الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ السكّريّ: أَرَادَ بِاللِّسَانِ الشّعْر يُرِيد: وددت أنّ الشّعْر الَّذِي قلت فيهم كَانَ مخبوءاً فِي جوالق. والرّجا: مَا بَين رَأس الْبِئْر إِلَى أَسْفَلهَا فَجعله هَاهُنَا أَسْفَلهَا.
وَقَوله: وضمنت الرّجا يُرِيد أنّها تهدّمت فَصَارَ أَعْلَاهَا فِي أَسْفَلهَا. فَلذَلِك جعل جعل أَسْفَلهَا تضمّن أَعْلَاهَا. وَهَذَا مثل. وهوت بذمّ: سَقَطت مذمومة انْتهى كَلَامه.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل
(مشائيم لَيْسُوا مصلحين عشيرة
…
وَلَا ناعب إلاّ يبين غرابها)
على أنّ ناعبٍ عطف بالجرّ على مصلحين الْمَنْصُوب على كَونه خبر لَيْسَ لتوهّم الْبَاء فإنّها تجوز زيادها فِي خبر لَيْسَ ويسمّى هَذَا فِي غير الْقُرْآن الْعَطف على التوهمّ وَفِي الْقُرْآن الْعَطف على الْمَعْنى.
وأنشده سِيبَوَيْهٍ ف يموضعين بروايتين الأول أنْشدهُ وَلَا ناعباً بِالنّصب للْعَطْف على مصلحين اسْتشْهد بِهِ على نصب عشيرة بمصلحين لأنّ
النُّون فِيهِ بِمَنْزِلَة التَّنْوِين فِي واحده وَكِلَاهُمَا يمْنَع من الْإِضَافَة وَيُوجب نصب مَا بعده وَالثَّانِي بجرّ ناعب على توهّم الْبَاء فِي خبر لَيْسَ.
وَلم يجز المبّرد إلاّ نصب ناعب قَالَ: لأنّ حرف الْجَرّ لَا يضمر.
وَقد بيّن سِيبَوَيْهٍ ضعفه وَبعده مَعَ أَخذه لذَلِك عَن الْعَرَب سَمَاعا فَلَا معنى للردّ عَلَيْهِ.
وَأوردهُ صَاحب الكشّاف نظيراً لقَوْله تَعَالَى: كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا
بعد إِيمَانهم وشهدوا أنّ الرّسول حقّ قَالَ: شهدُوا مَعْطُوف على مَا فِي إِيمَانهم من معنى الْفِعْل فَهُوَ من قبيل عطف الْفِعْل على الْمصدر بِتَقْدِير أَن إِذْ الْمَعْنى بعد أَن آمنُوا وشهدوا كَمَا جرّ الشَّاعِر ناعباً بتوهّمك الْبَاء فِي خبر لَيْسَ.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدةٍ عدّتها ستّة وَعِشْرُونَ بَيْتا للأخوص اليربوعيّ وَهَذِه أَبْيَات مِنْهَا)
أنشدها الجاحظ فِي كتاب الْبَيَان:
(وَلَيْسَ بيربوع إِلَى الْعقل حاجةٌ
…
سوى دنس يسودّ مِنْهُ ثِيَابهَا)
(فَكيف بنوكى مالكٍ إِن غفرتم
…
لَهُم هَذِه أم كَيفَ بعد خطابها)
مشائيم لَيْسُوا مصلحين عشيرة
…
...
…
... الْبَيْت
(فَإِن أَنْتُم لم تقتلُوا بأخيكم
…
فكونوا غايا بالأكف عيابها)
(سيخبر مَا أحدّثتم فِي أخيكم
…
رفاقٌ من الْآفَاق شتّى إيابها)
قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأسود الأعرابيّ فِي فرحة الأديب: هَذَا الشّعْر لقِتَال كَانَ بَين بني يَرْبُوع وَبَين بني دارم. فَأَرَادَ بقوله مشائيم بني دارم بن مَالك لَا بني يَرْبُوع.
وَكَانَ من قصَّة هَذَا الشّعْر أنّ نَاسا من بني يَرْبُوع وَبني دارم اجْتَمعُوا على القرعاء فَقتل بَينهم رجلٌ من بني غُدَانَة يكنى أَبَا بدر فَقَالَت بَنو يَرْبُوع: وَالله لَا نَبْرَح حتّى ندرك ثَأْرنَا فَقَالَت بَنو فَقَالَت بَنو غُدَانَة: نَحن نَفْعل. فأخرجوا خمسين فَحَلَفُوا كلّهم إلاّ رجلا: أنّ الَّذِي قتل أَبَا بدرٍ عبيد بن زرْعَة فَقَالَ الْبَاقِي من الْخمسين: أَلَيْسَ تدفعون إِلَيْنَا
عبيدا إِذا أَنا أكملت الْخمسين قَالُوا: لَا ولكنّا نديه لأنّا لَا نَدْرِي من قَتله. فَقَالَ الْبَاقِي عِنْد ذَلِك وَهُوَ أَبُو بيض الغدانيّ: وَالله لَا أكملهم أبدا وَلَا يفارقنا عبيد حتّى نَقْتُلهُ فَقَامَ ضرار بن الْقَعْقَاع بن معبد بن زُرَارَة وشيبان بن حَنْظَلَة بن بشر بن عَمْرو فكفلا بعبيد فَدَفَعته بَنو غُدَانَة إِلَيْهِمَا فَلَمَّا جنّهم اللّيل قَالَ ضرار وشيبان لِعبيد: انْطلق حَيْثُ شِئْت.
وغدت بَنو غُدَانَة على بني دارم فَقَالُوا لَهُم: إنّ صَاحبكُم قد هرب وَلَكِن هَذِه وَلَكِن هَذِه الدّية فاقبلوها من إخوتكم وَلَا تَطْلُبُوا غير ذَلِك فتكونوا كجادع أَنفه وَلَو علمنَا مَكَان صَاحبكُم
قصدنا إِلَيْهِ. فلمّا سمعهم الأخوص يذكرُونَ الدِّيَة قَالَ: دَعونِي أتكلّم يَا أَبَا خَوْلَة.
فَقَالَ هَذِه الأبيات من قصيدة.
قَوْله: وَلَيْسَ بيربوع إِلَى الْعقل الخ يَقُول: إنّ الْعقل لَا يَنْفَعهُمْ بل يضرّهم ويكسبهم عاراً. ونوكى: بِالْفَتْح جمع أنوك كأحمق وحمقى وزنا وَمعنى أَي: كَيفَ الْعشْرَة مَعَهم. ويروى بدل خطابها سبابها بِالْكَسْرِ: مصدر سابّه أَي: شاتمه. ومشائيم: جمع مشؤوم كمقصور قَالَ فِي الصِّحَاح وَقد شأم فلَان قومه يشأمهم فَهُوَ شائم: إِذا جرّ عَلَيْهِم الشؤم وَقد شئم عَلَيْهِم فَهُوَ مشؤوم: إِذا صَار شؤماً عَلَيْهِم وَقوم مشائيم.)
وَقَالَ السَّيِّد المرتضى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنّ الْعَرَب لَا تعرف هَذَا وإنّما هُوَ من كَلَام أهل الْأَمْصَار. وإنّما تسميّ الْعَرَب من لحقه الشّؤم مشؤوماً كَمَا فِي قَول عَلْقَمَة بن عَبدة: الْبَسِيط
(وَمن تعرّض للغربان يزجرها
…
على سَلَامَته لَا بدّ مشؤوم)
وعشيرة الرجل: بَنو أَبِيه الأدنون. قَالَ الأعلم: نسبهم إِلَى الشؤم وقلّة الصّلاح وَالْخَيْر فَيَقُول: لَا يصلحون أَمر الْعَشِيرَة إِذا فسد مَا بَينهم وَلَا يأتمرون بِخَير فغرابهم لَا ينعب إلاّ بالتشتيت والفراق.
وَهَذَا مثل للتعصّم مِنْهُم والتشؤّم. والنّعيب بِالْعينِ الْمُهْملَة: صَوت الْغُرَاب ومدّه عُنُقه عِنْد ذَلِك وَمِنْه يُقَال نَاقَة نعوب: إِذا مدّت عُنُقهَا فِي السّير.
وَقَالَ ابْن
السيرافيّ فِي شرح شَوَاهِد إصْلَاح الْمنطق: يُقَال نعب الْغُرَاب: إِذا صَاح. وهم يتشاءمون بِصَوْت الْغُرَاب.
وإنّما ذكر هَذَا على طَرِيق الْمثل وَإِن لم يكن غراب كَمَا يُقَال فلَان مشؤوم الطَّائِر وَيُقَال طَائِر الله لَا طائرك. انْتهى.
وَقَالَ ابْن خلف: وَقَوْلهمْ: أشأم من غراب الْبَين فإنّما لزمَه هَذَا الِاسْم لأنّ الْغُرَاب إِذا بَان أهل الدَّار لنجعةٍ وَقع فِي مَوَاضِع بُيُوتهم يتلمس مَا يَأْكُلهُ فتشاءموا بِهِ وتطيّروا مِنْهُ إِذْ كَانَ لَا يعتري مَنَازِلهمْ إلاّ إِذا بانوا فسمّوه غراب الْبَين.
ثمَّ كَرهُوا إِطْلَاق ذَلِك الِاسْم مَخَافَة الزّجر والطيرة فَعَلمُوا أنّه نَافِذ الْبَصَر صافي الْعين حَتَّى قَالُوا: أصفي من عين الْغُرَاب كَمَا قَالُوا: أصفى من عين الديك فسمّوه الْأَعْوَر كِنَايَة كَمَا كنّوا عَن الْأَعْمَى فسمّوه أَبَا بَصِير وكما سمّوا الملدوغ سليما والفيافي مفاوز. وَهَذَا كثير.
وَمن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقوا من اسْمه الغربة والاغتراب والغريب. وَلَيْسَ فِي الأَرْض شَيْء مّما يتشاءمون بِهِ إلاّ الْغُرَاب عِنْدهم أنكد مِنْهُ.
وَذكر بعض أَصْحَاب الْمعَانِي أَن نعيب الْغُرَاب يتطيّر مِنْهُ ونغيقه يتفاؤل بِهِ وَأنْشد قَول جرير الْكَامِل
(إنّ الْغُرَاب بِمَا كرهت مولعٌ
…
بنوى الأحبّة دَائِم التّشحاج)
(لَيْت الْغُرَاب غَدَاة ينعب دائباً
…
كَانَ الْغُرَاب مقطّع الْأَوْدَاج))
ثمَّ أنْشد فِي النّغيق: الوافر
(تركت الطّير عاكفةً عَلَيْهِ
…
وللغربان من شبعٍ نغيق)
قَالَ: وَيُقَال نغق الْغُرَاب إِذا قَالَ: غيق غيق. فَيُقَال نغق بِخَير. ونعب نعيباً. إِذا قَالَ غاق غاق.
فَيُقَال عِنْدهَا نعب ببين. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول نغق ببين وَأنْشد فِي ذَلِك:
الْبَسِيط أبقى فراقهم فِي المقلتين قذىً أَمْسَى بِذَاكَ غراب الْبَين قد نغقا قَالَ: وَبَعض الْعَرَب قد يتيمنّ بالغراب فَيُقَال: هم فِي خيرٍ لَا يطار غؤابه أَي: يَقع الْغُرَاب فَلَا ينفّر لِكَثْرَة مَا عِنْدهم فلولا تيمنّهم بِهِ لكانوا ينفّرونه.
وَقَالَ الدافعون لهَذَا القَوْل: الْغُرَاب فِي هَذَا الْمثل السوَاد وَاحْتَجُّوا بقول النَّابِغَة: الْكَامِل
(ولرهط حرّاب وزيدٍ سورةٌ
…
فِي الْمجد لَيْسَ غرابها بمطار)
أَي: من عرض لَهُم لم يُمكنهُ أَن ينفّر سوادهم لعزّهم وكثؤتهم.
وَقَوله: فكونوا بَغَايَا الخ البغايا جمع بغيّ يُقَال: بَغت الْمَرْأَة بغاء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ أَي: زنت فَهِيَ بغيٌّ. والعياب بِكَسْر الْمُهْملَة: جمع عَيْبَة بِفَتْحِهَا وَهِي مَا يَجْعَل فِيهِ الثِّيَاب.
وَقَوله: سيخبر مَا أحدثتم الخ المآب: الْمرجع أَي: إِذا رجعت الرفاق
تفرّقت فِي كل وَجه وانتشر فيهم قبح صنيعكم وَنَقله من سَمعه إِلَى من لم يسمعهُ.
والأخوص بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة يُقَال: رجل أخوص بيّن الخوص أَي: غائر الْعَينَيْنِ وَقد خوص بِالْكَسْرِ وَأما الْأَحْوَص بِالْحَاء الْمُهْملَة فَلَيْسَ هَذَا وَكَثِيرًا مَا يصحف بِهِ. والحوص: ضيق فِي
قَالَ الآمديّ فِي المؤتلف والمختلف: الأخوص بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة اسْمه زيد ابْن عَمْرو بن قيس بن عتّاب بن هرميّ بن ريَاح بن يَرْبُوع بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم شَاعِر فَارس.
وَهُوَ الْقَائِل: الطَّوِيل
(وَكنت إِذا مَا بَاب ملكٍ قرعته
…
قرعت بآباءٍ ذَوي شرفٍ ضخم)
(بأبناء عتّابٍ وَكَانَ أبوهم
…
إِلَى الشّرف الْأَعْلَى بآبائه ينمي)
(وهم ملكوا الْأَمْلَاك آل محرّقٍ
…
وَزَادُوا أَبَا قَابُوس رغماً على زعم)
(وقادوا بكرةٍ من شهَاب وحاجبٍ
…
رُؤُوس معدّ فِي الأزمّة والخطم)
(أَنا ابْن الَّذِي سَاد الْمُلُوك حَيَاته
…
وساس الْأُمُور بالمروءة والحلم)
(وكنّا إِذا قومٌ رمينَا صفاتهم
…
تركنَا صدوعاً بالصّفاة الَّتِي نرمي))
(حمينا حمى الْأسد الَّتِي لشبولها
…
تجرّ من الأقران لَحْمًا على لحم)
(وَنرعى حمى الأقوام غير محرّمٍ
…
علينا وَلَا يرْعَى حمانا الَّذِي نحمي)
وَله فِي كتاب بني يَرْبُوع أشعارٌ جِيَاد مِمَّا تنخلّته من قبائلهم. انْتهى.
وَكتب أَبُو مُحَمَّد بن عبد الله ابْن برّيّ النّحوي فِي هامشه أنّ صَاحب المؤتلف والمختلف لم يذكر الأخوص الريَاحي وَهُوَ قيس بن زيد بن عَمْرو بن عتاب ابْن ريَاح. قَالَ:
مشائيم لَيْسُوا مصلحين عشيرةً
…
...
…
. . الْبَيْت
وَفِيه أَن الأخوص الرّياحيّ نسب تَارَة إِلَى جدّه الْأَدْنَى وَهُوَ ريَاح وَتارَة إِلَى جدّه الْأَعْلَى وَهُوَ يَرْبُوع.
وقدّم ابْن برّيّ بعض الْأَسْمَاء على بَعْضهَا وَالصَّوَاب مَا أثْبته الآمديّ.
وَيُؤَيِّدهُ مَا قَالَه ياقوت فِي مُخْتَصر جمهرة الْأَنْسَاب فإنّه لما ذكر أَوْلَاد هرميّ ابْن ريَاح قَالَ: وَمِنْهُم عتّأب بن هرميّ بن ريَاح وَهُوَ ردف النّعمان وَالْمُنْذر أَبِيه.
وَمن وَلَده الأخوص الرّياحيّ إسلامي. وَالله أعلم.
ثمَّ رَأَيْت فِي ضالّة الأديب لأبي مُحَمَّد الأعرابيّ شعرًا لَهُ يتَعَلَّق بِإِبِل الصَّدَقَة فَعلم أنّه إسلاميّ وَهُوَ معاصر لسحيم بن وثيل.
وانشد بعده: الوافر
(معاري إنّنا فَأَسْجِحْ
…
فلسنا بالجبال وَلَا الحديدا)
على أنّ قَوْله الحديدا مَعْطُوف على مَحل قَوْله بالجبال فإنّه ف يمحل نصبٍ لأنّه خبر لَيْسَ وَالْبَاء زَائِدَة.
ومعاوي: منادى مرخّم مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان.
وَقد تقدّم شَرحه مفصّلاً فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: المنسرج
(إِن هُوَ مستولياً على أحد
…
إلاّ على أَضْعَف المجانين)
على أَن الْمبرد أجَاز إِعْمَال إِن النافية عمل لَيْسَ وَاسْتشْهدَ بِهَذَا الْبَيْت: فَهُوَ اسْمهَا ومستولياً خَبَرهَا. وَإِن كَمَا النافية الحجازية فِي الحكم لَا تخْتَص فِي الْعَمَل بنكرةٍ دون معرفَة بل تعْمل فيهمَا.
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: أجَاز الكسائيّ والمبرّد إِعْمَال إِن عمل لَيْسَ وَقَرَأَ سعيد بن جُبَير:)
وَسمع من أهل الْعَالِيَة: إِن أحدٌ خيرا من أحد إلاّ بالعافية. وإنّ ذَلِك نافعك ولَا ضارّك.
انْتهى.
وَقَالَ فِي شرح شواهده: كَذَا خرّج ابْن جنّي قِرَاءَة سعيد بن جُبَير فظنّ أَبُو حيّان أَن تخريجها على ذَلِك يُوقع فِي تناقص الْقِرَاءَتَيْن فإنّ الْجَمَاعَة يقرؤون بتَشْديد النُّون وَفتحهَا وَرفع عباد وأمثالكم وَذَلِكَ إِثْبَات وَقِرَاءَة سعيد على هَذَا
التَّخْرِيج نفيٌ. فخرّجها على أنّها الْمُؤَكّدَة خفّفت ونصبت الجزأين كَقَوْلِه:
الطَّوِيل وَلم يثبت الْأَكْثَرُونَ إعمالها النصب فِي الجزأين وتأوّلوا مَا أوهم ذَلِك. ثمَّ إِن الْقَائِلين بِهِ لم يذكروه إلاّ مَعَ التَّشْدِيد لَا مَعَ التَّخْفِيف. ثمّ إنّ التناقص الَّذِي توهّمه مَدْفُوع لأنّهم أمثالهم فِي أَنهم مخلوقون وَلَيْسوا أمثالهم فِي الْحَيَاة والنطق.
وَقِرَاءَة سعيد على هَذَا التَّخْرِيج أقوى فِي التشنيع عَلَيْهِم من قِرَاءَة الْجَمَاعَة ويؤيدها مَا بعْدهَا من قَوْله تَعَالَى: ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا
…
الأبيات. انْتهى.
وَقَالَ ابْن الشجريّ فِي أَمَالِيهِ: إِذا كَانَت إِن نَافِيَة فسيبويه لَا يرى فِيهَا إلاّ رفع الْخَبَر. وإنّما حكم بِالرَّفْع لأنّها حرف جحد يحدث معنى فِي الِاسْم وَالْفِعْل كألف الِاسْتِفْهَام وكما لم تعْمل مَا التميميّة وَهُوَ رفاقٌ للْقِيَاس. وَلما خَالف بعض الْعَرَب الْقيَاس فأعملوا مَا لم يكن لنا أَن نتعدّى الْقيَاس فِي غير مَا وَغير سِيبَوَيْهٍ أعمل إِن على تشبيهها بليس كَمَا اسْتحْسنَ ذلم ف يما واحتجّ بِأَنَّهُ لَا فرق بَين إِن وَمَا فِي الْمَعْنى إِذْ هما لنفي مَا فِي الْحَال وَتَقَع بعدهمَا جملَة الِابْتِدَاء كَمَا تقع بعد لَيْسَ.
وَأنْشد:
(إِن هُوَ مستولياً على أحدٍ
…
إلاّ على حزبه الملاعين)
وَهُوَ قَول الكسائيّ والمبرّد. وَوَافَقَ الفرّاء فِي قَوْله سِيبَوَيْهٍ. انْتهى.
إِلَّا على حزبه المناحيس