الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزِيَاد بن وَاصل من شعراء بني سليم وَهُوَ جاهليّ كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ. وَالله أعلم.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)
الوافر
(وَكنت لَهُ كشرّ بني الأخينا)
على أَن أَخا يجمع على أخين جمع مُذَكّر سَالم كَمَا يجمع أَب على أبين.
وَهَذَا عجر وصدره: وَكَانَ لنا فَزَارَة عمّ سوءٍ وَهَذَا الْبَيْت أوردهُ أَبُو زيد مُفردا فِي نوادره وَنسبه إِلَى عقيل بن علّفة المرّيّ وَقَالَ: أَرَادَ الْإِخْوَة.
قَالَ ابْن الشجريّ فِي أَمَالِيهِ: وَأما قَول الآخر وَهُوَ من أَبْيَات الْكتاب: الوافر
(فَقُلْنَا أَسْلمُوا إنّا أخوكم
…
فقد بَرِئت من الإحن الصّدور)
فَقيل: إِنَّه وضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع وَقيل: إنّه جمع أَخ كجمع أَب على أبين وَحذف النُّون من أخون للإضافة. وَمن قَالَ الأبون والأخون قَالَ فِي التَّثْنِيَة الأبان والأخان فَلم يردّ اللَّام فِي التَّثْنِيَة أَقُول هَذَا الْبَيْت لَيْسَ من شَوَاهِد الْكتاب وَأورد الجاحظ فِي الْبَيَان والتبيين مَا قبل الْبَين الشَّاهِد قَالَ: وَقَالَ الآخر فِي إنجاب الأمّهات وَهُوَ يُخَاطب
بني إخْوَته: الوافر
(عفاريتاً عليّ وَأخذ مَالِي
…
وعجزاً عَن أناسٍ آخرينا)
(فهلاّ غير عمّكم ظلمتم
…
إِذا مَا كُنْتُم متظلّمينا)
(وَلَو كُنْتُم لمكسيةٍ أكاست
…
وكيس الأمّ كيس للبنينا)
(وَلَكِن أمّكم حمقت فجئتم
…
غثاثاً مَا نرى فِيكُم سمينا)
(وَكَانَ لنا فَزَارَة عمّ سوءٍ
…
وَكنت لَهُ كشرّ بني الأخينا)
وَقَوله: متظلّمينا فِي الصِّحَاح: تظلّمني فلَان أَي: ظَلَمَنِي مَالِي. وَقَوله: وَلَو كُنْتُم لمكسية الخ)
هُوَ بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْكَاف وَكسر التحتيّة هِيَ المراة الَّتِي تَلد أَوْلَادًا أكياساً. وأكاست الْمَرْأَة: ولدت ولدا كيّساً.
قَالَ اصاحب الصِّحَاح: الْكيس: خلاف الْحمق وَالرجل كيّس مكّيس باسم الْمَفْعُول أَي: ظريف والكيسى بِالْكَسْرِ: نعت الْمَرْأَة الكيّسة وَهُوَ تَأْنِيث الأكيس وَكَذَلِكَ الكوسى بِالضَّمِّ وَقد كاس الْوَلَد يكيس كيساً. وأكيس
الرجل وأكاس إِذا ولد لَهُ أَوْلَاد أكياس وَأنْشد هَذَا الْبَيْت مَعَ مَا بعده. وروى المصراع الثَّانِي هَكَذَا: وَكَذَا أنشدهما الصاغانيّ فِي الْعباب وَنسبه إِلَى رَافع بن هريم. وَقد رجعت إِلَى ديوَان رَافع بن هريم فَلم أجد إِلَّا الْبَيْتَيْنِ الأوّلين وهما: عفاريت عليّ وَأخذ مَالِي
…
...
…
. . الْبَيْت وَالْبَيْت الَّذِي بعده. وَلَيْسَ فه البيتان اللَّذَان أوردهما صَاحب الصِّحَاح والعباب منسوبين إِلَيْهِ.
وَقَوله: ولكنّ أمّكم حمقت بِضَم الْمِيم أَي: صَارَت حمقاء. والغثاث: بِكَسْر الْمُعْجَمَة بعْدهَا مثلّثة: جمع عثيث بِمَعْنى المهزول ككرام جمع كريم. وفَزَارَة بِفَتْح الْفَاء وَالزَّاي الْمُعْجَمَة: أَبُو حيّ من غطفان هُوَ فَزَارَة
ابْن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. والسّوء بِالْفَتْح هُوَ المؤذي. فِي الْمِصْبَاح وَغَيره: هُوَ رجل سوء بِالْفَتْح وَالْإِضَافَة وَعمل سوء فَإِن عرّفت الأول قلت: الرجل السّوء وَالْعَمَل السّوء على النَّعْت.
وَقَوله: وَكنت لَهُ الخ فِي أَكثر نسخ الشَّرْح وَكنت لَهُم بضمير الْجمع وَهُوَ خطأ وَالصَّوَاب الْإِفْرَاد وَهُوَ بالتكلّم لَا بِالْخِطَابِ. وإنّما قَالَ: كشرّ بِالْكَاف لَا بِدُونِهَا لِأَنَّهُ اراد مثل أشرّ بني إخوةٍ فِي الدُّنْيَا وَلم يرد أَنه مثل أشرّ بني إخْوَة فَزَارَة.
وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْبَيْت وَحده لعقيل بن علّفة وَهُوَ غير مُرْتَبِط بالأبيات الَّتِي أوردهَا الجاحظ قبله. وَتلك الأبيات البيتان الأوّلان مِنْهَا رأيتهما فِي ديوَان رَافع بن هريم من رِوَايَة أبي عَمْرو.
ورَافع هُوَ رَافع بن هريم بن عبد الله بن الْحَارِث بن عَاصِم بن عبيد بن ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع. قَالَ أَبُو زيد فِي نموادره: هُوَ شَاعِر قديم أدْرك الْإِسْلَام وَأسلم وديوانه صَغِير وَهُوَ عِنْدِي وَعَلِيهِ خطّ أبي العبّاس ثَعْلَب إِمَام الكوفيّين وخطّ الْحسن بن الخشّاب الْبَغْدَادِيّ وَلَيْسَ فِيهِ من شَوَاهِد هَذَا الشَّرْح شَيْء. وهريم بِضَم الْهَاء وَفتح الرَّاء الْمُهْملَة.
وَأما عقيل بن علّفة فَهُوَ شَاعِر فصيح مجيد من شعراء الدولة الأمويّة. وَعقيل بِفَتْح الْعين)
وَكسر الْقَاف. وعلّفة بضمّ الْعين الْمُهْملَة وتشديج اللَّام الْمَفْتُوحَة بعْدهَا فَاء وَهُوَ علم مَنْقُول من وَاحِد العلّف وَهُوَ ثَمَر الطلّح.
وَهُوَ عقيل بن علّفة بن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة بن ضباب بن جَابر بن يَرْبُوع بن غيظ ابْن مرّة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان
بن مُضر. وأمّه عمْرَة بنت الْحَارِث بن عَوْف المرّيّ. وأمّها بنت بدر بن حصن بن حُذَيْفَة.
قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ عقيلٌ هَذَا جَافيا أهوج شَدِيد الْغيرَة والعجرفيّة وَهُوَ فِي بَيت شرفٍ فِي قومه من كلا طَرفَيْهِ. وَكَانَ لَا يرى أنّ لَهُ كفئاً وَكَانَت قُرَيْش ترغب فِي مصاهرته وتزوّج إِلَيْهِ من خلفائها وأشرافها
وخطب إِلَيْهِ عبد الْملك بن مَرْوَان بعض بَنَاته لبَعض وَلَده فَأَطْرَقَ سَاعَة ثمَّ قَالَ: إِن كَانَ وَلَا بدّ فجنبني هجناءك فَضَحِك عبد الْملك وَعجب من كبر وَدخل عُثْمَان بن حيّان وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: زوّجني بعض بناتك. فَقَالَ: أبكرةً من إبلي تَعْنِي فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: أمجنونٌ أَنْت قَالَ: أيّ شيءٍ قلت لي قَالَ: قلت لَك: زوّجني ابْنَتك. فَقَالَ: إِن كنت تُرِيدُ بكررةً من إبلي فَنعم. فَأمر بِهِ فوجئت عُنُقه فَخرج وَهُوَ يَقُول: الطَّوِيل
(لحا الله دهراً ذعذع المَال كلّه
…
وسوّد أَبنَاء الْإِمَاء العوارك)
وَكَانَ لَهُ جَار جهنيّ وَقيل سلامانيّ فَخَطب إِلَيْهِ ابْنَته فَغَضب عقيل وَأَخذه فكتّفه ودهن اسنه بشحم أَو زَيْت وَأَدْنَاهُ من قَرْيَة النَّمْل فَأكل خصيتيه حَتَّى ورم جسده ثمَّ حلّه وَقَالَ: يخْطب إليّ عبد الْملك فأردّه وتجترئ أَنْت عليّ فتخطب ابْنَتي وروى أنّ عمر بن عبد الْعَزِيز عَاتب رجلا من قُرَيْش أمّه أُخْت عقيل بن علّفة
فَقَالَ لَهُ: قبحك الله لقد أشبهت خَالك فِي الْجفَاء فبلغت عقيلاً فَرَحل من الْبَادِيَة حتّى دخل على عمر فَقَالَ لَهُ: أما وجدت لِابْنِ عمّك شَيْئا تعيّره بِهِ إلاّ خؤولتي قبح الله شرّكما خالا فَقَالَ عمر: إِنَّك لأعرابيّ جافٍ أما لَو كنت تقدّمت إِلَيْك لأدّبتك وَالله مَا أَرَاك تقْرَأ شَيْئا من كتاب الله.
فَقَالَ: بلَى إِنِّي لأقرأ. ثمَّ قَرَأَ: إِنَّا بعثنَا نوحًا إِلَى قومه فَقَالَ لَهُ عمر: ألم أقل إنّك لَا تقْرَأ فَقَالَ: ألم اقْرَأ فَقَالَ: إِن الله قَالَ: إِنَّا أرسلنَا نوحًا. فَقَالَ عقيل:
الطَّوِيل فَجعل الْقَوْم يَضْحَكُونَ من عجرفته ويعجبون.
وَرُوِيَ أنّه قَرَأَ إِذا زلزلت الأَرْض حتّى بلغ آخرهَا فقدّم وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرّاً يره)
على: فَمن يعْمل مِثْقَال ذرّة خيراُ يره فَقَالَ لَهُ عمر: إنّ الله تَعَالَى قدّم الْخَيْر وَأَنت قدّمت الشرّ فَأَنْشد الْبَيْت.
وَأوردهُ صَاحب الكشّاف فِي إِذا زلزلت لهَذِهِ الْحِكَايَة. وهرشى بِالْفَتْح وَالْقصر: ثنيّة فِي طَرِيق مكّة حرسهاالله قريبَة من الْجحْفَة يرى مِنْهَا الْبَحْر.
وَهَذَا مثلٌ فِي التَّخْيِير. لاهرشى طَرِيقَانِ من سلك أيّهما شَاءَ أصَاب. وَضمير لهنّ لِلْإِبِلِ.
وَالْمعْنَى يَا صاحبيّ سيرا فِي بطن هَذِه الثنيّة أَو قفاها أَي: أمامها أَو خلفهَا فإنّ كلا جانيها طريقٌ لِلْإِبِلِ. كَأَنَّهُ ظنّ أَن التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي هَذَا الْمقَام لَا يضرّ وَهُوَ غفلّةٌ عَن المزايا القرآنية.
وَقدم عقيلٌ الْمَدِينَة فَدخل الْمَسْجِد وَعَلِيهِ خفّان غليظان فَجعل يضْرب بِرجلِهِ فضحكوا مِنْهُ فَقَالَ: مَا يُضْحِككُمْ فَقَالَ لَهُ يحيى بن الحكم وَكَانَت
ابْنة عقيل عِنْده وَكَانَ أَمِيرا على الْمَدِينَة إِنَّهُم يَضْحَكُونَ من خفيّك وضربك بِرِجْلَيْك وجفائك. فَقَالَ: لَا ولكنّهم يَضْحَكُونَ من إمارتك فإنّها أعجب من خفيّ.