفِيهِ الْقَطْعُ كَمَا يَأْتِي وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْمُلَابَسَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ مُعَارًا أَوْ مَغْصُوبًا وَكَذَا الْبَهِيمَةُ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى مَنْ صَحِبَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْبَتُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (جَوَازُ) فَاعِلُ تَقَدَّمَ، وَنَقْلُ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إطْلَاقَ مَا هُنَا وَضَعَّفَ مَا فِي الشَّامِلِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. .
قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْقَاضِي) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ، قَوْلُهُ:(الْمُسْتَحْلِفِ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْحَلِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ وَطَلَبِ الْخَصْمِ وَمُوَالَاةِ الْيَمِينِ، وَكَوْنِهَا مِمَّا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّحْلِيفُ. قَوْلُهُ:(بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي) فَإِنْ سَمِعَهُ عَزَّرَهُ وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ عَنْهُ وَأَعَادَهَا أَيْضًا، فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ قَالَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الذِّكْرِ.
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَالْمُرَادُ بِسَمَاعِهِ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ الْخَصْمِ إنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي ذَلِكَ) عَائِدٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (الْفَاجِرَةُ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِي الْوَاقِعِ نَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ فَاجِرَةٍ، كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِنَحْوِ ظَفَرٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَحَلَفَ وَنَوَى بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَمْ يَكُنْ آثِمًا وَلَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ فَاجِرَةً كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي) أَوْ الْقَاضِي بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَصْمٍ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ) وَإِنْ حَرُمَتْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ مُسْتَحِقٍّ فَنَفْعُهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) قَيَّدَ بِهِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ طَلَبُ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةٌ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهَا فَزَعَمَتْهُ وَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ لَمْ يَحْلِفْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مُشْكِلٌ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ فَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَوْلُهُ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ) قَالُوا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوِيٌّ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ فَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ. قَوْلُهُ: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ أَنْكَرَ فِي الرِّوَايَةِ قَبْلَهُ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مَسَائِلُ تُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ.
فَائِدَةٌ: لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَخْذُ مَالٍ عَلَى تَرْكِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) أَيْ قَبْلَ عَزْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (أَنَا صَبِيٌّ) أَوْ سَفِيهٌ مَحْجُورٌ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ كَافِرًا مُسَبِّبًا أَثْبَتَ وَادَّعَى تَعْجِيلَهُ حَلَفَ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ عَنْهُ، وَالْحُكْمُ بِرِقِّهِ لِوُجُودِ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ مَعَ
ــ
[حاشية عميرة]
ذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى، قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَالْأَصَحُّ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِالرَّقَبَةِ فَعَلَى الْبَتِّ أَوْ بِهَا بِالذِّمَّةِ مَعًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً وَتَكُونُ الرَّقَبَةُ كَالْمُرْتَهِنَةِ بِمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(قَطْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يُجْعَلُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ الْمَذْكُورُ هُنَا فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا بِالتَّذْكِيرِ،.
[نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ رَوَى أَوْ تَأَوَّلَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَالتَّأْوِيلُ اعْتِقَادُ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ) أَيْ أَمَّا لَوْ سَمِعَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِالْيَمِينِ وَتُعَادُ، قَوْلُهُ:(فِي دَعْوَى) هَذَا تَصْحِيحٌ لِلْعِبَارَةِ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ، فَأَنْكَرَ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَعْنَى صَمَّمَ عَلَى الْإِنْكَارِ. نَعَمْ قِيلَ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَشْمَلُ مَا لَوْ طَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَقُولُ: هَذِهِ دَعْوًى فَهِيَ يَمِينٌ فِي دَعْوًى ثُمَّ هَذَا الضَّابِطُ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) هَذَا خَارِجٌ عَنْ الضَّابِطِ إنْ أُرِيدَ تَوَجُّهُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا هُنَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَإِنْ مَشَيْنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمِنْهَاجِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّابِطِ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَا صَبِيٌّ) لَوْ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَقَالَ
لِمَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الَّذِي طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ (قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً) عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهِ، (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ، وَهَكَذَا فَيَدُورُ الْأَمْرُ وَلَا يَنْفَصِلُ. وَأُجِيبَ بِعَدَمِ سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ.
(وَإِذَا نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَلِفِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ (وَقُضِيَ لَهُ وَلَا يُقْضَى) لَهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ لَا أَحْلِفُ) فَقَوْلُهُ هَذَا نُكُولٌ (فَإِنْ سَكَتَ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) ، إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُ سُكُوتِهِ لِدَهْشَةٍ وَغَبَاوَةٍ وَنَحْوِهِمَا (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سُكُوتِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِهِ.
(وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرُدُّهَا هُوَ أَوْ الْقَاضِي (فِي قَوْلٍ كَبَيِّنَةٍ وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُسْمَعْ) عَلَى الثَّانِي لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
حَقْنِ الدَّمِ فَإِنْ أَنْكَرَ قُتِلَ. قَوْلُهُ: (لَا بَرَاءَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْوَدِيعَةِ إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُودَعِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَقَامَ بَيِّنَةً) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا. قَوْلُهُ: (حَكَمَ بِهَا) وَلَا يُعَزَّرُ الْحَالِفُ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُضَاةِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ الشَّاهِدُ لَهُ حَدِيثُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَ مَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» . قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ أَطْلَقَ، وَسَوَاءٌ عَيَّنَ الْقَاضِيَ أَوْ أَطْلَقَهُ فَإِنْ قَالَ لِلْقَاضِي الْمُدَّعِي بَيْنَ يَدَيْهِ حَلَّفَنِي عِنْدَك، فَإِنْ تَذَكَّرَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَنَّهُ حَلَّفَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَذَكَّرْ. قَوْلُهُ:(مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ) فَإِذَا حَلَفَ طَالَبَهُ بِالْحَلِفِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ طَالَبَهُ بِالْمَالِ سَبْقُ قَلَمٍ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ حَلَّفَهُ فَكَمَا لَوْ حَلَفَ وَيُمْهَلُ لِإِقَامَتِهَا ثَلَاثَةً بِطَلَبِهِ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْهَا وَعَادَ إلَى الْحَلِفِ مُكِّنَ مِنْهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينُ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى وَلَا تَسْقُطُ يَمِينُ الْأَصْلِ إلَّا بِدَعْوَى أُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (إذَا نَكَلَ) هَذَا شُرُوعٌ فِي النُّكُولِ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِفَصْلٍ مِنْ زِيَادَتِهِ.
قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ بَعْدَ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ وَهَذَا فِي الْحُكْمِ لِلْمُعَيَّنِ، وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ كَالْفُقَرَاءِ وَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ حَقُّهُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ قَضَى ثَبَتَ قَطْعًا وَهَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ وَقَضَى لَهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا. قَوْلُهُ:(وَلَا يُقْضَى لَهُ بِنُكُولِهِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رضي الله عنهما. قَوْلُهُ: (وَالنُّكُولُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ نَكَلَ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ) أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ تَكْرِيرُ الْعَرْضِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: (احْلِفْ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَتَحْلِفُ بِالِاسْتِفْهَامِ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ لَا أَحْلِفُ لَيْسَ نُكُولًا. قَوْلُهُ: (فَقَوْلُهُ هَذَا نُكُولٌ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ النُّكُولِ عُدُولُهُ عَمَّا ذَكَرَهُ لَهُ الْقَاضِي مِنْ الْأَسْمَاءِ، كَقَوْلِهِ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ: وَالرَّحْمَنِ أَوْ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ بِالرَّحْمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَكَذَا امْتِنَاعُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ بِاللَّفْظِ أَوْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ نُكُولٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الصِّلَةِ، كَقَوْلِهِ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ بِاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ أَوْ عَكْسِهِ فَلَيْسَ نُكُولًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) فَيَقُولُ: حَكَمْت بِنُكُولِك أَوْ بِأَنَّك نَاكِلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ بِسُكُوتِهِ نَاكِلًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ:(إذَا لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدُ الصِّحَّةِ الْحُكْمَ بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ لِتَقْصِيرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَالِبًا بِعَدَمِ تَعَلُّمِهِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ وَجَبَ تَنْبِيهُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْجَاهِلِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النُّكُولِ وَحُكْمُهُ، أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ وَإِذَا حَكَمَ بِلَا قَوْلٍ نَفَذَ حُكْمُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِهِ) ، وَكَذَا إقْبَالُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي لِيُحَلِّفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ أَيْضًا، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْيَمِينِ قَبْلَ نُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِذَا طَلَبَهَا مِنْهُ وَامْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَوْدُ إلَى يَمِينِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ لِخَصْمِهِ، وَلَوْ طَلَبَ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ امْتَنَعَ الْحَالِفُ عَلَى الْمُدَّعِي.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَجِبُ بِفَرَاغِهَا الْحَقُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْمَعْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ.
قَوْلُهُ: (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ خَصْمِهِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَيْضًا وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَلَّلَ) الْأَوْلَى أَبْدَى عُذْرًا؛ لِأَنَّ التَّعَلُّلَ اللَّهْوُ وَالِاشْتِغَالُ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
لِبَعْضِهِمْ: أَنْت تَعْلَمُ ثُبُوتَ دَيْنِي لَمْ يَحْلِفْ، قَوْلُ الْمَتْنِ:(ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ وَلَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُكْمُ الْقَاضِي) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فِي حَالَةِ السُّكُوتِ كَأَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْيَمِينَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْحُكْمِ وَحَيْثُ حَكَمَ بِالنُّكُولِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَوْدَ إلَى الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي فَلَوْ رَضِيَ فَلَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَيِّنَةٍ) أَيْ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُدَّعِي فَتُجْعَلُ يَمِينُهُ بِمَنْزِلَةِ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا، وَالثَّانِي غَلَّبَ جَانِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَنْزِيلًا لِنُكُولِهِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِهِ قَوْلُ