المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الثامن بعد الثلاثمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٤

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الْمَنْصُوب بِلَا الَّتِي لنفي الْجِنْس)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الموفى ثَلَاثمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الثلاثمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الثامن بعد الثلاثمائة)

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أنّه صفة داعٍ بِمَعْنى أنّه يجِيبه وَلَده بِمَاء مَاء أَيْضا. وَقيل هُوَ خير مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: دعاؤه مبغوم فَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِمَا فِي دَاع من الدُّعَاء وَمَعْنَاهُ دُعَاء ذَلِك الدَّاعِي بغامٌ غير مَفْهُوم. وَقيل فَاعل يُنَادِيه. وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ تعسّف. ويناديه صفة لداع قدم الْوَصْف الجمليّ على الْوَصْف الْمُفْرد. وَقيل يُنَادِيه حَال من داعٍ وَفِيه نظر لأنّه يلْزم الْفَصْل بَين الصّفة والموصوف.

وَقد تقدّمت تَرْجَمَة ذِي الرّمّة فِي الشَّاهِد الثَّامِن فِي اوائل الْكتاب.

وَأنْشد بعده وَهُوَ

3 -

(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثلاثمائة)

وَهُوَ من شَوَاهِد المفصّل: الوافر

(ذعرت بِهِ القطا ونفيت عَنهُ

مقَام الذّئب كالرّجل اللّعين)

على أَن لفظ مقَام مقحم وَإِلَيْهِ ذهب الزمخشريّ فِي المفصّل

ص: 347

والبيضاويّ فِي اللبّ قَالَ شَارِحه السَّيِّد عبد الله: وَفِيه نظر لأنّه يُفِيد تَأْكِيد نفي الذِّئْب لأنّه إِذا نفى مَوضِع قِيَامه فقد نَفَاهُ قطعا.

وَفِي قَوْله تَعَالَى: وَلمن خَافَ مقَام ربّه رعبٌ لَا يفِيدهُ لَو لم يذكر الْمقَام. انْتهى.

وَهَذَا هُوَ أجَاب بِهِ الشَّارِح المحقّق وَإِلَيْهِ ذهب صَاحب الكشّاف فِي حم السَّجْدَة عِنْد قَوْله تَعَالَى: ونأى بجانبه على أنّه يوضع الْجَانِب مَوضِع

النَّفس فَإِنَّهُ ينزّل جَانب الشَّيْء ومكانه وجهته منزلَة وجهته منزلَة نَفسه فَيُقَال: حَضْرَة فلَان ومجلسه وكتبت إِلَى جَانِبه وجهته وَالْمرَاد نَفسه وَمِنْه مقَام الذِّئْب وَهُوَ لبذئب نَفسه.

وسبقهم إِلَى هَذَا ابْن قُتَيْبَة فِي أَبْيَات الْمعَانِي فَإِنَّهُ قَالَ: مقَام الذِّئْب أَرَادَ الذِّئْب نَفسه أَي: وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة عدّتها أَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ بَيْتا للشمّاخ بن ضرار وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالتسْعين بعد الْمِائَة مدح بهَا عرابة بن أَوْس. وَلَيْسَ لذِي الرمة كَمَا زعم الْعَلامَة)

الشّيرازيّ فِي سُورَة الرَّحْمَن وَتَبعهُ الْفَاضِل اليمني. وَهَذَا بعد مطْلعهَا:

(وماءٍ قد وَردت لوصل أروى

عَلَيْهِ الطّير كالورق اللّجين)

(ذعرت بِهِ القطا ونفيت عَنهُ

مقَام الذّئب كالرّجل اللّعين)

ص: 348

إِلَى أَن قَالَ مُخَاطبا لناقته:

(إِذا بلّغتني وحملت رحلي

عرابة فاشرقي بِدَم الوتين)

(رَأَيْت عرابة الأوسيّ يسمو

إِلَى الْخيرَات مُنْقَطع القرين)

(أَفَادَ سماحةً وَأفَاد مجداً

فَلَيْسَ كجامدٍ لحزٍ ضنين)

(إِذا مَا ريةٌ رفعت لمجدٍ

تلقّاها عرابة بِالْيَمِينِ)

(فَنعم المرتجى ركدت إِلَيْهِ

رحى حيزومها كرحى الطّحين)

(إِذا ضربت على العلات حطت

إِلَيْك حطاط هاديةٍ شنون)

(توائل من مصكٍِّ أنصبته

حوالب أسهريّه بالذّنين)

(مَتى ينل القطاة يَرك عَلَيْهَا

بحنو الرّأس معترض الجبين)

(طوت أحشاء مرتجةٍ لوقتٍ

على مشجٍ سلالته مهين)

إِلَى أَن قَالَ:

(إِلَيْك بعثت رَاحِلَتي تشكّى

هزالًا بعد مقحدها السّمين)

(إِذا بَركت على شرفٍ وَأَلْقَتْ

عسيب جِرَانهَا كعصا الهجين)

(إِذا الأرطى توسّد أبرديه

خدود جوازئٍ بالرّمل عين)

(كأنّ محاز لحييها حصاه

جنابا جلد أجرب ذِي غُضُون)

وَهَذَا الْمِقْدَار نصف القصيدة وإنّما سقناه لِأَن فِيهِ شَوَاهِد.

وَقَوله: وَمَاء قد وَردت الخ الْوَاو وَاو ربّ وجوابها قَوْله الْآتِي: ذعرت. وأروى: اسْم الْمَرْأَة. واللّجين بِفَتْح اللَّام وَكسر الْجِيم قَالَ شَارِح

ص: 349

ديوانه هُنَا: اللجين الَّذِي قد ركب بعضه بَعْضًا فتلجّن كَمَا يتلجّن الخطميّ ويتلزج.

وَيُقَال: اللجين: المبلول من الْوَرق وَغَيره تَقول لجنته إِذا بللته. انْتهى.

وَقَالَ أَبُو عليّ الفارسيّ فِي الْإِيضَاح الشعريّ: أما الطير فيرتفع بلظرف بِلَا خلاف وَأما قَوْله: كالورق اللّجين فإنّه يحْتَمل ضَرْبَيْنِ:)

أَحدهمَا: أَن يكون حَالا من الطير وَالْآخر: أَن يكون وَصفا للْمَاء تَقْدِيره: وَمَاء كالورق اللجين وَمثل قَوْله: وَمَاء كالورق اللجين فِي الْمَعْنى قَول عَلْقَمَة: الطَّوِيل

(فأوردته مَاء حَماما كأنّه

من الأجن حنّاءٌ مَعًا وصبيب)

فَكَمَا شبّه خثورة المَاء لتقادم عَهده بالواردة بالحنّاء كَذَلِك شبّه الشمّاخ بالورق اللجين.

وَقَوله: عَلَيْهِ الطير على هَذَا قد حذف مِنْهُ الْمُضَاف. وَمثل ذَلِك قَول الهذليّ: المتقارب

(تجيل الْحباب بأنفاسها

وتجلو سبيخ جفال النّسال)

السبيخ: مَا نسل من ريش الطير.

وَقَالَ الْأَعْشَى: الْخَفِيف

(وقليب أجنٍ كأنّ من الرّ

يش بأرجائه سُقُوط نصال)

وَإِن جعلت كالورق اللجين حَالا للطير صَار فِيهِ ضَمِيره وَيكون معنى عَلَيْهِ الطير أنّ الطير اتَّخذت فِيهِ الأوكار لخلائه وَكَثْرَتهَا عَلَيْهِ وَقلة من يردهُ

ص: 350

فالطير لكثرتها عَلَيْهِ وتكابسها فِيهِ كالورق اللجين.

وَمثل ذَلِك فِي الْمَعْنى قَول الرَّاعِي: الوافر

(بدلوٍ غير مكربةٍ أَصَابَت

حَماما فِي جوانبه فطَارَا)

كأنّه استقى بسقرةٍ فَلذَلِك لم تكن مكربة وَالطير قد اتَّخذت فِيهِ الأوكار للخلاء. فَقَوله: كالورق اللجين مثل قَوْلك صائداً بِهِ وصائد بِهِ بعد قَوْلك:

مَرَرْت بِرَجُل مَعَه صقر. فَجَعَلته مرّة حَالا من الْهَاء فِي مَعَه وَأُخْرَى صفة لرجل. انْتهى.

وَقَالَ شرّاح أَبْيَات المفصّل: اللجين: السَّاقِط من ورق الشجرعند الضَّرْب بالعصا. قَالُوا: الْمَعْنى اجْتمعت على ذَلِك الطير شَبيهَة بالورق السَّاقِط من الشّجر فِي اصفراره لأنّه فِي القفر فَلَا يردهُ واردٌ من النَّاس.

وَقَوله: ذعرت بِهِ القطا الخ يُرِيد أنّه جَاءَ إِلَى متنكراً. وذعرت: خوّفت ونفرّت. ونفيت: طردت وأبعدت. وَالْبَاء بِمَعْنى فِي وخصّ الذِّئْب والقطا لأنّ القطا أهْدى الطير وَالذِّئْب أهْدى السبَاع وهما السابقان إِلَى المَاء.

قَالَ شَارِح الدِّيوَان: أَي: ذعرت القطا بذلك المَاء ونفيت عَن ذَلِك المَاء مقَام الذِّئْب أَي: وَردت المَاء فَوجدت الذِّئْب عَلَيْهِ فنحّيته عَنهُ أَرَادَ مقَام الذِّئْب كَالرّجلِ اللعين المنفيّ المقصى.)

انْتهى.

فاللعين على هَذَا بِمَعْنى الطّريد وَهُوَ وصف للرجل وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن قُتَيْبَة فِي أَبْيَات الْمعَانِي قَالَ: اللعين المطرود وَهُوَ الَّذِي خلعه أَهله لِكَثْرَة جناياته. وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم

ص: 351

فِي شرح أَبْيَات المفصّل: اللعين: المطرود الَّذِي يلعنه كلّ أحد وَلَا يؤويه أَي: هَذَا الذِّئْب خليعٌ لَا مأوى لَهُ كَالرّجلِ اللعين. وَقَالَ صَاحب الصِّحَاح: الرجل اللّعين: شَيْء ينصب فِي وسط الزّرع يستطرد بِهِ الوحوش. وانشد هَذَا الْبَيْت.

وَقد أغرب أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي بقوله: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا غدر وأخفر الذِّمَّة جعل لَهُ مثالٌ من طين وَنصب وَقيل: أَلا إنّ فلَانا قد غدر فالعنوه كَمَا قَالَ الشَّاعِر: الْكَامِل

(فلنقتلنّ بخالدٍ سرواتكم

ولنجعلنّ لظالمٍ تمثالا)

فالرجل اللعين هُوَ هَذَا التمثال. هَذَا كَلَامه. فَلْينْظر على هَذَا مَا معنى الْبَيْت.

وَكَذَلِكَ فِي قَول أبي عُبَيْدَة خفاءٌ حَيْثُ قَالَ: إنّما يُرِيد مقَام الذِّئْب اللعين كَالرّجلِ نَقله عَنهُ ابْن قُتَيْبَة: فِي أَبْيَات الْمعَانِي وَأَبُو عليّ: فِي الْمسَائِل البصرية.

وَقَوله: إِذا بلغتني وحملت رحلي الْبَيْت قَالَ المبّرد فِي الْكَامِل: قد أحسن كلّ الْإِحْسَان فِي هَذَا الْبَيْت يَقُول: لست أحتاج إِلَى أَن أرحل

ص: 352

إِلَى غَيره. وَقد عَابَ بعض الروَاة قَوْله: فاشرقي بِدَم الوتين وَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَن ينظر لَهَا مَعَ استغنائه عَنْهَا.

وتقدّم نقل مَا اعْترض النَّاس عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَيْت بِسوء مكافأته لناقته فِي الشَّاهِد السِّتين بعد الْمِائَة.

وَقَوله: أَفَادَ سماحة الخ قَالَ الجوهريّ: أفدت المَال: أَعْطيته غَيْرِي وأفدته: استفدته. والجامد بِالْجِيم الْيَابِس كِنَايَة عَن الشحّ. واللّحز بِفَتْح اللَّام وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَآخره زاء مُعْجمَة هُوَ الْبَخِيل الضيّق الْخلق والضّنين: الْبَخِيل.

وَقَوله: تلقّاها عرابة بِالْيَمِينِ قَالَ شَارِح الدِّيوَان: الْيَمين القوّة قَالَ الله تَعَالَى: لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. وَقَالَ بَعضهم: بِيَمِينِهِ لَا بِشمَالِهِ. وَالْيَمِين عِنْدهم أَحْمد بن الْيُسْرَى.

وَقَالَ المبّرد فِي الْكَامِل: قَالَ أَصْحَاب الْمعَانِي: معنلاه بِالْقُوَّةِ. وَقَالُوا مثل ذلم فِي قَوْله تَعَالَى: والسّموات مطويّات بِيَمِينِهِ. قَالَ المبّرد: وَكَانَ هَذَا الشّعْر ارْتِفَاع عرابة بن أَوْس.)

وَسبب الشّعْر أنّ عرابة قد من سفر فَجَمعه والشمّاخ الطَّرِيق فتحادثا فَقَالَ لَهُ عرابة: مَا الَّذِي أقدمك الْمَدِينَة قَالَ: قدمت لأمتار مِنْهَا فَمَلَأ لَهُ عرابة

رواحله برّاً وَتَمْرًا وأتحفه بِغَيْر ذَلِك فَقَالَ الشّماخ هَذَا الشّعْر.

ص: 353

وَقَالَ مُعَاوِيَة لعرابة بن أَوْس: بِمَ سدت قَوْمك قَالَ: لست بسيّدهم ولكنّي رجلٌ مِنْهُم. فعزم عَلَيْهِ فَقَالَ: أَعْطَيْت فِي نائبتهم وحملت عَن سفيههم وشددت على يَدي حليمهم فَمن فعل مِنْهُم مثل فعلي فَهُوَ مثلي وَمن قصّر عَنهُ فَأَنا أفضل مِنْهُ وَمن تجاوزني فَهُوَ أفضل منّي.

وَقَوله: فَنعم المرتجى الخ الْمَخْصُوص بالمدح مَحْذُوف أَي: عرابة. وركدت إِلَيْهِ أَي: بَركت عِنْد عرابة وَيُقَال دَامَ سَيرهَا إِلَيْهِ والراكد: الْقَائِم. الْبَعِير. وَالْإِبِل تُوصَف بصغر الكركرة وشبّه رحى حيزومها برحى الطّحين فِي الصّلابة لَا فِي الْعظم فَإِنَّهُ عيب.

وَقَوله: إِذا ضربت على العلاّت الخ يَقُول: إِذا ضربت على مَا كَانَ بهَا من عِلّة حطت إِلَيْك أَي: اعتمدت عَلَيْك اعْتِمَاد هاديةٍ أَي: أتان مُتَقَدّمَة. والشّنون بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وضمّ النُّون بَين السمين والمهزول.

وَقَوله: توائل من مصكّ الخ توائل تفَاعل من وأل بِمَعْنى نجا أَي: تنجو وتهرب تِلْكَ الأتان من مصكّ أَي: حمَار شَدِيد بِكَسْر الْمِيم وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَالْكَاف مُشَدّدَة. وأنصبته: من النّصب وَهُوَ التَّعَب. وحوالب فَاعل أنصبته وَهِي مَا تحلّب وسال من أَنفه وَذكره أَي: ذكره يذنّ بِمَاء ظَهره فهما حوالب أسهريه لشدّة شبقه. والذّنين بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة ونونين الشَّيْء الَّذِي يسيل وَيجْرِي وَقد ذنّ يذنّ ذنيناً إِذا سَالَ وَجرى.

وَقَالَ

ص: 354

أَبُو عُبَيْدَة: حوالب أسهريه هما عرقا الذّكر اللَّذَان يظهران إِذا أنعظ. وَيُقَال الأسهران: عرقان فِي أصل الْقَفَا يجْرِي فيهمَا المَاء حتّى يبلغ الذّكر. وَيُقَال: اللذنين: الذّكر. كَذَا قَالَ شَارِح الدِّيوَان.

وَقَوله: مَتى ينل القطاة الخ أَي: مَتى ينل الْحمار قطاة الأتان وَهُوَ مَوضِع الرّدف يَرك ليها أَي: يتورّك عَلَيْهَا. وحنو الرَّأْس بِكَسْر الْمُهْملَة: جَانب الرَّأْس. وفوقه: معترض الجبين أَي: جَبينه فِي نَاحيَة من شدّة نشاطه.

وَقَوله: شجّ بالرّيق أَي: غصّ ذَلِك الْحمار بريقه إِذْ حرمت عَلَيْهِ وَذَلِكَ أنّها حاملٌ وَهِي)

مُحصنَة الْفرج يَعْنِي الأتان. والواسقة: الحاملة. والْجَنِين: الْوَلَد فِي بَطنهَا. فَلَيْسَ فِي الأَرْض أُنْثَى تحمل فَتمكن الْفَحْل مَا خلا الْمَرْأَة.

وَقَوله: طوت أحشاء الخ أَي: هَذِه الأتان ضمّت أحشاء مرتجة أَرَادَ رَحمهَا أَي: أغلقت رَحمهَا على مَاء الْفَحْل. والمشج بِفَتْح الْمِيم وَكسر الشين: مَاء الْفَحْل مَعَ الدَّم وَقيل مَاء الْفَحْل والأتان جَمِيعًا يختلطان. وسلالته أَي: مَاؤُهُ وَهُوَ فَاعل مشج وَيُقَال: السلالة الْوَلَد وَهُوَ الرَّقِيق. ومهين: ضَعِيف وَهُوَ صفة مشج.

كَذَا قَالَ شَارِح الدِّيوَان. وَهَذَا الْبَيْت أوردهُ صَاحب الكشّاف عَنهُ قَوْله تَعَالَى: أمشاجٍ نبتليه على أنّه يُقَال: مشجٌ كَمَا يُقَال أمشاج وَكِلَاهُمَا مُفْرد.

قَالَ شَارِح شَوَاهِد التفسيرين خضرٌ الموصليّ: يجوز أَن يكون سلالته مُبْتَدأ وَخَبره مهين وَإِنَّمَا لم تؤنئ إمّا لأنّه فعيل بِمَعْنى مفعول أَبُو بِمَعْنى فَاعل لكنه حمل عَلَيْهِ أَو لأنّ المُرَاد شَيْء مهين.

ص: 355

وَقد غفل عَن القوافي مَعَ أنّه أورد القصيدة فإنّها مجرورة فمهين مجرور لَا مَرْفُوع حتّى يَصح أَن يَقع خبر الْمُبْتَدَأ.

وَالْمعْنَى أنّ هَذِه الأتان أطبقت رَحمهَا إِلَى وَقت الْولادَة على النّطفة فَلَا تمكّن الْحمار مِنْهَا فَهِيَ تهرب مِنْهُ تهرب مِنْهُ بأشدّ مَا يكون فناقة الشّماخ تشبه هَذِه الأتان فِي الْإِسْرَاع للتوجّه إِلَى هَذَا الممدوح.

وَقَوله: إِلَيْك بعثت الخ المقحد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة: السّنام.

وَقَوله: إِذا بَركت على شرف الخ الشّرف بِفتْحَتَيْنِ: الْموضع العالي. والعسيب هُنَا: عظم الْعُنُق وَيَأْتِي بِمَعْنى عظم الذَّنب. والجران

بِكَسْر الْجِيم: بَاطِن الْعُنُق وَهُوَ الَّذِي يمسّ الأَرْض عِنْد مدّ عُنُقه عَلَيْهَا. وشبّه العسيب بَعْضًا الهجين لخفّته وَطوله. وخصّ الهجين لأنّ العبيد كَانُوا يرعون الْإِبِل ويستجدون الْعَصَا. وَجَوَاب إِذا هُوَ قَوْله: كَأَن محاز لحييها الْبَيْت الْآتِي.

وَقَوله: إِذا الأرطى توسّد الخ هَذَا الْبَيْت من أَبْيَات أدب الْكَاتِب لِابْنِ قُتَيْبَة. والأرطى: شجرٌ من أَشجَار الْبَادِيَة تدبغ بِهِ الْجُلُود وَهُوَ مفعول لفعل مَحْذُوف أَي: إِذا توسّد الأرطى.

وأبرديه بدل اشْتِمَال من الأرطى. وَمعنى توسّد أبرديه اتخذهما كالوسادة. والأبردان الظل والفيء سميّا بذلك لبردهما. والأبردان أَيْضا: الْغَدَاة والعشي. وخدود فَاعل توسّد.

والجوازئ: الظباء. وبقر الْوَحْش سميّت جوازئ لأنّها اجتزأت بِأَكْل النبت الْأَخْضَر عَن المَاء)

أَي: اكتفت بِهِ واستغنت عَن شرب المَاء. والْعين الواسعات الْعُيُون جمع عيناء. وَالْمعْنَى أنّ الوحوش تتَّخذ كناسين عَن جَانِبي الشّجر تستتر فيهمَا من حرّ الشّمس فترقد قبل زَوَال الشَّمْس فِي الكناس

ص: 356

الغربي فَإِذا زَالَت الشَّمْس إِلَى نَاحيَة الْمغرب وتحول الظلّ فَصَارَ فَيْئا زَالَت عَن الكناس الغربيّ ورقدت فِي الكناس الشرقيّ.

وَالْمعْنَى أَنه قطع الفلاة فِي الهاجرة حِين تفرّ الوحوش من حرّ الشَّمْس. يمدح نَفسه بذلك وَيُوجب على الممدوح رِعَايَة حقّه. فَقَوله: إِذا الأرطى ظرف لقَوْله بعثت فِي الْبَيْت السَّابِق وَلَيْسَ شرطيّة حتّى يقدّر لَهَا جَزَاء خلافًا لِابْنِ السَّيِّد.

وَقَوله: كَأَن محاز لحييها الخ هَذَا جَوَاب إِذا الأولى. أخبر أَنَّهَا تطأطئ رَأسهَا من الذُّبَاب فتلزقه بالحصى فتدفع الْحَصَى بلحييها. فَأخْبر أنّ تِلْكَ الأَرْض الَّتِي دفعت الْحَصَى عَنْهَا كَأَنَّهَا جلد أجرب لم يبْق عَلَيْهِ من الْوَبر إلاّ الْقَلِيل.

يَقُول: تقع مَعِيبَة فتمد جِرَانهَا فتفحص التُّرَاب والحصى فَكَأَن ذَلِك الفحص جناباً بِكَسْر الْجِيم أَي: ناحيتا جلدٍ أجرب. وَضمير حصاه للرمل.

وَقد ذكر أَبُو الْفرج الأصبهانيّ فِي الأغاني حِكَايَة مستظرفة لقَوْله إِذا الأرطى توسّد أبرديه

عَن المدائنيّ أنّ عبد الْملك بن مَرْوَان نصب الموائد يطعم النَّاس فَجَلَسَ رجلٌ من أهل الْعرَاق على بعض الموائد فَنظر إِلَيْهِ خادمٌ لعبد الْملك فَأنكرهُ فَقَالَ: أعراقيٌّ أَنْت فَقَالَ: نعم فَقَالَ: بل أَنْت جاسوس قَالَ: لَا قَالَ: بلَى. قَالَ: وَيحك دَعْنِي أتهنأ طَعَام أمبر الْمُؤمنِينَ وَلَا تنغّصه عليّ. ثمّ إِن عبد الْملك أقبل يطوف على الموائد فَوقف على تِلْكَ الْمَائِدَة فَقَالَ: من الْقَائِل:

ص: 357