الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّة قَالَ أَبُو حيّان فِي تَذكرته: قَالَ الكسائيّ فِي قَول الْعَرَب لَا أَبَا حَمْزَة لَك: أَبَا حَمْزَة نكرَة وَلم ينصب حَمْزَة لِأَنَّهُ معرفَة. لكنّهم قدّروا أنّه آخر الِاسْم الْمَنْصُوب بِلَا فنصب الآخر كَمَا تفتح اللَّام فِي لَا رجل. وَقَالَ: سَمِعت الْعَرَب تَقول: لَا أَبَا زيد لَك وَلَا أَبَا مُحَمَّد عنْدك فعلّة نصبهم مُحَمَّدًا وزيداً أنّهم جعلُوا أَبَا مُحَمَّد وَأَبا زيد اسْما وَاحِدًا وألزموا آخِره نصب النّكرة. انْتهى.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الثَّانِي والستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الوافر
(أرى الْحَاجَات عِنْد أبي خبيب
…
نكدن وَلَا أميّة فِي الْبِلَاد)
على أَن التَّقْدِير إمّا: وَلَا أَمْثَال أميّة فِي الْبِلَاد وإمّا: وَلَا أجواد فِي الْبِلَاد لأنّ بني أميّة قد اشتهروا بالجود. فأوّل الْعلم باسم الْجِنْس لشهرته بِصفة الْجُود.
وَهَذَا الْبَيْت من أَبْيَات لعبد الله بن الزّبير الأسديّ قَالَهَا فِي عبد الله بن الزّبير بن العوّام وَكَانَ شَدِيد الْبُخْل قَالَ الحصريّ فِي زهر الْآدَاب
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَفد عبد الله بن الزّبير الأسديّ على عبد الله بن الزّبير بن العوّام فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ بيني وَبَيْنك رحما من قبل فُلَانَة الكاهليّة وَهِي عمّتنا وَقد ولدتكم فَقَالَ ابْن الزّبير: هَذَا كَمَا وصفت وَإِن فَكرت فِي هَذَا وجدت النّاس كلّهم يرجعُونَ إِلَى أَب وَاحِد وَإِلَى أمّ وَاحِدَة.
فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ نفقتي قد ذهبت. قَالَ: مَا كنت ضمنت لأهْلك أنّها تكفيك إِلَى أَن ترجع إِلَيْهِم. قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ نَاقَتي قد نقبت ودبرت. قَالَ لَهُ: أنجد بهَا يبرد خفّها وارقعها بسبتٍ واخصفها بهلبٍ وسر عَلَيْهَا البردين تصحّ. قَالَ: إنّما جئْتُك مستحملاً وَلم آتِك مستوصفاً فلعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك قَالَ ابْن الزّبير: إنّ وراكبها. فَخرج وَهُوَ يَقُول:
(أرى الْحَاجَات عِنْد أبي خبيبٍ
…
نكدن وَلَا أميّة فِي الْبِلَاد)
(من الأعياص أَو من آل حربٍ
…
أغر كغرّة الْفرس الْجواد)
(وَمَالِي حِين أقطع ذَات عرقٍ
…
إِلَى ابْن الكاهليّة من معاد)
(وَقلت لصحبتي: أدنوا ركابي
…
أُفَارِق بطن مَكَّة فِي سَواد)
فَبلغ شعره هَذَا عبد الله بن الزّبير فَقَالَ: لَو أعلم أنّ لي أمّاً أخسّ
من عمّته الكاهليّة لنسبتي إِلَيْهَا. وَكَانَ ابْن الزّبير يكنى أَبَا بكر وَأَبا خبيب.
قَالَ الصّوليّ: أَخذ المعتصم من مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات فرسا أَشهب كَانَ عِنْده مكيناً وكَانَ بِهِ ضنيناً فَقَالَ يرثيه: الْكَامِل
(قَالُوا جزعت فَقلت إنّ مُصِيبَة
…
جلت رزيّتها وضاق الْمَذْهَب)
قَالَ أَبُو بكر الصّوليّ: هَكَذَا أنشدنيه ابْن المعتز على أنّ إنّ بِمَعْنى نعم وَأنْشد النّحويون: الْكَامِل)
(قَالُوا كَبرت فَقلت إنّ وربّما
…
ذكر الْكَبِير شبابه فتطرّبا)
وَكَذَا نقل السّيوطيّ فِي تَارِيخ الْخُلَفَاء. وَهَذِه الْحِكَايَة عَن تَارِيخ ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي عُبَيْدَة.
وَقَوله: إنّ نَاقَتي قد نقبت فِي الصِّحَاح: ونقب الْبَعِير بِالْكَسْرِ: إِذا رقت أخفافه. ودبر الْبَعِير بِالْكَسْرِ وأدبره القتب إِذا جرحه وَهِي الدّبرة بِفَتَحَات. وأنجد إِذا أَخذ فِي بِلَاد نجد.
وَهُوَ من بِلَاد الْعَرَب وَهُوَ خلاف الْغَوْر وتهامة وكلّ مَا ارْتَفع من تهَامَة إِلَى أَرض الْعرَاق فَهُوَ نجد. ونجد مَوْصُوف بالبرد. والسّبت
بِكَسْر السِّين وَسُكُون الْمُوَحدَة: جُلُود الْبَقر المدبوغة بالقرظ تحذى مِنْهُ النِّعَال السّبتيّة. والهلب بِضَم الْهَاء: شعر الْخِنْزِير الَّذِي يخرز بِهِ الْوَاحِد هلبة وَكَذَلِكَ مَا غلظ من شعر الذَّنب وَغَيره. والبردان
: العصران وَكَذَلِكَ الأبردان وهما الْغَدَاة والعشيّ وَيُقَال ظلاّهما. ومستحملاً أَي: طَالبا أَن تحملنِي على دَابَّة. وَأَبُو خبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة الأولى كنية عبد الله بن الزّبير كني بأكبر أَوْلَاده قَالَ الثعالبيّ فِي لطائف المعارف: كَانَ لَهُ ثَلَاث كنى: أَبُو خبيب وَأَبُو بكر وَأَبُو عبد الرَّحْمَن وَكَانَ إِذا هجي كني بِأبي خبيب.
ونكدن من نكد نكداً من بَاب تَعب فَهُوَ نكد إِذا تعسّر. ونكد الْعَيْش نكداً إِذا اشتدّ. وأميّة: أَبُو قَبيلَة من قُرَيْش وهما أميّتان: الْأَكْبَر والأصغر ابْنا عبد شمس بن عبد منَاف أَوْلَاد علّة فَمن أميّة الْكُبْرَى أَبُو سُفْيَان بن حَرْب والعنابس والأعياص. وأميّة الصُّغْرَى هم ثَلَاثَة إخْوَة لأمٍّ اسْمهَا عبلة يُقَال لَهُم العبلات بِالتَّحْرِيكِ. والأعياص بإهمال الأوّل وَالْآخر هم من قُرَيْش أَوْلَاد أميّة ابْن عبد شمس الْأَكْبَر وهم أَرْبَعَة: الْعَاصِ وَأَبُو الْعَاصِ والعيص وَأَبُو الْعيص. وذَات عرق بِالْكَسْرِ: مِيقَات أهل الْعرَاق وَهُوَ من مكّة نَحْو مرحلَتَيْنِ وَيُقَال هُوَ من نجد الْحجاز. والصّحبة أَرَادَ بِهِ الْأَصْحَاب وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر. وادنوا بِفَتْح الْهمزَة: أَمر مُسْند لجَماعَة الذُّكُور من الإدناء وركابي: إبلي. وأفارق مجزوم فِي جَوَاب الْأَمر. وَعبد الله بن الزّبير بِفَتْح الزَّاي وَكسر الْمُوَحدَة قد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعِشْرين بعد الْمِائَة.
وروى الاصبهاني فِي الأغاني هَذِه الأبيات لعبد الله بن فضَالة بن شريك ابْن سُلَيْمَان بن خويلد وأنهى نسبه إِلَى أَسد بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر.)
قَالَ: وَعبد الله بن فضَالة هُوَ الْوَافِد على ابْن الزّبير وَالْقَائِل لَهُ: إنّ نَاقَتي قد نقبت وَذكر الْقِصَّة بِعَينهَا إِلَى قَوْله فَقَالَ لَهُ ابْن الزّبير: إنّ وراكبها. فَانْصَرف وَهُوَ يَقُول:
(أَقُول لغلمتي شدّوا ركابي
…
أجاوز بطن مرّ فِي سَواد)
(فَمَالِي حِين أقطع ذَات عرق
…
إِلَى ابْن الكاهليّة من معاد)
(وكل معّبد قد أعلمته
…
مناسمهنّ طلاّع النّجاد)
أرى الْحَاجَات عِنْد ابي خبيب
…
...
…
الْبَيْتَيْنِ ثمَّ قَالَ الأصبهانيّ: وَذكر ابْن حبيب أنّ هَذَا الشّعْر لِأَبِيهِ فضَالة مَعَ ابْن الزّبير وَزَاد فِيهَا:
(شَكَوْت إِلَيْهِ أَن نقبت قلوصي
…
فردّ جَوَاب مشدّود الصّفاد)
(يضنّ بِنَاقَة ويروم ملكا
…
محالٌ ذاكم غير السّداد)
(وليت إِمَارَة وبخلت لمّا
…
وليتهم بملكٍ مُسْتَفَاد)
(فَإِن وليت أميّة أبدلوكم
…
بكلّ سميدعٍ واري الزّناد)
(من الأعياص أَو من آل حربٍ
…
أغرّ كغرّة الْفرس الْجواد)
(إِذا لم ألقهم بمنّى فإنّي
…
بجوّ لَا يهشّ لَهُ فُؤَادِي)
…
(سيدنيني لَهُم نصّ المطايا
…
وَتَعْلِيق الأداوى والمزاد)
(وَظهر معبّد قد أعلمته
…
مناسمهنّ طلاّع النّجاد)
مَعَ أَبْيَات ثَلَاثَة آخر. قَالَ ابْن حبيب: فلمّا ولي عبد الْملك بعث إِلَى فضَالة يَطْلُبهُ فَوَجَدَهُ قد مَاتَ فَأمر لوَرثَته بِمِائَة نَاقَة تحمّل أوقارها برّاً وَتَمْرًا.
قَالَ: والكاهليّة الَّتِي ذكرهَا هِيَ بنت جبيرَة من بني كَاهِل بن اسد وَهِي أم
خويلد بن اسد بن وَزعم بعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات المفصّل أنّ الكاهليّة هِيَ أم عبد الله بن الزّبير وَهَذَا لَا أصل لَهُ. وَزعم أَيْضا أَن ابْن الزّبير صَاحب هَذِه الأبيات اسْمه عبد الله بن فضَالة وَنَقله عَن صدر الأفاضل.
وَقَوله: أَقُول لغلمتي هُوَ بِكَسْر الْمُعْجَمَة: جمع غُلَام. وبطن مرّ بِفَتْح الْمِيم: مَوضِع بِقرب مكّة شرّفها الله. وَقَوله: فِي سَواد أَي: فِي ظلام اللّيل. ونصّ المطايا: مصدر مُضَاف إِلَى مَفْعُوله من نصصت الدّابّة: استحثثها واستخرجت مَا عِنْدهَا من السّير. والأداوى بِفَتْح الْوَاو: جمع إداوة بِالْكَسْرِ وَهِي المطهرة. والمزاد بِالْفَتْح: جمع مزادة وَهِي شطر الرّواية)
وَالْقِيَاس كسر الْمِيم لأنّها آلَة يستقى فِيهَا وَهِي مفعلة من الزّاد لأنّه يتزوّد فِيهَا المَاء. وَالطَّرِيق المعبّد من التعبيد وَهُوَ التذليل. والمناسم: جمع منسم كمجلس: طرف خفّ الْإِبِل. وطلاّع حَال من ضمير المطايا جمع طالعة. والنّجاد بِكَسْر النُّون بعْدهَا جِيم: جمع نجد ككلب وكلاب وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض. والصّفاد بِكَسْر الصَّاد: مَا يوثق بِهِ الْأَسير من قدٍّ وَقيد وغلّ أَي: أجابني بِجَوَاب عَاجز مقيّد لَا يقدر على شَيْء. والسّميدع بِفَتْح السِّين: السّيد الَّذِي يسهل الْوُصُول إِلَيْهِ. وجوّ بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْوَاو: اسْم مَوضِع.