الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَتَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ، (قُلْت لَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهَا بَانَتْ، وَالْحَمْلُ الْقَرِيبُ يَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِالْمَوْتِ
(وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) فَيُزَادُ وَيُنْقَصُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالْأَوَّلِ، (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ جُعِلَتْ لَهَا أَمْ لَهُ، (فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ) دَفْعُهَا (يَوْمًا بِيَوْمٍ وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُهَا (حِينَ تَضَعُ) فَتُدْفَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالثَّانِي عَلَى مُقَابِلِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حِكَايَةُ خِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ
(وَلَا تَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِي الْحَامِلِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا أَوْ لِلْحَمْلِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي سَقَطَتْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
فَصْلٌ (أَعْسَرَ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ. (فَإِنْ صَبَرَتْ) بِهَا بِأَنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ، (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ) كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ، وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِأَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْخَادِمُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ) بَائِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ فِيهَا بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارَنٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (لَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَلِكَ تَلْزَمُ الْمُعْسِرَ وَتَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ كَامْتِنَاعِهَا مِنْ مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) فَعَلَيْهِ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ بِحَمْلٍ نَفَاهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الرَّضَاعِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهَا بَعْدَهُ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ، وَبِمَا أَنْفَقَتْهُ إلَى وَقْتِ الِاسْتِلْحَاقِ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ لِظَنِّهِ مُعْسِرًا فَبَانَ مُوسِرًا.
قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً. قَوْلُهُ: (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا كَرَجْعِيَّةٍ بِخِلَافِ بَائِنٍ حَامِلٍ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَا تَسْقُطُ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فَلَيْسَتْ مُعْتَدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ إلَخْ) . هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (ظَهَرَ) أَيْ بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَيَجِبُ دَفْعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ:(يُعْرَفُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمُ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ.
فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ الْحَامِلَ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَضَعَ، أَوْ أَعْتَقَ مَمْلُوكَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهَا.
فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (أَعْسَرَ) أَيْ الزَّوْجُ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. نَعَمْ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَوْ ضَمِنَهَا أَبٌ عَنْ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَيْضًا وَيَثْبُتُ إعْسَارُ الصَّغِيرِ بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ وَإِعْسَارُ غَيْرِهِ بِهَا إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَفَى الْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(بِالنَّفَقَةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ بِمَا يَتْبَعُهَا كَأُجْرَةِ الطَّحْنِ وَغَيْرِهِ لَا بِنَحْوِ ظُرُوفٍ، وَلَا بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَتَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ لَا مَعَ عَدَمِهِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِالْعَجْزِ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ:(صَارَتْ دَيْنًا) إنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَهَا) وَلَوْ رَجْعِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) وَلَا مُتَوَسِّطَ سَوَاءٌ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بِأَنْ تَوَاصَلَتْ الْقَوَافِلُ إلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ وُصُولُهُ إلَيْهَا، وَلَمْ تُخْبِرْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْعُمُرَ الْغَالِبَ سَوَاءٌ غَابَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ جُهِلَ حَالُهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنْ غَابَ مُعْسِرًا وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَمَا نُقِلَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ اعْتِمَادًا عَلَى إعْسَارِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُصَرِّحَ بِذَلِكَ قُبِلَتْ، وَلَهَا
ــ
[حاشية عميرة]
تُزَادُ بِلَا خِلَافٍ
قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا أَمْ لِلْحَمْلِ لِأَنَّهَا الَّتِي تَنْتَفِعُ بِهَا وَتَسْقُطُ بِبَرَاءَتِهَا فَلَمْ تَجْرِ مَجْرَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ.
[فَصْلٌ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ]
فَصْلٌ أَعْسَرَ بِهَا
قَوْلُهُ: (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ، قَوْلُهُ:(فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً قَوْلُهُ: (كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ يَأْمُرُهُمْ بِأَخْذِ النَّفَقَةِ إنْ وَجَدُوهَا وَالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَجِدُوهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ خَالَفَهُ، قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْمُعْسِرَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَا يَفْسَخُ بِنُشُوزِهَا فَلَا تَفْسَخُ بِعَجْزِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) لَكِنْ قَالُوا: لَهَا مَتَاعٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ تَثْبُتُ نَفَقَتُهَا مَعَ الِامْتِنَاعِ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسُ مَا قَالُوا فِي الْمُعْسِرِ عَدَمُ الثُّبُوتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ الْمَنْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ إقْبَاضِ الْمَهْرِ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مَعَ الِامْتِنَاعِ،
الْمُعْسِرَ مُنْظَرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
(وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ) لَهَا (بِمَنْعِ مُوسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ) بِأَنْ لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ، وَالثَّانِي لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَنْعِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَمَا فَوْقَهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ دُونَهَا (فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا (وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) ، لِمَا فِيهِ مِنْ مِنَّةِ التَّبَرُّعِ، (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ) ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، فَإِنَّ النَّفَقَةَ هَكَذَا تَجِبُ وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ لَا يَكْسِبُ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ، فَلَا خِيَارَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ وَلَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ.
(وَإِنَّمَا تَفْسَخُ بِعَجْزٍ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ
(وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ، (وَكَذَا بِالْأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالتَّضَرُّرِ بِعَدَمِهِمَا، (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقِيَاسِ النَّفْسِ بِدُونِهِ وَوُجِّهَ الْمَنْعُ فِي الْمَسْكَنِ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ بَعِيدٌ
(وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْفَسْخُ بِذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ وَغَالِبُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ، وَعُزِيَ أَيْضًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي الْحَوَاشِي وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ خَفِيَ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَذْكُرَ عِلْمَهَا بِهِ، وَلَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَانْظُرْ عَلَى قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ لَوْ حَضَرَ، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْفَسْخُ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (وَغَابَ مَالُهُ إلَخْ) وَمِثْلُ غَيْبَتِهِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا غَيْرَ مُتَيَسِّرِ الْحُصُولِ بِأَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُوسِرٍ مُقِرٍّ بَاذِلٍ، وَغَيْبَةُ مَالِ مَدِينِهِ كَغَيْبَةِ مَالِهِ، وَتَعَذَّرَ بَيْعُ مَالِهِ كَأَنْ كَانَ عُرُوضًا كَغَيْبَتِهِ أَيْضًا. وَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِحْضَارِ مَالِهِ الَّذِي فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى الَّتِي هِيَ مُدَّةُ الْفَسْخِ ثُمَّ تَفْسَخُ.
قَوْلُهُ: (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ وَهَذِهِ لَيْسَ لَهَا فَوْقُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَا فَوْقَهَا يَقْتَضِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَلَهَا الْفَسْخُ) وَفَارَقَ عَدَمُ الْفَسْخِ بِغَيْبَتِهِ هُوَ بِأَنَّ الْعُذْرَ فِي غَيْبَةِ مَالِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَفِي غَيْبَتِهِ مِنْ جِهَتِهَا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ دُونَهَا) أَيْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَلَا فَسْخَ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا بِقَدْرِ مَسَافَةِ الْإِمْهَالِ فَأَقَلَّ أَوْ كَانَ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ بَاذِلٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُ مَالِهِ لِنَحْوِ خَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) لَيْسَ وَلَدًا عَلَى وَالِدٍ لَزِمَهُ إعْفَافُهُ وَلَا وَالِدًا عَنْ وَلَدٍ فِي حِجْرِهِ، وَلَا سَيِّدًا لِأَمَتِهِ أَوْ عَنْ عَبْدِهِ، فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ فِي ذَلِكَ، وَلَا تَفْسَخُ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ بِلُزُومِ الْقَبُولِ أَيْضًا فِي وَلَدٍ عَنْ وَالِدٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَإِنْ تَبِعَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي بَعْضِ حَوَاشِيهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْهُ) خَرَجَ مَا لَوْ دَفَعَهَا لَهُ فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ لِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَلَكهَا بِأَخْذِهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ الْحَلَالِ اللَّائِقِ بِهِ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْكَسْبُ بِالْخُمُورِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي وَبِصِنَاعَتِهَا وَبِالْكِهَانَةِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهَا الْفَسْخُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَبِالثَّانِي غَيْرُ اللَّائِقِ كَفِعَالَةٍ لِذِي هَيْئَةٍ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ لَائِقًا بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْكَسْبُ بِالْفِعْلِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ) لَوْ قَالَ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ إلَخْ. لَكَانَ أَنْسَبَ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلِأَنَّ الْقَادِرَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ، لِأَنَّهُ كَالْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ لِنَحْوِ أُسْبُوعٍ، قَوْلُهُ:(الْيَسِيرِ) لَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ كَسْبِهِ يَفِي بِمَا مَضَى، وَلَوْ لَمْ يَكْتَسِبْ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِعَارِضٍ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ، أَوْ لِامْتِنَاعٍ فَلَا كَمَا عُلِمَ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَا فَسْخَ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ، فَإِنْ كَانَ نَادِرًا فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ
قَوْلُهُ: (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ) أَيْ بِأَقَلِّهَا وَهُوَ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالْقَمِيصِ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرَاوِيلِ وَالْفُرُشِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَيُقَالُ فِي الْمَسْكَنِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ.
قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا تَفْسَخُ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِعْسَارُ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسْخَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَبَرَّعَ إلَخْ) مِثْلُهُ أَدَاؤُهَا بِضَمَانِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: (كَالْمَالِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ امْتَنَعَ كُلِّفَ الْكَسْبُ كَمَا يُكَلَّفُ الْمُوسِرُ إعْطَاءَ الْمَالِ وَإِلَّا فَسَخَ.
فَرْعٌ: الْكَسْبُ الْحَرَامُ كَالْعَدَمِ لَكِنْ لَوْ كَانَ يَكْسِبُ بِصَنْعَةِ الْمَلَاهِي مَثَلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى وَلَكِنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ عَلَى تَفْوِيتِ عَمَلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ اهـ. قَالَا أَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَكَسْبُ الْمُنَجِّمِ وَالْكَاهِنِ قَدْ بُذِلَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَلْيُلْتَحَقْ بِالْهِبَةِ
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَثْبُتَ) لَوْ عَلِمُوا إعْسَارَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ لَمْ يَكْفِ أَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا
أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا تَفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ) ، لِبَقَاءِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَتَلَفِهِ بَعْدَهُ كَبَقَاءِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَتَلَفِهِ، وَالثَّانِي تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ جَمِيعِ الْوَطْئَاتِ، وَلَمْ تَسْتَوْفِ كَبَقَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَالثَّالِثُ لَا تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ عَلَى الْأَعْوَاضِ حَتَّى تَفْسَخَ الْعَقْدَ بِتَعَذُّرِهِ.
(وَلَا فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إعْسَارُهُ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، (فَيَفْسَخُهُ) بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ) وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ إذْنٍ فِيهِ، (ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ) لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمْهَالُ بِالْفَسْخِ، (وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) بِنَفَقَتِهِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ) وَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى، (وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَفَسَخَتْ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ، (وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) الثَّلَاثَةَ فَلَا تَفْسَخُ إلَّا صَبِيحَةَ السَّابِعِ، (وَلَهَا الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ) ، بِكَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْإِنْفَاقِ الْمُقَابِلِ لِحَبْسِهَا، (وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ لَيْلًا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَهَا مَنْعُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ
(وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ) الْعَارِضِ (أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا، فَإِنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ بَعْدَ الرِّضَا بِهِ، لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَكَذَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ
(وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّهْوَةِ وَالطَّبْعِ وَهُوَ لِلْمَرْأَةِ لَا مَدْخَلَ لِلْوَلِيِّ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَقَدَّمَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَهْرِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ، أَوْ مُحَكَّمٍ إعْسَارُهُ فَتَفْسَخُ بَعْدَ الثُّبُوتِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَيَفْسَخُ وَيَأْذَنُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهَا إلَخْ) نَعَمْ إنْ فُقِدَ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمُ، أَوْ كَانَ يَغْرَمُهَا مَالًا فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَسْخِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّفْعَ لِلْقَاضِي سَبَقَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمُهْلَةٍ بِلَا قَاضٍ وَفَسْخُهَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ لَهَا. قَوْلُهُ:(لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ) قَيَّدَهُ بِهَذَا مَعَ شُمُولِ كَلَامِهِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ، وَالْمَسْكَنُ كَمَا يَأْتِي لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ، قَوْلُهُ:(إمْهَالُهُ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ الْمَهْرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَتْنِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُسَلِّمَ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَفَقَتَهُ) أَيْ الرَّابِعِ وَلَوْ أَرَادَ جَعْلَهَا عَنْ غَيْرِ الرَّابِعِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِرِضَاهَا وَمَا بَعْدَهُ كَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (بِمَا مَضَى) مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَعَ الْبِنَاءِ الْآتِي وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى جَعْلِ النَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ عَمَّا قَبْلَ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ، فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْخَامِسِ وَكَذَا لَوْ جَعَلُوهَا عَنْ بَعْضِ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ لِأَنَّهَا تُبْنَى كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ عَنْ الرَّابِعِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَعَجَزَ عَنْ الْخَامِسِ إذْ الضَّابِطُ إنَّهُ مَتَى أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ، اسْتَأْنَفَتْ وَإِلَّا فَتُبْنَى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَلَوْ فَسَخَتْ فَقَدْرٌ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ عَلَى نَفَقَتِهِ لَمْ يُبْطِلْ الْفَسْخَ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(وَلَهَا الْخُرُوجُ) وَإِنْ أَمْكَنَهَا الْكَسْبُ فِي بَيْتِهَا. قَوْلُهُ: (النَّفَقَةِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَهَا الْفَسْخُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إلَخْ) حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ التَّحْصِيلِ، فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ، وَالثَّانِي عَلَى وَقْتِ التَّحْصِيلِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ
قَوْلُهُ: (الْعَارِضِ) دَفْعٌ لِتَكْرَارِ مَا بَعْدَهُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الرِّضَا أَيْ إنْ أَعْسَرَ ثَلَاثَةً بَعْدَ يَوْمِ الرِّضَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) فَسْخَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ الرِّضَا قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا إلَخْ) إيرَادٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ
قَوْلُهُ: (بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا، وَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا الْأَبُ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (زَوْجُ أَمَةٍ) وَلَوْ مُكَاتَبَةً لَكِنْ لَا يُلْجِئُهَا أَوْ مُبَعَّضَةً فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَهُ إلْجَاؤُهَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِالنَّفَقَةِ) خَرَجَ الْمَهْرُ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلِلْمُبَعَّضَةِ الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بِبَعْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فَلَهَا الْفَسْخُ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ السَّيِّدُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا النَّفَقَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَقُّهَا) الْأَنْسَبُ لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِهَا وَإِبْرَاؤُهُ مِنْهَا وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهَا لَهَا، وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا، فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْهَا قَبْلَهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بَعْدَهُ إلَّا إنْ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَمَّا هِيَ فَالْحَقُّ فِيهَا لِلسَّيِّدِ فَلَهُ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية عميرة]
بِالْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِذَلِكَ الزَّمَنِ وَيَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، قَوْلُهُ:(بِنَفَقَتِهِ) أَيْ لَا بِالْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يُفْسَخُ بِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ، قَوْلُهُ:(وَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى) أَيْ فِي حَالَةِ التَّسْلِيمِ وَعَدَمِهِ وَلِذَا عَبَّرَ بِالْوَاوِ دُونَ الْفَاءِ، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) ، أَيْ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الْكَائِنَةَ بِهِ قَطَعَتْ مَا قَبْلَهَا وَزَيَّفَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَنْ يُنْفِقَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ ثَلَاثًا وَهَكَذَا فَيَتَّخِذُهُ عَادَةً، قَالَ وَمَا عِنْدِي أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ يَسْمَحُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقُولُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ وَيَنْتَهِ إلَى الِاعْتِيَادِ، قَوْلُهُ:(زَمَنَ الْمُهْلَةِ) وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَا لَمْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْمُهْلَةِ، قَوْلُهُ (لَهَا مَنْعُهُ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ عِنْدَ الْمَنْعِ
، قَوْلُهُ:(وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيت) يُسْتَثْنَى يَوْمُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ، قَوْلُهُ:(وَلَوْ رَضِيَتْ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَرَضِيَ الْمُسَلِّمُ بِذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا لَمَّا كَانَتْ ثَابِتَةً اُغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ.