الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذا الأرطى توسّد أبرديه وَمَا مَعْنَاهُ وَمن أجَاب فِيهِ أجزناه. فَقَالَ العراقيّ للخادم: أتحبّ أَن أشرح لَك ذَلِك قَالَ: نعم فَقَالَ هَذَا الْبَيْت يَقُوله عديّ بن زيد فِي صفة البطّيخ الرمسي. فَنَهَضَ الْخَادِم مَسْرُورا إلأى عبد الْملك فَأخْبرهُ فَضَحِك عبد الْملك حتّى سقط فَقَالَ لَهُ الْخَادِم: أَخْطَأت يَا مولَايَ أم أصبت فَقَالَ: بل أَخْطَأت. فَقَالَ: هَذَا العراقيّ لقّنني إِيَّاه. فَقَالَ: أيّ الرِّجَال هُوَ فَأرَاهُ إِيَّاه.
فَقَالَ: أَأَنْت لقنته هَذَا فَقَالَ: نعم. فَقَالَ: صَوَابا لقّنته أم خطأ فَقَالَ فَقَالَ: بل خطأ.
فَقَالَ: وَلم قَالَ: لِأَنِّي كنت متحرماً بمائدتك فَقَالَ لي كَيْت وَكَيْت وَأَرَدْت أَن أكفّه عنّي)
وأضحكك مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ عبد الْملك: فَكيف الصَّوَاب فَقَالَ: هَذَا الْبَيْت يَقُوله الشمّاخ بن ضرار فِي صفة الْبَقر الوحشيّة الَّتِي جزأت بالرّطب عَن المَاء فَقَالَ: صدقت وَأمر لَهُ بجائزة ثمَّ وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثلاثمائة)
الطَّوِيل
(فَقلت انجوا عَنْهَا نجا الْجلد إنّه
…
سيرضيكما مِنْهَا سنامٌ وغاربه)
. على أنّ الفرّاء يُجِيز إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه إِذا اخْتلف اللفظان كَمَا فِي الْبَيْت فإنّ النّجاء وَالْجَلد مُتَرَادِفَانِ وَقد تضايقا.
وَهُوَ معنى قَول المراديّ فِي شرح الألفيّة: نجا الْجلد من إِضَافَة المؤكّد إِلَى الكؤكد قَالَ صَاحب الصِّحَاح: النّجا مقصورٌ من قَوْلك: نجوت جلد الْبَعِير عَنهُ وأنجيته إِذا سلخته.
قَالَ الشَّاعِر يُخَاطب ضيفين طرقاة:
(فَقلت انجوا عَنْهَا نجا الْجلد
…
إنّه
…
...
…
الْبَيْت)
قَالَ الفرّاء: أضَاف النّجا إِلَى الْجلد لأنّ الْعَرَب تضيف الشَّيْء إِلَى نَفسه إِذا اخْتلف اللفظان كَقَوْلِك: عين الْيَقِين ولدار الْآخِرَة. وَالْجَلد نجاً مَقْصُور أَيْضا. انْتهى.
وَقَالَ القالي فِي الْمَقْصُور والممدود: والنّجا مَا سلخته عَن الشَّاة وَالْبَعِير يكْتب بِالْألف لأنّه من نجا ينجو. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت عَن الفرّاء عَن أبي الجرّاح. فَيكون أَصله نجو بِالتَّحْرِيكِ قلبت الْوَاو ألفا لتحرّكها وانفتاح مَا قبلهَا.
قَالَ الزّجاجيّ فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى: لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ: معنى النّجوى فِي الْكَلَام مَا تنفرد بِهِ الْجَمَاعَة أَو الِاثْنَان سرّاً كَانَ أَو ظَاهرا وَمعنى نجوت الشَّيْء فِي اللُّغَة خلّصته وألقيته يُقَال نجوت الْجلد: إِذا أَلقيته عَن الْبَعِير وَغَيره وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم عليّ بن حَمْزَة البصريّ فِي التَّنْبِيهَات على أغلاط الروَاة: لَا يُقَال فِي الْإِبِل سلخت وإنّما يُقَال فِيهَا خاصّة نجوت وجلّدت.
قَالَ أَبُو زيا: نجوت جلد الْبَعِير وجلّدت الْبَعِير تجليداً وَلَا تَقول سلخت إلاّ لعنقه فَإِنَّهُم يَقُولُونَ ذَلِك فِيهِ دون سَائِر الْجَسَد.
وَقَالَ ابْن السيرافيّ فِي شرح أَبْيَات إصْلَاح الْمنطق: يُرِيد قشّرا عَنْهَا لَحمهَا وشحمها كَمَا يقشّر)
الْجلد فَإِنَّهَا سَمِينَة. وغاربها: مَا بَين السّنام والعنق.
وَيُؤْخَذ من هَذَا التَّفْسِير أَن النجا هُنَا اسْم مصدر بِمَعْنى النجو منصوبٌ على أنّه مفعول مُطلق وَلَيْسَ اسْما للجلد. فَلَا يكون كَمَا قَالَه الفرّاء. فتأمّل.
وَرَأَيْت فِي حَاشِيَة الصِّحَاح لِابْنِ بريّ نِسْبَة هَذَا الْبَيْت لعيد الرَّحْمَن بن حسّان بن ثَابت وَنقل العينيّ عَن الْعباب للصاغاني أنّه لأبي الْغمر الكلابيّ وَقد نزل عِنْده ضيفان فَنحر لَهما نَاقَة فَقَالَا: إنّها مَهْزُولَة. فَقَالَ: معتذراً لَهما: فَقلت انجوا الخ.
قَالَ: وَقَبله بيتان آخرَانِ وهما:
(وَردت وَأَهلي بَين قوّ وفردةٍ
…
على مجزر تأوى إِلَيْهِ ثعالبه)
(فصادفت خيري كاهلٍ فاجآ بهَا
…
يشفّان لَحْمًا بَان مِنْهُ أطايبه)