المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد التسعون بعد المائتين) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٤

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الْمَنْصُوب بِلَا الَّتِي لنفي الْجِنْس)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الموفى ثَلَاثمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الثلاثمائة)

الفصل: ‌(الشاهد التسعون بعد المائتين)

. وَأنْشد بعده وَهُوَ

3 -

(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

الوافر

(وَمَا حبّ الدّيار شغفن قلبِي

وَلَكِن حبّ من سكن الدّيارا)

على أنّ الْمُضَاف وَهُوَ حبّ اكْتسب التَّأْنِيث والجمعيّة بإضافته إِلَى الديار وَهُوَ جمع دارٍ وَهُوَ مؤنث سماعيّ. وَهَذَا وَاضح.

وَقد يكْتَسب الْمُضَاف الجمعية فَقَط كَقَوْلِه: الطَّوِيل

(وَكم ذدت عنّي من تحامل حادثٍ

وَسورَة أيّام حززن إِلَى اللّحم)

فسورة اكْتسبت الجمعيّة من إضافتها إِلَى أيّام وَلِهَذَا أُعِيد الضَّمِير من حززن

جَمِيعًا. وَالْفرق بَينه وَبَين مَا حبّ الديار شغفن أنّ هَذَا اكْتسب التانيث بِصفتِهِ أَعنِي الجمعيّة فَلم يتمحض لِاكْتِسَابِ الجمعية كَمَا فِي: وَسورَة أَيَّام حززن.

وَبَقِي أَشْيَاء لم يذكرهَا الشَّارِح المحقّق مِمَّا تكسبه الْإِضَافَة مِنْهَا تذكير المؤنّث عكس مَا ذكره كَقَوْلِه: الْبَسِيط وَمِنْهَا الظرفيّة نَحْو قَوْله تَعَالَى: تُؤْتى أكلهَا كلّ حِين. وَمِنْهَا

ص: 227

المصدرية نَحْو قَوْله تَعَالَى: وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أيّ منقلبٍ يَنْقَلِبُون. فأيّ: مفعول مُطلق ناصبه يَنْقَلِبُون وَيعلم معلّق عَن الْعَمَل معلّق عَن الْعَمَل بالاستفهام. وَمِنْهَا وجوب التصدّر نَحْو: غُلَام من عنْدك وَنَحْو صَبِيحَة أيّ يَوْم سفرك وَنَحْو: غُلَام أيّهم أكرمت وَنَحْو: غُلَام أيّهم أَنْت أفضل وَالْبَيْت الشَّاهِد لجنون بني عَامر.

وَقَبله:

(أمرّ على الدّيار ديار ليلى

أقبل ذَا الْجِدَار وَذَا الجدارا)

وهما بيتان لَا ثَالِث لَهما.

رُوِيَ أنّه كَانَ إِذا اشْتَدَّ شوقه إِلَى ليلى يمرّ على آثَار الْمنَازل الَّتِي كَانَت تسكنها فَتَارَة يقبّلها وَتارَة يلصق بَطْنه بكثبان الرّمل ويتقلّب فِي حافاتها وَتارَة يبكي وينشد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ. والديّار: الْمنَازل قَالَ الكرمانيّ فِي شرح شَوَاهِد الموشّح: قَالَ أَبُو

حَاتِم: الدّيار: العساكر والخيام لَا الْبُنيان والعمران وإنّ الدّار الْعمرَان والبنيان وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة هود: فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين أَي: فِي عساكرهم وخيامهم وَفِي سُورَة الْأَعْرَاف وَالْعَنْكَبُوت:)

قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر فِي كتاب دارات الْعَرَب: اعْلَم أنّهم

ص: 228

يَقُولُونَ لدار الردل الَّتِي سكنها دارة ويجمعونها دارات ودور وديار.

وَذَا اسْم إِشَارَة. وشغف الْهوى قبله شغفاً من بَاب نفع وَالِاسْم الشّغف بِفتْحَتَيْنِ: بلغ شغافة بِالْفَتْح وَهُوَ غشاؤه. والْمَجْنُون: اسْمه قيس بن معَاذ وَيُقَال قيس بن الملّوح أحد بني جعدة ابْن كَعْب بن ربيعَة بن عَامر بن صعصعة وَيُقَال بل هُوَ من بني عقيل بِالتَّصْغِيرِ ابْن كَعْب بن ربيعَة.

وَهُوَ من أشعر النَّاس على أنّهم قد نسبوا إِلَيْهِ شعرًا كثيرا رَقِيقا يشبه شعره كَقَوْل أبي صَخْر الهذليّ: الطَّوِيل

(فيا هجر ليلى قد بلغت بِهِ المدى

وزدت على مَا لم يكن بلغ الهجر)

(وَيَا حبّها زِدْنِي جوىً كلّ ليلةٍ

وَيَا سلوة العشّاق موعدك الْحَشْر)

وَقَالَ الجاحظ: مَا ترك النَّاس شعرًا مَجْهُولا لقَائِل فِيهِ ذكر ليلى إلاّ نسبوه إِلَى الْمَجْنُون وَلَا فِيهِ لبنى إلاّ نسبوه لقيس بن ذريح.

وَفِي الأغاني: اخْتلف فِي وجوده: فَذهب قومٌ إِلَى أَنه مستعار لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي بني عَامر أصل وَلَا نسب.

وَقَالَ الأصمعيّ: رجلَانِ مَا عرفا فِي الدُّنْيَا إلاّ بِالِاسْمِ: مَجْنُون بني عَامر وَابْن القرّيّة وإنّما وضعهما الروَاة. قيل لَهُ: فَمن قَالَ هَذِه الْأَشْعَار المنسوبة إِلَيْهِ قَالَ فَتى من بني مَرْوَان كَانَ يهوى امْرَأَة مِنْهُم فَقَالَ فِيهَا الشّعْر وَخَافَ الظُّهُور فنسبه إِلَى الْمَجْنُون وَعمل لَهُ أَخْبَارًا وأضاف إِلَيْهَا ذَلِك فَحَمله النَّاس وَزَادُوا فِيهِ.

ص: 229

وَقَالَ الذهبيّ فِي تَارِيخ الْإِسْلَام انكر بعض النَّاس ليلى وَالْمَجْنُون وَهَذَا دفعٌ بالصدر فَلَيْسَ من لَا يعلم حجّة على من يعلم وَلَا الْمُثبت كالنافي.

وعَلى القَوْل بِوُجُودِهِ اخْتلف فِي اسْمه: فَقيل مهْدي وَقيل قيس بن معَاذ وَقيل غير ذَلِك.

والأصحّ أنّه قيس بن الملّوح بن مُزَاحم بن قيس بن عديّ بن ربيعَة بن جعدة بن كَعْب ابْن ربيعَة)

بن عَامر بن صعصعة وصاحبته ليلى بنت مهديّ أم مَالك العامريّة.

قَالَ ابْن قُتَيْبَة: وَكَانَ الْمَجْنُون وليلى صاحبته يرعيان البهم وهما صبيّان فعلقها علاقَة الصبيّ وَقَالَ: الطَّوِيل

(تعلّقت ليلى وَهِي غرّ صَغِيرَة

وَلم يبد للأتراب من ثديها حجم)

ثمَّ نَشأ وَكَانَ يجلس مَعهَا ويتحدّث فِي نَاس من قومه وَكَانَ ظريفاً جميلاً رِوَايَة للشعر حُلْو الحَدِيث فَكَانَت تعرض عَنهُ وَتقبل بِالْحَدِيثِ على غَيره حتّى شقّ

ذَلِك عَلَيْهِ وعرفته فَقَالَت: الوافر

(كِلَانَا مظهر للنّاس بغضاً

وكلّ عِنْد صَاحبه مكين)

(تبلّغنا الْعُيُون بِمَا رَأينَا

وَفِي القلبين ثمَّ هوى دَفِين)

ثمَّ تَمَادى بِهِ الْأَمر حتّى ذهب عقله وهام مَعَ الْوَحْش وَصَارَ لَا يلبس

ص: 230

ثوبا إلاّ خرّقه وَلَا يعقل إلاّ أَن تذكر لَهُ ليلى فَإِذا ذكرت عقل واجاب عَن كلّ مَا يسْأَل عَنهُ.

ثمَّ إنّ قوم ليلى شكوا مِنْهُ للسُّلْطَان فأهدر دَمه وترحّل قَومهَا من تِلْكَ النَّاحِيَة فَأَشْرَف فَرَأى دِيَارهمْ بَلَاقِع فقصد منزلهَا وألصق صَدره بِهِ وَجعل يمرّغ خديّه على التُّرَاب وَيَقُول الْأَشْعَار. ثمَّ إنّ أَبَاهُ قيّده فَجعل يَأْكُل لحم ذِرَاعَيْهِ وَيضْرب نَفسه ويعض لِسَانه وشفتيه فَأَطْلقهُ.

وَرُوِيَ أنّ نَوْفَل بن مساحق لّما جَاءَ ساعياً على صدقَات بني عَامر رأى الْمَجْنُون يلْعَب بالتّراب وَهُوَ عُرْيَان فَقَالَ لغلام لَهُ: خُذ ثوبا وألقه عَلَيْهِ. فَقَالُوا لَهُ: أَلا تعرفه قَالَ: لَا. قَالُوا: هَذَا الْمَجْنُون قيس بن الملّوح كلّمه فَجعل يجِيبه بِغَيْر مَا يسْأَله عَنهُ فَقَالُوا لَهُ: إِن أردْت أَن يكلّمك كلَاما صَحِيحا فاذكر لَهُ ليلى. فَقَالَ: أتحبّ ليلى فَأقبل عَلَيْهِ يحدّثه عَنْهَا وينشده شعره فِيهَا فَقَالَ لَهُ: أتحبّ أَن أزوّجكما قَالَ: وَتفعل ذَاك قَالَ: نعم اخْرُج معي حتّى أقدم بك على قَومهَا فأخطبها لَك.

فارتحل مَعَه ودعا لَهُ بكسوة فلبسها وَرَاح مَعَه كأصحّ أَصْحَابه فلمّا قرب من قَومهَا تلقّوه بالسّلاح وَقَالُوا: وَالله يَا ابْن مساحق لَا يدْخل الْمَجْنُون لنا بَيْتا أَو نقْتل عَن آخِرنَا وَقد أهْدر لنا السّلطان دَمه فَأقبل بهم وَأدبر فَأَبَوا عَلَيْهِ فَقَالَ

لَهُ: انْصَرف. فَقَالَ: أَيْن مَا وعدت قَالَ: رجوعك بالخيبة أَهْون عليّ من سفك الدّماء.)

ثمَّ هام على وَجهه فِي الفلوات وَأنس بالوحوش فَكَانَ لَا يَأْكُل إلاّ مَا تنْبت الأَرْض من الْبُقُول وَلَا يشرب إلاّ مَعَ الظّباء وَطَالَ شعر جسده وَرَأسه وألفته

ص: 231

الوحوش وَكَانَ يهيم حتّى يبلغ حُدُود الشَّام فَإِذا ثاب عقله سَأَلَ عَن نجد فَيُقَال: وانى نجد فيدلّونه على طَرِيق نجد فيتوجّه نَحوه.

وَكَانَ بأَهْله يأتونه بالطّعام وَالشرَاب فربّما أكل مِنْهُ. وَفِي بعض الأيّام أَتَوْهُ بالطعّام فَلم يروه فَانْطَلقُوا يفتشونه فرأوه ملقىً بَين الْأَحْجَار مَيتا فاحتملوه إِلَى الحيّ فغسّلوه ودفنوه وَكثر بكاء النِّسَاء عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي مدّة ابْن الزّبير.

وَكَانَت ليلى تحبّه أَيْضا محبّة شَدِيدَة. حكى ابْن قُتَيْبَة قَالَ: خرج رجلٌ من بني مرّة إِلَى نَاحيَة الشَّام والحجاز مِمَّا يَلِي تيماء والسراة بِأَرْض نجد بغية لَهُ فَإِذا هُوَ بخيمة قد رفعت لَهُ عظيمةٍ وَقد أَصَابَهُ الْمَطَر فَعدل إِلَيْهَا فتنحنح فَإِذا أمرٌ كثير عَظِيم فَقَالَت: سلوا هَذَا الرّاكب من أَيْن أقبل فَقَالَ: من نَاحيَة نجد. فَقَالَت: يَا عبد الله وأيّ بِلَاد نجد وطِئت قَالَ: كلّها.

قَالَت: فِيمَن نزلت مِنْهُم قَالَ: بني عَامر.

فتنفست الصّعداء ثمَّ قَالَت: بأيّ بني عَامر قَالَ: ببني الْحَرِيش. قَالَت: فَهَل سَمِعت بِذكر فَتى مِنْهُم يُقَال لَهُ قيسٌ ويلقب بالمجنون قَالَ: إِي وَالله قد أَتَيْته فرأيته يهيم مَعَ الوجش وَلَا يعقل شَيْئا حتّى تذكر لَهُ ليلى فيبكي وينشد أشعاراً يَقُولهَا فِيهَا. فَرفعت السّتر بيني وَبَينهَا فَإِذا شقّة قمرٍ لم تَرَ عَيْني مثلهَا قطّ فَلم تزل تبْكي وتنتحب حتّى ظَنَنْت أنّ قَلبهَا قد تصدّع فَقلت: يَا أمة الله اتّقي الله فو الله مَا قلت بَأْسا فَمَكثت طَويلا على تِلْكَ الْحَال من الْبكاء والنحيب ثمَّ قَالَت: الطَّوِيل

(أَلا لَيْت شعري والخطوب كثيرةٌ

مَتى رَحل قيسٍ مستقلٌّ فراجع)

(بنفسي من لَا يسْتَقلّ برحله

وَمن هُوَ إِن لم يحفظ الله ضائع)

ص: 232