المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد التاسع عشر بعد الثلاثمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٤

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الْمَنْصُوب بِلَا الَّتِي لنفي الْجِنْس)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الموفى ثَلَاثمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الثلاثمائة)

الفصل: ‌(الشاهد التاسع عشر بعد الثلاثمائة)

وَأنْشد بعده وَهُوَ

3 -

(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة)

مجزوء الْكَامِل

(فزججتها بمزجّة

زجّ القلوص أبي مزاده)

على أنّه فصل بَين الْمُضَاف وَهُوَ زجّ وَبَين الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ أبي مزاده بالمفعول وَهُوَ القلوص.

يُقَال زججته زجّاً: إِذا طعنته بالزّجّ بِضَم الزاء وَهِي الحديدة الَّتِي فِي أَسْفَل الرمْح. وزجّ القلوص مفعول مُطلق أَي: زجّاً مثل زجّ. والقلوص بِفَتْح الْقَاف: النَّاقة الشَّابَّة. وأَبُو مزاده: كنية رجل قَالَ صَاحب الصِّحَاح المزجّ بِكَسْر الْمِيم: رمح قصير كالمزراق قَالَ ابْن خلف: هَذَا الْبَيْت يرْوى لبَعض المدنيّين المولّدين وَقيل هُوَ لبَعض المؤنّثين مِمَّن لَا يحْتَج بِشعرِهِ. ومزجّه يرْوى بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ مَوضِع الزّجّ يَعْنِي

أنّه زجّ رَاحِلَته لتسرع كَمَا يفعل أَبُو مزادة بالقلوص.

وَيجوز أَن تكون الْمِيم مَكْسُورَة فَيكون الْمَعْنى فزّججتها يَعْنِي النَّاقة أَو غَيرهَا أَي: رميتها بِشَيْء فِي طرفه زجّ كالحربة والمزجة مَا يزجّ بِهِ. وَأَرَادَ كزجّ أبي مزادة بالقلوص أَي: كَمَا يزجّها.

انْتهى.

وَقَول العينيّ: الْأَظْهر أَن الضَّمِير ف يزججتها يرجع إِلَى الْمَرْأَة لأنّه يخبر أَنه زجّ امْرَأَته بالمزجّة كَمَا زجّ أَبُو مزادة القلوص كَلَام يحْتَاج فِي تَصْدِيقه إِلَى وَحي. وَقد انعكس عَلَيْهِ الضَّبْط فِي مزجّه فَقَالَ: هِيَ بِكَسْر الْمِيم وَالنَّاس يلحنون فِيهَا فيفتحون ميمها. وَقد أنْشد ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ الثَّالِثَة هَذَا الْبَيْت كَذَا:

ص: 415

(فزججتها متمكّناً

زجّ الصّعاب أَبُو مزاده))

وَأنْشد بَعضهم: زجّ الصّعاب أبي مزاده أَرَادَ: زجّ أبي مزادة الصّعاب ثمَّ اعْترض بالصّعاب اه.

فَلَا شَاهد فِي الْبَيْت على رِوَايَته الأولى. والصّعاب: جمع صَعب وَهُوَ نقيض الذلّول.

وَهَذَا الْبَيْت لم يعْتَمد عَلَيْهِ متقنو كتاب سِيبَوَيْهٍ حَتَّى قَالَ السيرافيّ: لم يُثبتهُ أحدٌ من أهل الرِّوَايَة وَهُوَ من زيادات أبي الْحسن الْأَخْفَش فِي حَوَاشِي كتاب سِيبَوَيْهٍ فَأدْخلهُ بعض النّسّاخ فِي بعض النّسخ حتّى شَرحه الأعلم وَابْن خلف فِي جملَة أبياته.

والأخفش هَذَا هُوَ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة صَاحب سِيبَوَيْهٍ لَا الْأَخْفَش أَبُو الخطّاب فإنّه شيخ سِيبَوَيْهٍ. قَالَ الزمخشريّ فِي مفصّله وَمَا يَقع فِي بعض نسخ الْكتاب من قَوْله: فزججتها بمزجة الْبَيْت: فسيبويه بَرِيء من عهدته.

أَرَادَ أَن سِيبَوَيْهٍ لم يُورد هَذَا الْبَيْت فِي كِتَابه بل زَاده غَيره فِي كِتَابه. وإنّما برّأ سِيبَوَيْهٍ من هَذَا لأنّ سِيبَوَيْهٍ لَا يرى الْفَصْل بِغَيْر الظّرْف وَإِذا كَانَ هَذَا مذْهبه فَكيف يُورد بَيْتا على خلاف مذْهبه. وَمِنْه يظْهر لَك سُقُوط قَول الجعبريّ فِي شرح الشاطبيّة فَإِنَّهُ بعد أَن زعم أَن الْبَيْت من أَبْيَات الْكتاب قَالَ: فَإِن قلت: فَمَا معنى قَول المفصّل: بَرِيء من عهدته قلت: مَعْنَاهُ من عُهْدَة هَذِه الرِّوَايَة لأنّه يرويهِ: زجّ القلوص أَبُو مزاده بجرّ القلوص بِالْإِضَافَة وَرفع أَبُو مزاده فَاعل الْمصدر. هَذَا كَلَامه.

ص: 416

ثمَّ قَوْله: إِن هَذَا الْبَيْت أنْشدهُ الْأَخْفَش والفرّاء أَقُول: نقل الفرّاء لهَذَا الْبَيْت لَيْسَ لتأييد قِرَاءَة ابْن عَامر الْآتِيَة وَإِنَّمَا نَقله لِلطَّعْنِ فِيهِ بِأَنَّهُ كَلَام من لَا يوثق بِهِ كَمَا يظره لَك من كَلَام الفرّاء الْآتِي.

قَالَ ابْن جنّي فِي الخصائص: قد فصل بالمفعول بِهِ مَعَ قدرته أَن يَقُول: زجّ القلوص أَبُو مزاده.

وَفِيه عِنْدِي دَلِيل على قوّة إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل عِنْدهم وَأَنه فِي نُفُوسهم أقوى من إِضَافَته إِلَى الْمَفْعُول. أَلا ترَاهُ ارْتكب هَاهُنَا الضَّرُورَة مَعَ تمكنّه من ترك ارتكابها لَا لشَيْء غير الرَّغْبَة فِي إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل دون الْمَفْعُول. وَهَذَا فِي النثر وَحَال السّعة صعبٌ جدّاً لَا سيّما والمفصول بِهِ مفعول لَا ظرف اه.)

وَبِقَوْلِهِ: لَا لشَيْء غير الرَّغْبَة الخ يعلم أنّ قَول العينيّ: إنّ قَائِله لَيْسَ لَهُ عذر فِي هَذَا لاّ مسّ الضَّرُورَة لإِقَامَة الْوَزْن صادرٌ من غير رويّة وفكر.

وَنقل جمَاعَة عَن ابْن جنّي فِي تَوْجِيهه: أنّه يقدّر فِي الأول مُضَاف إِلَيْهِ وَفِي الثَّانِي مُضَاف وَالتَّقْدِير: زجّ أبي مزاده القلوص قلُوص أبي مزادة على أَن يكون قلُوص بَدَلا من القوص وتعسّفه ظَاهر. وَنقل ابْن الْمُسْتَوْفى عَن الزمخشريّ فِي حَوَاشِيه أنّه قَالَ: الْوَجْه أَن يجرّ القلوص وَيجْعَل أبي مزادة بعده مجروراً بمضاف مَحْذُوف تَقْدِيره: قلُوص أبي مزادة كَمَا فِي: المتقارب

ونارٍ توقّد باللّيل نَارا اه.

ص: 417

وَقد نقل الْخلاف ابْن الأنباريّ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كِتَابه الْإِنْصَاف فِي مسَائِل الْخلاف فَقَالَ: ذهب الكوفيّون إِلَى أنّه يجوز الْفَصْل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بِغَيْر الظّرْف وحرف الْخَفْض لضَرُورَة الشّعْر وَذهب البصريّون إِلَى أنّه لَا يجوز ذَلِك بِغَيْرِهِمَا. أما الكوفيّون فاحتجوا بِأَن فزججتها بمزجةٍ

...

. الْبَيْت وَقَالَ الآخر: تمرّ على مَا تستمرّ وَقد شفت

...

. الْبَيْت وَقَالَ الآخر: الطَّوِيل

(يطفن بحوزيّ المراتع لم يرع

بواديه من قرع القسيّ الكنائن)

وَالتَّقْدِير من قرع الكنائن القسيّ. وَقَالَ: المنسرح

(وأصبحت بعد خطّ بهجتها

كأنّ قفراً رسومها قَلما)

وَالتَّقْدِير بعد بهجتها ففصل بَين الْمُضَاف الَّذِي هُوَ بعد والمضاف إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ بهجتها بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ خطّ. وَتَقْدِير الْبَيْت: فَأَصْبَحت قفراً بعد بهجتها كَأَن

قَلما خطّ رسومها. وَقد حكى الكسائيّ عَن الْعَرَب: هَذَا غُلَام

ص: 418

وَالله زيدٍ. وَحكى أَبُو عُبَيْدَة سَمَاعا عَن الْعَرَب: إنّ الشَّاة لتجترّ فَتسمع صَوت وَالله ربّها. وَإِذا جَاءَ هَذَا فِي الْكَلَام فَفِي الشّعْر أولى.

وأمّا البصريون فاحتجوا بِأَن قَالُوا إنّما قُلْنَا لَا يحوز ذَلِك لأنّالمضاف والمضاف إِلَيْهِ بِمَنْزِلَة شَيْء وَاحِد فَلَا يجوز أَن يفصل بَينهمَا. وإنّما جَازَ الْفَصْل بالظرف وحرف الجرّ كَمَا قَالَ ابْن قميئة: وَقَالَ أَبُو حيّة النميريّ: الوافر)

(كَمَا خطّ الْكتاب بكفّ يَوْمًا

يهوديّ يُقَارب أَو يزِيل)

وَقَالَ ذُو الرمّة: كَأَن أصوات من إيغالهنّ بِنَا لآنّ الظّرْف وحرف الْجَرّ يتّسع فيهمَا مَا لَا يَتَّسِع فِي غَيرهمَا.

وأمّا الْجَواب عَن كَلِمَات الكوفيّين: أما قَوْله: فزججته بمزجّة الْبَيْت فيروى لبض المدنيّين المولّدين فَلَا يكون فِيهِ حجّة. وَأما سَائِر مَا أنشدوه فَهُوَ مَعَ قلّته لَا يعرف قَائِله فَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ.

وَأما مَا حَكَاهُ الكسائيّ وَأَبُو عُبَيْدَة فإنّما جَاءَ فِي الْيَمين لِأَنَّهَا تدخل فِي أَحْبَارهم للتوكيد فكأنهم لما جازوا بهَا موضعهَا استدركوا ذَلِك بِوَضْع الْيَمين حَيْثُ أدركوا من الْكَلَام.

ص: 419

وَالَّذِي يدلّ على صحّة هَذَا أَنا أجمعنا وإيّاكم على أنّه لم يَجِيء الْفَصْل بِغَيْر الْيَمين فِي اخْتِيَار الْكَلَام. وَأما قِرَاءَة ابْن عَامر فَلَا يسوغ لكم الِاحْتِجَاج بهَا لأنّكم لَا تَقولُونَ بموجبها لأنّ الْإِجْمَاع واقعٌ على امْتنَاع الْفَصْل بالمفعول فِي غير ضَرُورَة الشّعْر وَالْقُرْآن لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَة. وَإِذا وَقع الغجماع على امْتنَاع الْفَصْل بَينهمَا فِي حَالَة الِاخْتِيَار سقط الِاحْتِجَاج بهَا على حَالَة والبصريون يذهبون إِلَى أَن هَذِه الْقِرَاءَة وهم من الْقَارئ. إِذْ لَو كَانَت صَحِيحَة لَكَانَ من أفْصح الْكَلَام وَفِي وُقُوع الْإِجْمَاع على خِلَافه دليلٌ على أنّه وهمٌ فِي الْقِرَاءَة. وإنّما دَعَا ابْن عَامر إِلَى هَذِه الْقِرَاءَة أنّه رأى فِي مصاحف أهل الشَّام شركائهم مَكْتُوبًا بِالْيَاءِ وَوجه إِثْبَات الْيَاء جرّ شركائهم على الْبَدَل من أَوْلَادهم وَجعل الْأَوْلَاد هم الشُّرَكَاء لأنّ أَوْلَاد النَّاس شُرَكَاء آبَائِهِم فِي احوالهم وَأَمْوَالهمْ. وَهَذَا تَخْرِيج خطّ مصحف أهل الشَّام. فأمّا قِرَاءَة ابْن عَامر فَلَا وَجه لَهَا فِي الْقيَاس ومصاحف أهل الْحجاز وَالْعراق شركاؤهم بِالْوَاو فدلّ على صحّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ وَالله أعلم. انْتهى كَلَام ابْن الأنباريّ.

وَفِيه أَمْرَانِ: الأول: أنّ نسبه جَوَاز الْفَصْل فِي الشّعْر بِنَحْوِ الْمَفْعُول إِلَى الكوفيّين لم يعْتَرف بِهِ الفرّاء وَهُوَ من أجلّ أَئِمَّة الكوفيّين قَالَ فِي تَفْسِيره الْمَعْرُوف بعاني الْقُرْآن: فِي سُورَة الأانعام عِنْد قفراءة ابْن عَامر مَا نَصه: وَفِي بعض مصاحف أهل الشَّام شركائهم فَإِن تكن مثبتة عَن الأوّلين فَيَنْبَغِي أَن يقْرَأ زيّن أَي: بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَيكون اللشركاء هم الْأَوْلَاد لأنّهم مِنْهُم فِي النّسَب وَالْمِيرَاث.)

فَإِن كَانُوا يقرؤون زيّن أَي:

ص: 420

بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل فلست أعرف جِهَتهَا إلاّ أَن يَكُونُوا آخذين بلغَة قومٍ يَقُولُونَ: أتيتها عشاياً ثمَّ يَقُولُونَ فِي تَثْنِيَة الْحَمْرَاء حمريان. فَهَذَا وَجه أَن يَكُونُوا قَالُوا: زيّن لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركايهم. وَإِن شِئْت جعلت زيّن إِذا فَتحته فعلا لإبليس ثمَّ تخْفض الشُّرَكَاء بإتباع الْأَوْلَاد. وَلَيْسَ قَول من قَالَ إنّما أَرَادوا مثل قَول الشَّاعِر:

(فزججتها متمكّناً

زجّ القلوص أبي مزاده)

بِشَيْء. وَهَذَا مِمَّا كَانَ يَقُوله نحويّو أهل الْحجاز وَلم نجد مثله فِي الْعَرَبيَّة. انْتهى.

وَقَالَ أَيْضا فِي سُورَة إِبْرَاهِيم عليه السلام: وَلَيْسَ قَول من قَالَ: مخلف وعده رسله بِشَيْء وَلَا: زيّن لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركائهم بِشَيْء. قَالَ الفرّاء: هَذَا بَاطِل ونحويّو أهل الْمَدِينَة ينشدون قَوْله: زجّ القلوص أبي يمزاده وَالصَّوَاب: زجّ القلوص أَبُو مزاده انْتهى الْأَمر الثَّانِي: أنّ ابْن خلف فِي شرح أَبْيَات الْكتاب وَأَبا شامة فِي شرح الشاطبيّة وَتَبعهُ فِي شرحها بعده الجعبريّ والسمين فِي إِعْرَاب الْقُرْآن نقلوا عَن الْإِنْصَاف لِابْنِ الأنباريّ مَا يُؤَيّد قِرَاءَة ابْن عَامر.

ص: 421

قَالَ ابْن خلف: قد احتجّ ابْن الأنباريّ فِي كتاب الْإِنْصَاف عَن الكسائيّ عَن الْعَرَب: هُوَ غُلَام إِن شَاءَ الله أَخِيك ففصل بِالْجُمْلَةِ الشرطيّة.

وَقَالَ السّمين: قَالَ ابْن الأنباريّ: هَذِه قِرَاءَة صَحِيحَة وَإِذا كَانَت الْعَرَب قد فصلت بَيت المتضايفين بِالْجُمْلَةِ فِي قَوْلهم: هُوَ غُلَام إِن شَاءَ الله أَخِيك فَأن تفصل بالمفرد أسهل.

هَذَا كَلَامهم أَنْت ترى هَذَا النَّقْل لَا أصل لَهُ وإنّما نقل ابْن الأنباريّ عَن

الكسائيّ عَن الْعَرَب هُوَ قَوْلهم: هَذَا غُلَام وَالله زيد. وَلَيْسَ فِي كَلَامه أَيْضا مَا يُؤَيّد الْقِرَاءَة وإنّما هُوَ طاعنّ فِيهَا تبعا للزمخشريّ وَغَيره.

وَكنت أَظن أنّ صَاحب الكشّاف مَسْبُوق بِابْن الأنباريّ فراجعت ترجمتهما فَرَأَيْت الْأَمر بِالْعَكْسِ فإنّ الزمخشريّ توفيّ يَوْم عَرَفَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَابْن الأنباريّ مَاتَ لَيْلَة)

الْجُمُعَة تَاسِع شعْبَان سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَهُوَ تلميذ الجواليقي صَاحب المعرّبات وَابْن الشجريّ صَاحب الأمالي والزمخشريّ من أَقْرَان ابْن الشجريّ فَابْن الأنباريّ مُتَأَخّر عَن الزمخشريّ بِأَرْبَع طَبَقَات. والزمخشريّ فِي طعنه على هَذِه الْقِرَاءَة مسبوقٌ ايضاً بالفرّاء فَكَانَ يَنْبَغِي الردّ على الفرّاء فإنّه هُوَ الَّذِي فتح ابْتِدَاء بَاب الْقدح على قِرَاءَة ابْن عَامر.

قَالَ السّمين: قِرَاءَة ابْن عَامر متواترة صَحِيحَة وَقد تجرأ كثير من النَّاس على قَارِئهَا بِمَا لَا يَنْبَغِي وَهُوَ أَعلَى القرّء السَّبْعَة سنداً واقدمهم هِجْرَة وإنّما

ص: 422

ذكرنَا هَذَا تَنْبِيها على خطأ من ردّ قِرَاءَته وَنسبه إِلَى لحن أَو اتِّبَاع مجرّد المرسوم.

وَقَالَ أَبُو عليّ الفارسيّ: هَذَا قَبِيح قَلِيل الِاسْتِعْمَال وَلَو عدل عَنْهَا كَانَ أولى لأَنهم لم يفصلوا بَين المتضايقين بالظرف فِي الْكَلَام مَعَ اتساعهم فِي الظروف وَإِنَّمَا أجازوه فِي الشّعْر.

وَقَالَ أَبُو عبيد: لَا أحب قِرَاءَة ابْن عَامر لما فِيهَا من الاستكراه وَالْقِرَاءَة عندنَا هِيَ الأولى لصحتها فِي الْعَرَبيَّة مَعَ إِجْمَاع أهل المصرين بالعراق عَلَيْهَا. وَقَالَ الزمخشريّ وأساء فِي عِبَارَته: وَأما قِرَاءَة ابْن عَامر فشيءٌ لَو كَانَ فِي مَكَان الضَّرُورَة لَكَانَ سمجاً مردوداً كَمَا سمج وردّ: زجّ القلوص أبي مزده فَكيف بِهِ فِي الْكَلَام المنثور فَكيف بِهِ فِي الْقُرْآن المعجمز بِحسن نطمه وجزالته. وَالَّذِي حمله على ذَلِك أنّه رأى فِي بعض الْمَصَاحِف شركائهم مكتوباُ بِالْيَاءِ. وَلَو قَرَأَ بجرّ الْأَوْلَاد والشركاء لِأَن الْأَوْلَاد شركاؤهم فِي أَمْوَالهم لوجد فِي ذَلِك مندوحة عَن هَذَا الارتكاب. وَهَذِه الْأَقْوَال كلّها لَا يَنْبَغِي أَن يلْتَفت إِلَيْهَا لأنّها طعنٌ فِي الْمُتَوَاتر وَإِن كَانَت صادرة عَن ائمة أكَابِر. وَأَيْضًا فقد انتصر لَهَا من يقابلهم وَجَاء فِي الحَدِيث: هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي.

وَقَالَ ابْن جنّي فِي الخصائص بَاب مَا يرد عَن العربيّ مُخَالفا لِلْجُمْهُورِ: إِذا اتّفق شَيْء من ذَلِك العربيّ وَفِيمَا جَاءَ بِهِ فَإِن كَانَ فصيحاً وَكَانَ مَا جَاءَ بِهِ يقبله الْقيَاس فَيحسن الظَّن بِهِ لأنّه يُمكن أَن يكون قد وَقع إِلَيْهِ ذَلِك من لُغَة قديمَة قد طَال عهدها وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ:

ص: 423

كَانَ الشّعْر علم قوم لم يكن لَهُم علم أصحّ مِنْهُ فِي الْإِسْلَام.

فجَاء الْإِسْلَام فتشاغلت عَنهُ الْعَرَب بِالْجِهَادِ ولهت عَن الشّعْر وَرِوَايَته فَلَمَّا كثر الْإِسْلَام وَجَاءَت الْفتُوح واطمأنت الْعَرَب بالأمصار راجعوا رِوَايَة الشّعْر فَلم يؤولوا إِلَى ديوَان مدوّن ط لَا كتاب مَكْتُوب وألفو ذَلِك وَقد هلك من هلك فحفظوا أقلّ ذَلِك وَذهب عَنْهُم كَثِيره.)

فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك لم يقطع على الفصيح يسمع مِنْهُ مَا يُخَالف الْجُمْهُور بالْخَطَأ إِذا كَانَ الْقيَاس يعضده.

وَقَالَ ابْن ذكْوَان: سَأَلَني الكسائيّ عَن هَذَا الْحَرْف وَمَا بلغه من قراءتنا فرأيته كَأَنَّهُ أعجبه وَنزع بِهَذَا الْبَيْت: نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف بِنصب الدراهيم وجرّ تنقاد. وأمّا ورد فِي النّظم من الْفَصْل بَين المتضايقين بالظرف وَبِغَيْرِهِ فكثير. ثمَّ بعد أَن سرد غَالب مَا ورد فِي الشّعْر قَالَ: وَإِذا قد عرفت هَذَا قِرَاءَة ابْن عَامر صحيحةٌ من حَيْثُ اللُّغَة كَمَا هِيَ صَحِيحَة من حَيْثُ النَّقْل فَلَا الْتِفَات إلأى قَول من قَالَ: إنّه اعْتمد على الرَّسْم لأنّه لم يُوجد فِيهِ إلاّ كِتَابَة شركائهم بِالْيَاءِ وَهَذَا وَإِن كَانَ كَافِيا فِي الدّلَالَة على جر شركائهم فَلَيْسَ فِيهِ مَا يدلّ على نصب أَوْلَادهم إِذْ الْمُصحف مهمل من شكل ونقط فَلم يبْق

بِهِ حجّة فِي نصب الْأَوْلَاد إلاّ النَّقْل الْمَحْض.

وَقَالَ أَبُو شامة: وَلَا بعد فِيمَا استبعده أهل النَّحْو من جِهَة الْمَعْنى وَذَلِكَ

ص: 424