الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَ عَمْرو بن كُلْثُوم أغار على حيٍّ من بني سعد بن زيد مَنَاة فَأصَاب فيهم وَكَانَ
فِيمَن أصَاب الْأَحْمَر بن جندل. وَكَانَ سَلامَة أحد نعّات الْخَيل وأجود شعره قصيدته الَّتِي أوّلها:
(أودى الشّباب حميدا ذُو التّعاجيب
…
أودى وَذَلِكَ شأوٌ غير مَطْلُوب)
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
الْبَسِيط
(لَو لم تكن غطفانٌ لَا ذنُوب لَهَا
…
إِذن للام ذَوُو أحسابها عمرا)
على أنّ لَا هُنَا زَائِدَة مَعَ أنّ النكرَة بعْدهَا مبينَة مَعهَا على الْفَتْح. قَالَ ابْن عُصْفُور فِي المقرّب: أنْشد أَبُو الْحسن الْأَخْفَش: لَو لم تكن غطفان
…
...
…
...
…
... الْبَيْت وَالْمعْنَى لَهَا ذنُوب إليّ. وَعمل لَا الزَّائِدَة شاذّ.
وَقد تكلّم أَبُو عليّ الفارسيّ فِي الْمسَائِل المنثورة على هَذَا الْبَيْت بِكَلَام فِيهِ قلاقة وَهُوَ قَوْله: يعْتَرض فِي هَذَا الْبَيْت معترضٌ فَيَقُول: الْكَلَام إِيجَاب وَمَعْنَاهَا أنّ لغطفان ذنوباً فَكَانَ الْكَلَام إِيجَابا ولَا لَا تدخل على الْإِيجَاب. فَوجه مَا قَالَه أَنه لم يرد هَذَا وإنّما أَرَادَ بقوله لَا ذنُوب لَهَا أنّ
الْكَلَام الأوّل قد تمّ وتقضّى فَأتى بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَة وَهِي الْجحْد فَجَعلهَا خَبرا للنكرة حَيْثُ كَانَت جملَة.
وَمثل ذَلِك فِي الْجحْد قد قَالَت الْعَرَب: كَانَ زيد يقوم أَبوهُ فقد جعل يقوم أَبوهُ جملَة فِي مَوضِع الْخَبَر وَإِن كَانَ جحداً فَكَذَلِك جَازَ لَهُ أَن يَجْعَل النَّفْي فِي مَوضِع خبر الْإِيجَاب وَإِن كَانَ إِيجَابا.
وَلَا يلْزم تَأْوِيل من تأوّل هَذَا فَقَالَ: إِن الْمَعْنى ذَلِك لأنّه
وَجه من الْقيَاس وَهُوَ مَا ذكرنَا فَلَا يلْزمه التَّأْوِيل لِأَن أَيْضا ينساع على ذَلِك فَيجْعَل إِيجَابا لأنّ الْإِيجَاب وَالنَّفْي جَمِيعًا إخبارٌ فلك أَن تجْعَل كل وَاحِد خَبرا عَن الآخر من حَيْثُ كَانَ ذَلِك فِي الْجحْد. هَذَا كَلَامه.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة للفرزدق هجا بهَا عمر بن هُبَيْرَة الفرازيّ أوّلها:
(يَا أَيهَا النابح العاوي لشقوته
…
إِلَيْك أخْبرك عمّا تجْهَل الخبرا))
لَو لم تكن غطفان
…
...
…
...
…
. . الْبَيْت إِلَى أَن قَالَ:
(جهز فَإنَّك ممتازٌ ومنتجعٌ
…
إِلَى فَزَارَة عيرًا تحمل الكمرا)
(إنّ الفزاريّ مَا يشفيه من قرمٍ
…
أطايب العير حتّى ينهش الذّكرا)
(إنّ الفزاريّ لَو يعمى فيطعمه
…
أير الْحمار طَبِيب أَبْرَأ البصرا)
النابح والعاوي من نبح الْكَلْب وعوى بِمَعْنى صوّت. وإِلَيْك اسْم فعل وأصل مَعْنَاهُ: ضمّ رحلك وثقلك إِلَيْك واذهب عني. وأخْبرك جزم فِي جَوَابه وَالْخَبَر مفعول أخْبرك وعمّا
وَقَوله: لَو لم تكن غطفان الخ لَا من حَيْثُ الْمَعْنى زَائِدَة وَاصل الْكَلَام لَو لم تكن ذنوبٌ لغطفان وَجُمْلَة لَا ذنُوب لَهَا خبر الْكَوْن. وغطفان أَبُو قَبيلَة مَمْنُوع من الصّرْف للعلميّة وَالزِّيَادَة وَصَرفه هُنَا للضَّرُورَة. وَهُوَ غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان وَهُوَ الجدّ الْأَعْلَى لفزارة لأنّ فَزَارَة هُوَ فَزَارَة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. وفزارة اسْمه عَمْرو ضربه أخٌ لَهُ ففزره فسمّي فَزَارَة.
وَأَرَادَ بالذّنب الْإِسَاءَة أَي: لَو كَانَت غطفان غير مسيئة إليّ للام أَشْرَافهَا عمر ابْن هُبَيْرَة فِي تعرّضه إليّ ومنعوه عنّي. وَعمر عَامل من عمّال سُلَيْمَان بن عبد الْملك من بني أميّة. وَقَوله: إِذن للام الخ جَوَاب لَو الشرطيّة وَكَثِيرًا مَا يصدّر جوابها بِإِذن وَاللَّام للتَّأْكِيد واللّوم التعنيف.
وروى أَيْضا:
إليّ لَام ذَوُو أحسابها عمرا وذَوُو فَاعل لَام جمع ذُو بِمَعْنى صَاحب. والأحساب: جمع حسب وَهُوَ مَا يعد من المآثر وَهُوَ مصدر حسب على وزن كرم.
قَالَ ابْن السّكّيت: الْحسب وَالْكَرم يكونَانِ فِي الْإِنْسَان وَإِن لم يكن لِآبَائِهِ شرف. وَرجل حسيب: كريم بِنَفسِهِ. قَالَ: وأمّا الْمجد والشرف فَلَا يُوصف بهما الشَّخْص إلاّ إِذا كَانَ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ. وَقَالَ الأزهريّ: الْحسب الشّرف الثَّابِت لَهُ ولآبائه. وعمر مفعول لَام وَالْألف للإطلاق.
وَقَوله: جهّز فَإنَّك الخ الممتار: اسْم فَاعل من امتار الْميرَة لنَفسِهِ بِالْكَسْرِ وَهِي الطَّعَام.
ومارهم ميراً من بَاب بَاعَ إِذا أَتَاهُم بالميرة. ومنتجع بِمَعْنى منتفع وَأَصله من انتجع الْقَوْم إِذا)
ذَهَبُوا لطلب الْكلأ فِي مَوْضِعه
وَإِلَى مُتَعَلقَة بجهّز وعيرًا مفعول جهّز وَهُوَ بِكَسْر الْمُهْملَة: الْقَافِلَة قَالُوا: وَاصل العير الْإِبِل الَّتِي تحمل الْميرَة ثمَّ غلب على كل قافلة: والكمر بِفَتْح الْكَاف وَالْمِيم: جمع كمرة.
قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح الكمرة الْحَشَفَة وزنا ومعنّى وربّما أطلقت الكمرة على جملَة الذّكر مجَازًا.
وَالْقَرْمُ بِفتْحَتَيْنِ مصدر قرم اللّحم من بَاب فَرح إِذا اشتدّت شَهْوَته لَهُ. ومن للتَّعْلِيل وأطايب: فَاعل يشفيه جمع أطيب. والعير بِفَتْح الْمُهْملَة: الْحمار الوحشي. وحتّى بِمَعْنى إلاّ. والنّهس مصدر نهست اللّحم من بَابي ضرب ونفع إِذا أَخَذته بمقدّم الْأَسْنَان وَالْمَعْرُوف بِالسِّين الْمُهْملَة وَرُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْضا.
وَبَنُو فَزَارَة يرْمونَ بِأَكْل أير الْحمار وبسرقة الْجَار وبنيك الْإِبِل كَمَا قَالَ سَالم بن دارة: الرجز وسرق الْجَار ونيك البعران
والجردان بِضَم الْجِيم: وعَاء قضيب الْحمار. وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله شرح هَذَا مفصلا فِي بَاب الْمثنى.
وترجمة الفرزدق قد تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّلَاثِينَ.