الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمِائَة.
وَفِي هَذَا الْبَيْت تضمين لِأَن خبر تبيت فِي بَيت بعده وَهُوَ:)
(ترجّل لمّتي وتقمّ بَيْتِي
…
وأعطيها الإتاوة إِن رضيت)
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْبَسِيط
(ويلمّها فِي هَوَاء الجوّ طالبةً
…
وَلَا كَهَذا الَّذِي فِي الأَرْض مَطْلُوب)
على أنّ قَوْله: مَطْلُوب عطف بَيَان لاسم لَا الْمُضَاف: فَإِن الْكَاف اسمٌ مُضَاف لاسم الْإِشَارَة فِي مَحل نصب بِلَا على أَنه اسْمهَا وَقد تبعه الْبَيَان بِالرَّفْع بِاعْتِبَار أنّ لَا مَعَ اسْمهَا فِي محلّ رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي: مَوْجُود وَنَحْوه. وَيجوز أَن يكون مَطْلُوب صفة اسْم لَا وَلَا يضرّ إِضَافَة الْكَاف إِلَى اسْم الْإِشَارَة فَإِنَّهَا بِمَعْنى مثل وَهِي لَا تتعرّف بِالْإِضَافَة إِلَى الْمعرفَة. هَذَا محصّل مَا قَالَه الشَّارِح الْمُحَقق.
وَفِيه أنّهم قَالُوا: إنّ الْبَيَان يكون فِي الجوامد وَالصّفة تكون فِي المشتقّات فَكيف لَا يكون فرق بَين الْبَيَان وَالْوَصْف.
وَقد أورد سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْبَيْت من بَاب الْوَصْف لَا غير. قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِيهِ رفع مَطْلُوب حملا على مَوضِع الْكَاف لأنّها فِي تَأْوِيل مثل
وموضعها مَوضِع رفع وَهُوَ بِمَنْزِلَة لَا كزيد رجل.
وَنقل ابْن السراج فِي الْأُصُول عَن سِيبَوَيْهٍ أنّ اسْم لَا فِي مثل هَذَا مَحْذُوف وَالْكَاف حرف وَهَذَا كَلَامه: وَتقول لَا كزيد رجلٌ لأنّ الآخر هُوَ الأوّل ولأنّ زيدا رجل وَصَارَ لَا كزيد كأنّك قلت: لَا أحد كزيد ثمَّ قلت رجل كَمَا تَقول
لَا مَال لَهُ قَلِيل وَلَا كثير على الْموضع. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ويلمّها فِي هَوَاء الجوّ طالبة
…
...
…
. . الْبَيْت كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا شَيْء كَهَذا وَرفع على الْموضع وَإِن شِئْت نصبت على التَّفْسِير كَأَنَّهُ قَالَ: لَا اُحْدُ كزيد رجلا.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَنَظِير لَا كزيد فِي حذفهم الِاسْم قَوْلهم: لَا عَلَيْك وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ لَا بَأْس عَلَيْك وَلَا شَيْء عَلَيْك وَلكنه حذف لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه. انْتهى.
وَاعْلَم أنّه يجوز أَن يكون مَطْلُوب مُبْتَدأ مُؤَخرا واسمٍ لَا بِمَعْنى لَيْسَ والظرف قبله الْخَبَر. قَالَ النّحاس فِي شرح أَبْيَات الْكتاب نَاقِلا عَن أبي الْحسن الْأَخْفَش: هَذَا هُوَ الْجيد.)
وَقَوله: ويلمّها. الخ هَذَا فِي صُورَة الدُّعَاء على الشَّيْء وَالْمرَاد بِهِ التَّعَجُّب وَالضَّمِير الْمُؤَنَّث مفسّر بالتمييز أَعنِي طالبةً المُرَاد بهَا الْعقَاب وَهُوَ تَمْيِيز عَن النِّسْبَة الْحَاصِلَة بِالْإِضَافَة وَقد أوضحها الشَّارِح الْمُحَقق فِي بَاب التَّمْيِيز. وَمعنى الْكَلَام: مَا أشدّ طيران هَذِه الْعقَاب فِي هَوَاء وويل إِذا أضيفت فَالْوَجْه النصب كَقَوْلِك ويل زيد لَكِنَّهَا هُنَا مَضْمُومَة اللَّام أَو مَكْسُورَة وَالْأَصْل ويلٌ لأمّها.
قد تقدم شرح جَمِيع هَذَا مفصّلاً فِي الشَّاهِد الْحَادِي عشر وَالثَّانِي عشر
بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَهَذِه رِوَايَة النُّحَاة وَأما الثَّابِت فِي ديوَان امْرِئ الْقَيْس فهوّ: لَا كَالَّتِي فِي هَوَاء الجوّ طالبة الْبَيْت والْهَوَاء: الشَّيْء الْخَالِي والجوّ: مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَهُوَ من قبيلٍ إِضَافَة الصّفة إلأى موصوفها. وَأَرَادَ بالمطلوب الذِّئْب فَإِنَّهُ وصف عقَابا تبِعت ذئباً لتصيده فتعجّب مِنْهَا فِي شدّة طلبَهَا وتعجّب من الذِّئْب أَيْضا فِي سرعته وشدّة هربه مِنْهَا.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لامرئ الْقَيْس وَهِي: الْبَسِيط
(الْخَيْر مَا طلعت شمسٌ وَمَا غربت
…
مطلبٌ بنواصي الْخَيل معصوب)
(قد أشهد الْغَارة الشّعواء تحملنِي
…
جرداء معروقة اللّحيين سرحوب)
(كأنّها حِين فاض المَاء وَاخْتلفت
…
صقعاء لَاحَ لَهَا بالسّرحة الذّيب)
(فَأَبْصَرت شخصه من دون مرقبةٍ
…
وَدون موقعها مِنْهُ شناخيب)
(فَأَقْبَلت نَحوه فِي الرّيح كاسرةً
…
يحثّها من هَوَاء الجوّ تصويب)
(كالدّلو بتّت عراها وَهِي مثقلةً
…
إِذْ خانها وذمٌ مِنْهَا وتكريب)
(لَا كَالَّتِي فِي هَوَاء الجوّ طالبةً
…
وَلَا كَهَذا الَّذِي فِي الأَرْض مَطْلُوب)
…
(كالبرق والرّيح مرٌّ مِنْهُمَا عجبٌ
…
مَا فِي اجتهادٍ عَن الإسراح تغبيب)
(فَأَدْرَكته فنالته مخالبها
…
فانسلّ من تحتهَا والدّفّ مثقوب)
وَقَوله: الْخَيْر مَا طلعت الخ الْخَيْر مُبْتَدأ ومطّلب خَبره ووزنه مفتعل من الطّلب فأبدل وأدغم: ومَا مَصْدَرِيَّة ظرفية. ومعصوب خبر بعد خبر بِمَعْنى مشدود وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِمَا قبلهَا أَو بِمَا بعْدهَا ويضمر لأَحَدهمَا فَهُوَ من التجاذب كَقَوْلِه تَعَالَى: تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم يغْفر الله لكم. وَهَذَا يشبه
الحَدِيث وَهُوَ: الْخَيل معقودٌ بنواصيها الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.)
وَقَوله: قد اشْهَدْ الْغَارة الخ وقد هُنَا للتكثير وأشهد: أحضر. والشّعواء بِالْعينِ الْمُهْملَة: المتفرقة الفاشية. والجرداء: الْفرس القصيرة الشّعْر. ومَعْرُوفَة اللحيين أَي: قَليلَة لحم اللّحيين بِفَتْح اللَّام وهما العظمان اللَّذَان ينْبت عَلَيْهِمَا الْأَسْنَان. والسرحوب بِضَم الْمُهْمَلَتَيْنِ: الطَّوِيلَة الظّهْر السريعة. وَهَذَا الوصفان مدحٌ فِي الْخَيل.
وَقَوله: كَأَنَّهَا حِين فاض الضَّمِير للْفرس أَي: كَأَنَّهَا حِين عرقت فأملأ عرقها. وَاخْتلفت أَي: استقت مَاء يُرِيد كأنّها استقت مَاء من شدّة عرقها أَو مَعْنَاهُ تردّدت هُنَا وَهنا فإنّ الِاخْتِلَاف وصقعاء خبر كأنّها وَهِي الْعقَاب بَيْضَاء الرَّأْس قَالَ فِي الصِّحَاح: والأصقع من الْخَيل وَالطير وَغَيرهمَا: الَّذِي فِي وسط رَأسه بَيَاض يُقَال: عقابٌ صقعاء وَالِاسْم الصّقعة انْتهى. ولَاحَ: ظهر. والسّرحة: شَجَرَة. وَقيل مَوضِع يَقُول: كَانَت الْعقَاب واقفه تبصر صيدا فلاح لَهَا الذِّئْب.
وَقَوله: فَأَبْصَرت شخصه الخ المرقبة بِالْفَتْح: الْموضع العالي الَّذِي
يرقب فِيهِ العدوّ. وموقع الْعقَاب الْموضع الَّذِي هِيَ واقفة عَلَيْهِ. والشّناخيب: رُؤُوس الْجبَال أَي: بَين موقعها من الذِّئْب وَبَينه رُؤُوس جبال عالية.
وَقَوله: فَأَقْبَلت نَحوه الخ أَي: نَحْو الذِّئْب. وكسر الطَّائِر: إِذا صفّ جناحيه. والتصويب: الانصباب.
وَقَوله: صبّت عَلَيْهِ الخ الْأُمَم بِفتْحَتَيْنِ: الْقرب يُقَال: أخذت ذَلِك من أُمَم. والأشقين: جمع أَشْقَى. وَهَذَا المصراع من إرْسَال الْمثل.
وَقَوله: كالدلو بتّت عراها الخ شبّه هويّ الْعقَاب بِسُرْعَة هويّ الدّلو الملأى إِذا انْقَطع حبلها. وبتّت قطعت من البتّ. والعرا: جمع عُرْوَة. والوذم بِفَتْح الْوَاو والذال الْمُعْجَمَة: السيور الَّتِي بَين آذان الدَّلْو وأطراف العراقيّ وَهِي العيدان المصلّبة تشدّ من أَسْفَل الدّلو إِلَى قدر ذِرَاع أَو ذراعين من حَبل الدَّلْو مِمَّا
يَلِي الدّلو فَإِن انْقَطع حبلها تعلّقت بالوذم. والتكّريب: شدّ الكرب بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يشدّ فِي وسط العراقيّ ثمّ يثنّى ثمَّ يثلّث ليَكُون هُوَ الَّذِي يَلِي المَاء فَلَا يعفن الْحَبل الْكَبِير.
وَقَوله: لَا كَالَّتِي فِي هَوَاء الجوّ طالبة الخ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الْعُمْدَة: هَذَا الْبَيْت عِنْد دعبل أشعر بَيت قالته الْعَرَب وَبِه قدّمه على الشُّعَرَاء.)
وَقَوله: كالبرق وَالرِّيح الخ يَقُول: إنّ الْعقَاب وَالذِّئْب مرّهما وسرعتهما كالبرق وَالرِّيح. والتغبيب: الفتور وَالتَّقْصِير يُقَال: غبّب فلَان فِي الْحَاجة إِذا لم يُبَالغ فِيهَا وَهُوَ من الغبّ بالغين الْمُعْجَمَة بعْدهَا مُوَحدَة.
وَقَوله: فَأَدْرَكته فنالته الخ وانسلّ أَي: انفلت والدّفّ بِفَتْح الدَّال