الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (وَنَاضِحُهُ) وَهُوَ الْبَعِيرُ وَغَيْرُهُ يَسْتَقِي عَلَيْهِ الْمَاءَ رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَأَعْلِفْهُ نَاضِحَك» (وَيَحِلُّ جَنِينٌ وُجِدَ مَيْتًا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، حَدِيثَ «أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَنْحَرُ الْإِبِلَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أَفَنُلْقِيه أَمْ نَأْكُلُهُ فَقَالَ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ سُؤَالَهُمْ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّكِّ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْمُمْكِنِ الذَّبْحِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالتَّذْكِيَةِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ الْمَيِّتِ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ. .
(وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا) مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ لِفَقْدِ حَلَالٍ يَأْكُلُهُ وَيُسَمَّى مُضْطَرًّا. (وَوَجَدَ مُحَرَّمًا) كَمَيْتَةٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ (لَزِمَهُ أَكْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ) لَهُ وَالْأَكْلُ وَتَرْكُهُ (فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلَالًا قَرِيبًا) أَيْ عَلَى قُرْبٍ (لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ) وَفِي سَدِّهِ الْوُجُوبُ وَقِيلَ الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْهُ (فَفِي قَوْلٍ يُشْبِعُ) جَوَازًا (وَالْأَظْهَرُ سَدُّ الرَّمَقِ) فَقَطْ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ فَيَجِبُ فِي الْأَصَحِّ. (إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفًا إنْ اقْتَصَرَ) عَلَيْهِ فَيُشْبِعُ قَطْعًا وُجُوبًا فِي الْأَصَحِّ. .
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ
(أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ)
لِأَنَّ حُرْمَةُ الْحَيُّ أَعْظَمُ فَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْمَيِّتُ مُسْلِمًا فَفِي أَكْلِهِ وَجْهَانِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ (وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) بَالِغٍ وَأَكْلُهُمَا لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَعْصُومَيْنِ (لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيٍّ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَإِنْ يُطْعِمُهُ رَقِيقَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ مَمْلُوكَ الْحُرِّ يَنْتَفِعُ بِهِ سَوَاءٌ مَمْلُوكُ الْكَاسِبِ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُكْرَهْ لَهُ كَالْحُرِّ لِشَرَفِ الْحُرِّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَنَهَى عَنْهُ) وَصَرَفَهُ عَنْ الْحُرْمَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ، وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَنَاضِحَك» فَإِعْطَاؤُهُ الْأُجْرَةَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا، وَالْأَصْلُ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَأَمْرُهُ بِإِطْعَامِهِ لِرَقِيقِهِ وَنَاضِحِهِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مَنْعِهِ مِنْهُ، وَغَايَةُ مَا يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ كَانَ تَعَاطِي الْحِجَامَةَ حَرَامًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ لَهُ لِأَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا يَجُوزُ دَفْعُ أُجْرَةٍ لِفَاعِلِهَا وَلَا يَجُوزُ لِفَاعِلِهَا أَخْذُهَا، كَمَا أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ يُكْرَهُ فِيهَا مَا ذُكِرَ.
فَرْعٌ: لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ وَلَا الْمُعَامَلَةُ وَلَا أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إلَّا مِمَّا عُلِمَ حُرْمَتُهُ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. قَوْلُهُ: (جَنِينٍ) أَيْ لَيْسَ عَلَقَةً وَلَا مُضْغَةً وَمَاتَ عَقِبَ ذَبْحِ أُمِّهِ لَا قَبْلَهُ حَالًا، وَلَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ ذَبْحِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كَخُرُوجِ رَأْسِهِ، وَإِنْ عَادَ وَلَمْ يُنْسَبْ مَوْتُهُ إلَى سَبَبٍ كَضَرْبِهِ نَعَمْ إنْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَذُبِحَتْ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَلَّ أَوْ خَرَجَ وَفِيهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ كَذَلِكَ وَلَوْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِذَبْحِهَا أَوْ لَا لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ مَكَثَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ زَمَنًا طَوِيلًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ:(فِي بَطْنٍ مُذَكَّاةٍ) بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَوْ بِسَهْمٍ أَوْ بِجَارِحَةٍ أَوْ يَمُوتُ بِحَتْفِ أَنْفِهِ كَمَا فِي حَيَوَانِ الْبَحْرِ، وَلَوْ وُجِدَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ الْجَنِينِ حَلَّ أَيْضًا لِشُمُولِ الْحُكْمِ لَهُ. قَوْلُهُ:(إنْ شِئْتُمْ) دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ أَيْ أَكْلُهُ مُبَاحٌ لَكُمْ قَوْلُهُ: (أَيْ ذَكَاتُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ مَرْفُوعٌ خَبَرًا لِأَنَّ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ الَّذِي هُوَ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ لَا الْكَافُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَدَمِ حِلِّهِ إلَّا بِذَبْحِهِ كَأُمِّهِ، إذْ لَوْ أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يُحْتَجْ إلَى السُّؤَالِ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ التَّهَافُتِ الَّذِي لَا مَعْنًى لَهُ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ خَافَ) أَيْ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَلَوْ كَافِرًا فَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَقَاتِلٌ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَخَرَجَ نَحْوُ عَاصٍ بِنَحْوِ سَفَرٍ لَا بِإِقَامَةٍ وَمَعْنَى خَافَ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ بِرُجْحَانٍ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ نَحْوِ طَبِيبٍ. قَوْلُهُ:(مَرَضًا مَخُوفًا) وَكَذَا غَيْرَ مَخُوفٍ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَوْ بِانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ، وَإِنْ دَامَ زَمَانًا طَوِيلًا. قَوْلُهُ:(وَوُجِدَ مُحَرَّمًا) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ غَيْرِ مُسْكِرٍ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْمُغَلَّظِ عَلَيْهِ.
قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ مَيْتَةِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْخَطِيبُ تَقْدِيمَ الْأَوْلَى وُجُوبًا.
تَنْبِيهٌ: يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الِاجْتِهَادِ فِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ بِمُذَكَّاةِ، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ آدَمِيٍّ بِغَيْرِهَا، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ غَيْرِ مُغَلَّظٍ بِمَيْتَتِهِ وَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِمَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّطَهُّرِ وَالْمِلْكِ وَمَا هُنَا فِي مَعْرِضِ التَّخْفِيفِ فِي النَّجَاسَةِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ الَّذِي هُوَ الْأَكْلُ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ أَكْلُهُ) وَلَا يَجِبُ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ إذَا وَجَدَ طَاهِرًا بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالْأَكْلِ التَّمْكِينُ مِنْ الزِّنَى فَلَا يَجُوزُ لِمُضْطَرَّةٍ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ. قَوْلُهُ: (سَدَّ رَمَقُهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ بَقِيَّةُ الرُّوحِ وَبِالْمُعْجَمَةِ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ قُوَّةُ الْبَدَنِ.
قَوْلُهُ: (فَيَشْبَعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ لَا بِأَنْ لَا يَجِدَ لِلطَّعَامِ مَسَاغًا.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ وَإِلَّا كَأَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ) أَيْ غَيْرِ مَيْتَةِ نَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَا يُعَارِضُهُ كَوْنُ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءً لِأَنَّهُ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ وَلَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ أَكْلُ مَيْتَةِ مُسْلِمٍ مُطْلَقًا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ جَنِينٌ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ النَّاسُ عَلَى إبَاحَتِهِ حَتَّى جَاءَ أَبُو حَنِيفَةَ فَحَرَّمَهُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ، قَوْلُهُ:(مُذَكَّاةٍ) شَمِلَ الْمَذْبُوحَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الصَّيْدِ وَالنَّادِّ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْلُهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، قَوْلُهُ:(وَقِيلَ يَجُوزُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْوَرَعَ لِتَرَدُّدِهِ فِي الِانْتِهَاءِ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ كَالْمَصُولِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: إذَا أَكَلَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّاهِرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَيْءُ قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ) أَيْ فَلَيْسَ مُضْطَرًّا بَعْدَ ذَلِكَ.
[أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ]
قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَكْلُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَتْلُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَالْفِلْذَةِ، مِنْ بَدَنِ نَفْسِهِ فَقَضِيَّةُ مَتْنِ الْإِرْشَادِ الْجَوَازُ وَقَضِيَّةُ مَتْنِ
وَحَرْبِيَّةٌ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمْ. (قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ لِلْأَكْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْحِلَّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْحُرْمَةُ عَنْ الْبَغَوِيّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الْإِمَامِ. .
(وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ أَكَلَ) مِنْهُ (وَغَرِمَ) قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ، وَفِي وُجُوبِ الْأَكْلِ وَالْقَدْرِ الْمَأْكُولِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (أَوْ حَاضِرٌ مُضْطَرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) ، بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ فَإِنْ آثَرَ) بِالْمَدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (مُضْطَرًّا مُسْلِمًا جَازَ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا (أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَزِمَهُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) وَنَحْوِهِ (فَإِنْ مَنَعَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (قَهْرُهُ) وَأَخْذُ الطَّعَامِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ غَيْرُ مُسْلِمٍ ثُمَّ الْمَقْهُورُ عَلَيْهِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، وَفِي قَوْلٍ قَدْرَ الشِّبَعِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) الْإِطْعَامُ (بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) وَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا عِوَضٍ (فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَكَذَا قَتْلُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَمِثْلُهُمَا زَانٍ مُحْصَنٌ وَتَارِكُ صَلَاةٍ وَلَا يُبْذَلُ لَهُمْ طَعَامٌ لَوْ اُضْطُرُّوا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا مِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيِّينَ) وَكَذَا الْخُنْثَى وَالْمَجْنُونُ وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مِنْ الْمَعْصُومِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيُقَدَّمُ بَالِغٌ حَرْبِيٌّ عَلَى صَبِيٍّ كَذَلِكَ وَكَالصَّبِيِّ مَا أَشْبَهَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَهُ الطَّبْخُ أَوْ الشَّيْءُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيّ الْمُحْتَرَم مُطْلَقًا وَكَذَا فِيهِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَكْل بِدُونِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَإِلَّا قَدَّمَهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ الْمَعْصُومُ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ وَإِلَّا لَقَالَ فِي التَّصْحِيحِ يَفْصِلُ بَيْنَ مَا قَرُبَ حُضُورُهُ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَغَرِمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ السَّابِقُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ وُجُوبُ الْأَكْلِ بِقَدْرِ سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا إنْ خَافَ تَلَفًا فَيَشْبَعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ طَعَامَ حَاضِرٍ مَعْصُومٍ وَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً وَلَا غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لَهُ وَحُضُورُهُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ) أَيْ قَدْرَ سَدِّ رَمَقِهِ وَعُمُومُ هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ آثَرَ) أَيْ صَاحِبُ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ الْحَاضِرُ الْمُضْطَرَّ إلَيْهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) أَيْ مَعْصُومًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا قُدِّمَ أَبٌ عَلَى ابْنٍ وَعَالِمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا نَحْوُ جِوَارٍ أَوْ رَحِمٍ وَإِلَّا تَخَيَّرَ فَيَدْفَعُهُ لِمَنْ شَاءَ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إيثَارُ ظَاهِرِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَافِرًا أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْلِمَيْنِ. قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرِ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ حَاضِرٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لَزِمَ صَاحِبُهُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) كَمُؤْمِنٍ وَالْمُرَادُ الْمَعْصُومُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ إلَى الْقَهْرِ وَالْقِتَالِ أَيْ لَيْسَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَقْهَرَ الْمُسْلِمَ، وَلَا يُقَاتِلُهُ وَإِذَا قَتَلَهُ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ، وَكَذَا فِي قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الضَّمَانِ مَنْعُ الْمُقَاتَلَةِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْقَهْرِ وَبِهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ لِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَنْعُ أَكْلِهِ مَيْتَةَ الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي مُضْطَرٍّ لَمْ يَجِبْ إطْعَامُهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَاحِبُ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَنَسِيئَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَشْتَرِي حَالًّا وَإِنْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مُطَالَبَتَهُ حَالًّا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ إذَا رَضِيَ وَيُمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ إلَى يَسَارِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِوَضِ ثَمَنُ مِثْلِهِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَلَهُ بَذْلُ سُتْرَتِهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَيُصَلِّي عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ فَإِنْ خَافَ مِنْ الْبَرْدِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَذْلُهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ ذِكْرِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ النُّطْقِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْعِوَضِ وَقَدْرِهِ صُدِّقَ الْمَالِكُ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْحَاوِي وَشَرْحِ الْقُونَوِيِّ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ أَكْلُ يَجِبُ فِي هَذَا الِاقْتِصَارُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ قَطْعًا، وَلَا يَجُوزُ شَيُّهُ وَلَا طَبْخُهُ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْجَوَازَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً غَيْرَهُ، أَقُولُ كَانَ مُحَصَّلُ تَقْيِيدِ الرَّافِعِيِّ وَكَذَا امْتِنَاعُ الشَّيْءِ فِي مَيْتَةِ الْمَعْصُومِ.
قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ لِقَوْلِهِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] ، وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ مُنِعَ فَلَهُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ لِلذِّمِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ وَجَدَ الذِّمِّيُّ مَيْتَةَ مُسْلِمٍ فَالْقِيَاسُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ اهـ. فَقَتْلُ الْحَيِّ أَوْلَى وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى قَتْلِهِ أَوْ تَلَفِ عَضُدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَهُ مُطْلَقًا.
قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ قَهْرُ مَالِكِ الطَّعَامِ وَانْتِزَاعُهُ إذَا لَمْ يَخْفَ، وَأَمَّا الْقِتَالُ فَلَا يَجِبُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ إلَخْ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً فَإِنْ وَجَدَ فَلَيْسَ لَهُ الْمُقَاتَلَةُ نَصَّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَفَرَّعَا عَلَيْهِ أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ جَازَ لِوَلِيِّهِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كُلُّهُ مُشْكِلٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ إلَّا بِالْبَيْعِ حَالًّا، وَلَكِنْ لَا يُطَالَبُ إلَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ.