الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنهما اللذان يخطفان البصر ويطرحان أولاد النساء» «1» . والطفيتان بضم الطاء الخطان الأبيضان على ظهر الحية والأبتر قصير الذنب. وقال النضر بن شميل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها وفي كتاب الحشرات قال ابن خالويه: سمعت ابن عرفة يقول: الجنان حيات إذا مشت رفعت رأسها عند المشي وأنشد يقول «2» :
رفعن بالليل إذا ما أسدفا
…
أعناق جنان وهاما رجفا
الجندبادستر:
حيوان كهيئة الكلب ليس ككلب الماء ويسمي القندر، وسيأتي في باب القاف، ولا يوجد إلا ببلاد القفجاق وما يليها، ويسمى السمور أيضا، وهو على هيئة الثعلب، أحمر اللون ليس له يدان، وله رجلان وذنب طويل ورأس كرأس الإنسان ووجه مدوّر وهو يمسي متكفيا على صدره كأنه يمشي على أربع، وله أربع خصيات: اثنتان ظاهرتان، واثنتان باطنتان.
ومن شأنه أنه إذا رأى الصيادين له لأخذ الجندبادستر وهو الموجود في خصيتيه البارزتين، هرب فإذا جدوا في طلبه قطعهما بفيه، ورمى بهما إليهم إذ لا حاجة لهم إلا بهما. فإذا لم يبصرهما الصيادون وداموا في طلبه استلقى على ظهره حتى يريهم الدم فيعلمون أنه قطعهما فينصرفون عنه وهو إذا قطع الظاهرتين أبرز الباطنتين عوضا عنهما. وفي باطن الخصية شبه الدم أو العمل زهم الرائحة، سريع التفرك إذا جف. وهذا الحيوان يهرب إلى الماء ويمكث فيه زمانا حابسا نفسه، ثم يخرج وهو حيوان يصلح أن يحيا في الماء وخارج الماء، وأكثر أوقاته في الماء ويغتذي فيه بالسمك والسرطان، وخصاه تنفع من نهش الهوام وتصلح لأشياء كثيرة، وهو دواء محمود يسخن الأعضاء الباردة ويجفف الرطبة، وليس له مضرة أصلا في شيء من الأعضاء وله خاصية في جميع العلل الباردة الرطبة التي تحدث في الرئة، وفي الدماغ، وينفع من الصمم البارد، ولا شيء أنفع للريح في الأذن منه. وينفع من لدغ العقرب إذا طلي به موضعها، وإذا طلي به الرأس مدرفا «3» بأحد الأدهان نفع المصروعين، وينفع من الفالج واسترخاء الأعضاء والنقرس البارد منفعة عظيمة وإذا شرب كان ترياقا للسموم الباردة كلها، حيوانية ونباتية، لا سيما الأفيون وهو يلطف الأخلاط، ويذهب البلغم حيث كان، وينفع الخفقان المتولد من أسباب باردة، وجلده غليظ الشعر، يصلح لبسه للمشايخ والمبرودين، ولحمه نافع للمفلوجين وأصحاب الرطوبات، وإذا شرب الإنسان من الجندبادستر الأسود وزن درهم هلك بعد يوم.
الجنين:
هو ما يوجد في بطن البهيمة بعد ذبحها، فإن وجد ميتا بعد ذبحها فهو حلال بإجماع الصحابة، كما نقله الماوردي في الحاوي، وبه قال مالك والأوزاعي والثوري، وأبو سيف، ومحمد، واسحق والإمام أحمد، وتفرد أبو حنيفة بتحريم أكله محتجا بقوله «4» تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
وبقوله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال» «1» . وهذه ميتة ثالثة لم تذكر. ودليل الجمهور أحلت لكم بهيمة الأنعام قال ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم: بهيمة الأنعام أجنتها توجد ميتة في بطن الأم يحل أكلها بذكاة الأمهات. وهو من أحكام هذه السورة وفيه بعد لأن الله تعالى قال: إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ*
«2» وليس في الأجنة ما يستثنى وقد تقدم ذلك في باب الباء الموحدة. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» . فجعل إحدى الذكاتين نائبة عن الأخرى، وقائمة مقامها. فإن قيل: إنما أراد التشبيه دون النيابة، فيكون المعنى ذكاة الجنين كذكاة أمه، لأنه قدم الجنين على الأم فصار تشبيها بالأم، ولو أراد النيابة لقدم الأم على الجنين إنما يطلق عليه ما دام مستجنا في بطن أمه، فأما إذا انفصل، فإن الاسم يزول عنه ويسمى ولدا قال الله تعالى: وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ
«3» وهو في بطن الأم لا يقدر عليه، فوجب حمله على النيابة دون التشبيه. الثاني أنه لو أراد التشبيه دون النيابة، لساوى الأم غيرها، ولم يكن لخصوصية التشبيه بالأم فائدة. الثالث أنه لو أراد التشبيه لنصب ذكاة الأم بحذف كاف التشبيه والروايتان إنما هما برفع ذكاة أمه فثبت أنه أراد النيابة دون التشبيه، فإن قيل: فقد روي ذكاة أمه بالنصب ومعناها كذكاة أمه، فالجواب أن هذه الرواية غير صحيحة ولو سلمت كانت محمولة على نصبها بحذف الياء الموحدة دون الكاف. ويكون معناه ذكاة الجنين بذكاة أمه، ولو احتمل الأمرين لكانتا مستعملتين فتستعمل الرواية المرفوعة في النيابة، إذا خرج ميتا، والرواية المنصوبة في التشبيه إذا خرج حيا فيكون أولى من استعمال إحدى الروايتين وترك الأخرى. ويدل عليه أيضا نص لا يحتمل التأويل، وهو ما رواه أبو سعيد الخدري قال: قلت: يا رسول الله إنا ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة وفي بطونها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «كلوه إن شئتم فإن ذكاة الجنين ذكاة أمه» «4» . واستدل الشيخ أبو محمد كما قال الرافعي بأنه لو لم يحل الجنين بذكاة الأم، لما جاز ذبح الأم مع ظهور الحمل. كما لا تقتل الحامل قصاصا ولا حدا. فألزم عليه ذبح رمكة في بطنها بغلة، فمنع ذبحها. والرمكة أنثى الخيل، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وهي مأكولة، والبغل لا يؤكل، إذا ثبت هذا فاعلم أن للجنين ثلاثة أحوال ذكرها الماوردي: أحدها أن يكون كاملا كما سبق، ثانيها أن يكون علقة فهذا غير مأكول، لأن العلقة دم، ثالثها أن يكون مضغة، قد انعقد لحمه ولم تبن صورته، ولم تتشكل أعضاؤه، ففي إباحة أكله وجهان: من اختلاف قوليه في وجوب الغرة كونها أم ولد، قال الماوردي، وقال بعض أصحابنا: إذا نفخ فيه الروح لم يؤكل، وإلا أكل، وهذا مما لا سبيل إلى إدراكه ولو خرج الجنين وبه حياة مستقرة، اشترط ذبحه أو غير مستقرة حل بغير ذكاة. ولو خرج رأسه ثم ذكيت الأم قال القاضي والبغوي: